قَالَ لِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ : مَا لَكَ تَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ بِطُولَى الطُّولَيَيْنِ ؟
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ ، قَالَ : ثنا حَجَّاجٌ ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ , أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، أَنَّ مَرْوَانَ ، أَخْبَرَهُ قَالَ : قَالَ لِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ : مَا لَكَ تَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْمَغْرِبِ بِطُولَى الطُّولَيَيْنِ ؟ قَالَ : فَقُلْتُ لِعُرْوَةَ : وَمَا طُولَى الطُّولَيَيْنِ ؟ قَالَ : الْأَعْرَافُ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ : كَانَتْ صَلَاةُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مُبَيِّنَةً وَحَرْفًا حَرْفًا بِتَرْتِيلٍ مَعَ إِتْمَامِ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ , فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ لَيْسَ كَمَا زَعَمَ مَنْ قَالَ : وَقْتُهُ وَقْتٌ وَاحِدٌ ، قَالَ : وَقَدْ أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ دُخُولَ وَقْتِ الْمَغْرِبِ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ وَاخْتَلَفُوا فِي خُرُوجِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْرُجَ الْوَقْتُ الْمُجْمَعُ عَلَى دُخُولِهِ إِلَّا بِإِجْمَاعٍ مِثْلِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَكَانَ أَوْلَى النَّاسِ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُذْهَبُهُ مَنْ أَوْجَبَ عَلَى الْمُفِيقِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِرَكْعَةِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَكَذَلِكَ الْكَافِرُ يُسْلِمُ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَالْحَائِضِ تَطْهُرُ وَالْغُلَامُ يَبْلُغُ ، فَكَمَا أَوْجَبَ عَلَى مَنْ ذَكَرْتُ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ مِثْلُ إِيجَابِهِ عَلَى الْغُلَامِ إِذَا بَلَغَ أَوْ طَهُرَتِ الْحَائِضُ أَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ أَوْ أَفَاقَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ بِرَكْعَةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَذَلِكَ لِاتِّصَالِ وَقْتِ الظُّهْرِ بِوَقْتِ الْعَصْرِ وَدَلَّ كَذَلِكَ لَمَّا أَوْجَبَ عَلَى مَنْ ذَكَرَ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ أَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ فِي هَذِهِ مُتَّصِلٌ بِوَقْتِ الْعِشَاءِ إِذْ لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَصْلٌ لَمَا أَوْجَبَ عَلَيْهِ إِلَّا صَلَاةَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ دُونَ الْمَغْرِبِ وَيَلْزَمُ هَذَا الْقَائِلَ ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّهُ يَرَى أَنْ يَجْمَعَ الْمُسَافِرُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالْمُقِيمِ فِي حَالِ الْفِطْرِ كَمَا يَرَى ذَلِكَ لِلْجَامِعِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَكُلُّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ لَوْ كَانَ وَقْتًا وَاحِدًا بَيْنَ وَقْتِهِ وَوَقْتِ الْعِشَاءِ فَصْلٌ لَمَا جَازَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي وَقْتِ أَحَدِهِمَا وَلَأَوْجَبَ عَلَى الْمُفِيقِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِرَكْعَةٍ وَمَنْ ذَكَرْنَا مَعَهُ الْعِشَاءَ دُونَ الْمَغْرِبِ ، وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلًا ثَالِثًا وَهُوَ أَنْ لَا تَفُوتَ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ حَتَّى النَّهَارِ وَقَالَ طَاوُسٌ : لَا تَفُوتُ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ حَتَّى الْفَجْرِ