أَنَّ ابْنَ عُمَرَ : " رَأَى عَلَى رَجُلٍ فَرْوًا ، فَقَالَ : لَوْ عَلِمْتَ أَنَّ هَذَا ذَكِيٌّ لَسَرَّنِي أَنْ يَكُونَ لِي مِثْلُهُ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَبُو النُّعْمَانِ ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ : رَأَى عَلَى رَجُلٍ فَرْوًا ، فَقَالَ : لَوْ عَلِمْتَ أَنَّ هَذَا ذَكِيٌّ لَسَرَّنِي أَنْ يَكُونَ لِي مِثْلُهُ قَالَ : وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ الْقَائِلِينَ بِهَذَا الْقَوْلِ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْمَيْتَةَ فِي كِتَابِهِ تَحْرِيمًا عَامًّا لَمْ يَخُصْ مِنْهَا شَيْئًا دُونَ شَيْءِ ، فَقَالَ : جَلَّ وَعَزَّ {{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ }} الْآيَةَ ، وَكَانَ تَحْرِيمُ الْمَيْتَةِ يَقَعُ عَلَى اللَّحْمِ وَالْجَلْدِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخُصَّ شَيْئًا دُونَ شَيْءٍ ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَخُصَّ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إِلَّا بِكِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ لَا مُعَارِضَ لَهَا ، وَالْأَخْبَارُ فِي ذَلِكَ مُخْتَلِفَةٌ فِي أَسَانِيدِهَا وَمُتُونِهَا فَفِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَرَّ عَلَى شَاةٍ لِمَوْلَاةٍ لِمَيْمُونَةَ ، فَقَالَ : أَلَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِإِهَابِهَا وَلَمْ يَذْكُرِ الدِّبَاغَ فِي حَدِيثِهِ . وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ : هَلَّا اسْتَنْفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا وَلَمْ يَذْكُرِ الدِّبَاغَ ، وَاخْتَلَفُوا فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ ، فَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ مَيْمُونَةَ ، وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ مَيْمُونَةَ ، وَقَالَ أَبُو عَوَانَةَ : عَنْ سِمَاكٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَاتَتْ شَاةٌ لِسَوْدَةَ ، فَلَمَّا اخْتُلِفَ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ ، وَفِي مَتْنِهِ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ حُجَّةٌ ، ثُمَّ لَوْ لَمْ يَخْتَلِفِ الْحَدِيثُ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ ، وَكَانَ حَدِيثًا وَاحِدًا لَكَانَ خَبَرُ ابْنِ عُكَيْمٍ نَاسِخًا لَهُ ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِهِ : جَاءَنَا كِتَابُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِشَهْرٍ أَنْ لَا تَنْتَفِعُوا مِنَ الْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ ، وَلَا عَصَبٍ مَعَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ قَدْ رُوِيَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُمْ كَرِهُوا ذَلِكَ . احْتَجَّ بِبَعْضِ مَا ذَكَرْنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِحُجَّةٍ أُخْرَى مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ ، وَقَالَ : لَيْسَ يَخْلُو بِجَلْدٍ أَنْ يَكُونَ حَيًّا بِحَيَاةِ الشَّاةِ ، أَوْ مَيِّتًا بِمَوْتِهَا ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَحُكْمُهُ كَحُكْمِ اللَّحْمِ لَا سَبِيلَ أَوْ يَكُونُ لَا حَيَاةَ فِيهِ ، وَلَا مَوْتَ ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَأَكْلُهُ مُبَاحٌ ، وَلَا مَعْنَى لِرُخْصَةٍ ، وَفِي امْتِنَاعِ الْجَمِيعِ أَنْ يُبِيحُوا أَكْلَ جِلْدِ الْمَيْتَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مَيِّتٌ بِمَوْتِ الشَّاةِ ، وَكَمَا أَبَاحُوا أَكْلَ جَلْدِ الشَّاةِ الْمُذَكَّاةِ إِذَا أَشْرَفَتْ ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْجِلْدَ يَحْيَى بِحَيَاةِ الشَّاةِ ، وَيَمُوتُ بِمَوْتِهَا ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنْ لَا سَبِيلَ إِلَى أَنْ تُبَاحَ الْمَيْتَةُ نَصْرًا لِمُضْطَرٍّ غَالٍّ وَإِنْ عُولِجَ بِكُلِّ عِلَاجٍ وَطِيبٍ وَكُلِّ حِيلَةٍ ، فَإِنَّ الْجِلْدَ كَذَلِكَ لَا سَبِيلَ إِلَى نَقْلِهِ عَنْ حَالِهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ ، وَأَبَاحَتْ طَائِفَةٌ الِانْتِفَاعَ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ بَعْدَ الدِّبَاغِ ، وَحَرَّمَتِ الِانْتِفَاعَ بِهَا قَبْلَ الدِّبَاغِ ، وَذَلِكَ مِثْلَ جُلُودِ الْأَنْعَامِ ، وَمَا يَقَعُ عَلَيْهِ الذَّكَاةُ وَهِيَ حَيَّةٌ ، هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ