• 1091
  • انْطَلَقَ أَبِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ ، فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ وَلَمْ يُحْرِمْ ، وَحُدِّثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّ عَدُوًّا بِغَيْقَةَ ، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : فَبَيْنَمَا أَنَا مَعَ أَصْحَابِهِ ، يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ، إِذْ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ ، فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ ، فَطَعَنْتُهُ فَأَثْبَتُّهُ ، فَاسْتَعَنْتُهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُونِي ، فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهِ ، وَخَشِينَا أَنْ نُقْتَطَعَ ، فَانْطَلَقْتُ أَطْلُبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا وَأَسِيرُ شَأْوًا ، فَلَقِيتُ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ ، فَقُلْتُ : أَيْنَ لَقِيتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : تَرَكْتُهُ بِتَعْهِنَ وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا ، فَلَحِقْتُهُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أَصْحَابَكَ يَقْرَءُونَ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ ، وَإِنَّهُمْ قَدْ خَشُوا أَنْ يُقْتَطَعُوا دُونَكَ ، انْتَظِرْهُمْ ، فَانْتَظَرَهُمْ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أَصَدْتُ وَمَعِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لِلْقَوْمِ : " كُلُوا " وَهُمْ مُحْرِمُونَ

    وحَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مِسْمَارٍ السُّلَمِيُّ ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ ، قَالَ : انْطَلَقَ أَبِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ ، فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ وَلَمْ يُحْرِمْ ، وَحُدِّثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، أَنَّ عَدُوًّا بِغَيْقَةَ ، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : فَبَيْنَمَا أَنَا مَعَ أَصْحَابِهِ ، يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ، إِذْ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ ، فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ ، فَطَعَنْتُهُ فَأَثْبَتُّهُ ، فَاسْتَعَنْتُهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُونِي ، فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهِ ، وَخَشِينَا أَنْ نُقْتَطَعَ ، فَانْطَلَقْتُ أَطْلُبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا وَأَسِيرُ شَأْوًا ، فَلَقِيتُ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ ، فَقُلْتُ : أَيْنَ لَقِيتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ؟ قَالَ : تَرَكْتُهُ بِتَعْهِنَ وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا ، فَلَحِقْتُهُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ أَصْحَابَكَ يَقْرَءُونَ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ ، وَإِنَّهُمْ قَدْ خَشُوا أَنْ يُقْتَطَعُوا دُونَكَ ، انْتَظِرْهُمْ ، فَانْتَظَرَهُمْ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أَصَدْتُ وَمَعِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لِلْقَوْمِ : كُلُوا وَهُمْ مُحْرِمُونَ

    فأثبته: أثبت الشيء : حبَسه وجعله ثابتا في مكانه لا يُفارِقه
    فأبوا: أبى : رفض وامتنع، واشتد على غيره
    شأوا: الشأو : الغاية والشوط والمدى أو تارة أو مرة أو حينا
    كُلُوا وَهُمْ مُحْرِمُونَ


    [ رقم الحديث عند آل سلمان:2151 ... ورقمه عند عبد الباقي:1196]
    وَحَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مِسْمَارٍ السُّلَمِيُّ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ انْطَلَقَ أَبِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ وَلَمْ يُحْرِمْ وَحُدِّثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عَدُوًّا بِغَيْقَةَ فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَبَيْنَمَا أَنَا مَعَ أَصْحَابِهِ يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ إِذْ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ فَطَعَنْتُهُ فَأَثْبَتُّهُ فَاسْتَعَنْتُهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُونِي فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهِ وَخَشِينَا أَنْ نُقْتَطَعَ فَانْطَلَقْتُ أَطْلُبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا وَأَسِيرُ شَأْوًا فَلَقِيتُ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فَقُلْتُ أَيْنَ لَقِيتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَرَكْتُهُ بِتَعْهِنَ وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا فَلَحِقْتُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَصْحَابَكَ يَقْرَءُونَ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ وَإِنَّهُمْ قَدْ خَشُوا أَنْ يُقْتَطَعُوا دُونَكَ انْتَظِرْهُمْ فَانْتَظَرَهُمْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَدْتُ وَمَعِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْقَوْمِ كُلُوا وَهُمْ مُحْرِمُونَ


    قَوْلُهُ : ( وَتِعْهِنَ ) الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ عَيْنُ مَاءٍ هُنَاكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ السُّقْيَا ، وَهِيَ بِتَاءٍ مُثَنَّاةِ فَوْقَ مَكْسُورَةٍ وَمَفْتُوحَةٍ ثُمَّ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ هَاءٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ نُونٍ ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : هِيَ بِكَسْرِ التَّاءِ وَفَتْحِهَا ، قَالَ : وَرِوَايَتُنَا عَنِ الْأَكْثَرِينَ بِالْكَسْرِ ، قَالَ : وَكَذَا قَيَّدَهَا الْبَكْرِيُّ فِي مُعْجَمِهِ ، قَالَ الْقَاضِي : وَبَلَغَنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْهَرَوِيِّ أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُهَا بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْهَاءِ ، وَهَذَا ضَعِيفٌ .

    وَأَمَّا ( غَيْقَةَ ) فَهِيَ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتَ سَاكِنَةٍ ثُمَّ قَافٍ مَفْتُوحَةٍ ، وَهِيَ مَوْضِعٌ مِنْ بِلَادِ بَنِي غِفَارٍ ، بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ ، قَالَ الْقَاضِي : وَقِيلَ : هِيَ بِئْرُ مَاءٍ لِبَنِي ثَعْلَبَةَ .

    قَوْلُهُ : ( فَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ ) قَدْ يُقَالُ : كَيْفَ كَانَ أَبُو قَتَادَةَ وَغَيْرُهُ مِنْهُمْ غَيْرَ مُحْرِمِينَ ، وَقَدْ جَاوَزُوا مِيقَاتَ الْمَدِينَةِ ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ مَنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً لَا يَجُوزُ لَهُ مُجَاوَزَةُ الْمِيقَاتِ غَيْرَ مُحْرِمٍ ؟ قَالَ الْقَاضِي - فِي جَوَابِ هَذَا - : قِيلَ إِنَّ الْمَوَاقِيتَ لَمْ تَكُنْ وُقِّتَتْ بَعْدُ ، وَقِيلَ : لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا قَتَادَةَ وَرُفْقَتَهُ لِكَشْفِ عَدُوٍّ لَهُمْ بِجِهَةِ السَّاحِلِ ، كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ، وَقِيلَ : إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ ، بَلْ بَعَثَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ لِيُعْلِمَهُ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقْصِدُونَ الْإِغَارَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ ، وَقِيلَ : إِنَّهُ خَرَجَ مَعَهُمْ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَنْوِ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً ، قَالَ الْقَاضِي : وَهَذَا بَعِيدٌ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

    قَوْلُهُ : ( فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي ، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي - وَكَانُوا مُحْرِمِينَ - : نَاوَلُونِي السَّوْطَ ، فَقَالُوا : وَاللَّهِ لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ ) وَقَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : هَلْ أَشَارَ إِلَيْهِ إِنْسَانٌ مِنْكُمْ أَوْ أَمَرَهُ بِشَيْءٍ ؟ قَالُوا : لَا . قَالَ : فَكُلُوهُ ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى تَحْرِيمِ الْإِشَارَةِ وَالْإِعَانَةِ مِنَ الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ ، وَكَذَلِكَ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ ، وَكُلِّ سَبَبٍ ، وَفِيهِ دَلِيلٌ لِلْجُمْهُورِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ : لَا تَحِلُّ الْإِعَانَةُ مِنَ الْمُحْرِمِ إِلَّا إِذَا لَمْ يُمْكِنِ اصْطِيَادُهُ بِدُونِهَا .

    قَوْلُهُ : ( فَقَالَ بَعْضُهُمْ : كُلُوهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا تَأْكُلُوهُ ) ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي مَسَائِلِ الْفُرُوعِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهَا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

    قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْحَلَالَ إِذَا صَادَ صَيْدًا وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُحْرِمِ إِعَانَةٌ وَلَا إِشَارَةٌ وَلَا دَلَالَةٌ عَلَيْهِ ، حَلَّ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ ، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَكْثَرِينَ .

    قَوْلُهُ : ( إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا ) ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَيَّ ؛ إِذْ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ ) هَكَذَا وَقَعَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا ( يَضْحَكُ إِلَيَّ ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ ، قَالَ الْقَاضِي : هَذَا خَطَأٌ وَتَصْحِيفٌ ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بَعْضِ الرُّوَاةِ عَنْ مُسْلِمٍ وَالصَّوَابُ ( يَضْحَكُ إِلَى بَعْضٍ ) فَأَسْقَطَ لَفْظَةَ ( بَعْضٍ ) وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهَا كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ ضَحِكُوا إِلَيْهِ لَكَانَتْ إِشَارَةٌ مِنْهُمْ ، وَقَدْ قَالُوا : إِنَّهُمْ لَمْ يُشِيرُوا إِلَيْهِ ، قُلْتُ : لَا يُمْكِنُ رَدُّ هَذِهِ الرِّوَايَةِ ، فَقَدْ صَحَّتْ هِيَ وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى ، وَلَيْسَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا دَلَالَةٌ وَلَا إِشَارَةٌ إِلَى الصَّيْدَةِ ، فَإِنَّ مُجَرَّدَ الضَّحِكِ لَيْسَ فِيهِ إِشَارَةٌ . قَالَ الْعُلَمَاءُ : وَإِنَّمَا ضَحِكُوا تَعَجُّبًا مِنْ عُرُوضِ الصَّيْدِ ، وَلَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَيْهِ لِمَنْعِهِمْ مِنْهُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

    قَوْلُهُ : ( فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ ) وَكَذَا ذُكِرَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ ( حِمَارُ وَحْشٍ ) ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كَامِلٍ الْجَحْدَرِيِّ : ( إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا ) فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تُبَيِّنُ أَنَّ الْحِمَارَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ الْمُرَادُ بِهِ أُنْثَى وَهِيَ الْأَتَانُ ، وَسُمِّيَتْ حِمَارًا مَجَازًا .



    عن عبد الله بن أبي قتادة قال: انطلق أبي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية. فأحرم أصحابه ولم يحرم. وحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عدوا بغيقة. فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فبينما أنا مع أصحابه. يضحك بعضهم إلى بعض. إذ نظرت فإذا أنا بحمار وحش. فحملت عليه. فطعنته فأثبته. فاستعنتهم، فأبوا أن يعينوني. فأكلنا من لحمه. وخشينا أن نقتطع. فانطلقت أطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم أرفع فرسي شأواً وأسير شأواً. فلقيت رجلاً من بني غفار في جوف الليل. فقلت: أين لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: تركته بتعهن. وهو قائل السقيا. فلحقته. فقلت: يا رسول الله! إن أصحابك يقرءون عليك السلام ورحمة الله. وإنهم قد خشوا أن يقتطعوا دونك. انتظرهم. فانتظرهم. فقلت: يا رسول الله! إني أصدت ومعي منه فاضلة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم للقوم كلوا وهم محرمون.
    المعنى العام:
    شاءت حكمة الله أن يجعل بيته الحرام أمناً، أمناً حتى على الحيوان، فحرم صيده، بل حرم تنفير صيده، بل شاءت حكمة الله أن يجعل قاصد بيته مصدر أمن، وصورة للسلم والمسالمة حتى مع الصيد، فحرم جل شأنه على المحرم صيد البر، فقال: {أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً} [المائدة: 96]. وقال: {يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم} [المائدة: 95]. وقرر عقاباً وجزاء لمن يرتكب هذه الجريرة مع الوعيد الشديد، فقال: {ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هدياً بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياماً ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام} [المائدة: 95]. والجريمة إذا عظمت أحيطت بسياج من الممنوعات، فحرمت السنة مساعدة المحرم للصائد، حرمت على المحرم أن يعين الصائد محرماً أو حلالاً بأي نوع من أنواع العون حتى الإشارة، وحرمت على المحرم أن يأكل من لحم صيد صاده محرم، أو صاده محل من أجله، وهذه الأحاديث تصور لنا هذا الإطار الحكيم. الصعب بن جثامة -وهو حل- يصطاد حماراً وحشياً، فيهديه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم، فلا يقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الهدية، ويردها لمهديها، فيظهر الأسف والخجل والكسوف في وجه الصعب، فيقول له صلى الله عليه وسلم: لم نردها عليك استهانة بها أو بك أو غضباً عليك ولكن لأننا جميعاً محرمون لا نأكل لحم صيد لنا، لولا أننا محرمون لقبلناه منك وأكلناه. وهذا أبو قتادة يخرج في جيش المسلمين لغزوة الحديبية، وفي الطريق يرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم مع بعض أصحابه لمهمة استطلاعية، أحرم أصحابه الذين معه بعمرة، ولم يحرم، وبقي حلالاً. ونزلوا يستريحون، وجلس أبو قتادة يخصف نعله. لاحت منه التفاتة إلى أصحابه فوجدهم ينظرون بعيداً، ثم ينظر بعضهم إلى بعض يبتسمون، إنهم يرون حمار وحش سهل الصيد، لكنهم ممنوعون من الصيد، إن أبا قتادة بينهم حلال، يمكنه أن يصطاده، لكنهم ممنوعون من الإشارة عليه بالصيد، وأدرك أبو قتادة الأمر، فوضع السرج على فرسه وأخذ سوطه ورمحه وركب، فسقط السوط والرمح، فطلب من أصحابه أن يناولوه، فرفضوا لأنهم ممنوعون من إعانته على الصيد بأي وجه من وجوه العون، فنزل فأخذ سوطه ورمحه، وركض بفرسه حتى أدرك الحمار الوحشي فطعنه برمحه فعقره، ثم جاء به إلى أصحابه فمنهم من اعتقد حل الأكل فشوى وأكل، ومنهم من امتنع ثم قالوا: وما لنا نتشكك ورسول الله صلى الله عليه وسلم أمامنا؟ قريب منا فأسرعوا إليه وسبقهم إليه أبو قتادة، فسأله. فقال صلى الله عليه وسلم لهم: هل منكم أحد أشار أو أعان أبا قتادة؟ قالوا: لا. قال: هل معكم من لحمه شيء؟ قالوا: نعم. رجله. فأخذها فأكلها. وقال: هو حلال. هو طعمة أطعمكم الله إياها. إذا حصلتم على مثلها فكلوه. صلى الله وسلم وبارك عليه، ورضي عن صحابته أجمعين. المباحث العربية (عن الصعب بن جثامة) الصعب بفتح الصاد وسكون العين، وأبوه جثامة بفتح الجيم وتشديد الثاء، وهو من بني ليث، وكان ابن أخت أبي سفيان بن حرب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم آخى بينه وبين عوف بن مالك. (حماراً وحشياً) بنصب وحشياً على الوصف، وفي الرواية الثانية حمار وحش على الإضافة، وفي الرواية الثالثة رجل حمار وحش وفي ملحقها عجز حمار وحش يقطر دماً وفي ملحقها الثاني شق حمار وحش وفي الرواية الرابعة عضو من لحم صيد. وقد مال النووي إلى أن المهدى جزء حمار، وأن رواية حماراً من إطلاق الكل وإرادة الجزء، وحمل على البخاري إذ ترجم للحديث بباب: إذا أهدي للمحرم حماراً وحشياً حياً لم يقبل. وقال: ليس في سياق الحديث تصريح بذلك، وكذا نقلوا هذا التأويل عن مالك، وهو باطل، لأن الروايات التي ذكرها مسلم صريحة في أنه مذبوح. اهـ ويحاول القرطبي الدفاع عن البخاري فيقول: يحتمل أن يكون الصعب أحضر الحمار مذبوحاً، ثم قطع منه عضواً بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، فقدمه له، فمن قال: أهدى حماراً أراد بتمامه، مذبوحاً، أو حيا، ومن قال: لحم حمار أراد ما قدمه للنبي صلى الله عليه وسلم. قال: ويحتمل أنه أهداه له حياً، فلما رده عليه ذكاه وأتاه بعضو منه، ظاناً أنه إنما رده عليه لمعنى يختص بجملته، فأعلمه بامتناعه أن حكم الجزء من الصيد حكم الكل. قال: والجمع مهما أمكن أولى من توهيم بعض الروايات. اهـ ويؤيد الحافظ ابن حجر هذا الاتجاه، فيقول: إذا تأملت ما تقدم لم يحسن إطلاقه [أي إطلاق النووي] لبطلان التأويل المذكور، ولا سيما في رواية الزهري [وفيها حماراً وحشياً] التي هي عمدة هذا الباب، وقد قال الشافعي في الأم: حديث مالك أن الصعب أهدى حماراً أثبت من حديث من روى أنه أهدى لحم حمار، وقال الترمذي: روى بعض أصحاب الزهري في حديث الصعب لحم حمار وحش وهو غير محفوظ. اهـ والتحقيق: أن الدفاع عن استنباط البخاري ضعيف، واحتمال أن الصعب أهدى حماراً كاملاً حياً أو مذبوحاًَ فرد فأهدى جزءاً منه بعيد جداً، والتأويل بإطلاق الكل وإرادة الجزء جيد، وفيه الجمع بين الروايات وليس فيه توهيم لرواية الزهري التي هي عمدة الباب. والله أعلم. (وهو بالأبواء أو بودان) الأبواء بهمزة مفتوحة وباء ساكنة جبل من عمل الفرع بضم الفاء والراء بين مكة والمدينة، قيل سمي بذلك لأن السيول تتبوؤه أي تحمله (أو بودان) الشك من الراوي. وودان بفتح الواو وتشديد الدال موضع بقرب الجحفة، وودان أقرب إلى الجحفة من الأبواء، فإن القادم من المدينة إلى مكة يصل الأبواء فيكون بينه وبين الجحفة ثلاثة وعشرون ميلاً، ثم يصل ودان فيكون بينه وبين الجحفة ثمانية أميال. (فلما أن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في وجهي قال) في رواية فلما عرف في وجهي وفي رواية فلما رأى ما في وجهي من الكراهية وفي رواية فلما عرف في وجهي رده هديتي أي أثر رده هديتي قال...إلخ. (إنا لم نرده عليك) وفي رواية ليس بنا رد عليك. وفي رواية إنا لم نرده عليك كراهية له، ولكنا حرم قال الحافظ ابن حجر: قال عياض: ضبطناه في الروايات لم نرده بفتح الدال، وأبى ذلك المحققون من أهل العربية، وقالوا: الصواب أنه بضم الدال، لأن المضاعف من المجزوم يراعى فيه الواو التي توجبها له ضمة الهاء بعدها، وليس الفتح بغلط وأجازوا أيضاً الكسر وهو أضعف الأوجه، وقد وقع في رواية لم نردده بفك الإدغام، ولا إشكال فيه. وقال العيني بعد أن نقل مضمون ما سبق: هذا في المضاعف إذا دخله الهاء أن يضم ما قبلها، وهذا في المذكر، وأما في المؤنث مثل: لم نردها، فمفتوح الدال مراعاة للألف، وفي مثل هذه الصيغة قبل دخول الهاء عليها أربعة أوجه: الفتح لأنه أخف الحركات، والضم إتباعاً لضمة عين الفعل، والكسر لأنه الأصل في تحريك الساكن، والفك. (إلا أنا حرم) أنا بتشديد النون وفتح الهمزة، على التعليل. قال الكرماني: لام التعليل محذوفة، والمستثنى منه مقدر [عموم العلل] أي لا نرده لعلة من العلل إلا لأننا حرم وحرم بضمتين جمع حرام، أي محرمون، وفي رواية النسائي إلا أنا حرم لا نأكل الصيد وفي روايتنا الثانية لولا أنا محرمون لقبلناه منك وفي روايتنا الرابعة إنا لا نأكله. إنا حرم. (عن أبي قتادة قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) في الرواية السابعة عن عبد الله بن أبي قتادة قال: انطلق أبي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية على الإرسال، وفي الرواية الثامنة عن أبي قتادة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجاً وخرجنا معه وفي الرواية التاسعة عن أبي قتادة أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة الحديبية والقصة في غزوة الحديبية والإشكال في روايتنا الثامنة خرج حاجاً قال الإسماعيلي: هذا غلط ولعل الراوي أراد خرج محرماً، فعبر عن الإحرام بالحج غلطاً، وقيل: لعله أراد من الحج قصد البيت، فكأنه قال: خرج قاصداً للبيت، ولهذا يقال للعمرة: الحج الأصغر. (حتى إذا كنا بالقاحة) بالقاف والحاء كذا قيدها الناس كلهم، ورواه بعضهم عن البخاري بالفاء وهو وهم، والصواب القاف، وهو واد على نحو ميل من السقيا وعلى ثلاث مراحل من المدينة. (فمنا المحرم ومنا غير المحرم) لعله يقصد بغير المحرم نفسه ففي الرواية السادسة مع أصحاب له محرمين وهو غير محرم وفي الرواية السابعة فأحرم أصحابه ولم يحرم وفي الرواية الثامنة أحرموا كلهم إلا أبا قتادة فإنه لم يحرم وفي الرواية التاسعة فأهلوا بعمرة غيري. (إذ بصرت بأصحابي يتراءون شيئاًَ، فنظرت فإذا حمار وحش) في الرواية السادسة فرأى حمارًا وحشيًّا وفي الرواية السابعة فبينما أنا مع أصحابه [أي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم] يضحك بعضهم إلى بعض إذ نظرت فإذا أنا بحمار وحش وفي الرواية الثامنة فبينما هم يسيرون إذ رأوا حمر وحش. قال النووي: في بعض الروايات يضحك بعضهم إلي بياء المتكلم مجرورة بحرف الجر. قال القاضي: هذا خطأ وتصحيف، والصواب يضحك بعضهم إلى بعض فأسقط لفظ بعض والصواب إثباتها، لأنهم لو ضحكوا إليه لكانت إشارة منهم، وقد قالوا إنهم لم يشيروا إليه. قال النووي: قلت لا يمكن رد هذه الرواية فقد صحت هي والرواية الأخرى وليس في واحدة منها دلالة ولا إشارة إلى الصيد، فإن مجرد الضحك ليس فيه إشارة. قال العلماء: وإنما ضحكوا تعجباً من عروض الصيد، ولا قدرة لهم عليه، لمنعهم منه. اهـ وانتصر الحافظ ابن حجر للقاضي عياض، فقال إن رواية يضحك بعضهم إلي لو صحت كان فيها مزيد أمر على مجرد الضحك، لأنهم اشتركوا في رؤيته فاستووا في ضحك بعضهم إلى بعض وأبو قتادة لم يكن رآه فيكون ضحك بعضهم إليه بغير سبب باعثاً له على التفطن إلى رؤيته، ويؤيد ما قاله القاضي ما وقع في رواية بلفظ رأيت الناس متشوقين لشيء، فذهبت أنظر، فإذا هو حمار وحش فقلت: ما هذا؟ فقالوا: ما ندري فقلت هو حمار وحش فقالوا هو ما رأيت، وفي رواية وجاء أبو قتادة وهو حل، فنكسوا رءوسهم كراهية أن يحدوا أبصارهم له فيفطن فيراه قال الحافظ: فكيف يظن بهم مع ذلك أنهم ضحكوا إليه؟ فتبين أن الصواب ما قاله القاضي. ثم ناقش الحافظ ابن حجر الإمام النووي في صحة الرواية. (فسقط مني سوطي) في الرواية السادسة فسأل أصحابه أن يناولوه سوطه فأبوا عليه، فسألهم رمحه فأبوا عليه فالظاهر أن رمحه سقط منه فاستعان بهم بعد أن سقط السوط فامتنعوا عن إعانته. ففي الرواية الخامسة طي والأصل: فأسرجت فرسي، وأخذت رمحي وسوطي، ثم ركبت فسقط مني سوطي فقلت لأصحابي ناولوني السوط، فأبوا، فنزل فأخذه وركب، فسقط منه الرمح، فسألهم أن يناولوه، فأبوا عليه وقالوا: والله لا نعينك عليه بشيء فنزل فتناوله. وفي الرواية السابعة تقديم وتأخير، وأصلها: فاستعنتهم فأبوا أن يعينوني فحملت عليه فطعنته. (فأدركت الحمار من خلفه، وهو وراء أكمة، فطعنته برمحي فعقرته) في الرواية السادسة ثم شد على الحمار فقتله وفي الرواية السابعة فحملت عليه فطعنته فأثبته وفي الرواية الثامنة فحمل عليها أبو قتادة فعقر منها أتانا الأكمة بفتحات ثلاث، هي التل من حجر واحد، ومعنى فأثبته أي جعلته ثابتاً في مكانه، لا حراك به، والأتان أنثى الحمار فإطلاق لفظ الحمار في الروايات مجاز. وكأنه رأى مجموعة من حمر الوحش ينفرد عنها حمار، فتبعه حتى أدركه مستتراً بتل من حجر. (فقال بعضهم: كلوه، وقال بعضهم: لا تأكلوه) في الرواية السادسة فأكل منه بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأبى بعضهم وفي الرواية الثامنة فأكلوا من لحمها أي بعضهم، وفي الرواية التاسعة فأطعمت أصحابي أي بعضهم وفي رواية ثم جئت به فوقعوا فيه يأكلون وفي رواية فجعلوا يشوون منه، ثم قالوا: رسول الله بين أظهرنا نلحق به ونسأله -وكان تقدمهم- فلحقوه فسألوه، فالظاهر أن بعضهم أكل أول ما أتاهم، ثم طرأ عليهم الشك. (وكان النبي صلى الله عليه وسلم أمامنا) بفتح الهمزة، أي في الطريق يسبقنا ويتقدمنا. (فحركت فرسي فأدركته) في الرواية السادسة فأدركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه عن ذلك وفي الرواية السابعة فانطلقت أطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم....ثم سأله وفي الرواية الثامنة فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا..... وفي الرواية التاسعة ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنبأته... ولا تعارض، فقد سبقهم أبو قتادة فسأل، ثم جاءوا من بعده فسألوا. (فقال: هو حلال فكلوه) في الرواية السادسة إنما هي طعمة أطعمكموها الله أي إنما هي طعام، وفي الرواية السابعة فقال للقوم: كلوا وفي الرواية الثامنة قال: فكلوا ما بقي من لحمها فالأمر بالأكل أمر بأكل ما بقي، فإن كان الأمر قد صدر لمن ليس معه شيء منه فمعناه كلوا أمثاله حين تجدون أمثاله. (تخلف مع أصحاب له) أي تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بينت الرواية الثامنة سر هذا التخلف، وأنه كان بأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم كطليعة استكشاف للمنطقة، وتحسس عن الأعداء. (محرمين) هذا الوصف باعتبار ما آل إليه أمرهم، فقد بينت الرواية الثامنة أنهم أحرموا بعد أن صرفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ساحل البحر، وبعد أن أخذوا الساحل ولم يجدوا عدواً، واتجهوا نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم. (وحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عدواً بغيقة فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينما أنا مع أصحابه) الغيقة بفتح الغين وسكون الياء موضع من بلاد بني غفار، بين مكة والمدينة، وقيل هي بئر ماء لبني ثعلبة. وفي الكلام طي، وضحه الحافظ ابن حجر بقوله: وحاصل القصة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج في عمرة الحديبية فبلغ الروحاء أخبروه بأن عدوا من المشركين بوادي غيقة يخشى منهم أن يقصدوه على غرة، فجهز طائفة من أصحابه فيهم أبو قتادة إلى جهتهم ليأمن شرهم، فلما أمنوا ذلك لحق أبو قتادة وأصحابه بالنبي صلى الله عليه وسلم فأحرموا إلا هو فاستمر حلالاً. اهـ فمعنى فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم أي استمر في طريقه منطلقاً، وأرسل بعض أصحابه. (وخشينا أن نقتطع) أي نصير مقطوعين عن النبي صلى الله عليه وسلم، منفصلين عنه، إما بالاسترخاء عن اللحاق به، فيسبقهم، وإما بأن يقطعهم العدو عنه ويحوذهم. (أرفع فرسي شأوا وأسير شأوا) أرفع بضم الهمزة وفتح الراء وتشديد الفاء المكسورة، وبفتح الهمزة وسكون الراء، والمعنى: أرفع درجة جريه شأوا أي تارة حرصاً على الإسراع، وأسير به بيسر وهدوء دون ركض تارة أخرى حرصاً على راحة الفرس. (تركته بتعهن) في ضبطها خلاف كثير شمل كل حركات حروفها، وهي عين ماء قبل السقيا بثلاثة أميال للقادم من المدينة. (وهو قائل السقيا) السقيا قرية جامعة بين مكة والمدينة، وقائل إما من القول والسقيا مفعول لفعل محذوف، أي وهو يقول لأصحابه اقصدوا السقيا وإما من القيلولة والسقيا ظرف، أي تركته ليلاً بتعهن وهو يقصد ويعزم القيلولة غداً في السقيا. (انتظرهم فانتظرهم) الأولى بصيغة الأمر، والثانية بصيغة الماضي. (إني أصدت ومعي منه فاضلة) قال النووي: هكذا هو في بعض النسخ بفتح الصاد المخففة، والضمير في منه يعود على الصيد المحذوف الذي دل عليه أصدت ويقال بتشديد الصاد، وفي بعض النسخ صدت بكسر الصاد وفي بعضها اصطدت وكله صحيح. اهـ وفي البخاري أصبت حمار وحش وعندي منه فاضلة أي فضلة أي قطعة باقية. (فصرف من أصحابه) من تبعيضية، أي صرف بعض أصحابه. (خذوا ساحل البحر حتى تلقوني) أي اتجهوا إلى طريق ساحل البحر إلى غيقة ثم اتجهوا نحوي للقائي. (فلما انصرفوا قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم) قبل بكسر القاف وفتح الباء أي جهة. (أحرموا كلهم إلا أبا قتادة) في بعض رواة البخاري: إلا أبو قتادة قال الحافظ: ولا يعرف أكثر المتأخرين من البصريين في هذا النوع إلا النصب وقد أغفلوا وروده مرفوعاً بالابتداء مع ثبوت الخبر ومع حذفه، فمن أمثلة الثابت الخبر إلا أبو قتادة لم يحرم فإلا بمعنى لكن، وأبو قتادة مبتدأ ولم يحرم خبره، ومن أمثلة المحذوف الخبر {فشربوا منه إلا قليلاً منهم} [البقرة: 249]. في قراءة رفع (قليلاً) وقوله صلى الله عليه وسلم: كل أمتي معافى إلا المجاهرون. (فنزلوا فأكلوا من لحمها) يقال: نزل المسافر، أي توقف عن السير وحط الرحال للراحة ونحوها، وضمير أكلوا غير ضمير نزلوا لأنهم نزلوا جميعاً وأكل بعضهم وأبى الأكل بعضهم كما أوضحنا، والقائل أكلنا لحماً هم الآكلون بعض النازلين، ومرادهم لحم صيد لا مطلق لحم، يوضح ذلك قولهم بعد نأكل لحم صيد ونحن محرمون؟. (هل منكم أحد أمره أو أشار إليه بشيء) أي هل منكم أحد أمر أبا قتادة بأن يصيده، أو أشار إليه بصيده؟ وفي ملحق الرواية الثامنة أمنكم أحد أمره أن يحمل عليها، أو أشار إليها وفي الملحق الثاني أشرتم أو أعنتم أو أصدتم؟. (وفق من أكله) أي صوب من أكله. فقه الحديث قال النووي: أجمعت الأمة على تحريم الصيد على المحرم، وإن اختلفوا في فروع منه ودليله نص الكتاب والسنة وإجماع الأمة. قال أصحابنا: يحرم عليه كل صيد بري مأكول أو في أصله مأكول، وحشياًَ كان أو في أصله وحشي. هذا ضابطه، فأما ما ليس بصيد كالبقر والغنم والإبل والخيل وغيرها من الحيوان الإنسي، فليس بحرام بالإجماع. لأنه ليس بصيد وإنما حرم الشرع الصيد، وأما ما ليس بمأكول، ولا هو متولد من مأكول وغير مأكول فليس بحرام بلا خلاف عندنا. وأما صيد البحر فحلال بالنص والإجماع. قال الله تعالى: {أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة} [أي لكم معشر المقيمين وزاداً للمسافرين] {وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً} [المائدة: 96]. وقال الشافعي والأصحاب: يحرم على المحرم أكل صيد صاده هو أو أعان على اصطياده، أو أعان على قتله بدلالة، أو إعارة آلة، سواء دل عليه دلالة ظاهرة أو خفية ويحرم عليه أكل ما صاده الحلال له، سواء علم به المحرم وأمره بذلك أم لا، أما إذا صاد الحلال شيئاً، ولم يقصد اصطياده للمحرم ولا كان من المحرم فيه إعانة ولا دلالة فيحل للمحرم أكله بلا خلاف. ثم قال: هذا مذهبنا وبه قال مالك وأحمد وداود، وقال أبو حنيفة: لا يحرم عليه ما صيد له بغير إعانة منه، وفيه مذهب ثالث أنه يحرم على المحرم أكل الصيد مطلقاً، فكان علي بن أبي طالب وابن عمر لا يريان للمحرم أكل الصيد، واحتج لهما بعموم قوله تعالى: {وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً} قالوا: والمراد بالصيد المصيد كما استدلوا بحديث الصعب بن جثامة [روايتنا الأولى والثانية والثالثة والرابعة] واحتج أصحابنا عليهم بأحاديث أبي قتادة، وهي ظاهرة في الدلالة للشافعي وموافقيه، وفي رد ما قاله أهل المذهبين الآخرين، ويحمل حديث أبي قتادة على أنه لم يقصدهم باصطياده وحديث الصعب على أنه قصدهم باصطياده، ويحمل قوله تعالى: {وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً} على الاصطياد، وعلى لحم ما صيد للمحرم، للأحاديث المبينة للمراد من الآية فإن قيل: فقد علل النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الصعب حين رده بأنه محرم، ولم يقل لأنك صدته لنا؟ فالجواب: أنه ليس في هذه العبارة ما يمنع أنه صاده له صلى الله عليه وسلم لأنه إنما يحرم الصيد على الإنسان إذا صيد له بشرط أنه محرم، فبين الشرط الذي يحرم به ودليلنا على أبي حنيفة وموافقيه حديث أبي قتادة، وقول النبي صلى الله عليه وسلم هل منكم أحد أمره.... قال: وأما حديث عبد الرحمن بن عثمان التيمي روايتنا العاشرة فهو محمول على ما لم يصد للمحرم، ولا بد من هذا التأويل للجمع بين الأدلة. والله أعلم. انتهى بتصرف. وقد صرحت آية المائدة بعقوبة المحرم إذا اصطاد، فقالت: {يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم} [المراد من أحرم بحج أو عمرة وإن كان في الحل وفي حكمه من كان في الحرم وإن كان حلالاً] {ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هدياً بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياماً ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام} قال ابن بطال: اتفق أئمة الفتوى من أهل الحجاز والعراق وغيرهم على أن المحرم إذا قتل الصيد عمداً أو خطأ فعليه الجزاء، وخالف أهل الظاهر وأبو ثور وابن المنذر من الشافعية في الخطأ، وتمسكوا بقوله تعالى: {متعمداً} فإن مفهومه أن المخطئ بخلافه، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، والجمهور على أن القرآن صرح بالعمد وأن السنة جاءت بالخطأ، وعن الحسن ومجاهد يجب الجزاء في الخطأ دون العمد فللعمد النقمة، وعنهما يجب الجزاء على العامد أول مرة، فإن عاد كان أعظم لائمة، وعليه النقمة، لا الجزاء. واختلفوا في جزاء الصيد أهو على الترتيب؟ أم على التخيير؟ الجمهور على الثاني على معنى أنه يجب في الظبي شاة، وفي الضبع شاة، وفي الوحش بقرة وللجاني أن يختار الإطعام، فيقوم الصيد من حيث إنه صيد، لا من حيث ما زاد عليه بالصنع، في المكان الذي أصابه المحرم فيه، أو في أقرب الأماكن إليه مما يباع فيه ويشترى، وكذا يعتبر الزمان الذي أصابه فيه لاختلاف القيم باختلاف الأمكنة والأزمنة، فإن بلغت قيمته قيمة هدي يخير الجاني بين أن يشتري بهذه القيمة هدياً، وبين أن يشتري بها طعاماً، وبين أن يصوم عن طعام كل مسكين يوماً، ويحكم بالقيمة والمماثلة عدلان مسلمان. هذا جزاء المحرم إذا صاد، فهل الجزاء نفسه على المحرم الذي أكل من صيد غيره المحرم أو المحل؟ خلاف بين العلماء والظاهر أن عليه الحرمة لا الجزاء، لئلا يكون هناك بدلان لشيء واحد. والله أعلم. ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم:

    1- من الرواية الأولى جواز رد الهدية لعلة.

    2- والاعتذار للمهدي عن هديته ليطيب خاطره.

    3- أن الهدية لا تدخل في الملك إلا بالقبول.
    4- من قوله فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في وجهي قال... جواز الحكم بناء على العلامة والقرينة.
    5- جواز صيد الحمار الوحشي، وجواز أكله.
    6- وأن عقر الصيد ذكاته.
    7- من الرواية الخامسة، وقول بعضهم: كلوه، وقول بعضهم: لا تأكلوه جواز الاجتهاد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن العربي: وهو اجتهاد بالقرب من النبي صلى الله عليه وسلم، لا في حضرته.
    8- وفيه العمل بما أدى إليه الاجتهاد، ولو تضاد المجتهدان، ولا يعاب واحد منهما على ذلك، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعب أحدهما.
    9- الرجوع إلى النص عند تعارض الأدلة، فقد رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألون. 10- من عدم إحرام أبي قتادة جواز دخول الحرم بغير إحرام إذا كان الدخول لمهمة، فقد ورد أن أبا قتادة كان مبعوثاً من النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة، فلم يخرج محرماً كما خرج القوم. قال القشيري: يحتمل أنه لم يكن مريداً النسك، أو أن ذلك قبل توقيت المواقيت. اهـ وهذا الجواب الثاني بعيد لإحرام الجميع سواه، وزعم المنذري: أن أهل المدينة كانوا قد أرسلوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم يعلمونه أن بعض العرب ينوي غزو المدينة، وقال ابن التين: يحتمل أنه لم ينو دخول مكة وإنما صحب النبي صلى الله عليه وسلم ليكثر جمعه. 1

    1- تحريم الإشارة والإعانة من المحرم في قتل الصيد، وقيده أبو حنيفة بما إذا لم يمكن الاصطياد بدونها. 1

    2- من قوله في ملحق الرواية السادسة هل معكم من لحمه شيء جواز الاستيهاب من الأصدقاء. 1

    3- ومن أخذه وأكله صلى الله عليه وسلم في الرواية التاسعة قبول الهدية من الصديق. 1
    4- وتطييب النبي صلى الله عليه وسلم لقلوب أصحابه. قال عياض: عندي أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب من أبي قتادة ذلك تطييباً لقلب من أكل، وبياناً للجواز بالقول والفعل لإزالة الشبهة التي حصلت لهم. 1
    5- ومن الرواية السابعة من ضحك بعضهم إلى بعض أن تمني المحرم أن يقع من الحلال الصيد ليأكل المحرم منه لا يقدح في إحرامه. 1
    6- واستعمال الكناية في الفعل، كما تستعمل في القول، لأنهم استعملوا الضحك في موضع الإشارة لما اعتقدوه من أن الإشارة لا تحل. 1
    7- ومن إرسال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي قتادة وأصحابه إلى الغيقة جواز بعث الطليعة في الغزو. 1
    8- وجواز تفريق الإمام أصحابه للمصلحة. 1
    9- ومن ركض الفرس جواز سوق الفرس ورفع درجة سرعته للحاجة مع الرفق به. 20- ومن تبليغ أبي قتادة السلام استحباب إرسال السلام إلى الغائب عن قرب وعن بعد، سواء كان أفضل من المرسل أولاً، لأنه إذا أرسله إلى من هو أفضل منه فمن دونه أولى. قال النووي: قال أصحابنا: ويجب على الرسول تبليغه، ويجب على المرسل إليه رد الجواب حين يبلغه على الفور. 2

    1- ومن حملهم ما بقي من الأتان في الرواية الثامنة جواز حمل الزاد في السفر. 2

    2- ومن إعطاء أبي قتادة اللحم لأصحابه استحباب الرفق ومساعدة الأصحاب والرفقاء في السفر.

    وَحَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مِسْمَارٍ السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يَحْيَى، بْنِ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ انْطَلَقَ أَبِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ وَلَمْ يُحْرِمْ وَحُدِّثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنَّ عَدُوًّا بِغَيْقَةَ فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ - قَالَ - فَبَيْنَمَا أَنَا مَعَ أَصْحَابِهِ يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ إِذْ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ فَطَعَنْتُهُ فَأَثْبَتُّهُ فَاسْتَعَنْتُهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُونِي فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهِ وَخَشِينَا أَنْ نُقْتَطَعَ فَانْطَلَقْتُ أَطْلُبُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أُرَفِّعُ فَرَسِي شَأْوًا وَأَسِيرُ شَأْوًا فَلَقِيتُ رَجُلاً مِنْ بَنِي غِفَارٍ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فَقُلْتُ أَيْنَ لَقِيتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ تَرَكْتُهُ بِتِعْهِنَ وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا فَلَحِقْتُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَصْحَابَكَ يَقْرَءُونَ عَلَيْكَ السَّلاَمَ وَرَحْمَةَ اللَّهِ وَإِنَّهُمْ قَدْ خَشُوا أَنْ يُقْتَطَعُوا دُونَكَ انْتَظِرْهُمْ ‏.‏ فَانْتَظَرَهُمْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَدْتُ وَمَعِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِلْقَوْمِ ‏ "‏ كُلُوا ‏"‏ ‏.‏ وَهُمْ مُحْرِمُونَ ‏.‏

    Abdullah b. Abu Qatada reported:My father went with the Messenger of Allah (ﷺ) in the year of Hudaibiya. His Companions entered upon the state of Ihram whereas he did not, for it was conveyed to the Messenger of Allah (ﷺ) that the enemy (was hiding at) Ghaiqa. The Messenger of Allah (ﷺ) went forward. He (Abu Qatada) said: Meanwhile I was along with his Companions, some of them smiled (to one another) As I cast a glance I saw a wild ass. I attacked It with a spear and held it, and begged for their (i. e. of his companions) assistance, but they refused to help me and we ate its meat. But we were afraid lest we should be separated (from the Messenger of Allah). So I proceeded on (with a view to) seeking the Messenger of Allah (ﷺ). Some- times I'dashed my horse and sometimes I made it run at a leisurely pace (keeping pace with others). (In the meanwhile) I met a person from Banfu Ghifar in the middle of the night. I said to him: Where did you meet the messenger of Allah (ﷺ)? He said: I left him at Ta'bin and he intended to halt at Suqya to spend the afternoon. I met him and said: Messenger of Allah. your Companions convey salutations and benedictions of Allah to you and they fear that they may not be separated from you (and the enemy may do harm to you), so wait for them, and he (the Holy Prophet) waited for them. I said: Messenger of Allah, I killed a game and there is left with me (some of the meat). The Apostle of Allah (ﷺ) said to his people: Eat it. And they were in the state of Ihram

    Dan Telah menceritakan kepada Kami [Shalih bin Mismar As Sulami] telah menceritakan kepada kami [Mu'adz bin Hisyam] telah menceritakan kepada kami [bapakku] dari [Yahya bin Abu Katsir] telah menceritakan kepadaku [Abdullah bin Abu Qatadah] ia berkata; Pada tahun Hudaibiyyah, bapakku berangkat bersama Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam, lalu beliau dan para sahabatnya berihram namun bapakku tidak. Kemudian diberitakan kepada beliau bahwa pasukan musuh telah berada di Ghaiqah, maka Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam pun segera berangkat. Ketika aku sedang bersama para sahabatku yang lagi tertawa satu sama lain, tiba-tiba aku melihat seekor Himar liar, maka aku pun segera memburunya. Aku meminta bantuan mereka, namun mereka enggan untuk membantuku. Akhirnya kami pun memakan daging himar liar tersebut. Namun, kami khawatir bahwa ihram yang dilakukan batal. Maka aku pun pergi mencari Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam, lalu kupacu kudaku dengan kencang. Kemudian di akhir malam, aku bertemu dengan seorang laki-laki dari Bani Ghifar, maka aku pun bertanya, "Di manakah kamu berjumpa dengan Rasululllah shallallahu 'alaihi wasallam?" Ia menjawab, "Di Ta'hin, dan saat itu, beliau sedang tidur siang." Maka segeralah aku menjumpai beliau. Kukatakan, "Wahai Rasulullah, sesungguhnya para sahabat Anda menyampaikan AS SALAAM WA RAHMATULLAH kepada Anda. Dan mereka khawatir bahwa (ihram yang mereka lakukan) batal. Karena itu tunggulah mereka." Maka beliau pun menunggu mereka tiba. Aku berkata lagi, "Wahai Rasulullah, sesungguhnya aku telah memburu (himar liar) dan sisa dagingnya masih ada padaku." Maka Nabi shallallahu 'alaihi wasallam bersabda kepada mereka yang sedang ihram: "Makanlah

    Bize Salih b. Mismar Es-Sulemî rivayet etti. (Dediki): Bize Muâz b. Hişam rivayet etti. (Dediki): Bana babam, Yahya b. Ebi Kesir'den rivayet etti. (Demişki): Bana Abdullah b. Ebi Katâde rivâyel etti. (Dediki): Babam Hudeybiye senesi Resulullah (Sallallahu Aleyhi ve Sellem) ile birlikte yola çıktı. Arkadaşlarından kimisi ihrama girmiş, kimisi girmemişler, Resulullah (Sallallahu Aleyhi ve Sellem)'e Gayka'da düşman bulunduğunu söylemişler, o da oraya gitmiş. Ebû Katâde demiş; Ben Resulullah (Sallallahu Aleyhi ve Sellem)'in ashabı ile beraber bulunduğum bir sırada ashab birbirlerine gülerken bir de baktım bir yaban eşeğinin karşısındayım. Hemen üzerine hücum ettim ve hayvanı vurarak çökerttim. Derken arkadaşlardan yardım istedim. Onlar bana yardım etmekten çekindiler. Müteakiben onun etinden yedik. Ve düşmanın önümüzü keseceğinden korktuk. Ben, Resulullah (Sallallahu Aleyhi ve Sellem)'i aramaya gittim. Kimi atımı şahlandırıyor, kimi de yavaş gidiyordum. Az sonra gece yarısı Benî Gıfâr'dan bir adama rastladım da: — Resulullah (Sallallahu Aleyhi ve Sellem)'e nerede tesadüf ettin? diye sordum. O zât; — Ben, onu Tahin'de bıraktım. Niyeti Sukya'da mola vermektir.» dedi. Kendisine yetiştim ve; — «Yâ Resûlallah! Ashabın sana selâm ediyor ve Allah'ın rahmetini diliyorlar. Sen yokken düşman tarafından yollarının kesilmesinden korktular. (Lütfen) onları bekle.» dedim. O da bekledi. Sonra; — «Yâ Resûlallah! Ben bir av vurdum, ondan artan bir parça yanımdadır. dedim. Bunun üzerine Nebi (Sallallahu Aleyhi ve Sellem) (yanındaki) cemaata İhrâmlı oldukları halde: —«Yeyin.» buyurdular

    (یحییٰ بن ابی کثیر سے روایت ہے انھوں نے کہا : ) مجھ سے عبد اللہ بن ابی قتادہ رضی اللہ تعالیٰ عنہ نے حدیث بیان کی کہا : میرے والد حدیبیہ کے سال رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کے ساتھ روانہ ہو ئے ان کے ساتھیوں نے ( عمرے ) کا احرام باندھا لیکن انھوں نے نہ باندھا ۔ اور رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کو بتا یا گیا کہ غیقہ مقام پر دشمن ( گھا ت میں ) ہے ( مگر ) رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم چل پڑے ۔ ابو قتادہ رضی اللہ تعالیٰ عنہ نے ) کہا : میں آپ کے صحابہ کرام رضوان اللہ عنھم اجمعین کے ہمرا ہ تھا وہ ایک دوسرے کے ساتھ مل کر ہنس رہے تھے ۔ اتنے میں میں نے دیکھا تو میری نظر زیبرے پر پڑی میں نے اس پر حملہ کر دیا اور اسے نیزہ مار کر بے حرکت کر دیا پھر میں نے ان سے مدد چا ہی تو انھوں نے میری مدد کرنے سے انکا ر کر دیا ۔ پھر ہم نے اس کا گو شت تناول کیا ۔ اور ہمیں اندیشہ ہوا کہ ہم ( آپ سے ) کاٹ ( کر الگ کر ) دیے جا ئیں گے ۔ تو میں رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کی تلا ش میں روانہ ہوا کبھی میں گھوڑے کو بہت تیز تیز دوڑاتا تو کبھی ( آرام سے ) چلا تا آدھی را ت کے وقت مجھے بنو غفار کا ایک شخص ملا میں نے اس سے پو چھا تم رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم سے کہا ں ملے تھے؟ اس نے کہا : میں نے آپ صلی اللہ علیہ وسلم کو تعهن کے مقام پر چھورا ہے آپ فر ما رہے تھے سُقیا ( پہنچو ) چنانچہ میں آپ سے جا ملا اور عرض کی : اے اللہ کے رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم !آپ کے صحابہ کرا م رضوان اللہ عنھم اجمعین آپ کو سلام عرض کرتے ہیں اور انھیں ڈر ہے کہ انھیں آپ سے کا ٹ ( کر الگ کر ) دیا جا ئے گا ۔ آپ ان کا انتظار فر ما لیجیے ۔ تو آپ نے ( وہاں ) انکا انتظار فر ما یا ۔ پھر میں نے عرض کی : اے اللہ کے رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم !میں نے شکار کیا تھا اور اس کا بچا ہوا کچھ ( حصہ ) میرے پاس باقی ہے نبی صلی اللہ علیہ وسلم نے لوگوں سے فر ما یا ۔ " کھا لو " جبکہ وہ سب احرا م کی حا لت میں تھے ۔

    সালিহ ইবনু মিসমার আস্ সুলামী (রহঃ) ... আবদুল্লাহ ইবনু আবূ কাতাদাহ্ (রহঃ) থেকে বর্ণিত। তিনি বলেন, আমার পিতা হুদায়বিয়ার বছর রসূলুল্লাহসাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম এর সঙ্গে গেলেন। তার সঙ্গীগণ ইহরাম বাঁধলেন, কিন্তু আবূ কতাদাহ (রাযিঃ) ইঁহরাম বাধলেন না। রসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম কে অবহিত করা হল যে, শত্রুরা গয়কাহ নামক স্থানে ওঁৎ পেতে আছে। রসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম তাদের যাত্রা অব্যাহত রাখলেন। আবূ কতাদাহ্ (রাযিঃ) বলেন, আমি তার সাহাবীগণের সঙ্গে ছিলাম, তাদের কতক আমার দিকে চেয়ে হাসছিল। আমি দৃষ্টি নিক্ষেপ করে একটি বন্য গাধা দেখতে পেলাম। আমি বর্শার আঘাতে তার গতিরোধ করলাম এবং সাহাবীগণের সাহায্য চাইলাম। কিন্তু তারা আমাকে সাহায্য করতে অস্বীকৃতি জানালেন। আমরা এর গোশত খেলাম এবং রসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম থেকে বিচ্ছিন্ন হয়ে পড়ার আশংকাবোধ করলাম। অতএব আমি তার কাছে পৌছার জন্য কখনো ঘোড়া হাকিয়ে, আবার কখনো পদব্রজে অগ্রসর হতে লাগলাম। মধ্যরাতে গিফার গোত্রের এক ব্যক্তির সাক্ষাৎ পেলাম এবং তাকে জিজ্ঞেস করলাম, তুমি কোথায় রসূলুল্লাহ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম এর সাক্ষাৎ পেয়েছো? সে বলল, আমি তাকে তাহিন নামক স্থানে ছেড়ে এসেছি এবং তিনি সুফইয়া নামক স্থানে দুপুরের সময়টা যাত্রা বিরতি করার মনস্থ করেছেন। আমি (আবূ কাতাদাহ) তার সাথে মিলিত হয়ে বললাম, হে আল্লাহর রসূল! আপনার সাহাবীগণ আপনাকে সালাম জানিয়েছেন এবং আপনার জন্য আল্লাহর রহমত কামনা করেছেন। তারা আপনার থেকে বিচ্ছিন্ন হয়ে পড়ার আশংকা করছেন। অতএব আপনি তাদের জন্য অপেক্ষা করুন। অতএব তিনি তাদের জন্য অপেক্ষা করলেন। আমি বললাম, হে আল্লাহর রসূল! আমি একটি শিকার ধরেছি এবং তার কিছু অংশ আমার কাছে অবশিষ্ট আছে। নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম লোকদেরকে বললেন, তোমরা খাও। তারা ইহরাম অবস্থায় রয়েছে। (ইসলামিক ফাউন্ডেশন ২৭২১, ইসলামীক সেন্টার)

    அபூகத்தாதா (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: ஹுதைபியா ஒப்பந்தம் நடந்த ஆண்டில் அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்களுடன் நானும் சென்றேன். என் தோழர்கள் "இஹ்ராம்" கட்டியிருந்தனர். நான் "இஹ்ராம்" கட்டியிருக்கவில்லை. "ஃகைகா" எனுமிடத்தில் எதிரிகள் இருப்பதாக அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்களுக்குச் செய்தி எட்டியது. எனவே, (எதிரிகளை எதிர்கொள்ள) அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள் (முன்னே) சென்றார்கள். நான் மற்ற நபித்தோழர்களுடன் (சென்றுகொண்டு) இருந்தபோது, அவர்கள் ஒருவரையொருவர் பார்த்துச் சிரிக்கலாயினர். நான் கூர்ந்து கவனித்தபோது, ஒரு காட்டுக் கழுதை எனக்குத் தென்பட்டது. உடனே நான் அதை ஈட்டியால் தாக்கி (ஓடவிடாமல்) நிறுத்திவிட்டேன். என் தோழர்களிடம் உதவி கோரினேன். ("இஹ்ராம்" கட்டியிருந்ததால்) அவர்கள் எனக்கு உதவ மறுத்துவிட்டனர். பிறகு அதன் இறைச்சியை நாங்கள் உண்டோம். இந்நிலையில் (எங்களுக்கு முன்னால் சென்று கொண்டிருந்த) அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்களைப் பிரிந்துவிடுவோமோ என்று நாங்கள் அஞ்சினோம். அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்களைத் தேடி எனது குதிரையைச் சிறிது நேரம் விரைவாகவும் சிறிது நேரம் மெதுவாகவும் ஓட்டிச் சென்றேன். நள்ளிரவில் (வழியில்) நான் "பனூ ஃகிஃபார்" குலத்தைச் சேர்ந்த ஒருவரைச் சந்தித்தபோது, "அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்களை நீர் எங்கே சந்தித்தீர்?" என்று கேட்டேன். அதற்கு அவர், "அவர்களை "தஅஹின்" எனும் நீர்நிலையருகே (சந்தித்து) விட்டுவந்தேன். அப்போது அவர்கள் "சுக்யா" எனும் சிற்றூரில் மதிய ஓய்வெடுக்கப் போய்க்கொண்டிருந்தார்கள்" என்று கூறினார். நான் அவர்களைச் சென்றடைந்து, "அல்லாஹ்வின் தூதரே! உங்கள் தோழர்கள் உங்களுக்கு முகமன் (சலாம்) கூறினர். பயணத்தில் உங்களைப் பிரிந்துவிடுவோமோ என்று அவர்கள் அஞ்சினர். (எனவே, அவர்கள் வந்துசேரும்வரை) அவர்களுக்காக நீங்கள் காத்திருங்கள்" என்றேன். அவ்வாறே அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள் காத்திருந்தார்கள். தொடர்ந்து நான், "அல்லாஹ்வின் தூதரே! நான் (ஒரு காட்டுக் கழுதையை) வேட்டையாடினேன். என்னிடம் அதில் சிறிதளவு எஞ்சியுள்ளது" என்று கூறினேன். அதற்கு அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள் (தம்முடனிருந்த) மக்களிடம், "உண்ணுங்கள்" என்றார்கள். அப்போது அம்மக்கள் "இஹ்ராம்" கட்டியிருந்தனர். அத்தியாயம் :