• 441
  • لَقَدْ قَرَأَ ابْنُ الزُّبَيْرِ السَّجْدَةَ , وَأَنَا شَاهِدٌ ، فَلَمْ يَسْجُدْ . فَقَامَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَسَجَدَ , ثُمَّ قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ إِذْ قَرَأْتُ السَّجْدَةَ ؟ فَقَالَ : " إِذَا كُنْتُ فِي صَلَاةٍ سَجَدْتُ , وَإِذَا لَمْ أَكُنْ فِي صَلَاةٍ فَإِنِّي لَا أَسْجُدُ "

    حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ ، قَالَ : ثنا حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، قَالَ : لَقَدْ قَرَأَ ابْنُ الزُّبَيْرِ السَّجْدَةَ , وَأَنَا شَاهِدٌ ، فَلَمْ يَسْجُدْ . فَقَامَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَسَجَدَ , ثُمَّ قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ إِذْ قَرَأْتُ السَّجْدَةَ ؟ فَقَالَ : إِذَا كُنْتُ فِي صَلَاةٍ سَجَدْتُ , وَإِذَا لَمْ أَكُنْ فِي صَلَاةٍ فَإِنِّي لَا أَسْجُدُ فَهَؤُلَاءِ الْجِلَّةُ لَمْ يَرَوْهَا وَاجِبَةً . وَهَذَا هُوَ النَّظَرُ عِنْدَنَا , لِأَنَّا رَأَيْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ الْمُسَافِرَ إِذَا قَرَأَهَا وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ , أَوْمَأَ بِهَا , وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَهَا عَلَى الْأَرْضِ , فَكَانَتْ هَذِهِ صِفَةَ التَّطَوُّعِ , لَا صِفَةَ الْفَرْضِ , لِأَنَّ الْفَرْضَ لَا يُصَلَّى إِلَّا عَلَى الْأَرْضِ , وَالتَّطَوُّعُ يُصَلَّى عَلَى الرَّاحِلَةِ . وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ , وَأَبُو يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَذْهَبُونَ فِي السُّجُودِ إِلَى خِلَافِ ذَلِكَ , وَيَقُولُونَ : هِيَ وَاجِبَةٌ فَثَبَتَ بِهَا وَصْفُنَا أَنَّ مَا ذَكَرُوا عَنْ أُبَيٍّ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنْ لَا سُجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ , لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَانَ فِي السُّجُودِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , عَلَى وَاحِدٍ مِنَ الْمَعَانِي الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ , وَسَلْمَانَ ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ ، فَتَرَكَ السُّجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ لِذَلِكَ . وَلَعَلَّهُ أَيْضًا لَمْ يَسْجُدْ فِي تِلَاوَةِ مَا فِيهِ سُجُودٌ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ الْمُفَصَّلِ . وَقَدْ خَالَفَ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ , جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ