عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : " أَكَلَتْ أَنَا وَأَبُو طَلْحَةَ , وَأَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ طَعَامًا قَدْ مَسَّتْهُ النَّارُ , فَقُمْتُ لَأَنْ أَتَوَضَّأَ , فَقَالَا لِي : " أَتَتَوَضَّأُ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ؟ لَقَدْ جِئْتُ بِهَا عِرَاقِيَّةً "
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : ثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، أنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَافِعٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ النِّيلِ , عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : أَكَلَتْ أَنَا وَأَبُو طَلْحَةَ , وَأَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ طَعَامًا قَدْ مَسَّتْهُ النَّارُ , فَقُمْتُ لَأَنْ أَتَوَضَّأَ , فَقَالَا لِي : أَتَتَوَضَّأُ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ؟ لَقَدْ جِئْتُ بِهَا عِرَاقِيَّةً فَهَذَا أَبُو طَلْحَةَ وَأَبُو أَيُّوبَ , قَدْ صَلَّيَا بَعْدَ أَكْلِهِمَا مِمَّا غَيَّرَتِ النَّارُ , وَلَمْ يَتَوَضَّآ ، وَقَدْ رَوَيَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ بِالْوُضُوءِ مِنْ ذَلِكَ فِيمَا قَدْ رَوَيْنَا عَنْهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ . فَهَذَا لَا يَكُونُ ، عِنْدَنَا ، إِلَّا وَقَدْ ثَبَتَ نَسْخُ مَا قَدْ رَوَيَا عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَهُمَا . فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ الْآثَارِ . وَأَمَّا وَجْهُهُ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ , فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَا هَذِهِ الْأَشْيَاءَ الَّتِي قَدِ اخْتُلِفَ فِي أَكْلِهَا أَنَّهُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ أَمْ لَا إِذَا مَسَّتْهَا النَّارُ ؟ وَقَدْ أُجْمِعَ أَنَّ أَكْلَهَا قَبْلَ مُمَاسَّةِ النَّارِ إِيَّاهَا لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ فَأَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ , هَلْ لِلنَّارِ حُكْمٌ يَجِبُ فِي الْأَشْيَاءِ إِذَا مَسَّتْهَا فَيَنْتَقِلُ بِهِ حُكْمُهَا إِلَيْهَا فَرَأَيْنَا الْمَاءَ الْقَرَاحَ طَاهِرًا تُؤَدَّى بِهِ الْفُرُوضُ . ثُمَّ رَأَيْنَاهُ إِذَا سُخِّنَ فَصَارَ مِمَّا قَدْ مَسَّتْهُ النَّارُ أَنَّ حُكْمَهُ فِي طَهَارَتِهِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ مُمَاسَّتِهِ النَّارَ إِيَّاهُ , وَأَنَّ النَّارَ لَمْ تُحْدِثْ فِيهِ حُكْمًا يَنْتَقِلُ بِهِ حُكْمُهُ إِلَى غَيْرِ مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي الْبَدْءِ . فَلَمَّا كَانَ مَا وَصَفْنَا كَذَلِكَ , كَانَ فِي النَّظَرِ أَنَّ الطَّعَامَ الطَّاهِرَ الَّذِي لَا يَكُونُ أَكْلُهُ قَبْلَ أَنْ تَمَسَّهُ النَّارُ , حَدَثًا إِذَا مَسَّتْهُ النَّارُ لَا تَنْقُلُهُ عَنْ حَالِهِ , وَلَا تُغَيِّرُ حُكْمَهُ , وَيَكُونُ حُكْمُهُ بَعْدَ مَسِيسِ النَّارِ إِيَّاهُ , كَحُكْمِهِ قَبْلَ ذَلِكَ قِيَاسًا وَنَظَرًا , عَلَى مَا بَيَّنَّا . وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ , رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى . وَقَدْ فَرَّقَ قَوْمٌ بَيْنَ لُحُومِ الْغَنَمِ وَلُحُومِ الْإِبِلِ . فَأَوْجَبُوا فِي أَكْلِ لُحُومِ الْإِبِلِ الْوُضُوءَ , وَلَمْ يُوجِبُوا ذَلِكَ فِي أَكْلِ لُحُومِ الْغَنَمِ . وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ