عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ : حُدِّثْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ نَجَسًا ، وَلَا بَأْسًا "
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، قَالَ : حُدِّثْتُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ نَجَسًا ، وَلَا بَأْسًا . قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : زَعَمُوا أَنَّهَا قِلَالُ هَجَرَ . فَالْحَدِيثُ فِي نَفْسِهِ مُرْسَلٌ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ ، وَقَدْ فَصَلَ ابْنُ جُرَيْجٍ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَبَيْنَ مَنْ قَالَ بِرَأْيِهِ حَيْثُ قَالَ : زَعَمُوا ، وَقَوْلُهُ : زَعَمُوا حِكَايَةً عَمَّنْ لَمْ يُسَمِّهِ ، وَلَوْ سَمَّاهُ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ عَصِرَهِ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً ، وَلَوْ كَانَ الَّذِي أَخْبَرَهُ ثِقَةً . وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ : زَعَمُوا أَنَّهَا قِلَالُ هَجَرَ ، قَالَ الَّذِي أَخْبَرَنِي عَنِ الْقِلَالِ : فَرَأَيْتُ قِلَالَ هَجَرَ بَعْدُ فَأَظُنُّ كُلَّ قُلَّةٍ تَأْخُذُ قِرْبَتَيْنِ . فَذَكَرَ ابْنُ جُرَيْجٍ أَنَّ الَّذِيَ أَخْبَرَهُ ظَنَّ أَنَّ كُلَّ قُلَّةٍ تَأْخُذُ قِرْبَتَيْنِ فَالظَّنُّ غَيْرُ وَاجِبٍ قَبُولُهُ ، وَقَوْلُهُ : قِرْبَتَيْنِ لَيْسَ بِلَازِمٍ الْأَخْذُ بِهِ ، وَنَقْلُ ذَلِكَ إِلَى أَنْ يُجْعَلَ قِرْبَتَيْنِ وَنِصْفٍ كُلٌّ قُلَّةٍ غَيْرُ جَائِزٍ ، وَحُكِيَ ذَلِكَ إِلَى أَنْ يَجْعَلَ بِكِبَارِ الْقِرَبِ أَوْ بِصِغَارِهَا أَوْ بِأَوْسَاطِهَا أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ ، فَإِثْبَاتُ أَنْ تُجْعَلَ الْقُلَّةُ قَرْبَتَيْنِ غَيْرُ وَاجِبٍ ، وَالشَّيْءُ الَّذِي شَكَّ فِيهِ ابْنُ جُرَيْجٍ غَيْرُ ثَابِتٍ ، وَلَوْ ثَبَتَ لَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ جُزْءًا مِنْ مِائَةِ جُزْءٍ وَأَقَلَّ وَأَكْثَرَ ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُحْتَاطَ ، فَيُجْعَلُ نِصْفًا ، ثُمَّ يُفْرَضُ عَلَى النَّاسِ مَا سُمِّيَ احْتِيَاطًا ، وَالْقُلَلُ مُحِيطَةٌ بِهَذَا التَّحْدِيدِ ، . وَلُزُومُ ظَاهِرِ كِتَابِ اللَّهِ وَالْأَخْبَارِ الثَّابِتَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَجِبُ ، وَتَرْكُ الِانْتِقَالِ إِلَى الْقَوْلِ بِالْمَرَاسِيلِ ، وَدَفْعُ الْقَوْمِ بِعُمُومِ الْأَخْبَارِ . وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي هَذَا الْبَابِ كَلَامًا كَثِيرًا ، وَمُعَارَضَاتٍ وَحُجَجًا ، وَهُوَ مُثْبَتٌ فِي الْكِتَابِ الَّذِي اخْتَصَرْتُ مِنْهُ هَذَا الْكِتَابَ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَ مَا حَضَرْنَا مِنَ اخْتِلَافِ قَوْلِ مَنْ قَالَ فِي الْمَاءِ بِالتَّحْدِيدِ . وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ ، حَكَى عَبْدُ الْمَلِكِ مَذْهَبَ مَالِكٍ فِي الْمَاءِ ، فَقَالَ : رَأَيْتُهُ مِنْ مَالِكٍ كَأَنَّمَا هُوَ أَمْرٌ يُتَبَيَّنُ ، وَيَفْتِي بِهِ النَّاسُ بَعْدَ مَا يَقَعُ فَيَجِدُهُ مَعْرُوفًا بِعَيْنِهِ ، فَأَمَّا أَنْ يُوضَعَ فِيهِ أَصْلٌ وَيُفْتِي بِهِ النَّاسُ مِمَّا لَمْ يَكُنْ بَعْدُ لِيُكْتَفَى بِهِ فِيمَا يَحْدُثُ وَيَكُونُ ، فَلَمْ أَرَ مَالِكًا يُرِيدُهُ ، وَلَا يُرَخِّصُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ ، وَحَكَى غَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الَّذِي يَغْتَسِلُ بِالْمَاءِ قَدْ وَقَعَتْ فِيهِ الْمَيْتَةُ ، قَالَ : أَرَى أَنْ يَغْتَسِلَ ، وَإِنْ ذَهَبَ الْوَقْتُ ، فَلَا يُعِيدُ صَلَاةً صَلَّاهَا إِلَّا فِي الْوَقْتِ . وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ فِي رَجُلٍ تَوَضَّأَ مِنْ قُلَّةٍ فِيهَا فَارَةٌ مَيْتَةٌ ، لَا يَعْلَمُ بِهَا ، ثُمَّ عَلِمَ ، وَلَمْ يَجِدْ رَائِحَةً ، وَلَا طَعْمًا ، قَالَ : مَضَتْ صَلَاتُهُ . وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ يَقُولُ فِي الْجِيفَةِ تَقَعُ فِي الْمَاءِ ، قَالَ : مَا لَمْ يُغَيِّرْ رِيحًا ، وَلَا طَعْمًا يَتَوَضَّأُ بِهِ . وَحَكَى أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ : لَمْ نَجِدْ فِي الْمَاءِ أَوْ لَمْ نَرَ فِي الْمَاءِ إِلَّا الرُّخْصَةَ