• 2561
  • " أَنَّهُمْ كَانُوا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الشَّجَرَةِ " ، قَالَ : " فَنَسُوهَا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ "

    وحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ ، قَالَ : وَقَرَأْتُهُ عَلَى نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ أَبِي أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُمْ كَانُوا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَامَ الشَّجَرَةِ ، قَالَ : فَنَسُوهَا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ

    لا توجد بيانات
    " أَنَّهُمْ كَانُوا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ

    عن سعيد بن المسيب، عن أبيه: أنهم كانوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الشجرة. قال: فنسوها من العام المقبل.
    المعنى العام:
    يقول جل شأنه: {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا} [غافر: 51]. {وكان حقا علينا نصر المؤمنين} [الروم: 47] عهد من الله تعالى أن ينصر رسله، والله لا يخلف الميعاد، وللنصر أسباب بشرية، إذا هي عجزت، أو وقف في سبيل تأثيرها عائق تدخلت الإرادة الإلهية بمعجزة ظاهرة، فحين قال أصحاب موسى: {إنا لمدركون* قال كلا إن معي ربي سيهدين* فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم* وأزلفنا ثم الآخرين* وأنجينا موسى ومن معه أجمعين* ثم أغرقنا الآخرين} [الشعراء: 61 وما بعدها]. وهنا في غزوة الحديبية، وقد وصل المسلمون، ألفا وأربعمائة مقاتل، إلى بئر قليل الماء، وهم عطاش، ودوابهم عطش، لم يرو ماؤها غلة حتى نضب، فزعوا إلى قائدهم ونبيهم يشكون، عطاش يكاد العطش يهلكهم، ويهلك دوابهم، وهم في أرض الكفار، لا يسيطرون من مائها إلا على هذه البئر. وليس في رحال القوم سوى إناء بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم يتوضأ منه، لا يسع أكثر من لتر ماء. فما النجاة؟ وربما يطول بهم المقام في هذه المفازة أياما؟ ولم يجد صلى الله عليه وسلم من أسباب عادية يحاولها، فلجأ إلى الله، دعاه، وهو القائل {أمن يجيب المضطر إذا دعاه} [النمل: 62] دعاه ووضع يده في إناء الماء، ففار الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم، فأخذه حتى وقف على شفير البئر، فمضمض منه، ودعا، وصبه في البئر، ودعا، وقال لأصحابه: اتركوها ساعة، فعادوا إليها بعد ساعة ليجدوها ملأى بالماء، فشربوا وسقوا دوابهم، وملئوا بالماء أوعيتهم، وما نقص ماؤها، وأقاموا عندها أياما يشربون ويسقون وماؤها ثابت لا ينقص، معجزة عينية مادية، آمن بها من شهدها، حتى قال قائلهم: كنا ألفا وأربعمائة، ولو كنا مائة ألف لكفانا ماؤها. ولقد أقاموا تحت أشجار الحديبية أياما، تمنعهم قريش من أداء عمرتهم، وهم ينتظرون قضاء الله وقدره، فقد أحرموا بالعمرة من ذي الحليفة، وساقوا معهم هديهم من المدينة، فكيف يصدون عن المسجد الحرام وهم قوة، غلبت كفار قريش في مواقع كثيرة؟ الحماس يملؤهم أن يهاجموا قريشا بمكة، وأن يعتمروا إن بالسلم وإن بالقوة، ورسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا يصدر إلا عن أمر ربه يهدئ من حماسهم، ويراسل قريشا ويراسلونه، وأشيع أن عثمان رضي الله عنه رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قريش قد قتل، فقال صلى الله عليه وسلم: لئن كانوا قد قتلوه لأقاتلنهم، وأمر مناديه أن ينادي الناس من تحت أشجارهم أن يأتوه، فيبايعوه تحت الشجرة التي ينزل عندها، فجاءوا يمدون أيديهم إلى يده، يبايعونه، وهم إنما يبايعون الله، يد الله فوق أيديهم، يبايعونه على الثبات أمام الكفار في حربهم، وعدم الفرار حتى النصر أو الموت، بيعة هم الكاسبون فيها، فهم مؤمنون بقوله تعالى: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة} [التوبة: 111] بيعة لا يتربصون بها إلا إحدى الحسنيين، النصر أو الشهادة بيعة لله وفي الله ومن أجل الدفاع عن شريعة الإسلام، فكان أن رضي الله عنهم ورضوا عنه، وأنزل فيهم قوله: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا} [الفتح: 18] وأنزل الله الرعب في قلوب الذين كفروا، فأذعنوا إلى الصلح الذي كان أساسا لفتح مكة، وكانت نتيجته دخول الناس في دين الله أفواجا، واكتسبت هذه البيعة شهرة إسلامية لها ولأصحابها، وصار المبايعون تحت الشجرة يفخرون حياتهم بها، فقد كانت شهادة من الله لهم بما كانوا عليه من الإخلاص والسكينة، وكانت إعلانا عن مكافأة الله لهم بالرضا عنهم، بل اكتسبت الشجرة التي بايعوا تحتها شهرة لا تقل عن شهرة أصحابها. فعرفت بشجرة الرضوان، كما عرفت البيعة ببيعة الرضوان، وحرص الناس أن يتبركوا بها، أو بموضعها، فأخفى الله عليهم مكانها، حتى يكون توجههم إليه جل شأنه، لا إلى مخلوق من مخلوقاته، ومن تخيل مكانها، وأراد أن يتبرك به منعه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وزاد الخلف تعمية مكانها حتى اليوم، فصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. المباحث العربية (كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة) وكذا في الروايتين الخامسة والثامنة، وفي الرواية الثالثة كنا أربع عشرة مائة وفي الرواية العاشرة ونحن أربع عشرة مائة قال الحافظ ابن حجر: قيل: إنما عدل الصحابي عن قوله ألف وأربعمائة إلى قوله أربع عشرة مائة للإشارة إلى أن الجيش كان منقسما إلى المئات، وكانت كل مائة متميزة عن الأخرى، إما بالنسبة إلى القبائل، وإما بالنسبة إلى الصفات. وفي الرواية السادسة كنا ألفا وخمسمائة وفي السابعة كنا خمس عشرة مائة وفي الرواية التاسعة كان أصحاب الشجرة ألفا وثلاثمائة قال النووي: أكثر روايات البخاري ومسلم ألف وأربعمائة، وكذا ذكر البيهقي أن أكثر روايات هذا الحديث ألف وأربعمائة [وفي هذا ميل إلى ترجيح هذه الروايات على غيرها، والأخذ بها، وإهمال ما عداها، وإلى هذا جنح البيهقي، وقال: إن رواية من قال ألف وأربعمائة أصح] ثم قال النووي: ويمكن أن يجمع بينهما بأنهم كانوا ألفا وأربعمائة وكسرا، فمن قال: أربعمائة لم يعتبر الكسر، ومن قال خمسمائة جبر الكسر. اهـ. ويؤيد هذا الجمع ما جاء في رواية البراء بن عازب عند البخاري كانوا ألفا أو أكثر وما جاء في ابن سعد عن معقل بن يسار زهاء ألف وأربعمائة وجمع بعضهم بأن من ذكر ألفا وأربعمائة أراد من بايع فعلا، ومن ذكر الزيادة أرادهم مع الذين كانوا غائبين أثناء البيعة، كعثمان رضي الله عنه ومن كان معه، أو أرادهم مع توابع الجيش من النساء والصبيان والخدم، وجمع بعضهم بأن العدد الأقل: عدد من ابتدأ الخروج، والعدد الأكثر راعى من تلاحقوا بهم، وأما روايتنا التاسعة كان أصحاب الشجرة ألفا وثلاثمائة فقد قال عنها النووي: إن ابن أبي أوفى ترك بعضهم، لكونه لم يتقن العد، أو لغير ذلك. اهـ. وهناك روايات ضعيفة لم يلتفت إليها المحققون، منها ما جزم به موسى بن عقبة بأنهم كانوا ألفا وستمائة، وما أخرجه ابن أبي شيبة عن سلمة بن الأكوع أنهم كانوا ألفا وسبعمائة، وما حكاه ابن سعد أنهم كانوا ألفا وخمسمائة وخمسة وعشرين، وما ذكره ابن إسحق أنهم كانوا سبعمائة، وعزا ابن دحية سبب الاختلاف في عددهم أن الذين ذكروا عددهم لم يقصدوا التحديد، وإنما ذكروا ذلك على وجه التقريب، مع الحدس والتخمين، وهذا القول غير معقول . (وعمر آخذ بيده تحت الشجرة) في هذه الجملة دفع توهم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه تأخر عن البيعة، أو لم يبايع إلا بعد أن بايع الناس، فقد روى البخاري أن عمر يوم الحديبية أرسل ابنه عبد الله ليحضر له فرسا له كان عند رجل من الأنصار، ليحارب قريشا عليه، ودخل فلبس لباس الحرب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع عند الشجرة، وعمر لا يدري بذلك، وجاء ابنه بالفرس، ونظر عمر فإذا الناس محدقون بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقال عمر لابنه: انظر ما شأن الناس قد أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فذهب، فوجدهم يبايعون، فبايع، ثم رجع إلى أبيه، فأخبره، فخرج عمر رضي الله عنه فبايع. (وهي سمرة) بفتح السين وضم الميم وفتح الراء، أي شجرة عظيمة من شجر ترعاه الإبل، له شوك، صغر أو كبر. (بايعناه على ألا نفر، ولم نبايعه على الموت) في الرواية الثانية لم نبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت، إنما بايعناه على ألا نفر وفي الرواية الثالثة عشرة، سئل سلمة على أي شيء بايعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية؟ قال: على الموت وفي الرواية الرابعة عشرة إيماء بأن المبايعة تحت الشجرة كانت على الموت، ففيها هذا ابن حنظلة يبايع الناس. فقال: على ماذا؟ قال: على الموت. قال: لا أبايع على هذا أحدا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ففيه إشعار بأنه بايع النبي صلى الله عليه وسلم على الموت، ولا تنافي بين قولهم: بايعوه على الموت، وبين قولهم: بايعوه على عدم الفرار، لأن معنى المبايعة على الموت المبايعة على أن لا يفروا ولو ماتوا، وليس المراد أن يقع الموت ولا بد، وهذا معنى نفي جابر للمبايعة على الموت في الرواية الأولى والثانية، وحاصل الجمع أن من أطلق أن البيعة كانت على الموت أراد لازمها، لأنها إذا بويع على عدم الفرار لزم أن يثبت، والذي يثبت إما أن يغلب، وإما أن يؤسر، والذي يؤسر إما أن ينجو، وإما أن يموت، ولما كان الموت لا يؤمن في مثل ذلك أطلقه الراوي، وحاصله أن أحدهما حكى صورة البيعة، والآخر حكى ما تئول إليه. وجمع الترمذي بين النصين باحتمال أن البعض بايع على الموت، والبعض بايع على أن لا يفر. (دعا النبي صلى الله عليه وسلم على بئر الحديبية) روى البخاري عن البراء رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم أربع عشرة مائة، والحديبية بئر [كذا قيل: إن الحديبية اسم بئر، سميت المنطقة كلها باسمه] فنزحناها [في الشرب وسقي الدواب] فلم نترك فيها قطرة، فبلغ ذلك صلى الله عليه وسلم [وفي رواية جابر عطش الناس يوم الحديبية، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة -إناء صغير أو دلو صغير من جلد، يشرب منه- فتوضأ منها، ثم أقبل الناس نحوه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لكم؟ قالوا: يا رسول الله، ليس عندنا ماء نتوضأ به، ولا نشرب إلا ما في ركوتك، فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده في الركوة، فجعل الماء يفور من بين أصابعه، كأمثال العيون وفي رواية البراء فأتاها، فجلس على شفيرها، ثم دعا بإناء من ماء، فتوضأ، ثم مضمض، ودعا، ثم صبه فيها، ثم قال: دعوها ساعة. فشربوا وتوضئوا قيل لجابر: كم كنتم يومئذ؟ قال -كما في الرواية السادسة- لو كنا مائة ألف لكفانا. فمعنى قوله دعا على بئر الحديبية أي دعا فيها بالبركة. (لو كنت أبصر لأريتكم موضع الشجرة) كان جابر رضي الله عنه قد عمي في آخر عمره. (وكانت أسلم ثمن المهاجرين) أي كانت قبيلة أسلم ثمن بضم الثاء وسكون الميم وضمها، قال الواقدي: كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الحديبية من أسلم مائة رجل، فعلى هذا كان المهاجرون ثمانمائة رجل. (وأنا رافع غصنا من أغصانها عن رأسه) قلنا: إن الشجرة كانت كبيرة من شجر الشوك، فكان غصن من أغصانها قريبا من النبي صلى الله عليه وسلم رفعه معقل بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم. (فانطلقنا في قابل حاجين) أي في العام القابل حاجين جمع مذكر سالم، قال الحافظ ابن حجر: كذا أطلق، وهم كانوا معتمرين، لكن يطلق عليها الحج، كما يقال: العمرة الحج الأصغر. (فخفي علينا مكانها) في رواية البخاري فعميت علينا أي أبهمت، وفي رواية فعمي علينا مكانها، أي اشتبهت الشجرة المعينة المباركة بأشجار أخر، ولم يكن لها علامة مميزة فأصبح من المستحيل تعيينها ومعرفتها من بين مثيلاتها، وفي رواية للبخاري ورجعنا من العام المقبل، فما اجتمع منا اثنان على الشجرة التي بايعنا تحتها، كانت رحمة من الله أي كان خفاؤها عليهم بعد ذلك رحمة من الله تعالى، أو المعنى كانت الشجرة موضع رحمة الله ورضوانه، لنزول الرضا عن المؤمنين عندها. (فإن كانت تبينت لكم فأنتم أعلم) في رواية للبخاري عن طارق بن عبد الرحمن قال: انطلقت حاجا فمررت بقوم يصلون، قلت: ما هذا المسجد؟ قالوا: هذه الشجرة، حيث بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان. قال: فأتيت سعيد بن المسيب، فأخبرته، فقال سعيد: حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة، قال: فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها، فلم نقدر عليها، فقال سعيد: إن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لم يعلموها؟ وعلمتموها أنتم؟ -جماعة التابعين أو أتباع التابعين- فأنتم أعلم؟ قال هذا الكلام منكرا، على سبيل التهكم. (هذا ابن حنظلة يبايع الناس) عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر، الذي يعرف أبوه بغسيل الملائكة. والسبب في تلقيبه بذلك أنه قتل بأحد وهو جنب، فغسلته الملائكة، وعلقت امرأته تلك الليلة بابنه عبد الله بن حنظلة، فمات النبي صلى الله عليه وسلم وله سبع سنين، وقد حفظ عنه. وكان عبد الله بن حنظلة يأخذ بيعة الناس على الطاعة له، وخلع يزيد بن معاوية، وذلك أن يزيد بن معاوية كان قد عين على المدينة ابن عمه عثمان بن محمد بن أبي سفيان أميرا، فأوفد هذا الأمير إلى يزيد جماعة من أهل المدينة، منهم عبد الله بن حنظلة في آخرين، فأكرمهم يزيد، لكن لما رجعوا عابوه ونسبوه إلى شرب الخمر وغير ذلك، ثم وثبوا على الأمير عثمان فأخرجوه من المدينة، وخلعوا يزيد بن معاوية، وكان الأمير على الأنصار عبد الله بن حنظلة، وعلى قريش عبد الله بن مطيع، وعلى غيرهم من القبائل معقل بن يسار، فكان عبد الله بن حنظلة في هذا الوقت يأخذ البيعة لنفسه، ويستعد بأتباعه لحرب يزيد بن معاوية، ولما بلغ ذلك يزيد جهز إليهم جيشا بقيادة مسلم بن عقبة المري وأمره أن يدعوهم ثلاثا، فإن رجعوا، وإلا قاتلهم، فإن هزمهم استباح المدينة للجيش ثلاثا، ثم كف عنهم، فوصل إليهم، فحاربوه، فانهزموا، وقتل ابن حنظلة، وفر ابن مطيع، وأباح مسلم بن عقبة المدينة ثلاثا. فقه الحديث لهذه الأحاديث علاقة وثيقة بغزوة الحديبية، وقد تعرضنا لكثير من مسائلها هناك، وقد ذكر أهل المغازي السبب في بيعة الرضوان، فقالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل بالحديبية أحب أن يبعث إلى قريش رجلا يخبرهم بأنه إنما جاء معتمرا، فدعا عمر ليبعثه، فقال والله لا آمنهم على نفسي، فدعا عثمان، فأرسله، وأمره أن يبشر المستضعفين من المؤمنين بالفتح القريب، وأن الله سيظهر دينه، فتوجه عثمان، فوجد قريشا نازلين ببلدح، قد اتفقوا على أن يمنعوا النبي صلى الله عليه وسلم من دخول مكة، فأجاره أبان بن سعيد بن العاص، وبعثت قريش بديل بن ورقاء وسهيل بن عمرو إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد مضت القصة مطولة في غزوة الحديبية، وآمن الناس بعضهم بعضا، وبينما هم في انتظار الصلح، إذ رمى رجل من أحد الفريقين رجلا من الفريق الآخر، فقامت معركة، وتراموا بالنبال والحجارة، فارتهن كل فريق من عندهم، وأشيع أن عثمان قتل، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة، وهو نازل تحت الشجرة التي كان يستظل بها، فبايعوه على أن لا يفروا حتى النصر أو الموت، وألقى الله الرعب في قلوب الكفار، فأذعنوا إلى المصالحة. وفي فضل أصحاب الشجرة يقول الله تعالى: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا} [الفتح: 18]. وفي روايتنا الخامسة يقول صلى الله عليه وسلم لأهل الشجرة أنتم اليوم خير أهل الأرض وعند أحمد بإسناد حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: أوقدوا واصطنعوا، فإنه لا يدرك قوم بعدكم صاعكم ولا مدكم وعند مسلم من حديث جابر مرفوعا لا يدخل النار من شهد بدرا والحديبية وعنده أيضا لا يدخل النار أحد من أصحاب الشجرة. وتمسك به بعض الشيعة في تفضيل علي، على عثمان، لأن عليا كان من جملة من خوطب بذلك، وممن بايع تحت الشجرة، وكان عثمان حينئذ غائبا، وهذا التمسك باطل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم بايع عنه، فاستوى معهم عثمان في الخيرية المذكورة، ولم يقصد في الحديث تفضيل بعضهم على بعض. كما استدل به على أن الخضر ليس حيا، لأنه لو كان حيا، مع ثبوت كونه نبيا للزم تفضيل غير النبي على النبي، وهو باطل، فدل على أنه ليس بحي حينئذ، وأجاب بعضهم باحتمال أن يكون حينئذ حاضرا معهم، ولم يقصد إلى تفضيل بعضهم على بعض، أو لم يكن على وجه الأرض، بل كان في البحر، قال الحافظ ابن حجر: والثاني جواب ساقط، وعكس ابن التين فاستدل بالحديث على أن الخضر ليس بنبي، فبنى الأمر على أنه حي، وأنه دخل في عموم من فضل النبي صلى الله عليه وسلم أهل الشجرة عليهم، وأغرب ابن التين، فجزم أن إلياس ليس بنبي، وبناه على قول من زعم أنه أيضا حي، وكونه حيا ضعيف، أما كونه ليس بنبي فباطل، ففي القرآن الكريم: {وإن إلياس لمن المرسلين} [الصافات: 123] فكيف يكون أحد من بني آدم مرسلا وليس بنبي؟. ويؤخذ من قول جابر رضي الله عنه، في ملحق الرواية الخامسة لو كنت أبصر لأريتكم موضع الشجرة أن بعض الصحابة كان يضبط مكانها على التعيين، بعلامات حفظها، كذا قال الحافظ ابن حجر، وقال: ثم وجدت عن ابن سعد بإسناد صحيح عن نافع أن عمر بلغه أن قوما يأتون الشجرة، فيصلون عندها، فتوعدهم، ثم أمر بقطعها، فقطعت. اهـ. وكأن ابن حجر يميل إلى أن الشجرة كانت معلومة، وأن مكانها كان معلوما إلى عهد عمر، ونحن نستبعد ذلك، فما كان يفعله الناس، وما فعله عمر ليس دليلا على أنها هي هي، فالناس توهموها في شجرة ما، فأخذوا يتبركون بها، كما تهكم سعيد بن المسيب على من ادعى معرفتها، وقطع عمر لشجرة يتوهمها الناس من باب سد الذرائع، وقطع الشبهات، وما قاله جابر رضي الله عنه يحمل على أن العلامات كانت في مخيلته قبل أن يصاب بالعمى، وقبل أن تغير هذه المعالم بقطعها أو قطع ما حولها من أشجار، وتكسير ما يقاربها من أحجار، وقد كان الزمن بين رؤيته لها في الحديبية وبين إخباره بهذا الخبر يزيد على الستين عاما، فقد توفي سنة أربع وسبعين من الهجرة، وهي كفيلة بتغيير كل المعالم بفعل الحطابين والرعاة، وكثيرا ما يخيل للمرء أنه يستطيع فعل شيء، ثم لا يستطيعه أمام الواقع، وأمام المستجدات التي لم يكن يقدرها، ويكفينا أن سعيد بن المسيب حاول التعرف عليها أو على مكانها بعد عام واحد فلم يستطع التعرف عليها، ولم يثبت من طريق صحيح أن أحدا ممن بايع تحتها تعرف عليها، بل قال ابن عمر -فيما رواه البخاري رجعنا من العام المقبل، فما اجتمع منا اثنان على الشجرة التي بايعنا تحتها أي بذلت المحاولات لمعرفتها بعد عام فلم يتعرف عليها، وتلك إرادة الله، قال الحافظ ابن حجر: وبيان الحكمة في ذلك أن لا يحصل بها افتتان، لما وقع تحتها من الخير، فلو بقيت لما أمن تعظيم بعض الجهال لها، حتى ربما أفضى بهم إلى اعتقاد أن لها قوة نفع أو ضر، كما نراه الآن مشاهدا فيما هو دونها، وإلى ذلك أشار ابن عمر، بقوله كانت رحمة من الله أي كان خفاؤها عليهم بعد ذلك رحمة من الله تعالى. وفي الحديث معجزة ماء البئر للنبي صلى الله عليه وسلم. وفيه المبايعة على الحرب. والصبر في قتال الكفار، لأن البيعة على ألا نفر معناه الصبر حتى نظفر بعدونا أو نقتل. قال النووي: وكان في أول الإسلام يجب على العشرة من المسلمين أن يصبروا لمائة من الكفار، ولا يفروا منهم، وعلى المائة الصبر لألف كافر، ثم نسخ ذلك، وصار الواجب مصابرة المثلين فقط. هذا مذهبنا ومذهب ابن عباس ومالك والجمهور، أن الآية منسوخة [وهي قوله تعالى في سورة الأنفال: {يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون} [الأنفال: 65] والناسخ لها قوله تعالى بعدها: {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين} [الأنفال: 66] وقال أبو حنيفة وطائفة: ليست بمنسوخة، واختلفوا في: هل المعتبر مجرد العدد، من غير مراعاة القوة والضعف؟ أم يراعى؟ والجمهور على أنه لا يراعى، لظاهر القرآن الكريم. والله أعلم.

    وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ بِمِثْلِ حَدِيثِ مَرْوَانَ سَوَاءً ‏.‏

    The same tradition has been narrated through another chain of transmitters on the same authority

    {…} Bana bu hadisi Muhammed b. Rafi* dahi rivayet etti. (Dediki): Bize Ebû Usame rivayet etti. (Dediki): Bana ismail, Kays'dan rivayet etti. (Demişki): Muğire b. Şu'be'yi şunu söylerken dinledim: Ben Resûlullah (Sallalldhu Aleyhi ve Sellem)'i şöyle buyururken işittim... Ravi tamamiyle Mervan hadîsi gibi rivayette bulunmuştur. İzah 1925 te

    ترجمہ وہی جو اوپر گزرا۔

    মুহাম্মাদ ইবনু রাফি (রহঃ) ..... মুগীরাহ ইবনু শুবাহ্ (রাযিঃ) হতে বর্ণিত। তিনি বলেন, আমি রসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম কে বলতে শুনেছি- মারওয়ানের হাদীসের সম্পূর্ণ অনুরূপ। (ইসলামিক ফাউন্ডেশন ৪৭৯৯, ইসলামীক সেন্টার)