عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِي رُقْيَةَ ، وَكَانَ ، مِمَّنِ افْتَتَحَ مِصْرَ ، قَالَ : افْتَتَحَهَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ ، فَقَالَ : " مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مَالٌ فَلْيَأْتِنَا بِهِ ، قَالَ : فَأُتِيَ بِمَالٍ كَثِيرٍ ، وَبَعَثَ إِلَى عَظِيمِ أَهْلِ الصَّعِيدِ ، فَقَالَ : الْمَالُ ، فَقَالَ : مَا عِنْدِي مَالٌ ، فَسَجَنَهُ ، وَكَانَ عَمْرٌو يَسْأَلُ مَنْ يَدْخُلُ عَلَيْهِ ، هَلْ تَسْمَعُونَهُ يَذْكُرُ أَحَدًا ؟ ، قَالُوا : نَعَمْ ، رَاهِبًا بِالطُّورِ ، فَبَعَثَ عَمْرٌو ، فَأَتَى بِخَاتَمِهِ فَكَتَبَ كِتَابًا عَلَى لِسَانِهِ بِالرُّومِيَّةِ ، وَخَتَمَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ بَعَثَ بِهِ مَعَ رَسُولٍ مِنْ قِبَلِهِ إِلَى الرَّاهِبِ ، قَالَ : فَأَتَى بِقُلَّةٍ مِنْ نُحَاسٍ مَخْتُومَةٍ بِرَصَاصٍ ، فَإِذَا فِيهَا كِتَابٌ ، وَإِذَا فِيهِ ، يَا بَنِيَّ إِنْ أَرَدْتُمْ مَالَكُمْ فَاحْفُرُوا تَحْتَ الْفِسْقِينَةِ ، قَالَ : فَبَعَثَ عَمْرٌو الْأُمَنَاءَ فَحَفَرُوا فِيهَا ، فَاسْتَخْرَجُوا خَمْسِينَ إِرْدَبًّا دَنَانِيرَ ، فَضَرَبَ عُنُقَ النَّبَطِيَّ وَصَلَبَهُ
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ ثَوْبَانَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ أَبِي رُقْيَةَ ، وَكَانَ ، مِمَّنِ افْتَتَحَ مِصْرَ ، قَالَ : افْتَتَحَهَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ ، فَقَالَ : مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مَالٌ فَلْيَأْتِنَا بِهِ ، قَالَ : فَأُتِيَ بِمَالٍ كَثِيرٍ ، وَبَعَثَ إِلَى عَظِيمِ أَهْلِ الصَّعِيدِ ، فَقَالَ : الْمَالُ ، فَقَالَ : مَا عِنْدِي مَالٌ ، فَسَجَنَهُ ، وَكَانَ عَمْرٌو يَسْأَلُ مَنْ يَدْخُلُ عَلَيْهِ ، هَلْ تَسْمَعُونَهُ يَذْكُرُ أَحَدًا ؟ ، قَالُوا : نَعَمْ ، رَاهِبًا بِالطُّورِ ، فَبَعَثَ عَمْرٌو ، فَأَتَى بِخَاتَمِهِ فَكَتَبَ كِتَابًا عَلَى لِسَانِهِ بِالرُّومِيَّةِ ، وَخَتَمَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ بَعَثَ بِهِ مَعَ رَسُولٍ مِنْ قِبَلِهِ إِلَى الرَّاهِبِ ، قَالَ : فَأَتَى بِقُلَّةٍ مِنْ نُحَاسٍ مَخْتُومَةٍ بِرَصَاصٍ ، فَإِذَا فِيهَا كِتَابٌ ، وَإِذَا فِيهِ ، يَا بَنِيَّ إِنْ أَرَدْتُمْ مَالَكُمْ فَاحْفُرُوا تَحْتَ الْفِسْقِينَةِ ، قَالَ : فَبَعَثَ عَمْرٌو الْأُمَنَاءَ فَحَفَرُوا فِيهَا ، فَاسْتَخْرَجُوا خَمْسِينَ إِرْدَبًّا دَنَانِيرَ ، فَضَرَبَ عُنُقَ النَّبَطِيَّ وَصَلَبَهُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَجْهُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ عَمْرًو كَانَ صَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ لَا يَكْتُمُونَ أَمْوَالَهُمْ ، كَحَدِيثِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ ابْنِي أَبِي الْحُقَيْقِ . وَقِيلَ لِأَحْمَدَ : أَهْلُ الْعَهْدِ إِذَا نَقَضُوا ، تُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ أَمْ لَا ؟ ، قَالَ : كُلُّ مَنْ وُلِدَ بَعْدَ النَّقْضِ يُسْبَوْنَ ، وَمَنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ لَا يُسْبَوْنَ . وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ : وَإِذَا جَاءَتْ دَلَالَةٌ عَلَى أَنْ لَمْ يُوَفِّ أَهْلُ الْهُدْنَةِ بِجَمِيعِ مَا عَاهَدَهُمْ عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَنْبُذَ إِلَيْهِمْ ، يُلْحِقُهُ بِمَأْمَنِهِ ، ثُمَّ لَهُ أَنْ يُحَارِبَهَ ، فَإِنْ قَالَ إِمَامٌ : أَخَافُ خِيَانَةَ قَوْمٍ ، وَلَا دَلَالَةَ عَلَى خِيَانَتِهِمْ مِنْ خَبَرٍ وَلَا عِيَانٍ فَلَيْسَ لَهُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، نَقْضُ مُدَّتِهِمْ إِذَا كَانَتْ صَحِيحَةً . وَإِذَا وَادَعَ الْإِمَامُ قَوْمًا ، فَأَغَارُوا عَلَى قَوْمٍ مُوَادِعِينَ ، أَوْ أَهْلِ ذِمَّةٍ ، أَوْ مُسْلِمَيْنَ ، فَقَتَلُوا ، وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ قَبْلَ أَنْ يُظْهِرُوا نَقْضَ الصُّلْحِ ، فَلِلْإِمَامِ غَزْوُهُمْ ، وَقَتْلُهُمْ ، وَسَبَاهُمْ ، وَإِذَا ظَهَرَ عَلَيْهِمْ ، لَزِمَهُمْ مَنْ قَتَلُوا أَوْ جَرَحُوا أَوْ أَخَذُوا مَالَهُ الْحُكْمُ كَمَا يَلْزَمُهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ قَوْدٍ وَعَقْلٍ وَضَمَانٍ قَالَ : وَإِذَا أُخِذَتِ الْجِزْيَةُ مِنْ قَوْمٍ فَقَطَعَ قَوْمٌ مِنْهُمُ الطَّرِيقَ ، أَوْ قَاتَلُوا رَجُلًا مُسْلِمًا فَضَرَبُوهُ ، أَوْ ظَلَمُوا مُسْلِمًا ، أَوْ مُعَاهِدًا ، أَوْ زَنَا مِنْهُمْ زَانٍ ، أَوْ أَظْهَرَ فَسَادًا فِي مُسْلِمٍ ، أَوْ مُعَاهِدٍ ، حَدَّ فِيهَا الْحَدَّ ، وَعُوقِبَ عُقُوبَةً مُنَكِّلَةً فِيمَا فِيهِ الْعُقُوبَةُ ، وَلَمْ يُقْتَلْ إِلَّا بِأَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ ، وَلَمْ يَكُنْ هَذَا نَقْضًا لِلْعَهْدِ يُحِلُّ دَمَهُ ، لَا يَكُونُ نَقْضُ الْعَهْدِ إِلَّا مَنْعَ الْجِزْيَةِ ، أَوِ الْحُكْمَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَالِامْتِنَاعَ بِذَلِكَ . وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ فِي الَّذِي يَكْتُبُ بِعَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ ، أَوْ بِخَبَرٍ عَنْهُمْ ، بِأَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالْعَدُوِّ شَيْئًا ، لِتَحْذَرُوهُ الْمُسْتَأْمَنَ أَوِ الْمُوَادِعَ ، أَنْ يَمْضِيَ إِلَى بِلَادِ الْعَدُوِّ مُخْبِرًا عَنْهُمْ ، فَقَالَ : يُعَزَّرُ هَؤُلَاءِ ، وَيُحْبَسُونَ عُقُوبَةً ، وَلَيْسَ هَذَا بِنَقْضٍ لِلْعَهْدِ يُحِلُّ سَبْيَهُمْ ، وَلَا أَمْوَالَهُمْ ، وَلَا دِمَاءَهُمْ ، إِذَا صَارَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ إِلَى بِلَادِ الْعَدُوِّ ، فَقَالُوا : لَمْ نُرِدْ بِهَذَا نَقْضًا لِلْعَهْدِ ، فَلَيْسَ بِنَقْضٍ لِلْعَهْدٍ ، وَيُعَزَّرُ ، وَيَحْبِسُ . وَقَالَ النُّعْمَانُ : فِي الْمَلِكِ مِنَ الْمُلُوكِ يُصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ ، وَيَصِيرُ لَهُمْ ذِمَّةٌ ، ثُمَّ جَعَلَ يُخْبِرُ الْمُشْرِكِينَ بِعَوْرَةِ الْمُسْلِمِينَ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهَا ، وَيُؤْوِي عَيْنَهُمْ إِلَيْهِ لَا يَكُونُ هَذَا نَقْضًا لِعَهْدِهِ ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يُعَاقِبُوهُ ، وَيَحْبِسُوهُ ، وَإِنْ قَتَلَ هُوَ وَبَعْضُ مَنْ صَارَ ذِمَّةً رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ أَيْضًا نَقْضًا لِلْعَهْدِ ، وَلَكِنْ يَنْظُرُونَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ ، وَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ ، قُتِلَ بِهِ