سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ وَكِيعٍ ، يَقُولُ : " الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَيْسَ بِمَخْلُوقٍ "
حَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْعَطَّارِ ، سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ وَكِيعٍ ، يَقُولُ : الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَيْسَ بِمَخْلُوقٍ قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ : نَحْنُ كَتَبْنَا الصَّدْرَ وَقَرَأْنَا عَلَيْهِ ، قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ : وَكَانَ قَالَ لَنَا الشَّيْخُ : اذْهَبُوا بِهَذَا الْكِتَابِ إِلَى أَبِي عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَاقَانَ وَكَانَ هُوَ الرَّسُولَ فَاقْرَءُوهُ عَلَيْهِ فَإِنْ أَمَرَكُمْ أَنْ تُنْقِصُوا مِنْهُ شَيْئًا فَانْقُصُوا لَهُ ، وَإِنْ زَادَ شَيْئًا فَرَدُّوهُ إِلَيَّ حَتَّى أَعْرِفَ ذَلِكَ ، فَقَرَأْتُهُ عَلَيْهِ فَقَالَ : يَحْتَاجُ أَنْ يُزَادَ فِيهِ دُعَاءٌ لِلْخَلِيفَةِ فَإِنَّهُ يُسَرُّ بِذَلِكَ فَزِدْنَا فِيهِ هَذَا الدُّعَاءَ . كَتَبَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بْنِ خَاقَانَ إِلَى أَبِي يُخْبِرُهُ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَهُ يَعْنِي الْمُتَوَكِّلَ أَمَرَنِي أَنْ اكْتُبَ إِلَيْكَ أَسْأَلُكَ عَنْ أَمْرِ الْقُرْآنِ لَا مَسْأَلَةَ امْتِحَانٍ وَلَكِنْ مَسْأَلَةَ مَعْرِفَةٍ وَبَصِيرَةٍ وَأَمْلَى عَلَيَّ أَبِي إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى : أَحْسَنَ اللَّهُ عَاقِبَتَكَ أَبَا الْحَسَنِ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا ، وَدَفَعَ عَنْكَ مَكَارَهَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِرَحْمَتِهِ ، فَقَدْ كَتَبْتُ إِلَيْكَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ بِالَّذِي سَأَلَ عَنْهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَيَّدَهُ اللَّهُ مِنْ أَمْرِ الْقُرْآنِ بِمَا حَضَرَنِي ، وَإِنِّي أَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُدِيمَ تَوْفِيقَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَعَزَّهُ اللَّهُ بِتَأْيِيدِهِ ، فَقَدْ كَانَ النَّاسُ فِي خَوْضٍ مِنَ الْبَاطِلِ وَاخْتِلَافٍ شَدِيدٍ يَنْغَمِسُونَ فِيهِ حَتَّى أَفْضَتِ الْخِلَافَةُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَّدَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَنَفَى اللَّهُ تَعَالَى بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَعَزَّهُ اللَّهُ كُلَّ بِدْعَةٍ وَانْجَلَى عَنِ النَّاسِ كُلُّ مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الذُّلِّ وَضِيقِ الْمَحَابِسِ ، فَصَرَفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ كُلَّهُ وَذَهَبَ بِهِ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَعَزَّ اللَّهُ نَصْرَهُ ، وَوَقَعَ ذَلِكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَوْقِعًا عَظِيمًا ، وَدَعَوُا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَأَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَسْتَجِيبَ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صَالِحَ الدُّعَاءِ ، وَأَنْ يُتِمَّ ذَلِكَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَدَامَ اللَّهُ عِزَّهُ وَأَنْ يَزِيدَ فِي نِيَّتِهِ وَيُعِينُهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ قَالَ أَبِي : وَقَدْ ذَكَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ : لَا تَضْرِبُوا كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يُوقِعَ الشَّكَّ فِي قُلُوبِكُمْ ، وَقَدْ ذَكَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : أَنَّ نَفَرًا ، كَانُوا جُلُوسًا بِبَابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كَذَا ؟ قَالَ : فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَخَرَجَ كَأَنَّمَا فُقِئَ فِي وَجْهِهِ حَبُّ الرُّمَّانِ فَقَالَ : أَبِهَذَا أُمِرْتُمْ أَنْ تَضْرِبُوا كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ ، إِنَّمَا ضَلَّتِ الْأُمَمُ قَبْلَكُمْ فِي مِثْلِ هَذَا ، إِنَّكُمْ لَسْتُمْ مِمَّا هَاهُنَا فِي شَيْءٍ ، انْظُرُوا الَّذِي أُمِرْتُمْ بِهِ فَاعْمَلُوا بِهِ ، وَانْظُرُوا الَّذِي نُهِيتُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا عَنْهُ وَرُوِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : مِرَاءٌ فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ وَرُوِي عَنْ أَبِي جُهَيْمٍ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَا تُمَارُوا فِي الْقُرْآنِ فَإِنَّ مِرَاءً فِيهِ كُفْرٌ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَجُلٌ فَجَعَلَ عُمَرُ يَسْأَلُهُ عَنِ النَّاسِ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، قَدْ قَرَأَ الْقُرْآنَ مِنْهُمْ كَذَا وَكَذَا ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ : وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ أَنْ يَتَسَارَعُوا يَوْمَهُمْ هَذَا فِي الْقُرْآنِ هَذِهِ الْمُسَارَعَةَ ، قَالَ : فَزَجَرَنِي عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ : مَهْ ، فَانْطَلَقْتُ إِلَى مَنْزِلِي مُكْتَئِبًا حَزِينًا فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ أَتَانِي رَجُلٌ فَقَالَ : أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَخَرَجْتُ ، فَإِذَا هُوَ بِالْبَابِ يَنْتَظِرُنِي فَأَخَذَ بِيَدِي فَخَلَا بِي ، فَقَالَ : مَا الَّذِي كَرِهْتَ مِمَّا قَالَ الرَّجُلُ آنِفًا ؟ فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَتَى يَتَسَارَعُوا هَذِهِ الْمُسَارَعَةَ يَحْتَقُّوا وَمَتَى يَحْتَقُّوا يَخْتَصِمُوا ، وَمَتَى يَخْتَصِمُوا يَخْتَلِفُوا وَمَتَى يَخْتَلِفُوا يَقْتَتِلُوا ، قَالَ : لِلَّهِ أَبُوكَ ، إِنْ كُنْتُ لَأَكْتُمُهَا النَّاسَ حَتَّى جِئْتَ بِهَا قَالَ أَبِي وَرُوِي عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى النَّاسِ بِالْمَوْقِفِ فَيَقُولُ : هَلْ مِنْ رَجُلٍ يَحْمِلُنِي إِلَى قَوْمِهِ ؛ فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ ، وَرُوِي عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّكُمْ لَنْ تَرْجِعُوا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ يَعْنِي الْقُرْآنَ ، وَرُوِي عَنْ أَبِي إِمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : مَا تَقَرَّبَ الْعِبَادُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمِثْلِ مَا خَرَجَ مِنْهُ يَعْنِي الْقُرْآنَ ، وَرُوِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : جَرِّدُوا الْقُرْآنَ وَلَا تَكْتُبُوا فِيهِ شَيْئًا إِلَّا كَلَامَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَرُوِي عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَضَعُوهُ عَلَى مَوَاضِعِهِ ، وَقَالَ رَجُلٌ لِلْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ : يَا أَبَا سَعِيدٍ أَنِّي إِذَا قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَتَدَبَّرْتُ وَنَظَرْتُ فِي عَمَلِي كِدْتُ أَنْ آيَسَ وَيَنْقَطِعَ رَجَائِي ، قَالَ : فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ : إِنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَعْمَالُ بَنِي آدَمَ إِلَى الضَّعْفِ وَالتَّقْصِيرِ فَاعْمَلْ وَأَبْشِرْ ، وَقَالَ فَرْوَةُ بْنُ نَوْفَلٍ الْأَشْجَعِيُّ : كُنْتُ جَارًا لِخَبَّابٍ وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَخَرَجْتُ مَعَهُ يَوْمًا مِنَ الْمَسْجِدِ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي فَقَالَ : يَا هَنَاهْ تَقَرَّبْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا اسْتَطَعْتَ فَإِنَّكَ لَنْ تَتَقَرَّبَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ كَلَامِهِ ، وَقَالَ رَجُلٌ لِلْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ : مَا حَمَلَ أَهْلَ الْأَهْوَاءِ عَلَى هَذَا ؟ قَالَ : الْخُصُومَاتُ ، وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ وَكَانَ أَبُوهُ مِمَّنْ أَتَى النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِيَّاكُمْ وَهَذِهِ الْخُصُومَاتِ فَإِنَّهَا تُحْبِطُ الْأَعْمَالَ ، وَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ وَكَانَ أَدْرَكَ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا تُجَالِسُوا أَصْحَابَ الْأَهْوَاءِ ، أَوْ قَالَ أَصْحَابَ الْخُصُومَاتِ ؛ فَإِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَغْمِسُوكُمْ فِي ضَلَالَتِهِمْ أَوْ يَلْبِسُوا عَلَيْكُمْ بَعْضَ مَا تَعْرِفُونَ ، وَدَخَلَ رَجُلَانِ مِنْ أَصْحَابِ الْأَهْوَاءِ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ فَقَالَا : يَا أَبَا بَكْرٍ نُحَدِّثُكَ بِحَدِيثٍ قَالَ : لَا ، قَالَا : فَنَقْرَأُ عَلَيْكَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، قَالَ : لَا ، لَتَقُومَانِ عَنِّي أَوْ لَأَقُومَنَّ ، قَالَ : فَقَامَ الرَّجُلَانِ فَخَرَجَا ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ : يَا أَبَا بَكْرٍ مَا كَانَ عَلَيْكَ أَنْ يَقْرَأَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ : إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْرَأَا آيَةً عَلَيَّ فَيُحَرِّفَانِهَا فَيَقِرُّ ذَلِكَ فِي قَلْبِي ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ : لَوْ أَعْلَمُ أَنِّي أَكُونُ مِثْلَ السَّاعَةِ لَتَرَكْتُهُمَا ، وَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ لِأَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ : يَا أَبَا بَكْرٍ أَسْأَلُكَ عَنْ كَلِمَةٍ فَوَلَّى وَهُو يَقُولُ بِيَدِهِ لَا وَلَا نِصْفُ كَلِمَةٍ ، وَقَالَ ابْنُ طَاوُسٍ لِابْنٍ لَهُ وَتَكَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ : يَا بُنَيَّ أَدْخِلْ أُصْبُعَيْكَ فِي أُذُنَيْكَ حَتَّى لَا تَسْمَعَ مَا يَقُولُ ، ثُمَّ قَالَ : اشْدُدْ اشْدُدْ ، وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : مَنْ جَعَلَ دِينَهُ غَرَضًا لِلْخُصُومَاتِ أَكْثَرَ التَّنَقُّلَ ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ : إِنَّ الْقَوْمَ لَمْ يُدَّخَرْ عَنْهُمْ شَيْءٌ خُبِّئَ لَكُمْ لِفَضْلٍ عِنْدَكُمْ ، وَكَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَقُولُ : شَرُّ دَاءٍ خَالَطَ قَلْبًا يَعْنِي الْهَوَى ، وَقَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اتَّقُوا اللَّهَ مَعْشَرَ الْقُرَّاءِ وَخُذُوا طَرِيقَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، وَاللَّهِ لَئِنْ اسْتَقَمْتُمْ لَقَدْ سُبِقْتُمْ سَبْقًا بَعِيدًا ، وَلَئِنْ تَرَكْتُمُوهُ يَمِينًا وَشِمَالًا لَقَدْ ضَلَلْتُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ، أَوْ قَالَ : مُبِينًا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : قَالَ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ : وَإِنَّمَا تَرَكْتُ ذِكْرَ الْأَسَانِيدِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْيَمِينِ الَّتِي حَلَفْتُ بِهَا مِمَا قَدْ عَلِمَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَيَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَوْلَا ذَلِكَ لَذَكَرْتُهَا بِأَسَانِيدِهَا وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {{ وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ }} وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {{ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ }} فَأَخْبَرَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِالْخَلْقِ ثُمَّ قَالَ : {{ وَالْأَمْرُ }} فَأَخْبَرَ أَنَّ الْأَمْرَ غَيْرَ الْخَلْقِ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {{ الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ }} فَأَخْبَرَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّ الْقُرْآنَ مِنْ عِلْمِهِ ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {{ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ }} وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {{ وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةً بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ }} فَالْقُرْآنُ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَفِي هَذِهِ الْآيَاتِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الَّذِيَ جَاءَهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ الْعِلْمِ هُوَ الْقُرْآنُ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {{ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ }} وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرٍ ، وَاحِدٍ ، مِمَّنْ مَضَى مِنْ سَلَفِنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ : الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَيْسَ بِمَخْلُوقٍ وَهُوَ الَّذِي أَذْهَبُ إِلَيْهِ وَلَسْتُ بِصَاحِبِ كَلَامٍ وَلَا أَرَى الْكَلَامَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا إِلَّا مَا كَانَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ فِي حَدِيثٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَوْ عَنْ أَصْحَابِهِ أَوْ عَنِ التَّابِعِينَ ، فَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْكَلَامَ فِيهِ غَيْرُ مَحْمُودٍ ، وَإِنِّي أَسْأَلُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُطِيلَ بَقَاءَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْ يُثَبِّتَهُ وَأَنْ يَمُدَّهُ مِنْهُ بِمَعُونَةٍ ، إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ آخِرُ الرِّسَالَةِ