عَنْ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ ، قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْتُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ ، فَأُخْبِرْتُ أَنَّهُ قَدْ بَعَثَ جَيْشًا إِلَى قَوْمِي ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ : رُدَّ الْجَيْشَ ، وَأَنَا لَكَ بِإِسْلَامِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ ، فَفَعَلَ ، فَكَتَبْتُ إِلَيْهِمْ ، فَأَتَى وَفْدٌ مِنْهُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْلَامِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ ، فَقَالَ : " يَا أَخَا صُدَاءَ إِنَّكَ الْمُطَاعُ فِي قَوْمِكَ " ، قُلْتُ : بَلْ هَدَاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ ، فَقَالَ : " أَلَا نُؤَمِّرُكَ عَلَيْهِمْ ؟ " قُلْتُ : فَاكْتُبْ لِي بِإِمَارَتِهِمْ ، وَسَأَلْتُهُ مِنْ صَدَقَاتِهِمْ فَفَعَلَ ، وَكَتَبَ لِي بِذَلِكَ ، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فَنَزَلَ مَنْزِلًا ، فَأَتَاهُ أَهْلُ الْمَنْزِلِ يَشْتَكُونَ عَامِلَهُمْ ، وَقَالُوا : أَخَذَنَا بِمَا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَقَالَ : " أَوَفَعَلَ ؟ " قَالُوا : نَعَمْ ، فَالْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَأَنَا فِيهِمْ ، فَقَالَ : " لَا خَيْرَ فِي الْإِمَارَةِ لِرَجُلٍ مُؤْمِنٍ " ، فَوْقَعَ ذَلِكَ فِي نَفْسِي ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ ، فَقَالَ : " مَنْ سَأَلَ النَّاسَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى ، فَصُدَاعٌ فِي الرَّأْسِ ، وَدَاءٌ فِي الْبَطْنِ " فَقَالَ : أَعْطِنِي مِنَ الصَّدَقَاتِ ، فَقَالَ : " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَرْضَ بِالصَّدَقَاتِ بِحُكْمِ نَبَيٍّ وَلَا غَيْرِهِ حَتَّى جَزَّأَهَا ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ ، فَإِنْ كُنْتَ مِنْهَا أَعْطَيْتُكَ حَقَّكَ " ثُمَّ إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَشَى أَوَّلَ اللَّيْلِ فَلَزِمْتُهُ وَجَعَلَ أَصْحَابُهُ يَنْفَتِلُونَ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ غَيْرِي فَلَمَّا تَحَيَّنَ أَذَانُ الصُّبْحِ ، أَمَرَنِي فَأَذَّنْتُ ، وَنَزَلَ يَتَبَرَّزُ ، وَتَلَاحَقَ أَصْحَابُهُ ثُمَّ أَقْبَلَ ، فَقَالَ : " أَمَعَكَ مَاءٌ ؟ " قُلْتُ : نَعَمْ قَلِيلٌ لَا يَكْفِيكَ ، قَالَ : " صُبَّهُ فِي إِنَاءٍ ثُمَّ ائْتِنِي بِهِ " ، فَوَضَعَ كَفَّهُ فِيهِ ، فَرَأَيْتُ بَيْنَ كُلِّ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِهِ عَيْنًا تَفُورُ ، فَقَالَ : " لَوْلَا أَنِّي أَسْتَحْيِي لَسَقَيْنَا وَاسْتَقَيْنَا ، نَادِ فِي أَصْحَابِي مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْمَاءَ " فَاغْتَرَفَ مَنْ أَحَبَّ ، ثُمَّ إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ ، فَأَرَادَ بِلَالٌ أَنْ يُقِيمَ الصَّلَاةَ ، فَقَالَ : " إِنَّ أَخَا صُدَاءَ هُوَ أَذَّنَ وَمَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ " فَأَقَمْتُ ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ الصَّلَاةَ أَتَيْتُهُ بِصَحِيفَتِي ، فَقُلْتُ : أَعْفِنِي ، قَالَ : " وَمَا بِذَلِكَ ؟ " قُلْتُ : سَمِعْتُكَ تَقُولُ : " لَا خَيْرَ فِي الْإِمَارَةِ لِرَجُلٍ مُؤْمِنٍ " وَقَدْ آمَنْتُ ، وَقُلْتَ : " مَنْ سَأَلَ النَّاسَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى فَصُدَاعٌ فِي الرَّأْسِ ، وَدَاءٌ فِي الْبَطْنِ " ، وَقَدْ سَأَلْتُكَ وَأَنَا غَنِيٌّ ، قَالَ : " هُوَ ذَاكَ فَإِنْ شِئْتَ فَاقْبَلْ ، وَإِنْ شِئْتَ فَدَعْ " قُلْتُ : بَلْ أَدَعُ ، قَالَ : " فَدُلَّنِي عَلَى رَجُلٍ " فَدَلَلْتُهُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْوَفْدِ ، فَقَالُوا لَهُ : إِنَّ لَنَا بِئَرًا إِذَا كَانَ الشِّتَاءُ وَسِعَنَا مَاؤُهَا فَاجْتَمَعْنَا عَلَيْهِ ، وَإِذَا كَانَ الصَّيْفُ قَلَّ مَاؤُهَا فَتَفَرَّقْنَا عَلَى مِيَاهٍ حَوْلَنَا ، وَإِنَّا لَا نَسْتَطِيعُ الْيَوْمَ أَنْ نَتَفَرَّقَ ، كُلُّ مَنْ حَوْلَنَا عَدُوٌّ ، فَادْعُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَسَعَنَا مَاؤُهَا ، فَدَعَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ ، فَفَرَّقَهُنَّ فِي يَدِهِ وَدَعَا ، ثُمَّ قَالَ : " إِذَا أَتَيْتُمُوهَا فَأَلْقُوا وَاحِدَةً وَاحِدَةً ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَمَا اسْتَطَاعُوا أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى قَعْرِهَا بَعْدَهَا
حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْهَيْثَمُ بْنُ أَيُّوبَ الطَّالْقَانِيُّ سَنَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ قَالَ : حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ نُعَيْمٍ الْحَضْرَمِيِّ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ ، قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَبَايَعْتُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ ، فَأُخْبِرْتُ أَنَّهُ قَدْ بَعَثَ جَيْشًا إِلَى قَوْمِي ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ : رُدَّ الْجَيْشَ ، وَأَنَا لَكَ بِإِسْلَامِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ ، فَفَعَلَ ، فَكَتَبْتُ إِلَيْهِمْ ، فَأَتَى وَفْدٌ مِنْهُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِإِسْلَامِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ ، فَقَالَ : يَا أَخَا صُدَاءَ إِنَّكَ الْمُطَاعُ فِي قَوْمِكَ ، قُلْتُ : بَلْ هَدَاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَحْسَنَ إِلَيْهِمْ ، فَقَالَ : أَلَا نُؤَمِّرُكَ عَلَيْهِمْ ؟ قُلْتُ : فَاكْتُبْ لِي بِإِمَارَتِهِمْ ، وَسَأَلْتُهُ مِنْ صَدَقَاتِهِمْ فَفَعَلَ ، وَكَتَبَ لِي بِذَلِكَ ، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فَنَزَلَ مَنْزِلًا ، فَأَتَاهُ أَهْلُ الْمَنْزِلِ يَشْتَكُونَ عَامِلَهُمْ ، وَقَالُوا : أَخَذَنَا بِمَا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِهِمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَقَالَ : أَوَفَعَلَ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، فَالْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَأَنَا فِيهِمْ ، فَقَالَ : لَا خَيْرَ فِي الْإِمَارَةِ لِرَجُلٍ مُؤْمِنٍ ، فَوْقَعَ ذَلِكَ فِي نَفْسِي ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ ، فَقَالَ : مَنْ سَأَلَ النَّاسَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى ، فَصُدَاعٌ فِي الرَّأْسِ ، وَدَاءٌ فِي الْبَطْنِ فَقَالَ : أَعْطِنِي مِنَ الصَّدَقَاتِ ، فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَرْضَ بِالصَّدَقَاتِ بِحُكْمِ نَبَيٍّ وَلَا غَيْرِهِ حَتَّى جَزَّأَهَا ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ ، فَإِنْ كُنْتَ مِنْهَا أَعْطَيْتُكَ حَقَّكَ ثُمَّ إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ اعْتَشَى أَوَّلَ اللَّيْلِ فَلَزِمْتُهُ وَجَعَلَ أَصْحَابُهُ يَنْفَتِلُونَ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ غَيْرِي فَلَمَّا تَحَيَّنَ أَذَانُ الصُّبْحِ ، أَمَرَنِي فَأَذَّنْتُ ، وَنَزَلَ يَتَبَرَّزُ ، وَتَلَاحَقَ أَصْحَابُهُ ثُمَّ أَقْبَلَ ، فَقَالَ : أَمَعَكَ مَاءٌ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ قَلِيلٌ لَا يَكْفِيكَ ، قَالَ : صُبَّهُ فِي إِنَاءٍ ثُمَّ ائْتِنِي بِهِ ، فَوَضَعَ كَفَّهُ فِيهِ ، فَرَأَيْتُ بَيْنَ كُلِّ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِهِ عَيْنًا تَفُورُ ، فَقَالَ : لَوْلَا أَنِّي أَسْتَحْيِي لَسَقَيْنَا وَاسْتَقَيْنَا ، نَادِ فِي أَصْحَابِي مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْمَاءَ فَاغْتَرَفَ مَنْ أَحَبَّ ، ثُمَّ إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ ، فَأَرَادَ بِلَالٌ أَنْ يُقِيمَ الصَّلَاةَ ، فَقَالَ : إِنَّ أَخَا صُدَاءَ هُوَ أَذَّنَ وَمَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ فَأَقَمْتُ ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ الصَّلَاةَ أَتَيْتُهُ بِصَحِيفَتِي ، فَقُلْتُ : أَعْفِنِي ، قَالَ : وَمَا بِذَلِكَ ؟ قُلْتُ : سَمِعْتُكَ تَقُولُ : لَا خَيْرَ فِي الْإِمَارَةِ لِرَجُلٍ مُؤْمِنٍ وَقَدْ آمَنْتُ ، وَقُلْتَ : مَنْ سَأَلَ النَّاسَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى فَصُدَاعٌ فِي الرَّأْسِ ، وَدَاءٌ فِي الْبَطْنِ ، وَقَدْ سَأَلْتُكَ وَأَنَا غَنِيٌّ ، قَالَ : هُوَ ذَاكَ فَإِنْ شِئْتَ فَاقْبَلْ ، وَإِنْ شِئْتَ فَدَعْ قُلْتُ : بَلْ أَدَعُ ، قَالَ : فَدُلَّنِي عَلَى رَجُلٍ فَدَلَلْتُهُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْوَفْدِ ، فَقَالُوا لَهُ : إِنَّ لَنَا بِئَرًا إِذَا كَانَ الشِّتَاءُ وَسِعَنَا مَاؤُهَا فَاجْتَمَعْنَا عَلَيْهِ ، وَإِذَا كَانَ الصَّيْفُ قَلَّ مَاؤُهَا فَتَفَرَّقْنَا عَلَى مِيَاهٍ حَوْلَنَا ، وَإِنَّا لَا نَسْتَطِيعُ الْيَوْمَ أَنْ نَتَفَرَّقَ ، كُلُّ مَنْ حَوْلَنَا عَدُوٌّ ، فَادْعُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَسَعَنَا مَاؤُهَا ، فَدَعَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ ، فَفَرَّقَهُنَّ فِي يَدِهِ وَدَعَا ، ثُمَّ قَالَ : إِذَا أَتَيْتُمُوهَا فَأَلْقُوا وَاحِدَةً وَاحِدَةً ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَمَا اسْتَطَاعُوا أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى قَعْرِهَا بَعْدَهَا حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْجُنَيْدِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُعَيْمٍ الْحَضْرَمِيُّ - مِنْ أَهْلِ مِصْرَ - قَالَ : حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ الْحَارِثِ الصُّدَائِيُّ ، صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِحَدِيثٍ ، قَالَ : فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ فَبَايَعْتُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَهُ ، وَقَالَ : وَذَلِكَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ ثُمَّ قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ اعْتَشَى مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ فَلَزِمْتُهُ ، وَكُنْتُ قَوِيًّا وَكَانَ أَصْحَابُهُ يَنْقَطِعُونَ عَنْهُ ، وَذَكَرْنَا فِي الْحَدِيثِ مِثْلَهُ فِي مَعْنَاهُ