عَنْ عَمَّارِ بْنِ سَعِيدٍ ، قَالَ : مَرَّ الْمَسِيحُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَرْيَةٍ فَإِذَا أَهْلُهَا مَوْتَى فِي الْأَفْنِيَةِ وَالطُّرُقِ ، فَقَالَ لَهُمْ : " يَا مَعْشَرَ الْحَوَارِيِّينَ إِنَّ هَؤُلَاءِ مَاتُوا عَنْ سَخْطَةٍ ، وَلَوْ مَاتُوا عَنْ غَيْرِ ذَلِكَ لَتَدَافَنُوا " ، قَالُوا : يَا رُوحَ اللَّهِ وَدِدْنَا أَنَّا عَلِمْنَا خَبَرَهُمْ . فَسَأَلَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ : " إِذَا كَانَ اللَّيْلُ فَنَادِهِمْ يُجِيبُوكَ " ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ أَشْرَفَ عَلَى نَشْزٍ ثُمَّ نَادَى : " يَا أَهْلَ الْقَرْيَةِ " فَأَجَابَهُ مُجِيبٌ : لَبَّيْكَ يَا رُوحَ اللَّهِ ، فَقَالَ : " مَا حَالُكُمْ ؟ وَمَا قِصَّتُكُمْ ؟ " قَالُوا : أَمْسَيْنَا فِي عَافِيَةٍ ، وَأَصْبَحْنَا فِي الْهَاوِيَةِ . قَالَ : " وَكَيْفَ ذَلِكَ " قَالَ : لِحُبِّنَا الدُّنْيَا ، وَطَاعَتِنَا أَهْلَ الْمَعَاصِي . قَالَ : " وَكَيْفَ كَانَ حُبُّكُمْ لِلدُّنْيَا ؟ " قَالَ : حُبُّ الصَّبِيِّ لِأُمِّهِ ، إِذَا أَقْبَلَتْ فَرِحْنَا ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ حَزِنًا وَبَكَيْنَا . قَالَ : " فَمَا بَالُ أَصْحَابِكَ لَمْ يُجِيبُونِي ؟ " قَالَ : لِأَنَّهُمْ مُلْجَمُونَ بِلُجُمٍ مِنْ نَارٍ ، بِأَيْدِي مَلَائِكَةٍ غِلَاظٍ شِدَادٍ . قَالَ : " فَكَيْفَ أَجَبْتَنِي أَنْتَ مِنْ بَيْنِهِمْ ؟ " قَالَ : لِأَنِّي كُنْتُ فِيهِمْ وَلَمْ أَكُنْ مِنْهُمْ ، فَلَمَّا نَزَلَ الْعَذَابُ أَصَابَنِي مَعَهُمْ ، فَأَنَا مُعَلَّقٌ عَلَى شَفِيرِ جَهَنَّمَ ، لَا أَدْرِي أَنْجُو مِنْهَا أَمْ أُكَبْكَبُ فِيهَا ؟ ، فَقَالَ الْمَسِيحُ لِلْحَوَارِيِّينَ : " لَأَكْلُ خُبْزِ الشَّعِيرِ بِالْمِلْحِ الْجَرِيشِ ، وَلُبْسُ الْمُسُوحِ ، وَالنَّوْمُ عَلَى الْمَزَابِلِ كَثِيرٌ مَعَ عَافِيَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ "
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْمُزَنِيُّ ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ سَعِيدٍ ، قَالَ : مَرَّ الْمَسِيحُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَرْيَةٍ فَإِذَا أَهْلُهَا مَوْتَى فِي الْأَفْنِيَةِ وَالطُّرُقِ ، فَقَالَ لَهُمْ : يَا مَعْشَرَ الْحَوَارِيِّينَ إِنَّ هَؤُلَاءِ مَاتُوا عَنْ سَخْطَةٍ ، وَلَوْ مَاتُوا عَنْ غَيْرِ ذَلِكَ لَتَدَافَنُوا ، قَالُوا : يَا رُوحَ اللَّهِ وَدِدْنَا أَنَّا عَلِمْنَا خَبَرَهُمْ . فَسَأَلَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ : إِذَا كَانَ اللَّيْلُ فَنَادِهِمْ يُجِيبُوكَ ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ أَشْرَفَ عَلَى نَشْزٍ ثُمَّ نَادَى : يَا أَهْلَ الْقَرْيَةِ فَأَجَابَهُ مُجِيبٌ : لَبَّيْكَ يَا رُوحَ اللَّهِ ، فَقَالَ : مَا حَالُكُمْ ؟ وَمَا قِصَّتُكُمْ ؟ قَالُوا : أَمْسَيْنَا فِي عَافِيَةٍ ، وَأَصْبَحْنَا فِي الْهَاوِيَةِ . قَالَ : وَكَيْفَ ذَلِكَ قَالَ : لِحُبِّنَا الدُّنْيَا ، وَطَاعَتِنَا أَهْلَ الْمَعَاصِي . قَالَ : وَكَيْفَ كَانَ حُبُّكُمْ لِلدُّنْيَا ؟ قَالَ : حُبُّ الصَّبِيِّ لِأُمِّهِ ، إِذَا أَقْبَلَتْ فَرِحْنَا ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ حَزِنًا وَبَكَيْنَا . قَالَ : فَمَا بَالُ أَصْحَابِكَ لَمْ يُجِيبُونِي ؟ قَالَ : لِأَنَّهُمْ مُلْجَمُونَ بِلُجُمٍ مِنْ نَارٍ ، بِأَيْدِي مَلَائِكَةٍ غِلَاظٍ شِدَادٍ . قَالَ : فَكَيْفَ أَجَبْتَنِي أَنْتَ مِنْ بَيْنِهِمْ ؟ قَالَ : لِأَنِّي كُنْتُ فِيهِمْ وَلَمْ أَكُنْ مِنْهُمْ ، فَلَمَّا نَزَلَ الْعَذَابُ أَصَابَنِي مَعَهُمْ ، فَأَنَا مُعَلَّقٌ عَلَى شَفِيرِ جَهَنَّمَ ، لَا أَدْرِي أَنْجُو مِنْهَا أَمْ أُكَبْكَبُ فِيهَا ؟ ، فَقَالَ الْمَسِيحُ لِلْحَوَارِيِّينَ : لَأَكْلُ خُبْزِ الشَّعِيرِ بِالْمِلْحِ الْجَرِيشِ ، وَلُبْسُ الْمُسُوحِ ، وَالنَّوْمُ عَلَى الْمَزَابِلِ كَثِيرٌ مَعَ عَافِيَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ أَنْشَدَنِي صَاحِبٌ لَنَا : مَنَعَ الْهَوَى مِنْ كَاعِبٍ وَمُدَامِ نُورُ الْمَشِيبِ وَوَاعِظُ الْإِسْلَامِ وَلَقَدْ أُرَانِي وَالْحَوَادِثُ جَمَّةٌ لَا تَسْتَفِيقُ جَهَالَتِي وَغَرَامِي فَالْيَوْمَ أَقْصَرَ بَاطِلِي وَأَرَحْتُ مِنْ سَعْيِ الْوُشَاةِ وَأَلْسُنِ اللُّوَّامِ وَعَرَفْتُ أَنِّي لَا مَحَالَةَ شَارِبٌ عُجِّلْتُ أَوْ أُخِّرْتُ كَأْسَ حِمَامِي أَيْنَ الْمُلُوكُ النَّاعِمُونَ وَأَيْنَ مَنْ مَثَلَ الرِّجَالُ لَهُ عَلَى الْأَقْدَامِ أَيْنَ الْأُلَى اقْتَادُوا الْجِيَادَ عَلَى الْوَحَا لُحُقَ الْبُطْونِ كَأَنَّهُمْ دُوَّامِي مَنْشُورَةٌ خِرَقُ الدِّرَفْسِ تَظُلُّهُمْ فِي كُلِّ مُشْتَجِرِ الْوَشِيجِ لُهَامِ وَتَمِيلُ فِي يَوْمِ الْمَقَامِ عَلَيْهِمُ كَأْسُ الْمُدَامِ مَنَاصِفُ الْخُدَّامِ فَأُدِيلَتِ الْأَيَّامُ مِنْ سَرَوَاتِهِمْ مَنْ ذَا يَقُومُ لِدَوْلَةِ الْأَيَّامِ دُوَلٌ تُوَلِّجُ فِي الْوُكُورِ سِهَامَهَا وَعَلَى ابْنِ مَاءِ اللُّجَّةِ الْعَوَّامِ وَلَرُبَّ سُبْرُوتٍ أَفَادَتْهُ غِنًى وَأَخِي غِنًى صَبَّحْنَ بِالْإِعْدَامِ فَعَزَاءُ ذِي لُبٍّ عَنِ الدَّارِ الَّتِي لَيْسَتْ لِذِي لُبٍّ بِدَارِ مَقَامِ