• 2010
  • عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَمَرَ مُحْرِمًا بِقَتْلِ حَيَّةٍ بِمِنًى "

    وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ يَعْنِي ابْنَ غِيَاثٍ ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ الْأَسْوَدِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمَرَ مُحْرِمًا بِقَتْلِ حَيَّةٍ بِمِنًى وَحَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ ، عَنِ الْأَسْوَدِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي غَارٍ بِمِثْلِ حَدِيثِ جَرِيرٍ وَأَبِي مُعَاوِيَةَ

    لا توجد بيانات
    " أَمَرَ مُحْرِمًا بِقَتْلِ حَيَّةٍ بِمِنًى " وَحَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ
    حديث رقم: 2463 في صحيح ابن خزيمة كِتَابُ الْمَنَاسِكِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ ذِكْرِ أَفْعَالٍ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي إِبَاحَتِهِ لِلْمُحْرِمِ ، نَصَّتْ
    حديث رقم: 3870 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ
    حديث رقم: 1619 في المستدرك على الصحيحين بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَوَّلُ كِتَابِ الْمَنَاسِكِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَوَّلُ كِتَابِ الْمَنَاسِكِ
    حديث رقم: 9956 في المعجم الكبير للطبراني مَنِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ طُرُقُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ لَيْلَةَ الْجِنِّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ
    حديث رقم: 9957 في المعجم الكبير للطبراني مَنِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ طُرُقُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ لَيْلَةَ الْجِنِّ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ
    حديث رقم: 2415 في شرح معاني الآثار للطحاوي كِتَابُ مَنَاسِكِ الْحَجِّ بَابُ مَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ الدَّوَابِّ
    حديث رقم: 556 في المسند للشاشي مُسْنَدُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا رَوَى أَبُو وَائِلٍ شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ الْأَسَدِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ

    [2235] (أَمَرَ مُحْرِمًا بِقَتْلِ حَيَّةٍ بِمِنًى) فِيهِ جَوَازُ قَتْلِهَا لِلْمُحْرِمِ وَفِي الْحَرَمِ وأنه لاينذرها فِي غَيْرِ الْبُيُوتِ وَأَنَّ قَتْلَهَا مُسْتَحَبٌّ قَوْلُهُ

    عن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر محرما بقتل حية بمنى.
    المعنى العام:
    منذ هبط آدم من الجنة إلى الأرض كان لا بد أن يتعامل مع ما حوله من المخلوقات، ليتواءم ويعيش، ذلل الله تعالى له ولبنيه بعض مخلوقاته، فاستخدمها وانتفع بها من أحياء البحر واليابسة، ولم يذلل له بعضا آخر، علمه كيف يتعامل معها، وكيف يتقي شرها، ويأخذ حذره منها، أو كيف يقضي عليها، ويتخلص منها، ليكون له في هذا الكفاح والشقاء أجر وثواب. من هذه المخلوقات الشريرة المؤذية لبني آدم الأفاعي والحيات والثعابين والعقارب، وشر هذا النوع ما يعرف بالأبتر، وهو ثعبان قصير الذيل، يسحب بصر الإنسان إذا وقع بصره على بصره، وما يعرف بذي الطفيتين، أي صاحب الخطين الممتدين على ظهره، وهو ثعبان إذا نظرت إليه الحامل سقط حملها، حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتل الأفاعي عامة، ووصى بقتل الأبتر وذات الطفيتين منها بصفة خاصة. ومن هذه المخلوقات الضارة المؤذية الوزغ أو الأبرص، فأمر صلى الله عليه وسلم بقتله، وسماه فويسقا، وقال عنه إنه خارج عن طبيعة المخلوقات المسالمات إلى طبيعة الحشرات المؤذيات، واستنهض رسول الله صلى الله عليه وسلم همم المسلمين لقتله، فوعد من قتله بضربة واحدة بالأجر الكبير، ودونه من قتله بضربتين، ودونه من قتله بثلاث ضربات أو ما بعدها. أما النمل فبعضه يؤذي وبعضه لا يؤذي، فرخص الشارع قتل المؤذي في حدود دفع الأذى. ثم أوصى الشارع بالحيوانات الأليفة خيرا، أوصى بالإحسان إليها، وإطعامها وسقيها، وعدم إيذائها، فقد حبست امرأة هرة، فلا هي أطعمتها وسقتها، ولا هي تركتها بدون حبس، لتبحث لها عن حشرة تأكلها، وتجد لها ماء تشربه، لكنها حبستها، حتى ماتت جوعا، وعطشا، هذه المرأة أخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أنها ستعذب بالنار يوم القيامة. وهذا رجل يمشي في صحراء، يشتد عليه العطش، حتى كاد يهلكه، أخذ يبحث عن ماء، فوجد بئرا، نزل فشرب، فلما خرج من البئر وجد كلبا يلهث، ويخرج لسانه جافا من شدة العطش يلعق بلسانه التراب، لعله يجد فيه رطوبة تخفف عنه جفاف اللسان والعطش، فقال الرجل: لقد بلغ العطش بهذا الكلب مثل ما بلغ بي، فنزل البئر ثانية، فلم يجد ما يرفع به الماء للكلب سوى خفه، فملأ واحدا من خفيه، وأمسكه بفمه، ليتمكن من الصعود من البئر بيديه، حتى خرج من البئر، فسقى الكلب حتى روي، فشكر الله لهذا الرجل إحسانه إلى الكلب، فغفر له ذنوبه. وهذه امرأة بغي، زانية، ترى كلبا يلهث من العطش، فتأخذها الشفقة على الكلب فتخلع حذاءها، وتملؤه ماء، وتسقي به الكلب، فيشكر الله لها، فيغفر لها زناها. وقع ذلك في الأمم السابقة، ويحكيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه، مرغبا في الإحسان إلى الحيوان، فيقول الصحابة: إذن لنا أجر في سقينا دوابنا؟ فيقول صلى الله عليه وسلم: نعم إن في إروائكم لأي حيوان أجرا وثوابا. المباحث العربية (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل ذي الطفيتين) أي صاحب الطفيتين، والطفيتان تثنية طفية، بضم الطاء وسكون الفاء وفتح الياء، وهي خوصة شجر المقل، بضم الميم وسكون القاف، وهو شجر الدوم، بفتح الدال، وهو يشبه النخل، وتطلق الطفية على الخط الأبيض، أو الأسود، أو الأصفر على ظهر الحية، وتطلق عبارة ذات الطفيتين على حية لينة خبيثة، على ظهرها خطان، وكأنهما مشبهان بخوصتي المقل، وكان حقه أن يقول: ذات الطفيتين، فهي حية، ولكنه أريد النوع، فكأنه قال: اقتلوا هذا النوع. وفي ملحق الرواية الأبتر وذو الطفيتين وفي الرواية الثانية اقتلوا الحيات، وذا الطفيتين والأبتر فعطفهما على الحيات من عطف الخاص على العام، وفي الرواية الثالثة اقتلوا الحيات والكلاب، واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر والأبتر نوع من الحيات، مقطوع الذنب، وقيل: الأبتر الحية القصيرة الذنب، وقال الداودي: هي الأفعى التي تكون قدر شبر أو أكبر قليلا، وعطف الأبتر على ذي الطفيتين يقتضي أنهما متغايران، لكن جاء في رواية لا تقتلوا الحيات، إلا كل أبتر ذي طفيتين. فظاهر هذه الرواية أنهما متحدان، قال الحافظ ابن حجر: لكن لا ينفى المغايرة. اهـ. فقد تكون ذات الطفيتين طويلة الذنب، وقد تكون قصيرة الذنب، فأمر بقتل النوعين في رواية، وأمر بقتل نوع في رواية. والثعبان ذكر الحيات، وقيل: الكبير من الحيات، ذكرا كان أو أنثى، والأفاعي جمع أفعى، وهي الأنثى من الحيات، والذكر منها أفعوان بضم الهمزة والعين، بينهما فاء ساكنة، وكنية الأفعوان أبو حيان، وأبو يحيى، لأنه يعيش ألف سنة، وهو الشجاع الأسود، الذي يواثب الإنسان، قالوا: ومن صفة الأفعى أنها إذا قفئت عينها عادت، ولا تغمض حدقتها أبدا، والأساود جمع أسود، قال أبو عبيد: هي حية فيها سواد، وهي أخبث الحيات، ويقال له: أسود سالخ، لأنه يسلخ جلده كل عام، وفي سنن أبي داود والنسائي أعوذ بالله من أسد وأسود وقيل: هي حية رقيقة رقشاء، دقيقة العنق، عريضة الرأس، وربما كانت ذات قرنين، والهاء في الحية للوحدة، كدجاجة. (فإنه يلتمس البصر، ويصيب الحبل) والضمير لذي الطفيتين، وفي الرواية الثانية فإنهما يستسقطان الحبل، ويلتمسان البصر والضمير لذي الطفيتين والأبتر، وإسناد الفعل لهما لا يتعارض مع إسناده لأي منهما، والحبل بفتح الحاء والباء حمل المرأة، ويستسقطان أي يصيران الحمل سقطا، ومعنى يلتمسان البصر أي يقصدانه، فيذهبان، وفي الرواية الثالثة ويستسقطان الحبالى وفي الرواية التاسعة فإنهما اللذان يخطفان البصر، ويتتبعان ما في بطون النساء أي يسقطانه، مجاز بذكر السبب، وإرادة المسبب. وفي الرواية الثامنة هما اللذان يلتمعان البصر، ويطرحان أولاد النساء وفي رواية البخاري فإنهما يطمسان البصر أي يمحوان نوره، وفي رواية ويذهب البصر وفي رواية فإنه يسقط الولد وفي رواية ويذهب الحبل وكلها بمعنى. قال نضر بن شميل: الأبتر صنف من الحيات أزرق، مقطوع الذنب، لا تنظر إليه حامل إلا ألقت ما في بطنها. قال النووي: معنى يستسقطان الحبل أن المرأة الحامل إذا نظرت إليهما، وخافت، أسقطت الحمل غالبا، وقد ذكر مسلم في روايتنا الثالثة قول الزهري ونرى ذلك من سميهما بضم نون نرى أي نظن، قال: وأما يلتمسان البصر ففيه تأويلان، ذكرهما الخطابي وآخرون، أحدهما: معناه يخطفان البصر ويطمسانه، بمجرد نظرهما إليه، لخاصة جعلها الله تعالى في بصريهما، إذا وقع على بصر الإنسان، ويؤيد هذا التأويل الرواية الثامنة يلتمعان البصر والتاسعة يخطفان البصر والتأويل الثاني أنهما يقصدان البصر باللسع والنهش، والأول أصح وأشهر، قال العلماء: وفي الحيات نوع يسمى الناظر، إذا وقع نظره على عين إنسان مات من ساعته. (فكان ابن عمر يقتل كل حية وجدها) سواء كانت من ذوات البيوت أو في الصحراء، أي يقتلها إذا قدر عليها، وفي الرواية الثالثة: قال ابن عمر: فلبثت لا أترك حية أراها إلا قتلتها أي إن قدرت عليها، وفي رواية البخاري أن ابن عمر كان يقتل الحيات، ثم نهي، قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم هدم حائطا له، فوجد فيه سلخ حية، أي جلدها الذي غيرته - فقال: انظروا أين هو؟ فنظروا فقال: اقتلوه، قال ابن عمر: فكنت أقتلها لذلك. (فأبصره أبو لبابة بن عبد المنذر أو زيد بن الخطاب، وهو يطارد حية) أبو لبابة بضم اللام، صحابي مشهور، وهو أوسي من بني أمية بن زيد، ليس له في الصحيح إلا هذا الحديث، وكان أحد النقباء، وشهد أحدا، ويقال: شهد بدرا، واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة، وكانت معه راية قومه عند الفتح، ومات في أول خلافة عثمان، وزيد بن الخطاب أخو عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، ليس له في الصحيح إلا هذا الموضع، وفي الرواية الثانية والثالثة أبو لبابة أو زيد بن الخطاب بالشك، وفي الرواية الرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والثامنة والتاسعة. أبو لبابة من غير شك، والظاهر أنهما كانا معا، ونسب القول لهما، في ملحق الرواية الثالثة على أساس أن القائل أحدهما، وموافقة الآخر في حكم قوله أيضا، ومعنى يطارد حية أي يطلبها ويتبعها ليقتلها. (فقال: إنه قد نهي عن ذوات البيوت) في الكلام مضاف محذوف، أي نهي عن قتل ذوات البيوت أي اللاتي يوجدن في البيوت، وظاهره التعميم في جميع البيوت، وعن مالك تخصيصه ببيوت المدينة، وقيل يختص ببيوت المدن، دون غيرها، وفي الرواية الرابعة والخامسة والتاسعة نهى عن قتل الجنان التي في البيوت والجنان بجيم مكسورة، ونون مفتوحة مشددة، جمع جان، وهي الحية الصغيرة، قيل: الرقيقة الخفيفة، وقيل: الرقيقة البيضاء، وفي الرواية الثامنة إذا هم بحية من عوامر البيوت وفي رواية للبخاري إنه نهي بعد ذلك عن ذوات البيوت، وهي العوامر قال الحافظ ابن حجر: وهي العوامر من كلام الزهري، أدرج في الحديث، قال أهل اللغة: عمار البيوت سكانها من الجن، وتسميتهن عوامر، لطول لبثهن في البيوت، مأخوذ من العمر، وهو طول البقاء، وفي روايتنا الثالثة عشرة إن لهذه البيوت عوامر، فإذا رأيتم شيئا منها، فحرجوا عليها ثلاثا أي ثلاث مرات، وقيل: ثلاث ليال، ومعنى حرجوا عليهن بفتح الحاء وكسر الراء المشددة بعدها جيم، أي قولوا لهن: أنتن في ضيق وحرج، إن لبثت عندنا، أو ظهرت لنا، أو عدت إلينا، قتلناك. (يفتح خوخة له) بفتح الخاء، وإسكان الواو، وهي كوة بين دارين أو بيتين، يدخل منها، وقد تكون في حائط منفرد. والكوة النافذة الصغيرة، وفي الرواية التاسعة كان عبد الله بن عمر يوما عند هدم له وفي الرواية الرابعة أن أبا لبابة كلم ابن عمر ليفتح له بابا في داره، يستقرب به إلى المسجد أي ليصير به قريبا من المسجد - فوجد الغلمة - بكسر الغين وسكون اللام جمع غلام - جلد جان، فقال عبد الله: التمسوه أي ابحثوا عن الثعبان فاقتلوه وفي الرواية الثامنة فبينما عبد الله بن عمر - جالسا معه - يفتح خوخه له، إذا هم بحية وفي ملحق الرواية التاسعة أن أبا لبابة مر بابن عمر، وهو عند الأطم بضم الهمزة والطاء، وهو القصر، وجمعه أطام، كعنق وأعناق الذي عند دار عمر بن الخطاب، يرصد حية أي يرقبها ويبحث عنها، بواسطة الغلمة، ليقتلها. (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار، وقد أنزلت عليه والمرسلات عرفا) في رواية البخاري بينما نحن مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار بمنى، إذ نزل عليه والمرسلات وفي رواية كان ذلك ليلة عرفة، قال الحافظ ابن حجر بمنى أصح مما أخرجه الطبراني في الأوسط على حراء. وقوله تعالى {والمرسلات عرفا} قيل في تفسيره أن الله تعالى يقسم بمن اختاره من الملائكة عليهم السلام، يقسم بطوائف الملائكة، التي يرسلها إلى الخلق للأمر بالمعروف وتحويلهم من الظلمات إلى النور، وجواب القسم {إنما توعدون لواقع} (فنحن نأخذها من فيه رطبة) أي لم يجف ريقه منها وفي رواية للبخاري فتلقيناها من فيه، وإن فاه لرطب بها وفي رواية له وإنا لنتلقاها من فيه وفي رواية أخرى له وإنه ليتلوها، وإني لأتلقاها من فيه. (إذ خرجت علينا حية) في رواية للبخاري إذ وثبت علينا حية. (فابتدرناها لنقتلها، فسبقتنا) أي تسابقنا أينا يدركها؟ فسبقتنا كلنا، وفي رواية للبخاري فابتدرناها فذهبت. (وقاها الله شركم، كما وقاكم شرها) أي إن الله سلمها منكم، كما سلمكم منها. (أمر محرما بقتل حية بمنى) هذا مأخوذ من الرواية العاشرة، فقد كانوا محرمين بالحج، وأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلها. (فسمعت تحريكا في عراجين) بفتح العين، جمع عرجون بضمها، وهو الفروع التي تحمل تمر النخل. (فلما انصرف أشار إلى بيت في الدار) أي فلما انصرف وانتهى من الصلاة، والبيت في الأصل ما يبيت فيه الآدمي، والدار تجمع المباني والساحة، وكأن دارهم كانت فسيحة، تتكون من بيوت لأفراد الأسرة. (فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق) أي إلى حفر الخندق. (فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنصاف النهار) أنصاف النهار بفتح الهمزة منتصفه، وكأنه وقت لآخر النصف الأول وأول النصف الثاني، فجمعه لذلك، ويحتمل أن يكون جمعه لتعدده بحسب تعدد الأيام. (فيرجع إلى أهله) أي إلى زوجته، ليطالع حالها، ويقضي حاجتها، ويؤنسها في وحشتها فقد كانت عروسا. (خذ عليك سلاحك، فإني أخشى عليك قريظة، فأخذ الرجل سلاحه، ثم رجع) كانت بنو قريظة قد عاهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تعين عليه من يحاربه، فنكثت العهد، وأعانت قريشا على حربه في غزوة الخندق، فكان صلى الله عليه وسلم يخشى على أصحابه من غدر اليهود، أن ينفردوا بأحد المسلمين في المدينة، فأوصى هذا الفتى بالحذر منهم، وذكر الراوي هذه القضية ليبين كيف أن الفتى كاد يستخدم سلاحه ضد زوجته. (فإذا امرأته بين البابين قائمة) كانت غيرة العرب على نسائهم، وبخاصة حديثة العرس، تمنع الزوجة من البروز في فناء الدار وتحدد إقامتها في دائرة الحريم. حجرة النوم وما حولها من حجرات، فوجد الفتى امرأته قد خرجت من الدائرة المحددة لها، ووقفت في فناء الدار بين باب الحريم والباب العام للبيت. (فأهوى إليها الرمح) أي رفع رمحه، وصوبه نحوها، يريد طعنها به. (اكفف عليك رمحك) أي اضمم إليك رمحك، يقال: كف الشيء يكفه بضم الفاء، إذا ضم بعضه إلى بعض. (فإذا بحية عظيمة منطوية على الفراش) أي ملتف بعضها حول بعض، فوق فراش زوجته. (فأهوى إليها بالرمح، فانتظمها به) أي طعنها به وضم بعضها إلى بعض، أي فصارت كومة فظنها قد ماتت، ولم تكن ماتت. (ثم خرج فركزه في الدار) مطمئنا، فلا حاجة له به. (فاضطربت عليه) أي تحركت على غير نظام، وهاجمته، وأصابته بسمها، ثم وقعت ميتة ووقع الفتى ميتا. (فما يدرى. أيهما كان أسرع موتا؟ الحية؟ أم الفتى؟) فما يدرى بضم الياء، مبني للمجهول، أي فما يدري أحد، أيهما كان أسبق موتا؟ لسرعة موتهما. (ادع الله يحييه لنا) لمحبتنا له، واعتزازنا به، ويحييه مؤول بمصدر من غير سابك، مجرور بحرف جر، والتقدير: ادع الله بإحيائه لنا. (إن بالمدينة جنا، قد أسلموا) وأنهم يتشكلون بالأفاعي والحيات. (فإذا رأيتم منهم شيئا) على هيئة حية. (فآذنوه ثلاثة أيام) أي آذنوه وأعلموه وأنذروه أن لا يعود للظهور، وأعطوه مهلة ثلاثة أيام، وفي الرواية الثالثة عشرة حرجوا عليها ثلاثا بفتح الحاء وتشديد الراء المكسورة، أي ضيقوا عليها بإنذارها. (فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه، فإنما هو شيطان) أي متمرد، وفي الرواية الثالثة عشرة فإن ذهب، وإلا فاقتلوه، فإنه كافر جواب الشرط الأول، وفعل الشرط الثاني محذوفان، والتقدير: فإن ذهب ولم يرجع سلم منكم وسلمتم منه، وإن لم يذهب ورجع إليكم فاقتلوه. قال النووي: قال العلماء: معناه إذا لم يذهب بالإنذار، علمتم أنه ليس من عوامر البيوت، ولا ممن أسلم من الجن، بل هو شيطان، فلا حرمة عليكم فاقتلوه، ولن يجعل الله له سبيلا للانتصار عليكم بثأره، بخلاف العوامر ومن أسلم. (اذهبوا، فادفنوا صاحبكم) رد على قولهم ادع الله يحييه لنا. (أمرها بقتل الأوزاغ) جمع وزغ بفتح الواو والزاي، ووزغة، أو الوزغة الأنثى والوزغ الذكر سام أبرص، جلده يشبه البرص - بفتح الراء المرض المعروف - ويعرف بالبرص بضم الباء وسكون الراء، قال النووي: واتفقوا على أن الوزغ من الحشرات المؤذيات، وفي الرواية السادسة عشرة أنها استأمرت النبي صلى الله عليه وسلم في قتل الوزغان بكسر الواو وسكون الزاي فأمر بقتلها وفي الرواية السابعة عشرة أمر بقتل الوزغ، وسماه فويسقا وفي الرواية الثامنة عشرة قال للوزغ: الفويسق واللام في للوزغ بمعنى عن والمعنى أنه سماه فويسقا وهو تصغير تحقير، مبالغة والفسق الخروج عن الحد بالأذى، والرواية التاسعة عشرة والمتممة للعشرين، والواحدة والعشرون، قصد بها تكثير الثواب في قتله بأول ضربة، ثم ما يليها فالمقصود الحث على المبادرة بقتله، والاعتناء به، وتحريض قاتله على أن يقتله بأول ضربة، فإنه إذا أراد أن يضربه ضربات، ربما انفلت، وفات قتله. قال النووي: وأما تقييد الحسنات في الضربة الأولى بمائة، وفي الرواية الأخرى بسبعين فجوابه أن هذا مفهوم العدد، ولا يعمل به عند الأصوليين وغيرهم، فذكر سبعين لا يمنع المائة، فلا معارضة بينهما، أو لعله صلى الله عليه وسلم أخبرنا أولا بسبعين، ثم تصدق الله تعالى بالزيادة، فأعلم بها النبي صلى الله عليه وسلم، حين أوحى إليه بعد ذلك ويحتمل أن ذلك يختلف باختلاف قاتلي الوزغ، بحسب نياتهم، وإخلاصهم، وكمال أحوالهم ونقصها، فتكون المائة للكامل منهم، والسبعون لغيره، والله أعلم. (أن نملة قرصت نبيا من الأنبياء) قيل: هو العزير، وروى الحكيم الترمذي في النوادر أنه موسى عليه السلام، وبذلك جزم الكلاباذي في معاني الأخبار، والقرطبي في التفسير، وفي الرواية الثالثة والعشرين والرابعة والعشرين نزل نبي من الأنبياء تحت شجرة، فلدغته نملة أي قرصته، هو بالدال والغين، وليس بالذال والعين فإن معناه الإحراق، ولا يصح هنا. (فأمر بقرية النمل فأحرقت) المراد من قرية النمل مساكنها وموضع اجتماعها، قال الحافظ ابن حجر: والعرب تفرق في الأوطان، فيقولون لمسكن الإنسان وطن، ولمسكن الإبل عطن ولمسكن الأسد عرين وغابة ولمسكن الظبي كناس، ولمسكن الضب وجار، ولمسكن الطائر عش، ولمسكن الزنبور كور، ولمسكن اليربوع نافق ولمسكن النمل قرية وفي رواية للبخاري ثم أمر ببيتها فأحرق. وفي الرواية الثالثة والعشرين والرابعة والعشرين فأمر بجهازه فأخرج من تحتها، ثم أمر بها فأحرقت ففي الكلام مضاف محذوف، تقديره: ثم أمر بقريتها، بدلالة الرواية الأخرى، وبدلالة مؤاخذة الله تعالى له والجهاز بفتح الجيم وكسرها هو المتاع وإخراجه من تحتها يدل على أن قرية النمل كانت فوق الشجرة، أو الضمير في تحتها للشجرة، وكانت قرية النمل تحتها أيضا. (فأوحى الله إليه: أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبح) أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر، مجرور بفي، متعلق بأهلكت، وجملة أهلكت مفعول به لفعل أوحى وفي للسببية كقوله دخلت امرأة النار في هرة والتقدير: أوحى الله إليه هذه الجملة: أهلكت أمة بسبب قرص نملة لك؟ والكلام على الاستفهام الإنكاري التوبيخي، أي ما كان ينبغي ذلك وجملة تسبح صفة ثانية لأمة أي أهلكت أمة من الأمم مسبحة، إشارة إلى قوله تعالى {وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم} [الإسراء: 44] وفي وصف الأمة بالتسبيح زيادة توبيخ، وفي الرواية الثالثة والعشرين والرابعة والعشرين فأوحى الله إليه: فهلا نملة واحدة؟ فهلا للتوبيخ والتنديم، وتختص بالدخول على الفعل الماضي، والفعل هنا مقدر، ونملة بالنصب مفعوله، والتقدير: هلا عاقبت نملة واحدة، فقد قرصتك نملة واحدة، وهلا إذا دخلت على المضارع تكون للعرض أو التحضيض، ولا يصح هنا، والنملة واحدة النمل، وجمع الجمع نمال والنمل أعظم الحيوانات حيلة في طلب الرزق، ومن عجيب أمره أنه إذا وجد شيئا ولو قل أنذر الباقين، ويحتكر في زمن الصيف للشتاء وإذا خاف العفن على الحب أخرجه إلى ظاهر الأرض، وإذا حفر مكانه اتخذه تعاريج لئلا يجري إليه ماء المطر، وليس في الحيوان ما يحمل أثقل منه غيره. (عذبت امرأة في هرة) الفعل الماضي مراد به الاستقبال، أي ستعذب وعبر بالماضي لتحقيق الوقوع، وفي للسببية، وفي الكلام مضاف محذوف، أي بسبب إيذاء أو قتل هرة، وفي رواية البخاري دخلت امرأة النار في هرة وجاء في رواية أن المرأة كانت حميرية، وفي أخرى أنها كانت من بني إسرائيل، قال الحافظ ابن حجر: ولا تضاد بينهما، لأن طائفة من حمير كانوا قد دخلوا في اليهودية فنسبت إلى دينها تارة، وإلى قبيلتها أخرى، اهـ وفي رواية من جرا هرة وجرا بفتح الجيم وتشديد الراء مقصور، ويجوز فيه المد، والهرة أنثى السنور والهر الذكر ويجمع الهر على هررة كقرد وقردة، وتجمع الهرة على هرر كقربة وقرب. (سجنتها حتى ماتت) في ملحق الرواية السادسة والعشرين ربطتها (لا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها) وفي الرواية السادسة والعشرين لم تطعمها ولم تسقها. (ولا هي تركتها، تأكل من خشاش الأرض) وفي ملحق الرواية السادسة والعشرين ولم تتركها تأكل من حشرات الأرض وخشاش الأرض بالخاء المفتوحة والمكسورة والمضمومة، والفتح أشهر، وروي بالحاء المهملة والصواب الأول، وهي هوام الأرض وحشراتها، وقيل: المراد به نبات الأرض قال النووي: وهو ضعيف أو غلط. اهـ. وفي رواية للبخاري دنت مني النار، حتى قلت، أي رب، وأنا معهم؟ فإذا امرأة تخدشها هرة، قال: ما شأن هذه؟ قالوا: حبستها حتى ماتت جوعا. (بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش) في رواية بينما رجل يمشي بفلاة وفي رواية يمشي بطريق مكة ويجمع بينهما بأنه كان يمشي بفلاة بطريق مكة، وفي رواية البخاري فاشتد عليه العطش، بالفاء الواقعة موقع إذ وسقطت هذه الفاء من رواية مسلم، ووقع في رواية فاشتد عليه العطاش قال ابن التين: العطاش داء يصيب الغنم، فلا تروى، وهو غير مناسب هنا. (فإذا كلب يلهث) بفتح الهاء وكسرها، واللهث المصدر بإسكانها، والاسم اللهث بفتحها، وهو ارتفاع النفس من الإعياء، وقال ابن التين: لهث الكلب، أخرج لسانه من العطش، ولهث الرجل إذا أعيا، ورجل لهثان، وامرأة لهثى كعطشان وعطشى. (يأكل الثرى من العطش) أي يكدم بفمه الأرض الندية، والجملة صفة كلب، أو حال من ضميره في يلهث (لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني) مثل بالفتح، أي بلغ مبلغا مثل الذي بلغ بي، وضبطه بعضهم بالرفع على أنه فاعل بلغ والإشارة مفعول. (فنزل البئر، فملأ خفه ماء) في رواية ابن حبان فنزع أحد خفيه (ثم أمسكه بفيه) احتاج إلى ذلك ليعالج بيديه الصعود من البئر. (حتى رقي) بفتح الراء وكسر القاف، كصعد وزنا ومعنى، وفي لغة طيئ يفتحون عين الفعل المعتل اللام، والأول أفصح. (فسقى الكلب) زاد في رواية حتى أرواه أي جعله ريانا. (فشكر الله له، فغفر له) أي أثنى عليه، أو قبل عمله، أو جازاه بفعله قال القرطبي: معنى قوله فشكر الله له أي أظهر ما جازاه به عند ملائكته، فالفاء في فغفر له تفسيرية، أو من عطف الخاص على العام. (قالوا...) سمي من هؤلاء السائلين سراقة بن مالك، رواه أحمد وابن ماجه. (وإن لنا في هذه البهائم لأجرا)؟ معطوف على محذوف، تقديره: الأمر كما ذكرت، وإن لنا، وفي الكلام مضاف محذوف، أي في سقي هذه البهائم أو في الإحسان إلى هذه البهائم. (في كل كبد رطبة أجر) رطبة أي حية، فالمراد رطوبة الحياة أو لأن الرطوبة لازمة للحياة، فهو كناية، والمعنى أجر ثابت في إرواء كل كبد حية والكبد يذكر ويؤنث، والعموم في كل كبد قيل مخصوص ببعض البهائم، مما لا ضرر فيه وسيأتي التفصيل في فقه الحديث. (أن امرأة بغيا) بفتح الباء وكسر الغين، وهي الزانية، قال الحافظ ابن حجر: وتطلق على الأمة مطلقا، وفي روايتنا التاسعة والعشرين بغي من بغايا بني إسرائيل. (رأت كلبا في يوم حار، يطيف ببئر) يطيف بضم أوله، من أطاف، يقال: أطفت بالشيء إذا أدامت المرور حوله، وفي الرواية التاسعة والعشرين يطيف بركية بفتح الراء وكسر الكاف وتشديد الياء، وهي البئر مطوية أو غير مطوية، وغير المطوية يقال لها: جب وقليب، ولا يقال لها بئر، حتى تطوى، وقيل: الركي البئر قبل أن تطوى، فإذا طويت فهي الطوى يقال: طوى البئر بالحجارة، أي بناها أو عرشها. (قد أدلع لسانه من العطش) يقال: أدلع لسانه، ودلع لسانه، لغتان، أي أخرجه لشدة العطش، وخرج من الفم واسترخى من ظمأ أو تعب. (فنزعت له بموقها) الموق بضم الميم هو الخف، فارسي معرب، ومعنى نزعت له بموقها أي استقت له بخفها يقال: نزعت بالدلو، إذا استقيت به من البئر. فقه الحديث قال النووي: قال المازري: لا تقتل حيات مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بإنذارها [كما جاء في الرواية الثانية عشرة فإذا رأيتم شيئا منها فحرجوا عليها ثلاثا قيل: ثلاثة أيام، وقيل ثلاث مرات، فإن ذهب، وإلا فاقتلوه، فإنه كافر فإن أنذرها، ولم تنصرف قتلها. قال: وأما حيات غير المدينة، في جميع الأرض والبيوت والدور، فيندب قتلها من غير إنذار، لعموم الأحاديث الصحيحة في الأمر بقتلها، ففي الرواية الثانية اقتلوا الحيات وفي الرواية الثالثة اقتلوا الحيات والكلاب وفي الرواية العاشرة إذ خرجت علينا حية، فقال: اقتلوها ولم يذكر إنذارا، ولا نقل أنهم أنذروها، قال: فأخذ العلماء بهذه الأحاديث في استحباب قتل الحيات مطلقا، وخصت المدينة بالإنذار الوارد فيها، وسببه صرح به في الحديث - روايتنا الثانية عشرة - أنه أسلم طائفة من الجن بها. وذهبت طائفة من العلماء إلى عموم النهي في حيات البيوت بكل بلد حتى تنذر، وأما ما ليس في البيوت فيقتل من غير إنذار، وقال مالك: يقتل ما وجد منها في المساجد. قال القاضي: وقال بعض العلماء: الأمر بقتل الحيات مطلقا مخصوص بالنهي عن جنان البيوت، إلا الأبتر وذا الطفيتين، فإنه يقتل على كل حال (فكأنه قال: اقتلوا الحيات إلا حيات البيوت، فلا تقتلوها، إلا بعد الإنذار، وإلا الأبتر وذا الطفيتين، فاقتلوهما، وإن كانا في البيوت بدون إنذار) وإلا ما ظهر منها بعد الإنذار. وأما صفة الإنذار فقال القاضي: روى ابن حبيب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقول: أنشدكن بالعهد الذي أخذه عليكم سليمان بن داود، ألا تؤذونا، ولا تظهرن لنا. وقال مالك: يكفي أن يقول: أحرج عليك بالله واليوم الآخر أن لا تبدو لنا، ولا تؤذينا. اهـ. والذي أميل إليه جواز قتل جميع الحيات في أي مكان بدون إنذار، لحديث البخاري خمس من الدواب لا حرج على من قتلهن وفي رواية كلهن فاسق، يقتلن في الحرم وذكر منها العقرب في رواية والحية في رواية أخرى، وإذا رفع الإثم في قتلها على المحرم، وفي الحرم رفع عن الحلال من باب أولى، ثم كيف نأمن الثعبان على أطفالنا مع الإنذار؟ أعتقد أن طلب الإنذار كان لنوعية خاصة، ومكان خاص وزمن خاص، لا يقاس عليه، وكذا ما ورد عن أبي لبابة وزيد بن الخطاب. والله أعلم. ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم

    1- من قوله في الرواية الأولى والثانية فإنه يلتمس البصر، ويصيب الحبل أن هناك تأثيرا بدون ملامسة، كالأشعة غير المرئية، ويحمل على مثلها إصابة العين.

    2- وأن هناك من المخلوقات ما لا نعرف فائدة في خلقه، وأنه مؤذ دائما، اللهم إلا أن يقال: إن من الحكمة في خلقه تخويف العباد، والحث على توقي الشر. والله أعلم.

    3- ومن قتل ابن عمر لكل حية، تنفيذا لما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك إمساكه بناء على سماع أبي لبابة، مدى ما كان عليه من دقة الاستجابة لأوامر الرسول صلى الله عليه وسلم.
    4- ومن عمل أبي لبابة وزيد بن الخطاب حرص الصحابة على التبليغ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولو من غير الأعلم للأعلم.
    5- من تعليله صلى الله عليه وسلم لقتل الأبتر وذي الطفيتين ما ينبغي للعالم إذا أفتى أن يسوق الدليل والتعليل لفتواه.
    6- ومن الرواية الثالثة، قتل الكلاب، وفيه تفصيل سبق.
    7- ومن الرواية العاشرة والحادية عشرة جواز قتل المحرم للفواسق الواردة.
    8- ومن قوله في الرواية العاشرة وقاها الله شركم، ووقاكم شرها. أن الشر والخير نسبي، فقتلكم إياها شر بالنسبة لها، وإن كان خيرا بالنسبة إليكم.
    9- وفي الحديث جواز قتل الحية في الحرم. 10- وجواز قتلها في جحرها. 1

    1- ومن الرواية الخامسة عشرة والسادسة عشرة والسابعة عشرة استحباب قتل الوزغ والحث عليه والترغيب فيه، لكونه من المؤذيات. 1

    2- والحث على المبادرة بقتله، والاعتناء به، وكثرة الثواب على قتله. 1

    3- ومن الرواية الثانية والعشرين والثالثة والعشرين والرابعة والعشرين جواز إحراق الحيوان المؤذي بالنار، على أساس أن شرع من قبلنا شرع لنا، إذا لم يأت في شرعنا ما يرفعه، ولا سيما إذا ورد على لسان الشارع ما يشعر باستحسان ذلك، لكن ورد في شرعنا النهي عن التعذيب بالنار، قال النووي: هذا الحديث محمول على أنه كان جائزا في شرع ذلك النبي قتل النمل، وجواز التعذيب بالنار، فإنه لم يقع عليه العتب في أصل القتل، ولا في الإحراق، بل في الزيادة على النملة الواحدة، وأما في شرعنا فلا يجوز إحراق الحيوان بالنار، إلا إذا أحرق إنسان إنسانا، فمات بالإحراق، فلوليه القصاص بإحراق الجاني، للحديث المشهور لا يعذب بالنار إلا الله. ثم قال: وأما قتل النمل فمذهبنا أنه لا يجوز، واحتج أصحابنا فيه بحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل أربع من الدواب، النملة والنحلة والهدهد، والصرد (بضم الصاد وفتح الراء، طائر أكبر من العصفور، ضخم الرأس والمنقار يصيد صغار الحشرات) رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم اهـ. أما الخطابي وغيره فقد قيدوا النهي عن قتل النمل بالنمل السليماني، وقال البغوي: النمل الصغير الذي يقال له الذر، يجوز قتله، وبه جزم الخطابي. 1
    4- قال عياض: في هذا الحديث جواز قتل كل مؤذ. 1
    5- قال القرطبي: ظاهر هذا الحديث أن هذا النبي إنما عاتبه الله حيث انتقم لنفسه، بإهلاك جمع، أذاه منه واحد، وكان الأولى به الصبر والصفح، وكأنه وقع له - أي ظن - أن هذا النوع مؤذ لبني آدم، وحرمة بني آدم أعظم من حرمة الحيوان، فلو انفرد هذا النظر - وهذا الظن - ولم ينضم إليه التشفي لم يعاتب، قال: والذي يؤيد هذا التمسك بأصل عصمة الأنبياء، وأنهم أعلم بالله وبأحكامه من غيرهم، وأشد له خشية. اهـ وعلى هذا يؤخذ من الحديث قتل ما عساه يؤذي الغير، ولو لم يقع منه إيذاء للغير، لا على العقوبة، ولكن للحماية. 1
    6- واستدل بقوله في الرواية الثانية والعشرين أهلكت أمة من الأمم تسبح أن الحيوان يسبح الله تعالى حقيقة، وتعقب بأن ذلك لا يمنع الحمل على المجاز، بأن يكون سببا للتسبيح. 1
    7- ومن الرواية الخامسة والعشرين والسادسة والعشرين أن المسلم قد يعذب بأمور يراها صغيرة {وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم} [النور: 15]
    وقيل: إن المراد من عذبت امرأة في روايتنا الخامسة والعشرين والسادسة والعشرين العذاب بالحساب، لأن من نوقش الحساب عذب، لكن يرد هذا القول رواية البخاري بلفظ دخلت امرأة النار في هرة.. قال النووي الذي يظهر أن المرأة كانت مسلمة، وإنما دخلت النار بهذه المعصية، وهذه المعصية ليست صغيرة، بل صارت بإصرارها كبيرة، وقال القاضي عياض: يحتمل أن تكون المرأة كافرة، فعذبت بالنار حقيقة. اهـ أي عذابا فوق عذاب الكفر، قال الحافظ ابن حجر: ويؤيد كونها كافرة، ما أخرجه البيهقي في البعث والنشور. 1
    8- وفي الحديث جواز اتخاذ الهرة، وربطها، إذا لم يهمل إطعامها وسقيها، ويلتحق بذلك غير الهرة مما في معناها. وتحريم قتل الهرة. 1
    9- وأن الهر لا يملك، وإنما يجب إطعامه على من حبسه، كذا قال القرطبي، واستبعد الحافظ ابن حجر دلالة الحديث على ذلك. 20- وفيه وجوب نفقة الحيوان على مالكه، كذا قال النووي، واستبعد الحافظ ابن حجر هذا المأخذ، وقال: ليس في الخبر أنها كانت في ملكها، لكن في قوله هرة لها كما هي في رواية ما يقرب من ذلك. اهـ والحق مع النووي، حيث إن نفقة المحبوس على حابسه واضحة في الحديث، فمن باب أولى المملوك. 2

    1- ومن الرواية السابعة والعشرين الحث على الإحسان إلى الناس، لأنه إذا حصلت المغفرة بسبب سقي الكلب، فسقي المسلم أعظم أجرا. 2

    2- واستدل به على جواز صدقة التطوع للمشركين، حيث لا يكون هناك مسلم، قال الحافظ ابن حجر: وكذا إذا دار الأمر بين البهيمة، والآدمي المحترم، واستويا في الحاجة، فالآدمي أحق. 2

    3- وفيه جواز السفر منفردا، وبغير زاد، ومحل ذلك في شرعنا ما إذا لم يخف على نفسه الهلاك. 2
    4- استدل بقوله في كل كبد رطبة أجر على عموم الإحسان للحيوان، قال النووي: إن عمومه مخصوص بالحيوان المحترم، وهو ما لم يؤمر بقتله، فيحصل الثواب بسقيه، ويلتحق به إطعامه وغيره من وجوه الإحسان، أما هذا الحديث، فقد كان في بني إسرائيل، وقال ابن التين، لا يمتنع إجراؤه على عمومه، يعني فيسقى، ثم يقتل، لأنا أمرنا بأن نحسن القتلة، ونهينا عن المثلة. 2
    5- واستدل به على طهارة سؤر الكلب، وتعقب بأنه شرع من قبلنا، على أنه فعل بعض الناس، ولا يدرى هل هو كان ممن يقتدى به أم لا. 2
    6- ومن الرواية الثامنة والعشرين والتاسعة والعشرين، أن سقي الماء يكفر الكبائر. والله أعلم

    لا توجد بيانات