" خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُبْتَذِلًا مُتَوَاضِعًا مُتَضَرِّعًا حَتَّى أَتَى الْمُصَلَّى فَلَمْ يَخْطُبْ خُطْبَتَكُمْ هَذِهِ , وَلَكِنْ لَمْ يَزَلْ فِي الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَالتَّكْبِيرِ , فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدَيْنِ "
وَقَدْ حَدَّثَنَا رَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ قَالَ : ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ : ثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ هِشَامٍ أَنَّ إِسْحَاقَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كِنَانَةَ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : أَرْسَلَنِي الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ أَسْأَلُ لَهُ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ , فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقُلْتُ : إِنَّا تَمَارَيْنَا فِي الْمَسْجِدِ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ قَالَ : لَا , وَلَكِنْ أَرْسَلَكَ ابْنُ أَخِيكُمُ الْوَلِيدُ , وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ وَلَوْ أَنَّهُ أَرْسَلَ فَسَأَلَ مَا كَانَ بِذَلِكَ بَأْسٌ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : خَرَجَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مُبْتَذِلًا مُتَوَاضِعًا مُتَضَرِّعًا حَتَّى أَتَى الْمُصَلَّى فَلَمْ يَخْطُبْ خُطْبَتَكُمْ هَذِهِ , وَلَكِنْ لَمْ يَزَلْ فِي الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَالتَّكْبِيرِ , فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدَيْنِ فَقَوْلُهُ كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدَيْنِ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ جَهَرَ فِيهِمَا كَمَا يَجْهَرُ فِي الْعِيدَيْنِ حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : ثنا عُبَيْدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْعَطَّارُ ، قَالَ : ثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَزَادَ : فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَنَحْنُ خَلْفَهُ , يَجْهَرُ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ , وَلَمْ يُؤَذِّنْ , وَلَمْ يُقِمْ وَلَمْ يَقُلْ مِثْلَ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ مِثْلَ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ هَذَا الْمَعْنَى , أَنَّهُ صَلَّى بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ , كَمَا يُفْعَلُ فِي الْعِيدَيْنِ حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْمٍ ، قَالَ : ثنا سُفْيَانُ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كِنَانَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ رَبِيعٍ عَنْ أَسَدٍ ، قَالَ سُفْيَانُ : فَقُلْتُ لِلشَّيْخِ : الْخُطْبَةُ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَهَا . قَالَ : لَا أَدْرِي فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُ الصَّلَاةِ وَالْجَهْرِ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ وَدَلَّ جَهْرُهُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ أَنَّهَا كَصَلَاةِ الْعِيدِ الَّتِي تُفْعَلُ نَهَارًا فِي وَقْتٍ خَاصٍّ فَحُكْمُهَا الْجَهْرُ . وَكَذَلِكَ أَيْضًا صَلَاةُ الْجُمُعَةِ هِيَ مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ وَلَكِنَّهَا مَفْعُولَةٌ فِي يَوْمٍ خَاصٍّ فَحُكْمُهُ الْجَهْرُ . فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ كَذَلِكَ حُكْمَ الصَّلَوَاتِ الَّتِي تُصَلَّى بِالنَّهَارِ , لَا فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ , وَلَكِنْ لِعَارِضٍ أَوْ فِي يَوْمٍ خَاصٍّ , فَحُكْمُهَا الْجَهْرُ . وَكُلُّ صَلَاةٍ تُفْعَلُ فِي سَائِرِ الْأَيَّامِ نَهَارًا , لَا لِعَارِضٍ وَلَا فِي وَقْتٍ خَاصٍّ , فَحُكْمُهَا الْمُخَافَتَةُ . فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ صَلَاةَ الِاسْتِسْقَاءِ سُنَّةٌ قَائِمَةٌ لَا يَنْبَغِي تَرْكُهَا . وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ