Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchive/public_html/production/pages/hadith.php on line 215

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchive/public_html/production/pages/hadith.php on line 215
أرشيف الإسلام - موسوعة الحديث - حديث () - تاريخ المدينة لابن شبة حديث رقم: 20000
  • 1556
  • بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاهَمَ بَيْنَ نِسَائِهِ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ أَيَّتُهُنَّ تَخْرُجُ مَعَهُ ، فَخَرَجَ سَهْمُ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، فَخَرَجَ بِهِمَا مَعَهُ ، فَلَمَّا قَفَلُوا مِنْ غَزَاتِهِمْ ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ لَيْلَتَانِ ، مَالَ رَحْلُ أُمِّ سَلَمَةَ فَأَنَاخُوا بَعِيرَهَا لِيُصْلِحُوا رَحْلَهَا ، ثُمَّ جُعِلَ الْهَوْدَجُ فَيُوضَعُ عَلَى الْبَعِيرِ ثُمَّ يُشَدُّ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا غَيَّرُوا رَحْلَ أُمِّ سَلَمَةَ نَزَلَتْ عَائِشَةُ لِحَاجَةٍ كَانَتْ لَهَا ، فَسَقَطَتْ قِلَادَةٌ كَانَتْ فِي عُنُقِهَا مِنْ جَزْعِ أَظْفَارٍ يَمَانِيَّةٍ ، فَرَجَعَتْ تَلْتَمِسُهَا فَوَجَدَتِ الْقَوْمَ قَدْ ذَهَبُوا ، وَظَنُّوا أَنَّهَا فِي الْهَوْدَجِ . قَالَتْ عَائِشَةُ : فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : لَوِ اضْطَجَعْتُ فِي مَكَانِي لَعَلَّهُمْ يَفْقِدُونِي فَيَلْتَمِسُونِي ، فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ : صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ ، وَكَانَ فِي سَاقَةِ الْقَوْمِ ، فَنَادَى بِهَا : أَيُّهَا النَّائِمُ - وَهُوَ يَحْسِبُنِي رَجُلًا - فَرَفَعْتُ رَأْسِي ، وَقَدْ كَانَ رَآنِي قَبْلَ الْحِجَابِ ، فَاسْتَرْجَعَ ، ثُمَّ أَنَاخَ بَعِيرَهُ فَعَقَلَ يَدَيْهِ جَمِيعًا ثُمَّ قَالَ : يَا أُمَّهْ ، إِذَا اسْتَوَيْتِ عَلَيْهِ فَآذِنِينِي ، فَلَمَّا اسْتَوَيْتُ عَلَيْهِ آذَنْتُهُ ، فَأَخَذَ بِرَأْسِ الْجَمَلِ ، وَلَمْ يُكَلِّمْنِي حَتَّى جَاءَ بِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَمَا ارْتَفَعَ النَّهَارُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولٍ : مَا تَخَلَّفَتْ إِلَّا لِكَذَا وَكَذَا ، وَأَعَانَهُ عَلَى قَوْلِهِ مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَامْرَأَةٌ أُخْرَى . قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : وَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَكَثُرَ الْقَوْلُ فِي النَّاسِ فِي شَأْنِي ، وَكَانَ رَجُلَانِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدُهُمَا زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَالثَّانِي أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ يَقُولَانِ إِذَا سَمِعَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ : سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ . فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : وَرَابَنِي مِنْهُ أَنِّي كُنْتُ أَعْرِفُ مِنْ وُدِّهِ مَا أَعْرِفُ ، ثُمَّ اسْتَكْتَمَ فَمَا يُرِيدُ إِلَّا أَنْ يَقُولَ : " كَيْفَ تِيكُمْ ؟ " فَرَابَنِي ذَلِكَ مِنْهُ ، وَلَمْ أَعْلَمْ شَيْئًا مِمَّا قَالَ النَّاسُ فَقَالَتْ : فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ كَانَا مِنْ أَهْلِهِ : عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَقَالَ : " مَا تَرَيَانِ فِي عَائِشَةَ ؟ " فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : النِّسَاءُ كَثِيرٌ ، وَقَدْ أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ وَأَطَابَ ، طَلِّقْ وَانْكِحْ غَيْرَهَا ، وَإِنْ تَسْأَلْ عَنْهَا أُمَّ مِسْطَحٍ تَصْدُقْكَ . فَقَالَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِكَ إِلَّا خَيْرًا ، إِنَّ النَّاسَ لَيُكْثِرُونَ وَيَكْذِبُونَ ، وَإِنْ تَسْأَلْ عَنْهَا أُمَّ مِسْطَحٍ تُخْبِرْكَ ، فَأَرْسَلَ إِلَى أُمِّ مِسْطَحٍ فَقَالَ : " أَيَّ امْرَأَةٍ تَقُولِينَ فِي عَائِشَةَ ؟ " قَالَتْ : مَا عَلِمْنَا مِنْهَا إِلَّا خَيْرًا ، عَلَى أَنَّهَا امْرَأَةٌ رَقُودٌ ، تَرْقُدُ حَتَّى تَأْتِيَ الشَّاةُ فَتَأْكُلَ عَجِينَ أَهْلِهَا ، إِنَّهَا لَأَطْيَبُ مِنْ طَيِّبِ الذَّهَبِ ، وَإِنْ كَانَتْ كَمَا يَقُولُ النَّاسُ لَتُخْبِرَنَّكَ ، فَعَجِبَ النَّاسُ لِقَوْلِهَا ، ثُمَّ جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ : " مَنْ يَعْذِرُنِي مِمَّنْ يُؤْذِينِي فِي أَهْلِي ؟ وَاللَّهِ إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ فِي رَجُلٍ مَا دَخَلَ بَيْتِي إِلَّا مَعِي ، وَلَا أُسَافِرُ سَفَرًا إِلَّا سَافَرَ مَعِي ، فَلَمَّا أَمْسَوْا مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ - وَلَمْ أَعْلَمْ مَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ - خَرَجْتُ إِلَى مَا يَخْرُجُ إِلَيْهِ النِّسَاءُ مِنَ الْحَاجَةِ وَمَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ مَعَهَا سَحْبَلُ مَاءٍ ، فَعَثَرَتْ فَعَقَلَهَا إِزَارُهَا فَقَالَتْ : تَعِسَ مِسْطَحٌ فَقَالَتْ عَائِشَةُ : سُبْحَانَ اللَّهِ سَبَبْتِ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ شَهِدَ بَدْرًا وَهُوَ ابْنُكِ قَالَتْ : أَوَمَا تَدْرِينَ مَا قَالَ لَكِ ؟ قَالَتْ : وَمَا قَالَ لِي ؟ قَالَتْ : زَالَ بِكِ السَّيْلُ وَمَا تَدْرِينَ ؟ إِنَّهُ قَالَ كَذَا وَكَذَا قَالَتْ عَائِشَةُ : فَرَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي قَدْ تَقَلَّصَ ذَلِكَ مِنِّي مَا قَدَرْتُ عَلَى قَضَاءِ حَاجَةٍ ، فَبَكَيْتُ مِنَ الْعِشَاءِ حَتَّى أَصْبَحْتُ مَا دَخَلَ فِي عَيْنِي نَوْمٌ ، وَلَا جَفَّتْ لِي عَيْنٌ ، ثُمَّ بَكَيْتُ مِنْ بُكْرَةٍ حَتَّى اللَّيْلِ مَا جَفَّتْ لِي عَيْنٌ ، وَلَا دَخَلَ فِي عَيْنِي نَوْمٌ ، فَلَمَّا أَمْسَيْتُ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ائْذَنْ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ قَالَ : " نَعَمْ إِنْ شِئْتِ " قَالَتْ : فَجِئْتُ إِلَى أَبَوَيَّ فَقُلْتُ لَهُمَا : أَلَا خَبَّرْتُمَانِي حَتَّى أَعْتَذِرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَرَكِ قَطُّ ، وَدِدْتُ أَنْ لَوْ كُنْتِ حَيْضَةً ، وَاللَّهِ مَا قِيلَ ذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَكَيْفَ فِي الْإِسْلَامِ ؟ قَالَتْ : وَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا فَقَالَتْ أُمُّهَا أُمُّ رُومَانَ : يَا بُنَيَّةِ ، اخْفِضِي عَلَيْكِ شَأْنَكِ ، وَاللَّهِ مَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ يُحِبُّهَا زَوْجُهَا وَلَهَا ضَرَائِرُ إِلَّا يَبْغِينَهَا شَرًّا قَالَتْ : فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى فِي وُجُوهِهِمْ مِنَ الْحُزْنِ مَا رَأَى فَقَالَ : " يَا عَائِشَةُ ، إِنْ كُنْتِ فَعَلْتِ شَيْئًا مِمَّا قَالُوا فَأَخْبِرِينِي حَتَّى أَسْتَغْفِرَ اللَّهَ لَكِ " فَقَالَتْ لِأَبَوَيْهَا : أَجِيبَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِّي قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أُجِيبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَا أَدْرِي مَاذَا أَقُولُ قَالَتْ عَائِشَةُ : وَاللَّهِ لَا أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْ هَذَا الذَّنْبِ أَبَدًا ، وَإِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ فَلَا غَفَرَ اللَّهُ لِي ، وَمَا أَجِدُ مَثَلِي وَمَثَلَكُمْ إِلَّا مِثْلَ أَبِي يُوسُفَ حِينَ قَالَ : {{ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ }} ، وَمَا أَذْكُرُ اسْمَ يَعْقُوبَ مِنَ الْأَسَفِ قَالَتْ : وَبَكَيْتُ ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَهَيْئَةِ مَا يَعْتَرِيهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ادْنِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لَا أَمَسُّهُ ، فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقَالَ لَهَا : " أَبْشِرِي ؛ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَنْزَلَ بَرَاءَتَكِ " قَالَتْ : بِحَمْدِ اللَّهِ لَا بِحَمْدِكَ وَحَمْدِ صَاحِبَيْكَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَاللَّهِ لَا أَنْفَعُ مِسْطَحًا أَبَدًا ، افْتَرَى عَلَى ابْنَتِي ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : {{ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }} ، فَكَفَّرَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ يَمِينِهِ ، وَأَحْسَنَ إِلَى مِسْطَحٍ بَعْدُ وَزَادَهُ عَلَى مَا كَانَ يَصْنَعُ إِلَيْهِ ، وَنَزَلَ فِي عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي سُورَةِ النُّورِ بَعْدَ الْفِتْنَةِ : {{ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ }} إِلَى قَوْلِهِ : {{ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ }} "

    وَكَانَ مِنْ شَأْنِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سَاهَمَ بَيْنَ نِسَائِهِ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ أَيَّتُهُنَّ تَخْرُجُ مَعَهُ ، فَخَرَجَ سَهْمُ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، فَخَرَجَ بِهِمَا مَعَهُ ، فَلَمَّا قَفَلُوا مِنْ غَزَاتِهِمْ ، وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ لَيْلَتَانِ ، مَالَ رَحْلُ أُمِّ سَلَمَةَ فَأَنَاخُوا بَعِيرَهَا لِيُصْلِحُوا رَحْلَهَا ، ثُمَّ جُعِلَ الْهَوْدَجُ فَيُوضَعُ عَلَى الْبَعِيرِ ثُمَّ يُشَدُّ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا غَيَّرُوا رَحْلَ أُمِّ سَلَمَةَ نَزَلَتْ عَائِشَةُ لِحَاجَةٍ كَانَتْ لَهَا ، فَسَقَطَتْ قِلَادَةٌ كَانَتْ فِي عُنُقِهَا مِنْ جَزْعِ أَظْفَارٍ يَمَانِيَّةٍ ، فَرَجَعَتْ تَلْتَمِسُهَا فَوَجَدَتِ الْقَوْمَ قَدْ ذَهَبُوا ، وَظَنُّوا أَنَّهَا فِي الْهَوْدَجِ . قَالَتْ عَائِشَةُ : فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : لَوِ اضْطَجَعْتُ فِي مَكَانِي لَعَلَّهُمْ يَفْقِدُونِي فَيَلْتَمِسُونِي ، فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ : صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ ، وَكَانَ فِي سَاقَةِ الْقَوْمِ ، فَنَادَى بِهَا : أَيُّهَا النَّائِمُ - وَهُوَ يَحْسِبُنِي رَجُلًا - فَرَفَعْتُ رَأْسِي ، وَقَدْ كَانَ رَآنِي قَبْلَ الْحِجَابِ ، فَاسْتَرْجَعَ ، ثُمَّ أَنَاخَ بَعِيرَهُ فَعَقَلَ يَدَيْهِ جَمِيعًا ثُمَّ قَالَ : يَا أُمَّهْ ، إِذَا اسْتَوَيْتِ عَلَيْهِ فَآذِنِينِي ، فَلَمَّا اسْتَوَيْتُ عَلَيْهِ آذَنْتُهُ ، فَأَخَذَ بِرَأْسِ الْجَمَلِ ، وَلَمْ يُكَلِّمْنِي حَتَّى جَاءَ بِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعْدَمَا ارْتَفَعَ النَّهَارُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولٍ : مَا تَخَلَّفَتْ إِلَّا لِكَذَا وَكَذَا ، وَأَعَانَهُ عَلَى قَوْلِهِ مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَامْرَأَةٌ أُخْرَى . قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : وَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَكَثُرَ الْقَوْلُ فِي النَّاسِ فِي شَأْنِي ، وَكَانَ رَجُلَانِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَحَدُهُمَا زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَالثَّانِي أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ يَقُولَانِ إِذَا سَمِعَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ : سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ . فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : وَرَابَنِي مِنْهُ أَنِّي كُنْتُ أَعْرِفُ مِنْ وُدِّهِ مَا أَعْرِفُ ، ثُمَّ اسْتَكْتَمَ فَمَا يُرِيدُ إِلَّا أَنْ يَقُولَ : كَيْفَ تِيكُمْ ؟ فَرَابَنِي ذَلِكَ مِنْهُ ، وَلَمْ أَعْلَمْ شَيْئًا مِمَّا قَالَ النَّاسُ فَقَالَتْ : فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَدَعَا رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ كَانَا مِنْ أَهْلِهِ : عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَقَالَ : مَا تَرَيَانِ فِي عَائِشَةَ ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : النِّسَاءُ كَثِيرٌ ، وَقَدْ أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ وَأَطَابَ ، طَلِّقْ وَانْكِحْ غَيْرَهَا ، وَإِنْ تَسْأَلْ عَنْهَا أُمَّ مِسْطَحٍ تَصْدُقْكَ . فَقَالَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِكَ إِلَّا خَيْرًا ، إِنَّ النَّاسَ لَيُكْثِرُونَ وَيَكْذِبُونَ ، وَإِنْ تَسْأَلْ عَنْهَا أُمَّ مِسْطَحٍ تُخْبِرْكَ ، فَأَرْسَلَ إِلَى أُمِّ مِسْطَحٍ فَقَالَ : أَيَّ امْرَأَةٍ تَقُولِينَ فِي عَائِشَةَ ؟ قَالَتْ : مَا عَلِمْنَا مِنْهَا إِلَّا خَيْرًا ، عَلَى أَنَّهَا امْرَأَةٌ رَقُودٌ ، تَرْقُدُ حَتَّى تَأْتِيَ الشَّاةُ فَتَأْكُلَ عَجِينَ أَهْلِهَا ، إِنَّهَا لَأَطْيَبُ مِنْ طَيِّبِ الذَّهَبِ ، وَإِنْ كَانَتْ كَمَا يَقُولُ النَّاسُ لَتُخْبِرَنَّكَ ، فَعَجِبَ النَّاسُ لِقَوْلِهَا ، ثُمَّ جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ : مَنْ يَعْذِرُنِي مِمَّنْ يُؤْذِينِي فِي أَهْلِي ؟ وَاللَّهِ إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ فِي رَجُلٍ مَا دَخَلَ بَيْتِي إِلَّا مَعِي ، وَلَا أُسَافِرُ سَفَرًا إِلَّا سَافَرَ مَعِي ، فَلَمَّا أَمْسَوْا مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ - وَلَمْ أَعْلَمْ مَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ - خَرَجْتُ إِلَى مَا يَخْرُجُ إِلَيْهِ النِّسَاءُ مِنَ الْحَاجَةِ وَمَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ مَعَهَا سَحْبَلُ مَاءٍ ، فَعَثَرَتْ فَعَقَلَهَا إِزَارُهَا فَقَالَتْ : تَعِسَ مِسْطَحٌ فَقَالَتْ عَائِشَةُ : سُبْحَانَ اللَّهِ سَبَبْتِ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ شَهِدَ بَدْرًا وَهُوَ ابْنُكِ قَالَتْ : أَوَمَا تَدْرِينَ مَا قَالَ لَكِ ؟ قَالَتْ : وَمَا قَالَ لِي ؟ قَالَتْ : زَالَ بِكِ السَّيْلُ وَمَا تَدْرِينَ ؟ إِنَّهُ قَالَ كَذَا وَكَذَا قَالَتْ عَائِشَةُ : فَرَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي قَدْ تَقَلَّصَ ذَلِكَ مِنِّي مَا قَدَرْتُ عَلَى قَضَاءِ حَاجَةٍ ، فَبَكَيْتُ مِنَ الْعِشَاءِ حَتَّى أَصْبَحْتُ مَا دَخَلَ فِي عَيْنِي نَوْمٌ ، وَلَا جَفَّتْ لِي عَيْنٌ ، ثُمَّ بَكَيْتُ مِنْ بُكْرَةٍ حَتَّى اللَّيْلِ مَا جَفَّتْ لِي عَيْنٌ ، وَلَا دَخَلَ فِي عَيْنِي نَوْمٌ ، فَلَمَّا أَمْسَيْتُ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ائْذَنْ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ قَالَ : نَعَمْ إِنْ شِئْتِ قَالَتْ : فَجِئْتُ إِلَى أَبَوَيَّ فَقُلْتُ لَهُمَا : أَلَا خَبَّرْتُمَانِي حَتَّى أَعْتَذِرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ؟ فَقَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَرَكِ قَطُّ ، وَدِدْتُ أَنْ لَوْ كُنْتِ حَيْضَةً ، وَاللَّهِ مَا قِيلَ ذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَكَيْفَ فِي الْإِسْلَامِ ؟ قَالَتْ : وَاللَّهِ لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا فَقَالَتْ أُمُّهَا أُمُّ رُومَانَ : يَا بُنَيَّةِ ، اخْفِضِي عَلَيْكِ شَأْنَكِ ، وَاللَّهِ مَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ يُحِبُّهَا زَوْجُهَا وَلَهَا ضَرَائِرُ إِلَّا يَبْغِينَهَا شَرًّا قَالَتْ : فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَرَأَى فِي وُجُوهِهِمْ مِنَ الْحُزْنِ مَا رَأَى فَقَالَ : يَا عَائِشَةُ ، إِنْ كُنْتِ فَعَلْتِ شَيْئًا مِمَّا قَالُوا فَأَخْبِرِينِي حَتَّى أَسْتَغْفِرَ اللَّهَ لَكِ فَقَالَتْ لِأَبَوَيْهَا : أَجِيبَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنِّي قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أُجِيبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَمَا أَدْرِي مَاذَا أَقُولُ قَالَتْ عَائِشَةُ : وَاللَّهِ لَا أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْ هَذَا الذَّنْبِ أَبَدًا ، وَإِنْ كُنْتُ فَعَلْتُ فَلَا غَفَرَ اللَّهُ لِي ، وَمَا أَجِدُ مَثَلِي وَمَثَلَكُمْ إِلَّا مِثْلَ أَبِي يُوسُفَ حِينَ قَالَ : {{ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ }} ، وَمَا أَذْكُرُ اسْمَ يَعْقُوبَ مِنَ الْأَسَفِ قَالَتْ : وَبَكَيْتُ ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَهَيْئَةِ مَا يَعْتَرِيهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ادْنِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لَا أَمَسُّهُ ، فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقَالَ لَهَا : أَبْشِرِي ؛ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَنْزَلَ بَرَاءَتَكِ قَالَتْ : بِحَمْدِ اللَّهِ لَا بِحَمْدِكَ وَحَمْدِ صَاحِبَيْكَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَاللَّهِ لَا أَنْفَعُ مِسْطَحًا أَبَدًا ، افْتَرَى عَلَى ابْنَتِي ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : {{ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }} ، فَكَفَّرَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ يَمِينِهِ ، وَأَحْسَنَ إِلَى مِسْطَحٍ بَعْدُ وَزَادَهُ عَلَى مَا كَانَ يَصْنَعُ إِلَيْهِ ، وَنَزَلَ فِي عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي سُورَةِ النُّورِ بَعْدَ الْفِتْنَةِ : {{ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ }} إِلَى قَوْلِهِ : {{ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ }} حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الرَّازِيُّ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ : حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ ، حَدِيثَ عَائِشَةَ حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا ، وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا ، وَبَعْضُهُمْ كَانَ أَثْبَتَ لِحَدِيثِهِا مِنْ بَعْضٍ ، وَأَحْسَنَ لَهُ قَصَصًا ، عَنْ عَائِشَةَ ، فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ فُلَيْحٍ ، وَلَمْ يَقُلْ : بَنِي الْمُصْطَلِقِ ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لَا أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ