عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : قَوْلُهُ : {{ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ }} قَالَ : " الْعَبْدُ يَعْمَلُ سِرًّا أَسَرَّهُ إِلَى اللَّهِ فَأَسَرَّ اللَّهُ لَهُ قُرَّةَ عَيْنٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ "
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ , حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ , عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبَانَ , عَنِ الْغِطْرِيفِ , عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : قَوْلُهُ : {{ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ }} قَالَ : الْعَبْدُ يَعْمَلُ سِرًّا أَسَرَّهُ إِلَى اللَّهِ فَأَسَرَّ اللَّهُ لَهُ قُرَّةَ عَيْنٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَالَ تَعَالَى : {{ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى }} فَأَجْمَعَ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّ السِّرَّ : مَا أَسْرَرْتَهُ فِي نَفْسِكَ , وَأَخْفَى مِنْ ذَلِكَ : مَا لَمْ تُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَكَ وَقَالُوا أَقْوَالًا كُلَّهَا تَرْجِعُ إِلَى الْكِتْمَانِ لَا الْإِظْهَارِ وَكَذَلِكَ {{ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ }} يَعْنِي مَا يَسْتُرُونَ وَقَالَ : وَيَعْلَمُ مَا يُخْفُونَ وَمَا يُعْلِنُونَ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : {{ رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ }} وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ , وَالْعَرَبِيَّةِ , وَالشِّعْرِ وَقَالَ تَمِيمُ بْنُ أُبَيٍّ فِيمَا أَنْشَدَنَا عَمْرٌو , عَنْ أَبِيهِ : لَقَدْ طَالَ مَا أَخْفَيْتُ حُبَّكَ فِي الْحَشَا وَفِي الْقَلْبِ حَتَّى كَادَ فِي الْقَلْبِ يَجْرَحُ قَدِيمًا وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ عَالِمٌ وَإِنْ كَانَ مَوْمُوقًا يَوَدُّ وَيَنْصَحُ قَوْلُهُ : تُقْطَعُ الْيَدُ الْمُسْتَخْفِيَةُ هَذَا لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ أَنَّهُ مِنَ الِاسْتِخْفَاءِ : الِاسْتِتَارِ وَالتَّغَيُّبِ , كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {{ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ }} حَدَّثَنَا سَلَمَةُ , عَنِ الْفَرَّاءِ قَالَ : اسْتَخْفَيْتُ مِنْكَ , وَلَا تَقُلِ : اخْتَفَيْتُ أَيْ : اسْتَتَرْتُ , وَأَنْشَدَنَا مُصْعَبٌ : غَلَا التَّمْرُ وَاسْتَخْفَى جُبَيْرٌ وَفَرَّخَتْ عَصَافِيرُ فِي رَاءُوقَةِ الْمُتَثَلِّمِ وَقَالَ آخَرُ : وَإِنَّكُمَا يَا ابْنِي جَنَابٍ وُجِدْتُمَا كَمَنْ دَبَّ يَسْتَخْفِي وَفِي الْحَلْقِ جُلْجُلُ وَأَظُنُّهُمْ سَمَّوُا الْجِنَّ الْخَافِيَ لِاسْتِتَارِهِمْ . أَخْبَرَنِي أَبُو نَصْرٍ , عَنِ الْأَصْمَعِيِّ : الْخَافِي : الْجِنُّ وَالْجَمِيعُ الْخَوَافِي وَالْخَوَافِي مِنَ السَّعَفِ مَا دُونَ الْقِبْلَةِ , وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يُسَمُّونَهَا الْعَوَاهِنَ , وَالْخَوَافِي مَا دُونَ رِيشَاتِ الْعَشْرِ الَّتِي مِنْ مُقَدَّمِ الْجَنَاحِ