" كُنْتُ مَعَ ضَيْغَمٍ بِعَبَّادَانَ ، فَزَارَهُ بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ ، فَقَالَ ضَيْغَمٌ : وَيْحَكَ يَا حَكِيمُ انْظُرْ لَنَا بَعْضَ أَصْحَابِنَا مِمَّنْ يَقْرَأُ ، فَإِنَّ بِشْرًا يُعْجِبُهُ حُسْنُ الصَّوْتِ , فَانْطَلَقْتُ ، فَأَتَيتُهُمْ بِإِنْسَانٍ فَارِسِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ ، فَقَالُوا لِي : لَا تَقُلْ لَهُ يَقْرَأُ حَتَّى يَهْدَأَ أَهْلُ الدَّيْرِ . فَلَمَّا سَكَنَتِ الرِّجْلُ ، وَهَدَأَ النَّاسُ ، قَالُوا لَهُ : خُذِ الْآنَ . فَجَعَلَ وَاللَّهِ الْفَارِسِيُّ يَقْرَأُ , وَالْقَوْمُ يَبْكُونَ وَيَنْتَحِبُونَ قَالَ : ثُمَّ أَخَذَ فَجَعَلَ يَنُوحُ بِالْفَارِسِيَّةِ ، فَجَعَلُوا وَاللَّهِ يَصْرُخُونَ كَمَا تَصْرُخُ الثَّكْلَى . قَالَ : حَتَّى اسْتَيْقَظَ أَهْلُ الدَّيْرِ وَاجْتَمَعُوا . فَأَمَّا بِشْرٌ فَغُشِيَ عَلَيْهِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ مِرَارًا قَالَ : وَأَمَّا أَبُو مَالِكٍ فَجَعَلَ يَقُومُ وَيَقْعُدُ ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ عَقْلَهُ قَدْ ذَهَبَ قَالَ : فَبِتْنَا وَاللَّهِ بِلَيْلَةٍ , أَطْيَبِ لَيْلَةٍ , وَأَلَذِّ عَيْشٍ فَكَانَ بِشْرٌ يَقُولُ لِي بَعْدُ : وَيْحَكَ يَا حَكِيمُ مَا فَعَلَ الْفَارِسِيُّ ؟ وَيْحَكَ يَا حَكِيمُ يَقْتُلُ النَّاسَ ذَاكَ الْفَارِسِيُّ هَكَذَا عِيَانًا بِصَوْتِهِ "
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنِي رَوْحُ بْنُ سَلَمَةَ الْوَرَّاقُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ نُوحٍ ، قَالَ : كُنْتُ مَعَ ضَيْغَمٍ بِعَبَّادَانَ ، فَزَارَهُ بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ ، فَقَالَ ضَيْغَمٌ : وَيْحَكَ يَا حَكِيمُ انْظُرْ لَنَا بَعْضَ أَصْحَابِنَا مِمَّنْ يَقْرَأُ ، فَإِنَّ بِشْرًا يُعْجِبُهُ حُسْنُ الصَّوْتِ , فَانْطَلَقْتُ ، فَأَتَيتُهُمْ بِإِنْسَانٍ فَارِسِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ ، فَقَالُوا لِي : لَا تَقُلْ لَهُ يَقْرَأُ حَتَّى يَهْدَأَ أَهْلُ الدَّيْرِ . فَلَمَّا سَكَنَتِ الرِّجْلُ ، وَهَدَأَ النَّاسُ ، قَالُوا لَهُ : خُذِ الْآنَ . فَجَعَلَ وَاللَّهِ الْفَارِسِيُّ يَقْرَأُ , وَالْقَوْمُ يَبْكُونَ وَيَنْتَحِبُونَ قَالَ : ثُمَّ أَخَذَ فَجَعَلَ يَنُوحُ بِالْفَارِسِيَّةِ ، فَجَعَلُوا وَاللَّهِ يَصْرُخُونَ كَمَا تَصْرُخُ الثَّكْلَى . قَالَ : حَتَّى اسْتَيْقَظَ أَهْلُ الدَّيْرِ وَاجْتَمَعُوا . فَأَمَّا بِشْرٌ فَغُشِيَ عَلَيْهِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ مِرَارًا قَالَ : وَأَمَّا أَبُو مَالِكٍ فَجَعَلَ يَقُومُ وَيَقْعُدُ ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ عَقْلَهُ قَدْ ذَهَبَ قَالَ : فَبِتْنَا وَاللَّهِ بِلَيْلَةٍ , أَطْيَبِ لَيْلَةٍ , وَأَلَذِّ عَيْشٍ فَكَانَ بِشْرٌ يَقُولُ لِي بَعْدُ : وَيْحَكَ يَا حَكِيمُ مَا فَعَلَ الْفَارِسِيُّ ؟ وَيْحَكَ يَا حَكِيمُ يَقْتُلُ النَّاسَ ذَاكَ الْفَارِسِيُّ هَكَذَا عِيَانًا بِصَوْتِهِ