زَعَمَ عَائِذُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ قَيْسٍ ، وَكَانَ قَدْ لَقِيَ الْوَفْدَ الَّذِي قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَنِي نُمَيْرٍ قَالَ : لَمَّا أَرَادَتْ بَنُو نُمَيْرٍ أَنْ تُسْلِمَ قَالَ لَهُمْ مُضَرِّسُ بْنُ جَنَابٍ : يَا بَنِي نُمَيْرٍ ، لَا تُسْلِمُوا حَتَّى أُصِيبَ مَالًا فَأُسْلِمَ عَلَيْهِ قَالَ : وَإِنَّهُ انْطَلَقَ زَيْدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْقُرَيْعِيُّ - قُرَيْعُ نُمَيْرٍ - وَبَنُو أَخِيهِ قُرَّةُ بْنُ دَعْمُوصٍ وَالْحَجَّاجُ بْنُ نُبَيْرَةَ ، حَتَّى قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدُوا عِنْدَهُ الضَّحَّاكَ بْنَ سُفْيَانَ الْكِلَابِيَّ وَلَقِيطَ بْنَ الْمُنْتَفِقِ الْعُقَيْلِيَّ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ أَنْتُمْ ؟ " قَالُوا : نَحْنُ بَنُو نُمَيْرٍ قَالَ : " أَجِئْتُمْ لِتُسْلِمُوا ؟ " فَقَالَ زَيْدٌ : لَا ، وَقَالَ قُرَّةُ : أَمَّا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَجِئْتُ إِلَيْكَ أُخَاصِمُ فِي دِيَةِ أَبِي ، أَيْ دِيَةُ أَبِي عِنْدَ هَذَا ، يَعْنِي زَيْدًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا زَيْدُ ، مَا يَقُولُ هَذَا الْغُلَامُ ؟ " قَالَ : صَدَقَ قَالَ : " فَادْفَعْ إِلَيْهِ دِيَةَ أَبِيهِ " فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَلْ لِأُمٍّ مِنْ مِيرَاثِ ابْنِهَا حَقٌّ ؟ قَالَ : " نَعَمْ " قَالَ : سَأُعْطِيهَا حَقَّهَا ، وَقَالَ الْحَجَّاجُ : أَمَّا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَتَيْتُكَ بِمُجَاهِدَتَيْنِ قَالَ : " قَدْ قَبِلْنَاهُمَا ، ادْفَعْهُمَا إِلَى الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ ، وَإِلَى لَقِيطِ بْنِ الْمُنْتَفِقِ " قَالَ : فَرَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا : يَا قَوْمُ ، قَدْ جِئْنَاكُمْ مِنْ عِنْدِ خَيْرِ النَّاسِ قَالَ : فَقَالَتْ بَنُو نُمَيْرٍ لِزَيْدٍ : مَا يَقُولُ هَذَا الْغُلَامُ ؟ فَقَالَ : صَدَقَ ، وَلَوْلَا مُضَرِّسُ بْنُ جَنَابٍ لَأَمَرْتُكُمْ أَنْ تَأْتُوهُ قَالَ : فَاجْتَمَعَ نَفَرٌ ، مِنْهُمْ أَبُو زُهَيْرٍ ، وَعِدَّةٌ مِنْ بَنِي جَعْوَنَةَ بْنِ الْحَارِثِ ، وَشُرَيْحُ بْنُ الْحَارِثِ أَحَدُ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ وَقُرَّةُ بْنُ دَعْمُوصٍ ، فَتَوَجَّهُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَيْهِ تَقَدَّمَ الْأَشْيَاخُ الْجَعْوِيُّونَ ، وَتَخَلَّفَ قُرَّةُ بْنُ دَعْمُوصٍ وَشُرَيْحُ بْنُ الْحَارِثِ فِي الرِّكَابِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ أَنْتُمْ ؟ " قَالُوا : نَحْنُ بَنُو نُمَيْرٍ قَالَ : " فَمَا جَاءَ بِكُمْ أَجِئْتُمْ لِتُسْلِمُوا ؟ " قَالُوا : نَعَمْ قَالَ : " فَلِمَنْ تَأْخُذُونَ ؟ " قَالُوا : نَأْخُذُ لِبَنِي الْحَارِثِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ : " أَفَلَا تَأْخُذُونَ لِلْعَمْرِيِّينَ ؟ " قَالُوا : لَا . قَالَ : فَأَسْلَمُوا وَأَخَذُوا لِبَنِي الْحَارِثِ ، ثُمَّ انْصَرَفُوا إِلَى رِكَابِهِمْ فَقَالَ لَهُمْ شُرَيْحٌ : مَا صَنَعْتُمْ ؟ قَالُوا : صَنَعْنَا خَيْرًا وَأَخَذْنَا لِبَنِي الْحَارِثِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ : مَا صَنَعْتُمْ شَيْئًا ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى قُرَّةَ بْنِ دَعْمُوصٍ فَقَالَ لَهُ : أَلَسْتَ تَعْرِفُهُ ؟ قَالَ : بَلَى قَالَ : فَانْطَلِقْ . قَالَ : فَلَبِسَا ثِيَابَهُمَا ، ثُمَّ انْطَلَقَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا تَقَدَّمَا إِلَيْهِ عَرَفَ قُرَّةَ فَقَالَ : " أَلَسْتَ الْغُلَامَ النُّمَيْرِيَّ الَّذِي أَتَانَا يُخَاصِمُ فِي دِيَةِ أَبِيهِ ؟ " قَالَ : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : " فَمَا جَاءَ بِكُمَا ؟ " قَالَ : جِئْنَا لِنُسْلِمَ وَتَدْعُوَ اللَّهَ لَنَا فَقَالَ لِقُرَّةَ : " ادْنُهْ " ، فَدَنَا مِنْهُ ، فَمَسَحَ صَدْرَهُ وَدَعَا لَهُ بِخَيْرٍ ، ثُمَّ دَنَا مِنْهُ شُرَيْحُ بْنُ الْحَارِثِ فَأَسْلَمَ وَقَالَ : آخُذُ لِقَوْمِي قَالَ : " لِمَنْ تَأْخُذُ ؟ " قَالَ آخُذُ لِنُمَيْرٍ كُلِّهَا قَالَ : " وَلِلْعَمْرِيِّينَ ؟ " قَالَ : وَلِلْعَمْرِيِّينَ قَالَ : " إِنِّي قَدْ بَعَثْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ سَيْفَ اللَّهِ وَعُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ الْفَزَارِيَّ إِلَى أَهْلِكُمْ ، وَهَذِهِ بَرَاءَتُكُمْ " قَالَ : فَكَتَبَ لَهُمَا كِتَابًا : " إِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَانْصَرِفْ إِلَى أَهْلِ الْعَمْقِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَامَةِ ، فَإِنَّ بَنِي نُمَيْرٍ قَدْ أَتَوْنِي فَأَسْلَمُوا وَأَخَذُوا لِقَوْمِهِمْ " ، فَرَجَعَا إِلَى رِحَالِهِمَا . قَالَ : فَتَخَلَّفَ الْأَشْيَاخُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَانْطَلَقَ شُرَيْحٌ وَقُرَّةُ إِلَى خَالِدٍ حَتَّى قَدِمَا عَلَيْهِ وَهُوَ مُنِيخٌ هُوَ وَصَاحِبُهُ فَقَالَ شُرَيْحٌ لِقُرَّةَ : مَا تَرَى ؟ قَالَ : أَرَى أَنَّ نُنِيخَ إِلَى الْفُسْطَاطِ فَتَدْفَعَ إِلَيْهِمَا كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : أَمْهِلْ حَتَّى يَنْهَضَا مِنْ مَنْزِلِهِمَا . فَلَمَّا نَهَضَا أَتَيَاهُمَا فَقَالَ خَالِدٌ : مَنْ أَنْتُمَا ؟ قَالَا : رَجُلَانِ مِنْ بَنِي نُمَيْرٍ قَالَ خَالِدٌ : كَيْفَ تَرَيَانِ هَذِهِ الْخَيْلَ وَأَنَّهَا تَأْتِيكُمَا غَدًا ؟ قَالَا : فَلَا تَأْتِنَا قَالَ : بَلَى وَاللَّهِ قَالَا : لَا وَاللَّهِ . وَدَفَعَا إِلَيْهِ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ فَقَالَ خَالِدٌ : أَمَا وَاللَّهِ حَتَّى تَتَلَقَّوْنِي بِالْأَذَانِ فَلَا فَقَالَ شُرَيْحٌ لِقُرَّةَ : ارْكَبْ يَا قُرَّةُ هَذِهِ وَتَوَجَّهْ إِلَى قَوْمِكَ ، وَإِنْ قَدَرْتَ أَنْ تَشُقَّ بَطْنَكَ فَضْلًا عَنْ ثِيَابِكَ فَافْعَلْ ، اصْرُخْ فِيهِمْ وَمُرْهُمْ أَنْ يَتَلَقَّوْهُ بِالْأَذَانِ ، فَتَوَجَّهَ إِلَيْهِمْ وَأَمَامَهُ شُرَيْحٌ قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ : فَأَخْبَرَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ شُرَيْحًا أَنْشَأَ يَقُولُ : {
} لَقَدْ حَمَلْتَ عَلَى ذَوُوهَا نَاحِبَةً {
} مُشَمِّرَ الْأَمْرِ لَا غَسًّا وَلَا دُونَا {
}{
} إِنْ مُزِّقَ الثَّوْبُ فَاهْتِفْ فِي وُجُوهِهِمُ {
}حَتَّى يَخَالَكَ مَنْ لَاقَى مَجْنُونَا {
}ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ عَائِذٍ قَالَ : فَأَتَاهُمْ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَتَلَقَّوْهُ بِالْأَذَانِ ، فَفَعَلُوا ، فَانْصَرَفَ عَنْهُمْ إِلَى أَهْلِ الْعَمْقِ فَوَقَعَ بِهِمْ فَقَتَلَهُمْ حَتَّى سَالَ وَادِيَهُمْ دَمًا فَقَالَ شُرَيْحٌ حِينَ رَأَى الْوَقْعَةَ وَتِلْكَ الدِّمَاءَ : {
} اللَّهُ مَنَّ عَلَى مَعَاشِرَ جِئْتَهُمْ {
}بِالْعَمْقِ مِمَّا قَدْ رَأَيْتُ {
}{
} عَشِيَّةَ الْقَوْمِ عَلَى مَا مُثِلَ {
}وَابِلًا حِلُّهُ وَاتَّلَيْتُ {
}قَالَ : وَانْصَرَفَا حَتَّى قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ جُلَسَاؤُهُ : وَهَذَانِ الرَّجُلَانِ النُّمَيْرِيَّانِ قَالَ : " وَأَدْرَكَا خَالِدًا ؟ " قَالُوا : نَعَمْ قَالَ : " أَبَى اللَّهُ لِبَنِي نُمَيْرٍ إِلَّا خَيْرًا ، أَبَى اللَّهُ لِبَنِي نُمَيْرٍ إِلَّا خَيْرًا " ، ثُمَّ دَعَا شُرَيْحًا وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى قَوْمِهِ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُصَدِّقَهُمْ وَيُزَكِّيَهُمْ وَيَعْمَلَ فِيهِمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِمْ . فَلَمَّا انْصَرَفُوا قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَعْمَلَ ؟ قَالَ : " آمُرُكُمْ أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا ، وَأَنْ تَحُجُّوا الْبَيْتَ ، وَتَصُومُوا رَمَضَانَ ؛ فَإِنَّ فِيهِ لَيْلَةً قِيَامُهَا وَصِيَامُهَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ " ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَتَى نَبْتَغِيهَا ؟ قَالَ : " ابْتَغُوهَا فِي اللَّيَالِي الْبِيضِ " . ثُمَّ انْصَرَفُوا ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَتَوْهُ فَصَادَفُوهُ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ ، وَإِذَا هُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ وَيَقُولُ فِي كَلَامِهِ : " الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ ، يَرُدُّ عَلَيْهِ مِنَ السَّلَامِ مِثْلَ مَا حَيَّاهُ أَوْ أَحْسَنَ مِنْ ذَلِكَ ، فَإِذَا اسْتَنْعَتَ قَصْدَ السَّبِيلِ نَعَتَ لَهُ وَيَسَّرَهُ ، وَإِذَا اسْتَنْصَرَهُ عَلَى الْعَدُوِّ نَصَرَهُ ، وَإِذَا اسْتَعَارَهُ الْمُسْلِمُ الْحَدَّ عَلَى الْمُسْلِمِ لَمْ يُعِرْهُ ، وَإِذَا اسْتَعَارَهُ الْمُسْلِمُ الْحَدَّ عَلَى الْعَدُوِّ أَعَارَهُ ، وَلَمْ يَمْنَعُهُ الْمَاعُونَ " ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا الْمَاعُونُ ؟ قَالَ : " الْمَاعُونُ فِي الْمَاءِ وَالْحِجَارَةِ وَالْحَدِيدِ " ، قِيلَ : أَيُّ الْحَدِيدِ ؟ قَالَ : " قِدْرُ النَّحَّاسِ ، وَحَدِيدُ النَّاسِ الَّذِينَ يَمْتَهِنُونَ بِهِ " قَالَ : وَلَمْ يَزَلْ شُرَيْحٌ عَامِلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَوْمِهِ ، وَعَامِلَ أَبِي بَكْرٍ ، فَلَمَّا قَامَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَتَاهُ بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَهُ فَوَضَعَهُ تَحْتَ قَدَمِهِ وَقَالَ : لَا ، مَا هُوَ إِلَّا مَلِكٌ ، انْصَرِفْ "
حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ شَرِيكٍ النُّمَيْرِيُّ قَالَ : زَعَمَ عَائِذُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ قَيْسٍ ، وَكَانَ قَدْ لَقِيَ الْوَفْدَ الَّذِي قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ بَنِي نُمَيْرٍ قَالَ : لَمَّا أَرَادَتْ بَنُو نُمَيْرٍ أَنْ تُسْلِمَ قَالَ لَهُمْ مُضَرِّسُ بْنُ جَنَابٍ : يَا بَنِي نُمَيْرٍ ، لَا تُسْلِمُوا حَتَّى أُصِيبَ مَالًا فَأُسْلِمَ عَلَيْهِ قَالَ : وَإِنَّهُ انْطَلَقَ زَيْدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْقُرَيْعِيُّ - قُرَيْعُ نُمَيْرٍ - وَبَنُو أَخِيهِ قُرَّةُ بْنُ دَعْمُوصٍ وَالْحَجَّاجُ بْنُ نُبَيْرَةَ ، حَتَّى قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَوَجَدُوا عِنْدَهُ الضَّحَّاكَ بْنَ سُفْيَانَ الْكِلَابِيَّ وَلَقِيطَ بْنَ الْمُنْتَفِقِ الْعُقَيْلِيَّ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ أَنْتُمْ ؟ قَالُوا : نَحْنُ بَنُو نُمَيْرٍ قَالَ : أَجِئْتُمْ لِتُسْلِمُوا ؟ فَقَالَ زَيْدٌ : لَا ، وَقَالَ قُرَّةُ : أَمَّا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَجِئْتُ إِلَيْكَ أُخَاصِمُ فِي دِيَةِ أَبِي ، أَيْ دِيَةُ أَبِي عِنْدَ هَذَا ، يَعْنِي زَيْدًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : يَا زَيْدُ ، مَا يَقُولُ هَذَا الْغُلَامُ ؟ قَالَ : صَدَقَ قَالَ : فَادْفَعْ إِلَيْهِ دِيَةَ أَبِيهِ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَلْ لِأُمٍّ مِنْ مِيرَاثِ ابْنِهَا حَقٌّ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : سَأُعْطِيهَا حَقَّهَا ، وَقَالَ الْحَجَّاجُ : أَمَّا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَتَيْتُكَ بِمُجَاهِدَتَيْنِ قَالَ : قَدْ قَبِلْنَاهُمَا ، ادْفَعْهُمَا إِلَى الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ ، وَإِلَى لَقِيطِ بْنِ الْمُنْتَفِقِ قَالَ : فَرَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا : يَا قَوْمُ ، قَدْ جِئْنَاكُمْ مِنْ عِنْدِ خَيْرِ النَّاسِ قَالَ : فَقَالَتْ بَنُو نُمَيْرٍ لِزَيْدٍ : مَا يَقُولُ هَذَا الْغُلَامُ ؟ فَقَالَ : صَدَقَ ، وَلَوْلَا مُضَرِّسُ بْنُ جَنَابٍ لَأَمَرْتُكُمْ أَنْ تَأْتُوهُ قَالَ : فَاجْتَمَعَ نَفَرٌ ، مِنْهُمْ أَبُو زُهَيْرٍ ، وَعِدَّةٌ مِنْ بَنِي جَعْوَنَةَ بْنِ الْحَارِثِ ، وَشُرَيْحُ بْنُ الْحَارِثِ أَحَدُ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ وَقُرَّةُ بْنُ دَعْمُوصٍ ، فَتَوَجَّهُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَيْهِ تَقَدَّمَ الْأَشْيَاخُ الْجَعْوِيُّونَ ، وَتَخَلَّفَ قُرَّةُ بْنُ دَعْمُوصٍ وَشُرَيْحُ بْنُ الْحَارِثِ فِي الرِّكَابِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ أَنْتُمْ ؟ قَالُوا : نَحْنُ بَنُو نُمَيْرٍ قَالَ : فَمَا جَاءَ بِكُمْ أَجِئْتُمْ لِتُسْلِمُوا ؟ قَالُوا : نَعَمْ قَالَ : فَلِمَنْ تَأْخُذُونَ ؟ قَالُوا : نَأْخُذُ لِبَنِي الْحَارِثِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ : أَفَلَا تَأْخُذُونَ لِلْعَمْرِيِّينَ ؟ قَالُوا : لَا . قَالَ : فَأَسْلَمُوا وَأَخَذُوا لِبَنِي الْحَارِثِ ، ثُمَّ انْصَرَفُوا إِلَى رِكَابِهِمْ فَقَالَ لَهُمْ شُرَيْحٌ : مَا صَنَعْتُمْ ؟ قَالُوا : صَنَعْنَا خَيْرًا وَأَخَذْنَا لِبَنِي الْحَارِثِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ : مَا صَنَعْتُمْ شَيْئًا ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى قُرَّةَ بْنِ دَعْمُوصٍ فَقَالَ لَهُ : أَلَسْتَ تَعْرِفُهُ ؟ قَالَ : بَلَى قَالَ : فَانْطَلِقْ . قَالَ : فَلَبِسَا ثِيَابَهُمَا ، ثُمَّ انْطَلَقَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَلَمَّا تَقَدَّمَا إِلَيْهِ عَرَفَ قُرَّةَ فَقَالَ : أَلَسْتَ الْغُلَامَ النُّمَيْرِيَّ الَّذِي أَتَانَا يُخَاصِمُ فِي دِيَةِ أَبِيهِ ؟ قَالَ : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : فَمَا جَاءَ بِكُمَا ؟ قَالَ : جِئْنَا لِنُسْلِمَ وَتَدْعُوَ اللَّهَ لَنَا فَقَالَ لِقُرَّةَ : ادْنُهْ ، فَدَنَا مِنْهُ ، فَمَسَحَ صَدْرَهُ وَدَعَا لَهُ بِخَيْرٍ ، ثُمَّ دَنَا مِنْهُ شُرَيْحُ بْنُ الْحَارِثِ فَأَسْلَمَ وَقَالَ : آخُذُ لِقَوْمِي قَالَ : لِمَنْ تَأْخُذُ ؟ قَالَ آخُذُ لِنُمَيْرٍ كُلِّهَا قَالَ : وَلِلْعَمْرِيِّينَ ؟ قَالَ : وَلِلْعَمْرِيِّينَ قَالَ : إِنِّي قَدْ بَعَثْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ سَيْفَ اللَّهِ وَعُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ الْفَزَارِيَّ إِلَى أَهْلِكُمْ ، وَهَذِهِ بَرَاءَتُكُمْ قَالَ : فَكَتَبَ لَهُمَا كِتَابًا : إِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَانْصَرِفْ إِلَى أَهْلِ الْعَمْقِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَامَةِ ، فَإِنَّ بَنِي نُمَيْرٍ قَدْ أَتَوْنِي فَأَسْلَمُوا وَأَخَذُوا لِقَوْمِهِمْ ، فَرَجَعَا إِلَى رِحَالِهِمَا . قَالَ : فَتَخَلَّفَ الْأَشْيَاخُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَانْطَلَقَ شُرَيْحٌ وَقُرَّةُ إِلَى خَالِدٍ حَتَّى قَدِمَا عَلَيْهِ وَهُوَ مُنِيخٌ هُوَ وَصَاحِبُهُ فَقَالَ شُرَيْحٌ لِقُرَّةَ : مَا تَرَى ؟ قَالَ : أَرَى أَنَّ نُنِيخَ إِلَى الْفُسْطَاطِ فَتَدْفَعَ إِلَيْهِمَا كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : أَمْهِلْ حَتَّى يَنْهَضَا مِنْ مَنْزِلِهِمَا . فَلَمَّا نَهَضَا أَتَيَاهُمَا فَقَالَ خَالِدٌ : مَنْ أَنْتُمَا ؟ قَالَا : رَجُلَانِ مِنْ بَنِي نُمَيْرٍ قَالَ خَالِدٌ : كَيْفَ تَرَيَانِ هَذِهِ الْخَيْلَ وَأَنَّهَا تَأْتِيكُمَا غَدًا ؟ قَالَا : فَلَا تَأْتِنَا قَالَ : بَلَى وَاللَّهِ قَالَا : لَا وَاللَّهِ . وَدَفَعَا إِلَيْهِ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ فَقَالَ خَالِدٌ : أَمَا وَاللَّهِ حَتَّى تَتَلَقَّوْنِي بِالْأَذَانِ فَلَا فَقَالَ شُرَيْحٌ لِقُرَّةَ : ارْكَبْ يَا قُرَّةُ هَذِهِ وَتَوَجَّهْ إِلَى قَوْمِكَ ، وَإِنْ قَدَرْتَ أَنْ تَشُقَّ بَطْنَكَ فَضْلًا عَنْ ثِيَابِكَ فَافْعَلْ ، اصْرُخْ فِيهِمْ وَمُرْهُمْ أَنْ يَتَلَقَّوْهُ بِالْأَذَانِ ، فَتَوَجَّهَ إِلَيْهِمْ وَأَمَامَهُ شُرَيْحٌ قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ : فَأَخْبَرَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ شُرَيْحًا أَنْشَأَ يَقُولُ : لَقَدْ حَمَلْتَ عَلَى ذَوُوهَا نَاحِبَةً مُشَمِّرَ الْأَمْرِ لَا غَسًّا وَلَا دُونَا إِنْ مُزِّقَ الثَّوْبُ فَاهْتِفْ فِي وُجُوهِهِمُ حَتَّى يَخَالَكَ مَنْ لَاقَى مَجْنُونَا ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ عَائِذٍ قَالَ : فَأَتَاهُمْ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَتَلَقَّوْهُ بِالْأَذَانِ ، فَفَعَلُوا ، فَانْصَرَفَ عَنْهُمْ إِلَى أَهْلِ الْعَمْقِ فَوَقَعَ بِهِمْ فَقَتَلَهُمْ حَتَّى سَالَ وَادِيَهُمْ دَمًا فَقَالَ شُرَيْحٌ حِينَ رَأَى الْوَقْعَةَ وَتِلْكَ الدِّمَاءَ : اللَّهُ مَنَّ عَلَى مَعَاشِرَ جِئْتَهُمْ بِالْعَمْقِ مِمَّا قَدْ رَأَيْتُ عَشِيَّةَ الْقَوْمِ عَلَى مَا مُثِلَ وَابِلًا حِلُّهُ وَاتَّلَيْتُ قَالَ : وَانْصَرَفَا حَتَّى قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ جُلَسَاؤُهُ : وَهَذَانِ الرَّجُلَانِ النُّمَيْرِيَّانِ قَالَ : وَأَدْرَكَا خَالِدًا ؟ قَالُوا : نَعَمْ قَالَ : أَبَى اللَّهُ لِبَنِي نُمَيْرٍ إِلَّا خَيْرًا ، أَبَى اللَّهُ لِبَنِي نُمَيْرٍ إِلَّا خَيْرًا ، ثُمَّ دَعَا شُرَيْحًا وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى قَوْمِهِ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُصَدِّقَهُمْ وَيُزَكِّيَهُمْ وَيَعْمَلَ فِيهِمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِمْ . فَلَمَّا انْصَرَفُوا قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَعْمَلَ ؟ قَالَ : آمُرُكُمْ أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا ، وَأَنْ تَحُجُّوا الْبَيْتَ ، وَتَصُومُوا رَمَضَانَ ؛ فَإِنَّ فِيهِ لَيْلَةً قِيَامُهَا وَصِيَامُهَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَتَى نَبْتَغِيهَا ؟ قَالَ : ابْتَغُوهَا فِي اللَّيَالِي الْبِيضِ . ثُمَّ انْصَرَفُوا ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَتَوْهُ فَصَادَفُوهُ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ ، وَإِذَا هُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ وَيَقُولُ فِي كَلَامِهِ : الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ ، يَرُدُّ عَلَيْهِ مِنَ السَّلَامِ مِثْلَ مَا حَيَّاهُ أَوْ أَحْسَنَ مِنْ ذَلِكَ ، فَإِذَا اسْتَنْعَتَ قَصْدَ السَّبِيلِ نَعَتَ لَهُ وَيَسَّرَهُ ، وَإِذَا اسْتَنْصَرَهُ عَلَى الْعَدُوِّ نَصَرَهُ ، وَإِذَا اسْتَعَارَهُ الْمُسْلِمُ الْحَدَّ عَلَى الْمُسْلِمِ لَمْ يُعِرْهُ ، وَإِذَا اسْتَعَارَهُ الْمُسْلِمُ الْحَدَّ عَلَى الْعَدُوِّ أَعَارَهُ ، وَلَمْ يَمْنَعُهُ الْمَاعُونَ ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا الْمَاعُونُ ؟ قَالَ : الْمَاعُونُ فِي الْمَاءِ وَالْحِجَارَةِ وَالْحَدِيدِ ، قِيلَ : أَيُّ الْحَدِيدِ ؟ قَالَ : قِدْرُ النَّحَّاسِ ، وَحَدِيدُ النَّاسِ الَّذِينَ يَمْتَهِنُونَ بِهِ قَالَ : وَلَمْ يَزَلْ شُرَيْحٌ عَامِلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى قَوْمِهِ ، وَعَامِلَ أَبِي بَكْرٍ ، فَلَمَّا قَامَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَتَاهُ بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَخَذَهُ فَوَضَعَهُ تَحْتَ قَدَمِهِ وَقَالَ : لَا ، مَا هُوَ إِلَّا مَلِكٌ ، انْصَرِفْ