• 1033
  • رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ , ثُمَّ لَا يَعُودُ , قَالَ : وَرَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ , وَالشَّعْبِيَّ يَفْعَلَانِ ذَلِكَ "

    كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ , قَالَ : ثنا الْحِمَّانِيُّ , قَالَ : ثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ , عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَيَّاشٍ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبْجَرَ , عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ , عَنْ إِبْرَاهِيمَ , عَنِ الْأَسْوَدِ , قَالَ : رَأَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ , ثُمَّ لَا يَعُودُ , قَالَ : وَرَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ , وَالشَّعْبِيَّ يَفْعَلَانِ ذَلِكَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَهَذَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ يَرْفَعُ يَدَيْهِ أَيْضًا إِلَّا فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ , وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَيَّاشٍ , وَإِنْ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا دَارَ عَلَيْهِ , فَإِنَّهُ ثِقَةٌ حُجَّةٌ , قَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ . أَفَتَرَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَفِيَ عَلَيْهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ , وَعَلِمَ بِذَلِكَ مَنْ دُونَهُ , وَمَنْ هُوَ مَعَهُ يَرَاهُ يَفْعَلُ غَيْرَ مَا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَفْعَلُ , ثُمَّ لَا يُنْكِرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ , هَذَا عِنْدَنَا مُحَالٌ . وَفَعَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَذَا وَتَرَكَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِيَّاهُ عَلَى ذَلِكَ , دَلِيلٌ صَحِيحٌ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ خِلَافُهُ . وَأَمَّا مَا رَوَوْهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ , فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ , عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ . وَهُمْ لَا يَجْعَلُونَ إِسْمَاعِيلَ فِيمَا رُوِيَ عَنْ غَيْرِ الشَّامِيِّينَ , حَجَّةً , فَكَيْفَ يَحْتَجُّونَ عَلَى خَصْمِهِمْ , بِمَا لَوِ احْتَجَّ بِمِثْلِهِ عَلَيْهِمْ , لَمْ يُسَوِّغُوهُ إِيَّاهُ . وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ خَطَأٌ , وَأَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْهُ أَحَدٌ إِلَّا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ خَاصَّةً , وَالْحُفَّاظُ يُوقِفُونَهُ , عَلَى أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ , فَإِنَّهُمْ يُضَعِّفُونَ عَبْدَ الْحَمِيدِ , فَلَا يُقِيمُونَ بِهِ حُجَّةً , فَكَيْفَ يَحْتَجُّونَ بِهِ فِي مِثْلِ هَذَا . وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ لَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي حُمَيْدٍ , وَلَا مِمَّنْ ذُكِرَ مَعَهُ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ بَيْنَهُمَا رَجُلٌ مَجْهُولٌ , قَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ الْعَطَّافُ بْنُ خَالِدٍ عَنْهُ , عَنْ رَجُلٍ , وَأَنَا ذَاكِرٌ ذَلِكَ فِي بَابِ الْجُلُوسِ فِي الصَّلَاةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . وَحَدِيثُ أَبِي عَاصِمٍ , عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ هَذَا , فَفِيهِ فَقَالُوا جَمِيعًا : صَدَقْتَ فَلَيْسَ يَقُولُ ذَلِكَ أَحَدٌ غَيْرُ أَبِي عَاصِمٍ , حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ ، قَالَ : ثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : ثنا هُشَيْمٌ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ ، قَالَ : ثنا الْقَوَارِيرِيُّ ، قَالَ : ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، قَالَا : ثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ ، فَذَكَرَاهُ بِإِسْنَادِهِ , وَلَمْ يَقُولَا فَقَالُوا جَمِيعًا صَدَقْتَ وَهَكَذَا رَوَاهُ غَيْرُ عَبْدِ الْحَمِيدِ . وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ الْجُلُوسِ فِي الصَّلَاةِ . فَمَا نَرَى كَشْفَ هَذِهِ الْآثَارِ , يُوجِبُ لِمَا وَقَفَ عَلَى حَقَائِقِهَا وَكَشَفَ مَخَارِجَهَا إِلَّا تَرْكَ الرَّفْعِ فِي الرُّكُوعِ فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ الْآثَارِ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَمَا أَرَدْتُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ تَضْعِيفَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ , وَمَا هَكَذَا مَذْهَبِي , وَلَكِنِّي أَرَدْتُ بَيَانَ ظُلْمِ الْخَصْمِ لَنَا . وَأَمَّا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ , فَإِنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى , مَعَهَا رَفْعٌ , وَالتَّكْبِيرَةُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لَا رَفْعَ مَعَهَا . وَاخْتَلَفُوا فِي تَكْبِيرَةِ النُّهُوضِ , وَتَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ فَقَالَ قَوْمٌ : حُكْمُهَا حُكْمُ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ , وَفِيهِمَا الرَّفْعُ كَمَا فِيهَا الرَّفْعُ . وَقَالَ آخَرُونَ حُكْمُهَا حُكْمُ التَّكْبِيرَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ , وَلَا رَفْعَ فِيهِمَا , كَمَا لَا رَفْعَ فِيهَا . وَقَدْ رَأَيْنَا تَكْبِيرَةَ الِافْتِتَاحِ مِنْ صُلْبِ الصَّلَاةِ لَا تُجْزِئُ الصَّلَاةُ إِلَّا بِإِصَابَتِهَا , وَرَأَيْنَا التَّكْبِيرَةَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ , لَيْسَتْ كَذَلِكَ , لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا تَارِكٌ , لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ . وَرَأَيْنَا تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ , وَتَكْبِيرَةَ النُّهُوضِ , لَيْسَتَا مِنْ صُلْبِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا تَارِكٌ لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ , وَهُمَا مِنْ سُنَنِهَا . فَلَمَّا كَانَتْ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ , كَمَا أَنَّ الْكَبِيرَةَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ مِنْ سُنَّةِ الصَّلَاةِ , كَانَتَا كَهِيَ , فِي أَنْ لَا رَفْعَ فِيهِمَا , كَمَا لَا رَفْعَ فِيهَا . فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ فِي هَذَا الْبَابِ , وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ , رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى . وَلَقَدْ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ , قَالَ : ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ : مَا رَأَيْتُ فَقِيهًا قَطُّ يَفْعَلُهُ , يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي غَيْرِ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى