أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ " أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ يَوْمًا لِمَنْ حَضَرَ مِنْ جُلَسَائِهِ : اذْكُرُوا شَيْئًا مِنْ حَدِيثِ الْجِنِّ فَقَالَ رَجُلٌ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، خَرَجْتُ وَصَاحِبَانِ لِي نُرِيدُ الشَّامَ فَأَصَبْنَا ظَبْيَةً عَضْبَاءَ فَأَدْرَكَنَا رَاكِبٌ مِنْ خَلْفِنَا وَكُنَّا أَرْبَعَةً فَقَالَ : خَلِّ سَبِيلَهَا فَقُلْتُ : لَا لَعَمْرُكَ لَا أُخَلِّي سَبِيلَهَا قَالَ : فَوَاللَّهِ لَرُبَّمَا رَأَيْتُنَا فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ وَنَحْنُ أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةٍ فَيَخْطَفُ بَعْضُنَا بَعْضًا فَأَذْهَلَنِي مَا كَانَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى نَزَلْنَا دَيْرًا يُقَالُ لَهُ دَيْرُ الْعِنِّينِ فَارْتَحَلْنَا وَهِيَ مَعَنَا فَإِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ يَقُولُ : {
} يَا أَيُّهَا الرَّكْبُ السِّرَاعُ الْأَرْبَعَهْ {
}خَلُّوا سَبِيلَ النَّافِرِ الْمُرَوَّعَهْ {
}{
} مَهْلًا عَنِ الْعَضْبَا فَفِي الْأَرْضِ سَعَهْ {
}وَلَا أَقُولُ قَوْلَ كَذُوبٍ إِمَّعَهْ {
}. قَالَ : فَخَلَّيْنَا سَبِيلَهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَعُرِضَ لِأَزِمَّةِ رِكَابِنَا فَأُمِيلَ بِنَا إِلَى حَيٍّ عَظِيمٍ فَأُمِيلَ عَلَيْنَا طَعَامٌ وَشَرَابٌ ثُمَّ مَضَيْنَا حَتَّى أَتَيْنَا الشَّامَ وَقَضَيْنَا حَوَائِجَنَا ثُمَّ رَجَعْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْمَكَانِ الَّذِي مِيلَ بِنَا إِلَيْهِ إِذَا أَرْضٌ قَفْرٌ لَيْسَ بِهَا سَفْرٌ فَأَيْقَنْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُمْ حَيٌّ مِنَ الْجِنِّ فَأَقْبَلْتُ سَائِرًا إِلَى الدَّيْرِ فَإِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ : {
} إِيَّاكَ لَا تَعْجَلْ وَخُذْهَا عَنْ ثِقَهْ {
}أَسِيرُ سَيْرَ الْجِدِّ يَوْمَ الْحَقْحَقَهْ {
}{
} قَدْ لَاحَ نَجْمٌ وَاسْتَوَى بِمَشْرِقِهْ {
}ذُو ذَنَبٍ كَالشُّعْلَةِ الْمُحَرَّقَهْ {
}{
} يَخْرُجُ مِنْ ظَلْمَاءَ عُسْرٍ مُوبِقَهْ {
}إِنِّي امْرُؤٌ أَنْبَاؤُهُ مُصَدَّقَهْ {
}فَأَقْبَلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ظَهَرَ وَدَعَا إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمْتُ ، قَالَ رَجُلٌ : وَأَنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ خَرَجْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي نُرِيدُ حَاجَةً لَنَا فَإِذَا شَخْصٌ رَاكِبٌ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَّا عَنْ مَزْجَرِ الْكَلْبِ هَتَفَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ : {
} يَا أَحْمَدُ يَا أَحْمَدْ {
}اللَّهُ أَعْلَى وَأَمْجَدْ {
}{
} مُحَمَّدٌ أَتَانَا {
}بِمِلَّةٍ تُوَحِّدْ {
}{
} يَدْعُو الْمَلَا لِخَيْرٍ {
}ثُمَّ إِلَيْهِ فَاعْمَدْ {
}فَرَاعَنَا ذَلِكَ فَأَجَابَهُ صَوْتٌ عَنْ يَسَارِهِ : {
} أَنْجَزَ مَا وَعَدَ مِنْ شَقِّ الْقَمَرْ {
}اللَّهُ أَكْبَرُ النَّبِيُّ قَدْ ظَهَرْ {
}. فَأَقْبَلْتُ فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ظَهَرَ وَدَعَا إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمْتُ فَقَالَ عُمَرُ : أَنَا كُنْتُ عِنْدَ ذَبْحٍ لَهُمْ إِذْ هَتَفَ هَاتِفٌ مِنْ جَوْفِهِ يَالَذُرَيْحٍ يَالَذُرَيْحٍ صَائِحٌ يَصِيحُ بِأَمْرٍ فَلِيحٍ وَرُشْدٍ نَجِيحٍ يَقُولُ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَأَقْبَلْتُ فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ ظَهَرَ وَدَعَا إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمْتُ ، وَقَالَ خُرَيْمُ بْنُ فَاتِكٍ : وَأَنَا أَضْلَلْتُ إِبِلًا لِي فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِهِنَّ حَتَّى كُنْتُ بِأَبْرَقِ الْعَزَّافِ فَأَنَخْتُ رَاحِلَتِي ثُمَّ عَقَلْتُهَا ثُمَّ أَنْشَأْتُ أَقُولُ : أَعُوذُ بِسَيِّدِ هَذَا الْوَادِي أَعُوذُ بِعَظِيمِ هَذَا الْوَادِي ثُمَّ وَضَعْتُ رَأْسِي عَلَى جَمَلِي فَإِذَا هَاتِفٌ مِنَ اللَّيْلِ يَهْتِفُ وَيَقُولُ : {
} أَلَا فَعُذْ بِاللَّهِ ذِي الْجَلَالِ {
}ثُمَّ اقْرَأْ آيَاتٍ مِنَ الْأَنْفَالِ {
}{
} وَوَحِّدِ اللَّهَ وَلَا تُبَالِ {
}مَا هَوَّلُ الْجِنُّ مِنَ الْأَهْوَالِ {
}فَانْتَبَهْتُ فَزِعًا فَقُلْتُ : {
} يَا أَيُّهَا الْهَاتِفُ مَا تَقُولُ {
}أَرُشْدٌ عِنْدَكَ أَمْ تَضْلِيلُ {
}فَأَجَابَنِي : {
} هَذَا رَسُولُ اللَّهِ ذُو الْخَيْرَاتِ {
} بِيَثْرِبٍ يَدْعُو إِلَى النَّجَاةِ {
}{
} وَيَزَعُ النَّاسَ عَنِ الْهَنَاتِ {
}يَأْمُرُ بِالصَّوْمِ وَبِالصَّلَاةِ {
}فَوَقَعَ قَوْلُهُ فِي قَلْبِي فَقُمْتُ إِلَى جَمَلِي فَحَلَلْتُ عِقَالَهُ ثُمَّ اسْتَوَيْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ : {
} فَأَرْشِدَنِّي رُشْدًا هُدِيتَا {
}لَا جُعْتَ مَا عِشْتَ وَلَا عَرِيتَا {
}{
} بَيِّنْ لِيَ الرُّشْدَ الَّذِي أُوتِيتَا {
}فَأَجَابَنِي : {
} صَاحَبَكُ اللَّهُ وَسَلَّمَ نَفْسَكَا {
}وَعَظَّمَ الْأَجْرَ وَأَدِّ رَحْلَكَا {
}{
} آمِنْ بِهِ أَفْلَحَ رَبِّي كَعْبَكَا {
}وَابْذَلْ لَهُ حَتَّى الْمَمَاتِ نَصْرَكَا {
}قَالَ : فَقُلْتُ : مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : أَنَا مَالِكُ بْنُ مَالِكٍ سَيِّدُ أَهْلِ نَجْدٍ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآمَنْتُ بِهِ وَأَسْلَمْتُ عَلَى يَدَيْهِ وَأَرْسَلَنِي إِلَى جِنِّ نَجْدٍ أَدْعُوَهُمْ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَطَاعَتِهِ فَالْحَقْ بِهِمْ يَا خُرَيْمُ وَآمِنْ بِهِ فَأَمَّا إِبِلُكَ فَقَدْ كُفِيتَهَا حَتَّى تَأْتِيَكَ فِي أَهْلِكَ قَالَ : فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ وَجِئْتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَوَافَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقُلْتُ : أَنُيِخُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ فَإِذَا صَلَّى دَخَلْتُ فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ فَلَمَّا أَنَخْتُ رَاحِلَتِي إِذَا أَبُو ذَرٍّ قَدْ خَرَجَ لِي فَقَالَ : يَا خُرَيْمُ مَرْحَبًا بِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَنِي إِلَيْكَ وَهُوَ يَقُولُ : " مَرْحَبًا قَدْ بَلَغَنِي إِسْلَامُكَ ادْخُلْ فَصَلِّ مَعَ النَّاسِ " فَدَخَلْتُ فَصَلَّيْتُ مَعَ النَّاسِ ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ فَقَالَ : " قَدْ وَفَّى لَكَ صَاحِبُكَ وَقَدْ بَلَّغَ لَكَ الْإِبِلَ وَهِيَ بِمَنْزِلِكَ "
حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ زِبْرِيقٍ ، حَدَّثَنِي ابْنُ الْحَارِثِ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ يَوْمًا لِمَنْ حَضَرَ مِنْ جُلَسَائِهِ : اذْكُرُوا شَيْئًا مِنْ حَدِيثِ الْجِنِّ فَقَالَ رَجُلٌ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، خَرَجْتُ وَصَاحِبَانِ لِي نُرِيدُ الشَّامَ فَأَصَبْنَا ظَبْيَةً عَضْبَاءَ فَأَدْرَكَنَا رَاكِبٌ مِنْ خَلْفِنَا وَكُنَّا أَرْبَعَةً فَقَالَ : خَلِّ سَبِيلَهَا فَقُلْتُ : لَا لَعَمْرُكَ لَا أُخَلِّي سَبِيلَهَا قَالَ : فَوَاللَّهِ لَرُبَّمَا رَأَيْتُنَا فِي هَذِهِ الطَّرِيقِ وَنَحْنُ أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةٍ فَيَخْطَفُ بَعْضُنَا بَعْضًا فَأَذْهَلَنِي مَا كَانَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى نَزَلْنَا دَيْرًا يُقَالُ لَهُ دَيْرُ الْعِنِّينِ فَارْتَحَلْنَا وَهِيَ مَعَنَا فَإِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ يَقُولُ : يَا أَيُّهَا الرَّكْبُ السِّرَاعُ الْأَرْبَعَهْ خَلُّوا سَبِيلَ النَّافِرِ الْمُرَوَّعَهْ مَهْلًا عَنِ الْعَضْبَا فَفِي الْأَرْضِ سَعَهْ وَلَا أَقُولُ قَوْلَ كَذُوبٍ إِمَّعَهْ . قَالَ : فَخَلَّيْنَا سَبِيلَهَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَعُرِضَ لِأَزِمَّةِ رِكَابِنَا فَأُمِيلَ بِنَا إِلَى حَيٍّ عَظِيمٍ فَأُمِيلَ عَلَيْنَا طَعَامٌ وَشَرَابٌ ثُمَّ مَضَيْنَا حَتَّى أَتَيْنَا الشَّامَ وَقَضَيْنَا حَوَائِجَنَا ثُمَّ رَجَعْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْمَكَانِ الَّذِي مِيلَ بِنَا إِلَيْهِ إِذَا أَرْضٌ قَفْرٌ لَيْسَ بِهَا سَفْرٌ فَأَيْقَنْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُمْ حَيٌّ مِنَ الْجِنِّ فَأَقْبَلْتُ سَائِرًا إِلَى الدَّيْرِ فَإِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ : إِيَّاكَ لَا تَعْجَلْ وَخُذْهَا عَنْ ثِقَهْ أَسِيرُ سَيْرَ الْجِدِّ يَوْمَ الْحَقْحَقَهْ قَدْ لَاحَ نَجْمٌ وَاسْتَوَى بِمَشْرِقِهْ ذُو ذَنَبٍ كَالشُّعْلَةِ الْمُحَرَّقَهْ يَخْرُجُ مِنْ ظَلْمَاءَ عُسْرٍ مُوبِقَهْ إِنِّي امْرُؤٌ أَنْبَاؤُهُ مُصَدَّقَهْ فَأَقْبَلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِذَا النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ ظَهَرَ وَدَعَا إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمْتُ ، قَالَ رَجُلٌ : وَأَنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ خَرَجْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي نُرِيدُ حَاجَةً لَنَا فَإِذَا شَخْصٌ رَاكِبٌ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَّا عَنْ مَزْجَرِ الْكَلْبِ هَتَفَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ : يَا أَحْمَدُ يَا أَحْمَدْ اللَّهُ أَعْلَى وَأَمْجَدْ مُحَمَّدٌ أَتَانَا بِمِلَّةٍ تُوَحِّدْ يَدْعُو الْمَلَا لِخَيْرٍ ثُمَّ إِلَيْهِ فَاعْمَدْ فَرَاعَنَا ذَلِكَ فَأَجَابَهُ صَوْتٌ عَنْ يَسَارِهِ : أَنْجَزَ مَا وَعَدَ مِنْ شَقِّ الْقَمَرْ اللَّهُ أَكْبَرُ النَّبِيُّ قَدْ ظَهَرْ . فَأَقْبَلْتُ فَإِذَا النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ ظَهَرَ وَدَعَا إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمْتُ فَقَالَ عُمَرُ : أَنَا كُنْتُ عِنْدَ ذَبْحٍ لَهُمْ إِذْ هَتَفَ هَاتِفٌ مِنْ جَوْفِهِ يَالَذُرَيْحٍ يَالَذُرَيْحٍ صَائِحٌ يَصِيحُ بِأَمْرٍ فَلِيحٍ وَرُشْدٍ نَجِيحٍ يَقُولُ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَأَقْبَلْتُ فَإِذَا النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَ ظَهَرَ وَدَعَا إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمْتُ ، وَقَالَ خُرَيْمُ بْنُ فَاتِكٍ : وَأَنَا أَضْلَلْتُ إِبِلًا لِي فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِهِنَّ حَتَّى كُنْتُ بِأَبْرَقِ الْعَزَّافِ فَأَنَخْتُ رَاحِلَتِي ثُمَّ عَقَلْتُهَا ثُمَّ أَنْشَأْتُ أَقُولُ : أَعُوذُ بِسَيِّدِ هَذَا الْوَادِي أَعُوذُ بِعَظِيمِ هَذَا الْوَادِي ثُمَّ وَضَعْتُ رَأْسِي عَلَى جَمَلِي فَإِذَا هَاتِفٌ مِنَ اللَّيْلِ يَهْتِفُ وَيَقُولُ : أَلَا فَعُذْ بِاللَّهِ ذِي الْجَلَالِ ثُمَّ اقْرَأْ آيَاتٍ مِنَ الْأَنْفَالِ وَوَحِّدِ اللَّهَ وَلَا تُبَالِ مَا هَوَّلُ الْجِنُّ مِنَ الْأَهْوَالِ فَانْتَبَهْتُ فَزِعًا فَقُلْتُ : يَا أَيُّهَا الْهَاتِفُ مَا تَقُولُ أَرُشْدٌ عِنْدَكَ أَمْ تَضْلِيلُ فَأَجَابَنِي : هَذَا رَسُولُ اللَّهِ ذُو الْخَيْرَاتِ بِيَثْرِبٍ يَدْعُو إِلَى النَّجَاةِ وَيَزَعُ النَّاسَ عَنِ الْهَنَاتِ يَأْمُرُ بِالصَّوْمِ وَبِالصَّلَاةِ فَوَقَعَ قَوْلُهُ فِي قَلْبِي فَقُمْتُ إِلَى جَمَلِي فَحَلَلْتُ عِقَالَهُ ثُمَّ اسْتَوَيْتُ عَلَيْهِ وَقُلْتُ : فَأَرْشِدَنِّي رُشْدًا هُدِيتَا لَا جُعْتَ مَا عِشْتَ وَلَا عَرِيتَا بَيِّنْ لِيَ الرُّشْدَ الَّذِي أُوتِيتَا فَأَجَابَنِي : صَاحَبَكُ اللَّهُ وَسَلَّمَ نَفْسَكَا وَعَظَّمَ الْأَجْرَ وَأَدِّ رَحْلَكَا آمِنْ بِهِ أَفْلَحَ رَبِّي كَعْبَكَا وَابْذَلْ لَهُ حَتَّى الْمَمَاتِ نَصْرَكَا قَالَ : فَقُلْتُ : مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : أَنَا مَالِكُ بْنُ مَالِكٍ سَيِّدُ أَهْلِ نَجْدٍ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَآمَنْتُ بِهِ وَأَسْلَمْتُ عَلَى يَدَيْهِ وَأَرْسَلَنِي إِلَى جِنِّ نَجْدٍ أَدْعُوَهُمْ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَطَاعَتِهِ فَالْحَقْ بِهِمْ يَا خُرَيْمُ وَآمِنْ بِهِ فَأَمَّا إِبِلُكَ فَقَدْ كُفِيتَهَا حَتَّى تَأْتِيَكَ فِي أَهْلِكَ قَالَ : فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ وَجِئْتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَوَافَيْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقُلْتُ : أَنُيِخُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ فَإِذَا صَلَّى دَخَلْتُ فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ فَلَمَّا أَنَخْتُ رَاحِلَتِي إِذَا أَبُو ذَرٍّ قَدْ خَرَجَ لِي فَقَالَ : يَا خُرَيْمُ مَرْحَبًا بِكَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعَثَنِي إِلَيْكَ وَهُوَ يَقُولُ : مَرْحَبًا قَدْ بَلَغَنِي إِسْلَامُكَ ادْخُلْ فَصَلِّ مَعَ النَّاسِ فَدَخَلْتُ فَصَلَّيْتُ مَعَ النَّاسِ ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ فَقَالَ : قَدْ وَفَّى لَكَ صَاحِبُكَ وَقَدْ بَلَّغَ لَكَ الْإِبِلَ وَهِيَ بِمَنْزِلِكَ