كَتَبَتْ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ إِلَى إِبْرَاهِيمَ ، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ مُجَاوِرًا بِمَكَّةَ تَسْأَلُهُ الْقُدُومَ عَلَيْهَا ، فَكَتَبَ إِلَيْهَا بِكِتَابٍ فِيهِ : " إِنَّ مَرْوَ الَّتِي يُعْجِبُكِ مُلَاقَاتِي إِيَّاكِ فِيهَا لَيْسَتْ بِدَارِ دَوَامٍ ، وَلَكِنَّ مَرْوَ مَنْزِلُ أَسْفَارٍ وَأَبْنَاءِ سَبِيلٍ ، الْمَقَامُ فِيهَا بِبِرِّ الْأُمَّهَاتِ وَالْأَوْلَادِ يَسِيرٌ حَتَّى يَصِيرُوا مِنْهَا إِلَى دَارَيْنِ : إِحْدَاهُمَا فُرْقَةٌ لَا تَوَاصُلَ فِيهَا ، وَالْأُخْرَى صِلَةٌ لَا تَفَرُّقَ فِيهَا ، فَإِنْ كُنْتِ فِي شَكٍّ مِنْ ذَلِكَ فَأَيْنَ الْمُلُوكُ الَّذِينَ نَزَلُوهَا ؟ وَأَيْنَ الْجُمُوعُ الَّذِينَ كَانُوا فِيهَا ؟ وَأَيْنَ الْأُمَمُ الَّذِينَ تَشَاحَّتْ عَلَيْهَا ؟ وَأَيْنَ الْبَنَّاؤُونَ الَّذِينَ ضَرَبُوا اللَّبِنَ فِي تَحْصِينِهَا ؟ إِنْ تَدْعِيهِمْ لَا يَسْمَعُوا ، بُدِّلُوا بِالْحَيَاةِ مَوْتًا ، كَأَنْ لَمْ يَعْمُرُوهَا ، وَلَمْ يَسْكُنُوهَا ، فَهَلْ يَنْفَعُ مَعَ هَذَا الْهَمِّ حَبِيبٌ حَبِيبًا ، وَخَلِيلٌ خَلِيلًا ؟ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ لِأَحَدٍ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ ، فَأَمَّا أَهْلُ الدُّنْيَا فَمُتَحَوِّلُونَ مِنْهَا عَنْ قَرِيبٍ ، وَالسَّلَامُ
حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ مَالِكٍ ، قَالَ : كَتَبَتْ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ إِلَى إِبْرَاهِيمَ ، وَكَانَ يَوْمَئِذٍ مُجَاوِرًا بِمَكَّةَ تَسْأَلُهُ الْقُدُومَ عَلَيْهَا ، فَكَتَبَ إِلَيْهَا بِكِتَابٍ فِيهِ : إِنَّ مَرْوَ الَّتِي يُعْجِبُكِ مُلَاقَاتِي إِيَّاكِ فِيهَا لَيْسَتْ بِدَارِ دَوَامٍ ، وَلَكِنَّ مَرْوَ مَنْزِلُ أَسْفَارٍ وَأَبْنَاءِ سَبِيلٍ ، الْمَقَامُ فِيهَا بِبِرِّ الْأُمَّهَاتِ وَالْأَوْلَادِ يَسِيرٌ حَتَّى يَصِيرُوا مِنْهَا إِلَى دَارَيْنِ : إِحْدَاهُمَا فُرْقَةٌ لَا تَوَاصُلَ فِيهَا ، وَالْأُخْرَى صِلَةٌ لَا تَفَرُّقَ فِيهَا ، فَإِنْ كُنْتِ فِي شَكٍّ مِنْ ذَلِكَ فَأَيْنَ الْمُلُوكُ الَّذِينَ نَزَلُوهَا ؟ وَأَيْنَ الْجُمُوعُ الَّذِينَ كَانُوا فِيهَا ؟ وَأَيْنَ الْأُمَمُ الَّذِينَ تَشَاحَّتْ عَلَيْهَا ؟ وَأَيْنَ الْبَنَّاؤُونَ الَّذِينَ ضَرَبُوا اللَّبِنَ فِي تَحْصِينِهَا ؟ إِنْ تَدْعِيهِمْ لَا يَسْمَعُوا ، بُدِّلُوا بِالْحَيَاةِ مَوْتًا ، كَأَنْ لَمْ يَعْمُرُوهَا ، وَلَمْ يَسْكُنُوهَا ، فَهَلْ يَنْفَعُ مَعَ هَذَا الْهَمِّ حَبِيبٌ حَبِيبًا ، وَخَلِيلٌ خَلِيلًا ؟ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَحَدٍ لِأَحَدٍ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ ، فَأَمَّا أَهْلُ الدُّنْيَا فَمُتَحَوِّلُونَ مِنْهَا عَنْ قَرِيبٍ ، وَالسَّلَامُ