بَلَغَنَا أَنَّ لُقْمَانَ ، قَالَ لِابْنِهِ : يَا بُنَيَّ إِنَّ الدُّنْيَا بَحْرٌ عَمِيقٌ يَغْرَقُ فِيهِ نَاسٌ كَثِيرٌ ، فَلْتَكُنْ سَفِينَتُكَ فِيهَا تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَحَشْوُهَا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ تَعَالَى ، وَشِرَاعُهَا التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ لَعَلَّكَ تَنْجُو ، وَمَا أَرَاكَ بِنَاجٍ
حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ : ثنا الْمُحَارِبِيُّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، قَالَ : بَلَغَنَا أَنَّ لُقْمَانَ ، قَالَ لِابْنِهِ : يَا بُنَيَّ إِنَّ الدُّنْيَا بَحْرٌ عَمِيقٌ يَغْرَقُ فِيهِ نَاسٌ كَثِيرٌ ، فَلْتَكُنْ سَفِينَتُكَ فِيهَا تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَحَشْوُهَا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ تَعَالَى ، وَشِرَاعُهَا التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ لَعَلَّكَ تَنْجُو ، وَمَا أَرَاكَ بِنَاجٍ وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَدَوِيُّ : وَمَا زَالَتِ الدُّنْيَا يَخُونُ نَعِيمُهَا وَتُصْبِحُ بِالْأَمْرِ الْعَظِيمِ تَمَخَّضُ مَحَلَّةُ أَضْيَافٍ وَمُنْزِلُ غُرْبَةٍ تَهَافَتُ مِنْ حَافَاتِهَا وَتَنَفَّضُ وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَدَوِيُّ أَيْضًا : أَرَى النَّاسَ أَضْيَافًا أَنَاخُوا بِغُرْبَةٍ تَقَلِّبُهُمْ أَيَّامُهَا وَتُقَلِّبُ بِدَارِ غُرُورٍ حُلْوَةٍ يَرْغَثُونَهَا وَقَدْ عَايَنُوا مِنْهَا الزَّوَالَ وَجَرَّبُوا تَسُرُّهُمْ طَوْرًا وَطَوْرًا تُذِيقُهُمْ مَضِيضَ مَكَاوِي حَرُّهَا يَتَلَهَّبُ يَذُمُّونَ دُنْيَا لَا يُرِيحُونَ دَرَّهَا فَلَمْ أَرَ كَالدُّنْيَا تُذَمُّ وَتُحْلَبُ لَهَا دَرَّةٌ تُصْبِي الْحَلِيمَ وَتَحْتَهَا مِنَ الْمَوْتِ سُمٌّ مُجْهِزٌ حِينَ يُشْرَبُ وَقَدِ اخْتَرْتُ ذَا الْجَمِيلِ لَا دَرَّ دَرُّهَا فَأَصْبَحَ فِي جَدٍّ وَأَصْبَحَ يَلْعَبُ وَكُلُّهُمْ حَيْرَانُ يُكْذِبُ قَوْلَهُ بِفِعْلٍ وَخَيْرُ الْقَوْلِ مَا لَا يُكَذَّبُ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : يَا مَعْشَرَ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا لَكُمْ فِي الظَّاهِرِ اسْمُ الْغِنَى ، وَلِأَهْلِ التَّقَلُّلِ نَفْسُ هَذَا الْمَعْنَى ، حُرِمْتُمُ التَّفَكُّهَ بِمَا حَوَتْهُ أَيْدِيكُمْ لِفَادِحِ التَّعَبِ ، وَعُوِّضْتُمْ فِيهِ خَوْفَ نُزُولِ الْفَجَائِعِ بِهِ ، وَارْتِقَابَ وُصُولِ الْآفَاتِ إِلَيْهِ ، خُدِعْتُمْ وَمَالَتِ الْمَقَادِيرُ عَنْ حَظِّكُمْ ، وَأَبَتِ الدُّنْيَا أَنْ تُسَوِّغَكُمْ حَلَاوَةَ مَا اسْتَدَرَّ لَكُمْ مِنْ ضَرْعِهَا ، حَتَّى وَكَّلَتْكُمْ بِطَلَبِ سِوَاهُ ، لِتُمَتِّعَكُمْ مِمَّا حَصَلَ مِنْهَا لَكُمْ ، وَتَصُدَّكُمْ عَنِ التَّمَتُّعِ بِهِ بِإِشْغَالِكُمْ بِمُسْتَأْنَفٍ تُجْهِدُونَ فِيهِ أَنْفُسَكُمْ مِمَّا يَعِزُّ مَطْلَبُهُ عَلَيْكُمْ ، وَتَبْذُلُونَ فِيهِ رَاحِلَتَكُمْ ، فَإِنْ وَصَلْتُمْ إِلَيْهِ لَحِقَ بِالْأَوَّلِ مِنَ الْمُدَّخَرِ ، وَأَنْشَأَتْ لَكُمْ وَطَرًا فِي غَيْرُهُ آخَرُ ، كَذَلِكَ أَنْتُمْ وَهِيَ مَا صَحِبْتُمُوهَا بِالرَّغْبَةِ مِنْكُمْ فِيهَا