عَنْ عَلِيٍّ ، وَقَالَ ، يَعْلَى : قَالَ عَلِيٌّ : " إِذَا حُدِّثْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ فَظُنُّوا بِهِ الَّذِي هُوَ أَهْدَى ، وَالَّذِي هُوَ أَنْقَى ، وَالَّذِي هُوَ أَتْقَى ، فَإِذَا كَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَأْمُرُ فِيمَا يَحْتَمِلُهُ التَّأْوِيلُ أَنْ يُظَنَّ بِأَخْبَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي هُوَ أَهْدَى ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ بِهِ أَنَّهُ عَدَلَ عَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسُنُّهُ لِأُمَّتِهِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَخَالَفَهُ "
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ الطَّيَالِسِيُّ ، وَأَبُو ، نُعَيْمٍ ، قَالَا : حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ ، عَنْ أَبِي الْبُحْتُرِيِّ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ : عَنْ عَلِيٍّ ، وَقَالَ ، يَعْلَى : قَالَ عَلِيٌّ : إِذَا حُدِّثْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِشَيْءٍ فَظُنُّوا بِهِ الَّذِي هُوَ أَهْدَى ، وَالَّذِي هُوَ أَنْقَى ، وَالَّذِي هُوَ أَتْقَى ، فَإِذَا كَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَأْمُرُ فِيمَا يَحْتَمِلُهُ التَّأْوِيلُ أَنْ يُظَنَّ بِأَخْبَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الَّذِي هُوَ أَهْدَى ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ بِهِ أَنَّهُ عَدَلَ عَمَّا رَأَى النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَسُنُّهُ لِأُمَّتِهِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَخَالَفَهُ وَمِنْ ذَلِكَ : أَنَّهُ سَنَّ إِشْعَارَ الْبُدْنِ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِأَعْوَامٍ ، وَفَعَلَ ذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، وَقَدْ خَالَفَ فِعْلَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْإِشْعَارَ مُثْلَةٌ ، مُحْتَجًّا بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْمُثْلَةِ ، وَنَهْيُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنِ الْمُثْلَةِ إِنَّمَا كَانَ عَامَ خَيْبَرَ ، وَإِشْعَارُ الْبُدْنِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِي سَنَةِ عَشْرٍ ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَزَاهُ بَعْدَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ . وَمِنْ ذَلِكَ : أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُشْعِرَ الْمَرْءُ بَدَنَتِهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ ، لِأَنَّ فِي حَدِيثِهِمَا : أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَلَّدَ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ ، وَأَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ ، فَأَعْلَمَ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ بَعْدَ الْإِشْعَارِ وَالتَّقْلِيدِ ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَقَدْ أَغْفَلَ مَنْ قَالَ : إِنَّ مَنْ قَلَّدَ فَقَدْ أَحْرَمَ ، لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَلَّدَ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَ ، وَأَحْرَمَ ، فَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إِحْرَامَهُ كَانَ بَعْدَ التَّقْلِيدِ ، وَالْإِشْعَارِ ، إِذْ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ قَدْ لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ بِالتَّقْلِيدِ : أَحْرَمَ بَعْدَ ذِكْرِ التَّقْلِيدِ ، لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يَدْخُلُ عَلَى إِحْرَامٍ قَبْلَهُ إِلَّا حَيْثُ دَلَّتِ السُّنَّةُ مِنْ إِدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ . وَمِنْ ذَلِكَ السُّنَّةُ فِي تَقْلِيدِ الْهَدْيِ ، وَقَدْ فَعَلَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ فِي الْعَامِ الَّذِي حَجَّ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ ، ذَكَرَتْ عَائِشَةُ أَنَّهَا فَتَلَتْ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللَّهِ بِيَدِهِ ، ثُمَّ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ شَيْءٌ كَانَ أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ ، حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ ، وَفَعَلَ ذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، وَكُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَرْءَ لَا يَكُونُ بِالتَّقْلِيدِ مُحْرِمًا . وَمِنْ ذَلِكَ تَقْدِيمُ الْأَئِمَّةِ الطَّلَائِعَ وَالْعُيُونَ بَيْنَ يَدَيِ الْجُيُوشِ ، اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ ، يُخْبِرُهُ عَنْ قُرَيْشٍ ، قَالَ : وَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِغَدِيرِ الْأَشْطَاطِ قَرِيبًا مِنْ عُسْفَانَ ، أَتَاهُ عَيْنُهُ الْخُزَاعِيُّ ، مَعَ مَا يَجْمَعُ , فَاعِلٌ ذَلِكَ مِنَ الْحَزْمِ وَالِاحْتِيَاطِ وَالتَّحَرُّزِ مِنْ عُيُونِ الْعَدُوِّ وَبَغَتَاتِهِ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْمُبَالَغَةِ فِي بَابِ الِاسْتِعْدَادِ وَالتَّأَهُّبِ لِلِقَاءِ الْعَدُوِّ , وَرُبَّمَا ظَفِرَتِ الطَّلِيعَةُ بِ الْعِلْجِ يَدُلُّ عَلَى غَفَلَاتِ الْعَدُوِّ وَعَوَرَاتِهِ ، وَيُخْبِرُ عَنْ قُرْبِ الْعَدُوِّ وَبُعْدِهِ ، وَمَوْضِعِ نُزُولِهِ ، وَمَا يُدَبِّرُ مِنْ كَيَدِ الْإِمَامِ وَأَهْلِ الْإِسْلَامِ ، فَيَحْتَرِزُ الْإِمَامُ مِنْ مَكَائِدِهِ وَيَغْتَنِمُ غَفَلَاتِهِ ، فَرُبَّمَا ظَفِرَ بِالْحِيلَةِ ، وَرُبَّمَا نَجَا بِالتَّيَقُّظِ . وَمِنْ ذَلِكَ مَا دَلَّ عَلَى قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ ، وَأَنَّ خَبَرَهُ حُجَّةٌ يَلْزَمُ قَبُولُهَا ، إِذَا كَانَ الْمُخْبِرُ ثِقَةً ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبْعَثَ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ غَيْرَ ثِقَةٍ ، لِأَنَّ طَلِيعَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ رَجُلًا وَاحِدًا ، وَلَمْ يَكُنِ الرَّسُولُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِيَبْعَثَ مَنْ يُخْبِرُهُ عَنِ الْعَدُوِّ بِخَبَرٍ ، إِلَّا مَنْ يَقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ ، لِأَنَّ ذَلِكَ إِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ مَا قُلْنَاهُ ، فَلَا مَعْنَى لِلْبَعْثَةِ ، وَلَا فَائِدَةَ ، وَالنَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَا يَأْمُرُ بِمَا لَا مَعْنَى لَهُ . وَمِنْ ذَلِكَ الرُّخْصَةُ فِي مَسِيرِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ طَلِيعَةً لِجَيشٍ ، لِأَنَّ الْخُزَاعِيَّ قَدْ مَضَى وَحْدَهُ سَائِرًا ، بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى خَبَرِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مِنَ الْوِحْدَةِ مَا أَعْلَمُ مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ أَبَدًا فِي غَيْرِ بَابِ الضَّرُورَةِ ، وَالْحَرْبِ ، لَا لِحَاجَةٍ إِلَيْهِ ، فَإِذَا كَانَا اثْنَيْنِ فَغَيْرُ مَكْرُوهٍ لَهُمَا السَّيْرُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحْوَالِ ، يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ خَبَرُ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ لَهُ وَلِصَاحِبٍ لَهُ : إِذَا سَافَرْتُمَا فَأَذِّنَا ، وَأَقِيمَا ، وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِخَبَرِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ ، وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ ، وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ , فَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْقَوْلِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ ، وَقَدْ عَارَضَهُ خَبَرُ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ ، وَإِذَا تَعَارَضَتِ الْأَخْبَارُ رُجِعَتِ الْأُمُورُ إِلَى أَنَّهَا عَلَى الْإِبَاحَةِ ، حَتَّى نَعْلَمَ حَظْرًا ، يَعْنِي خَبَرًا يُعَارِضُهُ . وَمِنْ ذَلِكَ الرُّخْصَةُ فِي هُجُومِ الْوَاحِدِ عَلَى الْجَمَاعَةِ الْكَثِيرَةِ الْعَدَدِ مِنَ الْعَدُوِّ ، اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعَثَ عَيْنَهُ الْخُزَاعِيَّ ، عَيْنًا وَحْدَهُ إِلَى عَدُوٍّ كَثِيرٍ ، وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَامَ الْأَحْزَابِ : مَنْ يَأْتِينِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ ؟ فَقَالَ الزُّبَيْرُ ؟ أَنَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ ، وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ ، وَقَدْ ذَكَرْتُ إِسْنَادَهُ فِيمَا مَضَى . وَفِيهَا السُّنَّةُ فِي مُشَاوَرَةِ الْإِمَامِ أَصْحَابَهُ فِيمَا يَشْكُلُ عَلَيْهِ مِنْ أَمَرِ عَدُوِّهِمْ ، اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، لِمَا قَالَ حِينَ جَاءَهُ عَيْنُهُ الْخُزَاعِيُّ ، يُخْبِرُهُ عَنْ قُرَيْشٍ وَجَمْعِهِمْ لَهُ ، وَعَزْمِهِمْ عَلَى قِتَالِهِ ، وَصَدِّهِ عَنِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ : أَشِيرُوا عَلَيَّ ، وَقَدْ فَعَلَ هَذَا قَبْلَ ذَلِكَ بِبَدْرٍ ، اسْتَشَارَ مَنِ اسْتَشَارَ مِنْ أَصْحَابِهِ فِي أَمَرِ الْأُسَارَى ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ ، وَعُمَرُ مَا أَشَارَا بِهِ ، وَقَدْ ذَكَرْتُ هَذِهِ الْقِصَّةَ فِيمَا مَضَى ، وَكُلُّ ذَلِكَ اتِّبَاعًا لِأَمْرِ اللَّهِ ، وَلْيَتَأَدَّبْ بِهِ الْأَئِمَّةُ ، قَالَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ : {{ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ }} الْآيَةُ . كَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ : قَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِهِ إِلَيْهِمْ حَاجَةٌ ، وَلَكِنْ أَرَادَ أَنْ يُسْتَنَّ بِهِ بَعْدَهُ . وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : مَا شَاوَرَ قَوْمٌ إِلَّا هُدُوا لِأَرْشَدِ أَمْرِهِمْ . وَقَالَ الضَّحَّاكُ : مَا أَمَرَ اللَّهُ بِالْمَشُورَةِ إِلَّا لَمَّا عَلِمَ بِمَا فِيهَا مِنَ الْبَرَكَةِ ، وَكَانَ سُفْيَانُ يَقُولُ : بَلَغَنِي أَنَّهَا نِصْفُ الْعَقْلِ ، وَقَدْ ذَكَرْتُ الْأَخْبَارَ فِي هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ ، وَإِذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَعَ نُزُولِ الْوَحْيِ عَلَيْهِ مِمَّا يُدْرِكُ بِهِ مِنَ الصَّوَابِ ، قَدْ أُمِرَ بِذَلِكَ ، فَمَنْ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ أَوْلَى أَنْ لَا يَسْتَبِدَّ أَحَدُهُمْ بِرَأْيٍ دُونَ أَصْحَابِهِ ، لِأَنَّ الصَّوَابَ رُبَّمَا أَجْرَاهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ مَنْ دُونَ الْإِمَامِ فِي الْعِلْمِ ، وَالرَّأْيِ ، يُقَالُ : إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يُشَاوِرُ حَتَّى الْمَرْأَةِ . وَجُمْلَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْمَشُورَةَ لَا تُؤَدِّي إِلَّا إِلَى خَيْرٍ ، وَعَلَى أَنَّ الْمُخْطِئَ بَعْدَ أَنْ يُشَاوِرَ أَصْحَابَهُ أَعْذَرُ عِنْدَهُمْ مِنَ الْمُسْتَبِدِّ بِرَأْيِهِ دُونَهُمْ ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّوَابَ يَجِبُ قَبُولُهُ مِمَّنْ أَشَارَ بِهِ ، وَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ ، لَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ ، قَالَ لِأَصْحَابِهِ : قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ أَحَدٌ ، دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ ، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ , أَتُحِبُّ ذَلِكَ ؟ , اخْرُجْ , ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ ، فَقَامَ فَخَرَجَ ، وَفَعَلَ ذَلِكَ ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : قَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ تَمْلِكُهُمُ امْرَأَةٌ ، فَذَلِكَ عَلَى مَعْنَى الْإِمْرَةِ ، لِأَنَّ بَعْضَ الْمُلُوكِ لَمَّا تُوُفِّيَ وَلَّوْا أَمَرَهُمُ امْرَأَةً ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ تَمْلِكُهُمُ امْرَأَةٌ عَلَى مَعْنَى الْإِمْرَةِ لَا عَلَى مَعْنَى الْمَشُورَةِ