حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْبَاهِلِيُّ ، قَالَ : دَخَلَ عَلَيَّ ضَبَّةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَتَحَدَّثَ عِنْدِي مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى خَشِيتُ عَلَيْهِ الْحُرَّاسَ ، فَكَانَ فِيمَا حَدَّثَنِي قَالَ : شَاكَيْتُ أَبَا مُوسَى كَبَعْضِ مَا يُشَاكِي الرَّجُلُ أَمِيرَهُ فَانْطَلَقْتُ إِلَى عُمَرَ لِآتِيَ عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ عِنْدَ حُضُورِ وِفَادَةِ أَبِي مُوسَى إِلَى عُمَرَ ، وَالْبُرُدُ إِذَا ذَاكَ عَلَى الْإِبِلِ قَالَ : فَكَتَبَ أَبُو مُوسَى : سَلَامٌ عَلَيْكَ ، أَمَّا بَعْدَ فَإِنِّي كَتَبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا خَارِجٌ فِي كَذَا وَكَذَا ، وَكَتَبْتُ إِلَيْكَ وَضَبَّةُ بْنُ مِحْصَنٍ قَدْ خَرَجَ مِنْ عِنْدِي غَاضِبًا بِغَيْرِ إِذْنِي فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ تَعْلَمَ ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، قَالَ : فَسَبَقَنِي كِتَابُهُ ، فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَجِئْتُ إِلَى بَابِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقُلْتُ : السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيَدْخُلُ ضَبَّةُ بْنُ مِحْصَنٍ ؟ قَالَ : " لَا مَرْحَبًا ، وَلَا أَهْلًا " ، قَالَ فَقُلْتُ : أَمَّا الْمَرْحَبُ فَمِنَ اللَّهِ ، وَأَمَّا الْأَهْلُ فَلَا أَهْلَ وَلَا مَالَ ، قَالَ : فَأَعَادَ ضَبَّةُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مِرَارٍ ، وَأَعَادَهَا عُمَرُ ثُمَّ قَالَ : ادْخُلْ ، فَدَخَلْتُ فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، الرَّجُلُ يَظْلِمُهُ سُلْطَانُهُ الْمَظْلِمَةَ فَإِذَا انْتَهَى إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُ غِيَرًا فَوَاللَّهِ إِنَّ الْأَرْضَ لَوَاسِعَةٌ وَإِنَّ الْعَدُوَّ لَكَبِيرٌ ، قَالَ : فَكَأَنَّمَا كَشَفْتُ عَنْ وَجْهِهِ غِطَاءً ، فَقَالَ : ادْنُ دُنُوَّكَ : فَدَنَوْتُ فَقَالَ : إِيهِ ؟ فَقُلْتُ : أَبُو مُوسَى اصْطَفَى لِنَفْسِهِ أَرْبَعِينَ مِنْ أَبْنَاءِ الْأَسَاوِرَةِ ، فَقَالَ : يَا غُلَامُ اكْتُبْ ، فَكَتَبَ ، ثُمَّ قَالَ : إِيهِ ؟ فَقُلْتُ : أَبُو مُوسَى لَهُ مِكْيَالَانِ يَكْتَالُ بِمِكْيَالٍ وَيَكِيلُ لِلنَّاسِ بِغَيْرِهِ ، فَقَالَ : اكْتُبْ ، فَكَتَبَ ، قُلْتُ : وَسُرِّيَّتُهُ عَقِيلَةُ لَهُ قَصْعَةٌ غَادِيَةٌ رَائِحَةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا أَشْرَافُ الْجُنْدِ ، قَالَ : اكْتُبْ ، فَكَتَبَ ، قَالَ : فَمَا لَبِثَ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى قَدِمَ أَبُو مُوسَى ، فَمَشَيْتُ إِلَى جَنْبِهِ أَغْبِطُهُ وَأُذِكِّرُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ حَتَّى جَاءَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ : مَا بَالُ أَرْبَعِينَ اصْطَفَيْتَهُمْ لِنَفْسِكَ مِنْ أَبْنَاءِ الْأَسَاوِرَةِ ؟ قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، اصْطَفَيْتُهُمْ وَخَشِيتُ أَنْ يُخْدَعَ الْجُنْدُ عَنْهُمْ فَفَادَيْتَهُمْ وَاجْتَهَدْتُ فِي فِدَائِهِمْ ، وَكُنْتُ أَعْلَمُ بِفِدَائِهِمْ ، ثُمَّ خَمَّسْتُ وَقَسَمْتُ ، قَالَ ضَبَّةُ : وَصَادِقٌ وَاللَّهِ ، فَوَاللَّهِ مَا كَذَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا كَذَبْتُهُ ، قَالَ : فَمَا بَالُ هَذَا الْمِكْيَالِ الَّذِي تَكْتَالُ بِهِ وَتَكِيلُ لِلنَّاسِ بِغَيْرِهِ ؟ قَالَ : مِكْيَالٌ أَكِيلُ بِهِ قُوتَ أَهْلِي وَأَرْزَاقَ دَوَابِّي ، مَا كِلْتُ بِهِ لِأَحَدٍ وَلَا اكْتَلْتُ بِهِ لِأَحَدٍ ، قَالَ ضَبَّةُ : وَصَادِقٌ وَاللَّهِ : فَمَا كَذَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، وَلَا كَذَبْتُهُ ، قَالَ : فَمَا بَالُ قَصْعَةِ عَقِيلَةَ الْغَادِيَةِ الرَّائِحَةِ ؟ قَالَ : فَسَكَتَ فَلَمْ يَعْتَذِرْ مِنْهَا بِشَيْءٍ ، فَقَالَ لِوَفْدِهِ : أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلًا أَكَلَ مِنْهَا مَا رَمَّ الْقَوْمُ ثُمَّ عَادَ ، فَقَالَ وَكِيعُ بْنُ بِشْرٍ التَّمِيمِيُّ : قَبَّحَ اللَّهُ تِلْكَ الْقَصْعَةَ مَا أَحَلَّ لَنَا مَا قَدْ أَصَبْنَا مِنْهَا ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : لَا جَرَمَ ، وَالَّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ لَا تَرَى عَقِيلَةُ الْعِرَاقَ مَا دُمْتُ أَمْلِكُ شَيْئًا ، فَاحْتَبَسَهَا عِنْدَهُ " .
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، قَالَ : سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ هِلَالٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْبَاهِلِيُّ ، قَالَ : دَخَلَ عَلَيَّ ضَبَّةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَتَحَدَّثَ عِنْدِي مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى خَشِيتُ عَلَيْهِ الْحُرَّاسَ ، فَكَانَ فِيمَا حَدَّثَنِي قَالَ : شَاكَيْتُ أَبَا مُوسَى كَبَعْضِ مَا يُشَاكِي الرَّجُلُ أَمِيرَهُ فَانْطَلَقْتُ إِلَى عُمَرَ لِآتِيَ عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ عِنْدَ حُضُورِ وِفَادَةِ أَبِي مُوسَى إِلَى عُمَرَ ، وَالْبُرُدُ إِذَا ذَاكَ عَلَى الْإِبِلِ قَالَ : فَكَتَبَ أَبُو مُوسَى : سَلَامٌ عَلَيْكَ ، أَمَّا بَعْدَ فَإِنِّي كَتَبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا خَارِجٌ فِي كَذَا وَكَذَا ، وَكَتَبْتُ إِلَيْكَ وَضَبَّةُ بْنُ مِحْصَنٍ قَدْ خَرَجَ مِنْ عِنْدِي غَاضِبًا بِغَيْرِ إِذْنِي فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ تَعْلَمَ ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، قَالَ : فَسَبَقَنِي كِتَابُهُ ، فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَجِئْتُ إِلَى بَابِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقُلْتُ : السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيَدْخُلُ ضَبَّةُ بْنُ مِحْصَنٍ ؟ قَالَ : لَا مَرْحَبًا ، وَلَا أَهْلًا ، قَالَ فَقُلْتُ : أَمَّا الْمَرْحَبُ فَمِنَ اللَّهِ ، وَأَمَّا الْأَهْلُ فَلَا أَهْلَ وَلَا مَالَ ، قَالَ : فَأَعَادَ ضَبَّةُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مِرَارٍ ، وَأَعَادَهَا عُمَرُ ثُمَّ قَالَ : ادْخُلْ ، فَدَخَلْتُ فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، الرَّجُلُ يَظْلِمُهُ سُلْطَانُهُ الْمَظْلِمَةَ فَإِذَا انْتَهَى إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُ غِيَرًا فَوَاللَّهِ إِنَّ الْأَرْضَ لَوَاسِعَةٌ وَإِنَّ الْعَدُوَّ لَكَبِيرٌ ، قَالَ : فَكَأَنَّمَا كَشَفْتُ عَنْ وَجْهِهِ غِطَاءً ، فَقَالَ : ادْنُ دُنُوَّكَ : فَدَنَوْتُ فَقَالَ : إِيهِ ؟ فَقُلْتُ : أَبُو مُوسَى اصْطَفَى لِنَفْسِهِ أَرْبَعِينَ مِنْ أَبْنَاءِ الْأَسَاوِرَةِ ، فَقَالَ : يَا غُلَامُ اكْتُبْ ، فَكَتَبَ ، ثُمَّ قَالَ : إِيهِ ؟ فَقُلْتُ : أَبُو مُوسَى لَهُ مِكْيَالَانِ يَكْتَالُ بِمِكْيَالٍ وَيَكِيلُ لِلنَّاسِ بِغَيْرِهِ ، فَقَالَ : اكْتُبْ ، فَكَتَبَ ، قُلْتُ : وَسُرِّيَّتُهُ عَقِيلَةُ لَهُ قَصْعَةٌ غَادِيَةٌ رَائِحَةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا أَشْرَافُ الْجُنْدِ ، قَالَ : اكْتُبْ ، فَكَتَبَ ، قَالَ : فَمَا لَبِثَ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى قَدِمَ أَبُو مُوسَى ، فَمَشَيْتُ إِلَى جَنْبِهِ أَغْبِطُهُ وَأُذِكِّرُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِهِ حَتَّى جَاءَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ : مَا بَالُ أَرْبَعِينَ اصْطَفَيْتَهُمْ لِنَفْسِكَ مِنْ أَبْنَاءِ الْأَسَاوِرَةِ ؟ قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، اصْطَفَيْتُهُمْ وَخَشِيتُ أَنْ يُخْدَعَ الْجُنْدُ عَنْهُمْ فَفَادَيْتَهُمْ وَاجْتَهَدْتُ فِي فِدَائِهِمْ ، وَكُنْتُ أَعْلَمُ بِفِدَائِهِمْ ، ثُمَّ خَمَّسْتُ وَقَسَمْتُ ، قَالَ ضَبَّةُ : وَصَادِقٌ وَاللَّهِ ، فَوَاللَّهِ مَا كَذَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا كَذَبْتُهُ ، قَالَ : فَمَا بَالُ هَذَا الْمِكْيَالِ الَّذِي تَكْتَالُ بِهِ وَتَكِيلُ لِلنَّاسِ بِغَيْرِهِ ؟ قَالَ : مِكْيَالٌ أَكِيلُ بِهِ قُوتَ أَهْلِي وَأَرْزَاقَ دَوَابِّي ، مَا كِلْتُ بِهِ لِأَحَدٍ وَلَا اكْتَلْتُ بِهِ لِأَحَدٍ ، قَالَ ضَبَّةُ : وَصَادِقٌ وَاللَّهِ : فَمَا كَذَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، وَلَا كَذَبْتُهُ ، قَالَ : فَمَا بَالُ قَصْعَةِ عَقِيلَةَ الْغَادِيَةِ الرَّائِحَةِ ؟ قَالَ : فَسَكَتَ فَلَمْ يَعْتَذِرْ مِنْهَا بِشَيْءٍ ، فَقَالَ لِوَفْدِهِ : أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلًا أَكَلَ مِنْهَا مَا رَمَّ الْقَوْمُ ثُمَّ عَادَ ، فَقَالَ وَكِيعُ بْنُ بِشْرٍ التَّمِيمِيُّ : قَبَّحَ اللَّهُ تِلْكَ الْقَصْعَةَ مَا أَحَلَّ لَنَا مَا قَدْ أَصَبْنَا مِنْهَا ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : لَا جَرَمَ ، وَالَّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ لَا تَرَى عَقِيلَةُ الْعِرَاقَ مَا دُمْتُ أَمْلِكُ شَيْئًا ، فَاحْتَبَسَهَا عِنْدَهُ . ، قَالَ حُمَيْدٌ : فَذَكَرْتُ هَذَا لِأَبِي بُرْدَةَ ، فَقَالَ : مَا رَأَتْ عَقِيلَةُ الْعِرَاقَ حَتَّى قُبِضَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ