• 1314
  • خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ حَاجًّا حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ تَقَدَّمَ ثِقْلَهُ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ فَانْتَهَى إِلَى أَعْرَابِيَّةٍ جَالِسَةٍ عَلَى بَابِ الْخَيْمَةِ ، فَنَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ يَنْتَظِرُ أَصْحَابَهُ ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَدْ نَزَلَ قَامَتْ إِلَيْهِ ، فَقَالَتْ : إِلَيَّ بَوَّأَكَ اللَّهُ مَسَاكِنَ الْأَبْرَارِ ، قَالَ : فَأُعْجِبَ بِمَنْطِقِهَا ، فَتَحَوَّلَ إِلَى بَابِ الْخَيْمَةِ ، فَأَلْقَتْ لَهُ وِسَادَةً مِنْ أَدَمٍ ، فَجَلَسَ عَلَيْهَا ، ثُمَّ قَامَتْ إِلَى عُنَيْزَةٍ لَهَا فِي كُسَرِ الْخَيْمَةِ ، فَمَا شَعَرَ حَتَّى قَدَّمَتْ مِنْهَا عُضْوًا فَجَعَلَ يَنْهَسُ ، وَأَقْبَلَ أَصْحَابُهُ ، فَلَمَّا رَأَوْهُ نَزَلُوا ، فَأَتَتْهُمْ بِالَّذِي بَقِيَ عِنْدَهَا مِنَ الْعَنْزِ ، فَطَعِمُوا ، وَأَخْرَجُوا سُفَرَهُمْ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ : مَا بِنَا إِلَى طَعَامِكُمْ مِنْ حَاجَةٍ سَائِرَ الْيَوْمِ ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْتَحِلَ دَعَا مَوْلَاهُ الَّذِي كَانَ يَلِي نَفَقَتَهُ ، فَقَالَ : هَلْ مَعَكَ مِنْ نَفَقَتِنَا شَيْءٌ ؟ ، قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : وَكَمْ هِيَ ؟ ، قَالَ : أَلْفُ دِينَارٍ ، قَالَ : أَعْطِهَا خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ ، وَاحْتَبِسْ لِنَفْسِكَ مَا يَبْقَى ، قَالَ : فَدَفَعَهُ إِلَيْهَا ، فَأَبَتْ أَنْ تَقْبَلَ ، فَلَمْ يَزَلْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ يُكَلِّمُهَا وَهِيَ تَقُولُ : إِنِّي وَاللَّهِ أَكْرَهُ عَذْلَ بَعْلِي ، فَطَلَبَ إِلَيْهَا عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى قَبِلَتْ ، فَوَدَّعَهَا وَارْتَحَلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنِ اسْتَقْبَلَهُ أَعْرَابِيُّ يَسُوقُ إِبِلًا لَهُ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : مَا أُرَاهُ إِلَّا الْمَحْذُورَ ، فَلَوِ انْطَلَقَ بَعْضُكُمْ فَعَلِمَ لَنَا عِلْمَهُ ثُمَّ لَحِقَنَا ، فَانْطَلَقَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ رَاجِعًا مُتَنَكِّرًا حَتَّى نَزَلَ قَرِيبًا مِنْهُ ، فَلَمَّا أَبْصَرْتِ الْمَرْأَةُ الْأَعْرَابِيَّ مُقْبِلًا قَامَتْ إِلَيْهِ تَغْدَاهُ ، وَتَقُولُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي : {
    }
    تَوَسَّمْتُهُ لَمَّا رَأَيْتُ مَهَابَةً {
    }
    عَلَيْهِ فَقُلْتُ الْمَرْءُ مِنْ آلِ هَاشِمِ {
    }
    {
    }
    وَإِلَّا فَمِنْ آلِ الْمُرَارِ فَإِنَّهُمْ {
    }
    مُلُوكُ مُلُوكٍ مِنْ مُلُوكٍ أَعَاظِمِ {
    }
    {
    }
    فَقُمْتُ إِلَى عَنْزٍ بَقِيَّةِ أَعْنُزٍ {
    }
    فَأَذْبَحُهَا فِعْلَ امْرِئٍ غَيْرِ نَادِمِ {
    }
    فَعَوَّضَنِي عَنْهَا غِنَايَ وَلَمْ تَكُنْ {
    }
    تُسَاوِي لَحْمُ الْعَنْزِ خَمْسَ دَرَاهِمِ {
    }
    {
    }
    بِخَمْسٍ مِئِينَ مِنْ دَنَانِيرَ عُوِّضَتْ {
    }
    مِنَ الْعَنْزِ مَا جَادَتْ بِهِ كَفُّ آدَمِ {
    }
    فَأَظْهَرَتْ لَهُ الدَّنَانِيرَ وَقَصَّتْ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ ، فَقَالَ : بِئْسَ لَعَمْرُ اللَّهِ مَعْقِلُ الْأَضْيَافِ أَنْتِ ، أَبِعْتِ مَعْرُوفَكِ بِمَا أَرَى مِنَ الْأَحْجَارِ ؟ ، فَقَالَتْ : وَاللَّهِ إِنِّي قَدْ كَرِهْتُ ذَلِكَ وَخِفْتُ الْعَذْلَ ، فَقَالَ : يَا هَذِهِ لَمْ تخافِي الْعَارَ ، وَخِفْتِ عَذْلَكِ ؟ ، كَيْفَ أَخَذَ الرَّاكِبُ ؟ ، فَأَشَارَتْ لَهُ إِلَى الطَّرِيقِ ، قَالَ : وَهَذَا بِعَيْنِ الرَّجُلِ الَّذِي أَرْسَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ ، فَقَالَ : أَسْرِجِي لِي فَرَسِي ، قَالَتْ : تَصْنَعُ مَاذَا ؟ قَالَ : أَلْحَقُ الْقَوْمَ فَإِنْ سَلَّمُوا إِلَيَّ مَعْرُوفِي ، وَإِلَّا حَارَبْتُهُمْ ، قَالَتْ : أَنْشُدُكَ اللَّهَ أَنْ تَفْعَلَ فَتَسُوءَهُمْ ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا ضَرْبًا وَقَالَ : رَكَنْتِ إِلَى إمْحَاقَ الْمَعْرُوفِ ، قَالَ : وَرَكِبَ فَرَسَهُ وَأَخَذَ رُمْحَهُ فَجَعَلَ الرَّجُلُ صَاحِبُ عَبْدِ اللَّهِ يَسِيرُ مَعَهُ وَيَقُولُ : مَا أَرَاكَ تُدْرِكُ الْقَوْمَ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ لَآتِيَنَّهُمْ وَلَوْ بَلَغُوا كَذَا وَكَذَا ، فَلَمَّا رَأَى الرَّجُلُ أَنَّهُ غَيْرُ مُنْتَهٍ ، قَالَ : عَلَى رِسْلِكَ أَدْرِكِ الْقَوْمَ ، وَأَخْبِرْهُمْ خَبَرَكَ ، فَتَقَدَّمَ الرَّجُلُ فَأَخْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : كَانَتْ حَذِرَةً مِنَ الْمَشْئُومِ ، قَالَ : وَرَهَقَهُمْ ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ، فَرَدَّ عَلَيْهِ ابْنُ جَعْفَرٍ ، وَأَخْبَرَهُ بِحُسْنِ صَنِيعِ الْمَرْأَةِ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ ذَلِكَ بِتَمَامِهِ ، فَلَمْ يَزَلْ يُكَلِّمُهُ وَسَأَلَهُ فَيَأْبَى ، فَأَبَى الْأَعْرَابِيُّ إِلَّا رَدَّهَا ، فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ اللَّهِ ذَلِكَ قَالَ : لِنَنْظُرْ مَا عِنْدَهُ ، مَا نُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْنَا شَيْءٌ قَدْ أَمْضَيْنَاهُ ، قَالَ : فَقَامَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ، فَتَنَحَّى ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ قَامَ فَرَكِبَ فَرَسَهُ وَأَخْرَجَ قَوْسَهُ وَنَبْلَهُ ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ : مَا هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ ؟ ، فَقَالَ : اسْتَخَرْتُ فِيهِمَا رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي مُحَارَبَتِكُمْ ، قَالَ : فَعَلَامَ عَزَمَ لَكَ مِنْ ذَلِكَ ؟ ، قَالَ : عَزَمَ لِي عَلَيْهِ رُشْدًا أَنْ تَرْتَجِعُوا أَحْجَارَكُمْ وَتُسْلِمُوا لَنَا مَعْرُوفَنَا قَالَ : فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ : نَفْعَلُ ، فَأَمَرَ بِالدَّنَانِيرِ فَقُبِضَتْ ، فَوَلَّى الْأَعْرَابِيُّ مُنْصَرِفًا ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ : أَلَّا نُزَوِّدُكَ طَعَامًا ؟ ، قَالَ : الْحَيُّ قَرِيبٌ ، فَهَلْ مِنْ حَاجَةٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : وَمَا هِيَ ؟ ، قَالَ : الْمَرْأَةُ تُخْبِرُهَا بِسُوءِ فِعْلِكَ بِنَا ، فَاسْتَضْحَكَ الْأَعْرَابِيُّ وَوَلَّى مُنْصَرِفًا ، فَقَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَحَدَّثَهُ حَدِيثَ الْأَعْرَابِيِّ ، فَقَالَ يَزِيدُ : مَا سَمِعْتُ بِأَعْجَبَ مِنْ هَذَا

    حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ الْحَكَمِ الرَّقِّيُّ ، حَدَّثَنَا الْفَيَّاضُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالَ : خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ حَاجًّا حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ تَقَدَّمَ ثِقْلَهُ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ فَانْتَهَى إِلَى أَعْرَابِيَّةٍ جَالِسَةٍ عَلَى بَابِ الْخَيْمَةِ ، فَنَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ يَنْتَظِرُ أَصْحَابَهُ ، فَلَمَّا رَأَتْهُ قَدْ نَزَلَ قَامَتْ إِلَيْهِ ، فَقَالَتْ : إِلَيَّ بَوَّأَكَ اللَّهُ مَسَاكِنَ الْأَبْرَارِ ، قَالَ : فَأُعْجِبَ بِمَنْطِقِهَا ، فَتَحَوَّلَ إِلَى بَابِ الْخَيْمَةِ ، فَأَلْقَتْ لَهُ وِسَادَةً مِنْ أَدَمٍ ، فَجَلَسَ عَلَيْهَا ، ثُمَّ قَامَتْ إِلَى عُنَيْزَةٍ لَهَا فِي كُسَرِ الْخَيْمَةِ ، فَمَا شَعَرَ حَتَّى قَدَّمَتْ مِنْهَا عُضْوًا فَجَعَلَ يَنْهَسُ ، وَأَقْبَلَ أَصْحَابُهُ ، فَلَمَّا رَأَوْهُ نَزَلُوا ، فَأَتَتْهُمْ بِالَّذِي بَقِيَ عِنْدَهَا مِنَ الْعَنْزِ ، فَطَعِمُوا ، وَأَخْرَجُوا سُفَرَهُمْ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ : مَا بِنَا إِلَى طَعَامِكُمْ مِنْ حَاجَةٍ سَائِرَ الْيَوْمِ ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْتَحِلَ دَعَا مَوْلَاهُ الَّذِي كَانَ يَلِي نَفَقَتَهُ ، فَقَالَ : هَلْ مَعَكَ مِنْ نَفَقَتِنَا شَيْءٌ ؟ ، قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : وَكَمْ هِيَ ؟ ، قَالَ : أَلْفُ دِينَارٍ ، قَالَ : أَعْطِهَا خَمْسَمِائَةِ دِينَارٍ ، وَاحْتَبِسْ لِنَفْسِكَ مَا يَبْقَى ، قَالَ : فَدَفَعَهُ إِلَيْهَا ، فَأَبَتْ أَنْ تَقْبَلَ ، فَلَمْ يَزَلْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ يُكَلِّمُهَا وَهِيَ تَقُولُ : إِنِّي وَاللَّهِ أَكْرَهُ عَذْلَ بَعْلِي ، فَطَلَبَ إِلَيْهَا عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى قَبِلَتْ ، فَوَدَّعَهَا وَارْتَحَلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنِ اسْتَقْبَلَهُ أَعْرَابِيُّ يَسُوقُ إِبِلًا لَهُ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : مَا أُرَاهُ إِلَّا الْمَحْذُورَ ، فَلَوِ انْطَلَقَ بَعْضُكُمْ فَعَلِمَ لَنَا عِلْمَهُ ثُمَّ لَحِقَنَا ، فَانْطَلَقَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ رَاجِعًا مُتَنَكِّرًا حَتَّى نَزَلَ قَرِيبًا مِنْهُ ، فَلَمَّا أَبْصَرْتِ الْمَرْأَةُ الْأَعْرَابِيَّ مُقْبِلًا قَامَتْ إِلَيْهِ تَغْدَاهُ ، وَتَقُولُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي : تَوَسَّمْتُهُ لَمَّا رَأَيْتُ مَهَابَةً عَلَيْهِ فَقُلْتُ الْمَرْءُ مِنْ آلِ هَاشِمِ وَإِلَّا فَمِنْ آلِ الْمُرَارِ فَإِنَّهُمْ مُلُوكُ مُلُوكٍ مِنْ مُلُوكٍ أَعَاظِمِ فَقُمْتُ إِلَى عَنْزٍ بَقِيَّةِ أَعْنُزٍ فَأَذْبَحُهَا فِعْلَ امْرِئٍ غَيْرِ نَادِمِ فَعَوَّضَنِي عَنْهَا غِنَايَ وَلَمْ تَكُنْ تُسَاوِي لَحْمُ الْعَنْزِ خَمْسَ دَرَاهِمِ بِخَمْسٍ مِئِينَ مِنْ دَنَانِيرَ عُوِّضَتْ مِنَ الْعَنْزِ مَا جَادَتْ بِهِ كَفُّ آدَمِ فَأَظْهَرَتْ لَهُ الدَّنَانِيرَ وَقَصَّتْ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ ، فَقَالَ : بِئْسَ لَعَمْرُ اللَّهِ مَعْقِلُ الْأَضْيَافِ أَنْتِ ، أَبِعْتِ مَعْرُوفَكِ بِمَا أَرَى مِنَ الْأَحْجَارِ ؟ ، فَقَالَتْ : وَاللَّهِ إِنِّي قَدْ كَرِهْتُ ذَلِكَ وَخِفْتُ الْعَذْلَ ، فَقَالَ : يَا هَذِهِ لَمْ تخافِي الْعَارَ ، وَخِفْتِ عَذْلَكِ ؟ ، كَيْفَ أَخَذَ الرَّاكِبُ ؟ ، فَأَشَارَتْ لَهُ إِلَى الطَّرِيقِ ، قَالَ : وَهَذَا بِعَيْنِ الرَّجُلِ الَّذِي أَرْسَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ ، فَقَالَ : أَسْرِجِي لِي فَرَسِي ، قَالَتْ : تَصْنَعُ مَاذَا ؟ قَالَ : أَلْحَقُ الْقَوْمَ فَإِنْ سَلَّمُوا إِلَيَّ مَعْرُوفِي ، وَإِلَّا حَارَبْتُهُمْ ، قَالَتْ : أَنْشُدُكَ اللَّهَ أَنْ تَفْعَلَ فَتَسُوءَهُمْ ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهَا ضَرْبًا وَقَالَ : رَكَنْتِ إِلَى إمْحَاقَ الْمَعْرُوفِ ، قَالَ : وَرَكِبَ فَرَسَهُ وَأَخَذَ رُمْحَهُ فَجَعَلَ الرَّجُلُ صَاحِبُ عَبْدِ اللَّهِ يَسِيرُ مَعَهُ وَيَقُولُ : مَا أَرَاكَ تُدْرِكُ الْقَوْمَ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ لَآتِيَنَّهُمْ وَلَوْ بَلَغُوا كَذَا وَكَذَا ، فَلَمَّا رَأَى الرَّجُلُ أَنَّهُ غَيْرُ مُنْتَهٍ ، قَالَ : عَلَى رِسْلِكَ أَدْرِكِ الْقَوْمَ ، وَأَخْبِرْهُمْ خَبَرَكَ ، فَتَقَدَّمَ الرَّجُلُ فَأَخْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : كَانَتْ حَذِرَةً مِنَ الْمَشْئُومِ ، قَالَ : وَرَهَقَهُمْ ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ، فَرَدَّ عَلَيْهِ ابْنُ جَعْفَرٍ ، وَأَخْبَرَهُ بِحُسْنِ صَنِيعِ الْمَرْأَةِ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ ذَلِكَ بِتَمَامِهِ ، فَلَمْ يَزَلْ يُكَلِّمُهُ وَسَأَلَهُ فَيَأْبَى ، فَأَبَى الْأَعْرَابِيُّ إِلَّا رَدَّهَا ، فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ اللَّهِ ذَلِكَ قَالَ : لِنَنْظُرْ مَا عِنْدَهُ ، مَا نُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَيْنَا شَيْءٌ قَدْ أَمْضَيْنَاهُ ، قَالَ : فَقَامَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ، فَتَنَحَّى ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ قَامَ فَرَكِبَ فَرَسَهُ وَأَخْرَجَ قَوْسَهُ وَنَبْلَهُ ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ : مَا هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ ؟ ، فَقَالَ : اسْتَخَرْتُ فِيهِمَا رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فِي مُحَارَبَتِكُمْ ، قَالَ : فَعَلَامَ عَزَمَ لَكَ مِنْ ذَلِكَ ؟ ، قَالَ : عَزَمَ لِي عَلَيْهِ رُشْدًا أَنْ تَرْتَجِعُوا أَحْجَارَكُمْ وَتُسْلِمُوا لَنَا مَعْرُوفَنَا قَالَ : فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ : نَفْعَلُ ، فَأَمَرَ بِالدَّنَانِيرِ فَقُبِضَتْ ، فَوَلَّى الْأَعْرَابِيُّ مُنْصَرِفًا ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ : أَلَّا نُزَوِّدُكَ طَعَامًا ؟ ، قَالَ : الْحَيُّ قَرِيبٌ ، فَهَلْ مِنْ حَاجَةٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : وَمَا هِيَ ؟ ، قَالَ : الْمَرْأَةُ تُخْبِرُهَا بِسُوءِ فِعْلِكَ بِنَا ، فَاسْتَضْحَكَ الْأَعْرَابِيُّ وَوَلَّى مُنْصَرِفًا ، فَقَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَحَدَّثَهُ حَدِيثَ الْأَعْرَابِيِّ ، فَقَالَ يَزِيدُ : مَا سَمِعْتُ بِأَعْجَبَ مِنْ هَذَا

    ثقله: الثقل : متاع المسافر وحشمه وما يحمله على الدواب
    راحلته: الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
    الأبرار: الأبرار : جمع بر وهم الأتقياء والصالحون
    أدم: الأدم : الجلد المدبوغ
    بعلي: البعل : الزوج
    مهابة: الهيبة : من هابَ الشَّيءَ يَهابُه إذا خَافَهُ وإذا وَقَّرَهُ وعَظَّمَه.
    العنز: العنز : الأنثى من المعز والظباء
    لعمر الله: لعمر الله : قسم وحلف بالله وبقائه ودوامه
    معقل: المعقل : الملجأ والحصن
    أسرجي: أسرج الدابة : شد عليها السرج
    رسلك: على رسلك : تمهل ولا تعجل
    فأبى: أبى : رفض وامتنع، واشتد على غيره
    ونبله: النبل : السهام
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات