عَنْ عَامِرِ بْنِ شَهْرٍ قَالَ : كَانَتْ هَمْدَانُ قَدْ تَحَصَّنَتْ فِي جَبَلٍ - يُقَالَ لَهُ الْحَقْلُ - مِنَ الْحَبَشِ ، قَدْ مَنَعَهُمُ اللَّهُ بِهِ حَتَّى جَاءَتْ هَمْدَانَ أَهْلُ فَارِسَ ، فَلَمْ يَزَالُوا مُحَارِبِينَ حَتَّى هَمَّ الْقَوْمَ الْحَرْبُ ، وَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمْرُ ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ لِي هَمْدَانُ : يَا عَامِرَ بْنَ شَهْرٍ ، إِنَّكَ قَدْ كُنْتَ نَدِيمًا لِلْمُلُوكِ مُذْ كُنْتَ ، فَهَلْ أَنْتَ آتٍ هَذَا الرَّجُلَ ، وَمُرْتَادٌ لَنَا ؟ فَإِنْ رَضِيتَ لَنَا شَيْئًا فَعَلْنَاهُ ، وَإِنْ كَرِهْتَ شَيْئًا كَرِهْنَاهُ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، حَتَّى قَدِمَتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَجَلَسْتُ عِنْدَهُ فَجَاءَ رَهْطٌ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَوْصِنَا قَالَ : " أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَأَنْ تَسْمَعُوا مِنْ قَوْلِ قُرَيْشٍ وَتَدَعُوا فِعْلَهُمْ " . قَالَ : فَاجْتَزَأْتُ بِذَلِكَ - وَاللَّهِ - مِنْ مَسْأَلَتِهِ ، وَرَضِيتُ أَمْرَهُ . ثُمَّ بَدَا لِي أَنْ أَرْجِعَ إِلَى قَوْمِي حَتَّى أَمُرَّ بِالنَّجَاشِيِّ - وَكَانَ لِي صَدِيقًا - فَمَرَرْتُ بِهِ ، فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ جَالِسٌ إِذْ مَرَّ ابْنٌ لَهُ صَغِيرٌ ، فَاسْتَقْرَأَهُ لَوْحًا مَعَهُ ، فَقَرَأَهُ الْغُلَامُ ، فَضَحِكَتُ ، فَقَالَ النَّجَاشِيُّ : مِمَّ ضَحِكَتَ ؟ فَوَاللَّهِ لَهَكَذَا أُنْزِلَتْ عَلَى لِسَانِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ : إِنَّ اللَّعْنَةَ تَنْزِلُ فِي الْأَرْضِ إِذَا كَانَ أُمَرَاؤُهَا صِبْيَانًا . قُلْتُ : مِمَّا قَرَأَ هَذَا الْغُلَامُ ؟ قَالَ : فَرَجَعْتُ وَقَدْ سَمِعْتُ هَذَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا مِنَ النَّجَاشِيِّ ، وَأَسْلَمَ قَوْمِي ، وَنَزَلُوا إِلَى السَّهْلِ ، وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْكِتَابَ إِلَى عُمَيْرِ ذِي مَرَّانَ . قَالَ : وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالِكَ بْنَ مَرَارَةَ الرَّهَاوِيَّ إِلَى الْيَمَنِ جَمِيعًا ، فَأَسْلَمَ عَكُّ ذِي خَيْوَانَ قَالَ : فَقِيلَ لِعَكٍّ : انْطَلِقْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَلَّمَ فَخُذْ مِنْهُ الْأَمَانَ عَلَى قَوْمِكَ وَمَالِكَ . قَالَ : وَكَانَتْ لَهُ قَرْيَةٌ فِيهَا رَقِيقٌ وَمَالٌ ، فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ مَالِكَ بْنَ مَرَارَةَ الرَّهَاوِيَّ قَدِمَ عَلَيْنَا يَدْعُونَا إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمْنَا ، وَلِي أَرْضٌ فِيهَا رَقِيقٌ وَمَالٌ ، فَاكْتُبْ لِي كِتَابًا ، فَكَتَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لِعَكِّ ذِي خَيْوَانَ ، إِنْ كَانَ صَادِقًا فِي أَرْضِهِ وَرَقِيقِهِ وَمَالِهِ ، فَلَهُ الْأَمَانُ وَذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " . وَكَتَبَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ مُجَالِدٍ ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ شَهْرٍ قَالَ : كَانَتْ هَمْدَانُ قَدْ تَحَصَّنَتْ فِي جَبَلٍ - يُقَالَ لَهُ الْحَقْلُ - مِنَ الْحَبَشِ ، قَدْ مَنَعَهُمُ اللَّهُ بِهِ حَتَّى جَاءَتْ هَمْدَانَ أَهْلُ فَارِسَ ، فَلَمْ يَزَالُوا مُحَارِبِينَ حَتَّى هَمَّ الْقَوْمَ الْحَرْبُ ، وَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمْرُ ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَتْ لِي هَمْدَانُ : يَا عَامِرَ بْنَ شَهْرٍ ، إِنَّكَ قَدْ كُنْتَ نَدِيمًا لِلْمُلُوكِ مُذْ كُنْتَ ، فَهَلْ أَنْتَ آتٍ هَذَا الرَّجُلَ ، وَمُرْتَادٌ لَنَا ؟ فَإِنْ رَضِيتَ لَنَا شَيْئًا فَعَلْنَاهُ ، وَإِنْ كَرِهْتَ شَيْئًا كَرِهْنَاهُ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، حَتَّى قَدِمَتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَجَلَسْتُ عِنْدَهُ فَجَاءَ رَهْطٌ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَوْصِنَا قَالَ : أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ ، وَأَنْ تَسْمَعُوا مِنْ قَوْلِ قُرَيْشٍ وَتَدَعُوا فِعْلَهُمْ . قَالَ : فَاجْتَزَأْتُ بِذَلِكَ - وَاللَّهِ - مِنْ مَسْأَلَتِهِ ، وَرَضِيتُ أَمْرَهُ . ثُمَّ بَدَا لِي أَنْ أَرْجِعَ إِلَى قَوْمِي حَتَّى أَمُرَّ بِالنَّجَاشِيِّ - وَكَانَ لِي صَدِيقًا - فَمَرَرْتُ بِهِ ، فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ جَالِسٌ إِذْ مَرَّ ابْنٌ لَهُ صَغِيرٌ ، فَاسْتَقْرَأَهُ لَوْحًا مَعَهُ ، فَقَرَأَهُ الْغُلَامُ ، فَضَحِكَتُ ، فَقَالَ النَّجَاشِيُّ : مِمَّ ضَحِكَتَ ؟ فَوَاللَّهِ لَهَكَذَا أُنْزِلَتْ عَلَى لِسَانِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ : إِنَّ اللَّعْنَةَ تَنْزِلُ فِي الْأَرْضِ إِذَا كَانَ أُمَرَاؤُهَا صِبْيَانًا . قُلْتُ : مِمَّا قَرَأَ هَذَا الْغُلَامُ ؟ قَالَ : فَرَجَعْتُ وَقَدْ سَمِعْتُ هَذَا مِنَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهَذَا مِنَ النَّجَاشِيِّ ، وَأَسْلَمَ قَوْمِي ، وَنَزَلُوا إِلَى السَّهْلِ ، وَكَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ هَذَا الْكِتَابَ إِلَى عُمَيْرِ ذِي مَرَّانَ . قَالَ : وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَالِكَ بْنَ مَرَارَةَ الرَّهَاوِيَّ إِلَى الْيَمَنِ جَمِيعًا ، فَأَسْلَمَ عَكُّ ذِي خَيْوَانَ قَالَ : فَقِيلَ لِعَكٍّ : انْطَلِقْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَسَلَّمَ فَخُذْ مِنْهُ الْأَمَانَ عَلَى قَوْمِكَ وَمَالِكَ . قَالَ : وَكَانَتْ لَهُ قَرْيَةٌ فِيهَا رَقِيقٌ وَمَالٌ ، فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ مَالِكَ بْنَ مَرَارَةَ الرَّهَاوِيَّ قَدِمَ عَلَيْنَا يَدْعُونَا إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمْنَا ، وَلِي أَرْضٌ فِيهَا رَقِيقٌ وَمَالٌ ، فَاكْتُبْ لِي كِتَابًا ، فَكَتَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لِعَكِّ ذِي خَيْوَانَ ، إِنْ كَانَ صَادِقًا فِي أَرْضِهِ وَرَقِيقِهِ وَمَالِهِ ، فَلَهُ الْأَمَانُ وَذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . وَكَتَبَ خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ