• 779
  • عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْجُمُعَةِ ، فَلَمَّا قَرَأَ : {{ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ }} قَالَ رَجُلٌ : مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ يُرَاجِعْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى سَأَلَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ، قَالَ : وَفِينَا سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ قَالَ : فَوَضَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى سَلْمَانَ ، ثُمَّ قَالَ : " لَوْ كَانَ الْإِيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا ، لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنْ هَؤُلَاءِ "

    حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ ، عَنْ ثَوْرٍ ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، إِذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْجُمُعَةِ ، فَلَمَّا قَرَأَ : {{ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ }} قَالَ رَجُلٌ : مَنْ هَؤُلَاءِ ؟ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ يُرَاجِعْهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى سَأَلَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ، قَالَ : وَفِينَا سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ قَالَ : فَوَضَعَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى سَلْمَانَ ، ثُمَّ قَالَ : لَوْ كَانَ الْإِيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا ، لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنْ هَؤُلَاءِ

    الثريا: الثريا : مجموعة من نجوم السماء
    " لَوْ كَانَ الْإِيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا ، لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنْ هَؤُلَاءِ
    حديث رقم: 4724 في صحيح مسلم كتاب فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ بَابُ فَضْلِ فَارِسَ
    حديث رقم: 3765 في سنن أبي داوود كِتَاب الْفِتَنِ وَالْمَلَاحِمِ بَابُ ذِكْرِ الْفِتَنِ وَدَلَائِلِهَا
    حديث رقم: 3332 في جامع الترمذي أبواب تفسير القرآن باب: ومن سورة محمد صلى الله عليه وسلم
    حديث رقم: 4031 في جامع الترمذي أبواب المناقب باب في فضل العجم
    حديث رقم: 7766 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 7895 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 9257 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 9223 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 9865 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 7433 في صحيح ابن حبان كِتَابُ إِخْبَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ ، رِجَالِهُمْ ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِالْمَعْنَى الَّذِي أَوْمَأْنَا إِلَيْهِ
    حديث رقم: 7246 في صحيح ابن حبان كِتَابُ إِخْبَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ ، رِجَالِهُمْ ذِكْرُ سَلْمَانَ الْفَارِسَيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 7432 في صحيح ابن حبان كِتَابُ إِخْبَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ ، رِجَالِهُمْ ذِكْرُ شَهَادَةِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ فَارِسٍ بِقَوْلِ الْإِيمَانِ
    حديث رقم: 8006 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الْمَنَاقِبِ مَنَاقِبُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ
    حديث رقم: 11146 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ التَّفْسِيرِ سُورَةُ الْجُمُعَةِ
    حديث رقم: 31877 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الْفَضَائِلِ مَا جَاءَ فِي الْعَجَمِ
    حديث رقم: 36575 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الْفِتَنِ مَنْ كَرِهَ الْخُرُوجَ فِي الْفِتْنَةِ وَتَعَوَّذَ عَنْهَا
    حديث رقم: 9011 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْمِيمِ
    حديث رقم: 525 في الجامع لمعمّر بن راشد بَابُ قَبَائِلِ الْعَجَمِ
    حديث رقم: 257 في أحاديث إسماعيل بن جعفر أحاديث إسماعيل بن جعفر رَابِعًا أَحَادِيثُ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
    حديث رقم: 1 في أخبار أصبهان لأبي نعيم الأصبهاني مُقَدِّمَة ذِكْرُ بَدْءِ أَصْبَهَانَ ، وَعَدَدِ مُدُنِهَا ، وَرَسَاتِيقِهَا وَأَمَّا أَصْبَهَانُ فَإِنَّ رُقْعَتَهَا وُضِعَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا ، وَحُدُودُهَا كَانَتْ مَا بَيْنَ أَطْرَافِ هَمَذَانَ وَمَاهْ وَنِهَاوَنْدَ إِلَى أَطْرَافِ كَرْمَانَ ، وَمَا بَيْنَ أَطْرَافِ الرَّيِّ وَقُومِسَ إِلَى أَطْرَافِ فَارِسَ وَخُوزِسْتَانَ ، وَكَانَتْ مَوْضُوعَةً عَلَى أَسَاتِينَ ثَلَاثَةٍ ، وَعَلَى ثَلَاثِينَ رُسْتَاقًا وَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ طَسُّوجًا ، وَخَمْسَةِ آلَافِ قَرْيَةٍ ، وَسَبْعِ مَدَائِنَ ، ذَكَرَ ذَلِكَ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ مَشْرُوحًا بِأَسَامِيهَا وَحُدُودِهَا فَأَمَّا أَسَامِي مُدُنِهَا : فَمَدِينَةُ كَهْثَةَ ، وَمَدِينَةُ جَارَّ ، وَمَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ ِقه ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ دررام ، وَمَدِينَةُ سارويه ، فَخَرِبَتْ مِنْ هَذِهِ الْمُدُنِ السَّبْعِ أَرْبَعٌ ، وَبَقِيَتْ إِلَى الْإِسْلَامِ ثَلَاثُ مَدَائِنَ : مَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ قِه ، هَذِهِ الْمُدُنُ حَصَلَتْ عَلَى كُورَتَيْنِ وَسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا وَثَلَاثَةِ آلَافٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ قَرْيَةً إِلَى أَنْ وَرَدَهَا الْعَرَبُ ، فَخَرَّبُوا مِنَ المدنِ الثَّلَاثِ مَدِينَتَيْنِ : مَدِينَةَ قه مِنْ رُسْتَاقِ جه ، وَمَدِينَةِ سارويه مِنْ رُسْتَاقِ قَاسَانَ ثُمَّ إِنَّ الرَّشِيدَ كَوَّرَ كُورَةَ قُمِّ مِنْ أَصْبَهَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ ، مَعَ مَا أَضَافَ إِلَيْهِ مِنْ رَسَاتِيقَ أُخَرَ مِنْ هَمَذَانَ وَنَهَاوَنْدَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا إِلَى أَنْ شَرَعَ الْمُعْتَصِمُ فِي بِنَاءِ كُورَةِ الْكَرْجِ فَكَوَّرَ الْكَرْجَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ مِنْ أَصْبَهَانَ وَعَلَى ضِيَاعٍ أُخَرَ مِنْ ضِيَاعِ نِهَاوَنْدَ وَهَمَذَانَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَ الْمُعْتَصِمِ عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ رُسْتَاقًا وَكُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةِ قَرْيَةٍ بِالتَّقْرِيبِ ، هَذَا مَا قَالَهُ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ وَأَمَّا بِنَاءُ مَدِينَةِ جَيَّ فَقِيلَ بَنَاهَا الْإِسْكَنْدَرُ الرُّومِيُّ عَلَى يَدَيْ جَيَّ بْنِ زَارْدَهَ الْأَصْبَهَانِيِّ فَسُمِّيَتِ الْمَدِينَةُ بِهِ ، وَعَرْضُ أَسَاسِ سُورِهَا سِتُّونَ لَبِنَةً وَأَلْزَقَ بِأَسَاسِهِ الفرهيز بالشيفتق ، وَقِيلَ إِنَّ الْمَدِينَةَ كَانَتْ مَبْنِيَّةً قَبْلَ أَيَّامِ مَمْلَكَةِ جم فَخَرَّبَهَا فراسياب فِيمَا خَرَّبَ مِنْ سَائِرِ الْمُدُنِ بِإِيرَانَ شَهْرَ ، وَأَعَادَ أَسَاسَهَا خماني جَهْرَازَادَ بِنْتُ بَهْمَنَ بْنِ إِسْفَنْدِيارَ الْمَلِكَةُ قَبْلَ مَجِيءِ الْإِسْكَنْدَرِ ، فَمَاتَتْ خماني مِنْ بِنَاءِ السُّورِ عَلَى النِّصْفِ ، وَوَرَدَ الْإِسْكَنْدَرُ فَتَرَكَهَا عَلَى حَالِهَا ، فَبَقِيَتْ عَلَى حَالَتِهَا إِلَى أَيَّامِ فَيْرُوزَ بْنِ يَزْدَجِرْدَ فَتَقَدَّمَ إِلَى آذَرْسَابُورَ بْنِ آذَرِمَانَانَ مِنْ قَرْيَةِ هَرَاسْنَانَ مِنْ رُسْتَاقِ مابرين بِإِتْمَامِ بِنَاءِ سُوَرِ مَدِينَةِ جَيَّ وَذَلِكَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِمِائَةٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً ، فَأَتَمَّ بِنَاءَهَا آذَرْ سَابُورَ ، وَرَكَّبَ فِيهِ الشُّرُفَ ، وَهَيَّأَ مَوَاقِفَ الْمُقَاتِلَةِ عَلَى أَعْلَاهُ ، وَعَلَّقَ أَرْبَعَةَ أَبْوَابٍ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ مِنَ السُّورِ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ، فِي كُلِّ يَوْمٍ بَابًا ، عَلَّقَ الْبَابَ الَّذِي وَجْهُهُ إِلَى مَيْدَانِ السُّوقِ فِي رُوزَ خُورَ فَسَمَّاهُ بَابَ خُورَ ، وَتَفْسِيرُ خُورُ الشَّمْسُ ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ مَاهْ بِرَّ فِي رُوزَ مَاهَ وَمَاهُ عِنْدَهُمُ الْقَمَرُ ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى بَابَ إِسْفِيسَ ، ثُمَّ عَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الثَّالِثَ وَسَمَّاهُ تَبْرِيزَ ، وَمَعْنَاهُ بَابُ عُطَارِدَ ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابِ تِيَرَه ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الرَّابِعَ وَسَمَّاهُ كُوشَ بَرَّ وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابَ الْيَهُودِيَّةِ وَمِنَ الْهَنْدَسَةِ فِي تَعْلِيقِ هَذِهِ الْأَبْوَابِ أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا حَلَّتْ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ الْجَدْيِ تَطْلُعُ فِي بَابِ خُورَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ الْيَهُودِيَّةِ وَإِذَا حَلَّتِ الشَّمْسُ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ السَّرَطَانِ طَلَعَتْ فِي بَابِ إِسْفِيسَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ تِيرَهَ وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنَ الزُّبَيْرِيَّةِ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ ، فَقَلَعَ بَابَ خُورَ وَفَتَحَ بَابًا آخَرَ مِنْ سُورِهَا ، وَسَمَّى الْبَابَ الْجَدِيدَ ، وَرَدَّ مَكَانَهُ بَاب خَشَيبًا عَلَى مِصْرَاعٍ وَاحِدٍ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى بَعْضِ أَبْوَابِهَا مَكْتُوبًا يَقُولُ : أَشْتَاذْوِيَهْ الْمُوَكَّلُ بِالْقَيَّاسِينَ وَالْبَنَّائِينَ : إِنَّهُ ارْتُفِعَ فِي ثَمَنِ أُدْمِ الْعُمْلَةِ لِسُوَرِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ سِتُّمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ : أَنَّ الْمُوَكَّلَ رُفِعَتْ عَلَيْهِ رَفِيعَةٌ ، فَحُوسِبَ فَحَصَلَ عَلَيْهِ خَمْسُونَ أَلْفَ دِينَارٍ فَصُرِفَتْ إِلَى نَفَقَةِ الْفَرْهِيزَ الْمُلْزَقِ بِأَسَاسِ السُّوَرِ وَلَمْ تَكُنِ الْمَدِينَةُ مَسْكُونَةً ، إِنَّمَا كَانَتْ حِصْنًا لِأَهْلِ قُرَى رُسْتَاقِ جَيِّ وَكَانُوا يَسْكُنُونَ مَدِينَةَ قه إِلَى أَنْ جَاءَ الْإِسْلَامُ ، فَخَرَّبَتِ الْعَرَبُ مَدِينَةَ قه ، فَتَحَوَّلَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِهَا إِلَى مَدِينَةِ جَيَّ ، فَهُمْ أَوَّلُ قَوْمٍ سَكَنُوهَا وَأَوَّلُ دَارٍ بُنِيَتْ بِمَدِينَةِ جَيَّ دَارُ الْمِطْيَارُ بِأَمْرِ كِسْرَى أَبَرْوَيِزَ لَمَّا فَتَحَ لَهُ الْمِطْيَارُ مَدِينَةَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ ثُمَّ بَنِي فِيهَا سَائِرَ الدُّورِ لَمَّا انْتَقَلُوا إِلَيْهَا مِنْ مَدِينَةِ قه وَمِسَاحَةُ مَدِينَةِ جَيَّ اسْتِدَارَةُ سُورِهَا أَلْفُ قَصَبَةٍ فَمِسَاحَةُ الْمَدِينَةِ أَلْفَا جَرِيبٍ سَوَاءً ، وَذَلِكَ أَنَّ قُطْرَهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ قَصَبَةٍ فَإِذَا ضُرِبَ نِصْفُ قُطْرِهَا فِي نِصْفِ إِدَارَتِهَا كَانَ ثَمَانِينَ أَلْفَ قَصَبَةٍ وَذَلِكَ أَلْفَا جَرِيبٍ فِي سُورِهَا مِنَ الْقُصُورِ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةُ قُصُورٍ وَهِيَ بُرُوجٌ مُعْوَجَّةٌ وَاسِعَةٌ ثَابِتَةٌ مِنَ اسْتِدَارَةِ السُّوَرِ ، فَمِنْ بَابِ خُورٍ إِلَى بَابِ الْيَهُودِيَّةِ الصُّغْرَى أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ تِيرَهَ أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ إِسْفِيسَ أَلْفٌ وَثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابُ خُورٍ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، فَدَوَرَانُ مَدِينَةِ جَيَّ سَبْعَةُ آلَافٍ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ ، وَبِذِرَاعِ الْيَدِ عَشَرَةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةٍ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا ، وَطُولُهَا أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَعَرْضُهَا أَلْفٌ وَسَبْعُمِائَةٍ وَاثْنَانِ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا وَهَذِهِ الْمِسَاحَةُ عَلَى مَا ذُكِرَ تَوَلَّاهَا مُحَمَّدُ بْنُ لُرَّةَ الْحَاسِبُ وَأَمَّا تَمْصِيرُ الْبَلَدِ الْمُسَمَّى بِالْيَهُودِيَّةِ فَمَصَّرَهَا أَيُّوبُ بْنُ زِيَادٍ فِيِ خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ فِي سَنَةِ نَيِّفٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَوَرَدَ عَامِلًا عَلَى الْخَرَاجِ مَعَ خَالِ الْمَهْدِيِّ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْحِمْيَرِيِّ ، وَكَانَ عَلَى الْحَرْبِ ثُمَّ صُرِفَ سَعِيدٌ وَجُمِعَ لِأَيُّوبَ الْحَرْبُ وَالْخَرَاجُ فَنَزَلَ بِقَرْيَةِ خشينانَ وَبَنَى قَصْرًا عَلَى شَاطِئِ نَهْرِ فُرْسَانَ ، ثُمَّ بَنَى بِحِذَائِهِ مَسْجِدًا ذَا مَقْصُورَةٍ هِيَ بَاقِيَةٌ إِلَى الْيَوْمِ ، وَوَضَعَ فِيهِ الْمِنْبَرَ ، وَخَطَّ سُوقًا لِلْبَاعَةِ ، وَالتُّجَّارِ ، وَالْعَمَلَةِ ، ذَاتِ صُفُوفٍ فِي طَرَفِ الْيَهُودِيَّةِ ، فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُعْرَفُ بِصَفِّ التَّبَّانِينَ ، وَاتَّصَلَتْ فِي أَيَّامِ وِلَايَتِهِ بِدُورِ الْيَهُودِيَّةِ دُورُ قَرْيَةِ خشينانَ وَخِطَّةُ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ بَابِ مَسْجِدِ خشينانَ طُولًا إِلَى بَابِ بَاغَ عِيسَى بْنِ أَيُّوبَ ، وَعَرْضًا مِنْ جَانِبِ مَحِلَّةِ كَوْرَاءَ إِلَى مِلَنْجَةَ وَكَانَتِ الْيَهُودِيَّةُ تُسَمَّى فِي أَيَّامِ مَمْلَكَةِ الْفُرْسِ كُو جُهُودْانَ يَعْنِي سِكَّةَ الْيَهُودِ ، وَهِيَ مِنْ صَحْرَاءِ قَرْيَةِ يُوَانَ ، فَأَحَدُ حُدُودِهَا يَنْتَهِي إِلَى قَرْيَةِ يُوَانَ وَالثَّانِي إِلَى قَرْيَةِ خرجان وَسُنْبُلَانِ ، وَالثَّالِثُ إِلَى قَرْيَتَيْ كماءان وَأشكهان ، وَالرَّابِعُ إِلَى قَرْيَتَيْ جرواءان وَخشينان ، وَرُقْعَتُهَا سَبْعُمِائَةِ جُرَيْبٍ ، وَسَكَنَتْهَا الْيَهُودُ مُقْبِلِينَ عَلَى صِنَاعَاتِهِمُ الْقَذِرَةِ كَالْحِجَامَةِ ، وَالدِّبَاغَةِ ، وَالْقِصَارَةِ ، وَالْقِصَابَةِ ، إِلَى أَنْ سَخِطَ الْمَهْدِيُّ عَلَى أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ فَحُمِلَ إِلَى الْحَضْرَةِ وَحُبِسَ ، فَاجْتَمَعَ عَرَبُ قَرْيَةِ طِهْرَانَ وَهُمُ التَّيْمُ عَلَى بِنَاءِ مَسْجِدٍ جَامِعٍ وَاسِعٍ يَنْقُلُونَ إِلَيْهِ مِنْبَرَ مَسْجِدِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ ، وَكَانَ مَوْضِعُ صَدْرِ الْجَامِعِ الْمُسَقَّفِ إِلَى وَرَاءِ السِّقَايَةِ طرارا لِصَخْرِ بْنِ سِنَانٍ وَأَرْضِ مُرِيكَةَ لِزِيَارَةٍ بِطِهْرَانَ فَوَهَبَهُ لِلْجَامِعِ فَنُقِلَ الْمِنْبَرُ إِلَيْهِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ فِي إِمَارَةِ هَانِئِ بْنِ أَبِي هَانِئٍ بَعْدَ تَمْصِيرِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ لِلْيَهُودِيَّةِ بِخَمْسِ سِنِينَ وَقِيلَ إِنَّ أَوَّلَ مَسْجِدٍ بُنِيَ بِالْيَهُودِيَّةِ مَسْجِدٌ بِمَحَلَّةِ بَاذَانِهِ يُنْسَبُ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ ثُمَامَةَ وَكَانَ أَمِيرَ أَصْبَهَانَ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَسْجِدَ خشينان أَوَّلُ مَسْجِدٍ كَبِيرٍ بُنِيَ بِأَصْبَهَانَ بَنَاهُ أَبُو خُنَاسٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي خِلَافَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَاتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ بَعْدَ بِنَاءِ جَامِعِهَا بِصَحْرَاءَ خَمْسَ عَشْرَةَ قَرْيَةً انْضَافَتْ رُقْعَتُهَا إِلَى الْيَهُودِيَّةِ ، وَهِيَ باطرقان ، وَفرسان ، وَيوان ، وَخرجان ، وَفُلْفُلَانِ ، وَسُنْبُلَانِ ، وَفراءان ، وَكماءان ، وَجوزدان ، وَلِنْبَانَ ، وَأشكهان ، وَجرواءان ، وَخشينان وَبروسكان وَفابجان ، فَلَمَّا اتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ اجْتَمَعَ النَّاسُ لِتَوْسِيعِ الْمَسْجِدِ وَزَادُوا فِيهِ وَأَضَافَ إِلَيْهِ الْخَصِيبُ بْنُ سَلْمٍ الْأَرَضِينَ الْمُسَمَّاةَ بخصيباباذ ثُمَّ أُعِيدَ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي خِلَافَةِ الْمُعْتَصِمِ وَإِمَارَةِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الْخُزَاعِيِّ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ ثُمَّ زَادَ فِيهِ أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ الزِّيَادَةَ الَّتِي تُسَمَّى رستماباذ وَكَانَتْ خَانَاتٌ وَمُسْتَرَاحَاتٌ فَكَنَسَهَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ وَأَضَافَهَا إِلَى الْجَامِعِ فِي خِلَافَةِ الْمُقْتَدِرِ وَإِمَارَةِ أَحْمَدَ بْنِ مَسْرُورٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْأُولَى فِي جَامِعَهَا وَإِضَافَةِ الْبِقَاعِ وَالدُّورِ إِلَيْهَا فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ فَكَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَفْصٍ الذَّكْوَانِيِّ فِيهِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِجَمِيعِ نَفَقَاتِهِ ، فَيُكَلِّمُ فِيهِ الرَّجُلَ بَعْدَ الرَّجُلِ ، حَتَّى رُبَّمَا يَجْتَمِعُ لَهُ الْجُمَلُ الْكَثِيرَةُ ، ثُمَّ لَا يَسْتَحْقِرُ مَعَ هَذَا خَاتَمًا ، أَوْ قِيمَتَهُ ، أَوْ كُبَّةُ غَزْلٍ ، أَوْ قِيمَتُهَا ، فَيَصْرِفُ مَا يَجْتَمِعُ فِي بِنَائِهَا ، وَشِرَى دُورٍ وَبِقَاعٍ لَهُ وَأَمَّا نَفَقَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ
    حديث رقم: 2 في أخبار أصبهان لأبي نعيم الأصبهاني مُقَدِّمَة ذِكْرُ بَدْءِ أَصْبَهَانَ ، وَعَدَدِ مُدُنِهَا ، وَرَسَاتِيقِهَا وَأَمَّا أَصْبَهَانُ فَإِنَّ رُقْعَتَهَا وُضِعَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا ، وَحُدُودُهَا كَانَتْ مَا بَيْنَ أَطْرَافِ هَمَذَانَ وَمَاهْ وَنِهَاوَنْدَ إِلَى أَطْرَافِ كَرْمَانَ ، وَمَا بَيْنَ أَطْرَافِ الرَّيِّ وَقُومِسَ إِلَى أَطْرَافِ فَارِسَ وَخُوزِسْتَانَ ، وَكَانَتْ مَوْضُوعَةً عَلَى أَسَاتِينَ ثَلَاثَةٍ ، وَعَلَى ثَلَاثِينَ رُسْتَاقًا وَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ طَسُّوجًا ، وَخَمْسَةِ آلَافِ قَرْيَةٍ ، وَسَبْعِ مَدَائِنَ ، ذَكَرَ ذَلِكَ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ مَشْرُوحًا بِأَسَامِيهَا وَحُدُودِهَا فَأَمَّا أَسَامِي مُدُنِهَا : فَمَدِينَةُ كَهْثَةَ ، وَمَدِينَةُ جَارَّ ، وَمَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ ِقه ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ دررام ، وَمَدِينَةُ سارويه ، فَخَرِبَتْ مِنْ هَذِهِ الْمُدُنِ السَّبْعِ أَرْبَعٌ ، وَبَقِيَتْ إِلَى الْإِسْلَامِ ثَلَاثُ مَدَائِنَ : مَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ قِه ، هَذِهِ الْمُدُنُ حَصَلَتْ عَلَى كُورَتَيْنِ وَسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا وَثَلَاثَةِ آلَافٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ قَرْيَةً إِلَى أَنْ وَرَدَهَا الْعَرَبُ ، فَخَرَّبُوا مِنَ المدنِ الثَّلَاثِ مَدِينَتَيْنِ : مَدِينَةَ قه مِنْ رُسْتَاقِ جه ، وَمَدِينَةِ سارويه مِنْ رُسْتَاقِ قَاسَانَ ثُمَّ إِنَّ الرَّشِيدَ كَوَّرَ كُورَةَ قُمِّ مِنْ أَصْبَهَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ ، مَعَ مَا أَضَافَ إِلَيْهِ مِنْ رَسَاتِيقَ أُخَرَ مِنْ هَمَذَانَ وَنَهَاوَنْدَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا إِلَى أَنْ شَرَعَ الْمُعْتَصِمُ فِي بِنَاءِ كُورَةِ الْكَرْجِ فَكَوَّرَ الْكَرْجَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ مِنْ أَصْبَهَانَ وَعَلَى ضِيَاعٍ أُخَرَ مِنْ ضِيَاعِ نِهَاوَنْدَ وَهَمَذَانَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَ الْمُعْتَصِمِ عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ رُسْتَاقًا وَكُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةِ قَرْيَةٍ بِالتَّقْرِيبِ ، هَذَا مَا قَالَهُ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ وَأَمَّا بِنَاءُ مَدِينَةِ جَيَّ فَقِيلَ بَنَاهَا الْإِسْكَنْدَرُ الرُّومِيُّ عَلَى يَدَيْ جَيَّ بْنِ زَارْدَهَ الْأَصْبَهَانِيِّ فَسُمِّيَتِ الْمَدِينَةُ بِهِ ، وَعَرْضُ أَسَاسِ سُورِهَا سِتُّونَ لَبِنَةً وَأَلْزَقَ بِأَسَاسِهِ الفرهيز بالشيفتق ، وَقِيلَ إِنَّ الْمَدِينَةَ كَانَتْ مَبْنِيَّةً قَبْلَ أَيَّامِ مَمْلَكَةِ جم فَخَرَّبَهَا فراسياب فِيمَا خَرَّبَ مِنْ سَائِرِ الْمُدُنِ بِإِيرَانَ شَهْرَ ، وَأَعَادَ أَسَاسَهَا خماني جَهْرَازَادَ بِنْتُ بَهْمَنَ بْنِ إِسْفَنْدِيارَ الْمَلِكَةُ قَبْلَ مَجِيءِ الْإِسْكَنْدَرِ ، فَمَاتَتْ خماني مِنْ بِنَاءِ السُّورِ عَلَى النِّصْفِ ، وَوَرَدَ الْإِسْكَنْدَرُ فَتَرَكَهَا عَلَى حَالِهَا ، فَبَقِيَتْ عَلَى حَالَتِهَا إِلَى أَيَّامِ فَيْرُوزَ بْنِ يَزْدَجِرْدَ فَتَقَدَّمَ إِلَى آذَرْسَابُورَ بْنِ آذَرِمَانَانَ مِنْ قَرْيَةِ هَرَاسْنَانَ مِنْ رُسْتَاقِ مابرين بِإِتْمَامِ بِنَاءِ سُوَرِ مَدِينَةِ جَيَّ وَذَلِكَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِمِائَةٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً ، فَأَتَمَّ بِنَاءَهَا آذَرْ سَابُورَ ، وَرَكَّبَ فِيهِ الشُّرُفَ ، وَهَيَّأَ مَوَاقِفَ الْمُقَاتِلَةِ عَلَى أَعْلَاهُ ، وَعَلَّقَ أَرْبَعَةَ أَبْوَابٍ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ مِنَ السُّورِ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ، فِي كُلِّ يَوْمٍ بَابًا ، عَلَّقَ الْبَابَ الَّذِي وَجْهُهُ إِلَى مَيْدَانِ السُّوقِ فِي رُوزَ خُورَ فَسَمَّاهُ بَابَ خُورَ ، وَتَفْسِيرُ خُورُ الشَّمْسُ ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ مَاهْ بِرَّ فِي رُوزَ مَاهَ وَمَاهُ عِنْدَهُمُ الْقَمَرُ ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى بَابَ إِسْفِيسَ ، ثُمَّ عَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الثَّالِثَ وَسَمَّاهُ تَبْرِيزَ ، وَمَعْنَاهُ بَابُ عُطَارِدَ ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابِ تِيَرَه ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الرَّابِعَ وَسَمَّاهُ كُوشَ بَرَّ وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابَ الْيَهُودِيَّةِ وَمِنَ الْهَنْدَسَةِ فِي تَعْلِيقِ هَذِهِ الْأَبْوَابِ أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا حَلَّتْ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ الْجَدْيِ تَطْلُعُ فِي بَابِ خُورَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ الْيَهُودِيَّةِ وَإِذَا حَلَّتِ الشَّمْسُ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ السَّرَطَانِ طَلَعَتْ فِي بَابِ إِسْفِيسَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ تِيرَهَ وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنَ الزُّبَيْرِيَّةِ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ ، فَقَلَعَ بَابَ خُورَ وَفَتَحَ بَابًا آخَرَ مِنْ سُورِهَا ، وَسَمَّى الْبَابَ الْجَدِيدَ ، وَرَدَّ مَكَانَهُ بَاب خَشَيبًا عَلَى مِصْرَاعٍ وَاحِدٍ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى بَعْضِ أَبْوَابِهَا مَكْتُوبًا يَقُولُ : أَشْتَاذْوِيَهْ الْمُوَكَّلُ بِالْقَيَّاسِينَ وَالْبَنَّائِينَ : إِنَّهُ ارْتُفِعَ فِي ثَمَنِ أُدْمِ الْعُمْلَةِ لِسُوَرِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ سِتُّمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ : أَنَّ الْمُوَكَّلَ رُفِعَتْ عَلَيْهِ رَفِيعَةٌ ، فَحُوسِبَ فَحَصَلَ عَلَيْهِ خَمْسُونَ أَلْفَ دِينَارٍ فَصُرِفَتْ إِلَى نَفَقَةِ الْفَرْهِيزَ الْمُلْزَقِ بِأَسَاسِ السُّوَرِ وَلَمْ تَكُنِ الْمَدِينَةُ مَسْكُونَةً ، إِنَّمَا كَانَتْ حِصْنًا لِأَهْلِ قُرَى رُسْتَاقِ جَيِّ وَكَانُوا يَسْكُنُونَ مَدِينَةَ قه إِلَى أَنْ جَاءَ الْإِسْلَامُ ، فَخَرَّبَتِ الْعَرَبُ مَدِينَةَ قه ، فَتَحَوَّلَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِهَا إِلَى مَدِينَةِ جَيَّ ، فَهُمْ أَوَّلُ قَوْمٍ سَكَنُوهَا وَأَوَّلُ دَارٍ بُنِيَتْ بِمَدِينَةِ جَيَّ دَارُ الْمِطْيَارُ بِأَمْرِ كِسْرَى أَبَرْوَيِزَ لَمَّا فَتَحَ لَهُ الْمِطْيَارُ مَدِينَةَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ ثُمَّ بَنِي فِيهَا سَائِرَ الدُّورِ لَمَّا انْتَقَلُوا إِلَيْهَا مِنْ مَدِينَةِ قه وَمِسَاحَةُ مَدِينَةِ جَيَّ اسْتِدَارَةُ سُورِهَا أَلْفُ قَصَبَةٍ فَمِسَاحَةُ الْمَدِينَةِ أَلْفَا جَرِيبٍ سَوَاءً ، وَذَلِكَ أَنَّ قُطْرَهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ قَصَبَةٍ فَإِذَا ضُرِبَ نِصْفُ قُطْرِهَا فِي نِصْفِ إِدَارَتِهَا كَانَ ثَمَانِينَ أَلْفَ قَصَبَةٍ وَذَلِكَ أَلْفَا جَرِيبٍ فِي سُورِهَا مِنَ الْقُصُورِ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةُ قُصُورٍ وَهِيَ بُرُوجٌ مُعْوَجَّةٌ وَاسِعَةٌ ثَابِتَةٌ مِنَ اسْتِدَارَةِ السُّوَرِ ، فَمِنْ بَابِ خُورٍ إِلَى بَابِ الْيَهُودِيَّةِ الصُّغْرَى أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ تِيرَهَ أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ إِسْفِيسَ أَلْفٌ وَثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابُ خُورٍ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، فَدَوَرَانُ مَدِينَةِ جَيَّ سَبْعَةُ آلَافٍ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ ، وَبِذِرَاعِ الْيَدِ عَشَرَةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةٍ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا ، وَطُولُهَا أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَعَرْضُهَا أَلْفٌ وَسَبْعُمِائَةٍ وَاثْنَانِ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا وَهَذِهِ الْمِسَاحَةُ عَلَى مَا ذُكِرَ تَوَلَّاهَا مُحَمَّدُ بْنُ لُرَّةَ الْحَاسِبُ وَأَمَّا تَمْصِيرُ الْبَلَدِ الْمُسَمَّى بِالْيَهُودِيَّةِ فَمَصَّرَهَا أَيُّوبُ بْنُ زِيَادٍ فِيِ خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ فِي سَنَةِ نَيِّفٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَوَرَدَ عَامِلًا عَلَى الْخَرَاجِ مَعَ خَالِ الْمَهْدِيِّ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْحِمْيَرِيِّ ، وَكَانَ عَلَى الْحَرْبِ ثُمَّ صُرِفَ سَعِيدٌ وَجُمِعَ لِأَيُّوبَ الْحَرْبُ وَالْخَرَاجُ فَنَزَلَ بِقَرْيَةِ خشينانَ وَبَنَى قَصْرًا عَلَى شَاطِئِ نَهْرِ فُرْسَانَ ، ثُمَّ بَنَى بِحِذَائِهِ مَسْجِدًا ذَا مَقْصُورَةٍ هِيَ بَاقِيَةٌ إِلَى الْيَوْمِ ، وَوَضَعَ فِيهِ الْمِنْبَرَ ، وَخَطَّ سُوقًا لِلْبَاعَةِ ، وَالتُّجَّارِ ، وَالْعَمَلَةِ ، ذَاتِ صُفُوفٍ فِي طَرَفِ الْيَهُودِيَّةِ ، فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُعْرَفُ بِصَفِّ التَّبَّانِينَ ، وَاتَّصَلَتْ فِي أَيَّامِ وِلَايَتِهِ بِدُورِ الْيَهُودِيَّةِ دُورُ قَرْيَةِ خشينانَ وَخِطَّةُ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ بَابِ مَسْجِدِ خشينانَ طُولًا إِلَى بَابِ بَاغَ عِيسَى بْنِ أَيُّوبَ ، وَعَرْضًا مِنْ جَانِبِ مَحِلَّةِ كَوْرَاءَ إِلَى مِلَنْجَةَ وَكَانَتِ الْيَهُودِيَّةُ تُسَمَّى فِي أَيَّامِ مَمْلَكَةِ الْفُرْسِ كُو جُهُودْانَ يَعْنِي سِكَّةَ الْيَهُودِ ، وَهِيَ مِنْ صَحْرَاءِ قَرْيَةِ يُوَانَ ، فَأَحَدُ حُدُودِهَا يَنْتَهِي إِلَى قَرْيَةِ يُوَانَ وَالثَّانِي إِلَى قَرْيَةِ خرجان وَسُنْبُلَانِ ، وَالثَّالِثُ إِلَى قَرْيَتَيْ كماءان وَأشكهان ، وَالرَّابِعُ إِلَى قَرْيَتَيْ جرواءان وَخشينان ، وَرُقْعَتُهَا سَبْعُمِائَةِ جُرَيْبٍ ، وَسَكَنَتْهَا الْيَهُودُ مُقْبِلِينَ عَلَى صِنَاعَاتِهِمُ الْقَذِرَةِ كَالْحِجَامَةِ ، وَالدِّبَاغَةِ ، وَالْقِصَارَةِ ، وَالْقِصَابَةِ ، إِلَى أَنْ سَخِطَ الْمَهْدِيُّ عَلَى أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ فَحُمِلَ إِلَى الْحَضْرَةِ وَحُبِسَ ، فَاجْتَمَعَ عَرَبُ قَرْيَةِ طِهْرَانَ وَهُمُ التَّيْمُ عَلَى بِنَاءِ مَسْجِدٍ جَامِعٍ وَاسِعٍ يَنْقُلُونَ إِلَيْهِ مِنْبَرَ مَسْجِدِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ ، وَكَانَ مَوْضِعُ صَدْرِ الْجَامِعِ الْمُسَقَّفِ إِلَى وَرَاءِ السِّقَايَةِ طرارا لِصَخْرِ بْنِ سِنَانٍ وَأَرْضِ مُرِيكَةَ لِزِيَارَةٍ بِطِهْرَانَ فَوَهَبَهُ لِلْجَامِعِ فَنُقِلَ الْمِنْبَرُ إِلَيْهِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ فِي إِمَارَةِ هَانِئِ بْنِ أَبِي هَانِئٍ بَعْدَ تَمْصِيرِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ لِلْيَهُودِيَّةِ بِخَمْسِ سِنِينَ وَقِيلَ إِنَّ أَوَّلَ مَسْجِدٍ بُنِيَ بِالْيَهُودِيَّةِ مَسْجِدٌ بِمَحَلَّةِ بَاذَانِهِ يُنْسَبُ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ ثُمَامَةَ وَكَانَ أَمِيرَ أَصْبَهَانَ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَسْجِدَ خشينان أَوَّلُ مَسْجِدٍ كَبِيرٍ بُنِيَ بِأَصْبَهَانَ بَنَاهُ أَبُو خُنَاسٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي خِلَافَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَاتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ بَعْدَ بِنَاءِ جَامِعِهَا بِصَحْرَاءَ خَمْسَ عَشْرَةَ قَرْيَةً انْضَافَتْ رُقْعَتُهَا إِلَى الْيَهُودِيَّةِ ، وَهِيَ باطرقان ، وَفرسان ، وَيوان ، وَخرجان ، وَفُلْفُلَانِ ، وَسُنْبُلَانِ ، وَفراءان ، وَكماءان ، وَجوزدان ، وَلِنْبَانَ ، وَأشكهان ، وَجرواءان ، وَخشينان وَبروسكان وَفابجان ، فَلَمَّا اتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ اجْتَمَعَ النَّاسُ لِتَوْسِيعِ الْمَسْجِدِ وَزَادُوا فِيهِ وَأَضَافَ إِلَيْهِ الْخَصِيبُ بْنُ سَلْمٍ الْأَرَضِينَ الْمُسَمَّاةَ بخصيباباذ ثُمَّ أُعِيدَ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي خِلَافَةِ الْمُعْتَصِمِ وَإِمَارَةِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الْخُزَاعِيِّ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ ثُمَّ زَادَ فِيهِ أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ الزِّيَادَةَ الَّتِي تُسَمَّى رستماباذ وَكَانَتْ خَانَاتٌ وَمُسْتَرَاحَاتٌ فَكَنَسَهَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ وَأَضَافَهَا إِلَى الْجَامِعِ فِي خِلَافَةِ الْمُقْتَدِرِ وَإِمَارَةِ أَحْمَدَ بْنِ مَسْرُورٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْأُولَى فِي جَامِعَهَا وَإِضَافَةِ الْبِقَاعِ وَالدُّورِ إِلَيْهَا فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ فَكَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَفْصٍ الذَّكْوَانِيِّ فِيهِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِجَمِيعِ نَفَقَاتِهِ ، فَيُكَلِّمُ فِيهِ الرَّجُلَ بَعْدَ الرَّجُلِ ، حَتَّى رُبَّمَا يَجْتَمِعُ لَهُ الْجُمَلُ الْكَثِيرَةُ ، ثُمَّ لَا يَسْتَحْقِرُ مَعَ هَذَا خَاتَمًا ، أَوْ قِيمَتَهُ ، أَوْ كُبَّةُ غَزْلٍ ، أَوْ قِيمَتُهَا ، فَيَصْرِفُ مَا يَجْتَمِعُ فِي بِنَائِهَا ، وَشِرَى دُورٍ وَبِقَاعٍ لَهُ وَأَمَّا نَفَقَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ
    حديث رقم: 3 في أخبار أصبهان لأبي نعيم الأصبهاني مُقَدِّمَة ذِكْرُ بَدْءِ أَصْبَهَانَ ، وَعَدَدِ مُدُنِهَا ، وَرَسَاتِيقِهَا وَأَمَّا أَصْبَهَانُ فَإِنَّ رُقْعَتَهَا وُضِعَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا ، وَحُدُودُهَا كَانَتْ مَا بَيْنَ أَطْرَافِ هَمَذَانَ وَمَاهْ وَنِهَاوَنْدَ إِلَى أَطْرَافِ كَرْمَانَ ، وَمَا بَيْنَ أَطْرَافِ الرَّيِّ وَقُومِسَ إِلَى أَطْرَافِ فَارِسَ وَخُوزِسْتَانَ ، وَكَانَتْ مَوْضُوعَةً عَلَى أَسَاتِينَ ثَلَاثَةٍ ، وَعَلَى ثَلَاثِينَ رُسْتَاقًا وَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ طَسُّوجًا ، وَخَمْسَةِ آلَافِ قَرْيَةٍ ، وَسَبْعِ مَدَائِنَ ، ذَكَرَ ذَلِكَ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ مَشْرُوحًا بِأَسَامِيهَا وَحُدُودِهَا فَأَمَّا أَسَامِي مُدُنِهَا : فَمَدِينَةُ كَهْثَةَ ، وَمَدِينَةُ جَارَّ ، وَمَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ ِقه ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ دررام ، وَمَدِينَةُ سارويه ، فَخَرِبَتْ مِنْ هَذِهِ الْمُدُنِ السَّبْعِ أَرْبَعٌ ، وَبَقِيَتْ إِلَى الْإِسْلَامِ ثَلَاثُ مَدَائِنَ : مَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ قِه ، هَذِهِ الْمُدُنُ حَصَلَتْ عَلَى كُورَتَيْنِ وَسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا وَثَلَاثَةِ آلَافٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ قَرْيَةً إِلَى أَنْ وَرَدَهَا الْعَرَبُ ، فَخَرَّبُوا مِنَ المدنِ الثَّلَاثِ مَدِينَتَيْنِ : مَدِينَةَ قه مِنْ رُسْتَاقِ جه ، وَمَدِينَةِ سارويه مِنْ رُسْتَاقِ قَاسَانَ ثُمَّ إِنَّ الرَّشِيدَ كَوَّرَ كُورَةَ قُمِّ مِنْ أَصْبَهَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ ، مَعَ مَا أَضَافَ إِلَيْهِ مِنْ رَسَاتِيقَ أُخَرَ مِنْ هَمَذَانَ وَنَهَاوَنْدَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا إِلَى أَنْ شَرَعَ الْمُعْتَصِمُ فِي بِنَاءِ كُورَةِ الْكَرْجِ فَكَوَّرَ الْكَرْجَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ مِنْ أَصْبَهَانَ وَعَلَى ضِيَاعٍ أُخَرَ مِنْ ضِيَاعِ نِهَاوَنْدَ وَهَمَذَانَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَ الْمُعْتَصِمِ عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ رُسْتَاقًا وَكُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةِ قَرْيَةٍ بِالتَّقْرِيبِ ، هَذَا مَا قَالَهُ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ وَأَمَّا بِنَاءُ مَدِينَةِ جَيَّ فَقِيلَ بَنَاهَا الْإِسْكَنْدَرُ الرُّومِيُّ عَلَى يَدَيْ جَيَّ بْنِ زَارْدَهَ الْأَصْبَهَانِيِّ فَسُمِّيَتِ الْمَدِينَةُ بِهِ ، وَعَرْضُ أَسَاسِ سُورِهَا سِتُّونَ لَبِنَةً وَأَلْزَقَ بِأَسَاسِهِ الفرهيز بالشيفتق ، وَقِيلَ إِنَّ الْمَدِينَةَ كَانَتْ مَبْنِيَّةً قَبْلَ أَيَّامِ مَمْلَكَةِ جم فَخَرَّبَهَا فراسياب فِيمَا خَرَّبَ مِنْ سَائِرِ الْمُدُنِ بِإِيرَانَ شَهْرَ ، وَأَعَادَ أَسَاسَهَا خماني جَهْرَازَادَ بِنْتُ بَهْمَنَ بْنِ إِسْفَنْدِيارَ الْمَلِكَةُ قَبْلَ مَجِيءِ الْإِسْكَنْدَرِ ، فَمَاتَتْ خماني مِنْ بِنَاءِ السُّورِ عَلَى النِّصْفِ ، وَوَرَدَ الْإِسْكَنْدَرُ فَتَرَكَهَا عَلَى حَالِهَا ، فَبَقِيَتْ عَلَى حَالَتِهَا إِلَى أَيَّامِ فَيْرُوزَ بْنِ يَزْدَجِرْدَ فَتَقَدَّمَ إِلَى آذَرْسَابُورَ بْنِ آذَرِمَانَانَ مِنْ قَرْيَةِ هَرَاسْنَانَ مِنْ رُسْتَاقِ مابرين بِإِتْمَامِ بِنَاءِ سُوَرِ مَدِينَةِ جَيَّ وَذَلِكَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِمِائَةٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً ، فَأَتَمَّ بِنَاءَهَا آذَرْ سَابُورَ ، وَرَكَّبَ فِيهِ الشُّرُفَ ، وَهَيَّأَ مَوَاقِفَ الْمُقَاتِلَةِ عَلَى أَعْلَاهُ ، وَعَلَّقَ أَرْبَعَةَ أَبْوَابٍ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ مِنَ السُّورِ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ، فِي كُلِّ يَوْمٍ بَابًا ، عَلَّقَ الْبَابَ الَّذِي وَجْهُهُ إِلَى مَيْدَانِ السُّوقِ فِي رُوزَ خُورَ فَسَمَّاهُ بَابَ خُورَ ، وَتَفْسِيرُ خُورُ الشَّمْسُ ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ مَاهْ بِرَّ فِي رُوزَ مَاهَ وَمَاهُ عِنْدَهُمُ الْقَمَرُ ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى بَابَ إِسْفِيسَ ، ثُمَّ عَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الثَّالِثَ وَسَمَّاهُ تَبْرِيزَ ، وَمَعْنَاهُ بَابُ عُطَارِدَ ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابِ تِيَرَه ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الرَّابِعَ وَسَمَّاهُ كُوشَ بَرَّ وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابَ الْيَهُودِيَّةِ وَمِنَ الْهَنْدَسَةِ فِي تَعْلِيقِ هَذِهِ الْأَبْوَابِ أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا حَلَّتْ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ الْجَدْيِ تَطْلُعُ فِي بَابِ خُورَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ الْيَهُودِيَّةِ وَإِذَا حَلَّتِ الشَّمْسُ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ السَّرَطَانِ طَلَعَتْ فِي بَابِ إِسْفِيسَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ تِيرَهَ وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنَ الزُّبَيْرِيَّةِ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ ، فَقَلَعَ بَابَ خُورَ وَفَتَحَ بَابًا آخَرَ مِنْ سُورِهَا ، وَسَمَّى الْبَابَ الْجَدِيدَ ، وَرَدَّ مَكَانَهُ بَاب خَشَيبًا عَلَى مِصْرَاعٍ وَاحِدٍ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى بَعْضِ أَبْوَابِهَا مَكْتُوبًا يَقُولُ : أَشْتَاذْوِيَهْ الْمُوَكَّلُ بِالْقَيَّاسِينَ وَالْبَنَّائِينَ : إِنَّهُ ارْتُفِعَ فِي ثَمَنِ أُدْمِ الْعُمْلَةِ لِسُوَرِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ سِتُّمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ : أَنَّ الْمُوَكَّلَ رُفِعَتْ عَلَيْهِ رَفِيعَةٌ ، فَحُوسِبَ فَحَصَلَ عَلَيْهِ خَمْسُونَ أَلْفَ دِينَارٍ فَصُرِفَتْ إِلَى نَفَقَةِ الْفَرْهِيزَ الْمُلْزَقِ بِأَسَاسِ السُّوَرِ وَلَمْ تَكُنِ الْمَدِينَةُ مَسْكُونَةً ، إِنَّمَا كَانَتْ حِصْنًا لِأَهْلِ قُرَى رُسْتَاقِ جَيِّ وَكَانُوا يَسْكُنُونَ مَدِينَةَ قه إِلَى أَنْ جَاءَ الْإِسْلَامُ ، فَخَرَّبَتِ الْعَرَبُ مَدِينَةَ قه ، فَتَحَوَّلَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِهَا إِلَى مَدِينَةِ جَيَّ ، فَهُمْ أَوَّلُ قَوْمٍ سَكَنُوهَا وَأَوَّلُ دَارٍ بُنِيَتْ بِمَدِينَةِ جَيَّ دَارُ الْمِطْيَارُ بِأَمْرِ كِسْرَى أَبَرْوَيِزَ لَمَّا فَتَحَ لَهُ الْمِطْيَارُ مَدِينَةَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ ثُمَّ بَنِي فِيهَا سَائِرَ الدُّورِ لَمَّا انْتَقَلُوا إِلَيْهَا مِنْ مَدِينَةِ قه وَمِسَاحَةُ مَدِينَةِ جَيَّ اسْتِدَارَةُ سُورِهَا أَلْفُ قَصَبَةٍ فَمِسَاحَةُ الْمَدِينَةِ أَلْفَا جَرِيبٍ سَوَاءً ، وَذَلِكَ أَنَّ قُطْرَهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ قَصَبَةٍ فَإِذَا ضُرِبَ نِصْفُ قُطْرِهَا فِي نِصْفِ إِدَارَتِهَا كَانَ ثَمَانِينَ أَلْفَ قَصَبَةٍ وَذَلِكَ أَلْفَا جَرِيبٍ فِي سُورِهَا مِنَ الْقُصُورِ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةُ قُصُورٍ وَهِيَ بُرُوجٌ مُعْوَجَّةٌ وَاسِعَةٌ ثَابِتَةٌ مِنَ اسْتِدَارَةِ السُّوَرِ ، فَمِنْ بَابِ خُورٍ إِلَى بَابِ الْيَهُودِيَّةِ الصُّغْرَى أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ تِيرَهَ أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ إِسْفِيسَ أَلْفٌ وَثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابُ خُورٍ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، فَدَوَرَانُ مَدِينَةِ جَيَّ سَبْعَةُ آلَافٍ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ ، وَبِذِرَاعِ الْيَدِ عَشَرَةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةٍ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا ، وَطُولُهَا أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَعَرْضُهَا أَلْفٌ وَسَبْعُمِائَةٍ وَاثْنَانِ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا وَهَذِهِ الْمِسَاحَةُ عَلَى مَا ذُكِرَ تَوَلَّاهَا مُحَمَّدُ بْنُ لُرَّةَ الْحَاسِبُ وَأَمَّا تَمْصِيرُ الْبَلَدِ الْمُسَمَّى بِالْيَهُودِيَّةِ فَمَصَّرَهَا أَيُّوبُ بْنُ زِيَادٍ فِيِ خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ فِي سَنَةِ نَيِّفٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَوَرَدَ عَامِلًا عَلَى الْخَرَاجِ مَعَ خَالِ الْمَهْدِيِّ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْحِمْيَرِيِّ ، وَكَانَ عَلَى الْحَرْبِ ثُمَّ صُرِفَ سَعِيدٌ وَجُمِعَ لِأَيُّوبَ الْحَرْبُ وَالْخَرَاجُ فَنَزَلَ بِقَرْيَةِ خشينانَ وَبَنَى قَصْرًا عَلَى شَاطِئِ نَهْرِ فُرْسَانَ ، ثُمَّ بَنَى بِحِذَائِهِ مَسْجِدًا ذَا مَقْصُورَةٍ هِيَ بَاقِيَةٌ إِلَى الْيَوْمِ ، وَوَضَعَ فِيهِ الْمِنْبَرَ ، وَخَطَّ سُوقًا لِلْبَاعَةِ ، وَالتُّجَّارِ ، وَالْعَمَلَةِ ، ذَاتِ صُفُوفٍ فِي طَرَفِ الْيَهُودِيَّةِ ، فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُعْرَفُ بِصَفِّ التَّبَّانِينَ ، وَاتَّصَلَتْ فِي أَيَّامِ وِلَايَتِهِ بِدُورِ الْيَهُودِيَّةِ دُورُ قَرْيَةِ خشينانَ وَخِطَّةُ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ بَابِ مَسْجِدِ خشينانَ طُولًا إِلَى بَابِ بَاغَ عِيسَى بْنِ أَيُّوبَ ، وَعَرْضًا مِنْ جَانِبِ مَحِلَّةِ كَوْرَاءَ إِلَى مِلَنْجَةَ وَكَانَتِ الْيَهُودِيَّةُ تُسَمَّى فِي أَيَّامِ مَمْلَكَةِ الْفُرْسِ كُو جُهُودْانَ يَعْنِي سِكَّةَ الْيَهُودِ ، وَهِيَ مِنْ صَحْرَاءِ قَرْيَةِ يُوَانَ ، فَأَحَدُ حُدُودِهَا يَنْتَهِي إِلَى قَرْيَةِ يُوَانَ وَالثَّانِي إِلَى قَرْيَةِ خرجان وَسُنْبُلَانِ ، وَالثَّالِثُ إِلَى قَرْيَتَيْ كماءان وَأشكهان ، وَالرَّابِعُ إِلَى قَرْيَتَيْ جرواءان وَخشينان ، وَرُقْعَتُهَا سَبْعُمِائَةِ جُرَيْبٍ ، وَسَكَنَتْهَا الْيَهُودُ مُقْبِلِينَ عَلَى صِنَاعَاتِهِمُ الْقَذِرَةِ كَالْحِجَامَةِ ، وَالدِّبَاغَةِ ، وَالْقِصَارَةِ ، وَالْقِصَابَةِ ، إِلَى أَنْ سَخِطَ الْمَهْدِيُّ عَلَى أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ فَحُمِلَ إِلَى الْحَضْرَةِ وَحُبِسَ ، فَاجْتَمَعَ عَرَبُ قَرْيَةِ طِهْرَانَ وَهُمُ التَّيْمُ عَلَى بِنَاءِ مَسْجِدٍ جَامِعٍ وَاسِعٍ يَنْقُلُونَ إِلَيْهِ مِنْبَرَ مَسْجِدِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ ، وَكَانَ مَوْضِعُ صَدْرِ الْجَامِعِ الْمُسَقَّفِ إِلَى وَرَاءِ السِّقَايَةِ طرارا لِصَخْرِ بْنِ سِنَانٍ وَأَرْضِ مُرِيكَةَ لِزِيَارَةٍ بِطِهْرَانَ فَوَهَبَهُ لِلْجَامِعِ فَنُقِلَ الْمِنْبَرُ إِلَيْهِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ فِي إِمَارَةِ هَانِئِ بْنِ أَبِي هَانِئٍ بَعْدَ تَمْصِيرِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ لِلْيَهُودِيَّةِ بِخَمْسِ سِنِينَ وَقِيلَ إِنَّ أَوَّلَ مَسْجِدٍ بُنِيَ بِالْيَهُودِيَّةِ مَسْجِدٌ بِمَحَلَّةِ بَاذَانِهِ يُنْسَبُ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ ثُمَامَةَ وَكَانَ أَمِيرَ أَصْبَهَانَ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَسْجِدَ خشينان أَوَّلُ مَسْجِدٍ كَبِيرٍ بُنِيَ بِأَصْبَهَانَ بَنَاهُ أَبُو خُنَاسٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي خِلَافَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَاتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ بَعْدَ بِنَاءِ جَامِعِهَا بِصَحْرَاءَ خَمْسَ عَشْرَةَ قَرْيَةً انْضَافَتْ رُقْعَتُهَا إِلَى الْيَهُودِيَّةِ ، وَهِيَ باطرقان ، وَفرسان ، وَيوان ، وَخرجان ، وَفُلْفُلَانِ ، وَسُنْبُلَانِ ، وَفراءان ، وَكماءان ، وَجوزدان ، وَلِنْبَانَ ، وَأشكهان ، وَجرواءان ، وَخشينان وَبروسكان وَفابجان ، فَلَمَّا اتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ اجْتَمَعَ النَّاسُ لِتَوْسِيعِ الْمَسْجِدِ وَزَادُوا فِيهِ وَأَضَافَ إِلَيْهِ الْخَصِيبُ بْنُ سَلْمٍ الْأَرَضِينَ الْمُسَمَّاةَ بخصيباباذ ثُمَّ أُعِيدَ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي خِلَافَةِ الْمُعْتَصِمِ وَإِمَارَةِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الْخُزَاعِيِّ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ ثُمَّ زَادَ فِيهِ أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ الزِّيَادَةَ الَّتِي تُسَمَّى رستماباذ وَكَانَتْ خَانَاتٌ وَمُسْتَرَاحَاتٌ فَكَنَسَهَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ وَأَضَافَهَا إِلَى الْجَامِعِ فِي خِلَافَةِ الْمُقْتَدِرِ وَإِمَارَةِ أَحْمَدَ بْنِ مَسْرُورٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْأُولَى فِي جَامِعَهَا وَإِضَافَةِ الْبِقَاعِ وَالدُّورِ إِلَيْهَا فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ فَكَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَفْصٍ الذَّكْوَانِيِّ فِيهِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِجَمِيعِ نَفَقَاتِهِ ، فَيُكَلِّمُ فِيهِ الرَّجُلَ بَعْدَ الرَّجُلِ ، حَتَّى رُبَّمَا يَجْتَمِعُ لَهُ الْجُمَلُ الْكَثِيرَةُ ، ثُمَّ لَا يَسْتَحْقِرُ مَعَ هَذَا خَاتَمًا ، أَوْ قِيمَتَهُ ، أَوْ كُبَّةُ غَزْلٍ ، أَوْ قِيمَتُهَا ، فَيَصْرِفُ مَا يَجْتَمِعُ فِي بِنَائِهَا ، وَشِرَى دُورٍ وَبِقَاعٍ لَهُ وَأَمَّا نَفَقَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ
    حديث رقم: 4 في أخبار أصبهان لأبي نعيم الأصبهاني مُقَدِّمَة ذِكْرُ بَدْءِ أَصْبَهَانَ ، وَعَدَدِ مُدُنِهَا ، وَرَسَاتِيقِهَا وَأَمَّا أَصْبَهَانُ فَإِنَّ رُقْعَتَهَا وُضِعَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا ، وَحُدُودُهَا كَانَتْ مَا بَيْنَ أَطْرَافِ هَمَذَانَ وَمَاهْ وَنِهَاوَنْدَ إِلَى أَطْرَافِ كَرْمَانَ ، وَمَا بَيْنَ أَطْرَافِ الرَّيِّ وَقُومِسَ إِلَى أَطْرَافِ فَارِسَ وَخُوزِسْتَانَ ، وَكَانَتْ مَوْضُوعَةً عَلَى أَسَاتِينَ ثَلَاثَةٍ ، وَعَلَى ثَلَاثِينَ رُسْتَاقًا وَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ طَسُّوجًا ، وَخَمْسَةِ آلَافِ قَرْيَةٍ ، وَسَبْعِ مَدَائِنَ ، ذَكَرَ ذَلِكَ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ مَشْرُوحًا بِأَسَامِيهَا وَحُدُودِهَا فَأَمَّا أَسَامِي مُدُنِهَا : فَمَدِينَةُ كَهْثَةَ ، وَمَدِينَةُ جَارَّ ، وَمَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ ِقه ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ دررام ، وَمَدِينَةُ سارويه ، فَخَرِبَتْ مِنْ هَذِهِ الْمُدُنِ السَّبْعِ أَرْبَعٌ ، وَبَقِيَتْ إِلَى الْإِسْلَامِ ثَلَاثُ مَدَائِنَ : مَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ قِه ، هَذِهِ الْمُدُنُ حَصَلَتْ عَلَى كُورَتَيْنِ وَسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا وَثَلَاثَةِ آلَافٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ قَرْيَةً إِلَى أَنْ وَرَدَهَا الْعَرَبُ ، فَخَرَّبُوا مِنَ المدنِ الثَّلَاثِ مَدِينَتَيْنِ : مَدِينَةَ قه مِنْ رُسْتَاقِ جه ، وَمَدِينَةِ سارويه مِنْ رُسْتَاقِ قَاسَانَ ثُمَّ إِنَّ الرَّشِيدَ كَوَّرَ كُورَةَ قُمِّ مِنْ أَصْبَهَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ ، مَعَ مَا أَضَافَ إِلَيْهِ مِنْ رَسَاتِيقَ أُخَرَ مِنْ هَمَذَانَ وَنَهَاوَنْدَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا إِلَى أَنْ شَرَعَ الْمُعْتَصِمُ فِي بِنَاءِ كُورَةِ الْكَرْجِ فَكَوَّرَ الْكَرْجَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ مِنْ أَصْبَهَانَ وَعَلَى ضِيَاعٍ أُخَرَ مِنْ ضِيَاعِ نِهَاوَنْدَ وَهَمَذَانَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَ الْمُعْتَصِمِ عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ رُسْتَاقًا وَكُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةِ قَرْيَةٍ بِالتَّقْرِيبِ ، هَذَا مَا قَالَهُ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ وَأَمَّا بِنَاءُ مَدِينَةِ جَيَّ فَقِيلَ بَنَاهَا الْإِسْكَنْدَرُ الرُّومِيُّ عَلَى يَدَيْ جَيَّ بْنِ زَارْدَهَ الْأَصْبَهَانِيِّ فَسُمِّيَتِ الْمَدِينَةُ بِهِ ، وَعَرْضُ أَسَاسِ سُورِهَا سِتُّونَ لَبِنَةً وَأَلْزَقَ بِأَسَاسِهِ الفرهيز بالشيفتق ، وَقِيلَ إِنَّ الْمَدِينَةَ كَانَتْ مَبْنِيَّةً قَبْلَ أَيَّامِ مَمْلَكَةِ جم فَخَرَّبَهَا فراسياب فِيمَا خَرَّبَ مِنْ سَائِرِ الْمُدُنِ بِإِيرَانَ شَهْرَ ، وَأَعَادَ أَسَاسَهَا خماني جَهْرَازَادَ بِنْتُ بَهْمَنَ بْنِ إِسْفَنْدِيارَ الْمَلِكَةُ قَبْلَ مَجِيءِ الْإِسْكَنْدَرِ ، فَمَاتَتْ خماني مِنْ بِنَاءِ السُّورِ عَلَى النِّصْفِ ، وَوَرَدَ الْإِسْكَنْدَرُ فَتَرَكَهَا عَلَى حَالِهَا ، فَبَقِيَتْ عَلَى حَالَتِهَا إِلَى أَيَّامِ فَيْرُوزَ بْنِ يَزْدَجِرْدَ فَتَقَدَّمَ إِلَى آذَرْسَابُورَ بْنِ آذَرِمَانَانَ مِنْ قَرْيَةِ هَرَاسْنَانَ مِنْ رُسْتَاقِ مابرين بِإِتْمَامِ بِنَاءِ سُوَرِ مَدِينَةِ جَيَّ وَذَلِكَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِمِائَةٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً ، فَأَتَمَّ بِنَاءَهَا آذَرْ سَابُورَ ، وَرَكَّبَ فِيهِ الشُّرُفَ ، وَهَيَّأَ مَوَاقِفَ الْمُقَاتِلَةِ عَلَى أَعْلَاهُ ، وَعَلَّقَ أَرْبَعَةَ أَبْوَابٍ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ مِنَ السُّورِ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ، فِي كُلِّ يَوْمٍ بَابًا ، عَلَّقَ الْبَابَ الَّذِي وَجْهُهُ إِلَى مَيْدَانِ السُّوقِ فِي رُوزَ خُورَ فَسَمَّاهُ بَابَ خُورَ ، وَتَفْسِيرُ خُورُ الشَّمْسُ ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ مَاهْ بِرَّ فِي رُوزَ مَاهَ وَمَاهُ عِنْدَهُمُ الْقَمَرُ ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى بَابَ إِسْفِيسَ ، ثُمَّ عَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الثَّالِثَ وَسَمَّاهُ تَبْرِيزَ ، وَمَعْنَاهُ بَابُ عُطَارِدَ ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابِ تِيَرَه ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الرَّابِعَ وَسَمَّاهُ كُوشَ بَرَّ وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابَ الْيَهُودِيَّةِ وَمِنَ الْهَنْدَسَةِ فِي تَعْلِيقِ هَذِهِ الْأَبْوَابِ أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا حَلَّتْ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ الْجَدْيِ تَطْلُعُ فِي بَابِ خُورَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ الْيَهُودِيَّةِ وَإِذَا حَلَّتِ الشَّمْسُ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ السَّرَطَانِ طَلَعَتْ فِي بَابِ إِسْفِيسَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ تِيرَهَ وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنَ الزُّبَيْرِيَّةِ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ ، فَقَلَعَ بَابَ خُورَ وَفَتَحَ بَابًا آخَرَ مِنْ سُورِهَا ، وَسَمَّى الْبَابَ الْجَدِيدَ ، وَرَدَّ مَكَانَهُ بَاب خَشَيبًا عَلَى مِصْرَاعٍ وَاحِدٍ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى بَعْضِ أَبْوَابِهَا مَكْتُوبًا يَقُولُ : أَشْتَاذْوِيَهْ الْمُوَكَّلُ بِالْقَيَّاسِينَ وَالْبَنَّائِينَ : إِنَّهُ ارْتُفِعَ فِي ثَمَنِ أُدْمِ الْعُمْلَةِ لِسُوَرِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ سِتُّمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ : أَنَّ الْمُوَكَّلَ رُفِعَتْ عَلَيْهِ رَفِيعَةٌ ، فَحُوسِبَ فَحَصَلَ عَلَيْهِ خَمْسُونَ أَلْفَ دِينَارٍ فَصُرِفَتْ إِلَى نَفَقَةِ الْفَرْهِيزَ الْمُلْزَقِ بِأَسَاسِ السُّوَرِ وَلَمْ تَكُنِ الْمَدِينَةُ مَسْكُونَةً ، إِنَّمَا كَانَتْ حِصْنًا لِأَهْلِ قُرَى رُسْتَاقِ جَيِّ وَكَانُوا يَسْكُنُونَ مَدِينَةَ قه إِلَى أَنْ جَاءَ الْإِسْلَامُ ، فَخَرَّبَتِ الْعَرَبُ مَدِينَةَ قه ، فَتَحَوَّلَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِهَا إِلَى مَدِينَةِ جَيَّ ، فَهُمْ أَوَّلُ قَوْمٍ سَكَنُوهَا وَأَوَّلُ دَارٍ بُنِيَتْ بِمَدِينَةِ جَيَّ دَارُ الْمِطْيَارُ بِأَمْرِ كِسْرَى أَبَرْوَيِزَ لَمَّا فَتَحَ لَهُ الْمِطْيَارُ مَدِينَةَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ ثُمَّ بَنِي فِيهَا سَائِرَ الدُّورِ لَمَّا انْتَقَلُوا إِلَيْهَا مِنْ مَدِينَةِ قه وَمِسَاحَةُ مَدِينَةِ جَيَّ اسْتِدَارَةُ سُورِهَا أَلْفُ قَصَبَةٍ فَمِسَاحَةُ الْمَدِينَةِ أَلْفَا جَرِيبٍ سَوَاءً ، وَذَلِكَ أَنَّ قُطْرَهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ قَصَبَةٍ فَإِذَا ضُرِبَ نِصْفُ قُطْرِهَا فِي نِصْفِ إِدَارَتِهَا كَانَ ثَمَانِينَ أَلْفَ قَصَبَةٍ وَذَلِكَ أَلْفَا جَرِيبٍ فِي سُورِهَا مِنَ الْقُصُورِ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةُ قُصُورٍ وَهِيَ بُرُوجٌ مُعْوَجَّةٌ وَاسِعَةٌ ثَابِتَةٌ مِنَ اسْتِدَارَةِ السُّوَرِ ، فَمِنْ بَابِ خُورٍ إِلَى بَابِ الْيَهُودِيَّةِ الصُّغْرَى أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ تِيرَهَ أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ إِسْفِيسَ أَلْفٌ وَثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابُ خُورٍ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، فَدَوَرَانُ مَدِينَةِ جَيَّ سَبْعَةُ آلَافٍ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ ، وَبِذِرَاعِ الْيَدِ عَشَرَةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةٍ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا ، وَطُولُهَا أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَعَرْضُهَا أَلْفٌ وَسَبْعُمِائَةٍ وَاثْنَانِ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا وَهَذِهِ الْمِسَاحَةُ عَلَى مَا ذُكِرَ تَوَلَّاهَا مُحَمَّدُ بْنُ لُرَّةَ الْحَاسِبُ وَأَمَّا تَمْصِيرُ الْبَلَدِ الْمُسَمَّى بِالْيَهُودِيَّةِ فَمَصَّرَهَا أَيُّوبُ بْنُ زِيَادٍ فِيِ خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ فِي سَنَةِ نَيِّفٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَوَرَدَ عَامِلًا عَلَى الْخَرَاجِ مَعَ خَالِ الْمَهْدِيِّ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْحِمْيَرِيِّ ، وَكَانَ عَلَى الْحَرْبِ ثُمَّ صُرِفَ سَعِيدٌ وَجُمِعَ لِأَيُّوبَ الْحَرْبُ وَالْخَرَاجُ فَنَزَلَ بِقَرْيَةِ خشينانَ وَبَنَى قَصْرًا عَلَى شَاطِئِ نَهْرِ فُرْسَانَ ، ثُمَّ بَنَى بِحِذَائِهِ مَسْجِدًا ذَا مَقْصُورَةٍ هِيَ بَاقِيَةٌ إِلَى الْيَوْمِ ، وَوَضَعَ فِيهِ الْمِنْبَرَ ، وَخَطَّ سُوقًا لِلْبَاعَةِ ، وَالتُّجَّارِ ، وَالْعَمَلَةِ ، ذَاتِ صُفُوفٍ فِي طَرَفِ الْيَهُودِيَّةِ ، فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُعْرَفُ بِصَفِّ التَّبَّانِينَ ، وَاتَّصَلَتْ فِي أَيَّامِ وِلَايَتِهِ بِدُورِ الْيَهُودِيَّةِ دُورُ قَرْيَةِ خشينانَ وَخِطَّةُ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ بَابِ مَسْجِدِ خشينانَ طُولًا إِلَى بَابِ بَاغَ عِيسَى بْنِ أَيُّوبَ ، وَعَرْضًا مِنْ جَانِبِ مَحِلَّةِ كَوْرَاءَ إِلَى مِلَنْجَةَ وَكَانَتِ الْيَهُودِيَّةُ تُسَمَّى فِي أَيَّامِ مَمْلَكَةِ الْفُرْسِ كُو جُهُودْانَ يَعْنِي سِكَّةَ الْيَهُودِ ، وَهِيَ مِنْ صَحْرَاءِ قَرْيَةِ يُوَانَ ، فَأَحَدُ حُدُودِهَا يَنْتَهِي إِلَى قَرْيَةِ يُوَانَ وَالثَّانِي إِلَى قَرْيَةِ خرجان وَسُنْبُلَانِ ، وَالثَّالِثُ إِلَى قَرْيَتَيْ كماءان وَأشكهان ، وَالرَّابِعُ إِلَى قَرْيَتَيْ جرواءان وَخشينان ، وَرُقْعَتُهَا سَبْعُمِائَةِ جُرَيْبٍ ، وَسَكَنَتْهَا الْيَهُودُ مُقْبِلِينَ عَلَى صِنَاعَاتِهِمُ الْقَذِرَةِ كَالْحِجَامَةِ ، وَالدِّبَاغَةِ ، وَالْقِصَارَةِ ، وَالْقِصَابَةِ ، إِلَى أَنْ سَخِطَ الْمَهْدِيُّ عَلَى أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ فَحُمِلَ إِلَى الْحَضْرَةِ وَحُبِسَ ، فَاجْتَمَعَ عَرَبُ قَرْيَةِ طِهْرَانَ وَهُمُ التَّيْمُ عَلَى بِنَاءِ مَسْجِدٍ جَامِعٍ وَاسِعٍ يَنْقُلُونَ إِلَيْهِ مِنْبَرَ مَسْجِدِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ ، وَكَانَ مَوْضِعُ صَدْرِ الْجَامِعِ الْمُسَقَّفِ إِلَى وَرَاءِ السِّقَايَةِ طرارا لِصَخْرِ بْنِ سِنَانٍ وَأَرْضِ مُرِيكَةَ لِزِيَارَةٍ بِطِهْرَانَ فَوَهَبَهُ لِلْجَامِعِ فَنُقِلَ الْمِنْبَرُ إِلَيْهِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ فِي إِمَارَةِ هَانِئِ بْنِ أَبِي هَانِئٍ بَعْدَ تَمْصِيرِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ لِلْيَهُودِيَّةِ بِخَمْسِ سِنِينَ وَقِيلَ إِنَّ أَوَّلَ مَسْجِدٍ بُنِيَ بِالْيَهُودِيَّةِ مَسْجِدٌ بِمَحَلَّةِ بَاذَانِهِ يُنْسَبُ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ ثُمَامَةَ وَكَانَ أَمِيرَ أَصْبَهَانَ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَسْجِدَ خشينان أَوَّلُ مَسْجِدٍ كَبِيرٍ بُنِيَ بِأَصْبَهَانَ بَنَاهُ أَبُو خُنَاسٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي خِلَافَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَاتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ بَعْدَ بِنَاءِ جَامِعِهَا بِصَحْرَاءَ خَمْسَ عَشْرَةَ قَرْيَةً انْضَافَتْ رُقْعَتُهَا إِلَى الْيَهُودِيَّةِ ، وَهِيَ باطرقان ، وَفرسان ، وَيوان ، وَخرجان ، وَفُلْفُلَانِ ، وَسُنْبُلَانِ ، وَفراءان ، وَكماءان ، وَجوزدان ، وَلِنْبَانَ ، وَأشكهان ، وَجرواءان ، وَخشينان وَبروسكان وَفابجان ، فَلَمَّا اتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ اجْتَمَعَ النَّاسُ لِتَوْسِيعِ الْمَسْجِدِ وَزَادُوا فِيهِ وَأَضَافَ إِلَيْهِ الْخَصِيبُ بْنُ سَلْمٍ الْأَرَضِينَ الْمُسَمَّاةَ بخصيباباذ ثُمَّ أُعِيدَ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي خِلَافَةِ الْمُعْتَصِمِ وَإِمَارَةِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الْخُزَاعِيِّ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ ثُمَّ زَادَ فِيهِ أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ الزِّيَادَةَ الَّتِي تُسَمَّى رستماباذ وَكَانَتْ خَانَاتٌ وَمُسْتَرَاحَاتٌ فَكَنَسَهَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ وَأَضَافَهَا إِلَى الْجَامِعِ فِي خِلَافَةِ الْمُقْتَدِرِ وَإِمَارَةِ أَحْمَدَ بْنِ مَسْرُورٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْأُولَى فِي جَامِعَهَا وَإِضَافَةِ الْبِقَاعِ وَالدُّورِ إِلَيْهَا فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ فَكَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَفْصٍ الذَّكْوَانِيِّ فِيهِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِجَمِيعِ نَفَقَاتِهِ ، فَيُكَلِّمُ فِيهِ الرَّجُلَ بَعْدَ الرَّجُلِ ، حَتَّى رُبَّمَا يَجْتَمِعُ لَهُ الْجُمَلُ الْكَثِيرَةُ ، ثُمَّ لَا يَسْتَحْقِرُ مَعَ هَذَا خَاتَمًا ، أَوْ قِيمَتَهُ ، أَوْ كُبَّةُ غَزْلٍ ، أَوْ قِيمَتُهَا ، فَيَصْرِفُ مَا يَجْتَمِعُ فِي بِنَائِهَا ، وَشِرَى دُورٍ وَبِقَاعٍ لَهُ وَأَمَّا نَفَقَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ
    حديث رقم: 6 في أخبار أصبهان لأبي نعيم الأصبهاني مُقَدِّمَة ذِكْرُ بَدْءِ أَصْبَهَانَ ، وَعَدَدِ مُدُنِهَا ، وَرَسَاتِيقِهَا وَأَمَّا أَصْبَهَانُ فَإِنَّ رُقْعَتَهَا وُضِعَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا ، وَحُدُودُهَا كَانَتْ مَا بَيْنَ أَطْرَافِ هَمَذَانَ وَمَاهْ وَنِهَاوَنْدَ إِلَى أَطْرَافِ كَرْمَانَ ، وَمَا بَيْنَ أَطْرَافِ الرَّيِّ وَقُومِسَ إِلَى أَطْرَافِ فَارِسَ وَخُوزِسْتَانَ ، وَكَانَتْ مَوْضُوعَةً عَلَى أَسَاتِينَ ثَلَاثَةٍ ، وَعَلَى ثَلَاثِينَ رُسْتَاقًا وَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ طَسُّوجًا ، وَخَمْسَةِ آلَافِ قَرْيَةٍ ، وَسَبْعِ مَدَائِنَ ، ذَكَرَ ذَلِكَ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ مَشْرُوحًا بِأَسَامِيهَا وَحُدُودِهَا فَأَمَّا أَسَامِي مُدُنِهَا : فَمَدِينَةُ كَهْثَةَ ، وَمَدِينَةُ جَارَّ ، وَمَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ ِقه ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ دررام ، وَمَدِينَةُ سارويه ، فَخَرِبَتْ مِنْ هَذِهِ الْمُدُنِ السَّبْعِ أَرْبَعٌ ، وَبَقِيَتْ إِلَى الْإِسْلَامِ ثَلَاثُ مَدَائِنَ : مَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ قِه ، هَذِهِ الْمُدُنُ حَصَلَتْ عَلَى كُورَتَيْنِ وَسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا وَثَلَاثَةِ آلَافٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ قَرْيَةً إِلَى أَنْ وَرَدَهَا الْعَرَبُ ، فَخَرَّبُوا مِنَ المدنِ الثَّلَاثِ مَدِينَتَيْنِ : مَدِينَةَ قه مِنْ رُسْتَاقِ جه ، وَمَدِينَةِ سارويه مِنْ رُسْتَاقِ قَاسَانَ ثُمَّ إِنَّ الرَّشِيدَ كَوَّرَ كُورَةَ قُمِّ مِنْ أَصْبَهَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ ، مَعَ مَا أَضَافَ إِلَيْهِ مِنْ رَسَاتِيقَ أُخَرَ مِنْ هَمَذَانَ وَنَهَاوَنْدَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا إِلَى أَنْ شَرَعَ الْمُعْتَصِمُ فِي بِنَاءِ كُورَةِ الْكَرْجِ فَكَوَّرَ الْكَرْجَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ مِنْ أَصْبَهَانَ وَعَلَى ضِيَاعٍ أُخَرَ مِنْ ضِيَاعِ نِهَاوَنْدَ وَهَمَذَانَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَ الْمُعْتَصِمِ عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ رُسْتَاقًا وَكُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةِ قَرْيَةٍ بِالتَّقْرِيبِ ، هَذَا مَا قَالَهُ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ وَأَمَّا بِنَاءُ مَدِينَةِ جَيَّ فَقِيلَ بَنَاهَا الْإِسْكَنْدَرُ الرُّومِيُّ عَلَى يَدَيْ جَيَّ بْنِ زَارْدَهَ الْأَصْبَهَانِيِّ فَسُمِّيَتِ الْمَدِينَةُ بِهِ ، وَعَرْضُ أَسَاسِ سُورِهَا سِتُّونَ لَبِنَةً وَأَلْزَقَ بِأَسَاسِهِ الفرهيز بالشيفتق ، وَقِيلَ إِنَّ الْمَدِينَةَ كَانَتْ مَبْنِيَّةً قَبْلَ أَيَّامِ مَمْلَكَةِ جم فَخَرَّبَهَا فراسياب فِيمَا خَرَّبَ مِنْ سَائِرِ الْمُدُنِ بِإِيرَانَ شَهْرَ ، وَأَعَادَ أَسَاسَهَا خماني جَهْرَازَادَ بِنْتُ بَهْمَنَ بْنِ إِسْفَنْدِيارَ الْمَلِكَةُ قَبْلَ مَجِيءِ الْإِسْكَنْدَرِ ، فَمَاتَتْ خماني مِنْ بِنَاءِ السُّورِ عَلَى النِّصْفِ ، وَوَرَدَ الْإِسْكَنْدَرُ فَتَرَكَهَا عَلَى حَالِهَا ، فَبَقِيَتْ عَلَى حَالَتِهَا إِلَى أَيَّامِ فَيْرُوزَ بْنِ يَزْدَجِرْدَ فَتَقَدَّمَ إِلَى آذَرْسَابُورَ بْنِ آذَرِمَانَانَ مِنْ قَرْيَةِ هَرَاسْنَانَ مِنْ رُسْتَاقِ مابرين بِإِتْمَامِ بِنَاءِ سُوَرِ مَدِينَةِ جَيَّ وَذَلِكَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِمِائَةٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً ، فَأَتَمَّ بِنَاءَهَا آذَرْ سَابُورَ ، وَرَكَّبَ فِيهِ الشُّرُفَ ، وَهَيَّأَ مَوَاقِفَ الْمُقَاتِلَةِ عَلَى أَعْلَاهُ ، وَعَلَّقَ أَرْبَعَةَ أَبْوَابٍ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ مِنَ السُّورِ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ، فِي كُلِّ يَوْمٍ بَابًا ، عَلَّقَ الْبَابَ الَّذِي وَجْهُهُ إِلَى مَيْدَانِ السُّوقِ فِي رُوزَ خُورَ فَسَمَّاهُ بَابَ خُورَ ، وَتَفْسِيرُ خُورُ الشَّمْسُ ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ مَاهْ بِرَّ فِي رُوزَ مَاهَ وَمَاهُ عِنْدَهُمُ الْقَمَرُ ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى بَابَ إِسْفِيسَ ، ثُمَّ عَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الثَّالِثَ وَسَمَّاهُ تَبْرِيزَ ، وَمَعْنَاهُ بَابُ عُطَارِدَ ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابِ تِيَرَه ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الرَّابِعَ وَسَمَّاهُ كُوشَ بَرَّ وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابَ الْيَهُودِيَّةِ وَمِنَ الْهَنْدَسَةِ فِي تَعْلِيقِ هَذِهِ الْأَبْوَابِ أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا حَلَّتْ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ الْجَدْيِ تَطْلُعُ فِي بَابِ خُورَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ الْيَهُودِيَّةِ وَإِذَا حَلَّتِ الشَّمْسُ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ السَّرَطَانِ طَلَعَتْ فِي بَابِ إِسْفِيسَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ تِيرَهَ وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنَ الزُّبَيْرِيَّةِ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ ، فَقَلَعَ بَابَ خُورَ وَفَتَحَ بَابًا آخَرَ مِنْ سُورِهَا ، وَسَمَّى الْبَابَ الْجَدِيدَ ، وَرَدَّ مَكَانَهُ بَاب خَشَيبًا عَلَى مِصْرَاعٍ وَاحِدٍ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى بَعْضِ أَبْوَابِهَا مَكْتُوبًا يَقُولُ : أَشْتَاذْوِيَهْ الْمُوَكَّلُ بِالْقَيَّاسِينَ وَالْبَنَّائِينَ : إِنَّهُ ارْتُفِعَ فِي ثَمَنِ أُدْمِ الْعُمْلَةِ لِسُوَرِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ سِتُّمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ : أَنَّ الْمُوَكَّلَ رُفِعَتْ عَلَيْهِ رَفِيعَةٌ ، فَحُوسِبَ فَحَصَلَ عَلَيْهِ خَمْسُونَ أَلْفَ دِينَارٍ فَصُرِفَتْ إِلَى نَفَقَةِ الْفَرْهِيزَ الْمُلْزَقِ بِأَسَاسِ السُّوَرِ وَلَمْ تَكُنِ الْمَدِينَةُ مَسْكُونَةً ، إِنَّمَا كَانَتْ حِصْنًا لِأَهْلِ قُرَى رُسْتَاقِ جَيِّ وَكَانُوا يَسْكُنُونَ مَدِينَةَ قه إِلَى أَنْ جَاءَ الْإِسْلَامُ ، فَخَرَّبَتِ الْعَرَبُ مَدِينَةَ قه ، فَتَحَوَّلَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِهَا إِلَى مَدِينَةِ جَيَّ ، فَهُمْ أَوَّلُ قَوْمٍ سَكَنُوهَا وَأَوَّلُ دَارٍ بُنِيَتْ بِمَدِينَةِ جَيَّ دَارُ الْمِطْيَارُ بِأَمْرِ كِسْرَى أَبَرْوَيِزَ لَمَّا فَتَحَ لَهُ الْمِطْيَارُ مَدِينَةَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ ثُمَّ بَنِي فِيهَا سَائِرَ الدُّورِ لَمَّا انْتَقَلُوا إِلَيْهَا مِنْ مَدِينَةِ قه وَمِسَاحَةُ مَدِينَةِ جَيَّ اسْتِدَارَةُ سُورِهَا أَلْفُ قَصَبَةٍ فَمِسَاحَةُ الْمَدِينَةِ أَلْفَا جَرِيبٍ سَوَاءً ، وَذَلِكَ أَنَّ قُطْرَهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ قَصَبَةٍ فَإِذَا ضُرِبَ نِصْفُ قُطْرِهَا فِي نِصْفِ إِدَارَتِهَا كَانَ ثَمَانِينَ أَلْفَ قَصَبَةٍ وَذَلِكَ أَلْفَا جَرِيبٍ فِي سُورِهَا مِنَ الْقُصُورِ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةُ قُصُورٍ وَهِيَ بُرُوجٌ مُعْوَجَّةٌ وَاسِعَةٌ ثَابِتَةٌ مِنَ اسْتِدَارَةِ السُّوَرِ ، فَمِنْ بَابِ خُورٍ إِلَى بَابِ الْيَهُودِيَّةِ الصُّغْرَى أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ تِيرَهَ أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ إِسْفِيسَ أَلْفٌ وَثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابُ خُورٍ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، فَدَوَرَانُ مَدِينَةِ جَيَّ سَبْعَةُ آلَافٍ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ ، وَبِذِرَاعِ الْيَدِ عَشَرَةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةٍ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا ، وَطُولُهَا أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَعَرْضُهَا أَلْفٌ وَسَبْعُمِائَةٍ وَاثْنَانِ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا وَهَذِهِ الْمِسَاحَةُ عَلَى مَا ذُكِرَ تَوَلَّاهَا مُحَمَّدُ بْنُ لُرَّةَ الْحَاسِبُ وَأَمَّا تَمْصِيرُ الْبَلَدِ الْمُسَمَّى بِالْيَهُودِيَّةِ فَمَصَّرَهَا أَيُّوبُ بْنُ زِيَادٍ فِيِ خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ فِي سَنَةِ نَيِّفٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَوَرَدَ عَامِلًا عَلَى الْخَرَاجِ مَعَ خَالِ الْمَهْدِيِّ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْحِمْيَرِيِّ ، وَكَانَ عَلَى الْحَرْبِ ثُمَّ صُرِفَ سَعِيدٌ وَجُمِعَ لِأَيُّوبَ الْحَرْبُ وَالْخَرَاجُ فَنَزَلَ بِقَرْيَةِ خشينانَ وَبَنَى قَصْرًا عَلَى شَاطِئِ نَهْرِ فُرْسَانَ ، ثُمَّ بَنَى بِحِذَائِهِ مَسْجِدًا ذَا مَقْصُورَةٍ هِيَ بَاقِيَةٌ إِلَى الْيَوْمِ ، وَوَضَعَ فِيهِ الْمِنْبَرَ ، وَخَطَّ سُوقًا لِلْبَاعَةِ ، وَالتُّجَّارِ ، وَالْعَمَلَةِ ، ذَاتِ صُفُوفٍ فِي طَرَفِ الْيَهُودِيَّةِ ، فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُعْرَفُ بِصَفِّ التَّبَّانِينَ ، وَاتَّصَلَتْ فِي أَيَّامِ وِلَايَتِهِ بِدُورِ الْيَهُودِيَّةِ دُورُ قَرْيَةِ خشينانَ وَخِطَّةُ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ بَابِ مَسْجِدِ خشينانَ طُولًا إِلَى بَابِ بَاغَ عِيسَى بْنِ أَيُّوبَ ، وَعَرْضًا مِنْ جَانِبِ مَحِلَّةِ كَوْرَاءَ إِلَى مِلَنْجَةَ وَكَانَتِ الْيَهُودِيَّةُ تُسَمَّى فِي أَيَّامِ مَمْلَكَةِ الْفُرْسِ كُو جُهُودْانَ يَعْنِي سِكَّةَ الْيَهُودِ ، وَهِيَ مِنْ صَحْرَاءِ قَرْيَةِ يُوَانَ ، فَأَحَدُ حُدُودِهَا يَنْتَهِي إِلَى قَرْيَةِ يُوَانَ وَالثَّانِي إِلَى قَرْيَةِ خرجان وَسُنْبُلَانِ ، وَالثَّالِثُ إِلَى قَرْيَتَيْ كماءان وَأشكهان ، وَالرَّابِعُ إِلَى قَرْيَتَيْ جرواءان وَخشينان ، وَرُقْعَتُهَا سَبْعُمِائَةِ جُرَيْبٍ ، وَسَكَنَتْهَا الْيَهُودُ مُقْبِلِينَ عَلَى صِنَاعَاتِهِمُ الْقَذِرَةِ كَالْحِجَامَةِ ، وَالدِّبَاغَةِ ، وَالْقِصَارَةِ ، وَالْقِصَابَةِ ، إِلَى أَنْ سَخِطَ الْمَهْدِيُّ عَلَى أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ فَحُمِلَ إِلَى الْحَضْرَةِ وَحُبِسَ ، فَاجْتَمَعَ عَرَبُ قَرْيَةِ طِهْرَانَ وَهُمُ التَّيْمُ عَلَى بِنَاءِ مَسْجِدٍ جَامِعٍ وَاسِعٍ يَنْقُلُونَ إِلَيْهِ مِنْبَرَ مَسْجِدِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ ، وَكَانَ مَوْضِعُ صَدْرِ الْجَامِعِ الْمُسَقَّفِ إِلَى وَرَاءِ السِّقَايَةِ طرارا لِصَخْرِ بْنِ سِنَانٍ وَأَرْضِ مُرِيكَةَ لِزِيَارَةٍ بِطِهْرَانَ فَوَهَبَهُ لِلْجَامِعِ فَنُقِلَ الْمِنْبَرُ إِلَيْهِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ فِي إِمَارَةِ هَانِئِ بْنِ أَبِي هَانِئٍ بَعْدَ تَمْصِيرِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ لِلْيَهُودِيَّةِ بِخَمْسِ سِنِينَ وَقِيلَ إِنَّ أَوَّلَ مَسْجِدٍ بُنِيَ بِالْيَهُودِيَّةِ مَسْجِدٌ بِمَحَلَّةِ بَاذَانِهِ يُنْسَبُ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ ثُمَامَةَ وَكَانَ أَمِيرَ أَصْبَهَانَ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَسْجِدَ خشينان أَوَّلُ مَسْجِدٍ كَبِيرٍ بُنِيَ بِأَصْبَهَانَ بَنَاهُ أَبُو خُنَاسٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي خِلَافَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَاتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ بَعْدَ بِنَاءِ جَامِعِهَا بِصَحْرَاءَ خَمْسَ عَشْرَةَ قَرْيَةً انْضَافَتْ رُقْعَتُهَا إِلَى الْيَهُودِيَّةِ ، وَهِيَ باطرقان ، وَفرسان ، وَيوان ، وَخرجان ، وَفُلْفُلَانِ ، وَسُنْبُلَانِ ، وَفراءان ، وَكماءان ، وَجوزدان ، وَلِنْبَانَ ، وَأشكهان ، وَجرواءان ، وَخشينان وَبروسكان وَفابجان ، فَلَمَّا اتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ اجْتَمَعَ النَّاسُ لِتَوْسِيعِ الْمَسْجِدِ وَزَادُوا فِيهِ وَأَضَافَ إِلَيْهِ الْخَصِيبُ بْنُ سَلْمٍ الْأَرَضِينَ الْمُسَمَّاةَ بخصيباباذ ثُمَّ أُعِيدَ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي خِلَافَةِ الْمُعْتَصِمِ وَإِمَارَةِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الْخُزَاعِيِّ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ ثُمَّ زَادَ فِيهِ أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ الزِّيَادَةَ الَّتِي تُسَمَّى رستماباذ وَكَانَتْ خَانَاتٌ وَمُسْتَرَاحَاتٌ فَكَنَسَهَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ وَأَضَافَهَا إِلَى الْجَامِعِ فِي خِلَافَةِ الْمُقْتَدِرِ وَإِمَارَةِ أَحْمَدَ بْنِ مَسْرُورٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْأُولَى فِي جَامِعَهَا وَإِضَافَةِ الْبِقَاعِ وَالدُّورِ إِلَيْهَا فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ فَكَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَفْصٍ الذَّكْوَانِيِّ فِيهِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِجَمِيعِ نَفَقَاتِهِ ، فَيُكَلِّمُ فِيهِ الرَّجُلَ بَعْدَ الرَّجُلِ ، حَتَّى رُبَّمَا يَجْتَمِعُ لَهُ الْجُمَلُ الْكَثِيرَةُ ، ثُمَّ لَا يَسْتَحْقِرُ مَعَ هَذَا خَاتَمًا ، أَوْ قِيمَتَهُ ، أَوْ كُبَّةُ غَزْلٍ ، أَوْ قِيمَتُهَا ، فَيَصْرِفُ مَا يَجْتَمِعُ فِي بِنَائِهَا ، وَشِرَى دُورٍ وَبِقَاعٍ لَهُ وَأَمَّا نَفَقَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ
    حديث رقم: 289 في أحاديث إسماعيل بن جعفر أحاديث إسماعيل بن جعفر رَابِعًا أَحَادِيثُ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
    حديث رقم: 83 في العلم لزهير بن حرب العلم لزهير بن حرب
    حديث رقم: 7 في أخبار أصبهان لأبي نعيم الأصبهاني مُقَدِّمَة ذِكْرُ بَدْءِ أَصْبَهَانَ ، وَعَدَدِ مُدُنِهَا ، وَرَسَاتِيقِهَا وَأَمَّا أَصْبَهَانُ فَإِنَّ رُقْعَتَهَا وُضِعَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا ، وَحُدُودُهَا كَانَتْ مَا بَيْنَ أَطْرَافِ هَمَذَانَ وَمَاهْ وَنِهَاوَنْدَ إِلَى أَطْرَافِ كَرْمَانَ ، وَمَا بَيْنَ أَطْرَافِ الرَّيِّ وَقُومِسَ إِلَى أَطْرَافِ فَارِسَ وَخُوزِسْتَانَ ، وَكَانَتْ مَوْضُوعَةً عَلَى أَسَاتِينَ ثَلَاثَةٍ ، وَعَلَى ثَلَاثِينَ رُسْتَاقًا وَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ طَسُّوجًا ، وَخَمْسَةِ آلَافِ قَرْيَةٍ ، وَسَبْعِ مَدَائِنَ ، ذَكَرَ ذَلِكَ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ مَشْرُوحًا بِأَسَامِيهَا وَحُدُودِهَا فَأَمَّا أَسَامِي مُدُنِهَا : فَمَدِينَةُ كَهْثَةَ ، وَمَدِينَةُ جَارَّ ، وَمَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ ِقه ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ دررام ، وَمَدِينَةُ سارويه ، فَخَرِبَتْ مِنْ هَذِهِ الْمُدُنِ السَّبْعِ أَرْبَعٌ ، وَبَقِيَتْ إِلَى الْإِسْلَامِ ثَلَاثُ مَدَائِنَ : مَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ قِه ، هَذِهِ الْمُدُنُ حَصَلَتْ عَلَى كُورَتَيْنِ وَسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا وَثَلَاثَةِ آلَافٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ قَرْيَةً إِلَى أَنْ وَرَدَهَا الْعَرَبُ ، فَخَرَّبُوا مِنَ المدنِ الثَّلَاثِ مَدِينَتَيْنِ : مَدِينَةَ قه مِنْ رُسْتَاقِ جه ، وَمَدِينَةِ سارويه مِنْ رُسْتَاقِ قَاسَانَ ثُمَّ إِنَّ الرَّشِيدَ كَوَّرَ كُورَةَ قُمِّ مِنْ أَصْبَهَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ ، مَعَ مَا أَضَافَ إِلَيْهِ مِنْ رَسَاتِيقَ أُخَرَ مِنْ هَمَذَانَ وَنَهَاوَنْدَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا إِلَى أَنْ شَرَعَ الْمُعْتَصِمُ فِي بِنَاءِ كُورَةِ الْكَرْجِ فَكَوَّرَ الْكَرْجَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ مِنْ أَصْبَهَانَ وَعَلَى ضِيَاعٍ أُخَرَ مِنْ ضِيَاعِ نِهَاوَنْدَ وَهَمَذَانَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَ الْمُعْتَصِمِ عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ رُسْتَاقًا وَكُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةِ قَرْيَةٍ بِالتَّقْرِيبِ ، هَذَا مَا قَالَهُ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ وَأَمَّا بِنَاءُ مَدِينَةِ جَيَّ فَقِيلَ بَنَاهَا الْإِسْكَنْدَرُ الرُّومِيُّ عَلَى يَدَيْ جَيَّ بْنِ زَارْدَهَ الْأَصْبَهَانِيِّ فَسُمِّيَتِ الْمَدِينَةُ بِهِ ، وَعَرْضُ أَسَاسِ سُورِهَا سِتُّونَ لَبِنَةً وَأَلْزَقَ بِأَسَاسِهِ الفرهيز بالشيفتق ، وَقِيلَ إِنَّ الْمَدِينَةَ كَانَتْ مَبْنِيَّةً قَبْلَ أَيَّامِ مَمْلَكَةِ جم فَخَرَّبَهَا فراسياب فِيمَا خَرَّبَ مِنْ سَائِرِ الْمُدُنِ بِإِيرَانَ شَهْرَ ، وَأَعَادَ أَسَاسَهَا خماني جَهْرَازَادَ بِنْتُ بَهْمَنَ بْنِ إِسْفَنْدِيارَ الْمَلِكَةُ قَبْلَ مَجِيءِ الْإِسْكَنْدَرِ ، فَمَاتَتْ خماني مِنْ بِنَاءِ السُّورِ عَلَى النِّصْفِ ، وَوَرَدَ الْإِسْكَنْدَرُ فَتَرَكَهَا عَلَى حَالِهَا ، فَبَقِيَتْ عَلَى حَالَتِهَا إِلَى أَيَّامِ فَيْرُوزَ بْنِ يَزْدَجِرْدَ فَتَقَدَّمَ إِلَى آذَرْسَابُورَ بْنِ آذَرِمَانَانَ مِنْ قَرْيَةِ هَرَاسْنَانَ مِنْ رُسْتَاقِ مابرين بِإِتْمَامِ بِنَاءِ سُوَرِ مَدِينَةِ جَيَّ وَذَلِكَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِمِائَةٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً ، فَأَتَمَّ بِنَاءَهَا آذَرْ سَابُورَ ، وَرَكَّبَ فِيهِ الشُّرُفَ ، وَهَيَّأَ مَوَاقِفَ الْمُقَاتِلَةِ عَلَى أَعْلَاهُ ، وَعَلَّقَ أَرْبَعَةَ أَبْوَابٍ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ مِنَ السُّورِ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ، فِي كُلِّ يَوْمٍ بَابًا ، عَلَّقَ الْبَابَ الَّذِي وَجْهُهُ إِلَى مَيْدَانِ السُّوقِ فِي رُوزَ خُورَ فَسَمَّاهُ بَابَ خُورَ ، وَتَفْسِيرُ خُورُ الشَّمْسُ ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ مَاهْ بِرَّ فِي رُوزَ مَاهَ وَمَاهُ عِنْدَهُمُ الْقَمَرُ ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى بَابَ إِسْفِيسَ ، ثُمَّ عَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الثَّالِثَ وَسَمَّاهُ تَبْرِيزَ ، وَمَعْنَاهُ بَابُ عُطَارِدَ ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابِ تِيَرَه ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الرَّابِعَ وَسَمَّاهُ كُوشَ بَرَّ وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابَ الْيَهُودِيَّةِ وَمِنَ الْهَنْدَسَةِ فِي تَعْلِيقِ هَذِهِ الْأَبْوَابِ أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا حَلَّتْ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ الْجَدْيِ تَطْلُعُ فِي بَابِ خُورَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ الْيَهُودِيَّةِ وَإِذَا حَلَّتِ الشَّمْسُ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ السَّرَطَانِ طَلَعَتْ فِي بَابِ إِسْفِيسَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ تِيرَهَ وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنَ الزُّبَيْرِيَّةِ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ ، فَقَلَعَ بَابَ خُورَ وَفَتَحَ بَابًا آخَرَ مِنْ سُورِهَا ، وَسَمَّى الْبَابَ الْجَدِيدَ ، وَرَدَّ مَكَانَهُ بَاب خَشَيبًا عَلَى مِصْرَاعٍ وَاحِدٍ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى بَعْضِ أَبْوَابِهَا مَكْتُوبًا يَقُولُ : أَشْتَاذْوِيَهْ الْمُوَكَّلُ بِالْقَيَّاسِينَ وَالْبَنَّائِينَ : إِنَّهُ ارْتُفِعَ فِي ثَمَنِ أُدْمِ الْعُمْلَةِ لِسُوَرِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ سِتُّمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ : أَنَّ الْمُوَكَّلَ رُفِعَتْ عَلَيْهِ رَفِيعَةٌ ، فَحُوسِبَ فَحَصَلَ عَلَيْهِ خَمْسُونَ أَلْفَ دِينَارٍ فَصُرِفَتْ إِلَى نَفَقَةِ الْفَرْهِيزَ الْمُلْزَقِ بِأَسَاسِ السُّوَرِ وَلَمْ تَكُنِ الْمَدِينَةُ مَسْكُونَةً ، إِنَّمَا كَانَتْ حِصْنًا لِأَهْلِ قُرَى رُسْتَاقِ جَيِّ وَكَانُوا يَسْكُنُونَ مَدِينَةَ قه إِلَى أَنْ جَاءَ الْإِسْلَامُ ، فَخَرَّبَتِ الْعَرَبُ مَدِينَةَ قه ، فَتَحَوَّلَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِهَا إِلَى مَدِينَةِ جَيَّ ، فَهُمْ أَوَّلُ قَوْمٍ سَكَنُوهَا وَأَوَّلُ دَارٍ بُنِيَتْ بِمَدِينَةِ جَيَّ دَارُ الْمِطْيَارُ بِأَمْرِ كِسْرَى أَبَرْوَيِزَ لَمَّا فَتَحَ لَهُ الْمِطْيَارُ مَدِينَةَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ ثُمَّ بَنِي فِيهَا سَائِرَ الدُّورِ لَمَّا انْتَقَلُوا إِلَيْهَا مِنْ مَدِينَةِ قه وَمِسَاحَةُ مَدِينَةِ جَيَّ اسْتِدَارَةُ سُورِهَا أَلْفُ قَصَبَةٍ فَمِسَاحَةُ الْمَدِينَةِ أَلْفَا جَرِيبٍ سَوَاءً ، وَذَلِكَ أَنَّ قُطْرَهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ قَصَبَةٍ فَإِذَا ضُرِبَ نِصْفُ قُطْرِهَا فِي نِصْفِ إِدَارَتِهَا كَانَ ثَمَانِينَ أَلْفَ قَصَبَةٍ وَذَلِكَ أَلْفَا جَرِيبٍ فِي سُورِهَا مِنَ الْقُصُورِ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةُ قُصُورٍ وَهِيَ بُرُوجٌ مُعْوَجَّةٌ وَاسِعَةٌ ثَابِتَةٌ مِنَ اسْتِدَارَةِ السُّوَرِ ، فَمِنْ بَابِ خُورٍ إِلَى بَابِ الْيَهُودِيَّةِ الصُّغْرَى أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ تِيرَهَ أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ إِسْفِيسَ أَلْفٌ وَثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابُ خُورٍ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، فَدَوَرَانُ مَدِينَةِ جَيَّ سَبْعَةُ آلَافٍ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ ، وَبِذِرَاعِ الْيَدِ عَشَرَةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةٍ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا ، وَطُولُهَا أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَعَرْضُهَا أَلْفٌ وَسَبْعُمِائَةٍ وَاثْنَانِ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا وَهَذِهِ الْمِسَاحَةُ عَلَى مَا ذُكِرَ تَوَلَّاهَا مُحَمَّدُ بْنُ لُرَّةَ الْحَاسِبُ وَأَمَّا تَمْصِيرُ الْبَلَدِ الْمُسَمَّى بِالْيَهُودِيَّةِ فَمَصَّرَهَا أَيُّوبُ بْنُ زِيَادٍ فِيِ خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ فِي سَنَةِ نَيِّفٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَوَرَدَ عَامِلًا عَلَى الْخَرَاجِ مَعَ خَالِ الْمَهْدِيِّ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْحِمْيَرِيِّ ، وَكَانَ عَلَى الْحَرْبِ ثُمَّ صُرِفَ سَعِيدٌ وَجُمِعَ لِأَيُّوبَ الْحَرْبُ وَالْخَرَاجُ فَنَزَلَ بِقَرْيَةِ خشينانَ وَبَنَى قَصْرًا عَلَى شَاطِئِ نَهْرِ فُرْسَانَ ، ثُمَّ بَنَى بِحِذَائِهِ مَسْجِدًا ذَا مَقْصُورَةٍ هِيَ بَاقِيَةٌ إِلَى الْيَوْمِ ، وَوَضَعَ فِيهِ الْمِنْبَرَ ، وَخَطَّ سُوقًا لِلْبَاعَةِ ، وَالتُّجَّارِ ، وَالْعَمَلَةِ ، ذَاتِ صُفُوفٍ فِي طَرَفِ الْيَهُودِيَّةِ ، فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُعْرَفُ بِصَفِّ التَّبَّانِينَ ، وَاتَّصَلَتْ فِي أَيَّامِ وِلَايَتِهِ بِدُورِ الْيَهُودِيَّةِ دُورُ قَرْيَةِ خشينانَ وَخِطَّةُ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ بَابِ مَسْجِدِ خشينانَ طُولًا إِلَى بَابِ بَاغَ عِيسَى بْنِ أَيُّوبَ ، وَعَرْضًا مِنْ جَانِبِ مَحِلَّةِ كَوْرَاءَ إِلَى مِلَنْجَةَ وَكَانَتِ الْيَهُودِيَّةُ تُسَمَّى فِي أَيَّامِ مَمْلَكَةِ الْفُرْسِ كُو جُهُودْانَ يَعْنِي سِكَّةَ الْيَهُودِ ، وَهِيَ مِنْ صَحْرَاءِ قَرْيَةِ يُوَانَ ، فَأَحَدُ حُدُودِهَا يَنْتَهِي إِلَى قَرْيَةِ يُوَانَ وَالثَّانِي إِلَى قَرْيَةِ خرجان وَسُنْبُلَانِ ، وَالثَّالِثُ إِلَى قَرْيَتَيْ كماءان وَأشكهان ، وَالرَّابِعُ إِلَى قَرْيَتَيْ جرواءان وَخشينان ، وَرُقْعَتُهَا سَبْعُمِائَةِ جُرَيْبٍ ، وَسَكَنَتْهَا الْيَهُودُ مُقْبِلِينَ عَلَى صِنَاعَاتِهِمُ الْقَذِرَةِ كَالْحِجَامَةِ ، وَالدِّبَاغَةِ ، وَالْقِصَارَةِ ، وَالْقِصَابَةِ ، إِلَى أَنْ سَخِطَ الْمَهْدِيُّ عَلَى أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ فَحُمِلَ إِلَى الْحَضْرَةِ وَحُبِسَ ، فَاجْتَمَعَ عَرَبُ قَرْيَةِ طِهْرَانَ وَهُمُ التَّيْمُ عَلَى بِنَاءِ مَسْجِدٍ جَامِعٍ وَاسِعٍ يَنْقُلُونَ إِلَيْهِ مِنْبَرَ مَسْجِدِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ ، وَكَانَ مَوْضِعُ صَدْرِ الْجَامِعِ الْمُسَقَّفِ إِلَى وَرَاءِ السِّقَايَةِ طرارا لِصَخْرِ بْنِ سِنَانٍ وَأَرْضِ مُرِيكَةَ لِزِيَارَةٍ بِطِهْرَانَ فَوَهَبَهُ لِلْجَامِعِ فَنُقِلَ الْمِنْبَرُ إِلَيْهِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ فِي إِمَارَةِ هَانِئِ بْنِ أَبِي هَانِئٍ بَعْدَ تَمْصِيرِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ لِلْيَهُودِيَّةِ بِخَمْسِ سِنِينَ وَقِيلَ إِنَّ أَوَّلَ مَسْجِدٍ بُنِيَ بِالْيَهُودِيَّةِ مَسْجِدٌ بِمَحَلَّةِ بَاذَانِهِ يُنْسَبُ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ ثُمَامَةَ وَكَانَ أَمِيرَ أَصْبَهَانَ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَسْجِدَ خشينان أَوَّلُ مَسْجِدٍ كَبِيرٍ بُنِيَ بِأَصْبَهَانَ بَنَاهُ أَبُو خُنَاسٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي خِلَافَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَاتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ بَعْدَ بِنَاءِ جَامِعِهَا بِصَحْرَاءَ خَمْسَ عَشْرَةَ قَرْيَةً انْضَافَتْ رُقْعَتُهَا إِلَى الْيَهُودِيَّةِ ، وَهِيَ باطرقان ، وَفرسان ، وَيوان ، وَخرجان ، وَفُلْفُلَانِ ، وَسُنْبُلَانِ ، وَفراءان ، وَكماءان ، وَجوزدان ، وَلِنْبَانَ ، وَأشكهان ، وَجرواءان ، وَخشينان وَبروسكان وَفابجان ، فَلَمَّا اتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ اجْتَمَعَ النَّاسُ لِتَوْسِيعِ الْمَسْجِدِ وَزَادُوا فِيهِ وَأَضَافَ إِلَيْهِ الْخَصِيبُ بْنُ سَلْمٍ الْأَرَضِينَ الْمُسَمَّاةَ بخصيباباذ ثُمَّ أُعِيدَ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي خِلَافَةِ الْمُعْتَصِمِ وَإِمَارَةِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الْخُزَاعِيِّ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ ثُمَّ زَادَ فِيهِ أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ الزِّيَادَةَ الَّتِي تُسَمَّى رستماباذ وَكَانَتْ خَانَاتٌ وَمُسْتَرَاحَاتٌ فَكَنَسَهَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ وَأَضَافَهَا إِلَى الْجَامِعِ فِي خِلَافَةِ الْمُقْتَدِرِ وَإِمَارَةِ أَحْمَدَ بْنِ مَسْرُورٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْأُولَى فِي جَامِعَهَا وَإِضَافَةِ الْبِقَاعِ وَالدُّورِ إِلَيْهَا فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ فَكَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَفْصٍ الذَّكْوَانِيِّ فِيهِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِجَمِيعِ نَفَقَاتِهِ ، فَيُكَلِّمُ فِيهِ الرَّجُلَ بَعْدَ الرَّجُلِ ، حَتَّى رُبَّمَا يَجْتَمِعُ لَهُ الْجُمَلُ الْكَثِيرَةُ ، ثُمَّ لَا يَسْتَحْقِرُ مَعَ هَذَا خَاتَمًا ، أَوْ قِيمَتَهُ ، أَوْ كُبَّةُ غَزْلٍ ، أَوْ قِيمَتُهَا ، فَيَصْرِفُ مَا يَجْتَمِعُ فِي بِنَائِهَا ، وَشِرَى دُورٍ وَبِقَاعٍ لَهُ وَأَمَّا نَفَقَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ
    حديث رقم: 8 في أخبار أصبهان لأبي نعيم الأصبهاني مُقَدِّمَة ذِكْرُ بَدْءِ أَصْبَهَانَ ، وَعَدَدِ مُدُنِهَا ، وَرَسَاتِيقِهَا وَأَمَّا أَصْبَهَانُ فَإِنَّ رُقْعَتَهَا وُضِعَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا ، وَحُدُودُهَا كَانَتْ مَا بَيْنَ أَطْرَافِ هَمَذَانَ وَمَاهْ وَنِهَاوَنْدَ إِلَى أَطْرَافِ كَرْمَانَ ، وَمَا بَيْنَ أَطْرَافِ الرَّيِّ وَقُومِسَ إِلَى أَطْرَافِ فَارِسَ وَخُوزِسْتَانَ ، وَكَانَتْ مَوْضُوعَةً عَلَى أَسَاتِينَ ثَلَاثَةٍ ، وَعَلَى ثَلَاثِينَ رُسْتَاقًا وَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ طَسُّوجًا ، وَخَمْسَةِ آلَافِ قَرْيَةٍ ، وَسَبْعِ مَدَائِنَ ، ذَكَرَ ذَلِكَ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ مَشْرُوحًا بِأَسَامِيهَا وَحُدُودِهَا فَأَمَّا أَسَامِي مُدُنِهَا : فَمَدِينَةُ كَهْثَةَ ، وَمَدِينَةُ جَارَّ ، وَمَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ ِقه ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ دررام ، وَمَدِينَةُ سارويه ، فَخَرِبَتْ مِنْ هَذِهِ الْمُدُنِ السَّبْعِ أَرْبَعٌ ، وَبَقِيَتْ إِلَى الْإِسْلَامِ ثَلَاثُ مَدَائِنَ : مَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ قِه ، هَذِهِ الْمُدُنُ حَصَلَتْ عَلَى كُورَتَيْنِ وَسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا وَثَلَاثَةِ آلَافٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ قَرْيَةً إِلَى أَنْ وَرَدَهَا الْعَرَبُ ، فَخَرَّبُوا مِنَ المدنِ الثَّلَاثِ مَدِينَتَيْنِ : مَدِينَةَ قه مِنْ رُسْتَاقِ جه ، وَمَدِينَةِ سارويه مِنْ رُسْتَاقِ قَاسَانَ ثُمَّ إِنَّ الرَّشِيدَ كَوَّرَ كُورَةَ قُمِّ مِنْ أَصْبَهَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ ، مَعَ مَا أَضَافَ إِلَيْهِ مِنْ رَسَاتِيقَ أُخَرَ مِنْ هَمَذَانَ وَنَهَاوَنْدَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا إِلَى أَنْ شَرَعَ الْمُعْتَصِمُ فِي بِنَاءِ كُورَةِ الْكَرْجِ فَكَوَّرَ الْكَرْجَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ مِنْ أَصْبَهَانَ وَعَلَى ضِيَاعٍ أُخَرَ مِنْ ضِيَاعِ نِهَاوَنْدَ وَهَمَذَانَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَ الْمُعْتَصِمِ عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ رُسْتَاقًا وَكُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةِ قَرْيَةٍ بِالتَّقْرِيبِ ، هَذَا مَا قَالَهُ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ وَأَمَّا بِنَاءُ مَدِينَةِ جَيَّ فَقِيلَ بَنَاهَا الْإِسْكَنْدَرُ الرُّومِيُّ عَلَى يَدَيْ جَيَّ بْنِ زَارْدَهَ الْأَصْبَهَانِيِّ فَسُمِّيَتِ الْمَدِينَةُ بِهِ ، وَعَرْضُ أَسَاسِ سُورِهَا سِتُّونَ لَبِنَةً وَأَلْزَقَ بِأَسَاسِهِ الفرهيز بالشيفتق ، وَقِيلَ إِنَّ الْمَدِينَةَ كَانَتْ مَبْنِيَّةً قَبْلَ أَيَّامِ مَمْلَكَةِ جم فَخَرَّبَهَا فراسياب فِيمَا خَرَّبَ مِنْ سَائِرِ الْمُدُنِ بِإِيرَانَ شَهْرَ ، وَأَعَادَ أَسَاسَهَا خماني جَهْرَازَادَ بِنْتُ بَهْمَنَ بْنِ إِسْفَنْدِيارَ الْمَلِكَةُ قَبْلَ مَجِيءِ الْإِسْكَنْدَرِ ، فَمَاتَتْ خماني مِنْ بِنَاءِ السُّورِ عَلَى النِّصْفِ ، وَوَرَدَ الْإِسْكَنْدَرُ فَتَرَكَهَا عَلَى حَالِهَا ، فَبَقِيَتْ عَلَى حَالَتِهَا إِلَى أَيَّامِ فَيْرُوزَ بْنِ يَزْدَجِرْدَ فَتَقَدَّمَ إِلَى آذَرْسَابُورَ بْنِ آذَرِمَانَانَ مِنْ قَرْيَةِ هَرَاسْنَانَ مِنْ رُسْتَاقِ مابرين بِإِتْمَامِ بِنَاءِ سُوَرِ مَدِينَةِ جَيَّ وَذَلِكَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِمِائَةٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً ، فَأَتَمَّ بِنَاءَهَا آذَرْ سَابُورَ ، وَرَكَّبَ فِيهِ الشُّرُفَ ، وَهَيَّأَ مَوَاقِفَ الْمُقَاتِلَةِ عَلَى أَعْلَاهُ ، وَعَلَّقَ أَرْبَعَةَ أَبْوَابٍ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ مِنَ السُّورِ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ، فِي كُلِّ يَوْمٍ بَابًا ، عَلَّقَ الْبَابَ الَّذِي وَجْهُهُ إِلَى مَيْدَانِ السُّوقِ فِي رُوزَ خُورَ فَسَمَّاهُ بَابَ خُورَ ، وَتَفْسِيرُ خُورُ الشَّمْسُ ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ مَاهْ بِرَّ فِي رُوزَ مَاهَ وَمَاهُ عِنْدَهُمُ الْقَمَرُ ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى بَابَ إِسْفِيسَ ، ثُمَّ عَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الثَّالِثَ وَسَمَّاهُ تَبْرِيزَ ، وَمَعْنَاهُ بَابُ عُطَارِدَ ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابِ تِيَرَه ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الرَّابِعَ وَسَمَّاهُ كُوشَ بَرَّ وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابَ الْيَهُودِيَّةِ وَمِنَ الْهَنْدَسَةِ فِي تَعْلِيقِ هَذِهِ الْأَبْوَابِ أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا حَلَّتْ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ الْجَدْيِ تَطْلُعُ فِي بَابِ خُورَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ الْيَهُودِيَّةِ وَإِذَا حَلَّتِ الشَّمْسُ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ السَّرَطَانِ طَلَعَتْ فِي بَابِ إِسْفِيسَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ تِيرَهَ وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنَ الزُّبَيْرِيَّةِ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ ، فَقَلَعَ بَابَ خُورَ وَفَتَحَ بَابًا آخَرَ مِنْ سُورِهَا ، وَسَمَّى الْبَابَ الْجَدِيدَ ، وَرَدَّ مَكَانَهُ بَاب خَشَيبًا عَلَى مِصْرَاعٍ وَاحِدٍ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى بَعْضِ أَبْوَابِهَا مَكْتُوبًا يَقُولُ : أَشْتَاذْوِيَهْ الْمُوَكَّلُ بِالْقَيَّاسِينَ وَالْبَنَّائِينَ : إِنَّهُ ارْتُفِعَ فِي ثَمَنِ أُدْمِ الْعُمْلَةِ لِسُوَرِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ سِتُّمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ : أَنَّ الْمُوَكَّلَ رُفِعَتْ عَلَيْهِ رَفِيعَةٌ ، فَحُوسِبَ فَحَصَلَ عَلَيْهِ خَمْسُونَ أَلْفَ دِينَارٍ فَصُرِفَتْ إِلَى نَفَقَةِ الْفَرْهِيزَ الْمُلْزَقِ بِأَسَاسِ السُّوَرِ وَلَمْ تَكُنِ الْمَدِينَةُ مَسْكُونَةً ، إِنَّمَا كَانَتْ حِصْنًا لِأَهْلِ قُرَى رُسْتَاقِ جَيِّ وَكَانُوا يَسْكُنُونَ مَدِينَةَ قه إِلَى أَنْ جَاءَ الْإِسْلَامُ ، فَخَرَّبَتِ الْعَرَبُ مَدِينَةَ قه ، فَتَحَوَّلَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِهَا إِلَى مَدِينَةِ جَيَّ ، فَهُمْ أَوَّلُ قَوْمٍ سَكَنُوهَا وَأَوَّلُ دَارٍ بُنِيَتْ بِمَدِينَةِ جَيَّ دَارُ الْمِطْيَارُ بِأَمْرِ كِسْرَى أَبَرْوَيِزَ لَمَّا فَتَحَ لَهُ الْمِطْيَارُ مَدِينَةَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ ثُمَّ بَنِي فِيهَا سَائِرَ الدُّورِ لَمَّا انْتَقَلُوا إِلَيْهَا مِنْ مَدِينَةِ قه وَمِسَاحَةُ مَدِينَةِ جَيَّ اسْتِدَارَةُ سُورِهَا أَلْفُ قَصَبَةٍ فَمِسَاحَةُ الْمَدِينَةِ أَلْفَا جَرِيبٍ سَوَاءً ، وَذَلِكَ أَنَّ قُطْرَهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ قَصَبَةٍ فَإِذَا ضُرِبَ نِصْفُ قُطْرِهَا فِي نِصْفِ إِدَارَتِهَا كَانَ ثَمَانِينَ أَلْفَ قَصَبَةٍ وَذَلِكَ أَلْفَا جَرِيبٍ فِي سُورِهَا مِنَ الْقُصُورِ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةُ قُصُورٍ وَهِيَ بُرُوجٌ مُعْوَجَّةٌ وَاسِعَةٌ ثَابِتَةٌ مِنَ اسْتِدَارَةِ السُّوَرِ ، فَمِنْ بَابِ خُورٍ إِلَى بَابِ الْيَهُودِيَّةِ الصُّغْرَى أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ تِيرَهَ أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ إِسْفِيسَ أَلْفٌ وَثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابُ خُورٍ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، فَدَوَرَانُ مَدِينَةِ جَيَّ سَبْعَةُ آلَافٍ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ ، وَبِذِرَاعِ الْيَدِ عَشَرَةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةٍ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا ، وَطُولُهَا أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَعَرْضُهَا أَلْفٌ وَسَبْعُمِائَةٍ وَاثْنَانِ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا وَهَذِهِ الْمِسَاحَةُ عَلَى مَا ذُكِرَ تَوَلَّاهَا مُحَمَّدُ بْنُ لُرَّةَ الْحَاسِبُ وَأَمَّا تَمْصِيرُ الْبَلَدِ الْمُسَمَّى بِالْيَهُودِيَّةِ فَمَصَّرَهَا أَيُّوبُ بْنُ زِيَادٍ فِيِ خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ فِي سَنَةِ نَيِّفٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَوَرَدَ عَامِلًا عَلَى الْخَرَاجِ مَعَ خَالِ الْمَهْدِيِّ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْحِمْيَرِيِّ ، وَكَانَ عَلَى الْحَرْبِ ثُمَّ صُرِفَ سَعِيدٌ وَجُمِعَ لِأَيُّوبَ الْحَرْبُ وَالْخَرَاجُ فَنَزَلَ بِقَرْيَةِ خشينانَ وَبَنَى قَصْرًا عَلَى شَاطِئِ نَهْرِ فُرْسَانَ ، ثُمَّ بَنَى بِحِذَائِهِ مَسْجِدًا ذَا مَقْصُورَةٍ هِيَ بَاقِيَةٌ إِلَى الْيَوْمِ ، وَوَضَعَ فِيهِ الْمِنْبَرَ ، وَخَطَّ سُوقًا لِلْبَاعَةِ ، وَالتُّجَّارِ ، وَالْعَمَلَةِ ، ذَاتِ صُفُوفٍ فِي طَرَفِ الْيَهُودِيَّةِ ، فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُعْرَفُ بِصَفِّ التَّبَّانِينَ ، وَاتَّصَلَتْ فِي أَيَّامِ وِلَايَتِهِ بِدُورِ الْيَهُودِيَّةِ دُورُ قَرْيَةِ خشينانَ وَخِطَّةُ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ بَابِ مَسْجِدِ خشينانَ طُولًا إِلَى بَابِ بَاغَ عِيسَى بْنِ أَيُّوبَ ، وَعَرْضًا مِنْ جَانِبِ مَحِلَّةِ كَوْرَاءَ إِلَى مِلَنْجَةَ وَكَانَتِ الْيَهُودِيَّةُ تُسَمَّى فِي أَيَّامِ مَمْلَكَةِ الْفُرْسِ كُو جُهُودْانَ يَعْنِي سِكَّةَ الْيَهُودِ ، وَهِيَ مِنْ صَحْرَاءِ قَرْيَةِ يُوَانَ ، فَأَحَدُ حُدُودِهَا يَنْتَهِي إِلَى قَرْيَةِ يُوَانَ وَالثَّانِي إِلَى قَرْيَةِ خرجان وَسُنْبُلَانِ ، وَالثَّالِثُ إِلَى قَرْيَتَيْ كماءان وَأشكهان ، وَالرَّابِعُ إِلَى قَرْيَتَيْ جرواءان وَخشينان ، وَرُقْعَتُهَا سَبْعُمِائَةِ جُرَيْبٍ ، وَسَكَنَتْهَا الْيَهُودُ مُقْبِلِينَ عَلَى صِنَاعَاتِهِمُ الْقَذِرَةِ كَالْحِجَامَةِ ، وَالدِّبَاغَةِ ، وَالْقِصَارَةِ ، وَالْقِصَابَةِ ، إِلَى أَنْ سَخِطَ الْمَهْدِيُّ عَلَى أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ فَحُمِلَ إِلَى الْحَضْرَةِ وَحُبِسَ ، فَاجْتَمَعَ عَرَبُ قَرْيَةِ طِهْرَانَ وَهُمُ التَّيْمُ عَلَى بِنَاءِ مَسْجِدٍ جَامِعٍ وَاسِعٍ يَنْقُلُونَ إِلَيْهِ مِنْبَرَ مَسْجِدِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ ، وَكَانَ مَوْضِعُ صَدْرِ الْجَامِعِ الْمُسَقَّفِ إِلَى وَرَاءِ السِّقَايَةِ طرارا لِصَخْرِ بْنِ سِنَانٍ وَأَرْضِ مُرِيكَةَ لِزِيَارَةٍ بِطِهْرَانَ فَوَهَبَهُ لِلْجَامِعِ فَنُقِلَ الْمِنْبَرُ إِلَيْهِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ فِي إِمَارَةِ هَانِئِ بْنِ أَبِي هَانِئٍ بَعْدَ تَمْصِيرِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ لِلْيَهُودِيَّةِ بِخَمْسِ سِنِينَ وَقِيلَ إِنَّ أَوَّلَ مَسْجِدٍ بُنِيَ بِالْيَهُودِيَّةِ مَسْجِدٌ بِمَحَلَّةِ بَاذَانِهِ يُنْسَبُ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ ثُمَامَةَ وَكَانَ أَمِيرَ أَصْبَهَانَ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَسْجِدَ خشينان أَوَّلُ مَسْجِدٍ كَبِيرٍ بُنِيَ بِأَصْبَهَانَ بَنَاهُ أَبُو خُنَاسٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي خِلَافَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَاتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ بَعْدَ بِنَاءِ جَامِعِهَا بِصَحْرَاءَ خَمْسَ عَشْرَةَ قَرْيَةً انْضَافَتْ رُقْعَتُهَا إِلَى الْيَهُودِيَّةِ ، وَهِيَ باطرقان ، وَفرسان ، وَيوان ، وَخرجان ، وَفُلْفُلَانِ ، وَسُنْبُلَانِ ، وَفراءان ، وَكماءان ، وَجوزدان ، وَلِنْبَانَ ، وَأشكهان ، وَجرواءان ، وَخشينان وَبروسكان وَفابجان ، فَلَمَّا اتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ اجْتَمَعَ النَّاسُ لِتَوْسِيعِ الْمَسْجِدِ وَزَادُوا فِيهِ وَأَضَافَ إِلَيْهِ الْخَصِيبُ بْنُ سَلْمٍ الْأَرَضِينَ الْمُسَمَّاةَ بخصيباباذ ثُمَّ أُعِيدَ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي خِلَافَةِ الْمُعْتَصِمِ وَإِمَارَةِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الْخُزَاعِيِّ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ ثُمَّ زَادَ فِيهِ أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ الزِّيَادَةَ الَّتِي تُسَمَّى رستماباذ وَكَانَتْ خَانَاتٌ وَمُسْتَرَاحَاتٌ فَكَنَسَهَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ وَأَضَافَهَا إِلَى الْجَامِعِ فِي خِلَافَةِ الْمُقْتَدِرِ وَإِمَارَةِ أَحْمَدَ بْنِ مَسْرُورٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْأُولَى فِي جَامِعَهَا وَإِضَافَةِ الْبِقَاعِ وَالدُّورِ إِلَيْهَا فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ فَكَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَفْصٍ الذَّكْوَانِيِّ فِيهِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِجَمِيعِ نَفَقَاتِهِ ، فَيُكَلِّمُ فِيهِ الرَّجُلَ بَعْدَ الرَّجُلِ ، حَتَّى رُبَّمَا يَجْتَمِعُ لَهُ الْجُمَلُ الْكَثِيرَةُ ، ثُمَّ لَا يَسْتَحْقِرُ مَعَ هَذَا خَاتَمًا ، أَوْ قِيمَتَهُ ، أَوْ كُبَّةُ غَزْلٍ ، أَوْ قِيمَتُهَا ، فَيَصْرِفُ مَا يَجْتَمِعُ فِي بِنَائِهَا ، وَشِرَى دُورٍ وَبِقَاعٍ لَهُ وَأَمَّا نَفَقَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ
    حديث رقم: 9 في أخبار أصبهان لأبي نعيم الأصبهاني مُقَدِّمَة ذِكْرُ بَدْءِ أَصْبَهَانَ ، وَعَدَدِ مُدُنِهَا ، وَرَسَاتِيقِهَا وَأَمَّا أَصْبَهَانُ فَإِنَّ رُقْعَتَهَا وُضِعَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا ، وَحُدُودُهَا كَانَتْ مَا بَيْنَ أَطْرَافِ هَمَذَانَ وَمَاهْ وَنِهَاوَنْدَ إِلَى أَطْرَافِ كَرْمَانَ ، وَمَا بَيْنَ أَطْرَافِ الرَّيِّ وَقُومِسَ إِلَى أَطْرَافِ فَارِسَ وَخُوزِسْتَانَ ، وَكَانَتْ مَوْضُوعَةً عَلَى أَسَاتِينَ ثَلَاثَةٍ ، وَعَلَى ثَلَاثِينَ رُسْتَاقًا وَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ طَسُّوجًا ، وَخَمْسَةِ آلَافِ قَرْيَةٍ ، وَسَبْعِ مَدَائِنَ ، ذَكَرَ ذَلِكَ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ مَشْرُوحًا بِأَسَامِيهَا وَحُدُودِهَا فَأَمَّا أَسَامِي مُدُنِهَا : فَمَدِينَةُ كَهْثَةَ ، وَمَدِينَةُ جَارَّ ، وَمَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ ِقه ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ دررام ، وَمَدِينَةُ سارويه ، فَخَرِبَتْ مِنْ هَذِهِ الْمُدُنِ السَّبْعِ أَرْبَعٌ ، وَبَقِيَتْ إِلَى الْإِسْلَامِ ثَلَاثُ مَدَائِنَ : مَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ قِه ، هَذِهِ الْمُدُنُ حَصَلَتْ عَلَى كُورَتَيْنِ وَسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا وَثَلَاثَةِ آلَافٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ قَرْيَةً إِلَى أَنْ وَرَدَهَا الْعَرَبُ ، فَخَرَّبُوا مِنَ المدنِ الثَّلَاثِ مَدِينَتَيْنِ : مَدِينَةَ قه مِنْ رُسْتَاقِ جه ، وَمَدِينَةِ سارويه مِنْ رُسْتَاقِ قَاسَانَ ثُمَّ إِنَّ الرَّشِيدَ كَوَّرَ كُورَةَ قُمِّ مِنْ أَصْبَهَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ ، مَعَ مَا أَضَافَ إِلَيْهِ مِنْ رَسَاتِيقَ أُخَرَ مِنْ هَمَذَانَ وَنَهَاوَنْدَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا إِلَى أَنْ شَرَعَ الْمُعْتَصِمُ فِي بِنَاءِ كُورَةِ الْكَرْجِ فَكَوَّرَ الْكَرْجَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ مِنْ أَصْبَهَانَ وَعَلَى ضِيَاعٍ أُخَرَ مِنْ ضِيَاعِ نِهَاوَنْدَ وَهَمَذَانَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَ الْمُعْتَصِمِ عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ رُسْتَاقًا وَكُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةِ قَرْيَةٍ بِالتَّقْرِيبِ ، هَذَا مَا قَالَهُ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ وَأَمَّا بِنَاءُ مَدِينَةِ جَيَّ فَقِيلَ بَنَاهَا الْإِسْكَنْدَرُ الرُّومِيُّ عَلَى يَدَيْ جَيَّ بْنِ زَارْدَهَ الْأَصْبَهَانِيِّ فَسُمِّيَتِ الْمَدِينَةُ بِهِ ، وَعَرْضُ أَسَاسِ سُورِهَا سِتُّونَ لَبِنَةً وَأَلْزَقَ بِأَسَاسِهِ الفرهيز بالشيفتق ، وَقِيلَ إِنَّ الْمَدِينَةَ كَانَتْ مَبْنِيَّةً قَبْلَ أَيَّامِ مَمْلَكَةِ جم فَخَرَّبَهَا فراسياب فِيمَا خَرَّبَ مِنْ سَائِرِ الْمُدُنِ بِإِيرَانَ شَهْرَ ، وَأَعَادَ أَسَاسَهَا خماني جَهْرَازَادَ بِنْتُ بَهْمَنَ بْنِ إِسْفَنْدِيارَ الْمَلِكَةُ قَبْلَ مَجِيءِ الْإِسْكَنْدَرِ ، فَمَاتَتْ خماني مِنْ بِنَاءِ السُّورِ عَلَى النِّصْفِ ، وَوَرَدَ الْإِسْكَنْدَرُ فَتَرَكَهَا عَلَى حَالِهَا ، فَبَقِيَتْ عَلَى حَالَتِهَا إِلَى أَيَّامِ فَيْرُوزَ بْنِ يَزْدَجِرْدَ فَتَقَدَّمَ إِلَى آذَرْسَابُورَ بْنِ آذَرِمَانَانَ مِنْ قَرْيَةِ هَرَاسْنَانَ مِنْ رُسْتَاقِ مابرين بِإِتْمَامِ بِنَاءِ سُوَرِ مَدِينَةِ جَيَّ وَذَلِكَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِمِائَةٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً ، فَأَتَمَّ بِنَاءَهَا آذَرْ سَابُورَ ، وَرَكَّبَ فِيهِ الشُّرُفَ ، وَهَيَّأَ مَوَاقِفَ الْمُقَاتِلَةِ عَلَى أَعْلَاهُ ، وَعَلَّقَ أَرْبَعَةَ أَبْوَابٍ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ مِنَ السُّورِ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ، فِي كُلِّ يَوْمٍ بَابًا ، عَلَّقَ الْبَابَ الَّذِي وَجْهُهُ إِلَى مَيْدَانِ السُّوقِ فِي رُوزَ خُورَ فَسَمَّاهُ بَابَ خُورَ ، وَتَفْسِيرُ خُورُ الشَّمْسُ ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ مَاهْ بِرَّ فِي رُوزَ مَاهَ وَمَاهُ عِنْدَهُمُ الْقَمَرُ ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى بَابَ إِسْفِيسَ ، ثُمَّ عَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الثَّالِثَ وَسَمَّاهُ تَبْرِيزَ ، وَمَعْنَاهُ بَابُ عُطَارِدَ ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابِ تِيَرَه ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الرَّابِعَ وَسَمَّاهُ كُوشَ بَرَّ وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابَ الْيَهُودِيَّةِ وَمِنَ الْهَنْدَسَةِ فِي تَعْلِيقِ هَذِهِ الْأَبْوَابِ أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا حَلَّتْ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ الْجَدْيِ تَطْلُعُ فِي بَابِ خُورَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ الْيَهُودِيَّةِ وَإِذَا حَلَّتِ الشَّمْسُ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ السَّرَطَانِ طَلَعَتْ فِي بَابِ إِسْفِيسَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ تِيرَهَ وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنَ الزُّبَيْرِيَّةِ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ ، فَقَلَعَ بَابَ خُورَ وَفَتَحَ بَابًا آخَرَ مِنْ سُورِهَا ، وَسَمَّى الْبَابَ الْجَدِيدَ ، وَرَدَّ مَكَانَهُ بَاب خَشَيبًا عَلَى مِصْرَاعٍ وَاحِدٍ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى بَعْضِ أَبْوَابِهَا مَكْتُوبًا يَقُولُ : أَشْتَاذْوِيَهْ الْمُوَكَّلُ بِالْقَيَّاسِينَ وَالْبَنَّائِينَ : إِنَّهُ ارْتُفِعَ فِي ثَمَنِ أُدْمِ الْعُمْلَةِ لِسُوَرِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ سِتُّمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ : أَنَّ الْمُوَكَّلَ رُفِعَتْ عَلَيْهِ رَفِيعَةٌ ، فَحُوسِبَ فَحَصَلَ عَلَيْهِ خَمْسُونَ أَلْفَ دِينَارٍ فَصُرِفَتْ إِلَى نَفَقَةِ الْفَرْهِيزَ الْمُلْزَقِ بِأَسَاسِ السُّوَرِ وَلَمْ تَكُنِ الْمَدِينَةُ مَسْكُونَةً ، إِنَّمَا كَانَتْ حِصْنًا لِأَهْلِ قُرَى رُسْتَاقِ جَيِّ وَكَانُوا يَسْكُنُونَ مَدِينَةَ قه إِلَى أَنْ جَاءَ الْإِسْلَامُ ، فَخَرَّبَتِ الْعَرَبُ مَدِينَةَ قه ، فَتَحَوَّلَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِهَا إِلَى مَدِينَةِ جَيَّ ، فَهُمْ أَوَّلُ قَوْمٍ سَكَنُوهَا وَأَوَّلُ دَارٍ بُنِيَتْ بِمَدِينَةِ جَيَّ دَارُ الْمِطْيَارُ بِأَمْرِ كِسْرَى أَبَرْوَيِزَ لَمَّا فَتَحَ لَهُ الْمِطْيَارُ مَدِينَةَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ ثُمَّ بَنِي فِيهَا سَائِرَ الدُّورِ لَمَّا انْتَقَلُوا إِلَيْهَا مِنْ مَدِينَةِ قه وَمِسَاحَةُ مَدِينَةِ جَيَّ اسْتِدَارَةُ سُورِهَا أَلْفُ قَصَبَةٍ فَمِسَاحَةُ الْمَدِينَةِ أَلْفَا جَرِيبٍ سَوَاءً ، وَذَلِكَ أَنَّ قُطْرَهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ قَصَبَةٍ فَإِذَا ضُرِبَ نِصْفُ قُطْرِهَا فِي نِصْفِ إِدَارَتِهَا كَانَ ثَمَانِينَ أَلْفَ قَصَبَةٍ وَذَلِكَ أَلْفَا جَرِيبٍ فِي سُورِهَا مِنَ الْقُصُورِ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةُ قُصُورٍ وَهِيَ بُرُوجٌ مُعْوَجَّةٌ وَاسِعَةٌ ثَابِتَةٌ مِنَ اسْتِدَارَةِ السُّوَرِ ، فَمِنْ بَابِ خُورٍ إِلَى بَابِ الْيَهُودِيَّةِ الصُّغْرَى أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ تِيرَهَ أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ إِسْفِيسَ أَلْفٌ وَثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابُ خُورٍ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، فَدَوَرَانُ مَدِينَةِ جَيَّ سَبْعَةُ آلَافٍ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ ، وَبِذِرَاعِ الْيَدِ عَشَرَةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةٍ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا ، وَطُولُهَا أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَعَرْضُهَا أَلْفٌ وَسَبْعُمِائَةٍ وَاثْنَانِ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا وَهَذِهِ الْمِسَاحَةُ عَلَى مَا ذُكِرَ تَوَلَّاهَا مُحَمَّدُ بْنُ لُرَّةَ الْحَاسِبُ وَأَمَّا تَمْصِيرُ الْبَلَدِ الْمُسَمَّى بِالْيَهُودِيَّةِ فَمَصَّرَهَا أَيُّوبُ بْنُ زِيَادٍ فِيِ خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ فِي سَنَةِ نَيِّفٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَوَرَدَ عَامِلًا عَلَى الْخَرَاجِ مَعَ خَالِ الْمَهْدِيِّ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْحِمْيَرِيِّ ، وَكَانَ عَلَى الْحَرْبِ ثُمَّ صُرِفَ سَعِيدٌ وَجُمِعَ لِأَيُّوبَ الْحَرْبُ وَالْخَرَاجُ فَنَزَلَ بِقَرْيَةِ خشينانَ وَبَنَى قَصْرًا عَلَى شَاطِئِ نَهْرِ فُرْسَانَ ، ثُمَّ بَنَى بِحِذَائِهِ مَسْجِدًا ذَا مَقْصُورَةٍ هِيَ بَاقِيَةٌ إِلَى الْيَوْمِ ، وَوَضَعَ فِيهِ الْمِنْبَرَ ، وَخَطَّ سُوقًا لِلْبَاعَةِ ، وَالتُّجَّارِ ، وَالْعَمَلَةِ ، ذَاتِ صُفُوفٍ فِي طَرَفِ الْيَهُودِيَّةِ ، فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُعْرَفُ بِصَفِّ التَّبَّانِينَ ، وَاتَّصَلَتْ فِي أَيَّامِ وِلَايَتِهِ بِدُورِ الْيَهُودِيَّةِ دُورُ قَرْيَةِ خشينانَ وَخِطَّةُ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ بَابِ مَسْجِدِ خشينانَ طُولًا إِلَى بَابِ بَاغَ عِيسَى بْنِ أَيُّوبَ ، وَعَرْضًا مِنْ جَانِبِ مَحِلَّةِ كَوْرَاءَ إِلَى مِلَنْجَةَ وَكَانَتِ الْيَهُودِيَّةُ تُسَمَّى فِي أَيَّامِ مَمْلَكَةِ الْفُرْسِ كُو جُهُودْانَ يَعْنِي سِكَّةَ الْيَهُودِ ، وَهِيَ مِنْ صَحْرَاءِ قَرْيَةِ يُوَانَ ، فَأَحَدُ حُدُودِهَا يَنْتَهِي إِلَى قَرْيَةِ يُوَانَ وَالثَّانِي إِلَى قَرْيَةِ خرجان وَسُنْبُلَانِ ، وَالثَّالِثُ إِلَى قَرْيَتَيْ كماءان وَأشكهان ، وَالرَّابِعُ إِلَى قَرْيَتَيْ جرواءان وَخشينان ، وَرُقْعَتُهَا سَبْعُمِائَةِ جُرَيْبٍ ، وَسَكَنَتْهَا الْيَهُودُ مُقْبِلِينَ عَلَى صِنَاعَاتِهِمُ الْقَذِرَةِ كَالْحِجَامَةِ ، وَالدِّبَاغَةِ ، وَالْقِصَارَةِ ، وَالْقِصَابَةِ ، إِلَى أَنْ سَخِطَ الْمَهْدِيُّ عَلَى أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ فَحُمِلَ إِلَى الْحَضْرَةِ وَحُبِسَ ، فَاجْتَمَعَ عَرَبُ قَرْيَةِ طِهْرَانَ وَهُمُ التَّيْمُ عَلَى بِنَاءِ مَسْجِدٍ جَامِعٍ وَاسِعٍ يَنْقُلُونَ إِلَيْهِ مِنْبَرَ مَسْجِدِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ ، وَكَانَ مَوْضِعُ صَدْرِ الْجَامِعِ الْمُسَقَّفِ إِلَى وَرَاءِ السِّقَايَةِ طرارا لِصَخْرِ بْنِ سِنَانٍ وَأَرْضِ مُرِيكَةَ لِزِيَارَةٍ بِطِهْرَانَ فَوَهَبَهُ لِلْجَامِعِ فَنُقِلَ الْمِنْبَرُ إِلَيْهِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ فِي إِمَارَةِ هَانِئِ بْنِ أَبِي هَانِئٍ بَعْدَ تَمْصِيرِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ لِلْيَهُودِيَّةِ بِخَمْسِ سِنِينَ وَقِيلَ إِنَّ أَوَّلَ مَسْجِدٍ بُنِيَ بِالْيَهُودِيَّةِ مَسْجِدٌ بِمَحَلَّةِ بَاذَانِهِ يُنْسَبُ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ ثُمَامَةَ وَكَانَ أَمِيرَ أَصْبَهَانَ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَسْجِدَ خشينان أَوَّلُ مَسْجِدٍ كَبِيرٍ بُنِيَ بِأَصْبَهَانَ بَنَاهُ أَبُو خُنَاسٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي خِلَافَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَاتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ بَعْدَ بِنَاءِ جَامِعِهَا بِصَحْرَاءَ خَمْسَ عَشْرَةَ قَرْيَةً انْضَافَتْ رُقْعَتُهَا إِلَى الْيَهُودِيَّةِ ، وَهِيَ باطرقان ، وَفرسان ، وَيوان ، وَخرجان ، وَفُلْفُلَانِ ، وَسُنْبُلَانِ ، وَفراءان ، وَكماءان ، وَجوزدان ، وَلِنْبَانَ ، وَأشكهان ، وَجرواءان ، وَخشينان وَبروسكان وَفابجان ، فَلَمَّا اتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ اجْتَمَعَ النَّاسُ لِتَوْسِيعِ الْمَسْجِدِ وَزَادُوا فِيهِ وَأَضَافَ إِلَيْهِ الْخَصِيبُ بْنُ سَلْمٍ الْأَرَضِينَ الْمُسَمَّاةَ بخصيباباذ ثُمَّ أُعِيدَ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي خِلَافَةِ الْمُعْتَصِمِ وَإِمَارَةِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الْخُزَاعِيِّ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ ثُمَّ زَادَ فِيهِ أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ الزِّيَادَةَ الَّتِي تُسَمَّى رستماباذ وَكَانَتْ خَانَاتٌ وَمُسْتَرَاحَاتٌ فَكَنَسَهَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ وَأَضَافَهَا إِلَى الْجَامِعِ فِي خِلَافَةِ الْمُقْتَدِرِ وَإِمَارَةِ أَحْمَدَ بْنِ مَسْرُورٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْأُولَى فِي جَامِعَهَا وَإِضَافَةِ الْبِقَاعِ وَالدُّورِ إِلَيْهَا فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ فَكَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَفْصٍ الذَّكْوَانِيِّ فِيهِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِجَمِيعِ نَفَقَاتِهِ ، فَيُكَلِّمُ فِيهِ الرَّجُلَ بَعْدَ الرَّجُلِ ، حَتَّى رُبَّمَا يَجْتَمِعُ لَهُ الْجُمَلُ الْكَثِيرَةُ ، ثُمَّ لَا يَسْتَحْقِرُ مَعَ هَذَا خَاتَمًا ، أَوْ قِيمَتَهُ ، أَوْ كُبَّةُ غَزْلٍ ، أَوْ قِيمَتُهَا ، فَيَصْرِفُ مَا يَجْتَمِعُ فِي بِنَائِهَا ، وَشِرَى دُورٍ وَبِقَاعٍ لَهُ وَأَمَّا نَفَقَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ
    حديث رقم: 10 في أخبار أصبهان لأبي نعيم الأصبهاني مُقَدِّمَة ذِكْرُ بَدْءِ أَصْبَهَانَ ، وَعَدَدِ مُدُنِهَا ، وَرَسَاتِيقِهَا وَأَمَّا أَصْبَهَانُ فَإِنَّ رُقْعَتَهَا وُضِعَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا ، وَحُدُودُهَا كَانَتْ مَا بَيْنَ أَطْرَافِ هَمَذَانَ وَمَاهْ وَنِهَاوَنْدَ إِلَى أَطْرَافِ كَرْمَانَ ، وَمَا بَيْنَ أَطْرَافِ الرَّيِّ وَقُومِسَ إِلَى أَطْرَافِ فَارِسَ وَخُوزِسْتَانَ ، وَكَانَتْ مَوْضُوعَةً عَلَى أَسَاتِينَ ثَلَاثَةٍ ، وَعَلَى ثَلَاثِينَ رُسْتَاقًا وَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ طَسُّوجًا ، وَخَمْسَةِ آلَافِ قَرْيَةٍ ، وَسَبْعِ مَدَائِنَ ، ذَكَرَ ذَلِكَ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ مَشْرُوحًا بِأَسَامِيهَا وَحُدُودِهَا فَأَمَّا أَسَامِي مُدُنِهَا : فَمَدِينَةُ كَهْثَةَ ، وَمَدِينَةُ جَارَّ ، وَمَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ ِقه ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ دررام ، وَمَدِينَةُ سارويه ، فَخَرِبَتْ مِنْ هَذِهِ الْمُدُنِ السَّبْعِ أَرْبَعٌ ، وَبَقِيَتْ إِلَى الْإِسْلَامِ ثَلَاثُ مَدَائِنَ : مَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ قِه ، هَذِهِ الْمُدُنُ حَصَلَتْ عَلَى كُورَتَيْنِ وَسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا وَثَلَاثَةِ آلَافٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ قَرْيَةً إِلَى أَنْ وَرَدَهَا الْعَرَبُ ، فَخَرَّبُوا مِنَ المدنِ الثَّلَاثِ مَدِينَتَيْنِ : مَدِينَةَ قه مِنْ رُسْتَاقِ جه ، وَمَدِينَةِ سارويه مِنْ رُسْتَاقِ قَاسَانَ ثُمَّ إِنَّ الرَّشِيدَ كَوَّرَ كُورَةَ قُمِّ مِنْ أَصْبَهَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ ، مَعَ مَا أَضَافَ إِلَيْهِ مِنْ رَسَاتِيقَ أُخَرَ مِنْ هَمَذَانَ وَنَهَاوَنْدَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا إِلَى أَنْ شَرَعَ الْمُعْتَصِمُ فِي بِنَاءِ كُورَةِ الْكَرْجِ فَكَوَّرَ الْكَرْجَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ مِنْ أَصْبَهَانَ وَعَلَى ضِيَاعٍ أُخَرَ مِنْ ضِيَاعِ نِهَاوَنْدَ وَهَمَذَانَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَ الْمُعْتَصِمِ عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ رُسْتَاقًا وَكُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةِ قَرْيَةٍ بِالتَّقْرِيبِ ، هَذَا مَا قَالَهُ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ وَأَمَّا بِنَاءُ مَدِينَةِ جَيَّ فَقِيلَ بَنَاهَا الْإِسْكَنْدَرُ الرُّومِيُّ عَلَى يَدَيْ جَيَّ بْنِ زَارْدَهَ الْأَصْبَهَانِيِّ فَسُمِّيَتِ الْمَدِينَةُ بِهِ ، وَعَرْضُ أَسَاسِ سُورِهَا سِتُّونَ لَبِنَةً وَأَلْزَقَ بِأَسَاسِهِ الفرهيز بالشيفتق ، وَقِيلَ إِنَّ الْمَدِينَةَ كَانَتْ مَبْنِيَّةً قَبْلَ أَيَّامِ مَمْلَكَةِ جم فَخَرَّبَهَا فراسياب فِيمَا خَرَّبَ مِنْ سَائِرِ الْمُدُنِ بِإِيرَانَ شَهْرَ ، وَأَعَادَ أَسَاسَهَا خماني جَهْرَازَادَ بِنْتُ بَهْمَنَ بْنِ إِسْفَنْدِيارَ الْمَلِكَةُ قَبْلَ مَجِيءِ الْإِسْكَنْدَرِ ، فَمَاتَتْ خماني مِنْ بِنَاءِ السُّورِ عَلَى النِّصْفِ ، وَوَرَدَ الْإِسْكَنْدَرُ فَتَرَكَهَا عَلَى حَالِهَا ، فَبَقِيَتْ عَلَى حَالَتِهَا إِلَى أَيَّامِ فَيْرُوزَ بْنِ يَزْدَجِرْدَ فَتَقَدَّمَ إِلَى آذَرْسَابُورَ بْنِ آذَرِمَانَانَ مِنْ قَرْيَةِ هَرَاسْنَانَ مِنْ رُسْتَاقِ مابرين بِإِتْمَامِ بِنَاءِ سُوَرِ مَدِينَةِ جَيَّ وَذَلِكَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِمِائَةٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً ، فَأَتَمَّ بِنَاءَهَا آذَرْ سَابُورَ ، وَرَكَّبَ فِيهِ الشُّرُفَ ، وَهَيَّأَ مَوَاقِفَ الْمُقَاتِلَةِ عَلَى أَعْلَاهُ ، وَعَلَّقَ أَرْبَعَةَ أَبْوَابٍ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ مِنَ السُّورِ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ، فِي كُلِّ يَوْمٍ بَابًا ، عَلَّقَ الْبَابَ الَّذِي وَجْهُهُ إِلَى مَيْدَانِ السُّوقِ فِي رُوزَ خُورَ فَسَمَّاهُ بَابَ خُورَ ، وَتَفْسِيرُ خُورُ الشَّمْسُ ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ مَاهْ بِرَّ فِي رُوزَ مَاهَ وَمَاهُ عِنْدَهُمُ الْقَمَرُ ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى بَابَ إِسْفِيسَ ، ثُمَّ عَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الثَّالِثَ وَسَمَّاهُ تَبْرِيزَ ، وَمَعْنَاهُ بَابُ عُطَارِدَ ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابِ تِيَرَه ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الرَّابِعَ وَسَمَّاهُ كُوشَ بَرَّ وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابَ الْيَهُودِيَّةِ وَمِنَ الْهَنْدَسَةِ فِي تَعْلِيقِ هَذِهِ الْأَبْوَابِ أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا حَلَّتْ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ الْجَدْيِ تَطْلُعُ فِي بَابِ خُورَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ الْيَهُودِيَّةِ وَإِذَا حَلَّتِ الشَّمْسُ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ السَّرَطَانِ طَلَعَتْ فِي بَابِ إِسْفِيسَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ تِيرَهَ وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنَ الزُّبَيْرِيَّةِ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ ، فَقَلَعَ بَابَ خُورَ وَفَتَحَ بَابًا آخَرَ مِنْ سُورِهَا ، وَسَمَّى الْبَابَ الْجَدِيدَ ، وَرَدَّ مَكَانَهُ بَاب خَشَيبًا عَلَى مِصْرَاعٍ وَاحِدٍ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى بَعْضِ أَبْوَابِهَا مَكْتُوبًا يَقُولُ : أَشْتَاذْوِيَهْ الْمُوَكَّلُ بِالْقَيَّاسِينَ وَالْبَنَّائِينَ : إِنَّهُ ارْتُفِعَ فِي ثَمَنِ أُدْمِ الْعُمْلَةِ لِسُوَرِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ سِتُّمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ : أَنَّ الْمُوَكَّلَ رُفِعَتْ عَلَيْهِ رَفِيعَةٌ ، فَحُوسِبَ فَحَصَلَ عَلَيْهِ خَمْسُونَ أَلْفَ دِينَارٍ فَصُرِفَتْ إِلَى نَفَقَةِ الْفَرْهِيزَ الْمُلْزَقِ بِأَسَاسِ السُّوَرِ وَلَمْ تَكُنِ الْمَدِينَةُ مَسْكُونَةً ، إِنَّمَا كَانَتْ حِصْنًا لِأَهْلِ قُرَى رُسْتَاقِ جَيِّ وَكَانُوا يَسْكُنُونَ مَدِينَةَ قه إِلَى أَنْ جَاءَ الْإِسْلَامُ ، فَخَرَّبَتِ الْعَرَبُ مَدِينَةَ قه ، فَتَحَوَّلَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِهَا إِلَى مَدِينَةِ جَيَّ ، فَهُمْ أَوَّلُ قَوْمٍ سَكَنُوهَا وَأَوَّلُ دَارٍ بُنِيَتْ بِمَدِينَةِ جَيَّ دَارُ الْمِطْيَارُ بِأَمْرِ كِسْرَى أَبَرْوَيِزَ لَمَّا فَتَحَ لَهُ الْمِطْيَارُ مَدِينَةَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ ثُمَّ بَنِي فِيهَا سَائِرَ الدُّورِ لَمَّا انْتَقَلُوا إِلَيْهَا مِنْ مَدِينَةِ قه وَمِسَاحَةُ مَدِينَةِ جَيَّ اسْتِدَارَةُ سُورِهَا أَلْفُ قَصَبَةٍ فَمِسَاحَةُ الْمَدِينَةِ أَلْفَا جَرِيبٍ سَوَاءً ، وَذَلِكَ أَنَّ قُطْرَهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ قَصَبَةٍ فَإِذَا ضُرِبَ نِصْفُ قُطْرِهَا فِي نِصْفِ إِدَارَتِهَا كَانَ ثَمَانِينَ أَلْفَ قَصَبَةٍ وَذَلِكَ أَلْفَا جَرِيبٍ فِي سُورِهَا مِنَ الْقُصُورِ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةُ قُصُورٍ وَهِيَ بُرُوجٌ مُعْوَجَّةٌ وَاسِعَةٌ ثَابِتَةٌ مِنَ اسْتِدَارَةِ السُّوَرِ ، فَمِنْ بَابِ خُورٍ إِلَى بَابِ الْيَهُودِيَّةِ الصُّغْرَى أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ تِيرَهَ أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ إِسْفِيسَ أَلْفٌ وَثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابُ خُورٍ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، فَدَوَرَانُ مَدِينَةِ جَيَّ سَبْعَةُ آلَافٍ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ ، وَبِذِرَاعِ الْيَدِ عَشَرَةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةٍ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا ، وَطُولُهَا أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَعَرْضُهَا أَلْفٌ وَسَبْعُمِائَةٍ وَاثْنَانِ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا وَهَذِهِ الْمِسَاحَةُ عَلَى مَا ذُكِرَ تَوَلَّاهَا مُحَمَّدُ بْنُ لُرَّةَ الْحَاسِبُ وَأَمَّا تَمْصِيرُ الْبَلَدِ الْمُسَمَّى بِالْيَهُودِيَّةِ فَمَصَّرَهَا أَيُّوبُ بْنُ زِيَادٍ فِيِ خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ فِي سَنَةِ نَيِّفٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَوَرَدَ عَامِلًا عَلَى الْخَرَاجِ مَعَ خَالِ الْمَهْدِيِّ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْحِمْيَرِيِّ ، وَكَانَ عَلَى الْحَرْبِ ثُمَّ صُرِفَ سَعِيدٌ وَجُمِعَ لِأَيُّوبَ الْحَرْبُ وَالْخَرَاجُ فَنَزَلَ بِقَرْيَةِ خشينانَ وَبَنَى قَصْرًا عَلَى شَاطِئِ نَهْرِ فُرْسَانَ ، ثُمَّ بَنَى بِحِذَائِهِ مَسْجِدًا ذَا مَقْصُورَةٍ هِيَ بَاقِيَةٌ إِلَى الْيَوْمِ ، وَوَضَعَ فِيهِ الْمِنْبَرَ ، وَخَطَّ سُوقًا لِلْبَاعَةِ ، وَالتُّجَّارِ ، وَالْعَمَلَةِ ، ذَاتِ صُفُوفٍ فِي طَرَفِ الْيَهُودِيَّةِ ، فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُعْرَفُ بِصَفِّ التَّبَّانِينَ ، وَاتَّصَلَتْ فِي أَيَّامِ وِلَايَتِهِ بِدُورِ الْيَهُودِيَّةِ دُورُ قَرْيَةِ خشينانَ وَخِطَّةُ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ بَابِ مَسْجِدِ خشينانَ طُولًا إِلَى بَابِ بَاغَ عِيسَى بْنِ أَيُّوبَ ، وَعَرْضًا مِنْ جَانِبِ مَحِلَّةِ كَوْرَاءَ إِلَى مِلَنْجَةَ وَكَانَتِ الْيَهُودِيَّةُ تُسَمَّى فِي أَيَّامِ مَمْلَكَةِ الْفُرْسِ كُو جُهُودْانَ يَعْنِي سِكَّةَ الْيَهُودِ ، وَهِيَ مِنْ صَحْرَاءِ قَرْيَةِ يُوَانَ ، فَأَحَدُ حُدُودِهَا يَنْتَهِي إِلَى قَرْيَةِ يُوَانَ وَالثَّانِي إِلَى قَرْيَةِ خرجان وَسُنْبُلَانِ ، وَالثَّالِثُ إِلَى قَرْيَتَيْ كماءان وَأشكهان ، وَالرَّابِعُ إِلَى قَرْيَتَيْ جرواءان وَخشينان ، وَرُقْعَتُهَا سَبْعُمِائَةِ جُرَيْبٍ ، وَسَكَنَتْهَا الْيَهُودُ مُقْبِلِينَ عَلَى صِنَاعَاتِهِمُ الْقَذِرَةِ كَالْحِجَامَةِ ، وَالدِّبَاغَةِ ، وَالْقِصَارَةِ ، وَالْقِصَابَةِ ، إِلَى أَنْ سَخِطَ الْمَهْدِيُّ عَلَى أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ فَحُمِلَ إِلَى الْحَضْرَةِ وَحُبِسَ ، فَاجْتَمَعَ عَرَبُ قَرْيَةِ طِهْرَانَ وَهُمُ التَّيْمُ عَلَى بِنَاءِ مَسْجِدٍ جَامِعٍ وَاسِعٍ يَنْقُلُونَ إِلَيْهِ مِنْبَرَ مَسْجِدِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ ، وَكَانَ مَوْضِعُ صَدْرِ الْجَامِعِ الْمُسَقَّفِ إِلَى وَرَاءِ السِّقَايَةِ طرارا لِصَخْرِ بْنِ سِنَانٍ وَأَرْضِ مُرِيكَةَ لِزِيَارَةٍ بِطِهْرَانَ فَوَهَبَهُ لِلْجَامِعِ فَنُقِلَ الْمِنْبَرُ إِلَيْهِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ فِي إِمَارَةِ هَانِئِ بْنِ أَبِي هَانِئٍ بَعْدَ تَمْصِيرِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ لِلْيَهُودِيَّةِ بِخَمْسِ سِنِينَ وَقِيلَ إِنَّ أَوَّلَ مَسْجِدٍ بُنِيَ بِالْيَهُودِيَّةِ مَسْجِدٌ بِمَحَلَّةِ بَاذَانِهِ يُنْسَبُ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ ثُمَامَةَ وَكَانَ أَمِيرَ أَصْبَهَانَ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَسْجِدَ خشينان أَوَّلُ مَسْجِدٍ كَبِيرٍ بُنِيَ بِأَصْبَهَانَ بَنَاهُ أَبُو خُنَاسٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي خِلَافَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَاتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ بَعْدَ بِنَاءِ جَامِعِهَا بِصَحْرَاءَ خَمْسَ عَشْرَةَ قَرْيَةً انْضَافَتْ رُقْعَتُهَا إِلَى الْيَهُودِيَّةِ ، وَهِيَ باطرقان ، وَفرسان ، وَيوان ، وَخرجان ، وَفُلْفُلَانِ ، وَسُنْبُلَانِ ، وَفراءان ، وَكماءان ، وَجوزدان ، وَلِنْبَانَ ، وَأشكهان ، وَجرواءان ، وَخشينان وَبروسكان وَفابجان ، فَلَمَّا اتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ اجْتَمَعَ النَّاسُ لِتَوْسِيعِ الْمَسْجِدِ وَزَادُوا فِيهِ وَأَضَافَ إِلَيْهِ الْخَصِيبُ بْنُ سَلْمٍ الْأَرَضِينَ الْمُسَمَّاةَ بخصيباباذ ثُمَّ أُعِيدَ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي خِلَافَةِ الْمُعْتَصِمِ وَإِمَارَةِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الْخُزَاعِيِّ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ ثُمَّ زَادَ فِيهِ أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ الزِّيَادَةَ الَّتِي تُسَمَّى رستماباذ وَكَانَتْ خَانَاتٌ وَمُسْتَرَاحَاتٌ فَكَنَسَهَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ وَأَضَافَهَا إِلَى الْجَامِعِ فِي خِلَافَةِ الْمُقْتَدِرِ وَإِمَارَةِ أَحْمَدَ بْنِ مَسْرُورٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْأُولَى فِي جَامِعَهَا وَإِضَافَةِ الْبِقَاعِ وَالدُّورِ إِلَيْهَا فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ فَكَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَفْصٍ الذَّكْوَانِيِّ فِيهِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِجَمِيعِ نَفَقَاتِهِ ، فَيُكَلِّمُ فِيهِ الرَّجُلَ بَعْدَ الرَّجُلِ ، حَتَّى رُبَّمَا يَجْتَمِعُ لَهُ الْجُمَلُ الْكَثِيرَةُ ، ثُمَّ لَا يَسْتَحْقِرُ مَعَ هَذَا خَاتَمًا ، أَوْ قِيمَتَهُ ، أَوْ كُبَّةُ غَزْلٍ ، أَوْ قِيمَتُهَا ، فَيَصْرِفُ مَا يَجْتَمِعُ فِي بِنَائِهَا ، وَشِرَى دُورٍ وَبِقَاعٍ لَهُ وَأَمَّا نَفَقَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ
    حديث رقم: 11 في أخبار أصبهان لأبي نعيم الأصبهاني مُقَدِّمَة ذِكْرُ بَدْءِ أَصْبَهَانَ ، وَعَدَدِ مُدُنِهَا ، وَرَسَاتِيقِهَا وَأَمَّا أَصْبَهَانُ فَإِنَّ رُقْعَتَهَا وُضِعَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا ، وَحُدُودُهَا كَانَتْ مَا بَيْنَ أَطْرَافِ هَمَذَانَ وَمَاهْ وَنِهَاوَنْدَ إِلَى أَطْرَافِ كَرْمَانَ ، وَمَا بَيْنَ أَطْرَافِ الرَّيِّ وَقُومِسَ إِلَى أَطْرَافِ فَارِسَ وَخُوزِسْتَانَ ، وَكَانَتْ مَوْضُوعَةً عَلَى أَسَاتِينَ ثَلَاثَةٍ ، وَعَلَى ثَلَاثِينَ رُسْتَاقًا وَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ طَسُّوجًا ، وَخَمْسَةِ آلَافِ قَرْيَةٍ ، وَسَبْعِ مَدَائِنَ ، ذَكَرَ ذَلِكَ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ مَشْرُوحًا بِأَسَامِيهَا وَحُدُودِهَا فَأَمَّا أَسَامِي مُدُنِهَا : فَمَدِينَةُ كَهْثَةَ ، وَمَدِينَةُ جَارَّ ، وَمَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ ِقه ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ دررام ، وَمَدِينَةُ سارويه ، فَخَرِبَتْ مِنْ هَذِهِ الْمُدُنِ السَّبْعِ أَرْبَعٌ ، وَبَقِيَتْ إِلَى الْإِسْلَامِ ثَلَاثُ مَدَائِنَ : مَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ قِه ، هَذِهِ الْمُدُنُ حَصَلَتْ عَلَى كُورَتَيْنِ وَسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا وَثَلَاثَةِ آلَافٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ قَرْيَةً إِلَى أَنْ وَرَدَهَا الْعَرَبُ ، فَخَرَّبُوا مِنَ المدنِ الثَّلَاثِ مَدِينَتَيْنِ : مَدِينَةَ قه مِنْ رُسْتَاقِ جه ، وَمَدِينَةِ سارويه مِنْ رُسْتَاقِ قَاسَانَ ثُمَّ إِنَّ الرَّشِيدَ كَوَّرَ كُورَةَ قُمِّ مِنْ أَصْبَهَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ ، مَعَ مَا أَضَافَ إِلَيْهِ مِنْ رَسَاتِيقَ أُخَرَ مِنْ هَمَذَانَ وَنَهَاوَنْدَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا إِلَى أَنْ شَرَعَ الْمُعْتَصِمُ فِي بِنَاءِ كُورَةِ الْكَرْجِ فَكَوَّرَ الْكَرْجَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ مِنْ أَصْبَهَانَ وَعَلَى ضِيَاعٍ أُخَرَ مِنْ ضِيَاعِ نِهَاوَنْدَ وَهَمَذَانَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَ الْمُعْتَصِمِ عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ رُسْتَاقًا وَكُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةِ قَرْيَةٍ بِالتَّقْرِيبِ ، هَذَا مَا قَالَهُ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ وَأَمَّا بِنَاءُ مَدِينَةِ جَيَّ فَقِيلَ بَنَاهَا الْإِسْكَنْدَرُ الرُّومِيُّ عَلَى يَدَيْ جَيَّ بْنِ زَارْدَهَ الْأَصْبَهَانِيِّ فَسُمِّيَتِ الْمَدِينَةُ بِهِ ، وَعَرْضُ أَسَاسِ سُورِهَا سِتُّونَ لَبِنَةً وَأَلْزَقَ بِأَسَاسِهِ الفرهيز بالشيفتق ، وَقِيلَ إِنَّ الْمَدِينَةَ كَانَتْ مَبْنِيَّةً قَبْلَ أَيَّامِ مَمْلَكَةِ جم فَخَرَّبَهَا فراسياب فِيمَا خَرَّبَ مِنْ سَائِرِ الْمُدُنِ بِإِيرَانَ شَهْرَ ، وَأَعَادَ أَسَاسَهَا خماني جَهْرَازَادَ بِنْتُ بَهْمَنَ بْنِ إِسْفَنْدِيارَ الْمَلِكَةُ قَبْلَ مَجِيءِ الْإِسْكَنْدَرِ ، فَمَاتَتْ خماني مِنْ بِنَاءِ السُّورِ عَلَى النِّصْفِ ، وَوَرَدَ الْإِسْكَنْدَرُ فَتَرَكَهَا عَلَى حَالِهَا ، فَبَقِيَتْ عَلَى حَالَتِهَا إِلَى أَيَّامِ فَيْرُوزَ بْنِ يَزْدَجِرْدَ فَتَقَدَّمَ إِلَى آذَرْسَابُورَ بْنِ آذَرِمَانَانَ مِنْ قَرْيَةِ هَرَاسْنَانَ مِنْ رُسْتَاقِ مابرين بِإِتْمَامِ بِنَاءِ سُوَرِ مَدِينَةِ جَيَّ وَذَلِكَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِمِائَةٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً ، فَأَتَمَّ بِنَاءَهَا آذَرْ سَابُورَ ، وَرَكَّبَ فِيهِ الشُّرُفَ ، وَهَيَّأَ مَوَاقِفَ الْمُقَاتِلَةِ عَلَى أَعْلَاهُ ، وَعَلَّقَ أَرْبَعَةَ أَبْوَابٍ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ مِنَ السُّورِ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ، فِي كُلِّ يَوْمٍ بَابًا ، عَلَّقَ الْبَابَ الَّذِي وَجْهُهُ إِلَى مَيْدَانِ السُّوقِ فِي رُوزَ خُورَ فَسَمَّاهُ بَابَ خُورَ ، وَتَفْسِيرُ خُورُ الشَّمْسُ ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ مَاهْ بِرَّ فِي رُوزَ مَاهَ وَمَاهُ عِنْدَهُمُ الْقَمَرُ ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى بَابَ إِسْفِيسَ ، ثُمَّ عَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الثَّالِثَ وَسَمَّاهُ تَبْرِيزَ ، وَمَعْنَاهُ بَابُ عُطَارِدَ ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابِ تِيَرَه ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الرَّابِعَ وَسَمَّاهُ كُوشَ بَرَّ وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابَ الْيَهُودِيَّةِ وَمِنَ الْهَنْدَسَةِ فِي تَعْلِيقِ هَذِهِ الْأَبْوَابِ أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا حَلَّتْ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ الْجَدْيِ تَطْلُعُ فِي بَابِ خُورَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ الْيَهُودِيَّةِ وَإِذَا حَلَّتِ الشَّمْسُ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ السَّرَطَانِ طَلَعَتْ فِي بَابِ إِسْفِيسَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ تِيرَهَ وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنَ الزُّبَيْرِيَّةِ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ ، فَقَلَعَ بَابَ خُورَ وَفَتَحَ بَابًا آخَرَ مِنْ سُورِهَا ، وَسَمَّى الْبَابَ الْجَدِيدَ ، وَرَدَّ مَكَانَهُ بَاب خَشَيبًا عَلَى مِصْرَاعٍ وَاحِدٍ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى بَعْضِ أَبْوَابِهَا مَكْتُوبًا يَقُولُ : أَشْتَاذْوِيَهْ الْمُوَكَّلُ بِالْقَيَّاسِينَ وَالْبَنَّائِينَ : إِنَّهُ ارْتُفِعَ فِي ثَمَنِ أُدْمِ الْعُمْلَةِ لِسُوَرِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ سِتُّمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ : أَنَّ الْمُوَكَّلَ رُفِعَتْ عَلَيْهِ رَفِيعَةٌ ، فَحُوسِبَ فَحَصَلَ عَلَيْهِ خَمْسُونَ أَلْفَ دِينَارٍ فَصُرِفَتْ إِلَى نَفَقَةِ الْفَرْهِيزَ الْمُلْزَقِ بِأَسَاسِ السُّوَرِ وَلَمْ تَكُنِ الْمَدِينَةُ مَسْكُونَةً ، إِنَّمَا كَانَتْ حِصْنًا لِأَهْلِ قُرَى رُسْتَاقِ جَيِّ وَكَانُوا يَسْكُنُونَ مَدِينَةَ قه إِلَى أَنْ جَاءَ الْإِسْلَامُ ، فَخَرَّبَتِ الْعَرَبُ مَدِينَةَ قه ، فَتَحَوَّلَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِهَا إِلَى مَدِينَةِ جَيَّ ، فَهُمْ أَوَّلُ قَوْمٍ سَكَنُوهَا وَأَوَّلُ دَارٍ بُنِيَتْ بِمَدِينَةِ جَيَّ دَارُ الْمِطْيَارُ بِأَمْرِ كِسْرَى أَبَرْوَيِزَ لَمَّا فَتَحَ لَهُ الْمِطْيَارُ مَدِينَةَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ ثُمَّ بَنِي فِيهَا سَائِرَ الدُّورِ لَمَّا انْتَقَلُوا إِلَيْهَا مِنْ مَدِينَةِ قه وَمِسَاحَةُ مَدِينَةِ جَيَّ اسْتِدَارَةُ سُورِهَا أَلْفُ قَصَبَةٍ فَمِسَاحَةُ الْمَدِينَةِ أَلْفَا جَرِيبٍ سَوَاءً ، وَذَلِكَ أَنَّ قُطْرَهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ قَصَبَةٍ فَإِذَا ضُرِبَ نِصْفُ قُطْرِهَا فِي نِصْفِ إِدَارَتِهَا كَانَ ثَمَانِينَ أَلْفَ قَصَبَةٍ وَذَلِكَ أَلْفَا جَرِيبٍ فِي سُورِهَا مِنَ الْقُصُورِ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةُ قُصُورٍ وَهِيَ بُرُوجٌ مُعْوَجَّةٌ وَاسِعَةٌ ثَابِتَةٌ مِنَ اسْتِدَارَةِ السُّوَرِ ، فَمِنْ بَابِ خُورٍ إِلَى بَابِ الْيَهُودِيَّةِ الصُّغْرَى أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ تِيرَهَ أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ إِسْفِيسَ أَلْفٌ وَثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابُ خُورٍ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، فَدَوَرَانُ مَدِينَةِ جَيَّ سَبْعَةُ آلَافٍ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ ، وَبِذِرَاعِ الْيَدِ عَشَرَةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةٍ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا ، وَطُولُهَا أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَعَرْضُهَا أَلْفٌ وَسَبْعُمِائَةٍ وَاثْنَانِ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا وَهَذِهِ الْمِسَاحَةُ عَلَى مَا ذُكِرَ تَوَلَّاهَا مُحَمَّدُ بْنُ لُرَّةَ الْحَاسِبُ وَأَمَّا تَمْصِيرُ الْبَلَدِ الْمُسَمَّى بِالْيَهُودِيَّةِ فَمَصَّرَهَا أَيُّوبُ بْنُ زِيَادٍ فِيِ خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ فِي سَنَةِ نَيِّفٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَوَرَدَ عَامِلًا عَلَى الْخَرَاجِ مَعَ خَالِ الْمَهْدِيِّ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْحِمْيَرِيِّ ، وَكَانَ عَلَى الْحَرْبِ ثُمَّ صُرِفَ سَعِيدٌ وَجُمِعَ لِأَيُّوبَ الْحَرْبُ وَالْخَرَاجُ فَنَزَلَ بِقَرْيَةِ خشينانَ وَبَنَى قَصْرًا عَلَى شَاطِئِ نَهْرِ فُرْسَانَ ، ثُمَّ بَنَى بِحِذَائِهِ مَسْجِدًا ذَا مَقْصُورَةٍ هِيَ بَاقِيَةٌ إِلَى الْيَوْمِ ، وَوَضَعَ فِيهِ الْمِنْبَرَ ، وَخَطَّ سُوقًا لِلْبَاعَةِ ، وَالتُّجَّارِ ، وَالْعَمَلَةِ ، ذَاتِ صُفُوفٍ فِي طَرَفِ الْيَهُودِيَّةِ ، فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُعْرَفُ بِصَفِّ التَّبَّانِينَ ، وَاتَّصَلَتْ فِي أَيَّامِ وِلَايَتِهِ بِدُورِ الْيَهُودِيَّةِ دُورُ قَرْيَةِ خشينانَ وَخِطَّةُ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ بَابِ مَسْجِدِ خشينانَ طُولًا إِلَى بَابِ بَاغَ عِيسَى بْنِ أَيُّوبَ ، وَعَرْضًا مِنْ جَانِبِ مَحِلَّةِ كَوْرَاءَ إِلَى مِلَنْجَةَ وَكَانَتِ الْيَهُودِيَّةُ تُسَمَّى فِي أَيَّامِ مَمْلَكَةِ الْفُرْسِ كُو جُهُودْانَ يَعْنِي سِكَّةَ الْيَهُودِ ، وَهِيَ مِنْ صَحْرَاءِ قَرْيَةِ يُوَانَ ، فَأَحَدُ حُدُودِهَا يَنْتَهِي إِلَى قَرْيَةِ يُوَانَ وَالثَّانِي إِلَى قَرْيَةِ خرجان وَسُنْبُلَانِ ، وَالثَّالِثُ إِلَى قَرْيَتَيْ كماءان وَأشكهان ، وَالرَّابِعُ إِلَى قَرْيَتَيْ جرواءان وَخشينان ، وَرُقْعَتُهَا سَبْعُمِائَةِ جُرَيْبٍ ، وَسَكَنَتْهَا الْيَهُودُ مُقْبِلِينَ عَلَى صِنَاعَاتِهِمُ الْقَذِرَةِ كَالْحِجَامَةِ ، وَالدِّبَاغَةِ ، وَالْقِصَارَةِ ، وَالْقِصَابَةِ ، إِلَى أَنْ سَخِطَ الْمَهْدِيُّ عَلَى أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ فَحُمِلَ إِلَى الْحَضْرَةِ وَحُبِسَ ، فَاجْتَمَعَ عَرَبُ قَرْيَةِ طِهْرَانَ وَهُمُ التَّيْمُ عَلَى بِنَاءِ مَسْجِدٍ جَامِعٍ وَاسِعٍ يَنْقُلُونَ إِلَيْهِ مِنْبَرَ مَسْجِدِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ ، وَكَانَ مَوْضِعُ صَدْرِ الْجَامِعِ الْمُسَقَّفِ إِلَى وَرَاءِ السِّقَايَةِ طرارا لِصَخْرِ بْنِ سِنَانٍ وَأَرْضِ مُرِيكَةَ لِزِيَارَةٍ بِطِهْرَانَ فَوَهَبَهُ لِلْجَامِعِ فَنُقِلَ الْمِنْبَرُ إِلَيْهِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ فِي إِمَارَةِ هَانِئِ بْنِ أَبِي هَانِئٍ بَعْدَ تَمْصِيرِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ لِلْيَهُودِيَّةِ بِخَمْسِ سِنِينَ وَقِيلَ إِنَّ أَوَّلَ مَسْجِدٍ بُنِيَ بِالْيَهُودِيَّةِ مَسْجِدٌ بِمَحَلَّةِ بَاذَانِهِ يُنْسَبُ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ ثُمَامَةَ وَكَانَ أَمِيرَ أَصْبَهَانَ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَسْجِدَ خشينان أَوَّلُ مَسْجِدٍ كَبِيرٍ بُنِيَ بِأَصْبَهَانَ بَنَاهُ أَبُو خُنَاسٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي خِلَافَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَاتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ بَعْدَ بِنَاءِ جَامِعِهَا بِصَحْرَاءَ خَمْسَ عَشْرَةَ قَرْيَةً انْضَافَتْ رُقْعَتُهَا إِلَى الْيَهُودِيَّةِ ، وَهِيَ باطرقان ، وَفرسان ، وَيوان ، وَخرجان ، وَفُلْفُلَانِ ، وَسُنْبُلَانِ ، وَفراءان ، وَكماءان ، وَجوزدان ، وَلِنْبَانَ ، وَأشكهان ، وَجرواءان ، وَخشينان وَبروسكان وَفابجان ، فَلَمَّا اتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ اجْتَمَعَ النَّاسُ لِتَوْسِيعِ الْمَسْجِدِ وَزَادُوا فِيهِ وَأَضَافَ إِلَيْهِ الْخَصِيبُ بْنُ سَلْمٍ الْأَرَضِينَ الْمُسَمَّاةَ بخصيباباذ ثُمَّ أُعِيدَ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي خِلَافَةِ الْمُعْتَصِمِ وَإِمَارَةِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الْخُزَاعِيِّ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ ثُمَّ زَادَ فِيهِ أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ الزِّيَادَةَ الَّتِي تُسَمَّى رستماباذ وَكَانَتْ خَانَاتٌ وَمُسْتَرَاحَاتٌ فَكَنَسَهَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ وَأَضَافَهَا إِلَى الْجَامِعِ فِي خِلَافَةِ الْمُقْتَدِرِ وَإِمَارَةِ أَحْمَدَ بْنِ مَسْرُورٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْأُولَى فِي جَامِعَهَا وَإِضَافَةِ الْبِقَاعِ وَالدُّورِ إِلَيْهَا فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ فَكَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَفْصٍ الذَّكْوَانِيِّ فِيهِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِجَمِيعِ نَفَقَاتِهِ ، فَيُكَلِّمُ فِيهِ الرَّجُلَ بَعْدَ الرَّجُلِ ، حَتَّى رُبَّمَا يَجْتَمِعُ لَهُ الْجُمَلُ الْكَثِيرَةُ ، ثُمَّ لَا يَسْتَحْقِرُ مَعَ هَذَا خَاتَمًا ، أَوْ قِيمَتَهُ ، أَوْ كُبَّةُ غَزْلٍ ، أَوْ قِيمَتُهَا ، فَيَصْرِفُ مَا يَجْتَمِعُ فِي بِنَائِهَا ، وَشِرَى دُورٍ وَبِقَاعٍ لَهُ وَأَمَّا نَفَقَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ
    حديث رقم: 12 في أخبار أصبهان لأبي نعيم الأصبهاني مُقَدِّمَة ذِكْرُ بَدْءِ أَصْبَهَانَ ، وَعَدَدِ مُدُنِهَا ، وَرَسَاتِيقِهَا وَأَمَّا أَصْبَهَانُ فَإِنَّ رُقْعَتَهَا وُضِعَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا ، وَحُدُودُهَا كَانَتْ مَا بَيْنَ أَطْرَافِ هَمَذَانَ وَمَاهْ وَنِهَاوَنْدَ إِلَى أَطْرَافِ كَرْمَانَ ، وَمَا بَيْنَ أَطْرَافِ الرَّيِّ وَقُومِسَ إِلَى أَطْرَافِ فَارِسَ وَخُوزِسْتَانَ ، وَكَانَتْ مَوْضُوعَةً عَلَى أَسَاتِينَ ثَلَاثَةٍ ، وَعَلَى ثَلَاثِينَ رُسْتَاقًا وَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ طَسُّوجًا ، وَخَمْسَةِ آلَافِ قَرْيَةٍ ، وَسَبْعِ مَدَائِنَ ، ذَكَرَ ذَلِكَ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ مَشْرُوحًا بِأَسَامِيهَا وَحُدُودِهَا فَأَمَّا أَسَامِي مُدُنِهَا : فَمَدِينَةُ كَهْثَةَ ، وَمَدِينَةُ جَارَّ ، وَمَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ ِقه ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ دررام ، وَمَدِينَةُ سارويه ، فَخَرِبَتْ مِنْ هَذِهِ الْمُدُنِ السَّبْعِ أَرْبَعٌ ، وَبَقِيَتْ إِلَى الْإِسْلَامِ ثَلَاثُ مَدَائِنَ : مَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ قِه ، هَذِهِ الْمُدُنُ حَصَلَتْ عَلَى كُورَتَيْنِ وَسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا وَثَلَاثَةِ آلَافٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ قَرْيَةً إِلَى أَنْ وَرَدَهَا الْعَرَبُ ، فَخَرَّبُوا مِنَ المدنِ الثَّلَاثِ مَدِينَتَيْنِ : مَدِينَةَ قه مِنْ رُسْتَاقِ جه ، وَمَدِينَةِ سارويه مِنْ رُسْتَاقِ قَاسَانَ ثُمَّ إِنَّ الرَّشِيدَ كَوَّرَ كُورَةَ قُمِّ مِنْ أَصْبَهَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ ، مَعَ مَا أَضَافَ إِلَيْهِ مِنْ رَسَاتِيقَ أُخَرَ مِنْ هَمَذَانَ وَنَهَاوَنْدَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا إِلَى أَنْ شَرَعَ الْمُعْتَصِمُ فِي بِنَاءِ كُورَةِ الْكَرْجِ فَكَوَّرَ الْكَرْجَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ مِنْ أَصْبَهَانَ وَعَلَى ضِيَاعٍ أُخَرَ مِنْ ضِيَاعِ نِهَاوَنْدَ وَهَمَذَانَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَ الْمُعْتَصِمِ عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ رُسْتَاقًا وَكُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةِ قَرْيَةٍ بِالتَّقْرِيبِ ، هَذَا مَا قَالَهُ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ وَأَمَّا بِنَاءُ مَدِينَةِ جَيَّ فَقِيلَ بَنَاهَا الْإِسْكَنْدَرُ الرُّومِيُّ عَلَى يَدَيْ جَيَّ بْنِ زَارْدَهَ الْأَصْبَهَانِيِّ فَسُمِّيَتِ الْمَدِينَةُ بِهِ ، وَعَرْضُ أَسَاسِ سُورِهَا سِتُّونَ لَبِنَةً وَأَلْزَقَ بِأَسَاسِهِ الفرهيز بالشيفتق ، وَقِيلَ إِنَّ الْمَدِينَةَ كَانَتْ مَبْنِيَّةً قَبْلَ أَيَّامِ مَمْلَكَةِ جم فَخَرَّبَهَا فراسياب فِيمَا خَرَّبَ مِنْ سَائِرِ الْمُدُنِ بِإِيرَانَ شَهْرَ ، وَأَعَادَ أَسَاسَهَا خماني جَهْرَازَادَ بِنْتُ بَهْمَنَ بْنِ إِسْفَنْدِيارَ الْمَلِكَةُ قَبْلَ مَجِيءِ الْإِسْكَنْدَرِ ، فَمَاتَتْ خماني مِنْ بِنَاءِ السُّورِ عَلَى النِّصْفِ ، وَوَرَدَ الْإِسْكَنْدَرُ فَتَرَكَهَا عَلَى حَالِهَا ، فَبَقِيَتْ عَلَى حَالَتِهَا إِلَى أَيَّامِ فَيْرُوزَ بْنِ يَزْدَجِرْدَ فَتَقَدَّمَ إِلَى آذَرْسَابُورَ بْنِ آذَرِمَانَانَ مِنْ قَرْيَةِ هَرَاسْنَانَ مِنْ رُسْتَاقِ مابرين بِإِتْمَامِ بِنَاءِ سُوَرِ مَدِينَةِ جَيَّ وَذَلِكَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِمِائَةٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً ، فَأَتَمَّ بِنَاءَهَا آذَرْ سَابُورَ ، وَرَكَّبَ فِيهِ الشُّرُفَ ، وَهَيَّأَ مَوَاقِفَ الْمُقَاتِلَةِ عَلَى أَعْلَاهُ ، وَعَلَّقَ أَرْبَعَةَ أَبْوَابٍ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ مِنَ السُّورِ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ، فِي كُلِّ يَوْمٍ بَابًا ، عَلَّقَ الْبَابَ الَّذِي وَجْهُهُ إِلَى مَيْدَانِ السُّوقِ فِي رُوزَ خُورَ فَسَمَّاهُ بَابَ خُورَ ، وَتَفْسِيرُ خُورُ الشَّمْسُ ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ مَاهْ بِرَّ فِي رُوزَ مَاهَ وَمَاهُ عِنْدَهُمُ الْقَمَرُ ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى بَابَ إِسْفِيسَ ، ثُمَّ عَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الثَّالِثَ وَسَمَّاهُ تَبْرِيزَ ، وَمَعْنَاهُ بَابُ عُطَارِدَ ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابِ تِيَرَه ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الرَّابِعَ وَسَمَّاهُ كُوشَ بَرَّ وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابَ الْيَهُودِيَّةِ وَمِنَ الْهَنْدَسَةِ فِي تَعْلِيقِ هَذِهِ الْأَبْوَابِ أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا حَلَّتْ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ الْجَدْيِ تَطْلُعُ فِي بَابِ خُورَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ الْيَهُودِيَّةِ وَإِذَا حَلَّتِ الشَّمْسُ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ السَّرَطَانِ طَلَعَتْ فِي بَابِ إِسْفِيسَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ تِيرَهَ وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنَ الزُّبَيْرِيَّةِ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ ، فَقَلَعَ بَابَ خُورَ وَفَتَحَ بَابًا آخَرَ مِنْ سُورِهَا ، وَسَمَّى الْبَابَ الْجَدِيدَ ، وَرَدَّ مَكَانَهُ بَاب خَشَيبًا عَلَى مِصْرَاعٍ وَاحِدٍ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى بَعْضِ أَبْوَابِهَا مَكْتُوبًا يَقُولُ : أَشْتَاذْوِيَهْ الْمُوَكَّلُ بِالْقَيَّاسِينَ وَالْبَنَّائِينَ : إِنَّهُ ارْتُفِعَ فِي ثَمَنِ أُدْمِ الْعُمْلَةِ لِسُوَرِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ سِتُّمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ : أَنَّ الْمُوَكَّلَ رُفِعَتْ عَلَيْهِ رَفِيعَةٌ ، فَحُوسِبَ فَحَصَلَ عَلَيْهِ خَمْسُونَ أَلْفَ دِينَارٍ فَصُرِفَتْ إِلَى نَفَقَةِ الْفَرْهِيزَ الْمُلْزَقِ بِأَسَاسِ السُّوَرِ وَلَمْ تَكُنِ الْمَدِينَةُ مَسْكُونَةً ، إِنَّمَا كَانَتْ حِصْنًا لِأَهْلِ قُرَى رُسْتَاقِ جَيِّ وَكَانُوا يَسْكُنُونَ مَدِينَةَ قه إِلَى أَنْ جَاءَ الْإِسْلَامُ ، فَخَرَّبَتِ الْعَرَبُ مَدِينَةَ قه ، فَتَحَوَّلَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِهَا إِلَى مَدِينَةِ جَيَّ ، فَهُمْ أَوَّلُ قَوْمٍ سَكَنُوهَا وَأَوَّلُ دَارٍ بُنِيَتْ بِمَدِينَةِ جَيَّ دَارُ الْمِطْيَارُ بِأَمْرِ كِسْرَى أَبَرْوَيِزَ لَمَّا فَتَحَ لَهُ الْمِطْيَارُ مَدِينَةَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ ثُمَّ بَنِي فِيهَا سَائِرَ الدُّورِ لَمَّا انْتَقَلُوا إِلَيْهَا مِنْ مَدِينَةِ قه وَمِسَاحَةُ مَدِينَةِ جَيَّ اسْتِدَارَةُ سُورِهَا أَلْفُ قَصَبَةٍ فَمِسَاحَةُ الْمَدِينَةِ أَلْفَا جَرِيبٍ سَوَاءً ، وَذَلِكَ أَنَّ قُطْرَهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ قَصَبَةٍ فَإِذَا ضُرِبَ نِصْفُ قُطْرِهَا فِي نِصْفِ إِدَارَتِهَا كَانَ ثَمَانِينَ أَلْفَ قَصَبَةٍ وَذَلِكَ أَلْفَا جَرِيبٍ فِي سُورِهَا مِنَ الْقُصُورِ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةُ قُصُورٍ وَهِيَ بُرُوجٌ مُعْوَجَّةٌ وَاسِعَةٌ ثَابِتَةٌ مِنَ اسْتِدَارَةِ السُّوَرِ ، فَمِنْ بَابِ خُورٍ إِلَى بَابِ الْيَهُودِيَّةِ الصُّغْرَى أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ تِيرَهَ أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ إِسْفِيسَ أَلْفٌ وَثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابُ خُورٍ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، فَدَوَرَانُ مَدِينَةِ جَيَّ سَبْعَةُ آلَافٍ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ ، وَبِذِرَاعِ الْيَدِ عَشَرَةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةٍ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا ، وَطُولُهَا أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَعَرْضُهَا أَلْفٌ وَسَبْعُمِائَةٍ وَاثْنَانِ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا وَهَذِهِ الْمِسَاحَةُ عَلَى مَا ذُكِرَ تَوَلَّاهَا مُحَمَّدُ بْنُ لُرَّةَ الْحَاسِبُ وَأَمَّا تَمْصِيرُ الْبَلَدِ الْمُسَمَّى بِالْيَهُودِيَّةِ فَمَصَّرَهَا أَيُّوبُ بْنُ زِيَادٍ فِيِ خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ فِي سَنَةِ نَيِّفٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَوَرَدَ عَامِلًا عَلَى الْخَرَاجِ مَعَ خَالِ الْمَهْدِيِّ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْحِمْيَرِيِّ ، وَكَانَ عَلَى الْحَرْبِ ثُمَّ صُرِفَ سَعِيدٌ وَجُمِعَ لِأَيُّوبَ الْحَرْبُ وَالْخَرَاجُ فَنَزَلَ بِقَرْيَةِ خشينانَ وَبَنَى قَصْرًا عَلَى شَاطِئِ نَهْرِ فُرْسَانَ ، ثُمَّ بَنَى بِحِذَائِهِ مَسْجِدًا ذَا مَقْصُورَةٍ هِيَ بَاقِيَةٌ إِلَى الْيَوْمِ ، وَوَضَعَ فِيهِ الْمِنْبَرَ ، وَخَطَّ سُوقًا لِلْبَاعَةِ ، وَالتُّجَّارِ ، وَالْعَمَلَةِ ، ذَاتِ صُفُوفٍ فِي طَرَفِ الْيَهُودِيَّةِ ، فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُعْرَفُ بِصَفِّ التَّبَّانِينَ ، وَاتَّصَلَتْ فِي أَيَّامِ وِلَايَتِهِ بِدُورِ الْيَهُودِيَّةِ دُورُ قَرْيَةِ خشينانَ وَخِطَّةُ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ بَابِ مَسْجِدِ خشينانَ طُولًا إِلَى بَابِ بَاغَ عِيسَى بْنِ أَيُّوبَ ، وَعَرْضًا مِنْ جَانِبِ مَحِلَّةِ كَوْرَاءَ إِلَى مِلَنْجَةَ وَكَانَتِ الْيَهُودِيَّةُ تُسَمَّى فِي أَيَّامِ مَمْلَكَةِ الْفُرْسِ كُو جُهُودْانَ يَعْنِي سِكَّةَ الْيَهُودِ ، وَهِيَ مِنْ صَحْرَاءِ قَرْيَةِ يُوَانَ ، فَأَحَدُ حُدُودِهَا يَنْتَهِي إِلَى قَرْيَةِ يُوَانَ وَالثَّانِي إِلَى قَرْيَةِ خرجان وَسُنْبُلَانِ ، وَالثَّالِثُ إِلَى قَرْيَتَيْ كماءان وَأشكهان ، وَالرَّابِعُ إِلَى قَرْيَتَيْ جرواءان وَخشينان ، وَرُقْعَتُهَا سَبْعُمِائَةِ جُرَيْبٍ ، وَسَكَنَتْهَا الْيَهُودُ مُقْبِلِينَ عَلَى صِنَاعَاتِهِمُ الْقَذِرَةِ كَالْحِجَامَةِ ، وَالدِّبَاغَةِ ، وَالْقِصَارَةِ ، وَالْقِصَابَةِ ، إِلَى أَنْ سَخِطَ الْمَهْدِيُّ عَلَى أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ فَحُمِلَ إِلَى الْحَضْرَةِ وَحُبِسَ ، فَاجْتَمَعَ عَرَبُ قَرْيَةِ طِهْرَانَ وَهُمُ التَّيْمُ عَلَى بِنَاءِ مَسْجِدٍ جَامِعٍ وَاسِعٍ يَنْقُلُونَ إِلَيْهِ مِنْبَرَ مَسْجِدِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ ، وَكَانَ مَوْضِعُ صَدْرِ الْجَامِعِ الْمُسَقَّفِ إِلَى وَرَاءِ السِّقَايَةِ طرارا لِصَخْرِ بْنِ سِنَانٍ وَأَرْضِ مُرِيكَةَ لِزِيَارَةٍ بِطِهْرَانَ فَوَهَبَهُ لِلْجَامِعِ فَنُقِلَ الْمِنْبَرُ إِلَيْهِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ فِي إِمَارَةِ هَانِئِ بْنِ أَبِي هَانِئٍ بَعْدَ تَمْصِيرِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ لِلْيَهُودِيَّةِ بِخَمْسِ سِنِينَ وَقِيلَ إِنَّ أَوَّلَ مَسْجِدٍ بُنِيَ بِالْيَهُودِيَّةِ مَسْجِدٌ بِمَحَلَّةِ بَاذَانِهِ يُنْسَبُ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ ثُمَامَةَ وَكَانَ أَمِيرَ أَصْبَهَانَ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَسْجِدَ خشينان أَوَّلُ مَسْجِدٍ كَبِيرٍ بُنِيَ بِأَصْبَهَانَ بَنَاهُ أَبُو خُنَاسٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي خِلَافَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَاتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ بَعْدَ بِنَاءِ جَامِعِهَا بِصَحْرَاءَ خَمْسَ عَشْرَةَ قَرْيَةً انْضَافَتْ رُقْعَتُهَا إِلَى الْيَهُودِيَّةِ ، وَهِيَ باطرقان ، وَفرسان ، وَيوان ، وَخرجان ، وَفُلْفُلَانِ ، وَسُنْبُلَانِ ، وَفراءان ، وَكماءان ، وَجوزدان ، وَلِنْبَانَ ، وَأشكهان ، وَجرواءان ، وَخشينان وَبروسكان وَفابجان ، فَلَمَّا اتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ اجْتَمَعَ النَّاسُ لِتَوْسِيعِ الْمَسْجِدِ وَزَادُوا فِيهِ وَأَضَافَ إِلَيْهِ الْخَصِيبُ بْنُ سَلْمٍ الْأَرَضِينَ الْمُسَمَّاةَ بخصيباباذ ثُمَّ أُعِيدَ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي خِلَافَةِ الْمُعْتَصِمِ وَإِمَارَةِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الْخُزَاعِيِّ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ ثُمَّ زَادَ فِيهِ أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ الزِّيَادَةَ الَّتِي تُسَمَّى رستماباذ وَكَانَتْ خَانَاتٌ وَمُسْتَرَاحَاتٌ فَكَنَسَهَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ وَأَضَافَهَا إِلَى الْجَامِعِ فِي خِلَافَةِ الْمُقْتَدِرِ وَإِمَارَةِ أَحْمَدَ بْنِ مَسْرُورٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْأُولَى فِي جَامِعَهَا وَإِضَافَةِ الْبِقَاعِ وَالدُّورِ إِلَيْهَا فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ فَكَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَفْصٍ الذَّكْوَانِيِّ فِيهِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِجَمِيعِ نَفَقَاتِهِ ، فَيُكَلِّمُ فِيهِ الرَّجُلَ بَعْدَ الرَّجُلِ ، حَتَّى رُبَّمَا يَجْتَمِعُ لَهُ الْجُمَلُ الْكَثِيرَةُ ، ثُمَّ لَا يَسْتَحْقِرُ مَعَ هَذَا خَاتَمًا ، أَوْ قِيمَتَهُ ، أَوْ كُبَّةُ غَزْلٍ ، أَوْ قِيمَتُهَا ، فَيَصْرِفُ مَا يَجْتَمِعُ فِي بِنَائِهَا ، وَشِرَى دُورٍ وَبِقَاعٍ لَهُ وَأَمَّا نَفَقَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ
    حديث رقم: 13 في أخبار أصبهان لأبي نعيم الأصبهاني مُقَدِّمَة ذِكْرُ بَدْءِ أَصْبَهَانَ ، وَعَدَدِ مُدُنِهَا ، وَرَسَاتِيقِهَا وَأَمَّا أَصْبَهَانُ فَإِنَّ رُقْعَتَهَا وُضِعَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا ، وَحُدُودُهَا كَانَتْ مَا بَيْنَ أَطْرَافِ هَمَذَانَ وَمَاهْ وَنِهَاوَنْدَ إِلَى أَطْرَافِ كَرْمَانَ ، وَمَا بَيْنَ أَطْرَافِ الرَّيِّ وَقُومِسَ إِلَى أَطْرَافِ فَارِسَ وَخُوزِسْتَانَ ، وَكَانَتْ مَوْضُوعَةً عَلَى أَسَاتِينَ ثَلَاثَةٍ ، وَعَلَى ثَلَاثِينَ رُسْتَاقًا وَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ طَسُّوجًا ، وَخَمْسَةِ آلَافِ قَرْيَةٍ ، وَسَبْعِ مَدَائِنَ ، ذَكَرَ ذَلِكَ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ مَشْرُوحًا بِأَسَامِيهَا وَحُدُودِهَا فَأَمَّا أَسَامِي مُدُنِهَا : فَمَدِينَةُ كَهْثَةَ ، وَمَدِينَةُ جَارَّ ، وَمَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ ِقه ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ دررام ، وَمَدِينَةُ سارويه ، فَخَرِبَتْ مِنْ هَذِهِ الْمُدُنِ السَّبْعِ أَرْبَعٌ ، وَبَقِيَتْ إِلَى الْإِسْلَامِ ثَلَاثُ مَدَائِنَ : مَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ قِه ، هَذِهِ الْمُدُنُ حَصَلَتْ عَلَى كُورَتَيْنِ وَسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا وَثَلَاثَةِ آلَافٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ قَرْيَةً إِلَى أَنْ وَرَدَهَا الْعَرَبُ ، فَخَرَّبُوا مِنَ المدنِ الثَّلَاثِ مَدِينَتَيْنِ : مَدِينَةَ قه مِنْ رُسْتَاقِ جه ، وَمَدِينَةِ سارويه مِنْ رُسْتَاقِ قَاسَانَ ثُمَّ إِنَّ الرَّشِيدَ كَوَّرَ كُورَةَ قُمِّ مِنْ أَصْبَهَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ ، مَعَ مَا أَضَافَ إِلَيْهِ مِنْ رَسَاتِيقَ أُخَرَ مِنْ هَمَذَانَ وَنَهَاوَنْدَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا إِلَى أَنْ شَرَعَ الْمُعْتَصِمُ فِي بِنَاءِ كُورَةِ الْكَرْجِ فَكَوَّرَ الْكَرْجَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ مِنْ أَصْبَهَانَ وَعَلَى ضِيَاعٍ أُخَرَ مِنْ ضِيَاعِ نِهَاوَنْدَ وَهَمَذَانَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَ الْمُعْتَصِمِ عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ رُسْتَاقًا وَكُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةِ قَرْيَةٍ بِالتَّقْرِيبِ ، هَذَا مَا قَالَهُ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ وَأَمَّا بِنَاءُ مَدِينَةِ جَيَّ فَقِيلَ بَنَاهَا الْإِسْكَنْدَرُ الرُّومِيُّ عَلَى يَدَيْ جَيَّ بْنِ زَارْدَهَ الْأَصْبَهَانِيِّ فَسُمِّيَتِ الْمَدِينَةُ بِهِ ، وَعَرْضُ أَسَاسِ سُورِهَا سِتُّونَ لَبِنَةً وَأَلْزَقَ بِأَسَاسِهِ الفرهيز بالشيفتق ، وَقِيلَ إِنَّ الْمَدِينَةَ كَانَتْ مَبْنِيَّةً قَبْلَ أَيَّامِ مَمْلَكَةِ جم فَخَرَّبَهَا فراسياب فِيمَا خَرَّبَ مِنْ سَائِرِ الْمُدُنِ بِإِيرَانَ شَهْرَ ، وَأَعَادَ أَسَاسَهَا خماني جَهْرَازَادَ بِنْتُ بَهْمَنَ بْنِ إِسْفَنْدِيارَ الْمَلِكَةُ قَبْلَ مَجِيءِ الْإِسْكَنْدَرِ ، فَمَاتَتْ خماني مِنْ بِنَاءِ السُّورِ عَلَى النِّصْفِ ، وَوَرَدَ الْإِسْكَنْدَرُ فَتَرَكَهَا عَلَى حَالِهَا ، فَبَقِيَتْ عَلَى حَالَتِهَا إِلَى أَيَّامِ فَيْرُوزَ بْنِ يَزْدَجِرْدَ فَتَقَدَّمَ إِلَى آذَرْسَابُورَ بْنِ آذَرِمَانَانَ مِنْ قَرْيَةِ هَرَاسْنَانَ مِنْ رُسْتَاقِ مابرين بِإِتْمَامِ بِنَاءِ سُوَرِ مَدِينَةِ جَيَّ وَذَلِكَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِمِائَةٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً ، فَأَتَمَّ بِنَاءَهَا آذَرْ سَابُورَ ، وَرَكَّبَ فِيهِ الشُّرُفَ ، وَهَيَّأَ مَوَاقِفَ الْمُقَاتِلَةِ عَلَى أَعْلَاهُ ، وَعَلَّقَ أَرْبَعَةَ أَبْوَابٍ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ مِنَ السُّورِ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ، فِي كُلِّ يَوْمٍ بَابًا ، عَلَّقَ الْبَابَ الَّذِي وَجْهُهُ إِلَى مَيْدَانِ السُّوقِ فِي رُوزَ خُورَ فَسَمَّاهُ بَابَ خُورَ ، وَتَفْسِيرُ خُورُ الشَّمْسُ ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ مَاهْ بِرَّ فِي رُوزَ مَاهَ وَمَاهُ عِنْدَهُمُ الْقَمَرُ ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى بَابَ إِسْفِيسَ ، ثُمَّ عَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الثَّالِثَ وَسَمَّاهُ تَبْرِيزَ ، وَمَعْنَاهُ بَابُ عُطَارِدَ ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابِ تِيَرَه ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الرَّابِعَ وَسَمَّاهُ كُوشَ بَرَّ وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابَ الْيَهُودِيَّةِ وَمِنَ الْهَنْدَسَةِ فِي تَعْلِيقِ هَذِهِ الْأَبْوَابِ أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا حَلَّتْ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ الْجَدْيِ تَطْلُعُ فِي بَابِ خُورَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ الْيَهُودِيَّةِ وَإِذَا حَلَّتِ الشَّمْسُ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ السَّرَطَانِ طَلَعَتْ فِي بَابِ إِسْفِيسَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ تِيرَهَ وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنَ الزُّبَيْرِيَّةِ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ ، فَقَلَعَ بَابَ خُورَ وَفَتَحَ بَابًا آخَرَ مِنْ سُورِهَا ، وَسَمَّى الْبَابَ الْجَدِيدَ ، وَرَدَّ مَكَانَهُ بَاب خَشَيبًا عَلَى مِصْرَاعٍ وَاحِدٍ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى بَعْضِ أَبْوَابِهَا مَكْتُوبًا يَقُولُ : أَشْتَاذْوِيَهْ الْمُوَكَّلُ بِالْقَيَّاسِينَ وَالْبَنَّائِينَ : إِنَّهُ ارْتُفِعَ فِي ثَمَنِ أُدْمِ الْعُمْلَةِ لِسُوَرِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ سِتُّمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ : أَنَّ الْمُوَكَّلَ رُفِعَتْ عَلَيْهِ رَفِيعَةٌ ، فَحُوسِبَ فَحَصَلَ عَلَيْهِ خَمْسُونَ أَلْفَ دِينَارٍ فَصُرِفَتْ إِلَى نَفَقَةِ الْفَرْهِيزَ الْمُلْزَقِ بِأَسَاسِ السُّوَرِ وَلَمْ تَكُنِ الْمَدِينَةُ مَسْكُونَةً ، إِنَّمَا كَانَتْ حِصْنًا لِأَهْلِ قُرَى رُسْتَاقِ جَيِّ وَكَانُوا يَسْكُنُونَ مَدِينَةَ قه إِلَى أَنْ جَاءَ الْإِسْلَامُ ، فَخَرَّبَتِ الْعَرَبُ مَدِينَةَ قه ، فَتَحَوَّلَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِهَا إِلَى مَدِينَةِ جَيَّ ، فَهُمْ أَوَّلُ قَوْمٍ سَكَنُوهَا وَأَوَّلُ دَارٍ بُنِيَتْ بِمَدِينَةِ جَيَّ دَارُ الْمِطْيَارُ بِأَمْرِ كِسْرَى أَبَرْوَيِزَ لَمَّا فَتَحَ لَهُ الْمِطْيَارُ مَدِينَةَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ ثُمَّ بَنِي فِيهَا سَائِرَ الدُّورِ لَمَّا انْتَقَلُوا إِلَيْهَا مِنْ مَدِينَةِ قه وَمِسَاحَةُ مَدِينَةِ جَيَّ اسْتِدَارَةُ سُورِهَا أَلْفُ قَصَبَةٍ فَمِسَاحَةُ الْمَدِينَةِ أَلْفَا جَرِيبٍ سَوَاءً ، وَذَلِكَ أَنَّ قُطْرَهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ قَصَبَةٍ فَإِذَا ضُرِبَ نِصْفُ قُطْرِهَا فِي نِصْفِ إِدَارَتِهَا كَانَ ثَمَانِينَ أَلْفَ قَصَبَةٍ وَذَلِكَ أَلْفَا جَرِيبٍ فِي سُورِهَا مِنَ الْقُصُورِ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةُ قُصُورٍ وَهِيَ بُرُوجٌ مُعْوَجَّةٌ وَاسِعَةٌ ثَابِتَةٌ مِنَ اسْتِدَارَةِ السُّوَرِ ، فَمِنْ بَابِ خُورٍ إِلَى بَابِ الْيَهُودِيَّةِ الصُّغْرَى أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ تِيرَهَ أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ إِسْفِيسَ أَلْفٌ وَثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابُ خُورٍ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، فَدَوَرَانُ مَدِينَةِ جَيَّ سَبْعَةُ آلَافٍ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ ، وَبِذِرَاعِ الْيَدِ عَشَرَةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةٍ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا ، وَطُولُهَا أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَعَرْضُهَا أَلْفٌ وَسَبْعُمِائَةٍ وَاثْنَانِ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا وَهَذِهِ الْمِسَاحَةُ عَلَى مَا ذُكِرَ تَوَلَّاهَا مُحَمَّدُ بْنُ لُرَّةَ الْحَاسِبُ وَأَمَّا تَمْصِيرُ الْبَلَدِ الْمُسَمَّى بِالْيَهُودِيَّةِ فَمَصَّرَهَا أَيُّوبُ بْنُ زِيَادٍ فِيِ خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ فِي سَنَةِ نَيِّفٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَوَرَدَ عَامِلًا عَلَى الْخَرَاجِ مَعَ خَالِ الْمَهْدِيِّ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْحِمْيَرِيِّ ، وَكَانَ عَلَى الْحَرْبِ ثُمَّ صُرِفَ سَعِيدٌ وَجُمِعَ لِأَيُّوبَ الْحَرْبُ وَالْخَرَاجُ فَنَزَلَ بِقَرْيَةِ خشينانَ وَبَنَى قَصْرًا عَلَى شَاطِئِ نَهْرِ فُرْسَانَ ، ثُمَّ بَنَى بِحِذَائِهِ مَسْجِدًا ذَا مَقْصُورَةٍ هِيَ بَاقِيَةٌ إِلَى الْيَوْمِ ، وَوَضَعَ فِيهِ الْمِنْبَرَ ، وَخَطَّ سُوقًا لِلْبَاعَةِ ، وَالتُّجَّارِ ، وَالْعَمَلَةِ ، ذَاتِ صُفُوفٍ فِي طَرَفِ الْيَهُودِيَّةِ ، فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُعْرَفُ بِصَفِّ التَّبَّانِينَ ، وَاتَّصَلَتْ فِي أَيَّامِ وِلَايَتِهِ بِدُورِ الْيَهُودِيَّةِ دُورُ قَرْيَةِ خشينانَ وَخِطَّةُ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ بَابِ مَسْجِدِ خشينانَ طُولًا إِلَى بَابِ بَاغَ عِيسَى بْنِ أَيُّوبَ ، وَعَرْضًا مِنْ جَانِبِ مَحِلَّةِ كَوْرَاءَ إِلَى مِلَنْجَةَ وَكَانَتِ الْيَهُودِيَّةُ تُسَمَّى فِي أَيَّامِ مَمْلَكَةِ الْفُرْسِ كُو جُهُودْانَ يَعْنِي سِكَّةَ الْيَهُودِ ، وَهِيَ مِنْ صَحْرَاءِ قَرْيَةِ يُوَانَ ، فَأَحَدُ حُدُودِهَا يَنْتَهِي إِلَى قَرْيَةِ يُوَانَ وَالثَّانِي إِلَى قَرْيَةِ خرجان وَسُنْبُلَانِ ، وَالثَّالِثُ إِلَى قَرْيَتَيْ كماءان وَأشكهان ، وَالرَّابِعُ إِلَى قَرْيَتَيْ جرواءان وَخشينان ، وَرُقْعَتُهَا سَبْعُمِائَةِ جُرَيْبٍ ، وَسَكَنَتْهَا الْيَهُودُ مُقْبِلِينَ عَلَى صِنَاعَاتِهِمُ الْقَذِرَةِ كَالْحِجَامَةِ ، وَالدِّبَاغَةِ ، وَالْقِصَارَةِ ، وَالْقِصَابَةِ ، إِلَى أَنْ سَخِطَ الْمَهْدِيُّ عَلَى أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ فَحُمِلَ إِلَى الْحَضْرَةِ وَحُبِسَ ، فَاجْتَمَعَ عَرَبُ قَرْيَةِ طِهْرَانَ وَهُمُ التَّيْمُ عَلَى بِنَاءِ مَسْجِدٍ جَامِعٍ وَاسِعٍ يَنْقُلُونَ إِلَيْهِ مِنْبَرَ مَسْجِدِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ ، وَكَانَ مَوْضِعُ صَدْرِ الْجَامِعِ الْمُسَقَّفِ إِلَى وَرَاءِ السِّقَايَةِ طرارا لِصَخْرِ بْنِ سِنَانٍ وَأَرْضِ مُرِيكَةَ لِزِيَارَةٍ بِطِهْرَانَ فَوَهَبَهُ لِلْجَامِعِ فَنُقِلَ الْمِنْبَرُ إِلَيْهِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ فِي إِمَارَةِ هَانِئِ بْنِ أَبِي هَانِئٍ بَعْدَ تَمْصِيرِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ لِلْيَهُودِيَّةِ بِخَمْسِ سِنِينَ وَقِيلَ إِنَّ أَوَّلَ مَسْجِدٍ بُنِيَ بِالْيَهُودِيَّةِ مَسْجِدٌ بِمَحَلَّةِ بَاذَانِهِ يُنْسَبُ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ ثُمَامَةَ وَكَانَ أَمِيرَ أَصْبَهَانَ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَسْجِدَ خشينان أَوَّلُ مَسْجِدٍ كَبِيرٍ بُنِيَ بِأَصْبَهَانَ بَنَاهُ أَبُو خُنَاسٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي خِلَافَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَاتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ بَعْدَ بِنَاءِ جَامِعِهَا بِصَحْرَاءَ خَمْسَ عَشْرَةَ قَرْيَةً انْضَافَتْ رُقْعَتُهَا إِلَى الْيَهُودِيَّةِ ، وَهِيَ باطرقان ، وَفرسان ، وَيوان ، وَخرجان ، وَفُلْفُلَانِ ، وَسُنْبُلَانِ ، وَفراءان ، وَكماءان ، وَجوزدان ، وَلِنْبَانَ ، وَأشكهان ، وَجرواءان ، وَخشينان وَبروسكان وَفابجان ، فَلَمَّا اتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ اجْتَمَعَ النَّاسُ لِتَوْسِيعِ الْمَسْجِدِ وَزَادُوا فِيهِ وَأَضَافَ إِلَيْهِ الْخَصِيبُ بْنُ سَلْمٍ الْأَرَضِينَ الْمُسَمَّاةَ بخصيباباذ ثُمَّ أُعِيدَ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي خِلَافَةِ الْمُعْتَصِمِ وَإِمَارَةِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الْخُزَاعِيِّ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ ثُمَّ زَادَ فِيهِ أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ الزِّيَادَةَ الَّتِي تُسَمَّى رستماباذ وَكَانَتْ خَانَاتٌ وَمُسْتَرَاحَاتٌ فَكَنَسَهَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ وَأَضَافَهَا إِلَى الْجَامِعِ فِي خِلَافَةِ الْمُقْتَدِرِ وَإِمَارَةِ أَحْمَدَ بْنِ مَسْرُورٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْأُولَى فِي جَامِعَهَا وَإِضَافَةِ الْبِقَاعِ وَالدُّورِ إِلَيْهَا فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ فَكَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَفْصٍ الذَّكْوَانِيِّ فِيهِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِجَمِيعِ نَفَقَاتِهِ ، فَيُكَلِّمُ فِيهِ الرَّجُلَ بَعْدَ الرَّجُلِ ، حَتَّى رُبَّمَا يَجْتَمِعُ لَهُ الْجُمَلُ الْكَثِيرَةُ ، ثُمَّ لَا يَسْتَحْقِرُ مَعَ هَذَا خَاتَمًا ، أَوْ قِيمَتَهُ ، أَوْ كُبَّةُ غَزْلٍ ، أَوْ قِيمَتُهَا ، فَيَصْرِفُ مَا يَجْتَمِعُ فِي بِنَائِهَا ، وَشِرَى دُورٍ وَبِقَاعٍ لَهُ وَأَمَّا نَفَقَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ
    حديث رقم: 14 في أخبار أصبهان لأبي نعيم الأصبهاني مُقَدِّمَة ذِكْرُ بَدْءِ أَصْبَهَانَ ، وَعَدَدِ مُدُنِهَا ، وَرَسَاتِيقِهَا وَأَمَّا أَصْبَهَانُ فَإِنَّ رُقْعَتَهَا وُضِعَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا ، وَحُدُودُهَا كَانَتْ مَا بَيْنَ أَطْرَافِ هَمَذَانَ وَمَاهْ وَنِهَاوَنْدَ إِلَى أَطْرَافِ كَرْمَانَ ، وَمَا بَيْنَ أَطْرَافِ الرَّيِّ وَقُومِسَ إِلَى أَطْرَافِ فَارِسَ وَخُوزِسْتَانَ ، وَكَانَتْ مَوْضُوعَةً عَلَى أَسَاتِينَ ثَلَاثَةٍ ، وَعَلَى ثَلَاثِينَ رُسْتَاقًا وَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ طَسُّوجًا ، وَخَمْسَةِ آلَافِ قَرْيَةٍ ، وَسَبْعِ مَدَائِنَ ، ذَكَرَ ذَلِكَ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ مَشْرُوحًا بِأَسَامِيهَا وَحُدُودِهَا فَأَمَّا أَسَامِي مُدُنِهَا : فَمَدِينَةُ كَهْثَةَ ، وَمَدِينَةُ جَارَّ ، وَمَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ ِقه ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ دررام ، وَمَدِينَةُ سارويه ، فَخَرِبَتْ مِنْ هَذِهِ الْمُدُنِ السَّبْعِ أَرْبَعٌ ، وَبَقِيَتْ إِلَى الْإِسْلَامِ ثَلَاثُ مَدَائِنَ : مَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ قِه ، هَذِهِ الْمُدُنُ حَصَلَتْ عَلَى كُورَتَيْنِ وَسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا وَثَلَاثَةِ آلَافٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ قَرْيَةً إِلَى أَنْ وَرَدَهَا الْعَرَبُ ، فَخَرَّبُوا مِنَ المدنِ الثَّلَاثِ مَدِينَتَيْنِ : مَدِينَةَ قه مِنْ رُسْتَاقِ جه ، وَمَدِينَةِ سارويه مِنْ رُسْتَاقِ قَاسَانَ ثُمَّ إِنَّ الرَّشِيدَ كَوَّرَ كُورَةَ قُمِّ مِنْ أَصْبَهَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ ، مَعَ مَا أَضَافَ إِلَيْهِ مِنْ رَسَاتِيقَ أُخَرَ مِنْ هَمَذَانَ وَنَهَاوَنْدَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا إِلَى أَنْ شَرَعَ الْمُعْتَصِمُ فِي بِنَاءِ كُورَةِ الْكَرْجِ فَكَوَّرَ الْكَرْجَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ مِنْ أَصْبَهَانَ وَعَلَى ضِيَاعٍ أُخَرَ مِنْ ضِيَاعِ نِهَاوَنْدَ وَهَمَذَانَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَ الْمُعْتَصِمِ عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ رُسْتَاقًا وَكُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةِ قَرْيَةٍ بِالتَّقْرِيبِ ، هَذَا مَا قَالَهُ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ وَأَمَّا بِنَاءُ مَدِينَةِ جَيَّ فَقِيلَ بَنَاهَا الْإِسْكَنْدَرُ الرُّومِيُّ عَلَى يَدَيْ جَيَّ بْنِ زَارْدَهَ الْأَصْبَهَانِيِّ فَسُمِّيَتِ الْمَدِينَةُ بِهِ ، وَعَرْضُ أَسَاسِ سُورِهَا سِتُّونَ لَبِنَةً وَأَلْزَقَ بِأَسَاسِهِ الفرهيز بالشيفتق ، وَقِيلَ إِنَّ الْمَدِينَةَ كَانَتْ مَبْنِيَّةً قَبْلَ أَيَّامِ مَمْلَكَةِ جم فَخَرَّبَهَا فراسياب فِيمَا خَرَّبَ مِنْ سَائِرِ الْمُدُنِ بِإِيرَانَ شَهْرَ ، وَأَعَادَ أَسَاسَهَا خماني جَهْرَازَادَ بِنْتُ بَهْمَنَ بْنِ إِسْفَنْدِيارَ الْمَلِكَةُ قَبْلَ مَجِيءِ الْإِسْكَنْدَرِ ، فَمَاتَتْ خماني مِنْ بِنَاءِ السُّورِ عَلَى النِّصْفِ ، وَوَرَدَ الْإِسْكَنْدَرُ فَتَرَكَهَا عَلَى حَالِهَا ، فَبَقِيَتْ عَلَى حَالَتِهَا إِلَى أَيَّامِ فَيْرُوزَ بْنِ يَزْدَجِرْدَ فَتَقَدَّمَ إِلَى آذَرْسَابُورَ بْنِ آذَرِمَانَانَ مِنْ قَرْيَةِ هَرَاسْنَانَ مِنْ رُسْتَاقِ مابرين بِإِتْمَامِ بِنَاءِ سُوَرِ مَدِينَةِ جَيَّ وَذَلِكَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِمِائَةٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً ، فَأَتَمَّ بِنَاءَهَا آذَرْ سَابُورَ ، وَرَكَّبَ فِيهِ الشُّرُفَ ، وَهَيَّأَ مَوَاقِفَ الْمُقَاتِلَةِ عَلَى أَعْلَاهُ ، وَعَلَّقَ أَرْبَعَةَ أَبْوَابٍ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ مِنَ السُّورِ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ، فِي كُلِّ يَوْمٍ بَابًا ، عَلَّقَ الْبَابَ الَّذِي وَجْهُهُ إِلَى مَيْدَانِ السُّوقِ فِي رُوزَ خُورَ فَسَمَّاهُ بَابَ خُورَ ، وَتَفْسِيرُ خُورُ الشَّمْسُ ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ مَاهْ بِرَّ فِي رُوزَ مَاهَ وَمَاهُ عِنْدَهُمُ الْقَمَرُ ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى بَابَ إِسْفِيسَ ، ثُمَّ عَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الثَّالِثَ وَسَمَّاهُ تَبْرِيزَ ، وَمَعْنَاهُ بَابُ عُطَارِدَ ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابِ تِيَرَه ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الرَّابِعَ وَسَمَّاهُ كُوشَ بَرَّ وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابَ الْيَهُودِيَّةِ وَمِنَ الْهَنْدَسَةِ فِي تَعْلِيقِ هَذِهِ الْأَبْوَابِ أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا حَلَّتْ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ الْجَدْيِ تَطْلُعُ فِي بَابِ خُورَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ الْيَهُودِيَّةِ وَإِذَا حَلَّتِ الشَّمْسُ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ السَّرَطَانِ طَلَعَتْ فِي بَابِ إِسْفِيسَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ تِيرَهَ وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنَ الزُّبَيْرِيَّةِ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ ، فَقَلَعَ بَابَ خُورَ وَفَتَحَ بَابًا آخَرَ مِنْ سُورِهَا ، وَسَمَّى الْبَابَ الْجَدِيدَ ، وَرَدَّ مَكَانَهُ بَاب خَشَيبًا عَلَى مِصْرَاعٍ وَاحِدٍ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى بَعْضِ أَبْوَابِهَا مَكْتُوبًا يَقُولُ : أَشْتَاذْوِيَهْ الْمُوَكَّلُ بِالْقَيَّاسِينَ وَالْبَنَّائِينَ : إِنَّهُ ارْتُفِعَ فِي ثَمَنِ أُدْمِ الْعُمْلَةِ لِسُوَرِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ سِتُّمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ : أَنَّ الْمُوَكَّلَ رُفِعَتْ عَلَيْهِ رَفِيعَةٌ ، فَحُوسِبَ فَحَصَلَ عَلَيْهِ خَمْسُونَ أَلْفَ دِينَارٍ فَصُرِفَتْ إِلَى نَفَقَةِ الْفَرْهِيزَ الْمُلْزَقِ بِأَسَاسِ السُّوَرِ وَلَمْ تَكُنِ الْمَدِينَةُ مَسْكُونَةً ، إِنَّمَا كَانَتْ حِصْنًا لِأَهْلِ قُرَى رُسْتَاقِ جَيِّ وَكَانُوا يَسْكُنُونَ مَدِينَةَ قه إِلَى أَنْ جَاءَ الْإِسْلَامُ ، فَخَرَّبَتِ الْعَرَبُ مَدِينَةَ قه ، فَتَحَوَّلَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِهَا إِلَى مَدِينَةِ جَيَّ ، فَهُمْ أَوَّلُ قَوْمٍ سَكَنُوهَا وَأَوَّلُ دَارٍ بُنِيَتْ بِمَدِينَةِ جَيَّ دَارُ الْمِطْيَارُ بِأَمْرِ كِسْرَى أَبَرْوَيِزَ لَمَّا فَتَحَ لَهُ الْمِطْيَارُ مَدِينَةَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ ثُمَّ بَنِي فِيهَا سَائِرَ الدُّورِ لَمَّا انْتَقَلُوا إِلَيْهَا مِنْ مَدِينَةِ قه وَمِسَاحَةُ مَدِينَةِ جَيَّ اسْتِدَارَةُ سُورِهَا أَلْفُ قَصَبَةٍ فَمِسَاحَةُ الْمَدِينَةِ أَلْفَا جَرِيبٍ سَوَاءً ، وَذَلِكَ أَنَّ قُطْرَهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ قَصَبَةٍ فَإِذَا ضُرِبَ نِصْفُ قُطْرِهَا فِي نِصْفِ إِدَارَتِهَا كَانَ ثَمَانِينَ أَلْفَ قَصَبَةٍ وَذَلِكَ أَلْفَا جَرِيبٍ فِي سُورِهَا مِنَ الْقُصُورِ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةُ قُصُورٍ وَهِيَ بُرُوجٌ مُعْوَجَّةٌ وَاسِعَةٌ ثَابِتَةٌ مِنَ اسْتِدَارَةِ السُّوَرِ ، فَمِنْ بَابِ خُورٍ إِلَى بَابِ الْيَهُودِيَّةِ الصُّغْرَى أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ تِيرَهَ أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ إِسْفِيسَ أَلْفٌ وَثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابُ خُورٍ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، فَدَوَرَانُ مَدِينَةِ جَيَّ سَبْعَةُ آلَافٍ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ ، وَبِذِرَاعِ الْيَدِ عَشَرَةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةٍ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا ، وَطُولُهَا أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَعَرْضُهَا أَلْفٌ وَسَبْعُمِائَةٍ وَاثْنَانِ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا وَهَذِهِ الْمِسَاحَةُ عَلَى مَا ذُكِرَ تَوَلَّاهَا مُحَمَّدُ بْنُ لُرَّةَ الْحَاسِبُ وَأَمَّا تَمْصِيرُ الْبَلَدِ الْمُسَمَّى بِالْيَهُودِيَّةِ فَمَصَّرَهَا أَيُّوبُ بْنُ زِيَادٍ فِيِ خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ فِي سَنَةِ نَيِّفٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَوَرَدَ عَامِلًا عَلَى الْخَرَاجِ مَعَ خَالِ الْمَهْدِيِّ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْحِمْيَرِيِّ ، وَكَانَ عَلَى الْحَرْبِ ثُمَّ صُرِفَ سَعِيدٌ وَجُمِعَ لِأَيُّوبَ الْحَرْبُ وَالْخَرَاجُ فَنَزَلَ بِقَرْيَةِ خشينانَ وَبَنَى قَصْرًا عَلَى شَاطِئِ نَهْرِ فُرْسَانَ ، ثُمَّ بَنَى بِحِذَائِهِ مَسْجِدًا ذَا مَقْصُورَةٍ هِيَ بَاقِيَةٌ إِلَى الْيَوْمِ ، وَوَضَعَ فِيهِ الْمِنْبَرَ ، وَخَطَّ سُوقًا لِلْبَاعَةِ ، وَالتُّجَّارِ ، وَالْعَمَلَةِ ، ذَاتِ صُفُوفٍ فِي طَرَفِ الْيَهُودِيَّةِ ، فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُعْرَفُ بِصَفِّ التَّبَّانِينَ ، وَاتَّصَلَتْ فِي أَيَّامِ وِلَايَتِهِ بِدُورِ الْيَهُودِيَّةِ دُورُ قَرْيَةِ خشينانَ وَخِطَّةُ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ بَابِ مَسْجِدِ خشينانَ طُولًا إِلَى بَابِ بَاغَ عِيسَى بْنِ أَيُّوبَ ، وَعَرْضًا مِنْ جَانِبِ مَحِلَّةِ كَوْرَاءَ إِلَى مِلَنْجَةَ وَكَانَتِ الْيَهُودِيَّةُ تُسَمَّى فِي أَيَّامِ مَمْلَكَةِ الْفُرْسِ كُو جُهُودْانَ يَعْنِي سِكَّةَ الْيَهُودِ ، وَهِيَ مِنْ صَحْرَاءِ قَرْيَةِ يُوَانَ ، فَأَحَدُ حُدُودِهَا يَنْتَهِي إِلَى قَرْيَةِ يُوَانَ وَالثَّانِي إِلَى قَرْيَةِ خرجان وَسُنْبُلَانِ ، وَالثَّالِثُ إِلَى قَرْيَتَيْ كماءان وَأشكهان ، وَالرَّابِعُ إِلَى قَرْيَتَيْ جرواءان وَخشينان ، وَرُقْعَتُهَا سَبْعُمِائَةِ جُرَيْبٍ ، وَسَكَنَتْهَا الْيَهُودُ مُقْبِلِينَ عَلَى صِنَاعَاتِهِمُ الْقَذِرَةِ كَالْحِجَامَةِ ، وَالدِّبَاغَةِ ، وَالْقِصَارَةِ ، وَالْقِصَابَةِ ، إِلَى أَنْ سَخِطَ الْمَهْدِيُّ عَلَى أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ فَحُمِلَ إِلَى الْحَضْرَةِ وَحُبِسَ ، فَاجْتَمَعَ عَرَبُ قَرْيَةِ طِهْرَانَ وَهُمُ التَّيْمُ عَلَى بِنَاءِ مَسْجِدٍ جَامِعٍ وَاسِعٍ يَنْقُلُونَ إِلَيْهِ مِنْبَرَ مَسْجِدِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ ، وَكَانَ مَوْضِعُ صَدْرِ الْجَامِعِ الْمُسَقَّفِ إِلَى وَرَاءِ السِّقَايَةِ طرارا لِصَخْرِ بْنِ سِنَانٍ وَأَرْضِ مُرِيكَةَ لِزِيَارَةٍ بِطِهْرَانَ فَوَهَبَهُ لِلْجَامِعِ فَنُقِلَ الْمِنْبَرُ إِلَيْهِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ فِي إِمَارَةِ هَانِئِ بْنِ أَبِي هَانِئٍ بَعْدَ تَمْصِيرِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ لِلْيَهُودِيَّةِ بِخَمْسِ سِنِينَ وَقِيلَ إِنَّ أَوَّلَ مَسْجِدٍ بُنِيَ بِالْيَهُودِيَّةِ مَسْجِدٌ بِمَحَلَّةِ بَاذَانِهِ يُنْسَبُ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ ثُمَامَةَ وَكَانَ أَمِيرَ أَصْبَهَانَ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَسْجِدَ خشينان أَوَّلُ مَسْجِدٍ كَبِيرٍ بُنِيَ بِأَصْبَهَانَ بَنَاهُ أَبُو خُنَاسٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي خِلَافَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَاتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ بَعْدَ بِنَاءِ جَامِعِهَا بِصَحْرَاءَ خَمْسَ عَشْرَةَ قَرْيَةً انْضَافَتْ رُقْعَتُهَا إِلَى الْيَهُودِيَّةِ ، وَهِيَ باطرقان ، وَفرسان ، وَيوان ، وَخرجان ، وَفُلْفُلَانِ ، وَسُنْبُلَانِ ، وَفراءان ، وَكماءان ، وَجوزدان ، وَلِنْبَانَ ، وَأشكهان ، وَجرواءان ، وَخشينان وَبروسكان وَفابجان ، فَلَمَّا اتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ اجْتَمَعَ النَّاسُ لِتَوْسِيعِ الْمَسْجِدِ وَزَادُوا فِيهِ وَأَضَافَ إِلَيْهِ الْخَصِيبُ بْنُ سَلْمٍ الْأَرَضِينَ الْمُسَمَّاةَ بخصيباباذ ثُمَّ أُعِيدَ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي خِلَافَةِ الْمُعْتَصِمِ وَإِمَارَةِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الْخُزَاعِيِّ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ ثُمَّ زَادَ فِيهِ أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ الزِّيَادَةَ الَّتِي تُسَمَّى رستماباذ وَكَانَتْ خَانَاتٌ وَمُسْتَرَاحَاتٌ فَكَنَسَهَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ وَأَضَافَهَا إِلَى الْجَامِعِ فِي خِلَافَةِ الْمُقْتَدِرِ وَإِمَارَةِ أَحْمَدَ بْنِ مَسْرُورٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْأُولَى فِي جَامِعَهَا وَإِضَافَةِ الْبِقَاعِ وَالدُّورِ إِلَيْهَا فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ فَكَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَفْصٍ الذَّكْوَانِيِّ فِيهِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِجَمِيعِ نَفَقَاتِهِ ، فَيُكَلِّمُ فِيهِ الرَّجُلَ بَعْدَ الرَّجُلِ ، حَتَّى رُبَّمَا يَجْتَمِعُ لَهُ الْجُمَلُ الْكَثِيرَةُ ، ثُمَّ لَا يَسْتَحْقِرُ مَعَ هَذَا خَاتَمًا ، أَوْ قِيمَتَهُ ، أَوْ كُبَّةُ غَزْلٍ ، أَوْ قِيمَتُهَا ، فَيَصْرِفُ مَا يَجْتَمِعُ فِي بِنَائِهَا ، وَشِرَى دُورٍ وَبِقَاعٍ لَهُ وَأَمَّا نَفَقَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ
    حديث رقم: 1338 في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء حلية الأولياء وطبقات الأصفياء أَبُو هُرَيْرَةَ
    حديث رقم: 7981 في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء حلية الأولياء وطبقات الأصفياء شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ
    حديث رقم: 16 في أخبار أصبهان لأبي نعيم الأصبهاني مُقَدِّمَة ذِكْرُ بَدْءِ أَصْبَهَانَ ، وَعَدَدِ مُدُنِهَا ، وَرَسَاتِيقِهَا وَأَمَّا أَصْبَهَانُ فَإِنَّ رُقْعَتَهَا وُضِعَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا ، وَحُدُودُهَا كَانَتْ مَا بَيْنَ أَطْرَافِ هَمَذَانَ وَمَاهْ وَنِهَاوَنْدَ إِلَى أَطْرَافِ كَرْمَانَ ، وَمَا بَيْنَ أَطْرَافِ الرَّيِّ وَقُومِسَ إِلَى أَطْرَافِ فَارِسَ وَخُوزِسْتَانَ ، وَكَانَتْ مَوْضُوعَةً عَلَى أَسَاتِينَ ثَلَاثَةٍ ، وَعَلَى ثَلَاثِينَ رُسْتَاقًا وَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ طَسُّوجًا ، وَخَمْسَةِ آلَافِ قَرْيَةٍ ، وَسَبْعِ مَدَائِنَ ، ذَكَرَ ذَلِكَ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ مَشْرُوحًا بِأَسَامِيهَا وَحُدُودِهَا فَأَمَّا أَسَامِي مُدُنِهَا : فَمَدِينَةُ كَهْثَةَ ، وَمَدِينَةُ جَارَّ ، وَمَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ ِقه ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ دررام ، وَمَدِينَةُ سارويه ، فَخَرِبَتْ مِنْ هَذِهِ الْمُدُنِ السَّبْعِ أَرْبَعٌ ، وَبَقِيَتْ إِلَى الْإِسْلَامِ ثَلَاثُ مَدَائِنَ : مَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ قِه ، هَذِهِ الْمُدُنُ حَصَلَتْ عَلَى كُورَتَيْنِ وَسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا وَثَلَاثَةِ آلَافٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ قَرْيَةً إِلَى أَنْ وَرَدَهَا الْعَرَبُ ، فَخَرَّبُوا مِنَ المدنِ الثَّلَاثِ مَدِينَتَيْنِ : مَدِينَةَ قه مِنْ رُسْتَاقِ جه ، وَمَدِينَةِ سارويه مِنْ رُسْتَاقِ قَاسَانَ ثُمَّ إِنَّ الرَّشِيدَ كَوَّرَ كُورَةَ قُمِّ مِنْ أَصْبَهَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ ، مَعَ مَا أَضَافَ إِلَيْهِ مِنْ رَسَاتِيقَ أُخَرَ مِنْ هَمَذَانَ وَنَهَاوَنْدَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا إِلَى أَنْ شَرَعَ الْمُعْتَصِمُ فِي بِنَاءِ كُورَةِ الْكَرْجِ فَكَوَّرَ الْكَرْجَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ مِنْ أَصْبَهَانَ وَعَلَى ضِيَاعٍ أُخَرَ مِنْ ضِيَاعِ نِهَاوَنْدَ وَهَمَذَانَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَ الْمُعْتَصِمِ عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ رُسْتَاقًا وَكُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةِ قَرْيَةٍ بِالتَّقْرِيبِ ، هَذَا مَا قَالَهُ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ وَأَمَّا بِنَاءُ مَدِينَةِ جَيَّ فَقِيلَ بَنَاهَا الْإِسْكَنْدَرُ الرُّومِيُّ عَلَى يَدَيْ جَيَّ بْنِ زَارْدَهَ الْأَصْبَهَانِيِّ فَسُمِّيَتِ الْمَدِينَةُ بِهِ ، وَعَرْضُ أَسَاسِ سُورِهَا سِتُّونَ لَبِنَةً وَأَلْزَقَ بِأَسَاسِهِ الفرهيز بالشيفتق ، وَقِيلَ إِنَّ الْمَدِينَةَ كَانَتْ مَبْنِيَّةً قَبْلَ أَيَّامِ مَمْلَكَةِ جم فَخَرَّبَهَا فراسياب فِيمَا خَرَّبَ مِنْ سَائِرِ الْمُدُنِ بِإِيرَانَ شَهْرَ ، وَأَعَادَ أَسَاسَهَا خماني جَهْرَازَادَ بِنْتُ بَهْمَنَ بْنِ إِسْفَنْدِيارَ الْمَلِكَةُ قَبْلَ مَجِيءِ الْإِسْكَنْدَرِ ، فَمَاتَتْ خماني مِنْ بِنَاءِ السُّورِ عَلَى النِّصْفِ ، وَوَرَدَ الْإِسْكَنْدَرُ فَتَرَكَهَا عَلَى حَالِهَا ، فَبَقِيَتْ عَلَى حَالَتِهَا إِلَى أَيَّامِ فَيْرُوزَ بْنِ يَزْدَجِرْدَ فَتَقَدَّمَ إِلَى آذَرْسَابُورَ بْنِ آذَرِمَانَانَ مِنْ قَرْيَةِ هَرَاسْنَانَ مِنْ رُسْتَاقِ مابرين بِإِتْمَامِ بِنَاءِ سُوَرِ مَدِينَةِ جَيَّ وَذَلِكَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِمِائَةٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً ، فَأَتَمَّ بِنَاءَهَا آذَرْ سَابُورَ ، وَرَكَّبَ فِيهِ الشُّرُفَ ، وَهَيَّأَ مَوَاقِفَ الْمُقَاتِلَةِ عَلَى أَعْلَاهُ ، وَعَلَّقَ أَرْبَعَةَ أَبْوَابٍ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ مِنَ السُّورِ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ، فِي كُلِّ يَوْمٍ بَابًا ، عَلَّقَ الْبَابَ الَّذِي وَجْهُهُ إِلَى مَيْدَانِ السُّوقِ فِي رُوزَ خُورَ فَسَمَّاهُ بَابَ خُورَ ، وَتَفْسِيرُ خُورُ الشَّمْسُ ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ مَاهْ بِرَّ فِي رُوزَ مَاهَ وَمَاهُ عِنْدَهُمُ الْقَمَرُ ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى بَابَ إِسْفِيسَ ، ثُمَّ عَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الثَّالِثَ وَسَمَّاهُ تَبْرِيزَ ، وَمَعْنَاهُ بَابُ عُطَارِدَ ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابِ تِيَرَه ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الرَّابِعَ وَسَمَّاهُ كُوشَ بَرَّ وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابَ الْيَهُودِيَّةِ وَمِنَ الْهَنْدَسَةِ فِي تَعْلِيقِ هَذِهِ الْأَبْوَابِ أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا حَلَّتْ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ الْجَدْيِ تَطْلُعُ فِي بَابِ خُورَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ الْيَهُودِيَّةِ وَإِذَا حَلَّتِ الشَّمْسُ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ السَّرَطَانِ طَلَعَتْ فِي بَابِ إِسْفِيسَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ تِيرَهَ وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنَ الزُّبَيْرِيَّةِ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ ، فَقَلَعَ بَابَ خُورَ وَفَتَحَ بَابًا آخَرَ مِنْ سُورِهَا ، وَسَمَّى الْبَابَ الْجَدِيدَ ، وَرَدَّ مَكَانَهُ بَاب خَشَيبًا عَلَى مِصْرَاعٍ وَاحِدٍ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى بَعْضِ أَبْوَابِهَا مَكْتُوبًا يَقُولُ : أَشْتَاذْوِيَهْ الْمُوَكَّلُ بِالْقَيَّاسِينَ وَالْبَنَّائِينَ : إِنَّهُ ارْتُفِعَ فِي ثَمَنِ أُدْمِ الْعُمْلَةِ لِسُوَرِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ سِتُّمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ : أَنَّ الْمُوَكَّلَ رُفِعَتْ عَلَيْهِ رَفِيعَةٌ ، فَحُوسِبَ فَحَصَلَ عَلَيْهِ خَمْسُونَ أَلْفَ دِينَارٍ فَصُرِفَتْ إِلَى نَفَقَةِ الْفَرْهِيزَ الْمُلْزَقِ بِأَسَاسِ السُّوَرِ وَلَمْ تَكُنِ الْمَدِينَةُ مَسْكُونَةً ، إِنَّمَا كَانَتْ حِصْنًا لِأَهْلِ قُرَى رُسْتَاقِ جَيِّ وَكَانُوا يَسْكُنُونَ مَدِينَةَ قه إِلَى أَنْ جَاءَ الْإِسْلَامُ ، فَخَرَّبَتِ الْعَرَبُ مَدِينَةَ قه ، فَتَحَوَّلَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِهَا إِلَى مَدِينَةِ جَيَّ ، فَهُمْ أَوَّلُ قَوْمٍ سَكَنُوهَا وَأَوَّلُ دَارٍ بُنِيَتْ بِمَدِينَةِ جَيَّ دَارُ الْمِطْيَارُ بِأَمْرِ كِسْرَى أَبَرْوَيِزَ لَمَّا فَتَحَ لَهُ الْمِطْيَارُ مَدِينَةَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ ثُمَّ بَنِي فِيهَا سَائِرَ الدُّورِ لَمَّا انْتَقَلُوا إِلَيْهَا مِنْ مَدِينَةِ قه وَمِسَاحَةُ مَدِينَةِ جَيَّ اسْتِدَارَةُ سُورِهَا أَلْفُ قَصَبَةٍ فَمِسَاحَةُ الْمَدِينَةِ أَلْفَا جَرِيبٍ سَوَاءً ، وَذَلِكَ أَنَّ قُطْرَهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ قَصَبَةٍ فَإِذَا ضُرِبَ نِصْفُ قُطْرِهَا فِي نِصْفِ إِدَارَتِهَا كَانَ ثَمَانِينَ أَلْفَ قَصَبَةٍ وَذَلِكَ أَلْفَا جَرِيبٍ فِي سُورِهَا مِنَ الْقُصُورِ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةُ قُصُورٍ وَهِيَ بُرُوجٌ مُعْوَجَّةٌ وَاسِعَةٌ ثَابِتَةٌ مِنَ اسْتِدَارَةِ السُّوَرِ ، فَمِنْ بَابِ خُورٍ إِلَى بَابِ الْيَهُودِيَّةِ الصُّغْرَى أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ تِيرَهَ أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ إِسْفِيسَ أَلْفٌ وَثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابُ خُورٍ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، فَدَوَرَانُ مَدِينَةِ جَيَّ سَبْعَةُ آلَافٍ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ ، وَبِذِرَاعِ الْيَدِ عَشَرَةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةٍ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا ، وَطُولُهَا أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَعَرْضُهَا أَلْفٌ وَسَبْعُمِائَةٍ وَاثْنَانِ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا وَهَذِهِ الْمِسَاحَةُ عَلَى مَا ذُكِرَ تَوَلَّاهَا مُحَمَّدُ بْنُ لُرَّةَ الْحَاسِبُ وَأَمَّا تَمْصِيرُ الْبَلَدِ الْمُسَمَّى بِالْيَهُودِيَّةِ فَمَصَّرَهَا أَيُّوبُ بْنُ زِيَادٍ فِيِ خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ فِي سَنَةِ نَيِّفٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَوَرَدَ عَامِلًا عَلَى الْخَرَاجِ مَعَ خَالِ الْمَهْدِيِّ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْحِمْيَرِيِّ ، وَكَانَ عَلَى الْحَرْبِ ثُمَّ صُرِفَ سَعِيدٌ وَجُمِعَ لِأَيُّوبَ الْحَرْبُ وَالْخَرَاجُ فَنَزَلَ بِقَرْيَةِ خشينانَ وَبَنَى قَصْرًا عَلَى شَاطِئِ نَهْرِ فُرْسَانَ ، ثُمَّ بَنَى بِحِذَائِهِ مَسْجِدًا ذَا مَقْصُورَةٍ هِيَ بَاقِيَةٌ إِلَى الْيَوْمِ ، وَوَضَعَ فِيهِ الْمِنْبَرَ ، وَخَطَّ سُوقًا لِلْبَاعَةِ ، وَالتُّجَّارِ ، وَالْعَمَلَةِ ، ذَاتِ صُفُوفٍ فِي طَرَفِ الْيَهُودِيَّةِ ، فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُعْرَفُ بِصَفِّ التَّبَّانِينَ ، وَاتَّصَلَتْ فِي أَيَّامِ وِلَايَتِهِ بِدُورِ الْيَهُودِيَّةِ دُورُ قَرْيَةِ خشينانَ وَخِطَّةُ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ بَابِ مَسْجِدِ خشينانَ طُولًا إِلَى بَابِ بَاغَ عِيسَى بْنِ أَيُّوبَ ، وَعَرْضًا مِنْ جَانِبِ مَحِلَّةِ كَوْرَاءَ إِلَى مِلَنْجَةَ وَكَانَتِ الْيَهُودِيَّةُ تُسَمَّى فِي أَيَّامِ مَمْلَكَةِ الْفُرْسِ كُو جُهُودْانَ يَعْنِي سِكَّةَ الْيَهُودِ ، وَهِيَ مِنْ صَحْرَاءِ قَرْيَةِ يُوَانَ ، فَأَحَدُ حُدُودِهَا يَنْتَهِي إِلَى قَرْيَةِ يُوَانَ وَالثَّانِي إِلَى قَرْيَةِ خرجان وَسُنْبُلَانِ ، وَالثَّالِثُ إِلَى قَرْيَتَيْ كماءان وَأشكهان ، وَالرَّابِعُ إِلَى قَرْيَتَيْ جرواءان وَخشينان ، وَرُقْعَتُهَا سَبْعُمِائَةِ جُرَيْبٍ ، وَسَكَنَتْهَا الْيَهُودُ مُقْبِلِينَ عَلَى صِنَاعَاتِهِمُ الْقَذِرَةِ كَالْحِجَامَةِ ، وَالدِّبَاغَةِ ، وَالْقِصَارَةِ ، وَالْقِصَابَةِ ، إِلَى أَنْ سَخِطَ الْمَهْدِيُّ عَلَى أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ فَحُمِلَ إِلَى الْحَضْرَةِ وَحُبِسَ ، فَاجْتَمَعَ عَرَبُ قَرْيَةِ طِهْرَانَ وَهُمُ التَّيْمُ عَلَى بِنَاءِ مَسْجِدٍ جَامِعٍ وَاسِعٍ يَنْقُلُونَ إِلَيْهِ مِنْبَرَ مَسْجِدِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ ، وَكَانَ مَوْضِعُ صَدْرِ الْجَامِعِ الْمُسَقَّفِ إِلَى وَرَاءِ السِّقَايَةِ طرارا لِصَخْرِ بْنِ سِنَانٍ وَأَرْضِ مُرِيكَةَ لِزِيَارَةٍ بِطِهْرَانَ فَوَهَبَهُ لِلْجَامِعِ فَنُقِلَ الْمِنْبَرُ إِلَيْهِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ فِي إِمَارَةِ هَانِئِ بْنِ أَبِي هَانِئٍ بَعْدَ تَمْصِيرِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ لِلْيَهُودِيَّةِ بِخَمْسِ سِنِينَ وَقِيلَ إِنَّ أَوَّلَ مَسْجِدٍ بُنِيَ بِالْيَهُودِيَّةِ مَسْجِدٌ بِمَحَلَّةِ بَاذَانِهِ يُنْسَبُ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ ثُمَامَةَ وَكَانَ أَمِيرَ أَصْبَهَانَ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَسْجِدَ خشينان أَوَّلُ مَسْجِدٍ كَبِيرٍ بُنِيَ بِأَصْبَهَانَ بَنَاهُ أَبُو خُنَاسٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي خِلَافَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَاتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ بَعْدَ بِنَاءِ جَامِعِهَا بِصَحْرَاءَ خَمْسَ عَشْرَةَ قَرْيَةً انْضَافَتْ رُقْعَتُهَا إِلَى الْيَهُودِيَّةِ ، وَهِيَ باطرقان ، وَفرسان ، وَيوان ، وَخرجان ، وَفُلْفُلَانِ ، وَسُنْبُلَانِ ، وَفراءان ، وَكماءان ، وَجوزدان ، وَلِنْبَانَ ، وَأشكهان ، وَجرواءان ، وَخشينان وَبروسكان وَفابجان ، فَلَمَّا اتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ اجْتَمَعَ النَّاسُ لِتَوْسِيعِ الْمَسْجِدِ وَزَادُوا فِيهِ وَأَضَافَ إِلَيْهِ الْخَصِيبُ بْنُ سَلْمٍ الْأَرَضِينَ الْمُسَمَّاةَ بخصيباباذ ثُمَّ أُعِيدَ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي خِلَافَةِ الْمُعْتَصِمِ وَإِمَارَةِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الْخُزَاعِيِّ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ ثُمَّ زَادَ فِيهِ أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ الزِّيَادَةَ الَّتِي تُسَمَّى رستماباذ وَكَانَتْ خَانَاتٌ وَمُسْتَرَاحَاتٌ فَكَنَسَهَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ وَأَضَافَهَا إِلَى الْجَامِعِ فِي خِلَافَةِ الْمُقْتَدِرِ وَإِمَارَةِ أَحْمَدَ بْنِ مَسْرُورٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْأُولَى فِي جَامِعَهَا وَإِضَافَةِ الْبِقَاعِ وَالدُّورِ إِلَيْهَا فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ فَكَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَفْصٍ الذَّكْوَانِيِّ فِيهِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِجَمِيعِ نَفَقَاتِهِ ، فَيُكَلِّمُ فِيهِ الرَّجُلَ بَعْدَ الرَّجُلِ ، حَتَّى رُبَّمَا يَجْتَمِعُ لَهُ الْجُمَلُ الْكَثِيرَةُ ، ثُمَّ لَا يَسْتَحْقِرُ مَعَ هَذَا خَاتَمًا ، أَوْ قِيمَتَهُ ، أَوْ كُبَّةُ غَزْلٍ ، أَوْ قِيمَتُهَا ، فَيَصْرِفُ مَا يَجْتَمِعُ فِي بِنَائِهَا ، وَشِرَى دُورٍ وَبِقَاعٍ لَهُ وَأَمَّا نَفَقَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ
    حديث رقم: 12452 في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء حلية الأولياء وطبقات الأصفياء أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ
    حديث رقم: 17 في أخبار أصبهان لأبي نعيم الأصبهاني مُقَدِّمَة ذِكْرُ بَدْءِ أَصْبَهَانَ ، وَعَدَدِ مُدُنِهَا ، وَرَسَاتِيقِهَا وَأَمَّا أَصْبَهَانُ فَإِنَّ رُقْعَتَهَا وُضِعَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا ، وَحُدُودُهَا كَانَتْ مَا بَيْنَ أَطْرَافِ هَمَذَانَ وَمَاهْ وَنِهَاوَنْدَ إِلَى أَطْرَافِ كَرْمَانَ ، وَمَا بَيْنَ أَطْرَافِ الرَّيِّ وَقُومِسَ إِلَى أَطْرَافِ فَارِسَ وَخُوزِسْتَانَ ، وَكَانَتْ مَوْضُوعَةً عَلَى أَسَاتِينَ ثَلَاثَةٍ ، وَعَلَى ثَلَاثِينَ رُسْتَاقًا وَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ طَسُّوجًا ، وَخَمْسَةِ آلَافِ قَرْيَةٍ ، وَسَبْعِ مَدَائِنَ ، ذَكَرَ ذَلِكَ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ مَشْرُوحًا بِأَسَامِيهَا وَحُدُودِهَا فَأَمَّا أَسَامِي مُدُنِهَا : فَمَدِينَةُ كَهْثَةَ ، وَمَدِينَةُ جَارَّ ، وَمَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ ِقه ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ دررام ، وَمَدِينَةُ سارويه ، فَخَرِبَتْ مِنْ هَذِهِ الْمُدُنِ السَّبْعِ أَرْبَعٌ ، وَبَقِيَتْ إِلَى الْإِسْلَامِ ثَلَاثُ مَدَائِنَ : مَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ قِه ، هَذِهِ الْمُدُنُ حَصَلَتْ عَلَى كُورَتَيْنِ وَسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا وَثَلَاثَةِ آلَافٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ قَرْيَةً إِلَى أَنْ وَرَدَهَا الْعَرَبُ ، فَخَرَّبُوا مِنَ المدنِ الثَّلَاثِ مَدِينَتَيْنِ : مَدِينَةَ قه مِنْ رُسْتَاقِ جه ، وَمَدِينَةِ سارويه مِنْ رُسْتَاقِ قَاسَانَ ثُمَّ إِنَّ الرَّشِيدَ كَوَّرَ كُورَةَ قُمِّ مِنْ أَصْبَهَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ ، مَعَ مَا أَضَافَ إِلَيْهِ مِنْ رَسَاتِيقَ أُخَرَ مِنْ هَمَذَانَ وَنَهَاوَنْدَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا إِلَى أَنْ شَرَعَ الْمُعْتَصِمُ فِي بِنَاءِ كُورَةِ الْكَرْجِ فَكَوَّرَ الْكَرْجَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ مِنْ أَصْبَهَانَ وَعَلَى ضِيَاعٍ أُخَرَ مِنْ ضِيَاعِ نِهَاوَنْدَ وَهَمَذَانَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَ الْمُعْتَصِمِ عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ رُسْتَاقًا وَكُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةِ قَرْيَةٍ بِالتَّقْرِيبِ ، هَذَا مَا قَالَهُ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ وَأَمَّا بِنَاءُ مَدِينَةِ جَيَّ فَقِيلَ بَنَاهَا الْإِسْكَنْدَرُ الرُّومِيُّ عَلَى يَدَيْ جَيَّ بْنِ زَارْدَهَ الْأَصْبَهَانِيِّ فَسُمِّيَتِ الْمَدِينَةُ بِهِ ، وَعَرْضُ أَسَاسِ سُورِهَا سِتُّونَ لَبِنَةً وَأَلْزَقَ بِأَسَاسِهِ الفرهيز بالشيفتق ، وَقِيلَ إِنَّ الْمَدِينَةَ كَانَتْ مَبْنِيَّةً قَبْلَ أَيَّامِ مَمْلَكَةِ جم فَخَرَّبَهَا فراسياب فِيمَا خَرَّبَ مِنْ سَائِرِ الْمُدُنِ بِإِيرَانَ شَهْرَ ، وَأَعَادَ أَسَاسَهَا خماني جَهْرَازَادَ بِنْتُ بَهْمَنَ بْنِ إِسْفَنْدِيارَ الْمَلِكَةُ قَبْلَ مَجِيءِ الْإِسْكَنْدَرِ ، فَمَاتَتْ خماني مِنْ بِنَاءِ السُّورِ عَلَى النِّصْفِ ، وَوَرَدَ الْإِسْكَنْدَرُ فَتَرَكَهَا عَلَى حَالِهَا ، فَبَقِيَتْ عَلَى حَالَتِهَا إِلَى أَيَّامِ فَيْرُوزَ بْنِ يَزْدَجِرْدَ فَتَقَدَّمَ إِلَى آذَرْسَابُورَ بْنِ آذَرِمَانَانَ مِنْ قَرْيَةِ هَرَاسْنَانَ مِنْ رُسْتَاقِ مابرين بِإِتْمَامِ بِنَاءِ سُوَرِ مَدِينَةِ جَيَّ وَذَلِكَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِمِائَةٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً ، فَأَتَمَّ بِنَاءَهَا آذَرْ سَابُورَ ، وَرَكَّبَ فِيهِ الشُّرُفَ ، وَهَيَّأَ مَوَاقِفَ الْمُقَاتِلَةِ عَلَى أَعْلَاهُ ، وَعَلَّقَ أَرْبَعَةَ أَبْوَابٍ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ مِنَ السُّورِ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ، فِي كُلِّ يَوْمٍ بَابًا ، عَلَّقَ الْبَابَ الَّذِي وَجْهُهُ إِلَى مَيْدَانِ السُّوقِ فِي رُوزَ خُورَ فَسَمَّاهُ بَابَ خُورَ ، وَتَفْسِيرُ خُورُ الشَّمْسُ ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ مَاهْ بِرَّ فِي رُوزَ مَاهَ وَمَاهُ عِنْدَهُمُ الْقَمَرُ ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى بَابَ إِسْفِيسَ ، ثُمَّ عَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الثَّالِثَ وَسَمَّاهُ تَبْرِيزَ ، وَمَعْنَاهُ بَابُ عُطَارِدَ ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابِ تِيَرَه ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الرَّابِعَ وَسَمَّاهُ كُوشَ بَرَّ وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابَ الْيَهُودِيَّةِ وَمِنَ الْهَنْدَسَةِ فِي تَعْلِيقِ هَذِهِ الْأَبْوَابِ أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا حَلَّتْ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ الْجَدْيِ تَطْلُعُ فِي بَابِ خُورَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ الْيَهُودِيَّةِ وَإِذَا حَلَّتِ الشَّمْسُ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ السَّرَطَانِ طَلَعَتْ فِي بَابِ إِسْفِيسَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ تِيرَهَ وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنَ الزُّبَيْرِيَّةِ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ ، فَقَلَعَ بَابَ خُورَ وَفَتَحَ بَابًا آخَرَ مِنْ سُورِهَا ، وَسَمَّى الْبَابَ الْجَدِيدَ ، وَرَدَّ مَكَانَهُ بَاب خَشَيبًا عَلَى مِصْرَاعٍ وَاحِدٍ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى بَعْضِ أَبْوَابِهَا مَكْتُوبًا يَقُولُ : أَشْتَاذْوِيَهْ الْمُوَكَّلُ بِالْقَيَّاسِينَ وَالْبَنَّائِينَ : إِنَّهُ ارْتُفِعَ فِي ثَمَنِ أُدْمِ الْعُمْلَةِ لِسُوَرِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ سِتُّمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ : أَنَّ الْمُوَكَّلَ رُفِعَتْ عَلَيْهِ رَفِيعَةٌ ، فَحُوسِبَ فَحَصَلَ عَلَيْهِ خَمْسُونَ أَلْفَ دِينَارٍ فَصُرِفَتْ إِلَى نَفَقَةِ الْفَرْهِيزَ الْمُلْزَقِ بِأَسَاسِ السُّوَرِ وَلَمْ تَكُنِ الْمَدِينَةُ مَسْكُونَةً ، إِنَّمَا كَانَتْ حِصْنًا لِأَهْلِ قُرَى رُسْتَاقِ جَيِّ وَكَانُوا يَسْكُنُونَ مَدِينَةَ قه إِلَى أَنْ جَاءَ الْإِسْلَامُ ، فَخَرَّبَتِ الْعَرَبُ مَدِينَةَ قه ، فَتَحَوَّلَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِهَا إِلَى مَدِينَةِ جَيَّ ، فَهُمْ أَوَّلُ قَوْمٍ سَكَنُوهَا وَأَوَّلُ دَارٍ بُنِيَتْ بِمَدِينَةِ جَيَّ دَارُ الْمِطْيَارُ بِأَمْرِ كِسْرَى أَبَرْوَيِزَ لَمَّا فَتَحَ لَهُ الْمِطْيَارُ مَدِينَةَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ ثُمَّ بَنِي فِيهَا سَائِرَ الدُّورِ لَمَّا انْتَقَلُوا إِلَيْهَا مِنْ مَدِينَةِ قه وَمِسَاحَةُ مَدِينَةِ جَيَّ اسْتِدَارَةُ سُورِهَا أَلْفُ قَصَبَةٍ فَمِسَاحَةُ الْمَدِينَةِ أَلْفَا جَرِيبٍ سَوَاءً ، وَذَلِكَ أَنَّ قُطْرَهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ قَصَبَةٍ فَإِذَا ضُرِبَ نِصْفُ قُطْرِهَا فِي نِصْفِ إِدَارَتِهَا كَانَ ثَمَانِينَ أَلْفَ قَصَبَةٍ وَذَلِكَ أَلْفَا جَرِيبٍ فِي سُورِهَا مِنَ الْقُصُورِ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةُ قُصُورٍ وَهِيَ بُرُوجٌ مُعْوَجَّةٌ وَاسِعَةٌ ثَابِتَةٌ مِنَ اسْتِدَارَةِ السُّوَرِ ، فَمِنْ بَابِ خُورٍ إِلَى بَابِ الْيَهُودِيَّةِ الصُّغْرَى أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ تِيرَهَ أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ إِسْفِيسَ أَلْفٌ وَثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابُ خُورٍ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، فَدَوَرَانُ مَدِينَةِ جَيَّ سَبْعَةُ آلَافٍ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ ، وَبِذِرَاعِ الْيَدِ عَشَرَةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةٍ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا ، وَطُولُهَا أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَعَرْضُهَا أَلْفٌ وَسَبْعُمِائَةٍ وَاثْنَانِ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا وَهَذِهِ الْمِسَاحَةُ عَلَى مَا ذُكِرَ تَوَلَّاهَا مُحَمَّدُ بْنُ لُرَّةَ الْحَاسِبُ وَأَمَّا تَمْصِيرُ الْبَلَدِ الْمُسَمَّى بِالْيَهُودِيَّةِ فَمَصَّرَهَا أَيُّوبُ بْنُ زِيَادٍ فِيِ خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ فِي سَنَةِ نَيِّفٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَوَرَدَ عَامِلًا عَلَى الْخَرَاجِ مَعَ خَالِ الْمَهْدِيِّ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْحِمْيَرِيِّ ، وَكَانَ عَلَى الْحَرْبِ ثُمَّ صُرِفَ سَعِيدٌ وَجُمِعَ لِأَيُّوبَ الْحَرْبُ وَالْخَرَاجُ فَنَزَلَ بِقَرْيَةِ خشينانَ وَبَنَى قَصْرًا عَلَى شَاطِئِ نَهْرِ فُرْسَانَ ، ثُمَّ بَنَى بِحِذَائِهِ مَسْجِدًا ذَا مَقْصُورَةٍ هِيَ بَاقِيَةٌ إِلَى الْيَوْمِ ، وَوَضَعَ فِيهِ الْمِنْبَرَ ، وَخَطَّ سُوقًا لِلْبَاعَةِ ، وَالتُّجَّارِ ، وَالْعَمَلَةِ ، ذَاتِ صُفُوفٍ فِي طَرَفِ الْيَهُودِيَّةِ ، فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُعْرَفُ بِصَفِّ التَّبَّانِينَ ، وَاتَّصَلَتْ فِي أَيَّامِ وِلَايَتِهِ بِدُورِ الْيَهُودِيَّةِ دُورُ قَرْيَةِ خشينانَ وَخِطَّةُ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ بَابِ مَسْجِدِ خشينانَ طُولًا إِلَى بَابِ بَاغَ عِيسَى بْنِ أَيُّوبَ ، وَعَرْضًا مِنْ جَانِبِ مَحِلَّةِ كَوْرَاءَ إِلَى مِلَنْجَةَ وَكَانَتِ الْيَهُودِيَّةُ تُسَمَّى فِي أَيَّامِ مَمْلَكَةِ الْفُرْسِ كُو جُهُودْانَ يَعْنِي سِكَّةَ الْيَهُودِ ، وَهِيَ مِنْ صَحْرَاءِ قَرْيَةِ يُوَانَ ، فَأَحَدُ حُدُودِهَا يَنْتَهِي إِلَى قَرْيَةِ يُوَانَ وَالثَّانِي إِلَى قَرْيَةِ خرجان وَسُنْبُلَانِ ، وَالثَّالِثُ إِلَى قَرْيَتَيْ كماءان وَأشكهان ، وَالرَّابِعُ إِلَى قَرْيَتَيْ جرواءان وَخشينان ، وَرُقْعَتُهَا سَبْعُمِائَةِ جُرَيْبٍ ، وَسَكَنَتْهَا الْيَهُودُ مُقْبِلِينَ عَلَى صِنَاعَاتِهِمُ الْقَذِرَةِ كَالْحِجَامَةِ ، وَالدِّبَاغَةِ ، وَالْقِصَارَةِ ، وَالْقِصَابَةِ ، إِلَى أَنْ سَخِطَ الْمَهْدِيُّ عَلَى أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ فَحُمِلَ إِلَى الْحَضْرَةِ وَحُبِسَ ، فَاجْتَمَعَ عَرَبُ قَرْيَةِ طِهْرَانَ وَهُمُ التَّيْمُ عَلَى بِنَاءِ مَسْجِدٍ جَامِعٍ وَاسِعٍ يَنْقُلُونَ إِلَيْهِ مِنْبَرَ مَسْجِدِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ ، وَكَانَ مَوْضِعُ صَدْرِ الْجَامِعِ الْمُسَقَّفِ إِلَى وَرَاءِ السِّقَايَةِ طرارا لِصَخْرِ بْنِ سِنَانٍ وَأَرْضِ مُرِيكَةَ لِزِيَارَةٍ بِطِهْرَانَ فَوَهَبَهُ لِلْجَامِعِ فَنُقِلَ الْمِنْبَرُ إِلَيْهِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ فِي إِمَارَةِ هَانِئِ بْنِ أَبِي هَانِئٍ بَعْدَ تَمْصِيرِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ لِلْيَهُودِيَّةِ بِخَمْسِ سِنِينَ وَقِيلَ إِنَّ أَوَّلَ مَسْجِدٍ بُنِيَ بِالْيَهُودِيَّةِ مَسْجِدٌ بِمَحَلَّةِ بَاذَانِهِ يُنْسَبُ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ ثُمَامَةَ وَكَانَ أَمِيرَ أَصْبَهَانَ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَسْجِدَ خشينان أَوَّلُ مَسْجِدٍ كَبِيرٍ بُنِيَ بِأَصْبَهَانَ بَنَاهُ أَبُو خُنَاسٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي خِلَافَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَاتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ بَعْدَ بِنَاءِ جَامِعِهَا بِصَحْرَاءَ خَمْسَ عَشْرَةَ قَرْيَةً انْضَافَتْ رُقْعَتُهَا إِلَى الْيَهُودِيَّةِ ، وَهِيَ باطرقان ، وَفرسان ، وَيوان ، وَخرجان ، وَفُلْفُلَانِ ، وَسُنْبُلَانِ ، وَفراءان ، وَكماءان ، وَجوزدان ، وَلِنْبَانَ ، وَأشكهان ، وَجرواءان ، وَخشينان وَبروسكان وَفابجان ، فَلَمَّا اتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ اجْتَمَعَ النَّاسُ لِتَوْسِيعِ الْمَسْجِدِ وَزَادُوا فِيهِ وَأَضَافَ إِلَيْهِ الْخَصِيبُ بْنُ سَلْمٍ الْأَرَضِينَ الْمُسَمَّاةَ بخصيباباذ ثُمَّ أُعِيدَ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي خِلَافَةِ الْمُعْتَصِمِ وَإِمَارَةِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الْخُزَاعِيِّ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ ثُمَّ زَادَ فِيهِ أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ الزِّيَادَةَ الَّتِي تُسَمَّى رستماباذ وَكَانَتْ خَانَاتٌ وَمُسْتَرَاحَاتٌ فَكَنَسَهَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ وَأَضَافَهَا إِلَى الْجَامِعِ فِي خِلَافَةِ الْمُقْتَدِرِ وَإِمَارَةِ أَحْمَدَ بْنِ مَسْرُورٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْأُولَى فِي جَامِعَهَا وَإِضَافَةِ الْبِقَاعِ وَالدُّورِ إِلَيْهَا فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ فَكَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَفْصٍ الذَّكْوَانِيِّ فِيهِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِجَمِيعِ نَفَقَاتِهِ ، فَيُكَلِّمُ فِيهِ الرَّجُلَ بَعْدَ الرَّجُلِ ، حَتَّى رُبَّمَا يَجْتَمِعُ لَهُ الْجُمَلُ الْكَثِيرَةُ ، ثُمَّ لَا يَسْتَحْقِرُ مَعَ هَذَا خَاتَمًا ، أَوْ قِيمَتَهُ ، أَوْ كُبَّةُ غَزْلٍ ، أَوْ قِيمَتُهَا ، فَيَصْرِفُ مَا يَجْتَمِعُ فِي بِنَائِهَا ، وَشِرَى دُورٍ وَبِقَاعٍ لَهُ وَأَمَّا نَفَقَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ
    حديث رقم: 19 في أخبار أصبهان لأبي نعيم الأصبهاني مُقَدِّمَة ذِكْرُ بَدْءِ أَصْبَهَانَ ، وَعَدَدِ مُدُنِهَا ، وَرَسَاتِيقِهَا وَأَمَّا أَصْبَهَانُ فَإِنَّ رُقْعَتَهَا وُضِعَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا ، وَحُدُودُهَا كَانَتْ مَا بَيْنَ أَطْرَافِ هَمَذَانَ وَمَاهْ وَنِهَاوَنْدَ إِلَى أَطْرَافِ كَرْمَانَ ، وَمَا بَيْنَ أَطْرَافِ الرَّيِّ وَقُومِسَ إِلَى أَطْرَافِ فَارِسَ وَخُوزِسْتَانَ ، وَكَانَتْ مَوْضُوعَةً عَلَى أَسَاتِينَ ثَلَاثَةٍ ، وَعَلَى ثَلَاثِينَ رُسْتَاقًا وَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ طَسُّوجًا ، وَخَمْسَةِ آلَافِ قَرْيَةٍ ، وَسَبْعِ مَدَائِنَ ، ذَكَرَ ذَلِكَ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ مَشْرُوحًا بِأَسَامِيهَا وَحُدُودِهَا فَأَمَّا أَسَامِي مُدُنِهَا : فَمَدِينَةُ كَهْثَةَ ، وَمَدِينَةُ جَارَّ ، وَمَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ ِقه ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ دررام ، وَمَدِينَةُ سارويه ، فَخَرِبَتْ مِنْ هَذِهِ الْمُدُنِ السَّبْعِ أَرْبَعٌ ، وَبَقِيَتْ إِلَى الْإِسْلَامِ ثَلَاثُ مَدَائِنَ : مَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ قِه ، هَذِهِ الْمُدُنُ حَصَلَتْ عَلَى كُورَتَيْنِ وَسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا وَثَلَاثَةِ آلَافٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ قَرْيَةً إِلَى أَنْ وَرَدَهَا الْعَرَبُ ، فَخَرَّبُوا مِنَ المدنِ الثَّلَاثِ مَدِينَتَيْنِ : مَدِينَةَ قه مِنْ رُسْتَاقِ جه ، وَمَدِينَةِ سارويه مِنْ رُسْتَاقِ قَاسَانَ ثُمَّ إِنَّ الرَّشِيدَ كَوَّرَ كُورَةَ قُمِّ مِنْ أَصْبَهَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ ، مَعَ مَا أَضَافَ إِلَيْهِ مِنْ رَسَاتِيقَ أُخَرَ مِنْ هَمَذَانَ وَنَهَاوَنْدَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا إِلَى أَنْ شَرَعَ الْمُعْتَصِمُ فِي بِنَاءِ كُورَةِ الْكَرْجِ فَكَوَّرَ الْكَرْجَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ مِنْ أَصْبَهَانَ وَعَلَى ضِيَاعٍ أُخَرَ مِنْ ضِيَاعِ نِهَاوَنْدَ وَهَمَذَانَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَ الْمُعْتَصِمِ عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ رُسْتَاقًا وَكُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةِ قَرْيَةٍ بِالتَّقْرِيبِ ، هَذَا مَا قَالَهُ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ وَأَمَّا بِنَاءُ مَدِينَةِ جَيَّ فَقِيلَ بَنَاهَا الْإِسْكَنْدَرُ الرُّومِيُّ عَلَى يَدَيْ جَيَّ بْنِ زَارْدَهَ الْأَصْبَهَانِيِّ فَسُمِّيَتِ الْمَدِينَةُ بِهِ ، وَعَرْضُ أَسَاسِ سُورِهَا سِتُّونَ لَبِنَةً وَأَلْزَقَ بِأَسَاسِهِ الفرهيز بالشيفتق ، وَقِيلَ إِنَّ الْمَدِينَةَ كَانَتْ مَبْنِيَّةً قَبْلَ أَيَّامِ مَمْلَكَةِ جم فَخَرَّبَهَا فراسياب فِيمَا خَرَّبَ مِنْ سَائِرِ الْمُدُنِ بِإِيرَانَ شَهْرَ ، وَأَعَادَ أَسَاسَهَا خماني جَهْرَازَادَ بِنْتُ بَهْمَنَ بْنِ إِسْفَنْدِيارَ الْمَلِكَةُ قَبْلَ مَجِيءِ الْإِسْكَنْدَرِ ، فَمَاتَتْ خماني مِنْ بِنَاءِ السُّورِ عَلَى النِّصْفِ ، وَوَرَدَ الْإِسْكَنْدَرُ فَتَرَكَهَا عَلَى حَالِهَا ، فَبَقِيَتْ عَلَى حَالَتِهَا إِلَى أَيَّامِ فَيْرُوزَ بْنِ يَزْدَجِرْدَ فَتَقَدَّمَ إِلَى آذَرْسَابُورَ بْنِ آذَرِمَانَانَ مِنْ قَرْيَةِ هَرَاسْنَانَ مِنْ رُسْتَاقِ مابرين بِإِتْمَامِ بِنَاءِ سُوَرِ مَدِينَةِ جَيَّ وَذَلِكَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِمِائَةٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً ، فَأَتَمَّ بِنَاءَهَا آذَرْ سَابُورَ ، وَرَكَّبَ فِيهِ الشُّرُفَ ، وَهَيَّأَ مَوَاقِفَ الْمُقَاتِلَةِ عَلَى أَعْلَاهُ ، وَعَلَّقَ أَرْبَعَةَ أَبْوَابٍ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ مِنَ السُّورِ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ، فِي كُلِّ يَوْمٍ بَابًا ، عَلَّقَ الْبَابَ الَّذِي وَجْهُهُ إِلَى مَيْدَانِ السُّوقِ فِي رُوزَ خُورَ فَسَمَّاهُ بَابَ خُورَ ، وَتَفْسِيرُ خُورُ الشَّمْسُ ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ مَاهْ بِرَّ فِي رُوزَ مَاهَ وَمَاهُ عِنْدَهُمُ الْقَمَرُ ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى بَابَ إِسْفِيسَ ، ثُمَّ عَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الثَّالِثَ وَسَمَّاهُ تَبْرِيزَ ، وَمَعْنَاهُ بَابُ عُطَارِدَ ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابِ تِيَرَه ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الرَّابِعَ وَسَمَّاهُ كُوشَ بَرَّ وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابَ الْيَهُودِيَّةِ وَمِنَ الْهَنْدَسَةِ فِي تَعْلِيقِ هَذِهِ الْأَبْوَابِ أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا حَلَّتْ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ الْجَدْيِ تَطْلُعُ فِي بَابِ خُورَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ الْيَهُودِيَّةِ وَإِذَا حَلَّتِ الشَّمْسُ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ السَّرَطَانِ طَلَعَتْ فِي بَابِ إِسْفِيسَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ تِيرَهَ وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنَ الزُّبَيْرِيَّةِ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ ، فَقَلَعَ بَابَ خُورَ وَفَتَحَ بَابًا آخَرَ مِنْ سُورِهَا ، وَسَمَّى الْبَابَ الْجَدِيدَ ، وَرَدَّ مَكَانَهُ بَاب خَشَيبًا عَلَى مِصْرَاعٍ وَاحِدٍ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى بَعْضِ أَبْوَابِهَا مَكْتُوبًا يَقُولُ : أَشْتَاذْوِيَهْ الْمُوَكَّلُ بِالْقَيَّاسِينَ وَالْبَنَّائِينَ : إِنَّهُ ارْتُفِعَ فِي ثَمَنِ أُدْمِ الْعُمْلَةِ لِسُوَرِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ سِتُّمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ : أَنَّ الْمُوَكَّلَ رُفِعَتْ عَلَيْهِ رَفِيعَةٌ ، فَحُوسِبَ فَحَصَلَ عَلَيْهِ خَمْسُونَ أَلْفَ دِينَارٍ فَصُرِفَتْ إِلَى نَفَقَةِ الْفَرْهِيزَ الْمُلْزَقِ بِأَسَاسِ السُّوَرِ وَلَمْ تَكُنِ الْمَدِينَةُ مَسْكُونَةً ، إِنَّمَا كَانَتْ حِصْنًا لِأَهْلِ قُرَى رُسْتَاقِ جَيِّ وَكَانُوا يَسْكُنُونَ مَدِينَةَ قه إِلَى أَنْ جَاءَ الْإِسْلَامُ ، فَخَرَّبَتِ الْعَرَبُ مَدِينَةَ قه ، فَتَحَوَّلَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِهَا إِلَى مَدِينَةِ جَيَّ ، فَهُمْ أَوَّلُ قَوْمٍ سَكَنُوهَا وَأَوَّلُ دَارٍ بُنِيَتْ بِمَدِينَةِ جَيَّ دَارُ الْمِطْيَارُ بِأَمْرِ كِسْرَى أَبَرْوَيِزَ لَمَّا فَتَحَ لَهُ الْمِطْيَارُ مَدِينَةَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ ثُمَّ بَنِي فِيهَا سَائِرَ الدُّورِ لَمَّا انْتَقَلُوا إِلَيْهَا مِنْ مَدِينَةِ قه وَمِسَاحَةُ مَدِينَةِ جَيَّ اسْتِدَارَةُ سُورِهَا أَلْفُ قَصَبَةٍ فَمِسَاحَةُ الْمَدِينَةِ أَلْفَا جَرِيبٍ سَوَاءً ، وَذَلِكَ أَنَّ قُطْرَهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ قَصَبَةٍ فَإِذَا ضُرِبَ نِصْفُ قُطْرِهَا فِي نِصْفِ إِدَارَتِهَا كَانَ ثَمَانِينَ أَلْفَ قَصَبَةٍ وَذَلِكَ أَلْفَا جَرِيبٍ فِي سُورِهَا مِنَ الْقُصُورِ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةُ قُصُورٍ وَهِيَ بُرُوجٌ مُعْوَجَّةٌ وَاسِعَةٌ ثَابِتَةٌ مِنَ اسْتِدَارَةِ السُّوَرِ ، فَمِنْ بَابِ خُورٍ إِلَى بَابِ الْيَهُودِيَّةِ الصُّغْرَى أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ تِيرَهَ أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ إِسْفِيسَ أَلْفٌ وَثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابُ خُورٍ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، فَدَوَرَانُ مَدِينَةِ جَيَّ سَبْعَةُ آلَافٍ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ ، وَبِذِرَاعِ الْيَدِ عَشَرَةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةٍ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا ، وَطُولُهَا أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَعَرْضُهَا أَلْفٌ وَسَبْعُمِائَةٍ وَاثْنَانِ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا وَهَذِهِ الْمِسَاحَةُ عَلَى مَا ذُكِرَ تَوَلَّاهَا مُحَمَّدُ بْنُ لُرَّةَ الْحَاسِبُ وَأَمَّا تَمْصِيرُ الْبَلَدِ الْمُسَمَّى بِالْيَهُودِيَّةِ فَمَصَّرَهَا أَيُّوبُ بْنُ زِيَادٍ فِيِ خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ فِي سَنَةِ نَيِّفٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَوَرَدَ عَامِلًا عَلَى الْخَرَاجِ مَعَ خَالِ الْمَهْدِيِّ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْحِمْيَرِيِّ ، وَكَانَ عَلَى الْحَرْبِ ثُمَّ صُرِفَ سَعِيدٌ وَجُمِعَ لِأَيُّوبَ الْحَرْبُ وَالْخَرَاجُ فَنَزَلَ بِقَرْيَةِ خشينانَ وَبَنَى قَصْرًا عَلَى شَاطِئِ نَهْرِ فُرْسَانَ ، ثُمَّ بَنَى بِحِذَائِهِ مَسْجِدًا ذَا مَقْصُورَةٍ هِيَ بَاقِيَةٌ إِلَى الْيَوْمِ ، وَوَضَعَ فِيهِ الْمِنْبَرَ ، وَخَطَّ سُوقًا لِلْبَاعَةِ ، وَالتُّجَّارِ ، وَالْعَمَلَةِ ، ذَاتِ صُفُوفٍ فِي طَرَفِ الْيَهُودِيَّةِ ، فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُعْرَفُ بِصَفِّ التَّبَّانِينَ ، وَاتَّصَلَتْ فِي أَيَّامِ وِلَايَتِهِ بِدُورِ الْيَهُودِيَّةِ دُورُ قَرْيَةِ خشينانَ وَخِطَّةُ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ بَابِ مَسْجِدِ خشينانَ طُولًا إِلَى بَابِ بَاغَ عِيسَى بْنِ أَيُّوبَ ، وَعَرْضًا مِنْ جَانِبِ مَحِلَّةِ كَوْرَاءَ إِلَى مِلَنْجَةَ وَكَانَتِ الْيَهُودِيَّةُ تُسَمَّى فِي أَيَّامِ مَمْلَكَةِ الْفُرْسِ كُو جُهُودْانَ يَعْنِي سِكَّةَ الْيَهُودِ ، وَهِيَ مِنْ صَحْرَاءِ قَرْيَةِ يُوَانَ ، فَأَحَدُ حُدُودِهَا يَنْتَهِي إِلَى قَرْيَةِ يُوَانَ وَالثَّانِي إِلَى قَرْيَةِ خرجان وَسُنْبُلَانِ ، وَالثَّالِثُ إِلَى قَرْيَتَيْ كماءان وَأشكهان ، وَالرَّابِعُ إِلَى قَرْيَتَيْ جرواءان وَخشينان ، وَرُقْعَتُهَا سَبْعُمِائَةِ جُرَيْبٍ ، وَسَكَنَتْهَا الْيَهُودُ مُقْبِلِينَ عَلَى صِنَاعَاتِهِمُ الْقَذِرَةِ كَالْحِجَامَةِ ، وَالدِّبَاغَةِ ، وَالْقِصَارَةِ ، وَالْقِصَابَةِ ، إِلَى أَنْ سَخِطَ الْمَهْدِيُّ عَلَى أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ فَحُمِلَ إِلَى الْحَضْرَةِ وَحُبِسَ ، فَاجْتَمَعَ عَرَبُ قَرْيَةِ طِهْرَانَ وَهُمُ التَّيْمُ عَلَى بِنَاءِ مَسْجِدٍ جَامِعٍ وَاسِعٍ يَنْقُلُونَ إِلَيْهِ مِنْبَرَ مَسْجِدِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ ، وَكَانَ مَوْضِعُ صَدْرِ الْجَامِعِ الْمُسَقَّفِ إِلَى وَرَاءِ السِّقَايَةِ طرارا لِصَخْرِ بْنِ سِنَانٍ وَأَرْضِ مُرِيكَةَ لِزِيَارَةٍ بِطِهْرَانَ فَوَهَبَهُ لِلْجَامِعِ فَنُقِلَ الْمِنْبَرُ إِلَيْهِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ فِي إِمَارَةِ هَانِئِ بْنِ أَبِي هَانِئٍ بَعْدَ تَمْصِيرِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ لِلْيَهُودِيَّةِ بِخَمْسِ سِنِينَ وَقِيلَ إِنَّ أَوَّلَ مَسْجِدٍ بُنِيَ بِالْيَهُودِيَّةِ مَسْجِدٌ بِمَحَلَّةِ بَاذَانِهِ يُنْسَبُ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ ثُمَامَةَ وَكَانَ أَمِيرَ أَصْبَهَانَ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَسْجِدَ خشينان أَوَّلُ مَسْجِدٍ كَبِيرٍ بُنِيَ بِأَصْبَهَانَ بَنَاهُ أَبُو خُنَاسٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي خِلَافَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَاتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ بَعْدَ بِنَاءِ جَامِعِهَا بِصَحْرَاءَ خَمْسَ عَشْرَةَ قَرْيَةً انْضَافَتْ رُقْعَتُهَا إِلَى الْيَهُودِيَّةِ ، وَهِيَ باطرقان ، وَفرسان ، وَيوان ، وَخرجان ، وَفُلْفُلَانِ ، وَسُنْبُلَانِ ، وَفراءان ، وَكماءان ، وَجوزدان ، وَلِنْبَانَ ، وَأشكهان ، وَجرواءان ، وَخشينان وَبروسكان وَفابجان ، فَلَمَّا اتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ اجْتَمَعَ النَّاسُ لِتَوْسِيعِ الْمَسْجِدِ وَزَادُوا فِيهِ وَأَضَافَ إِلَيْهِ الْخَصِيبُ بْنُ سَلْمٍ الْأَرَضِينَ الْمُسَمَّاةَ بخصيباباذ ثُمَّ أُعِيدَ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي خِلَافَةِ الْمُعْتَصِمِ وَإِمَارَةِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الْخُزَاعِيِّ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ ثُمَّ زَادَ فِيهِ أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ الزِّيَادَةَ الَّتِي تُسَمَّى رستماباذ وَكَانَتْ خَانَاتٌ وَمُسْتَرَاحَاتٌ فَكَنَسَهَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ وَأَضَافَهَا إِلَى الْجَامِعِ فِي خِلَافَةِ الْمُقْتَدِرِ وَإِمَارَةِ أَحْمَدَ بْنِ مَسْرُورٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْأُولَى فِي جَامِعَهَا وَإِضَافَةِ الْبِقَاعِ وَالدُّورِ إِلَيْهَا فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ فَكَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَفْصٍ الذَّكْوَانِيِّ فِيهِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِجَمِيعِ نَفَقَاتِهِ ، فَيُكَلِّمُ فِيهِ الرَّجُلَ بَعْدَ الرَّجُلِ ، حَتَّى رُبَّمَا يَجْتَمِعُ لَهُ الْجُمَلُ الْكَثِيرَةُ ، ثُمَّ لَا يَسْتَحْقِرُ مَعَ هَذَا خَاتَمًا ، أَوْ قِيمَتَهُ ، أَوْ كُبَّةُ غَزْلٍ ، أَوْ قِيمَتُهَا ، فَيَصْرِفُ مَا يَجْتَمِعُ فِي بِنَائِهَا ، وَشِرَى دُورٍ وَبِقَاعٍ لَهُ وَأَمَّا نَفَقَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ
    حديث رقم: 18 في أخبار أصبهان لأبي نعيم الأصبهاني مُقَدِّمَة ذِكْرُ بَدْءِ أَصْبَهَانَ ، وَعَدَدِ مُدُنِهَا ، وَرَسَاتِيقِهَا وَأَمَّا أَصْبَهَانُ فَإِنَّ رُقْعَتَهَا وُضِعَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا ، وَحُدُودُهَا كَانَتْ مَا بَيْنَ أَطْرَافِ هَمَذَانَ وَمَاهْ وَنِهَاوَنْدَ إِلَى أَطْرَافِ كَرْمَانَ ، وَمَا بَيْنَ أَطْرَافِ الرَّيِّ وَقُومِسَ إِلَى أَطْرَافِ فَارِسَ وَخُوزِسْتَانَ ، وَكَانَتْ مَوْضُوعَةً عَلَى أَسَاتِينَ ثَلَاثَةٍ ، وَعَلَى ثَلَاثِينَ رُسْتَاقًا وَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ طَسُّوجًا ، وَخَمْسَةِ آلَافِ قَرْيَةٍ ، وَسَبْعِ مَدَائِنَ ، ذَكَرَ ذَلِكَ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ مَشْرُوحًا بِأَسَامِيهَا وَحُدُودِهَا فَأَمَّا أَسَامِي مُدُنِهَا : فَمَدِينَةُ كَهْثَةَ ، وَمَدِينَةُ جَارَّ ، وَمَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ ِقه ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ دررام ، وَمَدِينَةُ سارويه ، فَخَرِبَتْ مِنْ هَذِهِ الْمُدُنِ السَّبْعِ أَرْبَعٌ ، وَبَقِيَتْ إِلَى الْإِسْلَامِ ثَلَاثُ مَدَائِنَ : مَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ قِه ، هَذِهِ الْمُدُنُ حَصَلَتْ عَلَى كُورَتَيْنِ وَسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا وَثَلَاثَةِ آلَافٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ قَرْيَةً إِلَى أَنْ وَرَدَهَا الْعَرَبُ ، فَخَرَّبُوا مِنَ المدنِ الثَّلَاثِ مَدِينَتَيْنِ : مَدِينَةَ قه مِنْ رُسْتَاقِ جه ، وَمَدِينَةِ سارويه مِنْ رُسْتَاقِ قَاسَانَ ثُمَّ إِنَّ الرَّشِيدَ كَوَّرَ كُورَةَ قُمِّ مِنْ أَصْبَهَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ ، مَعَ مَا أَضَافَ إِلَيْهِ مِنْ رَسَاتِيقَ أُخَرَ مِنْ هَمَذَانَ وَنَهَاوَنْدَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا إِلَى أَنْ شَرَعَ الْمُعْتَصِمُ فِي بِنَاءِ كُورَةِ الْكَرْجِ فَكَوَّرَ الْكَرْجَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ مِنْ أَصْبَهَانَ وَعَلَى ضِيَاعٍ أُخَرَ مِنْ ضِيَاعِ نِهَاوَنْدَ وَهَمَذَانَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَ الْمُعْتَصِمِ عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ رُسْتَاقًا وَكُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةِ قَرْيَةٍ بِالتَّقْرِيبِ ، هَذَا مَا قَالَهُ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ وَأَمَّا بِنَاءُ مَدِينَةِ جَيَّ فَقِيلَ بَنَاهَا الْإِسْكَنْدَرُ الرُّومِيُّ عَلَى يَدَيْ جَيَّ بْنِ زَارْدَهَ الْأَصْبَهَانِيِّ فَسُمِّيَتِ الْمَدِينَةُ بِهِ ، وَعَرْضُ أَسَاسِ سُورِهَا سِتُّونَ لَبِنَةً وَأَلْزَقَ بِأَسَاسِهِ الفرهيز بالشيفتق ، وَقِيلَ إِنَّ الْمَدِينَةَ كَانَتْ مَبْنِيَّةً قَبْلَ أَيَّامِ مَمْلَكَةِ جم فَخَرَّبَهَا فراسياب فِيمَا خَرَّبَ مِنْ سَائِرِ الْمُدُنِ بِإِيرَانَ شَهْرَ ، وَأَعَادَ أَسَاسَهَا خماني جَهْرَازَادَ بِنْتُ بَهْمَنَ بْنِ إِسْفَنْدِيارَ الْمَلِكَةُ قَبْلَ مَجِيءِ الْإِسْكَنْدَرِ ، فَمَاتَتْ خماني مِنْ بِنَاءِ السُّورِ عَلَى النِّصْفِ ، وَوَرَدَ الْإِسْكَنْدَرُ فَتَرَكَهَا عَلَى حَالِهَا ، فَبَقِيَتْ عَلَى حَالَتِهَا إِلَى أَيَّامِ فَيْرُوزَ بْنِ يَزْدَجِرْدَ فَتَقَدَّمَ إِلَى آذَرْسَابُورَ بْنِ آذَرِمَانَانَ مِنْ قَرْيَةِ هَرَاسْنَانَ مِنْ رُسْتَاقِ مابرين بِإِتْمَامِ بِنَاءِ سُوَرِ مَدِينَةِ جَيَّ وَذَلِكَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِمِائَةٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً ، فَأَتَمَّ بِنَاءَهَا آذَرْ سَابُورَ ، وَرَكَّبَ فِيهِ الشُّرُفَ ، وَهَيَّأَ مَوَاقِفَ الْمُقَاتِلَةِ عَلَى أَعْلَاهُ ، وَعَلَّقَ أَرْبَعَةَ أَبْوَابٍ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ مِنَ السُّورِ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ، فِي كُلِّ يَوْمٍ بَابًا ، عَلَّقَ الْبَابَ الَّذِي وَجْهُهُ إِلَى مَيْدَانِ السُّوقِ فِي رُوزَ خُورَ فَسَمَّاهُ بَابَ خُورَ ، وَتَفْسِيرُ خُورُ الشَّمْسُ ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ مَاهْ بِرَّ فِي رُوزَ مَاهَ وَمَاهُ عِنْدَهُمُ الْقَمَرُ ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى بَابَ إِسْفِيسَ ، ثُمَّ عَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الثَّالِثَ وَسَمَّاهُ تَبْرِيزَ ، وَمَعْنَاهُ بَابُ عُطَارِدَ ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابِ تِيَرَه ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الرَّابِعَ وَسَمَّاهُ كُوشَ بَرَّ وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابَ الْيَهُودِيَّةِ وَمِنَ الْهَنْدَسَةِ فِي تَعْلِيقِ هَذِهِ الْأَبْوَابِ أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا حَلَّتْ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ الْجَدْيِ تَطْلُعُ فِي بَابِ خُورَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ الْيَهُودِيَّةِ وَإِذَا حَلَّتِ الشَّمْسُ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ السَّرَطَانِ طَلَعَتْ فِي بَابِ إِسْفِيسَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ تِيرَهَ وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنَ الزُّبَيْرِيَّةِ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ ، فَقَلَعَ بَابَ خُورَ وَفَتَحَ بَابًا آخَرَ مِنْ سُورِهَا ، وَسَمَّى الْبَابَ الْجَدِيدَ ، وَرَدَّ مَكَانَهُ بَاب خَشَيبًا عَلَى مِصْرَاعٍ وَاحِدٍ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى بَعْضِ أَبْوَابِهَا مَكْتُوبًا يَقُولُ : أَشْتَاذْوِيَهْ الْمُوَكَّلُ بِالْقَيَّاسِينَ وَالْبَنَّائِينَ : إِنَّهُ ارْتُفِعَ فِي ثَمَنِ أُدْمِ الْعُمْلَةِ لِسُوَرِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ سِتُّمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ : أَنَّ الْمُوَكَّلَ رُفِعَتْ عَلَيْهِ رَفِيعَةٌ ، فَحُوسِبَ فَحَصَلَ عَلَيْهِ خَمْسُونَ أَلْفَ دِينَارٍ فَصُرِفَتْ إِلَى نَفَقَةِ الْفَرْهِيزَ الْمُلْزَقِ بِأَسَاسِ السُّوَرِ وَلَمْ تَكُنِ الْمَدِينَةُ مَسْكُونَةً ، إِنَّمَا كَانَتْ حِصْنًا لِأَهْلِ قُرَى رُسْتَاقِ جَيِّ وَكَانُوا يَسْكُنُونَ مَدِينَةَ قه إِلَى أَنْ جَاءَ الْإِسْلَامُ ، فَخَرَّبَتِ الْعَرَبُ مَدِينَةَ قه ، فَتَحَوَّلَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِهَا إِلَى مَدِينَةِ جَيَّ ، فَهُمْ أَوَّلُ قَوْمٍ سَكَنُوهَا وَأَوَّلُ دَارٍ بُنِيَتْ بِمَدِينَةِ جَيَّ دَارُ الْمِطْيَارُ بِأَمْرِ كِسْرَى أَبَرْوَيِزَ لَمَّا فَتَحَ لَهُ الْمِطْيَارُ مَدِينَةَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ ثُمَّ بَنِي فِيهَا سَائِرَ الدُّورِ لَمَّا انْتَقَلُوا إِلَيْهَا مِنْ مَدِينَةِ قه وَمِسَاحَةُ مَدِينَةِ جَيَّ اسْتِدَارَةُ سُورِهَا أَلْفُ قَصَبَةٍ فَمِسَاحَةُ الْمَدِينَةِ أَلْفَا جَرِيبٍ سَوَاءً ، وَذَلِكَ أَنَّ قُطْرَهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ قَصَبَةٍ فَإِذَا ضُرِبَ نِصْفُ قُطْرِهَا فِي نِصْفِ إِدَارَتِهَا كَانَ ثَمَانِينَ أَلْفَ قَصَبَةٍ وَذَلِكَ أَلْفَا جَرِيبٍ فِي سُورِهَا مِنَ الْقُصُورِ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةُ قُصُورٍ وَهِيَ بُرُوجٌ مُعْوَجَّةٌ وَاسِعَةٌ ثَابِتَةٌ مِنَ اسْتِدَارَةِ السُّوَرِ ، فَمِنْ بَابِ خُورٍ إِلَى بَابِ الْيَهُودِيَّةِ الصُّغْرَى أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ تِيرَهَ أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ إِسْفِيسَ أَلْفٌ وَثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابُ خُورٍ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، فَدَوَرَانُ مَدِينَةِ جَيَّ سَبْعَةُ آلَافٍ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ ، وَبِذِرَاعِ الْيَدِ عَشَرَةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةٍ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا ، وَطُولُهَا أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَعَرْضُهَا أَلْفٌ وَسَبْعُمِائَةٍ وَاثْنَانِ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا وَهَذِهِ الْمِسَاحَةُ عَلَى مَا ذُكِرَ تَوَلَّاهَا مُحَمَّدُ بْنُ لُرَّةَ الْحَاسِبُ وَأَمَّا تَمْصِيرُ الْبَلَدِ الْمُسَمَّى بِالْيَهُودِيَّةِ فَمَصَّرَهَا أَيُّوبُ بْنُ زِيَادٍ فِيِ خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ فِي سَنَةِ نَيِّفٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَوَرَدَ عَامِلًا عَلَى الْخَرَاجِ مَعَ خَالِ الْمَهْدِيِّ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْحِمْيَرِيِّ ، وَكَانَ عَلَى الْحَرْبِ ثُمَّ صُرِفَ سَعِيدٌ وَجُمِعَ لِأَيُّوبَ الْحَرْبُ وَالْخَرَاجُ فَنَزَلَ بِقَرْيَةِ خشينانَ وَبَنَى قَصْرًا عَلَى شَاطِئِ نَهْرِ فُرْسَانَ ، ثُمَّ بَنَى بِحِذَائِهِ مَسْجِدًا ذَا مَقْصُورَةٍ هِيَ بَاقِيَةٌ إِلَى الْيَوْمِ ، وَوَضَعَ فِيهِ الْمِنْبَرَ ، وَخَطَّ سُوقًا لِلْبَاعَةِ ، وَالتُّجَّارِ ، وَالْعَمَلَةِ ، ذَاتِ صُفُوفٍ فِي طَرَفِ الْيَهُودِيَّةِ ، فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُعْرَفُ بِصَفِّ التَّبَّانِينَ ، وَاتَّصَلَتْ فِي أَيَّامِ وِلَايَتِهِ بِدُورِ الْيَهُودِيَّةِ دُورُ قَرْيَةِ خشينانَ وَخِطَّةُ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ بَابِ مَسْجِدِ خشينانَ طُولًا إِلَى بَابِ بَاغَ عِيسَى بْنِ أَيُّوبَ ، وَعَرْضًا مِنْ جَانِبِ مَحِلَّةِ كَوْرَاءَ إِلَى مِلَنْجَةَ وَكَانَتِ الْيَهُودِيَّةُ تُسَمَّى فِي أَيَّامِ مَمْلَكَةِ الْفُرْسِ كُو جُهُودْانَ يَعْنِي سِكَّةَ الْيَهُودِ ، وَهِيَ مِنْ صَحْرَاءِ قَرْيَةِ يُوَانَ ، فَأَحَدُ حُدُودِهَا يَنْتَهِي إِلَى قَرْيَةِ يُوَانَ وَالثَّانِي إِلَى قَرْيَةِ خرجان وَسُنْبُلَانِ ، وَالثَّالِثُ إِلَى قَرْيَتَيْ كماءان وَأشكهان ، وَالرَّابِعُ إِلَى قَرْيَتَيْ جرواءان وَخشينان ، وَرُقْعَتُهَا سَبْعُمِائَةِ جُرَيْبٍ ، وَسَكَنَتْهَا الْيَهُودُ مُقْبِلِينَ عَلَى صِنَاعَاتِهِمُ الْقَذِرَةِ كَالْحِجَامَةِ ، وَالدِّبَاغَةِ ، وَالْقِصَارَةِ ، وَالْقِصَابَةِ ، إِلَى أَنْ سَخِطَ الْمَهْدِيُّ عَلَى أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ فَحُمِلَ إِلَى الْحَضْرَةِ وَحُبِسَ ، فَاجْتَمَعَ عَرَبُ قَرْيَةِ طِهْرَانَ وَهُمُ التَّيْمُ عَلَى بِنَاءِ مَسْجِدٍ جَامِعٍ وَاسِعٍ يَنْقُلُونَ إِلَيْهِ مِنْبَرَ مَسْجِدِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ ، وَكَانَ مَوْضِعُ صَدْرِ الْجَامِعِ الْمُسَقَّفِ إِلَى وَرَاءِ السِّقَايَةِ طرارا لِصَخْرِ بْنِ سِنَانٍ وَأَرْضِ مُرِيكَةَ لِزِيَارَةٍ بِطِهْرَانَ فَوَهَبَهُ لِلْجَامِعِ فَنُقِلَ الْمِنْبَرُ إِلَيْهِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ فِي إِمَارَةِ هَانِئِ بْنِ أَبِي هَانِئٍ بَعْدَ تَمْصِيرِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ لِلْيَهُودِيَّةِ بِخَمْسِ سِنِينَ وَقِيلَ إِنَّ أَوَّلَ مَسْجِدٍ بُنِيَ بِالْيَهُودِيَّةِ مَسْجِدٌ بِمَحَلَّةِ بَاذَانِهِ يُنْسَبُ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ ثُمَامَةَ وَكَانَ أَمِيرَ أَصْبَهَانَ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَسْجِدَ خشينان أَوَّلُ مَسْجِدٍ كَبِيرٍ بُنِيَ بِأَصْبَهَانَ بَنَاهُ أَبُو خُنَاسٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي خِلَافَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَاتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ بَعْدَ بِنَاءِ جَامِعِهَا بِصَحْرَاءَ خَمْسَ عَشْرَةَ قَرْيَةً انْضَافَتْ رُقْعَتُهَا إِلَى الْيَهُودِيَّةِ ، وَهِيَ باطرقان ، وَفرسان ، وَيوان ، وَخرجان ، وَفُلْفُلَانِ ، وَسُنْبُلَانِ ، وَفراءان ، وَكماءان ، وَجوزدان ، وَلِنْبَانَ ، وَأشكهان ، وَجرواءان ، وَخشينان وَبروسكان وَفابجان ، فَلَمَّا اتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ اجْتَمَعَ النَّاسُ لِتَوْسِيعِ الْمَسْجِدِ وَزَادُوا فِيهِ وَأَضَافَ إِلَيْهِ الْخَصِيبُ بْنُ سَلْمٍ الْأَرَضِينَ الْمُسَمَّاةَ بخصيباباذ ثُمَّ أُعِيدَ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي خِلَافَةِ الْمُعْتَصِمِ وَإِمَارَةِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الْخُزَاعِيِّ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ ثُمَّ زَادَ فِيهِ أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ الزِّيَادَةَ الَّتِي تُسَمَّى رستماباذ وَكَانَتْ خَانَاتٌ وَمُسْتَرَاحَاتٌ فَكَنَسَهَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ وَأَضَافَهَا إِلَى الْجَامِعِ فِي خِلَافَةِ الْمُقْتَدِرِ وَإِمَارَةِ أَحْمَدَ بْنِ مَسْرُورٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْأُولَى فِي جَامِعَهَا وَإِضَافَةِ الْبِقَاعِ وَالدُّورِ إِلَيْهَا فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ فَكَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَفْصٍ الذَّكْوَانِيِّ فِيهِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِجَمِيعِ نَفَقَاتِهِ ، فَيُكَلِّمُ فِيهِ الرَّجُلَ بَعْدَ الرَّجُلِ ، حَتَّى رُبَّمَا يَجْتَمِعُ لَهُ الْجُمَلُ الْكَثِيرَةُ ، ثُمَّ لَا يَسْتَحْقِرُ مَعَ هَذَا خَاتَمًا ، أَوْ قِيمَتَهُ ، أَوْ كُبَّةُ غَزْلٍ ، أَوْ قِيمَتُهَا ، فَيَصْرِفُ مَا يَجْتَمِعُ فِي بِنَائِهَا ، وَشِرَى دُورٍ وَبِقَاعٍ لَهُ وَأَمَّا نَفَقَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ
    حديث رقم: 21 في أخبار أصبهان لأبي نعيم الأصبهاني مُقَدِّمَة ذِكْرُ بَدْءِ أَصْبَهَانَ ، وَعَدَدِ مُدُنِهَا ، وَرَسَاتِيقِهَا وَأَمَّا أَصْبَهَانُ فَإِنَّ رُقْعَتَهَا وُضِعَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا ، وَحُدُودُهَا كَانَتْ مَا بَيْنَ أَطْرَافِ هَمَذَانَ وَمَاهْ وَنِهَاوَنْدَ إِلَى أَطْرَافِ كَرْمَانَ ، وَمَا بَيْنَ أَطْرَافِ الرَّيِّ وَقُومِسَ إِلَى أَطْرَافِ فَارِسَ وَخُوزِسْتَانَ ، وَكَانَتْ مَوْضُوعَةً عَلَى أَسَاتِينَ ثَلَاثَةٍ ، وَعَلَى ثَلَاثِينَ رُسْتَاقًا وَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ طَسُّوجًا ، وَخَمْسَةِ آلَافِ قَرْيَةٍ ، وَسَبْعِ مَدَائِنَ ، ذَكَرَ ذَلِكَ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ مَشْرُوحًا بِأَسَامِيهَا وَحُدُودِهَا فَأَمَّا أَسَامِي مُدُنِهَا : فَمَدِينَةُ كَهْثَةَ ، وَمَدِينَةُ جَارَّ ، وَمَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ ِقه ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ دررام ، وَمَدِينَةُ سارويه ، فَخَرِبَتْ مِنْ هَذِهِ الْمُدُنِ السَّبْعِ أَرْبَعٌ ، وَبَقِيَتْ إِلَى الْإِسْلَامِ ثَلَاثُ مَدَائِنَ : مَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ قِه ، هَذِهِ الْمُدُنُ حَصَلَتْ عَلَى كُورَتَيْنِ وَسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا وَثَلَاثَةِ آلَافٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ قَرْيَةً إِلَى أَنْ وَرَدَهَا الْعَرَبُ ، فَخَرَّبُوا مِنَ المدنِ الثَّلَاثِ مَدِينَتَيْنِ : مَدِينَةَ قه مِنْ رُسْتَاقِ جه ، وَمَدِينَةِ سارويه مِنْ رُسْتَاقِ قَاسَانَ ثُمَّ إِنَّ الرَّشِيدَ كَوَّرَ كُورَةَ قُمِّ مِنْ أَصْبَهَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ ، مَعَ مَا أَضَافَ إِلَيْهِ مِنْ رَسَاتِيقَ أُخَرَ مِنْ هَمَذَانَ وَنَهَاوَنْدَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا إِلَى أَنْ شَرَعَ الْمُعْتَصِمُ فِي بِنَاءِ كُورَةِ الْكَرْجِ فَكَوَّرَ الْكَرْجَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ مِنْ أَصْبَهَانَ وَعَلَى ضِيَاعٍ أُخَرَ مِنْ ضِيَاعِ نِهَاوَنْدَ وَهَمَذَانَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَ الْمُعْتَصِمِ عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ رُسْتَاقًا وَكُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةِ قَرْيَةٍ بِالتَّقْرِيبِ ، هَذَا مَا قَالَهُ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ وَأَمَّا بِنَاءُ مَدِينَةِ جَيَّ فَقِيلَ بَنَاهَا الْإِسْكَنْدَرُ الرُّومِيُّ عَلَى يَدَيْ جَيَّ بْنِ زَارْدَهَ الْأَصْبَهَانِيِّ فَسُمِّيَتِ الْمَدِينَةُ بِهِ ، وَعَرْضُ أَسَاسِ سُورِهَا سِتُّونَ لَبِنَةً وَأَلْزَقَ بِأَسَاسِهِ الفرهيز بالشيفتق ، وَقِيلَ إِنَّ الْمَدِينَةَ كَانَتْ مَبْنِيَّةً قَبْلَ أَيَّامِ مَمْلَكَةِ جم فَخَرَّبَهَا فراسياب فِيمَا خَرَّبَ مِنْ سَائِرِ الْمُدُنِ بِإِيرَانَ شَهْرَ ، وَأَعَادَ أَسَاسَهَا خماني جَهْرَازَادَ بِنْتُ بَهْمَنَ بْنِ إِسْفَنْدِيارَ الْمَلِكَةُ قَبْلَ مَجِيءِ الْإِسْكَنْدَرِ ، فَمَاتَتْ خماني مِنْ بِنَاءِ السُّورِ عَلَى النِّصْفِ ، وَوَرَدَ الْإِسْكَنْدَرُ فَتَرَكَهَا عَلَى حَالِهَا ، فَبَقِيَتْ عَلَى حَالَتِهَا إِلَى أَيَّامِ فَيْرُوزَ بْنِ يَزْدَجِرْدَ فَتَقَدَّمَ إِلَى آذَرْسَابُورَ بْنِ آذَرِمَانَانَ مِنْ قَرْيَةِ هَرَاسْنَانَ مِنْ رُسْتَاقِ مابرين بِإِتْمَامِ بِنَاءِ سُوَرِ مَدِينَةِ جَيَّ وَذَلِكَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِمِائَةٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً ، فَأَتَمَّ بِنَاءَهَا آذَرْ سَابُورَ ، وَرَكَّبَ فِيهِ الشُّرُفَ ، وَهَيَّأَ مَوَاقِفَ الْمُقَاتِلَةِ عَلَى أَعْلَاهُ ، وَعَلَّقَ أَرْبَعَةَ أَبْوَابٍ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ مِنَ السُّورِ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ، فِي كُلِّ يَوْمٍ بَابًا ، عَلَّقَ الْبَابَ الَّذِي وَجْهُهُ إِلَى مَيْدَانِ السُّوقِ فِي رُوزَ خُورَ فَسَمَّاهُ بَابَ خُورَ ، وَتَفْسِيرُ خُورُ الشَّمْسُ ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ مَاهْ بِرَّ فِي رُوزَ مَاهَ وَمَاهُ عِنْدَهُمُ الْقَمَرُ ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى بَابَ إِسْفِيسَ ، ثُمَّ عَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الثَّالِثَ وَسَمَّاهُ تَبْرِيزَ ، وَمَعْنَاهُ بَابُ عُطَارِدَ ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابِ تِيَرَه ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الرَّابِعَ وَسَمَّاهُ كُوشَ بَرَّ وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابَ الْيَهُودِيَّةِ وَمِنَ الْهَنْدَسَةِ فِي تَعْلِيقِ هَذِهِ الْأَبْوَابِ أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا حَلَّتْ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ الْجَدْيِ تَطْلُعُ فِي بَابِ خُورَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ الْيَهُودِيَّةِ وَإِذَا حَلَّتِ الشَّمْسُ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ السَّرَطَانِ طَلَعَتْ فِي بَابِ إِسْفِيسَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ تِيرَهَ وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنَ الزُّبَيْرِيَّةِ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ ، فَقَلَعَ بَابَ خُورَ وَفَتَحَ بَابًا آخَرَ مِنْ سُورِهَا ، وَسَمَّى الْبَابَ الْجَدِيدَ ، وَرَدَّ مَكَانَهُ بَاب خَشَيبًا عَلَى مِصْرَاعٍ وَاحِدٍ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى بَعْضِ أَبْوَابِهَا مَكْتُوبًا يَقُولُ : أَشْتَاذْوِيَهْ الْمُوَكَّلُ بِالْقَيَّاسِينَ وَالْبَنَّائِينَ : إِنَّهُ ارْتُفِعَ فِي ثَمَنِ أُدْمِ الْعُمْلَةِ لِسُوَرِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ سِتُّمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ : أَنَّ الْمُوَكَّلَ رُفِعَتْ عَلَيْهِ رَفِيعَةٌ ، فَحُوسِبَ فَحَصَلَ عَلَيْهِ خَمْسُونَ أَلْفَ دِينَارٍ فَصُرِفَتْ إِلَى نَفَقَةِ الْفَرْهِيزَ الْمُلْزَقِ بِأَسَاسِ السُّوَرِ وَلَمْ تَكُنِ الْمَدِينَةُ مَسْكُونَةً ، إِنَّمَا كَانَتْ حِصْنًا لِأَهْلِ قُرَى رُسْتَاقِ جَيِّ وَكَانُوا يَسْكُنُونَ مَدِينَةَ قه إِلَى أَنْ جَاءَ الْإِسْلَامُ ، فَخَرَّبَتِ الْعَرَبُ مَدِينَةَ قه ، فَتَحَوَّلَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِهَا إِلَى مَدِينَةِ جَيَّ ، فَهُمْ أَوَّلُ قَوْمٍ سَكَنُوهَا وَأَوَّلُ دَارٍ بُنِيَتْ بِمَدِينَةِ جَيَّ دَارُ الْمِطْيَارُ بِأَمْرِ كِسْرَى أَبَرْوَيِزَ لَمَّا فَتَحَ لَهُ الْمِطْيَارُ مَدِينَةَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ ثُمَّ بَنِي فِيهَا سَائِرَ الدُّورِ لَمَّا انْتَقَلُوا إِلَيْهَا مِنْ مَدِينَةِ قه وَمِسَاحَةُ مَدِينَةِ جَيَّ اسْتِدَارَةُ سُورِهَا أَلْفُ قَصَبَةٍ فَمِسَاحَةُ الْمَدِينَةِ أَلْفَا جَرِيبٍ سَوَاءً ، وَذَلِكَ أَنَّ قُطْرَهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ قَصَبَةٍ فَإِذَا ضُرِبَ نِصْفُ قُطْرِهَا فِي نِصْفِ إِدَارَتِهَا كَانَ ثَمَانِينَ أَلْفَ قَصَبَةٍ وَذَلِكَ أَلْفَا جَرِيبٍ فِي سُورِهَا مِنَ الْقُصُورِ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةُ قُصُورٍ وَهِيَ بُرُوجٌ مُعْوَجَّةٌ وَاسِعَةٌ ثَابِتَةٌ مِنَ اسْتِدَارَةِ السُّوَرِ ، فَمِنْ بَابِ خُورٍ إِلَى بَابِ الْيَهُودِيَّةِ الصُّغْرَى أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ تِيرَهَ أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ إِسْفِيسَ أَلْفٌ وَثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابُ خُورٍ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، فَدَوَرَانُ مَدِينَةِ جَيَّ سَبْعَةُ آلَافٍ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ ، وَبِذِرَاعِ الْيَدِ عَشَرَةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةٍ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا ، وَطُولُهَا أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَعَرْضُهَا أَلْفٌ وَسَبْعُمِائَةٍ وَاثْنَانِ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا وَهَذِهِ الْمِسَاحَةُ عَلَى مَا ذُكِرَ تَوَلَّاهَا مُحَمَّدُ بْنُ لُرَّةَ الْحَاسِبُ وَأَمَّا تَمْصِيرُ الْبَلَدِ الْمُسَمَّى بِالْيَهُودِيَّةِ فَمَصَّرَهَا أَيُّوبُ بْنُ زِيَادٍ فِيِ خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ فِي سَنَةِ نَيِّفٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَوَرَدَ عَامِلًا عَلَى الْخَرَاجِ مَعَ خَالِ الْمَهْدِيِّ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْحِمْيَرِيِّ ، وَكَانَ عَلَى الْحَرْبِ ثُمَّ صُرِفَ سَعِيدٌ وَجُمِعَ لِأَيُّوبَ الْحَرْبُ وَالْخَرَاجُ فَنَزَلَ بِقَرْيَةِ خشينانَ وَبَنَى قَصْرًا عَلَى شَاطِئِ نَهْرِ فُرْسَانَ ، ثُمَّ بَنَى بِحِذَائِهِ مَسْجِدًا ذَا مَقْصُورَةٍ هِيَ بَاقِيَةٌ إِلَى الْيَوْمِ ، وَوَضَعَ فِيهِ الْمِنْبَرَ ، وَخَطَّ سُوقًا لِلْبَاعَةِ ، وَالتُّجَّارِ ، وَالْعَمَلَةِ ، ذَاتِ صُفُوفٍ فِي طَرَفِ الْيَهُودِيَّةِ ، فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُعْرَفُ بِصَفِّ التَّبَّانِينَ ، وَاتَّصَلَتْ فِي أَيَّامِ وِلَايَتِهِ بِدُورِ الْيَهُودِيَّةِ دُورُ قَرْيَةِ خشينانَ وَخِطَّةُ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ بَابِ مَسْجِدِ خشينانَ طُولًا إِلَى بَابِ بَاغَ عِيسَى بْنِ أَيُّوبَ ، وَعَرْضًا مِنْ جَانِبِ مَحِلَّةِ كَوْرَاءَ إِلَى مِلَنْجَةَ وَكَانَتِ الْيَهُودِيَّةُ تُسَمَّى فِي أَيَّامِ مَمْلَكَةِ الْفُرْسِ كُو جُهُودْانَ يَعْنِي سِكَّةَ الْيَهُودِ ، وَهِيَ مِنْ صَحْرَاءِ قَرْيَةِ يُوَانَ ، فَأَحَدُ حُدُودِهَا يَنْتَهِي إِلَى قَرْيَةِ يُوَانَ وَالثَّانِي إِلَى قَرْيَةِ خرجان وَسُنْبُلَانِ ، وَالثَّالِثُ إِلَى قَرْيَتَيْ كماءان وَأشكهان ، وَالرَّابِعُ إِلَى قَرْيَتَيْ جرواءان وَخشينان ، وَرُقْعَتُهَا سَبْعُمِائَةِ جُرَيْبٍ ، وَسَكَنَتْهَا الْيَهُودُ مُقْبِلِينَ عَلَى صِنَاعَاتِهِمُ الْقَذِرَةِ كَالْحِجَامَةِ ، وَالدِّبَاغَةِ ، وَالْقِصَارَةِ ، وَالْقِصَابَةِ ، إِلَى أَنْ سَخِطَ الْمَهْدِيُّ عَلَى أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ فَحُمِلَ إِلَى الْحَضْرَةِ وَحُبِسَ ، فَاجْتَمَعَ عَرَبُ قَرْيَةِ طِهْرَانَ وَهُمُ التَّيْمُ عَلَى بِنَاءِ مَسْجِدٍ جَامِعٍ وَاسِعٍ يَنْقُلُونَ إِلَيْهِ مِنْبَرَ مَسْجِدِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ ، وَكَانَ مَوْضِعُ صَدْرِ الْجَامِعِ الْمُسَقَّفِ إِلَى وَرَاءِ السِّقَايَةِ طرارا لِصَخْرِ بْنِ سِنَانٍ وَأَرْضِ مُرِيكَةَ لِزِيَارَةٍ بِطِهْرَانَ فَوَهَبَهُ لِلْجَامِعِ فَنُقِلَ الْمِنْبَرُ إِلَيْهِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ فِي إِمَارَةِ هَانِئِ بْنِ أَبِي هَانِئٍ بَعْدَ تَمْصِيرِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ لِلْيَهُودِيَّةِ بِخَمْسِ سِنِينَ وَقِيلَ إِنَّ أَوَّلَ مَسْجِدٍ بُنِيَ بِالْيَهُودِيَّةِ مَسْجِدٌ بِمَحَلَّةِ بَاذَانِهِ يُنْسَبُ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ ثُمَامَةَ وَكَانَ أَمِيرَ أَصْبَهَانَ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَسْجِدَ خشينان أَوَّلُ مَسْجِدٍ كَبِيرٍ بُنِيَ بِأَصْبَهَانَ بَنَاهُ أَبُو خُنَاسٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي خِلَافَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَاتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ بَعْدَ بِنَاءِ جَامِعِهَا بِصَحْرَاءَ خَمْسَ عَشْرَةَ قَرْيَةً انْضَافَتْ رُقْعَتُهَا إِلَى الْيَهُودِيَّةِ ، وَهِيَ باطرقان ، وَفرسان ، وَيوان ، وَخرجان ، وَفُلْفُلَانِ ، وَسُنْبُلَانِ ، وَفراءان ، وَكماءان ، وَجوزدان ، وَلِنْبَانَ ، وَأشكهان ، وَجرواءان ، وَخشينان وَبروسكان وَفابجان ، فَلَمَّا اتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ اجْتَمَعَ النَّاسُ لِتَوْسِيعِ الْمَسْجِدِ وَزَادُوا فِيهِ وَأَضَافَ إِلَيْهِ الْخَصِيبُ بْنُ سَلْمٍ الْأَرَضِينَ الْمُسَمَّاةَ بخصيباباذ ثُمَّ أُعِيدَ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي خِلَافَةِ الْمُعْتَصِمِ وَإِمَارَةِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الْخُزَاعِيِّ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ ثُمَّ زَادَ فِيهِ أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ الزِّيَادَةَ الَّتِي تُسَمَّى رستماباذ وَكَانَتْ خَانَاتٌ وَمُسْتَرَاحَاتٌ فَكَنَسَهَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ وَأَضَافَهَا إِلَى الْجَامِعِ فِي خِلَافَةِ الْمُقْتَدِرِ وَإِمَارَةِ أَحْمَدَ بْنِ مَسْرُورٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْأُولَى فِي جَامِعَهَا وَإِضَافَةِ الْبِقَاعِ وَالدُّورِ إِلَيْهَا فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ فَكَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَفْصٍ الذَّكْوَانِيِّ فِيهِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِجَمِيعِ نَفَقَاتِهِ ، فَيُكَلِّمُ فِيهِ الرَّجُلَ بَعْدَ الرَّجُلِ ، حَتَّى رُبَّمَا يَجْتَمِعُ لَهُ الْجُمَلُ الْكَثِيرَةُ ، ثُمَّ لَا يَسْتَحْقِرُ مَعَ هَذَا خَاتَمًا ، أَوْ قِيمَتَهُ ، أَوْ كُبَّةُ غَزْلٍ ، أَوْ قِيمَتُهَا ، فَيَصْرِفُ مَا يَجْتَمِعُ فِي بِنَائِهَا ، وَشِرَى دُورٍ وَبِقَاعٍ لَهُ وَأَمَّا نَفَقَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ
    حديث رقم: 32 في أخبار أصبهان لأبي نعيم الأصبهاني مُقَدِّمَة ذِكْرُ بَدْءِ أَصْبَهَانَ ، وَعَدَدِ مُدُنِهَا ، وَرَسَاتِيقِهَا وَأَمَّا أَصْبَهَانُ فَإِنَّ رُقْعَتَهَا وُضِعَتْ عَلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَرْسَخًا ، وَحُدُودُهَا كَانَتْ مَا بَيْنَ أَطْرَافِ هَمَذَانَ وَمَاهْ وَنِهَاوَنْدَ إِلَى أَطْرَافِ كَرْمَانَ ، وَمَا بَيْنَ أَطْرَافِ الرَّيِّ وَقُومِسَ إِلَى أَطْرَافِ فَارِسَ وَخُوزِسْتَانَ ، وَكَانَتْ مَوْضُوعَةً عَلَى أَسَاتِينَ ثَلَاثَةٍ ، وَعَلَى ثَلَاثِينَ رُسْتَاقًا وَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ طَسُّوجًا ، وَخَمْسَةِ آلَافِ قَرْيَةٍ ، وَسَبْعِ مَدَائِنَ ، ذَكَرَ ذَلِكَ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ مَشْرُوحًا بِأَسَامِيهَا وَحُدُودِهَا فَأَمَّا أَسَامِي مُدُنِهَا : فَمَدِينَةُ كَهْثَةَ ، وَمَدِينَةُ جَارَّ ، وَمَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ ِقه ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ دررام ، وَمَدِينَةُ سارويه ، فَخَرِبَتْ مِنْ هَذِهِ الْمُدُنِ السَّبْعِ أَرْبَعٌ ، وَبَقِيَتْ إِلَى الْإِسْلَامِ ثَلَاثُ مَدَائِنَ : مَدِينَةُ جَيَّ ، وَمَدِينَةُ مهربن ، وَمَدِينَةُ قِه ، هَذِهِ الْمُدُنُ حَصَلَتْ عَلَى كُورَتَيْنِ وَسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا وَثَلَاثَةِ آلَافٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ قَرْيَةً إِلَى أَنْ وَرَدَهَا الْعَرَبُ ، فَخَرَّبُوا مِنَ المدنِ الثَّلَاثِ مَدِينَتَيْنِ : مَدِينَةَ قه مِنْ رُسْتَاقِ جه ، وَمَدِينَةِ سارويه مِنْ رُسْتَاقِ قَاسَانَ ثُمَّ إِنَّ الرَّشِيدَ كَوَّرَ كُورَةَ قُمِّ مِنْ أَصْبَهَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ ، مَعَ مَا أَضَافَ إِلَيْهِ مِنْ رَسَاتِيقَ أُخَرَ مِنْ هَمَذَانَ وَنَهَاوَنْدَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ رُسْتَاقًا إِلَى أَنْ شَرَعَ الْمُعْتَصِمُ فِي بِنَاءِ كُورَةِ الْكَرْجِ فَكَوَّرَ الْكَرْجَ عَلَى أَرْبَعَةِ رَسَاتِيقَ مِنْ أَصْبَهَانَ وَعَلَى ضِيَاعٍ أُخَرَ مِنْ ضِيَاعِ نِهَاوَنْدَ وَهَمَذَانَ ، فَحَصَلَتْ أَصْبَهَانُ بَعْدَ الْمُعْتَصِمِ عَلَى تِسْعَةَ عَشَرَ رُسْتَاقًا وَكُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةِ قَرْيَةٍ بِالتَّقْرِيبِ ، هَذَا مَا قَالَهُ صَاحِبُ كِتَابِ أَصْبَهَانَ وَأَمَّا بِنَاءُ مَدِينَةِ جَيَّ فَقِيلَ بَنَاهَا الْإِسْكَنْدَرُ الرُّومِيُّ عَلَى يَدَيْ جَيَّ بْنِ زَارْدَهَ الْأَصْبَهَانِيِّ فَسُمِّيَتِ الْمَدِينَةُ بِهِ ، وَعَرْضُ أَسَاسِ سُورِهَا سِتُّونَ لَبِنَةً وَأَلْزَقَ بِأَسَاسِهِ الفرهيز بالشيفتق ، وَقِيلَ إِنَّ الْمَدِينَةَ كَانَتْ مَبْنِيَّةً قَبْلَ أَيَّامِ مَمْلَكَةِ جم فَخَرَّبَهَا فراسياب فِيمَا خَرَّبَ مِنْ سَائِرِ الْمُدُنِ بِإِيرَانَ شَهْرَ ، وَأَعَادَ أَسَاسَهَا خماني جَهْرَازَادَ بِنْتُ بَهْمَنَ بْنِ إِسْفَنْدِيارَ الْمَلِكَةُ قَبْلَ مَجِيءِ الْإِسْكَنْدَرِ ، فَمَاتَتْ خماني مِنْ بِنَاءِ السُّورِ عَلَى النِّصْفِ ، وَوَرَدَ الْإِسْكَنْدَرُ فَتَرَكَهَا عَلَى حَالِهَا ، فَبَقِيَتْ عَلَى حَالَتِهَا إِلَى أَيَّامِ فَيْرُوزَ بْنِ يَزْدَجِرْدَ فَتَقَدَّمَ إِلَى آذَرْسَابُورَ بْنِ آذَرِمَانَانَ مِنْ قَرْيَةِ هَرَاسْنَانَ مِنْ رُسْتَاقِ مابرين بِإِتْمَامِ بِنَاءِ سُوَرِ مَدِينَةِ جَيَّ وَذَلِكَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِمِائَةٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً ، فَأَتَمَّ بِنَاءَهَا آذَرْ سَابُورَ ، وَرَكَّبَ فِيهِ الشُّرُفَ ، وَهَيَّأَ مَوَاقِفَ الْمُقَاتِلَةِ عَلَى أَعْلَاهُ ، وَعَلَّقَ أَرْبَعَةَ أَبْوَابٍ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ مِنَ السُّورِ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ، فِي كُلِّ يَوْمٍ بَابًا ، عَلَّقَ الْبَابَ الَّذِي وَجْهُهُ إِلَى مَيْدَانِ السُّوقِ فِي رُوزَ خُورَ فَسَمَّاهُ بَابَ خُورَ ، وَتَفْسِيرُ خُورُ الشَّمْسُ ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ مَاهْ بِرَّ فِي رُوزَ مَاهَ وَمَاهُ عِنْدَهُمُ الْقَمَرُ ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى بَابَ إِسْفِيسَ ، ثُمَّ عَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الثَّالِثَ وَسَمَّاهُ تَبْرِيزَ ، وَمَعْنَاهُ بَابُ عُطَارِدَ ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابِ تِيَرَه ، وَعَلَّقَ مِنْ غَدِهِ الْبَابَ الرَّابِعَ وَسَمَّاهُ كُوشَ بَرَّ وَهُوَ الْمُسَمَّى بَابَ الْيَهُودِيَّةِ وَمِنَ الْهَنْدَسَةِ فِي تَعْلِيقِ هَذِهِ الْأَبْوَابِ أَنَّ الشَّمْسَ إِذَا حَلَّتْ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ الْجَدْيِ تَطْلُعُ فِي بَابِ خُورَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ الْيَهُودِيَّةِ وَإِذَا حَلَّتِ الشَّمْسُ أَوَّلَ دَرَجَةٍ مِنَ السَّرَطَانِ طَلَعَتْ فِي بَابِ إِسْفِيسَ وَتَغْرُبُ فِي بَابِ تِيرَهَ وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ رَجُلٌ مِنَ الزُّبَيْرِيَّةِ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودٍ ، فَقَلَعَ بَابَ خُورَ وَفَتَحَ بَابًا آخَرَ مِنْ سُورِهَا ، وَسَمَّى الْبَابَ الْجَدِيدَ ، وَرَدَّ مَكَانَهُ بَاب خَشَيبًا عَلَى مِصْرَاعٍ وَاحِدٍ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى بَعْضِ أَبْوَابِهَا مَكْتُوبًا يَقُولُ : أَشْتَاذْوِيَهْ الْمُوَكَّلُ بِالْقَيَّاسِينَ وَالْبَنَّائِينَ : إِنَّهُ ارْتُفِعَ فِي ثَمَنِ أُدْمِ الْعُمْلَةِ لِسُوَرِ هَذِهِ الْمَدِينَةِ سِتُّمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ : أَنَّ الْمُوَكَّلَ رُفِعَتْ عَلَيْهِ رَفِيعَةٌ ، فَحُوسِبَ فَحَصَلَ عَلَيْهِ خَمْسُونَ أَلْفَ دِينَارٍ فَصُرِفَتْ إِلَى نَفَقَةِ الْفَرْهِيزَ الْمُلْزَقِ بِأَسَاسِ السُّوَرِ وَلَمْ تَكُنِ الْمَدِينَةُ مَسْكُونَةً ، إِنَّمَا كَانَتْ حِصْنًا لِأَهْلِ قُرَى رُسْتَاقِ جَيِّ وَكَانُوا يَسْكُنُونَ مَدِينَةَ قه إِلَى أَنْ جَاءَ الْإِسْلَامُ ، فَخَرَّبَتِ الْعَرَبُ مَدِينَةَ قه ، فَتَحَوَّلَ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِهَا إِلَى مَدِينَةِ جَيَّ ، فَهُمْ أَوَّلُ قَوْمٍ سَكَنُوهَا وَأَوَّلُ دَارٍ بُنِيَتْ بِمَدِينَةِ جَيَّ دَارُ الْمِطْيَارُ بِأَمْرِ كِسْرَى أَبَرْوَيِزَ لَمَّا فَتَحَ لَهُ الْمِطْيَارُ مَدِينَةَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ ثُمَّ بَنِي فِيهَا سَائِرَ الدُّورِ لَمَّا انْتَقَلُوا إِلَيْهَا مِنْ مَدِينَةِ قه وَمِسَاحَةُ مَدِينَةِ جَيَّ اسْتِدَارَةُ سُورِهَا أَلْفُ قَصَبَةٍ فَمِسَاحَةُ الْمَدِينَةِ أَلْفَا جَرِيبٍ سَوَاءً ، وَذَلِكَ أَنَّ قُطْرَهَا ثَلَاثُمِائَةٍ وَعِشْرُونَ قَصَبَةٍ فَإِذَا ضُرِبَ نِصْفُ قُطْرِهَا فِي نِصْفِ إِدَارَتِهَا كَانَ ثَمَانِينَ أَلْفَ قَصَبَةٍ وَذَلِكَ أَلْفَا جَرِيبٍ فِي سُورِهَا مِنَ الْقُصُورِ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةُ قُصُورٍ وَهِيَ بُرُوجٌ مُعْوَجَّةٌ وَاسِعَةٌ ثَابِتَةٌ مِنَ اسْتِدَارَةِ السُّوَرِ ، فَمِنْ بَابِ خُورٍ إِلَى بَابِ الْيَهُودِيَّةِ الصُّغْرَى أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ تِيرَهَ أَلْفٌ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابِ إِسْفِيسَ أَلْفٌ وَثَلَاثُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ بُرْجًا ، وَمِنْهُ إِلَى بَابُ خُورٍ أَلْفٌ وَأَرْبَعُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَبَيْنَهُمَا خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا ، فَدَوَرَانُ مَدِينَةِ جَيَّ سَبْعَةُ آلَافٍ وَمِائَةُ ذِرَاعٍ ، وَبِذِرَاعِ الْيَدِ عَشَرَةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةٍ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا ، وَطُولُهَا أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَعَرْضُهَا أَلْفٌ وَسَبْعُمِائَةٍ وَاثْنَانِ وَخَمْسُونَ ذِرَاعًا وَهَذِهِ الْمِسَاحَةُ عَلَى مَا ذُكِرَ تَوَلَّاهَا مُحَمَّدُ بْنُ لُرَّةَ الْحَاسِبُ وَأَمَّا تَمْصِيرُ الْبَلَدِ الْمُسَمَّى بِالْيَهُودِيَّةِ فَمَصَّرَهَا أَيُّوبُ بْنُ زِيَادٍ فِيِ خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ فِي سَنَةِ نَيِّفٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَوَرَدَ عَامِلًا عَلَى الْخَرَاجِ مَعَ خَالِ الْمَهْدِيِّ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ الْحِمْيَرِيِّ ، وَكَانَ عَلَى الْحَرْبِ ثُمَّ صُرِفَ سَعِيدٌ وَجُمِعَ لِأَيُّوبَ الْحَرْبُ وَالْخَرَاجُ فَنَزَلَ بِقَرْيَةِ خشينانَ وَبَنَى قَصْرًا عَلَى شَاطِئِ نَهْرِ فُرْسَانَ ، ثُمَّ بَنَى بِحِذَائِهِ مَسْجِدًا ذَا مَقْصُورَةٍ هِيَ بَاقِيَةٌ إِلَى الْيَوْمِ ، وَوَضَعَ فِيهِ الْمِنْبَرَ ، وَخَطَّ سُوقًا لِلْبَاعَةِ ، وَالتُّجَّارِ ، وَالْعَمَلَةِ ، ذَاتِ صُفُوفٍ فِي طَرَفِ الْيَهُودِيَّةِ ، فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُعْرَفُ بِصَفِّ التَّبَّانِينَ ، وَاتَّصَلَتْ فِي أَيَّامِ وِلَايَتِهِ بِدُورِ الْيَهُودِيَّةِ دُورُ قَرْيَةِ خشينانَ وَخِطَّةُ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ بَابِ مَسْجِدِ خشينانَ طُولًا إِلَى بَابِ بَاغَ عِيسَى بْنِ أَيُّوبَ ، وَعَرْضًا مِنْ جَانِبِ مَحِلَّةِ كَوْرَاءَ إِلَى مِلَنْجَةَ وَكَانَتِ الْيَهُودِيَّةُ تُسَمَّى فِي أَيَّامِ مَمْلَكَةِ الْفُرْسِ كُو جُهُودْانَ يَعْنِي سِكَّةَ الْيَهُودِ ، وَهِيَ مِنْ صَحْرَاءِ قَرْيَةِ يُوَانَ ، فَأَحَدُ حُدُودِهَا يَنْتَهِي إِلَى قَرْيَةِ يُوَانَ وَالثَّانِي إِلَى قَرْيَةِ خرجان وَسُنْبُلَانِ ، وَالثَّالِثُ إِلَى قَرْيَتَيْ كماءان وَأشكهان ، وَالرَّابِعُ إِلَى قَرْيَتَيْ جرواءان وَخشينان ، وَرُقْعَتُهَا سَبْعُمِائَةِ جُرَيْبٍ ، وَسَكَنَتْهَا الْيَهُودُ مُقْبِلِينَ عَلَى صِنَاعَاتِهِمُ الْقَذِرَةِ كَالْحِجَامَةِ ، وَالدِّبَاغَةِ ، وَالْقِصَارَةِ ، وَالْقِصَابَةِ ، إِلَى أَنْ سَخِطَ الْمَهْدِيُّ عَلَى أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ فَحُمِلَ إِلَى الْحَضْرَةِ وَحُبِسَ ، فَاجْتَمَعَ عَرَبُ قَرْيَةِ طِهْرَانَ وَهُمُ التَّيْمُ عَلَى بِنَاءِ مَسْجِدٍ جَامِعٍ وَاسِعٍ يَنْقُلُونَ إِلَيْهِ مِنْبَرَ مَسْجِدِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ ، وَكَانَ مَوْضِعُ صَدْرِ الْجَامِعِ الْمُسَقَّفِ إِلَى وَرَاءِ السِّقَايَةِ طرارا لِصَخْرِ بْنِ سِنَانٍ وَأَرْضِ مُرِيكَةَ لِزِيَارَةٍ بِطِهْرَانَ فَوَهَبَهُ لِلْجَامِعِ فَنُقِلَ الْمِنْبَرُ إِلَيْهِ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ فِي إِمَارَةِ هَانِئِ بْنِ أَبِي هَانِئٍ بَعْدَ تَمْصِيرِ أَيُّوبَ بْنِ زِيَادٍ لِلْيَهُودِيَّةِ بِخَمْسِ سِنِينَ وَقِيلَ إِنَّ أَوَّلَ مَسْجِدٍ بُنِيَ بِالْيَهُودِيَّةِ مَسْجِدٌ بِمَحَلَّةِ بَاذَانِهِ يُنْسَبُ إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ ثُمَامَةَ وَكَانَ أَمِيرَ أَصْبَهَانَ ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَسْجِدَ خشينان أَوَّلُ مَسْجِدٍ كَبِيرٍ بُنِيَ بِأَصْبَهَانَ بَنَاهُ أَبُو خُنَاسٍ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي خِلَافَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَاتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ بَعْدَ بِنَاءِ جَامِعِهَا بِصَحْرَاءَ خَمْسَ عَشْرَةَ قَرْيَةً انْضَافَتْ رُقْعَتُهَا إِلَى الْيَهُودِيَّةِ ، وَهِيَ باطرقان ، وَفرسان ، وَيوان ، وَخرجان ، وَفُلْفُلَانِ ، وَسُنْبُلَانِ ، وَفراءان ، وَكماءان ، وَجوزدان ، وَلِنْبَانَ ، وَأشكهان ، وَجرواءان ، وَخشينان وَبروسكان وَفابجان ، فَلَمَّا اتَّسَعَتِ الْيَهُودِيَّةُ اجْتَمَعَ النَّاسُ لِتَوْسِيعِ الْمَسْجِدِ وَزَادُوا فِيهِ وَأَضَافَ إِلَيْهِ الْخَصِيبُ بْنُ سَلْمٍ الْأَرَضِينَ الْمُسَمَّاةَ بخصيباباذ ثُمَّ أُعِيدَ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ فِي خِلَافَةِ الْمُعْتَصِمِ وَإِمَارَةِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ الْخُزَاعِيِّ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ ثُمَّ زَادَ فِيهِ أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ الزِّيَادَةَ الَّتِي تُسَمَّى رستماباذ وَكَانَتْ خَانَاتٌ وَمُسْتَرَاحَاتٌ فَكَنَسَهَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ رُسْتُمَ وَأَضَافَهَا إِلَى الْجَامِعِ فِي خِلَافَةِ الْمُقْتَدِرِ وَإِمَارَةِ أَحْمَدَ بْنِ مَسْرُورٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْأُولَى فِي جَامِعَهَا وَإِضَافَةِ الْبِقَاعِ وَالدُّورِ إِلَيْهَا فِي سَنَةِ سِتٍّ وَعِشْرِينَ وَمِائَتَيْنِ فَكَانَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَفْصٍ الذَّكْوَانِيِّ فِيهِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ نَصَّبَ نَفْسَهُ لِجَمِيعِ نَفَقَاتِهِ ، فَيُكَلِّمُ فِيهِ الرَّجُلَ بَعْدَ الرَّجُلِ ، حَتَّى رُبَّمَا يَجْتَمِعُ لَهُ الْجُمَلُ الْكَثِيرَةُ ، ثُمَّ لَا يَسْتَحْقِرُ مَعَ هَذَا خَاتَمًا ، أَوْ قِيمَتَهُ ، أَوْ كُبَّةُ غَزْلٍ ، أَوْ قِيمَتُهَا ، فَيَصْرِفُ مَا يَجْتَمِعُ فِي بِنَائِهَا ، وَشِرَى دُورٍ وَبِقَاعٍ لَهُ وَأَمَّا نَفَقَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ
    حديث رقم: 1027 في بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث كِتَابُ الْمَنَاقِبِ بَابٌ فِي نَاسٍ مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسَ
    حديث رقم: 1785 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
    حديث رقم: 1903 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
    حديث رقم: 1906 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
    حديث رقم: 1783 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
    حديث رقم: 1904 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
    حديث رقم: 1905 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
    حديث رقم: 1907 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
    حديث رقم: 2203 في الضعفاء للعقيلي بَابُ الْيَاءِ يَحْيَى بْنُ أَبِي الْحَجَّاجِ الْمِنْقَرِيُّ

    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم. إذ نزلت عليه سورة الجمعة. فلما قرأ: {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم} [الجمعة/ 3] قال رجل: من هؤلاء؟ يا رسول الله! فلم يراجعه النبي صلى الله عليه وسلم. حتى سأله مرة أو مرتين أو ثلاثا. قال: وفينا سلمان الفارسي. قال: فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على سلمان، ثم قال: لو كان الإيمان عند الثريا، لناله رجال من هؤلاء.
    المعنى العام:
    تطلق فارس والفرس على ما يسمى في هذه الأيام إيران، قيل: إنهم من ولد هدرام بن أرفخشد بن سام بن نوح، وأنه ولد بضعة عشر رجلا، كلهم كان فارسا شجاعا، فسموا الفرس، للفروسية، وقيل في نسبهم أقوال أخرى، وفي الطبقات: كان أولهم على دين نوح، ثم دخلوا في دين الصابئة، في زمن طمهورث، فداموا على ذلك أكثر من ألف سنة، ثم تمجسوا على يد زرادشت. واشتهر من مسلميهم سلمان الفارسي، وقد سبقت فضائله قبل ثلاثة عشر بابا، قال القرطبي: وقع ما قاله صلى الله عليه وسلم عيانا، فإنه وجد منهم من اشتهر ذكره من حفاظ الآثار، والعناية بها، ما لم يشاركهم فيه كثير من غيرهم. المباحث العربية (لو كان الدين عند الثريا لذهب به رجل من فارس - أو قال: من أبناء فارس، حتى يتناوله) وفي الرواية الثانية لو كان الإيمان عند الثريا، لناله رجال من هؤلاء فوضع يده على سلمان الفارسي. والثريا مجموعة من النجوم البعيدة عن الأرض، وبها يضرب المثل في البعد، والكلام كناية عن وصول أهل فارس إلى الدين والعلم والإيمان مهما كلفهم هذا الوصول، زاد في بعض الروايات برقة قلوبهم. (فلما قرأ {وءاخرين منهم لما يلحقوا بهم} [الجمعة: 3] قال رجل: من هؤلاء يا رسول الله) وفي رواية من هؤلاء الذين لما يلحقوا بنا؟ والتعبير بـ لما يفيد أنهم سيلحقون. فقه الحديث في الحديث فضيلة ظاهرة لأبناء فارس. وجواز استعمال المجاز والكناية والمبالغة إذا كانت في مواضعها. والله أعلم

    حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، - يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ - عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ إِذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْجُمُعَةِ فَلَمَّا قَرَأَ ‏{‏ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ‏}‏ قَالَ رَجُلٌ مَنْ هَؤُلاَءِ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ يُرَاجِعْهُ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى سَأَلَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا - قَالَ - وَفِينَا سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ - قَالَ - فَوَضَعَ النَّبِيُّ ﷺ يَدَهُ عَلَى سَلْمَانَ ثُمَّ قَالَ ‏"‏ لَوْ كَانَ الإِيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنْ هَؤُلاَءِ ‏"‏ ‏.‏

    Abu Huraira reported:We were sitting in the company of Allah's Apostle (ﷺ) that Sura al-Jumu'a was revealed to him and when he recited (these words):" Others from amongst them who have not yet joined them," a person amongst them (those who were sitting there) said: Allah's Messenger! But Allah's Apostle (ﷺ) made no reply, until he questioned him once, twice or thrice. And there was amongst us Salman the Persian. The Apostle of Allah (ﷺ) placed his hand on Salman and then said: Even if faith were near the Pleiades, a man from amongst these would surely find it

    Telah menceritakan kepada kami [Qutaibah bin Sa'id] Telah menceritakan kepada kami ['Abdul 'Aziz] yaitu Ibnu Muhammad dari [Tsaur] dari [Abu Al Ghaits] dari [Abu Hurairah] dia berkata; "Ketika kami sedang duduk di sisi Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam, tiba-tiba surat Al Jumu'ah diturunkan kepada beliau. Pada saat Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam membacakan ayat yang berbunyi: '…dan orang-orang lain dari mereka yang beIum berhubungan dengan mereka' tiba-tiba ada seseorang yang bertanya; 'Ya Rasulullah, siapakah mereka itu? ' Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam tidak menjawab hingga orang tersebut menanyakannya sebanyak tiga kali. Kebetulan pada saat itu di tengah kami ada Salman Al Farisi. Kemudian Rasulullah meletakkan tangannya pada Salman seraya bersabda: 'Seandainya iman itu berada di tempat bintang-bintang di langit, tentu orang-orang Persia pasti akan mencapainya

    Bize Kuteybe b. Said rivayet etti. (Dediki): Bize Abdü'l-Aziz (yâni İbnü Muhammed) Sevr'den, o da Ebû'l-Gays'dan, o da Ebû Hureyre'den naklen rivayet etti. (Şöyle demiş): Nebi (Sallallahu Aleyhi ve Sellem)'in yanında oturuyorduk. Aniden üzerine Cum'a sûresi iniverdi : «Onlardan diğer bir takım gönderdi ki, (faziletçe) birincilere yetişememişlerdi.» [Cum'a 3] âyetini okuyunca bir adam: — Kim onlar yâ Resûlallah! dedi. Fakat Nebi (Sallallahu Aleyhi ve Sellem) ona iltifat etmedi. Hatta adam kendisine bir, iki veya üç defa sordu. Aramızda Selmân-i Fârisi de vardı. Derken Nebi (Sallallahu Aleyhi ve Sellem) elini Selman'ın üzerine koydu. Sonra: «iman Ülker yıldızında olsa, bunlardan bazı kimseler onu elde edecektir.» buyurdu

    ابو غیث نے حضرت ابو ہریر رضی اللہ تعالیٰ عنہ سے روایت کی ، کہا : جب نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم پر جمعہ نازل ہوئی اور آپ نے یہ پڑھا : ﴿ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا﴾ "" ان میں اور بھی لوگ ہیں جو اب تک آکر ان سے نہیں ملے ہیں ۔ "" ( الجمعۃ 62 : 3 ) تو ایک نے عرض کی : اللہ کے رسول صلی اللہ علیہ وسلم !وہ کون لوگ ہیں؟نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے اس کا کوئی جواب نہ دیا ، حتیٰ کہ اس نے آپ سے ایک یا دو یا تین بار سوال کیا ، کہا : اس وقت ہم میں حضرت سلمان فارسی رضی اللہ تعالیٰ عنہ بھی موجود تھے ، نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے حضرت سلمان رضی اللہ تعالیٰ عنہ پر ہاتھ رکھا ، پھر فرمایا؛ "" اگر ایمان ثریا کے قریب بھی ہوتا تو ان میں سے کچھ لوگ اس کو حاصل کرلیتے ۔

    কুতাইবাহ্ ইবনু সাঈদ (রহঃ) ..... আবূ হুরাইরাহ (রাযিঃ) হতে বর্ণিত। তিনি বলেন, আমরা রসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম এর নিকট উপবিষ্ট ছিলেন। তখন তার উপর সূরাতুল জুমুআহ নাযিল হলো। যখন তিনি এ আয়াত পড়লেন- “আর (এ রসূলের আগমন) অপরাপর ব্যক্তিদের জন্যও যারা এখনো তাদের (মুমিনদের) সাথে এসে একত্রিত হয়নি”— (সূরাহ্ জুমুআহ ৬২ঃ ৩)। তখন এক লোক বলল, হে আল্লাহর রসূল সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম! এ লোকেরা কারা? রসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম তার কোন প্রত্যুত্তর করলেন না। এমন কি সে একবার অথবা দু’বার অথবা তিনবার তাকে প্রশ্ন করল। বর্ণনাকারী বলেন, আমাদের মাঝে তখন সালমান ফারসী (রাযিঃ) ছিলেন। রাবী বলেন, রসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম তার হাত সালমান (রাযিঃ) এর উপর রাখলেন; তারপর বললেন, ঈমান যদি সুরাইয়া নক্ষত্ররাজির নিকট (অর্থাৎ- বহু দূরে) থাকত তবে অবশ্যই তার সম্প্রদায়ের লোকেরা সেখানে পৌছে যেত। (ইসলামিক ফাউন্ডেশন ৬২৬৭, ইসলামিক সেন্টার)

    அபூஹுரைரா (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: (ஒரு முறை) நாங்கள் நபி (ஸல்) அவர்களுக்கு அருகில் அமர்ந்திருந்தோம். அப்போது அவர்களுக்கு "அல்ஜுமுஆ"எனும் (62ஆவது) அத்தியாயம் அருளப்பெற்றது. நபி (ஸல்) அவர்கள் அ(ந்த அத்தியாயத்)தை ஓதிக்கொண்டு வந்து, "இன்னும் இவர்களுடன் வந்து சேராமலிருக்கும் ஏனைய மக்களுக்காகவும் (இத்தூதரை அவன் அனுப்பியுள்ளான்)" (62:3) எனும் வசனம் வந்தபோது, மக்களில் ஒருவர், "அந்த (ஏனைய) மக்கள் யார், அல்லாஹ்வின் தூதரே?" என்று கேட்டார். ஒரு தடவை, அல்லது இரண்டு தடவை, அல்லது மூன்று தடவை அவர் கேட்கும்வரை அவருக்கு நபி (ஸல்) அவர்கள் பதிலளிக்கவில்லை. அப்போது எங்களிடையே சல்மான் அல்ஃபாரிசீ (ரலி) அவர்கள் இருந்தார்கள். நபி (ஸல்) அவர்கள் சல்மான் (ரலி) அவர்கள்மீது தமது கையை வைத்துவிட்டுப் பிறகு, "கிருத்திகா (ஸுரய்யா) நட்சத்திரக் குழுமத்தின் அருகில் இறைநம்பிக்கை (ஈமான்) இருந்தாலும், இவர்களில் சிலர் அதை அடைந்தே தீருவர்" என்று கூறினார்கள். அத்தியாயம் :