عَنْ أَنَسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّ الزُّبَيْرَ ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ شَكَوْا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَمْلَ , فَرَخَّصَ لَهُمَا فِي قَمِيصِ الْحَرِيرِ , فِي غَزَاةٍ لَهُمَا . قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : فَرَأَيْتُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَمِيصًا مِنْ حَرِيرٍ "
حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ ، قَالَ : أنا هَمَّامٌ ، ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خُشَيْشٍ ، قَالَ : ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، قَالَ : ثنا هَمَّامٌ ، قَالَ : أنا قَتَادَةُ ، عَنْ أَنَسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ الزُّبَيْرَ ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ شَكَوْا إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْقَمْلَ , فَرَخَّصَ لَهُمَا فِي قَمِيصِ الْحَرِيرِ , فِي غَزَاةٍ لَهُمَا . قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : فَرَأَيْتُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَمِيصًا مِنْ حَرِيرٍ فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , قَدْ أَبَاحَ الْحَرِيرَ لِمَنْ أَبَاحَ لَهُ اللُّبْسَ مِنَ الرِّجَالِ , لِلْحَكَّةِ الَّتِي كَانَتْ بِمَنْ أَبَاحَ ذَلِكَ لَهُ فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ عِلَاجِهَا , وَلَمْ يَكُنْ فِي إِبَاحَتِهِ ذَلِكَ لَهُمْ لِلْعِلَّةِ الَّتِي كَانَتْ بِهِمْ مَا يَدُلُّ أَنَّ ذَلِكَ مُبَاحٌ فِي غَيْرِ تِلْكَ الْعِلَّةِ . فَكَذَلِكَ أَيْضًا مَا أَبَاحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِلْعُرَنِيِّينَ لِلْعِلَلِ الَّتِي كَانَتْ بِهِمْ , فَلَيْسَ فِي إِبَاحَةِ ذَلِكَ لَهُمْ , دَلِيلٌ أَنَّ ذَلِكَ مُبَاحٌ فِي غَيْرِ تِلْكَ الْعِلَلِ . وَلَمْ يَكُنْ فِي تَحْرِيمِ لُبْسِ الْحَرِيرِ مَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ حَلَالًا فِي حَالِ الضَّرُورَةِ , وَلَا أَنَّهُ عِلَاجٌ مِنْ بَعْضِ الْعِلَلِ . وَكَذَلِكَ حُرْمَةُ الْبَوْلِ فِي غَيْرِ حَالِ الضَّرُورَةِ , لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ , أَنَّهُ حَرَامٌ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ . فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْخَمْرِ إِنَّهُ دَاءٌ وَلَيْسَ بِشِفَاءٍ إِنَّمَا هُوَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَشِفُّونَ بِهَا , لِأَنَّهَا خَمْرٌ , فَذَلِكَ حَرَامٌ . وَكَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَنَا إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ , لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ , إِنَّمَا هُوَ لَمَّا كَانُوا يَفْعَلُونَ بِالْخَمْرِ , لِإِعْظَامِهِمْ إِيَّاهَا . وَلِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعُدُّونَهَا شِفَاءً فِي نَفْسِهَا , فَقَالَ لَهُمْ : إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ فَهَذِهِ وُجُوهُ هَذِهِ الْآثَارِ . فَلَمَّا احْتَمَلَتْ مَا ذَكَرْنَا , وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى طَهَارَةِ الْأَبْوَالِ , احْتَجْنَا أَنْ نَرْجِعَ فَنَلْتَمِسَ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ فَنَعْلَمَ كَيْفَ حُكْمُهُ ؟ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ , فَإِذَا لُحُومُ بَنِي آدَمَ , كُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ أَنَّهَا لُحُومٌ طَاهِرَةٌ وَأَنَّ أَبْوَالَهُمْ حَرَامٌ نَجِسَةٌ , فَكَانَتْ أَبْوَالُهُمْ بِاتِّفَاقِهِمْ مَحْكُومًا لَهَا بِحُكْمِ دِمَائِهِمْ , لَا بِحُكْمِ لُحُومِهِمْ . فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ كَذَلِكَ أَبْوَالُ الْإِبِلِ , يَحْكُمُ لَهَا بِحُكْمِ دِمَائِهَا , لَا بِحُكْمِ لُحُومِهَا , فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ أَبْوَالَ الْإِبِلِ نَجِسَةٌ . فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ , وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمُتَقَدِّمُونَ فِي ذَلِكَ . فَمِمَّا رُوِيَ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ مَا