عَنْ أُمِّ هَانِئٍ ، قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَلَسٍ ، فَجَلَسَ وَأَنَا عَلَى فِرَاشِي ، فَقَالَ : " شَعَرْتُ أَنِّي بِتُّ اللَّيْلَةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَأَتَانِي جِبْرِيلُ فَذَهَبَ بِي إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ ، فَإِذَا بِدَابَّةٍ أَبْيَضَ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ مُضْطَرِبِ الْأُذُنَيْنِ ، فَرَكِبْتُ فَكَانَ يَضَعُ حَافِرَهُ مَدَّ بَصَرِهِ ، إِذَا أَخَذَنِي فِي هُبُوطٍ طَالَتْ يَدَاهُ وَقَصُرَتْ رِجْلَاهُ ، وَإِذَا أَخَذَنِي فِي صُعُودٍ طَالَتْ رِجْلَاهُ وَقَصُرَتْ يَدَاهُ ، وَجِبْرِيلُ لَا يَفُوتَنِي ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى بَابِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، فَأَوْثَقْتُهُ بِالْحَلَقَةِ الَّتِي كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تُوثِقُ بِهَا ، فَنُشِرَ لِي رَهْطٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ، مِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ ، وَمُوسَى ، وَعِيسَى ، فَصَلَّيْتُ بِهِمْ ، وَكَلَّمْتُهُمْ ، وَأُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ أَحْمَرَ وَأَبْيَضَ ، فَشَرِبْتُ الْأَبْيَضَ ، فَقَالَ لِي جِبْرِيلُ : شَرِبْتَ اللَّبَنَ ، وَتَرَكْتَ الْخَمْرَ ، لَوْ شَرِبْتَ الْخَمْرَ لَارْتَدَّتْ أُمَّتُكَ ثُمَّ رَكِبْتُهُ ، فَأَتَيْتُ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَصَلَّيْتُ بِهِ الْغَدَاةَ " قَالَتْ : فَتَعَلَّقْتُ بِرِدَائِهِ : أَنْشُدُكُ اللَّهَ يَا ابْنَ عَمِّ ، أَنْ لَا تُحَدِّثَ بِهَذَا قُرَيْشًا ، فَيُكَذِّبَكَ مَنْ صَدَّقَكَ فَضَرَبَ يَدَهُ عَلَى رِدَائِهِ فَانْتَزَعَهُ مِنْ يَدِي ، فَارْتَفَعَ عَنْ بَطْنِهِ فَنَظَرْتُ إِلَى عُكْنَةٍ فَوْقَ إِزَارِهِ كَأَنَّهَا طَيُّ الْقَرَاطِيسِ ، فَإِذَا نُورٌ سَاطِعٌ عِنْدَ فُؤَادِهِ ، كَأَنَّهُ يَخْطَفُ بَصَرِي فَخَرَرْتُ سَاجِدَةً ، فَلَمَّا رَفَعْتُ رَأْسِي إِذَا هُوَ قَدْ خَرَجَ ، فَقُلْتُ لِجَارِيَتِي نَبْعَةَ : وَيْلَكِ اتْبَعِيهِ فَانْظُرِي مَاذَا يَقُولُ ؟ وَمَاذَا يُقَالُ لَهُ ؟ فَلَمَّا رَجَعَتْ نَبْعَةُ أَخْبَرَتْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى إِلَى نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فِي الْحَطِيمِ ، فِيهِمُ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ وَعَمْرُو بْنُ هِشَامٍ وَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، فَقَالَ : " إِنِّي صَلَّيْتُ اللَّيْلَةَ الْعِشَاءَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ وَصَلَّيْتُ بِهِ الْغَدَاةَ ، وَأَتَيْتُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ، وَنُشِرَ لِي رَهْطٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ ، وَمُوسَى ، وَعِيسَى فَصَلَّيْتُ بِهِمْ وَكَلَّمْتُهُمْ " فَقَالَ عَمْرُو بْنُ هِشَامٍ كَالْمُسْتَهْزِئِ بِهِ : صِفْهُمْ لِي فَقَالَ : " أَمَّا عِيسَى فَفَوْقَ الرَّبْعَةِ ، وَدُونَ الطَّوِيلِ ، وَعَرِيضُ الصَّدْرِ ، ظَاهِرُ الدَّمِ ، جَعْدُ الشَّعْرِ ، تَعْلُوهُ صُهْبَةٌ ، كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ وَأَمَّا مُوسَى : " فَضَخْمٌ آدَمُ ، طُوَالٌ ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ مُتَرَاكِبُ الْأَسْنَانِ ، مُقَلَّصُ الشَّفَةِ ، خَارِجُ اللِّثَةِ ، عَابِسٌ " وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَأَشْبَهُ النَّاسِ بِي خُلُقًا ، وَخَلْقًا " قَالَ : فَضَجُّوا وَأَعْظَمُوا ذَلِكَ ، فَقَالَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ : كُلُّ أَمْرِكَ قَبْلَ الْيَوْمِ ، كَانَ أَمَمًا ، غَيْرَ قَوْلِكَ الْيَوْمَ أَمَّا أَنَا فَأَشْهَدُ أَنَّكَ كَاذِبٌ ، نَحْنُ نَضْرِبُ أَكْبَادَ الْإِبِلِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ نَصْعَدُ شَهْرًا وَنَنْحَدِرُ شَهْرًا ، تَزْعُمُ أَنَّكَ أَتَيْتَهُ فِي لَيْلَةٍ ؟ وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى ، لَا أُصَدِّقُكَ وَمَا كَانَ الَّذِي تَقُولُ قَطُّ وَكَانَ لِلْمُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ حَوْضٌ عَلَى زَمْزَمَ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ ، فَهَدَمَهُ وَأَقْسَمَ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى ، لَا يَسْقِي مِنْهُ قَطْرَةً أَبَدًا ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا مُطْعِمُ ، بِئْسَ مَا قُلْتَ لِابْنِ أَخِيكَ جَبَهْتَهُ وَكَذَّبْتَهُ أَنَا أَشْهَدُ أَنَّهُ صَادِقٌ ، فَقَالُوا : يَا مُحَمَّدُ ، فَصِفْ لَنَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ قَالَ : " دَخَلْتُهُ لَيْلًا وَخَرَجْتُ مِنْهُ لَيْلًا " فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَصَيَّرَهُ فِي جَنَاحِهِ ، فَجَعَلَ يَقُولُ : " بَابٌ مِنْهُ كَذَا فِي مَوْضِعِ كَذَا ، وَبَابٌ مِنْهُ كَذَا فِي مَوْضِعِ كَذَا " وَأَبُو بَكْرٍ يَقُولُ : صَدَقْتَ ، صَدَقْتَ قَالَتْ نَبْعَةُ : فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَوْمَئِذٍ : " يَا أَبَا بَكْرٍ ، إِنِّي قَدْ أَسْمَيْتُكَ الصِّدِّيقَ " قَالُوا : يَا مُطْعِمُ ، دَعْنَا نَسْأَلُهُ عَمَّا هُوَ أَعَنْى لَنَا مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، يَا مُحَمَّدُ ، أَخْبِرْنَا عَنْ عِيرِنَا فَقَالَ : " أَتَيْتُ عَلَى عِيرِ بَنِي فُلَانٍ بِالرَّوْحَاءِ قَدْ أَضَلُّوا نَاقَةً لَهُمْ فَانْطَلَقُوا فِي طَلَبِهَا ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى رِحَالِهِمْ لَيْسَ بِهَا مِنْهُمْ أَحَدٌ ، وَإِذَا قَدَحُ مَاءٍ فَشَرِبْتُ مِنْهُ ، فَاسْأَلُوهُمْ عَنْ ذَلِكَ " قَالُوا : هَذِهِ وَالْإِلَهِ آيَةٌ " ثُمَّ انْتَهَيْتُ إِلَى عِيرِ بَنِي فُلَانٍ فَنَفَرَتْ مِنِّي الْإِبِلُ وَبَرَكَ مِنْهَا جَمَلٌ أَحْمَرُ ، عَلَيْهِ جَوَالِقُ مَخِيطٌ بِبَيَاضٍ ، لَا أَدْرِي أَكُسِرَ الْبَعِيرُ أَمْ لَا ، فَاسْأَلُوهُمْ عَنْ ذَلِكَ " فَقَالُوا : هَذِهِ وَالْإِلَهِ آيَةٌ " ثُمَّ انْتَهَيْتُ إِلَى عِيرِ بَنِي فُلَانٍ فِي التَّنْعِيمِ يَقْدُمُهَا جَمَلٌ أَرْوَقُ ، وَهَا هِيَ ذِهِ تَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مِنَ الثَّنِيَّةِ " فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ : سَاحِرٌ فَانْطَلَقُوا فَنَظَرُوا ، فَوَجَدُوا الْأَمْرَ كَمَا قَالَ : فَرَمُوهُ بِالسِّحْرِ ، وَقَالُوا : صَدَقَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ فِيمَا قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ }} قُلْتُ لِأُمِّ هَانِئٍ : مَا الشَّجَرَةُ الْمَلْعُونَةُ فِي الْقُرْآنِ ؟ قَالَتِ : الَّذِينَ خُوِّفُوا فَلَمْ يَزِدْهُمُ التَّخْوِيفُ إِلَّا طُغْيَانًا وَكُفْرًا "
ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَلِيٍّ الْأَنْصَارِيُّ ، ثنا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيِّ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ ، عَنْ أُمِّ هَانِئٍ ، قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِغَلَسٍ ، فَجَلَسَ وَأَنَا عَلَى فِرَاشِي ، فَقَالَ : شَعَرْتُ أَنِّي بِتُّ اللَّيْلَةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَأَتَانِي جِبْرِيلُ فَذَهَبَ بِي إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ ، فَإِذَا بِدَابَّةٍ أَبْيَضَ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ مُضْطَرِبِ الْأُذُنَيْنِ ، فَرَكِبْتُ فَكَانَ يَضَعُ حَافِرَهُ مَدَّ بَصَرِهِ ، إِذَا أَخَذَنِي فِي هُبُوطٍ طَالَتْ يَدَاهُ وَقَصُرَتْ رِجْلَاهُ ، وَإِذَا أَخَذَنِي فِي صُعُودٍ طَالَتْ رِجْلَاهُ وَقَصُرَتْ يَدَاهُ ، وَجِبْرِيلُ لَا يَفُوتَنِي ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى بَابِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، فَأَوْثَقْتُهُ بِالْحَلَقَةِ الَّتِي كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تُوثِقُ بِهَا ، فَنُشِرَ لِي رَهْطٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ، مِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ ، وَمُوسَى ، وَعِيسَى ، فَصَلَّيْتُ بِهِمْ ، وَكَلَّمْتُهُمْ ، وَأُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ أَحْمَرَ وَأَبْيَضَ ، فَشَرِبْتُ الْأَبْيَضَ ، فَقَالَ لِي جِبْرِيلُ : شَرِبْتَ اللَّبَنَ ، وَتَرَكْتَ الْخَمْرَ ، لَوْ شَرِبْتَ الْخَمْرَ لَارْتَدَّتْ أُمَّتُكَ ثُمَّ رَكِبْتُهُ ، فَأَتَيْتُ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَصَلَّيْتُ بِهِ الْغَدَاةَ قَالَتْ : فَتَعَلَّقْتُ بِرِدَائِهِ : أَنْشُدُكُ اللَّهَ يَا ابْنَ عَمِّ ، أَنْ لَا تُحَدِّثَ بِهَذَا قُرَيْشًا ، فَيُكَذِّبَكَ مَنْ صَدَّقَكَ فَضَرَبَ يَدَهُ عَلَى رِدَائِهِ فَانْتَزَعَهُ مِنْ يَدِي ، فَارْتَفَعَ عَنْ بَطْنِهِ فَنَظَرْتُ إِلَى عُكْنَةٍ فَوْقَ إِزَارِهِ كَأَنَّهَا طَيُّ الْقَرَاطِيسِ ، فَإِذَا نُورٌ سَاطِعٌ عِنْدَ فُؤَادِهِ ، كَأَنَّهُ يَخْطَفُ بَصَرِي فَخَرَرْتُ سَاجِدَةً ، فَلَمَّا رَفَعْتُ رَأْسِي إِذَا هُوَ قَدْ خَرَجَ ، فَقُلْتُ لِجَارِيَتِي نَبْعَةَ : وَيْلَكِ اتْبَعِيهِ فَانْظُرِي مَاذَا يَقُولُ ؟ وَمَاذَا يُقَالُ لَهُ ؟ فَلَمَّا رَجَعَتْ نَبْعَةُ أَخْبَرَتْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ انْتَهَى إِلَى نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فِي الْحَطِيمِ ، فِيهِمُ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ وَعَمْرُو بْنُ هِشَامٍ وَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، فَقَالَ : إِنِّي صَلَّيْتُ اللَّيْلَةَ الْعِشَاءَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ وَصَلَّيْتُ بِهِ الْغَدَاةَ ، وَأَتَيْتُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ، وَنُشِرَ لِي رَهْطٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ ، وَمُوسَى ، وَعِيسَى فَصَلَّيْتُ بِهِمْ وَكَلَّمْتُهُمْ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ هِشَامٍ كَالْمُسْتَهْزِئِ بِهِ : صِفْهُمْ لِي فَقَالَ : أَمَّا عِيسَى فَفَوْقَ الرَّبْعَةِ ، وَدُونَ الطَّوِيلِ ، وَعَرِيضُ الصَّدْرِ ، ظَاهِرُ الدَّمِ ، جَعْدُ الشَّعْرِ ، تَعْلُوهُ صُهْبَةٌ ، كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ وَأَمَّا مُوسَى : فَضَخْمٌ آدَمُ ، طُوَالٌ ، كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ مُتَرَاكِبُ الْأَسْنَانِ ، مُقَلَّصُ الشَّفَةِ ، خَارِجُ اللِّثَةِ ، عَابِسٌ وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَأَشْبَهُ النَّاسِ بِي خُلُقًا ، وَخَلْقًا قَالَ : فَضَجُّوا وَأَعْظَمُوا ذَلِكَ ، فَقَالَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ : كُلُّ أَمْرِكَ قَبْلَ الْيَوْمِ ، كَانَ أَمَمًا ، غَيْرَ قَوْلِكَ الْيَوْمَ أَمَّا أَنَا فَأَشْهَدُ أَنَّكَ كَاذِبٌ ، نَحْنُ نَضْرِبُ أَكْبَادَ الْإِبِلِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ نَصْعَدُ شَهْرًا وَنَنْحَدِرُ شَهْرًا ، تَزْعُمُ أَنَّكَ أَتَيْتَهُ فِي لَيْلَةٍ ؟ وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى ، لَا أُصَدِّقُكَ وَمَا كَانَ الَّذِي تَقُولُ قَطُّ وَكَانَ لِلْمُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ حَوْضٌ عَلَى زَمْزَمَ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ ، فَهَدَمَهُ وَأَقْسَمَ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى ، لَا يَسْقِي مِنْهُ قَطْرَةً أَبَدًا ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا مُطْعِمُ ، بِئْسَ مَا قُلْتَ لِابْنِ أَخِيكَ جَبَهْتَهُ وَكَذَّبْتَهُ أَنَا أَشْهَدُ أَنَّهُ صَادِقٌ ، فَقَالُوا : يَا مُحَمَّدُ ، فَصِفْ لَنَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ قَالَ : دَخَلْتُهُ لَيْلًا وَخَرَجْتُ مِنْهُ لَيْلًا فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَصَيَّرَهُ فِي جَنَاحِهِ ، فَجَعَلَ يَقُولُ : بَابٌ مِنْهُ كَذَا فِي مَوْضِعِ كَذَا ، وَبَابٌ مِنْهُ كَذَا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَأَبُو بَكْرٍ يَقُولُ : صَدَقْتَ ، صَدَقْتَ قَالَتْ نَبْعَةُ : فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ يَوْمَئِذٍ : يَا أَبَا بَكْرٍ ، إِنِّي قَدْ أَسْمَيْتُكَ الصِّدِّيقَ قَالُوا : يَا مُطْعِمُ ، دَعْنَا نَسْأَلُهُ عَمَّا هُوَ أَعَنْى لَنَا مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، يَا مُحَمَّدُ ، أَخْبِرْنَا عَنْ عِيرِنَا فَقَالَ : أَتَيْتُ عَلَى عِيرِ بَنِي فُلَانٍ بِالرَّوْحَاءِ قَدْ أَضَلُّوا نَاقَةً لَهُمْ فَانْطَلَقُوا فِي طَلَبِهَا ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى رِحَالِهِمْ لَيْسَ بِهَا مِنْهُمْ أَحَدٌ ، وَإِذَا قَدَحُ مَاءٍ فَشَرِبْتُ مِنْهُ ، فَاسْأَلُوهُمْ عَنْ ذَلِكَ قَالُوا : هَذِهِ وَالْإِلَهِ آيَةٌ ثُمَّ انْتَهَيْتُ إِلَى عِيرِ بَنِي فُلَانٍ فَنَفَرَتْ مِنِّي الْإِبِلُ وَبَرَكَ مِنْهَا جَمَلٌ أَحْمَرُ ، عَلَيْهِ جَوَالِقُ مَخِيطٌ بِبَيَاضٍ ، لَا أَدْرِي أَكُسِرَ الْبَعِيرُ أَمْ لَا ، فَاسْأَلُوهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَقَالُوا : هَذِهِ وَالْإِلَهِ آيَةٌ ثُمَّ انْتَهَيْتُ إِلَى عِيرِ بَنِي فُلَانٍ فِي التَّنْعِيمِ يَقْدُمُهَا جَمَلٌ أَرْوَقُ ، وَهَا هِيَ ذِهِ تَطْلُعُ عَلَيْكُمْ مِنَ الثَّنِيَّةِ فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ : سَاحِرٌ فَانْطَلَقُوا فَنَظَرُوا ، فَوَجَدُوا الْأَمْرَ كَمَا قَالَ : فَرَمُوهُ بِالسِّحْرِ ، وَقَالُوا : صَدَقَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ فِيمَا قَالَ : فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ }} قُلْتُ لِأُمِّ هَانِئٍ : مَا الشَّجَرَةُ الْمَلْعُونَةُ فِي الْقُرْآنِ ؟ قَالَتِ : الَّذِينَ خُوِّفُوا فَلَمْ يَزِدْهُمُ التَّخْوِيفُ إِلَّا طُغْيَانًا وَكُفْرًا