• 2263
  • عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ قُرَيْشًا هَادَنَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَصَالَحَتْهُ عَلَى سِنِينَ أَرْبَعٍ

    فَفِي خَبَرِ ابْنِ لَهِيعَةَ ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ قُرَيْشًا هَادَنَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَصَالَحَتْهُ عَلَى سِنِينَ أَرْبَعٍ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ : وَكَانَتِ الْهُدْنَةُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ ، قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَأُحِبُّ لِلْإِمَامِ إِذَا نَزَلَتْ بِالْمُسْلِمِينَ ، وَأَرْجُو أَنْ لَا يُنْزِلَهَا اللَّهُ بِهِمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، يَكُونُ النَّظَرُ لَهُمْ فِيهِ مُهَادَنَةُ الْعَدُوِّ ، وَأَلَّا يُهَادِنَهُ إِلَّا فِي مُدَّةٍ ، وَلَا تَجَاوَزَ بِالْمُدَّةِ مُدَّةَ أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ ، كَانَتِ النَّازِلَةُ مَا كَانَتْ ، فَإِنْ هَادَنَهُمْ أَكْثَرَ مِنْهَا فَالْهُدْنَةُ مُنْتَقِضَةٌ ، لِأَنَّ الْأَصْلَ فَرْضُ قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ أَهْلَ الْجِزْيَةِ . وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ : إِنْ صَالَحَ الْمُسْلِمُونَ أَهْلَ الْجِزْيَةِ عَلَى أَنْ يَرُدُّوا إِلَى الْمُسْلِمِينَ كُلَّ سَنَةٍ شَيْئًا مَعْلُومًا ، عَلَى أَنْ لَا يَدْخُلَ الْمُسْلِمُونَ بِلَادَهُمْ ، لَمْ نَعْمَدْ مُصَالَحَتَهُمْ ، قَدْ صَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى غَيْرِ خَرَاجٍ يُؤَدُّنَهُ إِلَيْهِ ، وَقَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ : لَوْ أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ ، أَهْلُ حِصْنٍ ، وَأَهْلُ مَدِينَةٍ ، أَوْ أَهْلُ عَسْكَرٍ ، أَوْ أَهْلُ بَلَدٍ مِنَ الْبُلْدَانِ أَهْلِ الْحَرْبِ سَأَلُوا الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُوَادِعُوهُمْ سِنِينَ مَعْلُومَةً ، عَلَى أَنْ لَا يَدْخُلَ الْمُسْلِمُونَ بِلَادَهُمْ ، وَعَلَى أَنْ لَا تَجْرِيَ عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ ، فَإِنْ كَانَ خَيْرًا لِلْمُسْلِمِينَ ، وَخَشِيَ الْمُسْلِمُونَ إِنْ لَمْ يُوَادِعُوهُمْ عَلَى ذَلِكَ ، لَمْ يَقْوَوْا عَلَيْهِمْ وَادَعُوهُمْ عَلَى ذَلِكَ ، فَإِنْ وَادَعُوهُمْ عَلَى ذَلِكَ ، ثُمَّ رَأَى الْمُسْلِمُونَ أَنَّ لَهُمْ قُوَّةً ، فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَنْبُذُوا إِلَيْهِمْ ، ثُمَّ يُقَاتِلُوهُمْ . وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ : وَهُوَ أَنَّ الْمُدَّةَ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ ثُمَّ نَقَضُوهُ الْعَامَ الرَّابِعَ لِلْحُدَيْبِيَةِ ، حَكَى ابْنُ حِزَامٍ هَذَا الْقَوْلَ ، قَالَ : قِيلَ لِي ذَلِكَ . قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَإِذَا سَأَلَ قَوْمٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مُهَادَنَةً ، فَلِلْإِمَامِ عَلَى النَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ مُهَادَنَتُهُمْ رَجَاءَ أَنْ يُسْلِمُوا أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ ، لَيْسَ لَهُ مُهَادَنَتُهُمْ عَلَى النَّظَرِ عَلَى غَيْرِ جِزْيَةٍ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ، لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : {{ بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ }} الْآيَةَ ، فَلَمْ يُجِزْ أَنْ يَسْتَأْنِفَ مُدَّةً بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ ، وَبِالْمُسْلِمِينَ قُوَّةٌ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ، لِمَا وَصَفْتُ مِنْ فَرْضِ اللَّهِ فِيهِمْ ، وَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَلَيْسَ بِلَازِمٍ لَهُ أَنْ يُهَادِنَ إِلَّا عَلَى النَّظَرِ ، وَيَجُوزُ لَهُ فِي النَّظَرِ لِمَنْ رَجَا إِسْلَامَهُ ، وَإِنْ ظَهَرَ عَلَى بِلَادٍ ، وَقَدْ صَنَعَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ذَلِكَ لِصَفْوَانَ حِينَ خَرَجَ هَارِبًا إِلَى الْيَمَنِ ، ثُمَّ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ ، قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَ مُدَّتُهُ ، وَمُدَّتُهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ ، وَإِنْ جَعَلَ الْإِمَامُ لِهَذَا مُدَّةً أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَنْبُذَ إِلَيْهِ ، مَا وَصَفْتُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ ، وَيُوَفِّيَهُ الْمُدَّةَ إِلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ : لَا أَفِي بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ، لِأَنَّ الْفَسَادَ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا جَاوَزَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ

    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات