• 2563
  • عَنْ أَبِي بَكْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا ، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ : ذُو الْقَعْدَةِ ، وَذُو الْحِجَّةِ ، وَالْمُحَرَّمُ ، وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ " ، ثُمَّ قَالَ : " أَيُّ شَهْرٍ هَذَا ؟ " قُلْنَا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ ، قَالَ : " أَلَيْسَ ذَا الْحِجَّةِ ؟ " قُلْنَا : بَلَى ، قَالَ : " فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا ؟ " قُلْنَا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ ، قَالَ : " أَلَيْسَ الْبَلْدَةَ ؟ " ، قُلْنَا : بَلَى ، قَالَ : " فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا ؟ " قُلْنَا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ ، قَالَ : " أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ ؟ " قُلْنَا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : " فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ - قَالَ مُحَمَّدٌ : وَأَحْسِبُهُ قَالَ : وَأَعْرَاضَكُمْ - حَرَامٌ عَلَيْكُمْ ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا ، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا ، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا ، وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ ، فَلَا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي كُفَّارًا - أَوْ ضُلَّالًا - يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ ، أَلَا لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يُبَلِّغُهُ يَكُونُ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ " ، ثُمَّ قَالَ : " أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ ؟ "

    حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَيَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ ، وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ ، قَالَا : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا ، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ : ذُو الْقَعْدَةِ ، وَذُو الْحِجَّةِ ، وَالْمُحَرَّمُ ، وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ ، ثُمَّ قَالَ : أَيُّ شَهْرٍ هَذَا ؟ قُلْنَا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ ، قَالَ : أَلَيْسَ ذَا الْحِجَّةِ ؟ قُلْنَا : بَلَى ، قَالَ : فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا ؟ قُلْنَا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ ، قَالَ : أَلَيْسَ الْبَلْدَةَ ؟ ، قُلْنَا : بَلَى ، قَالَ : فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا ؟ قُلْنَا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ ، قَالَ : أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ ؟ قُلْنَا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ - قَالَ مُحَمَّدٌ : وَأَحْسِبُهُ قَالَ : وَأَعْرَاضَكُمْ - حَرَامٌ عَلَيْكُمْ ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا ، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا ، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا ، وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ ، فَلَا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي كُفَّارًا - أَوْ ضُلَّالًا - يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ ، أَلَا لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يُبَلِّغُهُ يَكُونُ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ ، ثُمَّ قَالَ : أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ ؟ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي رِوَايَتِهِ : وَرَجَبُ مُضَرَ ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ : فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي

    استدار: استدار كهيئته : المراد رجع أمر الحج إلى أصل الحساب والوضع الذي اختاره الله وذلك أن العرب كانوا يؤخرون المحرم ليقاتلوا فيه
    كهيئته: الهيئة : صُورَةُ الشَّيء وشَكْلُه وحَالَتُه
    حرم: حُرُم : محرمون
    النحر: يوم النحر : اليوم الأول من عيد الأضحى
    أوعى: الوعي : الإدراك والحفظ والفهم
    دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ - قَالَ مُحَمَّدٌ : وَأَحْسِبُهُ قَالَ : وَأَعْرَاضَكُمْ -
    حديث رقم: 4167 في صحيح البخاري كتاب المغازي باب حجة الوداع
    حديث رقم: 5254 في صحيح البخاري كتاب الأضاحي باب من قال الأضحى يوم النحر
    حديث رقم: 7049 في صحيح البخاري كتاب التوحيد باب قول الله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} [القيامة: 23]
    حديث رقم: 67 في صحيح البخاري كتاب العلم باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «رب مبلغ أوعى من سامع»
    حديث رقم: 104 في صحيح البخاري كتاب العلم باب: ليبلغ العلم الشاهد الغائب
    حديث رقم: 1666 في صحيح البخاري كتاب الحج باب الخطبة أيام منى
    حديث رقم: 3050 في صحيح البخاري كتاب بدء الخلق باب ما جاء في سبع أرضين
    حديث رقم: 4407 في صحيح البخاري كتاب تفسير القرآن باب قوله: {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله، يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين
    حديث رقم: 6702 في صحيح البخاري كتاب الفتن باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا ترجعوا بعدي كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض»
    حديث رقم: 3266 في صحيح مسلم كِتَابُ الْقَسَامَةِ وَالْمُحَارِبِينَ وَالْقِصَاصِ وَالدِّيَاتِ بَابُ تَغْلِيظِ تَحْرِيمِ الدِّمَاءِ وَالْأَعْرَاضِ وَالْأَمْوَالِ
    حديث رقم: 1700 في سنن أبي داوود كِتَاب الْمَنَاسِكِ بَابُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ
    حديث رقم: 4102 في السنن الصغرى للنسائي كتاب تحريم الدم تحريم القتل
    حديث رقم: 231 في سنن ابن ماجة الْمُقَدِّمَةُ بَابٌ فِي فَضَائِلِ أَصَحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 19909 في مسند أحمد ابن حنبل أَوَّلُ مُسْنَدِ الْبَصْرِيِّينَ حَدِيثُ أَبِي بَكَرَةَ نُفَيْعِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ
    حديث رقم: 19910 في مسند أحمد ابن حنبل أَوَّلُ مُسْنَدِ الْبَصْرِيِّينَ حَدِيثُ أَبِي بَكَرَةَ نُفَيْعِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ
    حديث رقم: 19929 في مسند أحمد ابن حنبل أَوَّلُ مُسْنَدِ الْبَصْرِيِّينَ حَدِيثُ أَبِي بَكَرَةَ نُفَيْعِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ
    حديث رقم: 19940 في مسند أحمد ابن حنبل أَوَّلُ مُسْنَدِ الْبَصْرِيِّينَ حَدِيثُ أَبِي بَكَرَةَ نُفَيْعِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ
    حديث رقم: 19968 في مسند أحمد ابن حنبل أَوَّلُ مُسْنَدِ الْبَصْرِيِّينَ حَدِيثُ أَبِي بَكَرَةَ نُفَيْعِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ
    حديث رقم: 19971 في مسند أحمد ابن حنبل أَوَّلُ مُسْنَدِ الْبَصْرِيِّينَ حَدِيثُ أَبِي بَكَرَةَ نُفَيْعِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ
    حديث رقم: 19979 في مسند أحمد ابن حنبل أَوَّلُ مُسْنَدِ الْبَصْرِيِّينَ حَدِيثُ أَبِي بَكَرَةَ نُفَيْعِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ
    حديث رقم: 20011 في مسند أحمد ابن حنبل أَوَّلُ مُسْنَدِ الْبَصْرِيِّينَ حَدِيثُ أَبِي بَكَرَةَ نُفَيْعِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ
    حديث رقم: 6074 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ كِتَابُ الرَّهْنِ
    حديث رقم: 6075 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ كِتَابُ الرَّهْنِ
    حديث رقم: 3921 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الْحَجِّ بَابٌ الْوقُوفُ بِعَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ وَالدَّفْعُ مِنْهُمَا
    حديث رقم: 6073 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ كِتَابُ الرَّهْنِ
    حديث رقم: 3964 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ المناسك إِشْعَارُ الْهَدْيِ
    حديث رقم: 36489 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الْفِتَنِ مَنْ كَرِهَ الْخُرُوجَ فِي الْفِتْنَةِ وَتَعَوَّذَ عَنْهَا
    حديث رقم: 1543 في سنن الدارمي مِنْ كِتَابِ الْمَنَاسِكِ بَابٌ فِي الْخُطْبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ
    حديث رقم: 428 في المعجم الصغير للطبراني بَابُ الْحِاءِ بَابُ مَنِ اسْمُهُ حَاتِمٌ
    حديث رقم: 971 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْأَلِفِ مَنِ اسْمُهُ أَحْمَدُ
    حديث رقم: 889 في مسند الطيالسي أَبُو بَكْرَةَ أَبُو بَكْرَةَ
    حديث رقم: 113 في مشيخة ابن طهمان مشيخة ابن طهمان
    حديث رقم: 114 في مشيخة ابن طهمان مشيخة ابن طهمان
    حديث رقم: 1757 في الطبقات الكبير لابن سعد المجلد الثاني حَجَّةُ الْوَدَاعِ ثُمَّ حَجَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ سَنَةَ عَشْرٍ مِنْ مُهَاجَرِهِ وَهِيَ الَّتِي يُسَمِّي النَّاسُ حَجَّةَ الْوَدَاعِ , وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُسَمُّونَهَا حَجَّةَ الْإِسْلَامِ ، قَالُوا : أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ يُضَحِّي كُلَّ عَامٍ وَلَا يَحْلِقُ وَلَا يُقَصِّرُ وَيَغْزُو الْمَغَازِيَ وَلَا يَحُجُّ حَتَّى كَانَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ عَشْرٍ مِنْ مُهَاجَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَجْمَعَ الْخُرُوجَ إِلَى الْحَجِّ وَآذَنَ النَّاسَ بِذَلِكَ , فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ يَأْتَمُّونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ وَلَمْ يَحُجَّ غَيْرَهَا مُنْذُ تُنُبئَ إِلَى أَنْ تَوَفَّاهُ اللَّهُ , وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَكْرَهُ أَنْ يُقَالَ حَجَّةُ الْوَدَاعِ وَيَقُولُ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ , فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ مُغْتَسِلًا مُتَدَهِّنًا مُتَرَجِّلًا مُتَجَرِّدًا فِي ثَوْبَيْنِ صُحَارِيَّيْنِ إِزَارٌ , وَرِدَاءٌ , وَذَلِكَ يَوْمُ السَّبْتِ لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ فَصَلَّى الظُّهْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ وَأَخْرَجَ مَعَهُ نِسَاءَهُ كُلَّهُنَّ فِي الْهَوَادِجِ ، وَأَشْعَرَ هَدْيَهُ وَقَلَّدَهُ ثُمَّ رَكِبَ نَاقَتَهُ , فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَيْهَا بِالْبَيْدَاءِ أَحْرَمَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ وَكَانَ عَلَى هَدْيِهِ نَاجِيَةُ بْنُ جُنْدُبٍ الْأَسْلَمَيُّ , وَاخْتُلِفَ عَلَيْنَا فِيمَا أَهَلَّ بِهِ فَأَهْلُ الْمَدِينَةِ ، يَقُولُونَ : أَهَلَّ بِالْحَجِّ مُفْرِدًا , وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِهِمْ أَنَّهُ قَرَنَ مَعَ حَجَّتِهِ عُمْرَةً وَقَالَ : بَعْضُهُمْ دَخَلَ مَكَّةَ مُتَمَتِّعًا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ أَضَافَ إِلَيْهَا حَجَّةً , وَفِي كُلٍّ رِوَايَةٌ , وَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَمَضَى يَسِيرُ الْمَنَازِلَ وَيَؤُمُّ أَصْحَابَهُ فِي الصَّلَوَاتِ فِي مَسَاجِدَ لَهُ قَدْ بَنَاهَا النَّاسُ وَعَرَفُوا مَوَاضِعَهَا وَكَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ فَغَرَبَتْ لَهُ الشَّمْسُ بِسَرِفٍ ثُمَّ أَصْبَحَ فَاغْتَسَلَ وَدَخَلَ مَكَّةَ نَهَارًا وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ الْقَصْوَاءِ , فَدَخَلَ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ حَتَّى انْتَهَى إِلَى بَابِ بَنِي شَيْبَةَ , فَلَمَّا رَأَى الْبَيْتَ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ : اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً , وَزِدْ مَنْ عَظَّمَهُ مِمَّنْ حَجَّهُ وَاعْتَمَرَهُ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً وَتَعْظِيمًا وَبِرًا ثُمَّ بَدَأَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَرَمَلَ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ وَهُوَ مُضْطَبِعٌ بِرِدَائِهِ , ثُمَّ صَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى رَاحِلَتِهِ مِنْ فَوْرِهِ ذَلِكَ . وَكَانَ قَدِ اضْطَرَبَ بِالْأَبْطَحِ فَرَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ . فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةَ بِيَوْمٍ خَطَبَ بِمَكَّةَ بَعْدَ الظُّهْرِ ثُمَّ خَرَجَ يَوْمَ التَّرْوِيَةَ إِلَى مِنًى فَبَاتَ بِهَا ثُمَّ غَدَا إِلَى عَرَفَاتٍ فَوَقَفَ بِالْهِضَابِ مِنْ عَرَفَاتٍ ، وَقَالَ : كُلُّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ إِلَّا بَطْنَ عُرَنَةَ ؛ فَوَقَفَ عَلَى رَاحِلَتِهِ يَدْعُو فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ دَفَعَ فَجَعَلَ يَسِيرُ الْعَنَقَ فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ حَتَّى جَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ فَنَزَلَ قَرِيبًا مِنَ النَّارِ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ ثُمَّ بَاتَ بِهَا فَلَمَّا كَانَ السَّحَرُ أَذِنَ لِأَهْلِ الضَّعْفِ مِنَ الذُّرِّيَّةَ وَالنِّسَاءِ أَنْ يَأْتُوا مِنًى قَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : وَجَعَلَ يَلْطَحُ أَفْخَاذَنَا وَيَقُولُ : أَبَنِيَّ لَا تَرْمُوا حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ , يَعْنِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ , فَلَمَّا بَرَقَ الْفَجْرُ صَلَّى نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَوَقَفَ عَلَى قُزَحٍ ، وَقَالَ : كُلُّ الْمُزْدَلِفَةِ مَوْقِفٌ إِلَّا بَطْنُ مُحَسِّرٍ ثُمَّ دَفَعَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى مُحَسِّرٍ أَوْضَعَ وَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ , ثُمَّ نَحَرَ الْهَدْيَ وَحَلَقَ رَأْسَهُ وَأَخَذَ مِنْ شَارِبَهِ وَعَارِضَيْهِ وَقَلَّمَ أَظْفَارَهُ وَأَمَرَ بِشَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ أَنْ تُدْفَنَ , ثُمَّ أَصَابَ الطِّيبَ وَلَبِسَ الْقَمِيصَ , وَنَادَى مُنَادِيَهُ بِمِنًى : إِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ : وَبَاءَةٍ , وَجَعَلَ يَرْمِي الْجِمَارَ فِي كُلِّ يَوْمٍ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ , ثُمَّ خَطَبَ الْغَدَ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ بَعْدَ الظُّهْرِ عَلَى نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ ثُمَّ صَدَرَ يَوْمَ الصَّدْرِ الْآخِرِ وَقَالَ : إِنَّمَا هُنَّ ثَلَاثٌ يُقِيمُهُنَّ الْمُهَاجِرُ بَعْدَ الصَّدَرِ , يَعْنِي بِمَكَّةَ , ثُمَّ وَدَّعَ الْبَيْتَ وَانْصَرَفَ رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَةِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 1823 في أخبار مكة للفاكهي أخبار مكة للفاكهي ذِكْرُ قِيَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ يَعِظُ النَّاسَ فِي
    حديث رقم: 17 في حديث نضر الله امرأ لابن حكيم المديني حديث نضر الله امرأ لابن حكيم المديني أَبُو بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 16 في حديث نضر الله امرأ لابن حكيم المديني حديث نضر الله امرأ لابن حكيم المديني أَبُو بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 18 في حديث نضر الله امرأ لابن حكيم المديني حديث نضر الله امرأ لابن حكيم المديني أَبُو بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 19 في حديث نضر الله امرأ لابن حكيم المديني حديث نضر الله امرأ لابن حكيم المديني أَبُو بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 30 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مَا أُشْكِلَ عَلَيْنَا مِمَّا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ
    حديث رقم: 1256 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّىَ اللَّهُ عَلَيْهِ

    [1679] قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ والأرض السنة اثنى عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ شَهْرُ مضرالَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ) أَمَّا ذُو الْقَعْدَةِ فَبِفَتْحِ الْقَافِ وَذُو الْحِجَّةِ بِكَسْرِ الْحَاءِ هَذِهِ اللُّغَةُ الْمَشْهُورَةُ وَيَجُوزُ فِي لُغَةٍ قَلِيلَةٍ كَسْرُ الْقَافِ وَفَتْحُ الْحَاءِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أن الأشهر الْحُرُمَ الْأَرْبَعَةَ هِيَ هَذِهِ الْمَذْكُورَةُ فِي الْحَدِيثِ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي الْأَدَبِ الْمُسْتَحَبِّ فِي كَيْفِيَّةِ عَدِّهَا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَهْلِ الْأَدَبِ يُقَالُ الْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ لِيَكُونَ الْأَرْبَعَةُ مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ عُلَمَاءُ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ هِيَ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ ثَلَاثَةٌ سَرْدٌ وَوَاحِدٌ فَرْدٌ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ مِنْهَا هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ وَعَلَى هَذَا الِاسْتِعْمَالِ أَطْبَقَ النَّاسُ مِنَ الطَّوَائِفِ كُلِّهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ وَإِنَّمَا قَيَّدَهُ هَذَا التَّقْيِيدَ مُبَالَغَةً فِي إِيضَاحِهِ وَإِزَالَةً لِلَّبْسِ عَنْهُ قَالُوا وَقَدْ كَانَ بَيْنَ بَنِي مُضَرَ وَبَيْنَ رَبِيعَةَ اخْتِلَافٌ فِي رَجَبٍ فَكَانَتْ مُضَرُ تَجْعَلُ رَجَبًا هَذَا الشَّهْرَ الْمَعْرُوفَ الْآنَ وَهُوَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ وَكَانَتْ رَبِيعَةُ تَجْعَلُهُ رَمَضَانَ فَلِهَذَا أَضَافَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مُضَرَ وَقِيلَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُعَظِّمُونَهُ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِمْ وَقِيلَ إِنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تُسَمِّي رَجَبًا وَشَعْبَانَ الرَّجَبَيْنِ وَقِيلَ كَانَتْ تُسَمِّي جُمَادَى وَرَجَبًا جُمَادَيْنِ وَتُسَمِّي شَعْبَانَ رَجَبًا وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فَقَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَتَمَسَّكُونَ بِمِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَحْرِيمِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَكَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ تَأْخِيرُ الْقِتَالِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ مُتَوَالِيَاتٍ فَكَانُوا إِذَا احْتَاجُوا إِلَى قِتَالٍ أَخَّرُوا تَحْرِيمَ الْمُحَرَّمِ إِلَى الشَّهْرِ الَّذِي بَعْدَهُ وَهُوَ صَفَرٌ ثُمَّ يُؤَخِّرُونَهُ فِي السَّنَةِ الْأُخْرَى إِلَى شَهْرٍ آخَرَ وَهَكَذَا يَفْعَلُونَ فِي سَنَةٍ بَعْدَ سَنَةٍ حَتَّى اخْتَلَطَ عَلَيْهِمُ الْأَمْرُ وَصَادَفَتْ حَجَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْرِيمَهُمْ وَقَدْ تَطَابَقَ الشَّرْعُ وَكَانُوا فِي تِلْكَ السَّنَةِ قَدْ حَرَّمُوا ذَا الْحِجَّةِ لِمُوَافَقَةِ الْحِسَابِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الِاسْتِدَارَةَ صَادَفَتْ مَا حَكَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ كَانُوا يَنْسَئُونَ أَيْ يُؤَخِّرُونَ وَهُوَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الكفر فَرُبَّمَا احْتَاجُوا إِلَى الْحَرْبِ فِي الْمُحَرَّمِ فَيُؤَخِّرُونَ تَحْرِيمَهُ إِلَى صَفَرٍ ثُمَّ يُؤَخِّرُونَ صَفَرٍ فِي سَنَةٍ أُخْرَى فَصَادَفَ تِلْكَ السَّنَةَ رُجُوعَ الْمُحَرَّمِ إِلَى مَوْضِعِهِ وَذَكَرَ الْقَاضِيوُجُوهًا أُخَرَ فِي بَيَانِ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَتْ بِوَاضِحَةٍ وَيُنْكَرُ بَعْضُهَا قَوْلُهُ (ثُمَّ قَالَ أَيُّ شَهْرٍ هَذَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ أَلَيْسَ ذَا الْحِجَّةَ قُلْنَا بَلَى قَالَ فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ إِلَى آخِرِهِ) هَذَا السُّؤَالُ وَالسُّكُوتُ وَالتَّفْسِيرُ أَرَادَ بِهِ التَّفْخِيمَ وَالتَّقْرِيرَ وَالتَّنْبِيهَ عَلَى عِظَمِ مَرْتَبَةِ هَذَا الشَّهْرِ وَالْبَلَدِ وَالْيَوْمِ وَقَوْلُهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ هَذَا مِنْ حُسْنِ أَدَبِهِمْ وَأَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَا يَعْرِفُونَهُ مِنَ الْجَوَابِ فَعَرَفُوا أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقَ الْإِخْبَارِ بِمَا يَعْرِفُونَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا) الْمُرَادُ بِهَذَا كُلِّهِ بَيَانُ تَوْكِيدِ غِلَظِ تَحْرِيمِ الْأَمْوَالِ وَالدِّمَاءِ وَالْأَعْرَاضِ وَالتَّحْذِيرُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَلَا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي ضُلَّالًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ) هَذَا الْحَدِيثُ سَبَقَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ وَذِكْرُ بَيَانِ إِعْرَابِهِ وَأَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ يَقُولُ بِالتَّكْفِيرِ بِالْمَعَاصِي بَلِ الْمُرَادُ بِهِ كُفْرَانُ النِّعَمِ أَوْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنِ اسْتَحَلَّ قِتَالَ الْمُسْلِمِينَ بِلَا شُبْهَةٍ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ) فِيهِ وُجُوبُ تَبْلِيغِ الْعِلْمِ وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَيَجِبُ تَبْلِيغُهُ بِحَيْثُ يَنْتَشِرُ قَوْلُهُصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يَبْلُغُهُ يَكُونُ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ) احْتَجَّ بِهِ الْعُلَمَاءُ لِجَوَازِ رِوَايَةِ الْفُضَلَاءِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الشُّيُوخِ الَّذِينَ لَا عِلْمَ لَهُمْ عِنْدَهُمْ وَلَا فِقْهَ إِذَا ضَبَطَ مَا يُحَدِّثُ به قَوْلُهُ (قَعَدَ عَلَى بَعِيرِهِ وَأَخَذَ إِنْسَانٌ بِخِطَامِهِ) إِنَّمَا أَخَذَ بِخِطَامِهِ لِيَصُونَ الْبَعِيرَ مِنَ الِاضْطِرَابِ عَلَى صَاحِبِهِ وَالتَّهْوِيشِ عَلَى رَاكِبِهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْخُطْبَةِ عَلَى مَوْضِعٍ عَالٍ مِنْ مِنْبَرٍ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ وَغَيْرِهِمَا وَحِكْمَتُهُ أَنَّهُ كُلَّمَا ارْتَفَعَ كَانَ أَبْلَغَ فِي إِسْمَاعِهِ النَّاسَ وَرُؤْيَتِهِمْ إِيَّاهُ وَوُقُوعِ كَلَامِهِ فِي نُفُوسِهِمْ قَوْلُهُ (انْكَفَأَ إِلَى كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَذَبَحَهُمَا وَإِلَى جُزَيْعَةٍ مِنَ الْغَنَمِ فَقَسَمَهَا بَيْنَنَا) انْكَفَأَ بِهَمْزِ آخِرِهِ أَيِ انْقَلَبَ وَالْأَمْلَحُ هُوَ الَّذِي فيه بياض)وَسَوَادٌ وَالْبَيَاضُ أَكْثَرُ وَقَوْلُهُ جُزَيْعَةٌ بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الزَّايِ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ جَزِيعَةٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الزَّايِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي رِوَايَةِ الْمُحَدِّثِينَ وَهُوَ الَّذِي ضَبَطَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الْغَنَمِ تَصْغِيرُ جِزْعَةٍ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَهِيَ الْقَلِيلُ مِنَ الشَّيْءِ يُقَالُ جَزَعَ لَهُ مِنْ مَالِهِ أي قطع وبالثاني ضبطه بن فَارِسٍ فِي الْمُجْمَلِ قَالَ وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الغنم وكأنها فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ كَضَفِيرَةٍ بِمَعْنَى مَضْفُورَةٍ قَالَ الْقَاضِي قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ قَوْلُهُ ثُمَّ انْكَفَأَ إِلَى آخر الحديث وهم من بن عون فيما قيل وإنما رواه بن سيرين عن أنس فأدرجه بن عَوْنٍ هُنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَرَوَاهُ عَنِ بن سِيرِينَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ هَذَا الحديث عن بن عَوْنٍ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ هَذَا الْكَلَامَ فَلَعَلَّهُ تركه عمدا وقد رواه أيوب وقرة عن بن سِيرِينَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ هَذِهِ الزِّيَادَةَ قَالَ الْقَاضِي وَالْأَشْبَهُ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ إِنَّمَا هِيَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ فِي خُطْبَةِ عِيدِ الْأَضْحَى فَوَهِمَ فِيهَا الرَّاوِي فَذَكَرَهَا مَضْمُومَةً إِلَى خُطْبَةِ الْحَجَّةِ أوهما حَدِيثَانِ ضُمَّ أَحَدُهُمَا إِلَىالَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ) أَمَّا ذُو الْقَعْدَةِ فَبِفَتْحِ الْقَافِ وَذُو الْحِجَّةِ بِكَسْرِ الْحَاءِ هَذِهِ اللُّغَةُ الْمَشْهُورَةُ وَيَجُوزُ فِي لُغَةٍ قَلِيلَةٍ كَسْرُ الْقَافِ وَفَتْحُ الْحَاءِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أن الأشهر الْحُرُمَ الْأَرْبَعَةَ هِيَ هَذِهِ الْمَذْكُورَةُ فِي الْحَدِيثِ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي الْأَدَبِ الْمُسْتَحَبِّ فِي كَيْفِيَّةِ عَدِّهَا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَهْلِ الْأَدَبِ يُقَالُ الْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ لِيَكُونَ الْأَرْبَعَةُ مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ عُلَمَاءُ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ هِيَ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ ثَلَاثَةٌ سَرْدٌ وَوَاحِدٌ فَرْدٌ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ مِنْهَا هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ وَعَلَى هَذَا الِاسْتِعْمَالِ أَطْبَقَ النَّاسُ مِنَ الطَّوَائِفِ كُلِّهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ وَإِنَّمَا قَيَّدَهُ هَذَا التَّقْيِيدَ مُبَالَغَةً فِي إِيضَاحِهِ وَإِزَالَةً لِلَّبْسِ عَنْهُ قَالُوا وَقَدْ كَانَ بَيْنَ بَنِي مُضَرَ وَبَيْنَ رَبِيعَةَ اخْتِلَافٌ فِي رَجَبٍ فَكَانَتْ مُضَرُ تَجْعَلُ رَجَبًا هَذَا الشَّهْرَ الْمَعْرُوفَ الْآنَ وَهُوَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ وَكَانَتْ رَبِيعَةُ تَجْعَلُهُ رَمَضَانَ فَلِهَذَا أَضَافَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مُضَرَ وَقِيلَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُعَظِّمُونَهُ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِمْ وَقِيلَ إِنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تُسَمِّي رَجَبًا وَشَعْبَانَ الرَّجَبَيْنِ وَقِيلَ كَانَتْ تُسَمِّي جُمَادَى وَرَجَبًا جُمَادَيْنِ وَتُسَمِّي شَعْبَانَ رَجَبًا وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فَقَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَتَمَسَّكُونَ بِمِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَحْرِيمِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَكَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ تَأْخِيرُ الْقِتَالِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ مُتَوَالِيَاتٍ فَكَانُوا إِذَا احْتَاجُوا إِلَى قِتَالٍ أَخَّرُوا تَحْرِيمَ الْمُحَرَّمِ إِلَى الشَّهْرِ الَّذِي بَعْدَهُ وَهُوَ صَفَرٌ ثُمَّ يُؤَخِّرُونَهُ فِي السَّنَةِ الْأُخْرَى إِلَى شَهْرٍ آخَرَ وَهَكَذَا يَفْعَلُونَ فِي سَنَةٍ بَعْدَ سَنَةٍ حَتَّى اخْتَلَطَ عَلَيْهِمُ الْأَمْرُ وَصَادَفَتْ حَجَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْرِيمَهُمْ وَقَدْ تَطَابَقَ الشَّرْعُ وَكَانُوا فِي تِلْكَ السَّنَةِ قَدْ حَرَّمُوا ذَا الْحِجَّةِ لِمُوَافَقَةِ الْحِسَابِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الِاسْتِدَارَةَ صَادَفَتْ مَا حَكَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ كَانُوا يَنْسَئُونَ أَيْ يُؤَخِّرُونَ وَهُوَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الكفر فَرُبَّمَا احْتَاجُوا إِلَى الْحَرْبِ فِي الْمُحَرَّمِ فَيُؤَخِّرُونَ تَحْرِيمَهُ إِلَى صَفَرٍ ثُمَّ يُؤَخِّرُونَ صَفَرٍ فِي سَنَةٍ أُخْرَى فَصَادَفَ تِلْكَ السَّنَةَ رُجُوعَ الْمُحَرَّمِ إِلَى مَوْضِعِهِ وَذَكَرَ الْقَاضِيوُجُوهًا أُخَرَ فِي بَيَانِ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَتْ بِوَاضِحَةٍ وَيُنْكَرُ بَعْضُهَا قَوْلُهُ (ثُمَّ قَالَ أَيُّ شَهْرٍ هَذَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ أَلَيْسَ ذَا الْحِجَّةَ قُلْنَا بَلَى قَالَ فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ إِلَى آخِرِهِ) هَذَا السُّؤَالُ وَالسُّكُوتُ وَالتَّفْسِيرُ أَرَادَ بِهِ التَّفْخِيمَ وَالتَّقْرِيرَ وَالتَّنْبِيهَ عَلَى عِظَمِ مَرْتَبَةِ هَذَا الشَّهْرِ وَالْبَلَدِ وَالْيَوْمِ وَقَوْلُهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ هَذَا مِنْ حُسْنِ أَدَبِهِمْ وَأَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَا يَعْرِفُونَهُ مِنَ الْجَوَابِ فَعَرَفُوا أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقَ الْإِخْبَارِ بِمَا يَعْرِفُونَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا) الْمُرَادُ بِهَذَا كُلِّهِ بَيَانُ تَوْكِيدِ غِلَظِ تَحْرِيمِ الْأَمْوَالِ وَالدِّمَاءِ وَالْأَعْرَاضِ وَالتَّحْذِيرُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَلَا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي ضُلَّالًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ) هَذَا الْحَدِيثُ سَبَقَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ وَذِكْرُ بَيَانِ إِعْرَابِهِ وَأَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ يَقُولُ بِالتَّكْفِيرِ بِالْمَعَاصِي بَلِ الْمُرَادُ بِهِ كُفْرَانُ النِّعَمِ أَوْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنِ اسْتَحَلَّ قِتَالَ الْمُسْلِمِينَ بِلَا شُبْهَةٍ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ) فِيهِ وُجُوبُ تَبْلِيغِ الْعِلْمِ وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَيَجِبُ تَبْلِيغُهُ بِحَيْثُ يَنْتَشِرُ قَوْلُهُصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يَبْلُغُهُ يَكُونُ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ) احْتَجَّ بِهِ الْعُلَمَاءُ لِجَوَازِ رِوَايَةِ الْفُضَلَاءِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الشُّيُوخِ الَّذِينَ لَا عِلْمَ لَهُمْ عِنْدَهُمْ وَلَا فِقْهَ إِذَا ضَبَطَ مَا يُحَدِّثُ به قَوْلُهُ (قَعَدَ عَلَى بَعِيرِهِ وَأَخَذَ إِنْسَانٌ بِخِطَامِهِ) إِنَّمَا أَخَذَ بِخِطَامِهِ لِيَصُونَ الْبَعِيرَ مِنَ الِاضْطِرَابِ عَلَى صَاحِبِهِ وَالتَّهْوِيشِ عَلَى رَاكِبِهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْخُطْبَةِ عَلَى مَوْضِعٍ عَالٍ مِنْ مِنْبَرٍ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ وَغَيْرِهِمَا وَحِكْمَتُهُ أَنَّهُ كُلَّمَا ارْتَفَعَ كَانَ أَبْلَغَ فِي إِسْمَاعِهِ النَّاسَ وَرُؤْيَتِهِمْ إِيَّاهُ وَوُقُوعِ كَلَامِهِ فِي نُفُوسِهِمْ قَوْلُهُ (انْكَفَأَ إِلَى كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَذَبَحَهُمَا وَإِلَى جُزَيْعَةٍ مِنَ الْغَنَمِ فَقَسَمَهَا بَيْنَنَا) انْكَفَأَ بِهَمْزِ آخِرِهِ أَيِ انْقَلَبَ وَالْأَمْلَحُ هُوَ الَّذِي فيه بياض)وَسَوَادٌ وَالْبَيَاضُ أَكْثَرُ وَقَوْلُهُ جُزَيْعَةٌ بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الزَّايِ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ جَزِيعَةٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الزَّايِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي رِوَايَةِ الْمُحَدِّثِينَ وَهُوَ الَّذِي ضَبَطَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الْغَنَمِ تَصْغِيرُ جِزْعَةٍ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَهِيَ الْقَلِيلُ مِنَ الشَّيْءِ يُقَالُ جَزَعَ لَهُ مِنْ مَالِهِ أي قطع وبالثاني ضبطه بن فَارِسٍ فِي الْمُجْمَلِ قَالَ وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الغنم وكأنها فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ كَضَفِيرَةٍ بِمَعْنَى مَضْفُورَةٍ قَالَ الْقَاضِي قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ قَوْلُهُ ثُمَّ انْكَفَأَ إِلَى آخر الحديث وهم من بن عون فيما قيل وإنما رواه بن سيرين عن أنس فأدرجه بن عَوْنٍ هُنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَرَوَاهُ عَنِ بن سِيرِينَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ هَذَا الحديث عن بن عَوْنٍ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ هَذَا الْكَلَامَ فَلَعَلَّهُ تركه عمدا وقد رواه أيوب وقرة عن بن سِيرِينَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ هَذِهِ الزِّيَادَةَ قَالَ الْقَاضِي وَالْأَشْبَهُ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ إِنَّمَا هِيَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ فِي خُطْبَةِ عِيدِ الْأَضْحَى فَوَهِمَ فِيهَا الرَّاوِي فَذَكَرَهَا مَضْمُومَةً إِلَى خُطْبَةِ الْحَجَّةِ أوهما حَدِيثَانِ ضُمَّ أَحَدُهُمَا إِلَىالَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ) أَمَّا ذُو الْقَعْدَةِ فَبِفَتْحِ الْقَافِ وَذُو الْحِجَّةِ بِكَسْرِ الْحَاءِ هَذِهِ اللُّغَةُ الْمَشْهُورَةُ وَيَجُوزُ فِي لُغَةٍ قَلِيلَةٍ كَسْرُ الْقَافِ وَفَتْحُ الْحَاءِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أن الأشهر الْحُرُمَ الْأَرْبَعَةَ هِيَ هَذِهِ الْمَذْكُورَةُ فِي الْحَدِيثِ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي الْأَدَبِ الْمُسْتَحَبِّ فِي كَيْفِيَّةِ عَدِّهَا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَهْلِ الْأَدَبِ يُقَالُ الْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ لِيَكُونَ الْأَرْبَعَةُ مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ عُلَمَاءُ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ هِيَ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ ثَلَاثَةٌ سَرْدٌ وَوَاحِدٌ فَرْدٌ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ مِنْهَا هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ وَعَلَى هَذَا الِاسْتِعْمَالِ أَطْبَقَ النَّاسُ مِنَ الطَّوَائِفِ كُلِّهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ وَإِنَّمَا قَيَّدَهُ هَذَا التَّقْيِيدَ مُبَالَغَةً فِي إِيضَاحِهِ وَإِزَالَةً لِلَّبْسِ عَنْهُ قَالُوا وَقَدْ كَانَ بَيْنَ بَنِي مُضَرَ وَبَيْنَ رَبِيعَةَ اخْتِلَافٌ فِي رَجَبٍ فَكَانَتْ مُضَرُ تَجْعَلُ رَجَبًا هَذَا الشَّهْرَ الْمَعْرُوفَ الْآنَ وَهُوَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ وَكَانَتْ رَبِيعَةُ تَجْعَلُهُ رَمَضَانَ فَلِهَذَا أَضَافَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مُضَرَ وَقِيلَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُعَظِّمُونَهُ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِمْ وَقِيلَ إِنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تُسَمِّي رَجَبًا وَشَعْبَانَ الرَّجَبَيْنِ وَقِيلَ كَانَتْ تُسَمِّي جُمَادَى وَرَجَبًا جُمَادَيْنِ وَتُسَمِّي شَعْبَانَ رَجَبًا وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فَقَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَتَمَسَّكُونَ بِمِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَحْرِيمِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَكَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ تَأْخِيرُ الْقِتَالِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ مُتَوَالِيَاتٍ فَكَانُوا إِذَا احْتَاجُوا إِلَى قِتَالٍ أَخَّرُوا تَحْرِيمَ الْمُحَرَّمِ إِلَى الشَّهْرِ الَّذِي بَعْدَهُ وَهُوَ صَفَرٌ ثُمَّ يُؤَخِّرُونَهُ فِي السَّنَةِ الْأُخْرَى إِلَى شَهْرٍ آخَرَ وَهَكَذَا يَفْعَلُونَ فِي سَنَةٍ بَعْدَ سَنَةٍ حَتَّى اخْتَلَطَ عَلَيْهِمُ الْأَمْرُ وَصَادَفَتْ حَجَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْرِيمَهُمْ وَقَدْ تَطَابَقَ الشَّرْعُ وَكَانُوا فِي تِلْكَ السَّنَةِ قَدْ حَرَّمُوا ذَا الْحِجَّةِ لِمُوَافَقَةِ الْحِسَابِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الِاسْتِدَارَةَ صَادَفَتْ مَا حَكَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ كَانُوا يَنْسَئُونَ أَيْ يُؤَخِّرُونَ وَهُوَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الكفر فَرُبَّمَا احْتَاجُوا إِلَى الْحَرْبِ فِي الْمُحَرَّمِ فَيُؤَخِّرُونَ تَحْرِيمَهُ إِلَى صَفَرٍ ثُمَّ يُؤَخِّرُونَ صَفَرٍ فِي سَنَةٍ أُخْرَى فَصَادَفَ تِلْكَ السَّنَةَ رُجُوعَ الْمُحَرَّمِ إِلَى مَوْضِعِهِ وَذَكَرَ الْقَاضِيوُجُوهًا أُخَرَ فِي بَيَانِ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَتْ بِوَاضِحَةٍ وَيُنْكَرُ بَعْضُهَا قَوْلُهُ (ثُمَّ قَالَ أَيُّ شَهْرٍ هَذَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ أَلَيْسَ ذَا الْحِجَّةَ قُلْنَا بَلَى قَالَ فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ إِلَى آخِرِهِ) هَذَا السُّؤَالُ وَالسُّكُوتُ وَالتَّفْسِيرُ أَرَادَ بِهِ التَّفْخِيمَ وَالتَّقْرِيرَ وَالتَّنْبِيهَ عَلَى عِظَمِ مَرْتَبَةِ هَذَا الشَّهْرِ وَالْبَلَدِ وَالْيَوْمِ وَقَوْلُهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ هَذَا مِنْ حُسْنِ أَدَبِهِمْ وَأَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَا يَعْرِفُونَهُ مِنَ الْجَوَابِ فَعَرَفُوا أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقَ الْإِخْبَارِ بِمَا يَعْرِفُونَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا) الْمُرَادُ بِهَذَا كُلِّهِ بَيَانُ تَوْكِيدِ غِلَظِ تَحْرِيمِ الْأَمْوَالِ وَالدِّمَاءِ وَالْأَعْرَاضِ وَالتَّحْذِيرُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَلَا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي ضُلَّالًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ) هَذَا الْحَدِيثُ سَبَقَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ وَذِكْرُ بَيَانِ إِعْرَابِهِ وَأَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ يَقُولُ بِالتَّكْفِيرِ بِالْمَعَاصِي بَلِ الْمُرَادُ بِهِ كُفْرَانُ النِّعَمِ أَوْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنِ اسْتَحَلَّ قِتَالَ الْمُسْلِمِينَ بِلَا شُبْهَةٍ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ) فِيهِ وُجُوبُ تَبْلِيغِ الْعِلْمِ وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَيَجِبُ تَبْلِيغُهُ بِحَيْثُ يَنْتَشِرُ قَوْلُهُصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يَبْلُغُهُ يَكُونُ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ) احْتَجَّ بِهِ الْعُلَمَاءُ لِجَوَازِ رِوَايَةِ الْفُضَلَاءِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الشُّيُوخِ الَّذِينَ لَا عِلْمَ لَهُمْ عِنْدَهُمْ وَلَا فِقْهَ إِذَا ضَبَطَ مَا يُحَدِّثُ به قَوْلُهُ (قَعَدَ عَلَى بَعِيرِهِ وَأَخَذَ إِنْسَانٌ بِخِطَامِهِ) إِنَّمَا أَخَذَ بِخِطَامِهِ لِيَصُونَ الْبَعِيرَ مِنَ الِاضْطِرَابِ عَلَى صَاحِبِهِ وَالتَّهْوِيشِ عَلَى رَاكِبِهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْخُطْبَةِ عَلَى مَوْضِعٍ عَالٍ مِنْ مِنْبَرٍ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ وَغَيْرِهِمَا وَحِكْمَتُهُ أَنَّهُ كُلَّمَا ارْتَفَعَ كَانَ أَبْلَغَ فِي إِسْمَاعِهِ النَّاسَ وَرُؤْيَتِهِمْ إِيَّاهُ وَوُقُوعِ كَلَامِهِ فِي نُفُوسِهِمْ قَوْلُهُ (انْكَفَأَ إِلَى كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَذَبَحَهُمَا وَإِلَى جُزَيْعَةٍ مِنَ الْغَنَمِ فَقَسَمَهَا بَيْنَنَا) انْكَفَأَ بِهَمْزِ آخِرِهِ أَيِ انْقَلَبَ وَالْأَمْلَحُ هُوَ الَّذِي فيه بياض)وَسَوَادٌ وَالْبَيَاضُ أَكْثَرُ وَقَوْلُهُ جُزَيْعَةٌ بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الزَّايِ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ جَزِيعَةٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الزَّايِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي رِوَايَةِ الْمُحَدِّثِينَ وَهُوَ الَّذِي ضَبَطَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الْغَنَمِ تَصْغِيرُ جِزْعَةٍ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَهِيَ الْقَلِيلُ مِنَ الشَّيْءِ يُقَالُ جَزَعَ لَهُ مِنْ مَالِهِ أي قطع وبالثاني ضبطه بن فَارِسٍ فِي الْمُجْمَلِ قَالَ وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الغنم وكأنها فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ كَضَفِيرَةٍ بِمَعْنَى مَضْفُورَةٍ قَالَ الْقَاضِي قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ قَوْلُهُ ثُمَّ انْكَفَأَ إِلَى آخر الحديث وهم من بن عون فيما قيل وإنما رواه بن سيرين عن أنس فأدرجه بن عَوْنٍ هُنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَرَوَاهُ عَنِ بن سِيرِينَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ هَذَا الحديث عن بن عَوْنٍ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ هَذَا الْكَلَامَ فَلَعَلَّهُ تركه عمدا وقد رواه أيوب وقرة عن بن سِيرِينَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ هَذِهِ الزِّيَادَةَ قَالَ الْقَاضِي وَالْأَشْبَهُ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ إِنَّمَا هِيَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ فِي خُطْبَةِ عِيدِ الْأَضْحَى فَوَهِمَ فِيهَا الرَّاوِي فَذَكَرَهَا مَضْمُومَةً إِلَى خُطْبَةِ الْحَجَّةِ أوهما حَدِيثَانِ ضُمَّ أَحَدُهُمَا إِلَىالَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ) أَمَّا ذُو الْقَعْدَةِ فَبِفَتْحِ الْقَافِ وَذُو الْحِجَّةِ بِكَسْرِ الْحَاءِ هَذِهِ اللُّغَةُ الْمَشْهُورَةُ وَيَجُوزُ فِي لُغَةٍ قَلِيلَةٍ كَسْرُ الْقَافِ وَفَتْحُ الْحَاءِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أن الأشهر الْحُرُمَ الْأَرْبَعَةَ هِيَ هَذِهِ الْمَذْكُورَةُ فِي الْحَدِيثِ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي الْأَدَبِ الْمُسْتَحَبِّ فِي كَيْفِيَّةِ عَدِّهَا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَهْلِ الْأَدَبِ يُقَالُ الْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ لِيَكُونَ الْأَرْبَعَةُ مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ عُلَمَاءُ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ هِيَ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ ثَلَاثَةٌ سَرْدٌ وَوَاحِدٌ فَرْدٌ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ مِنْهَا هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ وَعَلَى هَذَا الِاسْتِعْمَالِ أَطْبَقَ النَّاسُ مِنَ الطَّوَائِفِ كُلِّهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ وَإِنَّمَا قَيَّدَهُ هَذَا التَّقْيِيدَ مُبَالَغَةً فِي إِيضَاحِهِ وَإِزَالَةً لِلَّبْسِ عَنْهُ قَالُوا وَقَدْ كَانَ بَيْنَ بَنِي مُضَرَ وَبَيْنَ رَبِيعَةَ اخْتِلَافٌ فِي رَجَبٍ فَكَانَتْ مُضَرُ تَجْعَلُ رَجَبًا هَذَا الشَّهْرَ الْمَعْرُوفَ الْآنَ وَهُوَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ وَكَانَتْ رَبِيعَةُ تَجْعَلُهُ رَمَضَانَ فَلِهَذَا أَضَافَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مُضَرَ وَقِيلَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُعَظِّمُونَهُ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِمْ وَقِيلَ إِنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تُسَمِّي رَجَبًا وَشَعْبَانَ الرَّجَبَيْنِ وَقِيلَ كَانَتْ تُسَمِّي جُمَادَى وَرَجَبًا جُمَادَيْنِ وَتُسَمِّي شَعْبَانَ رَجَبًا وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فَقَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَتَمَسَّكُونَ بِمِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَحْرِيمِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَكَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ تَأْخِيرُ الْقِتَالِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ مُتَوَالِيَاتٍ فَكَانُوا إِذَا احْتَاجُوا إِلَى قِتَالٍ أَخَّرُوا تَحْرِيمَ الْمُحَرَّمِ إِلَى الشَّهْرِ الَّذِي بَعْدَهُ وَهُوَ صَفَرٌ ثُمَّ يُؤَخِّرُونَهُ فِي السَّنَةِ الْأُخْرَى إِلَى شَهْرٍ آخَرَ وَهَكَذَا يَفْعَلُونَ فِي سَنَةٍ بَعْدَ سَنَةٍ حَتَّى اخْتَلَطَ عَلَيْهِمُ الْأَمْرُ وَصَادَفَتْ حَجَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْرِيمَهُمْ وَقَدْ تَطَابَقَ الشَّرْعُ وَكَانُوا فِي تِلْكَ السَّنَةِ قَدْ حَرَّمُوا ذَا الْحِجَّةِ لِمُوَافَقَةِ الْحِسَابِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الِاسْتِدَارَةَ صَادَفَتْ مَا حَكَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ كَانُوا يَنْسَئُونَ أَيْ يُؤَخِّرُونَ وَهُوَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الكفر فَرُبَّمَا احْتَاجُوا إِلَى الْحَرْبِ فِي الْمُحَرَّمِ فَيُؤَخِّرُونَ تَحْرِيمَهُ إِلَى صَفَرٍ ثُمَّ يُؤَخِّرُونَ صَفَرٍ فِي سَنَةٍ أُخْرَى فَصَادَفَ تِلْكَ السَّنَةَ رُجُوعَ الْمُحَرَّمِ إِلَى مَوْضِعِهِ وَذَكَرَ الْقَاضِيوُجُوهًا أُخَرَ فِي بَيَانِ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَتْ بِوَاضِحَةٍ وَيُنْكَرُ بَعْضُهَا قَوْلُهُ (ثُمَّ قَالَ أَيُّ شَهْرٍ هَذَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ أَلَيْسَ ذَا الْحِجَّةَ قُلْنَا بَلَى قَالَ فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ إِلَى آخِرِهِ) هَذَا السُّؤَالُ وَالسُّكُوتُ وَالتَّفْسِيرُ أَرَادَ بِهِ التَّفْخِيمَ وَالتَّقْرِيرَ وَالتَّنْبِيهَ عَلَى عِظَمِ مَرْتَبَةِ هَذَا الشَّهْرِ وَالْبَلَدِ وَالْيَوْمِ وَقَوْلُهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ هَذَا مِنْ حُسْنِ أَدَبِهِمْ وَأَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَا يَعْرِفُونَهُ مِنَ الْجَوَابِ فَعَرَفُوا أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقَ الْإِخْبَارِ بِمَا يَعْرِفُونَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا) الْمُرَادُ بِهَذَا كُلِّهِ بَيَانُ تَوْكِيدِ غِلَظِ تَحْرِيمِ الْأَمْوَالِ وَالدِّمَاءِ وَالْأَعْرَاضِ وَالتَّحْذِيرُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَلَا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي ضُلَّالًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ) هَذَا الْحَدِيثُ سَبَقَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ وَذِكْرُ بَيَانِ إِعْرَابِهِ وَأَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ يَقُولُ بِالتَّكْفِيرِ بِالْمَعَاصِي بَلِ الْمُرَادُ بِهِ كُفْرَانُ النِّعَمِ أَوْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنِ اسْتَحَلَّ قِتَالَ الْمُسْلِمِينَ بِلَا شُبْهَةٍ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ) فِيهِ وُجُوبُ تَبْلِيغِ الْعِلْمِ وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَيَجِبُ تَبْلِيغُهُ بِحَيْثُ يَنْتَشِرُ قَوْلُهُصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يَبْلُغُهُ يَكُونُ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ) احْتَجَّ بِهِ الْعُلَمَاءُ لِجَوَازِ رِوَايَةِ الْفُضَلَاءِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الشُّيُوخِ الَّذِينَ لَا عِلْمَ لَهُمْ عِنْدَهُمْ وَلَا فِقْهَ إِذَا ضَبَطَ مَا يُحَدِّثُ به قَوْلُهُ (قَعَدَ عَلَى بَعِيرِهِ وَأَخَذَ إِنْسَانٌ بِخِطَامِهِ) إِنَّمَا أَخَذَ بِخِطَامِهِ لِيَصُونَ الْبَعِيرَ مِنَ الِاضْطِرَابِ عَلَى صَاحِبِهِ وَالتَّهْوِيشِ عَلَى رَاكِبِهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْخُطْبَةِ عَلَى مَوْضِعٍ عَالٍ مِنْ مِنْبَرٍ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ وَغَيْرِهِمَا وَحِكْمَتُهُ أَنَّهُ كُلَّمَا ارْتَفَعَ كَانَ أَبْلَغَ فِي إِسْمَاعِهِ النَّاسَ وَرُؤْيَتِهِمْ إِيَّاهُ وَوُقُوعِ كَلَامِهِ فِي نُفُوسِهِمْ قَوْلُهُ (انْكَفَأَ إِلَى كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَذَبَحَهُمَا وَإِلَى جُزَيْعَةٍ مِنَ الْغَنَمِ فَقَسَمَهَا بَيْنَنَا) انْكَفَأَ بِهَمْزِ آخِرِهِ أَيِ انْقَلَبَ وَالْأَمْلَحُ هُوَ الَّذِي فيه بياض)وَسَوَادٌ وَالْبَيَاضُ أَكْثَرُ وَقَوْلُهُ جُزَيْعَةٌ بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الزَّايِ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ جَزِيعَةٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الزَّايِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي رِوَايَةِ الْمُحَدِّثِينَ وَهُوَ الَّذِي ضَبَطَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الْغَنَمِ تَصْغِيرُ جِزْعَةٍ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَهِيَ الْقَلِيلُ مِنَ الشَّيْءِ يُقَالُ جَزَعَ لَهُ مِنْ مَالِهِ أي قطع وبالثاني ضبطه بن فَارِسٍ فِي الْمُجْمَلِ قَالَ وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الغنم وكأنها فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ كَضَفِيرَةٍ بِمَعْنَى مَضْفُورَةٍ قَالَ الْقَاضِي قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ قَوْلُهُ ثُمَّ انْكَفَأَ إِلَى آخر الحديث وهم من بن عون فيما قيل وإنما رواه بن سيرين عن أنس فأدرجه بن عَوْنٍ هُنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَرَوَاهُ عَنِ بن سِيرِينَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ هَذَا الحديث عن بن عَوْنٍ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ هَذَا الْكَلَامَ فَلَعَلَّهُ تركه عمدا وقد رواه أيوب وقرة عن بن سِيرِينَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ هَذِهِ الزِّيَادَةَ قَالَ الْقَاضِي وَالْأَشْبَهُ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ إِنَّمَا هِيَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ فِي خُطْبَةِ عِيدِ الْأَضْحَى فَوَهِمَ فِيهَا الرَّاوِي فَذَكَرَهَا مَضْمُومَةً إِلَى خُطْبَةِ الْحَجَّةِ أوهما حَدِيثَانِ ضُمَّ أَحَدُهُمَا إِلَىالَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ) أَمَّا ذُو الْقَعْدَةِ فَبِفَتْحِ الْقَافِ وَذُو الْحِجَّةِ بِكَسْرِ الْحَاءِ هَذِهِ اللُّغَةُ الْمَشْهُورَةُ وَيَجُوزُ فِي لُغَةٍ قَلِيلَةٍ كَسْرُ الْقَافِ وَفَتْحُ الْحَاءِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أن الأشهر الْحُرُمَ الْأَرْبَعَةَ هِيَ هَذِهِ الْمَذْكُورَةُ فِي الْحَدِيثِ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي الْأَدَبِ الْمُسْتَحَبِّ فِي كَيْفِيَّةِ عَدِّهَا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَهْلِ الْأَدَبِ يُقَالُ الْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ لِيَكُونَ الْأَرْبَعَةُ مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ عُلَمَاءُ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ هِيَ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ ثَلَاثَةٌ سَرْدٌ وَوَاحِدٌ فَرْدٌ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ مِنْهَا هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ وَعَلَى هَذَا الِاسْتِعْمَالِ أَطْبَقَ النَّاسُ مِنَ الطَّوَائِفِ كُلِّهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ وَإِنَّمَا قَيَّدَهُ هَذَا التَّقْيِيدَ مُبَالَغَةً فِي إِيضَاحِهِ وَإِزَالَةً لِلَّبْسِ عَنْهُ قَالُوا وَقَدْ كَانَ بَيْنَ بَنِي مُضَرَ وَبَيْنَ رَبِيعَةَ اخْتِلَافٌ فِي رَجَبٍ فَكَانَتْ مُضَرُ تَجْعَلُ رَجَبًا هَذَا الشَّهْرَ الْمَعْرُوفَ الْآنَ وَهُوَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ وَكَانَتْ رَبِيعَةُ تَجْعَلُهُ رَمَضَانَ فَلِهَذَا أَضَافَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مُضَرَ وَقِيلَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُعَظِّمُونَهُ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِمْ وَقِيلَ إِنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تُسَمِّي رَجَبًا وَشَعْبَانَ الرَّجَبَيْنِ وَقِيلَ كَانَتْ تُسَمِّي جُمَادَى وَرَجَبًا جُمَادَيْنِ وَتُسَمِّي شَعْبَانَ رَجَبًا وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فَقَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَتَمَسَّكُونَ بِمِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَحْرِيمِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَكَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ تَأْخِيرُ الْقِتَالِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ مُتَوَالِيَاتٍ فَكَانُوا إِذَا احْتَاجُوا إِلَى قِتَالٍ أَخَّرُوا تَحْرِيمَ الْمُحَرَّمِ إِلَى الشَّهْرِ الَّذِي بَعْدَهُ وَهُوَ صَفَرٌ ثُمَّ يُؤَخِّرُونَهُ فِي السَّنَةِ الْأُخْرَى إِلَى شَهْرٍ آخَرَ وَهَكَذَا يَفْعَلُونَ فِي سَنَةٍ بَعْدَ سَنَةٍ حَتَّى اخْتَلَطَ عَلَيْهِمُ الْأَمْرُ وَصَادَفَتْ حَجَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْرِيمَهُمْ وَقَدْ تَطَابَقَ الشَّرْعُ وَكَانُوا فِي تِلْكَ السَّنَةِ قَدْ حَرَّمُوا ذَا الْحِجَّةِ لِمُوَافَقَةِ الْحِسَابِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الِاسْتِدَارَةَ صَادَفَتْ مَا حَكَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ كَانُوا يَنْسَئُونَ أَيْ يُؤَخِّرُونَ وَهُوَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الكفر فَرُبَّمَا احْتَاجُوا إِلَى الْحَرْبِ فِي الْمُحَرَّمِ فَيُؤَخِّرُونَ تَحْرِيمَهُ إِلَى صَفَرٍ ثُمَّ يُؤَخِّرُونَ صَفَرٍ فِي سَنَةٍ أُخْرَى فَصَادَفَ تِلْكَ السَّنَةَ رُجُوعَ الْمُحَرَّمِ إِلَى مَوْضِعِهِ وَذَكَرَ الْقَاضِيوُجُوهًا أُخَرَ فِي بَيَانِ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَتْ بِوَاضِحَةٍ وَيُنْكَرُ بَعْضُهَا قَوْلُهُ (ثُمَّ قَالَ أَيُّ شَهْرٍ هَذَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ أَلَيْسَ ذَا الْحِجَّةَ قُلْنَا بَلَى قَالَ فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ إِلَى آخِرِهِ) هَذَا السُّؤَالُ وَالسُّكُوتُ وَالتَّفْسِيرُ أَرَادَ بِهِ التَّفْخِيمَ وَالتَّقْرِيرَ وَالتَّنْبِيهَ عَلَى عِظَمِ مَرْتَبَةِ هَذَا الشَّهْرِ وَالْبَلَدِ وَالْيَوْمِ وَقَوْلُهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ هَذَا مِنْ حُسْنِ أَدَبِهِمْ وَأَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَا يَعْرِفُونَهُ مِنَ الْجَوَابِ فَعَرَفُوا أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقَ الْإِخْبَارِ بِمَا يَعْرِفُونَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا) الْمُرَادُ بِهَذَا كُلِّهِ بَيَانُ تَوْكِيدِ غِلَظِ تَحْرِيمِ الْأَمْوَالِ وَالدِّمَاءِ وَالْأَعْرَاضِ وَالتَّحْذِيرُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَلَا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي ضُلَّالًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ) هَذَا الْحَدِيثُ سَبَقَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ وَذِكْرُ بَيَانِ إِعْرَابِهِ وَأَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ يَقُولُ بِالتَّكْفِيرِ بِالْمَعَاصِي بَلِ الْمُرَادُ بِهِ كُفْرَانُ النِّعَمِ أَوْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنِ اسْتَحَلَّ قِتَالَ الْمُسْلِمِينَ بِلَا شُبْهَةٍ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ) فِيهِ وُجُوبُ تَبْلِيغِ الْعِلْمِ وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَيَجِبُ تَبْلِيغُهُ بِحَيْثُ يَنْتَشِرُ قَوْلُهُصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يَبْلُغُهُ يَكُونُ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ) احْتَجَّ بِهِ الْعُلَمَاءُ لِجَوَازِ رِوَايَةِ الْفُضَلَاءِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الشُّيُوخِ الَّذِينَ لَا عِلْمَ لَهُمْ عِنْدَهُمْ وَلَا فِقْهَ إِذَا ضَبَطَ مَا يُحَدِّثُ به قَوْلُهُ (قَعَدَ عَلَى بَعِيرِهِ وَأَخَذَ إِنْسَانٌ بِخِطَامِهِ) إِنَّمَا أَخَذَ بِخِطَامِهِ لِيَصُونَ الْبَعِيرَ مِنَ الِاضْطِرَابِ عَلَى صَاحِبِهِ وَالتَّهْوِيشِ عَلَى رَاكِبِهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْخُطْبَةِ عَلَى مَوْضِعٍ عَالٍ مِنْ مِنْبَرٍ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ وَغَيْرِهِمَا وَحِكْمَتُهُ أَنَّهُ كُلَّمَا ارْتَفَعَ كَانَ أَبْلَغَ فِي إِسْمَاعِهِ النَّاسَ وَرُؤْيَتِهِمْ إِيَّاهُ وَوُقُوعِ كَلَامِهِ فِي نُفُوسِهِمْ قَوْلُهُ (انْكَفَأَ إِلَى كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَذَبَحَهُمَا وَإِلَى جُزَيْعَةٍ مِنَ الْغَنَمِ فَقَسَمَهَا بَيْنَنَا) انْكَفَأَ بِهَمْزِ آخِرِهِ أَيِ انْقَلَبَ وَالْأَمْلَحُ هُوَ الَّذِي فيه بياض)وَسَوَادٌ وَالْبَيَاضُ أَكْثَرُ وَقَوْلُهُ جُزَيْعَةٌ بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الزَّايِ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ جَزِيعَةٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الزَّايِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي رِوَايَةِ الْمُحَدِّثِينَ وَهُوَ الَّذِي ضَبَطَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الْغَنَمِ تَصْغِيرُ جِزْعَةٍ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَهِيَ الْقَلِيلُ مِنَ الشَّيْءِ يُقَالُ جَزَعَ لَهُ مِنْ مَالِهِ أي قطع وبالثاني ضبطه بن فَارِسٍ فِي الْمُجْمَلِ قَالَ وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الغنم وكأنها فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ كَضَفِيرَةٍ بِمَعْنَى مَضْفُورَةٍ قَالَ الْقَاضِي قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ قَوْلُهُ ثُمَّ انْكَفَأَ إِلَى آخر الحديث وهم من بن عون فيما قيل وإنما رواه بن سيرين عن أنس فأدرجه بن عَوْنٍ هُنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَرَوَاهُ عَنِ بن سِيرِينَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ هَذَا الحديث عن بن عَوْنٍ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ هَذَا الْكَلَامَ فَلَعَلَّهُ تركه عمدا وقد رواه أيوب وقرة عن بن سِيرِينَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ هَذِهِ الزِّيَادَةَ قَالَ الْقَاضِي وَالْأَشْبَهُ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ إِنَّمَا هِيَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ فِي خُطْبَةِ عِيدِ الْأَضْحَى فَوَهِمَ فِيهَا الرَّاوِي فَذَكَرَهَا مَضْمُومَةً إِلَى خُطْبَةِ الْحَجَّةِ أوهما حَدِيثَانِ ضُمَّ أَحَدُهُمَا إِلَىالَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ) أَمَّا ذُو الْقَعْدَةِ فَبِفَتْحِ الْقَافِ وَذُو الْحِجَّةِ بِكَسْرِ الْحَاءِ هَذِهِ اللُّغَةُ الْمَشْهُورَةُ وَيَجُوزُ فِي لُغَةٍ قَلِيلَةٍ كَسْرُ الْقَافِ وَفَتْحُ الْحَاءِ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أن الأشهر الْحُرُمَ الْأَرْبَعَةَ هِيَ هَذِهِ الْمَذْكُورَةُ فِي الْحَدِيثِ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي الْأَدَبِ الْمُسْتَحَبِّ فِي كَيْفِيَّةِ عَدِّهَا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَأَهْلِ الْأَدَبِ يُقَالُ الْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ وَذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ لِيَكُونَ الْأَرْبَعَةُ مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ عُلَمَاءُ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ هِيَ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ ثَلَاثَةٌ سَرْدٌ وَوَاحِدٌ فَرْدٌ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ مِنْهَا هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ وَعَلَى هَذَا الِاسْتِعْمَالِ أَطْبَقَ النَّاسُ مِنَ الطَّوَائِفِ كُلِّهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ وَإِنَّمَا قَيَّدَهُ هَذَا التَّقْيِيدَ مُبَالَغَةً فِي إِيضَاحِهِ وَإِزَالَةً لِلَّبْسِ عَنْهُ قَالُوا وَقَدْ كَانَ بَيْنَ بَنِي مُضَرَ وَبَيْنَ رَبِيعَةَ اخْتِلَافٌ فِي رَجَبٍ فَكَانَتْ مُضَرُ تَجْعَلُ رَجَبًا هَذَا الشَّهْرَ الْمَعْرُوفَ الْآنَ وَهُوَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ وَكَانَتْ رَبِيعَةُ تَجْعَلُهُ رَمَضَانَ فَلِهَذَا أَضَافَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مُضَرَ وَقِيلَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُعَظِّمُونَهُ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِمْ وَقِيلَ إِنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تُسَمِّي رَجَبًا وَشَعْبَانَ الرَّجَبَيْنِ وَقِيلَ كَانَتْ تُسَمِّي جُمَادَى وَرَجَبًا جُمَادَيْنِ وَتُسَمِّي شَعْبَانَ رَجَبًا وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فَقَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَتَمَسَّكُونَ بِمِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَحْرِيمِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَكَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ تَأْخِيرُ الْقِتَالِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ مُتَوَالِيَاتٍ فَكَانُوا إِذَا احْتَاجُوا إِلَى قِتَالٍ أَخَّرُوا تَحْرِيمَ الْمُحَرَّمِ إِلَى الشَّهْرِ الَّذِي بَعْدَهُ وَهُوَ صَفَرٌ ثُمَّ يُؤَخِّرُونَهُ فِي السَّنَةِ الْأُخْرَى إِلَى شَهْرٍ آخَرَ وَهَكَذَا يَفْعَلُونَ فِي سَنَةٍ بَعْدَ سَنَةٍ حَتَّى اخْتَلَطَ عَلَيْهِمُ الْأَمْرُ وَصَادَفَتْ حَجَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْرِيمَهُمْ وَقَدْ تَطَابَقَ الشَّرْعُ وَكَانُوا فِي تِلْكَ السَّنَةِ قَدْ حَرَّمُوا ذَا الْحِجَّةِ لِمُوَافَقَةِ الْحِسَابِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الِاسْتِدَارَةَ صَادَفَتْ مَا حَكَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ كَانُوا يَنْسَئُونَ أَيْ يُؤَخِّرُونَ وَهُوَ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الكفر فَرُبَّمَا احْتَاجُوا إِلَى الْحَرْبِ فِي الْمُحَرَّمِ فَيُؤَخِّرُونَ تَحْرِيمَهُ إِلَى صَفَرٍ ثُمَّ يُؤَخِّرُونَ صَفَرٍ فِي سَنَةٍ أُخْرَى فَصَادَفَ تِلْكَ السَّنَةَ رُجُوعَ الْمُحَرَّمِ إِلَى مَوْضِعِهِ وَذَكَرَ الْقَاضِيوُجُوهًا أُخَرَ فِي بَيَانِ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَتْ بِوَاضِحَةٍ وَيُنْكَرُ بَعْضُهَا قَوْلُهُ (ثُمَّ قَالَ أَيُّ شَهْرٍ هَذَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ أَلَيْسَ ذَا الْحِجَّةَ قُلْنَا بَلَى قَالَ فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ إِلَى آخِرِهِ) هَذَا السُّؤَالُ وَالسُّكُوتُ وَالتَّفْسِيرُ أَرَادَ بِهِ التَّفْخِيمَ وَالتَّقْرِيرَ وَالتَّنْبِيهَ عَلَى عِظَمِ مَرْتَبَةِ هَذَا الشَّهْرِ وَالْبَلَدِ وَالْيَوْمِ وَقَوْلُهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ هَذَا مِنْ حُسْنِ أَدَبِهِمْ وَأَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَا يَعْرِفُونَهُ مِنَ الْجَوَابِ فَعَرَفُوا أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقَ الْإِخْبَارِ بِمَا يَعْرِفُونَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا) الْمُرَادُ بِهَذَا كُلِّهِ بَيَانُ تَوْكِيدِ غِلَظِ تَحْرِيمِ الْأَمْوَالِ وَالدِّمَاءِ وَالْأَعْرَاضِ وَالتَّحْذِيرُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَلَا تَرْجِعُنَّ بَعْدِي ضُلَّالًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ) هَذَا الْحَدِيثُ سَبَقَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ وَذِكْرُ بَيَانِ إِعْرَابِهِ وَأَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ يَقُولُ بِالتَّكْفِيرِ بِالْمَعَاصِي بَلِ الْمُرَادُ بِهِ كُفْرَانُ النِّعَمِ أَوْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنِ اسْتَحَلَّ قِتَالَ الْمُسْلِمِينَ بِلَا شُبْهَةٍ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ) فِيهِ وُجُوبُ تَبْلِيغِ الْعِلْمِ وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ فَيَجِبُ تَبْلِيغُهُ بِحَيْثُ يَنْتَشِرُ قَوْلُهُصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يَبْلُغُهُ يَكُونُ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ) احْتَجَّ بِهِ الْعُلَمَاءُ لِجَوَازِ رِوَايَةِ الْفُضَلَاءِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الشُّيُوخِ الَّذِينَ لَا عِلْمَ لَهُمْ عِنْدَهُمْ وَلَا فِقْهَ إِذَا ضَبَطَ مَا يُحَدِّثُ به قَوْلُهُ (قَعَدَ عَلَى بَعِيرِهِ وَأَخَذَ إِنْسَانٌ بِخِطَامِهِ) إِنَّمَا أَخَذَ بِخِطَامِهِ لِيَصُونَ الْبَعِيرَ مِنَ الِاضْطِرَابِ عَلَى صَاحِبِهِ وَالتَّهْوِيشِ عَلَى رَاكِبِهِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْخُطْبَةِ عَلَى مَوْضِعٍ عَالٍ مِنْ مِنْبَرٍ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ وَغَيْرِهِمَا وَحِكْمَتُهُ أَنَّهُ كُلَّمَا ارْتَفَعَ كَانَ أَبْلَغَ فِي إِسْمَاعِهِ النَّاسَ وَرُؤْيَتِهِمْ إِيَّاهُ وَوُقُوعِ كَلَامِهِ فِي نُفُوسِهِمْ قَوْلُهُ (انْكَفَأَ إِلَى كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَذَبَحَهُمَا وَإِلَى جُزَيْعَةٍ مِنَ الْغَنَمِ فَقَسَمَهَا بَيْنَنَا) انْكَفَأَ بِهَمْزِ آخِرِهِ أَيِ انْقَلَبَ وَالْأَمْلَحُ هُوَ الَّذِي فيه بياض)وَسَوَادٌ وَالْبَيَاضُ أَكْثَرُ وَقَوْلُهُ جُزَيْعَةٌ بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الزَّايِ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ جَزِيعَةٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الزَّايِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي رِوَايَةِ الْمُحَدِّثِينَ وَهُوَ الَّذِي ضَبَطَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الْغَنَمِ تَصْغِيرُ جِزْعَةٍ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَهِيَ الْقَلِيلُ مِنَ الشَّيْءِ يُقَالُ جَزَعَ لَهُ مِنْ مَالِهِ أي قطع وبالثاني ضبطه بن فَارِسٍ فِي الْمُجْمَلِ قَالَ وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الغنم وكأنها فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ كَضَفِيرَةٍ بِمَعْنَى مَضْفُورَةٍ قَالَ الْقَاضِي قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ قَوْلُهُ ثُمَّ انْكَفَأَ إِلَى آخر الحديث وهم من بن عون فيما قيل وإنما رواه بن سيرين عن أنس فأدرجه بن عَوْنٍ هُنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَرَوَاهُ عَنِ بن سِيرِينَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ هَذَا الحديث عن بن عَوْنٍ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ هَذَا الْكَلَامَ فَلَعَلَّهُ تركه عمدا وقد رواه أيوب وقرة عن بن سِيرِينَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ هَذِهِ الزِّيَادَةَ قَالَ الْقَاضِي وَالْأَشْبَهُ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ إِنَّمَا هِيَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ فِي خُطْبَةِ عِيدِ الْأَضْحَى فَوَهِمَ فِيهَا الرَّاوِي فَذَكَرَهَا مَضْمُومَةً إِلَى خُطْبَةِ الْحَجَّةِ أوهما حَدِيثَانِ ضُمَّ أَحَدُهُمَا إِلَى(بَاب الْمُجَازَاةِ بِالدِّمَاءِ فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّهَا أَوَّلُ (مَا يُقْضَى فِيهِ بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)

    [1679] إِن الزَّمَان قد اسْتَدَارَ هَذَا فِي حجَّة الْوَدَاع وَكَانُوا قبل يقدمُونَ ويؤخرون فِي التَّحْرِيم وَهُوَ النسيء فصادف تِلْكَ السّنة تَحْرِيم ذِي الْحجَّة وَرُجُوع الْمحرم إِلَى مَوْضِعه وَذُو الْقعدَة بِفَتْح الْقَاف فِي الْأَشْهر وَذُو الْحجَّة بِكَسْر الْحَاء فِي الْأَشْهر رَجَب شهر مُضر أَضَافَهُ إِلَيْهِم لأَنهم كَانَ بَينهم وَبَين ربيعَة اخْتِلَاف فِيهِ فَكَانَت مُضر تَجْعَلهُ هَذَا الْمَعْرُوف وَرَبِيعَة تَجْعَلهُ رَمَضَان وَقيل لأَنهم كَانُوا يعظمونه أَكثر من غَيرهم وَقيل إِن الْعَرَب كَانَت تسمي رَجَب وَشَعْبَان الرجبين انكفأ بِهَمْزَة أَي انْقَلب أملحين تَثْنِيَة أَمْلَح وَهُوَ الَّذِي فِيهِ بَيَاض وَسَوَاد وَالْبَيَاض أَكثر جزيعة وَضم الْجِيم وَفتح الزَّاي وبفتح الْجِيم وكسرالزاي وَهِي الْقطعَة من الْغنم تَصْغِير جزعة بِكَسْر الْجِيم وَهِي الْقَلِيل من الشَّيْء

    عن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات، ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب شهر مضر الذي بين جمادى وشعبان ثم قال أي شهر هذا؟ قلنا الله ورسوله أعلم. قال: فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. قال أليس ذا الحجة؟ قلنا: بلى. قال فأي بلد هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. قال أليس البلدة؟ قلنا: بلى. قال فأي يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. قال أليس يوم النحر؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال فإن دماءكم وأموالكم (قال محمد وأحسبه قال) وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا. وستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم فلا ترجعن بعدي كفارًا (أو ضلالاً) يضرب بعضكم رقاب بعض. ألا ليبلغ الشاهد الغائب فلعل بعض من يبلغه يكون أوعى له من بعض من سمعه ثم قال ألا هل بلغت؟ قال ابن حبيب في روايته ورجب مضر وفي رواية أبي بكر فلا ترجعوا بعدي.
    المعنى العام:
    {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون} [البقرة: 30]. وخلق آدم وحواء، وأنزلهما من الجنة إلى الأرض، وأنزل معهما إبليس عدوهما، وحذرهما منه، بل حذر ذريتهما منه، فقال: {يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما} [الأعراف: 27] وكان سفك الدماء البشرية على هذه الأرض نتيجة مهمة من نتائج كفاح إبليس مع ابن آدم، فهو أكبر إفساد في الأرض، وقد بدأ في حياة آدم عليه السلام، ومع ولدين من أولاده، قابيل وهابيل، ووضحت مسالك البشر في دنياهم مناظرتهما ومجادلتهما، بشر يحترمون الآدميين، ويخافون الله، ويجتنبون الآثام، ليبتعدوا عن نار يوم القيامة، وبشر لا يخافون الله، ولا يحترمون الآدميين، ويستهينون بالقتل، وإراقة الدماء، ويذكرنا الله بعد حين من الدهر بمناقشتهم وجدالهم، فيقول {واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانًا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين * لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أبا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين * إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين * فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين * فبعث الله غرابًا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوءة أخيه قال يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي فأصبح من النادمين * من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا} [المائدة: 27 وما بعدها] ومن أجل ذلك كان على ابن آدم القاتل لأخيه نصيب من ذنب كل من يقتل مسلمًا، فهو الذي سن القتل وابتدعه في بني آدم ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة. وجاءت الشرائع السماوية كلها، شريعة بعد شريعة، تعظم إراقة دماء البشر، وتحذر من اعتداء الإنسان على أخيه الإنسان، وتغلظ حرمة الدماء والأموال والأعراض، وكم حذر رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، وكم أنذر، فقال: إن أول خصمين يوم القيامة، يقفان في ساحة القضاء، بين يدي أحكم الحاكمين، قاتل ومقتول، قاتل يقف مكتوف اليدين مغلولهما، مقيد الرجلين، في سلسلة ذرعها سبعون ذراعًا، مطرق الرأس ذليلاً، ومقتول يحمل بين يديه رأسه، يسيل الدم ويتدفق من عروقه وأوداجه، يقول المقتول رب: سل هذا القاتل. فيم قتلني؟ منظر رهيب، وقضاء عادل، يوم يقتص للشاة من شاة كانت نطحتها في الدنيا. كم حذر صلى الله عليه وسلم من قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وكم حذر القرآن الكريم، حتى كانت الوصية الأخيرة التي قدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته، في حجة الوداع، فكان فيها: أيها الناس. إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، يوم النحر، في شهركم هذا الذي حرمه الله، في بلدكم هذه التي حرمها ربكم. هذا بلاغي عن ربي لكم، فبلغوه لمن وراءكم. ألا هل بلغت. اللهم فاشهد أنني قد بلغت. فسلام الله عليك يا رسول الله نشهد أنك بلغت الرسالة وأديت الأمانة، ونصحت الأمة وكشفت الغمة، وعبدت ربك حتى أتاك اليقين. فصلى الله وسلم وبارك عليك وعلى آلك وأصحابك ومن اتبع هداك إلى يوم الدين. المباحث العربية (لا يحل دم امرئ مسلم) وفي الرواية الثانية لا يحل دم رجل مسلم والمراد لا يحل إراقة دم امرئ مسلم أي إراقة دمه كله، وهو كناية عن قتله. (يشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأني رسول اللَّه) هذه صفة ثانية، ذكرت لبيان أن المراد بالمسلم هو الآتي بالشهادتين أو حال مقيدة للموصوف، إشعارًا بأن الشهادة هي العمدة في حقن الدماء، ويشهد له قوله صلى الله عليه وسلم لأسامة كيف تصنع بلا إله إلا الله؟ فهي صفة مفسرة لقوله مسلم وليست قيدًا فيه، إذ لا يكون مسلمًا إلا بذلك. (إلا بإحدى ثلاث) استثناء من عموم الأحوال، أي لا يحل دم امرئ مسلم في حال من الأحوال إلا في حالة من أحوال ثلاث أو من عموم العلل والأسباب، أي لا يحل دم امرئ مسلم لسبب من الأسباب ولخصلة من الخصال إلا بخصلة من ثلاث وفي الرواية الثانية إلا ثلاثة نفر أي لا يحل دم أي رجل من المسلمين إلا ثلاثة رجال. (النفس بالنفس) ذكرت أولاً في رواية البخاري، وذكرت ثانيًا في روايتنا الأولى، وثالثًا في روايتنا الثانية. والمراد به القصاص بشروطه، أي يحل دم النفس القاتلة عمدًا بغير حق بسبب قتلها النفس الأخرى وفي رواية للبزار من قتل نفسًا ظلمًا. (الثيب الزان) قال النووي: هكذا هو في النسخ الزان من غير ياء بعد النون، وهي لغة صحيحة قرئ بها في السبع، كما في قوله تعالى {الكبير المتعال} [الرعد: 9] والأشهر في اللغة إثبات الياء. والمراد رجمه بالحجارة حتى يموت، أي فيحل قتله، وعند النسائي ورجل زنى بعد إحصان. (والتارك لدينه، المفارق للجماعة) وفي الرواية الثانية التارك الإسلام بنصب الإسلام مفعول التارك والمفارق للجماعة بلام الجر، أو المفارق الجماعة بنصب الجماعة مفعول المفارق والواو في الرواية الثانية الداخلة على المفارق واو تفسيرية، فالمراد من المفارق للجماعة التارك لدينه، وإلا لصارت الخصال أربعًا، والمراد بالجماعة جماعة المسلمين. (إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها، لأنه كان أول من سن القتل) يشير بذلك إلى القصة التي قصها القرآن عن ابني آدم، إذ قتل أحدهما أخاه، واختلف في القاتل، قال الحافظ ابن حجر: والمشهور قابيل والمقتول هابيل، وقيل غير ذلك، وقيل في سبب القتل أن آدم كان يزوج ذكر كل بطن من ولده، بأنثى البطن الآخر، وأن أخت قابيل كانت أحسن من أخت هابيل، فأراد قابيل أن يستأثر بأخته، فمنعه آدم، فلما ألح عليه أمرهما أن يقربا قربانًا، فقرب قابيل حزمة من زرع، وكان صاحب زرع، وقرب هابيل بقرة سمينة، وكان صاحب ضرع، فنزلت نار، فأكلت قربان هابيل، دون قابيل. هذا هو المشهور. والكفل بكسر الكاف الجزء والنصيب، وقال الخليل: هو الضعف، والمناسب هنا الأول، والمراد من سن بفتح السين وتشديد النون، ابتدع، فالسنة لغة الطريقة المبتدعة، غير المسبوقة. (أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء) في الدماء متعلق بمحذوف، أي يقضى في الدماء التي وقعت بين الناس في الدنيا، أي أول القضايا التي تعرض يوم القيامة قضايا الدماء، وفي ملحق الرواية أول ما يحكم بين الناس في الدماء زاد في رواية ويأتي كل قتيل، قد حمل رأسه، فيقول: يا رب سل هذا. فيم قتلني؟ وفي رواية يأتي المقتول معلقًا رأسه بإحدى يديه، ملببًا قاتله بيده الأخرى، تشخب أوداجه دمًا، حتى يقف بين يدي الله ولا يعارض هذا حديث أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة إذ الأولية في كل منهما مقيدة، فهناك الأولية بالنسبة لمعاملات الخلق، والأولية بالنسبة لمعاملة الخالق. (إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق اللَّه السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا) المراد بالزمان السنة، ولفظ الزمان في الأصل يطلق على القليل والكثير من الوقت، والمراد باستدارته إلى الوضع الذي كان عليه يوم خلق السموات والأرض وقوع تاسع ذي الحجة في شهر مارس، وهو آذار،وهو برمهات بالقبطية، وفيه يستوي الليل والنهار، عند حلول الشمس برج الحمل. وفي رواية عند ابن مردويه إن الزمان قد استدار، فهو اليوم، كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض والكاف في كهيئته صفة لمصدر محذوف، تقديره: استدارة مشبهة وضعه يوم خلق الله السموات والأرض. قال النووي: قال العلماء: معناه أنهم في الجاهلية كانوا يتمسكون بملة إبراهيم عليه السلام في تحريم الأشهر الحرم، وكان يشق عليهم منع القتال ثلاثة أشهر متواليات، فكانوا إذا احتاجوا إلى قتال، أخروا تحريم المحرم إلى الشهر الذي بعده، فيغيرون الأسماء، يسمون المحرم صفرًا، وصفر المحرم، ثم يؤخرونه في السنة الأخرى إلى شهر آخر، وهكذا يفعلون في سنة بعد سنة، حتى اختلط عليهم الأمر، وصادفت حجة النبي صلى الله عليه وسلم رجوع المحرم إلى موضعه. اهـ. فكان نتيجة ذلك أن تغيرت الأشهر الحرم عن مكانها الحقيقي، حتى كادت تصبح أربعة مطلقة من السنة والمراد من السنة في الحديث السنة الهجرية، أي العربية الهلالية اثنا عشر شهرًا. قال الله تعالى {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب اللَّه} أي في اللوح المحفوظ {يوم خلق السماوات والأرض} [التوبة: 36] أي في ابتداء إيجاد العالم. والشهر العربي القمري يرتبط برؤية الهلال شرعًا بالشرط المعروف في الفقه، وحقيقة يرتبط باجتماع القمر مع الشمس في نقطة، وعوده بعد المفارقة إليها، ولا دخل للخروج من تحت الشعاع، إلا في إمكان الرؤية، بحسب العادة الشائعة، ومدة ما ذكر (29 - ) تسعة وعشرون يومًا، ومائة وواحد وتسعون جزءًا من ثلاثمائة وستين جزءًا لليوم بليلته، وتكون السنة القمرية ثلاثمائة وأربعة وخمسين يومًا، وخمس يوم وسدسه وثانية، وذلك أحد عشر جزءًا من ثلاثين جزءًا من اليوم بليلته (354 - يومًا) وكانوا إذا اجتمع من هذه الأجزاء أكثر من نصف عدده حسبوه يومًا كاملاً، وزادوه في الأيام، وتكون تلك السنة حينئذ كبيسة، وتكون أيامها (355) ثلاثمائة وخمسة وخمسين يومًا. ولما كان مدار الشهر الشرعي على الرؤية اختلفت الأشهر، فكان بعضها ثلاثين يومًا، وبعضها تسعة وعشرين يومًا، ولا يتعين شهر للكمال، وشهر للنقصان، بل قد يكون الشهر ثلاثين يومًا في بعض السنين وتسعة وعشرين يومًا في بعض آخر منها، أما ما في الصحيحين، من قوله صلى الله عليه وسلم شهرا عيد لا ينقصان. رمضان وذو الحجة فمحمول على معنى لا ينقص أجرهما وثوابهما، وقيل: معناه لا ينقصان جميعًا في سنة واحدة غالبًا. (منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات، ذو القعدة وذو الحجة، والمحرم ورجب شهر مضر، الذي بين جمادى وشعبان) كان العرب قبل الإسلام يؤرخون بالحوادث الكبيرة، فيقال: عام الفيل، وعام موت هشام بن المغيرة، ونحو ذلك ولما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ كثير من المسلمين هجرته مبدأ لتاريخهم، وكانت في ربيع الأول وتناسوا ما قبله، وسموا السنوات بأسماء الحوادث الكبرى، كعام الحديبية، وعام الفتح، وعام العسرة، وظل الأمر على هذا المنوال إلى خلافة عمر رضي الله عنه حيث روي أنه - رضي الله عنه - رفع إليه صك مؤرخ بشعبان، فقال: أي شعبان هو؟ وجمع أهل الرأي، وطلب منهم أن يضعوا للناس تاريخًا، يتعاملون عليه، ويضبط أوقاتهم، حيث اتسعت بلادهم، وكثرت أموالهم ومعاملاتهم، فذكروا له تاريخ اليهود، فما ارتضاه، وذكروا له تاريخ الفرس، فما ارتضاه، فاستحسنوا تاريخ الهجرة، وجعلوا أول شهورها المحرم، فأصبحت الأشهر الحرم الثلاثة المتوالية (القعدة والحجة والمحرم) من سنتين، وكانت قبل من سنة واحدة. وإنما أضيف رجب إلى مضر، لأنهم كانوا متمسكين بحرمته وتعظيمه، بخلاف غيرهم الذين نقلوه إلى شعبان ونقلوا شعبان مكانه، فسموا شعبان رجبًا، وسموا رجبًا بشعبان، فوصف بكونه بين جمادى وشعبان في الحديث تأكيدًا لمكانه بين الشهور، وذو القعدة بفتح القاف، وذو الحجة بكسر الحاء في اللغة المشهورة، ويجوز في لغة قليلة كسر القاف وفتح الحاء. (أي شهر هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم) إلخ. قال النووي: هذا السؤال والسكوت والتفسير، أراد به التفخيم والتقرير والتنبيه على عظم مرتبة هذا الشهر والبلد واليوم، ليبنى على هذا التعظيم والتفخيم تعظيم شأن المشبه، وهو الدماء والأموال والأعراض، وقولهم: الله ورسوله أعلم فوضوا علم الشهر والبلد واليوم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، مع أنهم يعلمونها حق العلم، لأنهم فهموا أنه صلى الله عليه وسلم لا يخفى عليه أنهم يعرفون الجواب، ففهموا أنه ليس المراد الإخبار بالأسماء، وأن المراد من السؤال شيء آخر، ففوضوا العلم به. (أليس البلدة؟) ال فيها للكمال، أي البلدة الجامعة للخير، المستحقة لجمع فضائل هذا الاسم. (فلا ترجعن بعدي كفارًا - أو ضلالاً - يضرب بعضكم رقاب بعض) ترجعن بضم العين، ونون التوكيد، وفي ملحق الرواية فلا ترجعوا ومعنى بعدي بعد فراقي من موقفي هذا، أي بعد الآن، أو من ورائي وخلفي، أي لا تخلفوني في أنفسكم بغير الذي أمرتكم به، أو بعد مماتي، ويكون النبي صلى الله عليه وسلم، قد تحقق أن هذا لا يكون في حياته، فنهاهم عنه بعد مماته، وفي لفظ للبخاري لا ترتدوا. ويضرب روي بالجزم، وروي بالرفع، وضرب الرقاب كناية عن القتل، فالمعنى لا يقاتل فيقتل بعضكم بعضًا، وقال الخطابي: المراد بالكفار المتكفرون بالسلاح، يقال: تكفر الرجل بسلاحه إذا لبسه، وقيل: معناه لا يكفر بعضكم بعضًا، فتستحلوا قتال بعض. (ألا ليبلغ الشاهد الغائب) المراد من الشاهد الحاضر السامع. (لما كان ذلك اليوم) أي يوم حجة الوداع، وفي منى. (قعد على بعيره) الضمير للرسول صلى الله عليه وسلم، وإن لم يسبق له ذكر، للعلم به، كقوله تعالى {حتى توارت بالحجاب} [ص: 32]. (وأخذ إنسان بخطامه) أي خطام البعير، وهو بكسر الخاء الزمام، وهو الحبل الذي يوضع على أنف البعير ليقاد به. والقصد هنا من إمساكه والأخذ به، منعه من الحركة والاضطراب. (ثم انكفأ إلى كبشين أملحين) انكفأ بهمز في آخره، أي انقلب، والأملح هو الذي فيه بياض وسواد، والبياض أكثر. (وإلى جزيعة من الغنم، فقسمها بيننا) الجزيعة بضم الجيم وفتح الزاي، ورواه بعضهم بفتح الجيم وكسر الزاي، وكلاهما صحيح، والأول هو المشهور، وهي القطعة من الغنم، وأصلها القليل من الشيء وكأنه قسم مجموعة قليلة من الشياه على أصحابه الذين لا يملكون ذبائح، ليذبحوها. فقه الحديث يؤخذ من الحديث

    1- تغليظ حرمة الدماء، والذنب يعظم بحسب عظم المفسدة، المترتبة عليه، وتفويت المصلحة الناتج عنه، وإراقة دم الإنسان غاية في ذلك.

    2- وفي قوله الثيب الزاني دليل على قتل الزاني المحصن بالرجم، قال النووي: وهذا بإجماع المسلمين.

    3- وبقوله النفس بالنفس استدل أصحاب أبي حنيفة على قتل المسلم بالذمي، والحر بالعبد، وجمهور العلماء - مالك والشافعي والليث وأحمد - على خلافه.
    4- استدل بقوله التارك لدينه على أن الردة عن الإسلام سبب لإباحة دم المسلم، وهو محل إجماع في الرجل، أما في المرأة ففيها خلاف.
    5- استدل بهذا الحديث الجمهور على أن المرأة في الردة حكمها حكم الرجل، لاستواء حكمهما في الزنا، وتعقب بأنها دلالة اقتران، وهي ضعيفة.
    6- استدل بقوله المفارق للجماعة على إباحة دم المخالف والخارج على الإجماع، فيكون متمسكًا لمن يقول: مخالف الإجماع كافر، قال ابن دقيق العيد: وقد نسب ذلك إلى بعض الناس. قال: وليس ذلك بالهين، فإن المسائل الإجماعية، تارة يصحبها التواتر بالنقل عن صاحب الشرع، كوجوب الصلاة مثلاً، وتارة لا يصحبها التواتر، فالأول يكفر جاحده، لمخالفة التواتر، لا لمخالفة الإجماع، والثاني لا يكفر به، قال في شرح الترمذي: الصحيح في تكفير منكر الإجماع، تقييده بإنكار ما يعلم وجوبه من الدين بالضرورة، كالصلوات الخمس.
    7- واستدل به على إباحة دم كل خارج عن الجماعة ببدعة، كالروافض والخوارج وغيرهم قاله النووي. قال الحافظ ابن حجر: والقول في القدرية وسائر المبتدعة مفرع على القول بتكفيرهم.
    8- قال بعضهم: إن حصر ما يباح دمهم في هذه الثلاثة من قبيل العام المخصوص، فهناك غيرهم ممن يباح دمهم، كالصائل، فإنه يباح دمه في الدفع، وقد يجاب عن هذا بأنه داخل في المفارق للجماعة، أو يكون المراد: لا يحل تعمد قتله، بمعنى أنه لا يحل قتله إلا مدافعة، بخلاف الثلاثة. وكالبغاة: لقوله تعالى {فقاتلوا التي تبغي} [الحجرات: 9] وقد يجاب بأن الآية تبيح القتال، وليس القتل، بدليل أنه لو استسلم لم يقتل. وكالزنديق: وقد يجاب بأن قتله استصحاب لكفره، فإن تاب لم يقتل. وكمانعي الزكاة: وقد يجاب بأنها تؤخذ منه قهرًا، فإن نصب القتال قوتل، وليس بقتل. وكتارك الصلاة: عند من لا يكفره، وقد اختلف فيه، فذهب أحمد وإسحق وبعض المالكية، ومن الشافعية ابن خزيمة وغيره إلى أنه يكفر بذلك، ولو لم يجحد وجوبها، وذهب الجمهور إلى أنه يقتل حدًا، وذهب الحنفية ووافقهم المزني إلى أنه لا يكفر، ولا يقتل.
    9- وفي الحديث جواز وصف الشخص بما كان عليه، ولو انتقل عنه، لاستثنائه المرتد من المسلمين، وهو باعتبار ما كان. 10- ومن الرواية الثالثة أن كل من ابتدع شيئًا من الشر كان عليه مثل وزر كل من اقتدى به في ذلك العمل، إلى يوم القيامة، ومثله من ابتدع شيئًا من الخير، كان له مثل أجر كل من يعمل به إلى يوم القيامة، وهو موافق للحديث الصحيح من سن سنة حسنة... ومن سن سنة سيئة... وللحديث الصحيح من دل على خير، فله مثل أجر فاعله. 1

    1- ومن الرواية الخامسة وما بعدها أن الأشهر الحرم أربعة، وقد أجمع على ذلك المسلمون، ولكن اختلفوا في الأدب المستحب في كيفية عدها فقالت طائفة من أهل الكوفة وأهل الأدب: يقال: المحرم ورجب وذو القعدة وذو الحجة، ليكون الأربعة من سنة واحدة، وقال علماء المدينة والبصرة وجماهير العلماء: هي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، ثلاثة سرد، وواحد فرد. قال النووي: وهذا هو الصحيح الذي جاءت به الأحاديث الصحيحة. 1

    2- ومن قول الصحابة الله ورسوله أعلم أدب الصحابة، ودقة فهمهم، وحسن جوابهم. 1

    3- ومن قوله ليبلغ الشاهد الغائب وجوب تبليغ العلم، وهو فرض كفاية، وقد يتعين في حق بعض الناس. 1
    4- ومن قوله فلعل بعض من يبلغه، يكون أوعى له من بعض من سمعه جواز رواية الفضلاء وغيرهم، من الشيوخ الذين لا علم لهم ولا فقه، إذا ضبط ما يحدث به. 1
    5- قال المهلب: فيه أنه يأتي في آخر الزمان من يكون له من الفهم في العلم، ما ليس لمن تقدمه، إلا أن ذلك يكون في الأقل. 1
    6- وفيه دلالة على جواز تحمل الحديث لمن لم يفهم معناه ولا فقهه إذا ضبط ما يحدث به، ويجوز وصفه بأنه من أهل العلم. 1
    7- ومن خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم على بعيره استحباب الخطبة على موضع عال، من منبر وغيره، سواء خطبة الجمعة والعيدين وغيرهما، وحكمته أنه كلما ارتفع كان أبلغ في إسماعه الناس، ورؤيتهم إياه، ووقوع كلامه في نفوسهم. 1
    8- ومن قوله أليس البلدة؟ أن المطلق قد يحمل على الكامل، فهو اسم خاص بمكة، وهي المرادة بقوله تعالى {إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة} [النمل: 91]. 1
    9- ومن قوله أي شهر هذا إلخ تأكيد التحريم وتغليظه بأبلغ ما يمكن من تكراره ونحوه. 20- وفيه مشروعية ضرب المثل، وإلحاق النظير بالنظير، ليكون أوضح للسامع. وإنما شبه حرمة الدم والعرض والمال بحرمة اليوم والشهر والبلد، لأن المخاطبين بذلك كانوا يعظمون هذه الأشياء، ولا يرون هتك حرمتها، ويعيبون على من فعل ذلك أشد العيب، فقدم السؤال عنها تذكيرًا لحرمتها، وتقريرًا لما ثبت في نفوسهم، ليبني عليه ما أراد تقريره على سبيل التأكيد. واللَّه أعلم

    حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَيَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ، - وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ - قَالاَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي، بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ ‏"‏ إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ - ثُمَّ قَالَ - أَىُّ شَهْرٍ هَذَا ‏"‏ ‏.‏ قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ - قَالَ - فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ ‏.‏ قَالَ ‏"‏ أَلَيْسَ ذَا الْحِجَّةِ ‏"‏ ‏.‏ قُلْنَا بَلَى ‏.‏ قَالَ ‏"‏ فَأَىُّ بَلَدٍ هَذَا ‏"‏ ‏.‏ قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ - قَالَ - فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ ‏.‏ قَالَ ‏"‏ أَلَيْسَ الْبَلْدَةَ ‏"‏ ‏.‏ قُلْنَا بَلَى ‏.‏ قَالَ ‏"‏ فَأَىُّ يَوْمٍ هَذَا ‏"‏ ‏.‏ قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ - قَالَ - فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ ‏.‏ قَالَ ‏"‏ أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ ‏"‏ ‏.‏ قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ‏.‏ قَالَ ‏"‏ فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ - قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَحْسِبُهُ قَالَ - وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ فَلاَ تَرْجِعُنَّ بَعْدِي كُفَّارًا - أَوْ ضُلاَّلاً - يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ أَلاَ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يُبَلَّغُهُ يَكُونُ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ ‏"‏ ‏.‏ ثُمَّ قَالَ ‏"‏ أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ ‏"‏ ‏.‏ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي رِوَايَتِهِ ‏"‏ وَرَجَبُ مُضَرَ ‏"‏ ‏.‏ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ ‏"‏ فَلاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي ‏"‏ ‏.‏

    Abu Bakra reported that (in the Farewell Address) Allah's Apostle (ﷺ) said:Time has completed a cycle and come to the state of the day when Allah created the heavens and the earth. The year is constituted of twelve months, of which four are sacred; three of them consecutive, viz. Dhu'l-Qa'da, Dhu'l- Hijja and Muharram, and also Rajab the month of Mudar which comes between Jumada and Sha'ban. He (the Holy Prophet) then said: which month is this? We said Allah and His Messenger know best. He (the narrator) said: He (the Holy Prophet) remained silent for some time until we thought that he would give it a name other than that (by which it was known). He said: Is it not Dha'l-Hijja? We said: Yes. He (the Holy Prophet) said: Which city is this? We said: Allah and His Messenger know best. He (the Holy Prophety remained silent until we thought that he would give it another name. He (the Holy Prophet) said: Is it not the Balda (the city of Mecca)? We said: Yes. He said: What day is this? We said: Allah and His Messenger know best. He (the Holy Prophet) remained silent until we thought that he would give it another name. He said: Is it not the Day of Sacrifice? We said: Allah's Messenger. yes. Thereupon he said: Your blood, your property (Muhammad, one of the narrators, said: I think, he also said this) and your honour are sacred to you like the sacredness of this day of yours, in this city of yours, and in this month of yours. You will soon meet your Lord and He will ask you about your deeds. So do not turn after me unbelievers (or misguided), some of you striking the necks of the others. Behold I let him who is present convey to him who is absent, for many a one whom a message is conveyed has a more retentive memory than one who hears. He again said: Behold! have I not delivered (the message) to you? This hadith has been narrated through another chain of transmitters, but with a slight variation of words

    D'après Abou Bakra (que Dieu l'agrée), le Prophète (paix et bénédiction de Dieu sur lui) a dit : "Le temps a accompli un cycle complet comme au jour où Dieu a créé les cieux et la terre. L'année comporte douze mois, quatre d'entre eux sont sacrés : dont trois se succèdent et qui sont dhûl-qi'da, dhûl-hijja et muharram et rajab de Mudar qui se situe entre jumâda et cha'bân". Puis il poursuivit : "Dans quel mois sommes-nous?". - "Dieu et Son Envoyé le savent mieux que nous", répliquâmes-nous. Le Prophète garda le silence à tel point que nous crûmes qu'il lui attribuera un autre nom. Il reprit : "Ne sommes-nous pas au mois de dhûl-hijja?". - "Si", répondîmes-nous. - "Et dans quel pays sommes-nous?", reprit-il. - "Dieu et Son Envoyé le savent mieux que nous", répondîmes-nous. Il observa un long silence au point où nous crûmes qu'il le désignera sous un autre nom. Puis il reprit : "N'est-ce pas la Ville sacrée (La Mecque)?". - "Si", répondîmes-nous. Puis il demanda : "Quel jour sommes-nous?". Nous lui dîmes : "Dieu et son Envoyé le savent mieux que nous". Comme il gardait le silence nous crûmes qu'il le désignera sous un autre nom. Il reprit : "Ne s'agit-il pas du jour du sacrifice?". "Si, déclarâmes-nous, ô Envoyé de Dieu". - "Eh bien! s'écria-t-il, vos sangs, vos biens (Muhammad dit : je crois qu'il a dit aussi : et vos honneurs) vous sont aussi sacrés que ce jour-ci dans cette ville-ci et dans ce mois-ci. Certes vous rencontrerez votre Seigneur et Il vous demandera le compte de vos œuvres. Ne redevenez pas, après moi (ma mort), des incrédules et ne retombez pas dans l'erreur en vous entre-tuant. Que celui qui est présent communique (mes paroles) à l'absent. Il se peut que celui à qui on transmet une information soit plus avisé que celui qui l'a entendue de ma bouche". Le Prophète ajouta : "Ai-je rempli ma mission?". Prix du sang de l'enfant au sein de sa mère et prix du sang que doit verser celui qui tue par mégarde

    Telah menceritakan kepada kami [Abu Bakar bin Abu Syaibah] dan [Yahya bin Habib Al Haristi] sedangkan lafadznya saling berdekatan, keduanya berkata; telah menceritakan kepada kami [Abdul Wahab At Tsaqafi] dari [Ayyub] dari [Ibnu Sirin] dari [Ibnu Abu Bakrah] dari [Abu Bakrah] dari Nabi shallallahu 'alaihi wasallam, bahwa beliau bersabda: "Sesungguhnya zaman itu terus berputar sama seperti saat Allah menciptakan langit dan bumi, setahun ada dua belas bulan, dan empat di antaranya adalah bulan-bulan haram, dan tiga di antaranya adalah bulan-bulan yang berurutan yaitu; Dzul Qa'dah, Dzul Hijjah, Muharram dan Rajab. Sedangkan bulan Rajab adalah bulan Mudzar, yaitu bulan yang terletak antara Jumadil Akhir dan Sya'ban." Kemudian beliau bertanya: "Bulan apakah sekarang ini?" kami menjawab, "Allah dan Rasul-Nya yang lebih mengetahui." Beliau terdiam beberapa saat, hingga kami menduga bahwa beliau akan menyebutnya dengan nama yang lain, lalu beliau bersabda: "Bukankah sekarang bulan Dzul Hijjah?" kami menjawab, "Benar." Beliau bertanya lagi: "Negeri apakah ini?" kami menjawab, "Allah dan Rasul-Nya yang lebih mengetahui." Beliau terdiam bebrapa saat, hingga kami menduga beliau akan menyebutnya dengan nama yang lain, lalu beliau bersabda: "Bukankah sekarang kita berada di negeri Baldah?" kami menjawab, "Benar." Beliau kembali bertanya: "Hari apakah ini?" kami menjawab, "Allah dan Rasul-Nya yang lebih mengetahi." Beliau terdiam beberapa saat, hingga kami mengira beliau akan menyebutnya dengan nama yang lain. Kemudian beliau bersabda: "Bukankah sekarang adalah hari Nahr (kurban)?" kami menjawab, "Benar wahai Rasulullah." Beliau kemudian bersabda: "Wahai Kaum Muslimin sekalian, sesungguhnya darahmu, harta bendamu -Muhammad berkata; aku kira beliau juga bersabda: dan kehormatanmu- adalah haram atas dirimu, seperti haramnya harimu sekarang ini, di negrimu ini, dan di bulan ini. Sesungguhnya kalian pasti akan bertemu dengan Rabb kalian (di hari kiamat kelak), dan Dia akan menanyakan tentang semua amal perbuatanmu. Oleh karena itu, sepeninggalku nanti janganlah kalian kembali kepada kekufuran ataupun kesesatan -di mana sebagian dari kalian membunuh sebagian yang lain-, hendaknya orang yang hadir pada saat ini menyampaikan kepada orang yang tidak hadir, bisa jadi orang yang mendengar dari mulut kedua justru lebih menjaga apa-apa yang didengarnya daripada orang yang mendengarnya secara langsung." Setelah itu beliau bersabda: "Bukankah aku telah menyampaikan kepada kalian semua?" Ibnu Habib menyebutkan dalam riwayatnya, "Bulan rajab adalah mudlar." Sedangkan dalam riwayatnya Abu Bakr disebutkan, "Maka janganlah kalian kembali (kepada kekufuran) sepeninggalku

    Bize Ebû Bekir b. Ebî Şeybe île Yahya b. Habîb El-Hârisî rivayet ettiler. (Lâfızları birbirine yakındır.) (Dediler ki) : Bize Bekra'dan, o da Ebû Bekra'dan, o da Nebi (Sallallahu Aleyhi ve Sellem) Abdülvehhâb Es-Sekafî, Eyyûb'dan, o da İbni Sîrîn'den, o da ibni Ebî den naklen rivayet ettiler. (Demişki): Resûlullah (Sallallahü Aleyhi ve Sellem) şöyle buyurdu: «Şüphesiz ki zaman, Allah'ın göklerle yeri yarattığı gündeki hey'eti gîbi dönmüştür. Sene on iki aydır. Bunlardan dördü haram aylardır, ki üçü arka arkaya gelir: Zülka'de, Zülhicce ve Muharrem. Bir de iki cumâd ile Şa'bân arasındaki Mudar'ın ayı Receb!» Sonra şunları söyledi: «Bu hangi aydır?» Biz: — Allah ve ResûIü bilir! dedik. Bunun üzerine sükût etti; hattâ ona adından başka bir isim verecek sandık. «Bu Zülhicce değil mi?» buyurdu. — Evet öyle! dedik. «Yâ şu belde neresidir?» diye sordu. — Allah ve Resulü bilir! dedik. Müteakiben yine sükût etti; hattâ ona adından başka bir isim verecek sandık. «Ma'lûm belde değil mi?» dedi. — Evet öyle! cevabını verdik. «Yâ şu gün nedir?» buyurdu. — Allah ve Resulü bilir, dedik. Bunun üzerine yine sükût etti; hattâ ona adından başka bir isim verecek sandık. «Kurban gönü değil mi?» diye sordu. — Evet öyle! Yâ Resûlâllah, dedik. «İşte sizin kanlarınız, mallarınız (Muhammed demiş ki: Zannederim) ve ırzlarınız, şu ayınızda, şu beldenizde, şu gününüzün hürmeti gibi birbirinize haramdır. Yakında Rabbinize kavuşacaksınız; o da size amellerinizden suâl edecek. Sakın benden sonra birbirinizin boyunlarını vuran küffâr (veya sapıklar olmay) a dönmeyin! Dikkat!.. Burada bulunan, bulunmayana tebliğ etsin! Olur ki, bazı tebliğ olunan, bunu bazı işitenden daha belleyişli olur.» buyurdu. Sonra: «Dikkat!.. Tebliğ ettim mî?» dedi. İbni Habîb kendi rivayetinde : «Mudarın Recebi...» dedi. Ebû Bekr'in rivayetinde ise : «Benden sonra dönmeyin!» cümlesi vardır

    ابوبکر بن ابی شیبہ اور یحییٰ بن حبیب حارثی ۔ ۔ دونوں کے الفاظ قریب قریب ہیں ۔ ۔ دونوں نے کہا : ہمیں عبدالوہاب ثقفی نے ایوب سے حدیث بیان کی ، انہوں نے ابن سیرین سے ، انہوں نے ابن ابی بکرہ سے ، انہوں نے حضرت ابوبکرہ رضی اللہ عنہ سے اور انہوں نے نبی صلی اللہ علیہ وسلم سے روایت کی کہ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا : "" بلاشبہ زمانہ گھوم کر اپنی اسی حالت پر آ گیا ہے ( جو اس دن تھی ) جس دن اللہ نے آسمانوں اور زمین کو پیدا کیا تھا ۔ سال کے بارہ مہینے ہیں ، ان میں سے چار حرمت والے ہیں ، تین لگاتار ہیں : ذوالقعدہ ، ذوالحجہ اور محرم اور ( ان کے علاوہ ) رجب جو مضر کا مہینہ ہے ، ( جس کی حرمت کا قبیلہ مضر قائل ہے ) جو جمادیٰ اور شعبان کے درمیان ہے ۔ "" اس کے بعد آپ نے پوچھا : "" ( آج ) یہ کون سا مہینہ ہے؟ "" ہم نے کہا : اللہ اور اس کا رسول زیادہ جاننے والے ہیں ۔ کہا : آپ خاموش ہو گئے حتی کہ ہم نے خیال کیا کہ آپ اسے اس کے ( معروف ) نام کے بجائے کوئی اور نام دیں گے ۔ ( پھر ) آپ نے فرمایا : "" کیا یہ ذوالحجہ نہیں ہے؟ "" ہم نے جواب دیا : کیوں نہیں! ( پھر ) آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے پوچھا : "" یہ کون سا شہر ہے؟ "" ہم نے جواب دیا : اللہ اور اس کا رسول سب سے بڑھ کر جاننے والے ہیں ۔ کہا : آپ خاموش رہے حتی کہ ہم نے خیال کیا کہ آپ اس کے ( معروف ) نام سے ہٹ کر اسے کوئی اور نام دیں گے ، ( پھر ) آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے پوچھا : "" کیا یہ البلدہ ( حرمت والا شہر ) نہیں؟ "" ہم نے جواب دیا : کیوں نہیں! ( پھر ) آپ نے پوچھا : "" یہ کون سا دن ہے؟ "" ہم نے جواب دیا : اللہ اور اس کا رسول سب سے بڑھ کر جاننے والے ہیں ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے کہا : "" کیا یہ یوم النحر ( قربانی کا دن ) نہیں ہے؟ "" ہم نے جواب دیا : کیوں نہیں ، اللہ کے رسول! ( پھر ) آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا : "" بلاشبہ تمہارے خون ، تمہارے مال ۔ ۔ محمد ( بن سیرین ) نے کہا : میرا خیال ہے ، انہوں نے کہا : ۔ ۔ اور تمہاری عزت تمہارے لیے اسی طرح حرمت والے ہیں جس طرح اس مہینے میں ، اس شہر میں تمہارا یہ دن حرمت والا ہے ، اور عنقریب تم اپنے رب سے ملو گے اور وہ تم سے تمہارے اعمال کے بارے میں پوچھے گا ، تم میرے بعد ہرگز دوبارہ گمراہ نہ ہو جانا کہ ایک دوسرے کی گردنیں مارنے لگو ، سنو! جو شخص یہاں موجود ہے وہ اس شخص تک یہ پیغام پہنچا دے جو یہاں موجود نہیں ، ممکن ہے جس کو یہ پیغام پہنچایا جائے وہ اسے اس آدمی سے زیادہ یاد رکھنے والا ہو جس نے اسے ( خود مجھ سے ) سنا ہے ۔ "" پھر فرمایا : "" سنو! کیا میں نے ( اللہ کا پیغام ) ٹھیک طور پر پہنچا دیا ہے؟ "" ابن حبیب نے اپنی روایت میں "" مضر کا رجب "" کہا : اور ابوبکر کی روایت میں ( "" تم میرے بعد ہرگز دوبارہ "" کے بجائے ) "" میرے بعد دوبارہ "" ( تاکید کے بغیر ) ہے

    আবূ বাকর ইবনু আবূ শাইবাহ ও ইয়াহইয়া ইবনু হাবীব হারিসী (রহঃ) ..... আবূ বাকরাহ (রাযিঃ) এর সূত্রে নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম হতে বর্ণিত। তিনি বলেছেনঃ কাল আবর্তিত হয়ে পূর্বাবস্থায় ফিরে এসেছে, যে অবস্থায় আল্লাহ তা'আলা আকাশসমূহ ও পৃথিবী সৃষ্টি করেছিলেন। এক বছর হয় বার মাসে, তন্মধ্যে চারটি নিষিদ্ধ মাস। (অর্থাৎ- তাতে যুদ্ধ বিগ্রহ করা হারাম) এর তিন মাস হল ধারাবাহিক- ১. যুল কাদা, ২. ফুলহাজ্জাহ্ এবং ৩. মুহররাম। আর রজবও নিষিদ্ধ মাস, যা জামাদিউস্ সানী এবং শা'বানের মাঝে অবস্থিত। এরপর তিনি বললেনঃ এটি কোন মাস? আমরা বললাম, আল্লাহ ও তার রসূল সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম এ ব্যাপারে অধিক জানেন। বর্ণনাকারী বলেন, এরপর তিনি কিছুক্ষণ চুপ রইলেন। আমরা ভাবলাম যে, তিনি হয়ত এ মাসের নতুন কোন নাম বলবেন। এরপর তিনি বললেনঃ এ-কি "যুলহাজ্জাহ্" মাস নয়? আমরা বললাম, জী-হ্যাঁ। তিনি বললেনঃ এ কোন শহর? আমরা বললাম, আল্লাহ ও তার রসূল সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম অধিক জানেন। বর্ণনাকারী বলেন, তিনি কিছুক্ষণ চুপ রইলেন। এতে আমরা ধারণা করলাম যে, তিনি হয়ত এর অপর কোন নাম রাখবেন। তিনি বললেনঃ এ-কি (মাক্কা) শহর নয়। আমরা বললাম, জী-হ্যাঁ। তিনি বললেনঃ এ কোন দিন? আমরা বললাম আল্লাহ ও তার রসূল অধিক জ্ঞাত। বর্ণনাকারী বলেন, এরপর তিনি কিছুক্ষণ চুপ রইলেন। এতে আমরা ধারণা করলাম যে, তিনি হয়ত এর অন্য কোন নাম বলবেন। তিনি বললেনঃ এ-কি ইয়াওমুন্নাহার (ঈদুল আযহার দিন) নয়? আমরা বললাম, জী-হ্যাঁ, হে আল্লাহর রসূল! তিনি বললেন। তোমাদের জান ও মাল এবং রাবী মুহাম্মাদ বলেন, আমি ধারণা করি এর সাথে তিনি তোমাদের মান সম্ভ্রম এ কথা যুক্ত করে বললেন। এগুলো তেমন মর্যাদাপূর্ণ যেমন তোমাদের কাছে আজকার দিবস, এ নগর এবং এ মাসও পবিত্র। তোমরা খুব শীঘ্রই তোমাদের প্রভুর সাথে মিলিত হবে। তখন তোমাদেরকে তোমাদের কৃতকর্ম সম্পর্কে জিজ্ঞাসাবাদ করা হবে। অতএব তোমরা আমার পরে পথভ্রষ্ট হয়ে একে অন্যের সাথে ঝগড়া-ফাসাদে লিপ্ত হয়ে না। সাবধান! তোমাদের উপস্থিতগণ অবশ্যই অনুপস্থিতদের কাছে আমার এ বাণী পৌছে দিবে। সম্ভবতঃ উপস্থিত ব্যক্তি যাদের কাছে আমার বাণী পৌছে দিবে, তারা কেউ কেউ হয়ত এখানকার শ্রোতাদের চেয়ে অধিকতর সংরক্ষণকারী হবে। এরপর তিনি বললেনঃ ওহে! শুনো, আমি কি আল্লাহর নির্দেশ পৌছে দেইনি? ইবনু হাবীব তার বর্ণনায় وَرَجَبُ مُضَرَ (রজব নিষিদ্ধ মাস) বর্ণনা করেছেন। আবূ বাকর (রাযিঃ) এর অপর বর্ণনায়فَلاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي (তোমরা আমার পরে ধর্মান্তরিত হয়ে না) বর্ণিত হয়েছে। (ইসলামিক ফাউন্ডেশন ৪২৩৬, ইসলামিক সেন্টার)