• 273
  • عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ "

    حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ

    فاجتنبوه: اجتنبوه : اتركوه وابتعدوا عنه
    دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ
    حديث رقم: 2456 في صحيح مسلم كِتَابُ الْحَجِّ بَابُ فَرْضِ الْحَجِّ مَرَّةً فِي الْعُمُرِ
    حديث رقم: 4452 في صحيح مسلم كتاب الْفَضَائِلِ بَابُ تَوْقِيرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَتَرْكِ إِكْثَارِ سُؤَالِهِ عَمَّا
    حديث رقم: 2727 في جامع الترمذي أبواب العلم باب في الانتهاء عما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم
    حديث رقم: 2604 في السنن الصغرى للنسائي كتاب مناسك الحج باب وجوب الحج
    حديث رقم: 1 في سنن ابن ماجة الْمُقَدِّمَةُ بَابُ اتِّبَاعِ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 2 في سنن ابن ماجة الْمُقَدِّمَةُ بَابُ اتِّبَاعِ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 2310 في صحيح ابن خزيمة كِتَابُ الْمَنَاسِكِ بَابُ ذِكْرِ بَيَانِ فَرْضِ الْحَجِّ وَأَنَّ الْفَرْضَ حَجَّةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الْمَرْءِ
    حديث رقم: 7206 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 7332 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 7961 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 8482 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 9340 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 9590 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 9693 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 9835 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 10060 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 10221 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 10487 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 10398 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 19 في صحيح ابن حبان مقدمة الكتاب
    حديث رقم: 20 في صحيح ابن حبان مقدمة الكتاب
    حديث رقم: 21 في صحيح ابن حبان مقدمة الكتاب
    حديث رقم: 18 في صحيح ابن حبان مقدمة الكتاب
    حديث رقم: 2140 في صحيح ابن حبان بَابُ الْإِمَامَةِ وَالْجَمَاعَةِ فَصْلٌ فِي فَضْلُ الْجَمَاعَةُ
    حديث رقم: 2141 في صحيح ابن حبان بَابُ الْإِمَامَةِ وَالْجَمَاعَةِ فَصْلٌ فِي فَضْلُ الْجَمَاعَةُ
    حديث رقم: 3774 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الْحَجِّ بَابٌ فَرْضُ الْحَجِّ
    حديث رقم: 3775 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الْحَجِّ بَابٌ فَرْضُ الْحَجِّ
    حديث رقم: 3476 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ المناسك وُجُوبُ الْحَجِّ
    حديث رقم: 2768 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْأَلِفِ بَابُ مَنِ اسْمُهُ إِبْرَاهِيمُ
    حديث رقم: 8945 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْمِيمِ مَنِ اسْمُهُ : مِقْدَامٌ
    حديث رقم: 1687 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 966 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الطَّهَارَة جُمَّاعُ أَبْوَابِ التَّيَمُّمِ
    حديث رقم: 7733 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الصِّيَامِ بَابُ الْمَرِيضِ يُفْطِرُ ثُمَّ لَمْ يَصِحَّ حَتَّى مَاتَ فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ
    حديث رقم: 8101 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْحَجِّ بَابُ وُجُوبِ الْحَجِّ مَرَّةً وَاحِدَةً
    حديث رقم: 12722 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ النِّكَاحِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ مَا عَلَى الْأَوْلِيَاءِ وَإِنْكَاحِ الْآبَاءِ الْبِكْرَ بِغَيْرِ إِذْنِهَا وَوَجْهِ
    حديث رقم: 12723 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ النِّكَاحِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ مَا عَلَى الْأَوْلِيَاءِ وَإِنْكَاحِ الْآبَاءِ الْبِكْرَ بِغَيْرِ إِذْنِهَا وَوَجْهِ
    حديث رقم: 2367 في سنن الدارقطني كِتَابُ الْحَجِّ بَابُ الْمَوَاقِيتِ
    حديث رقم: 2368 في سنن الدارقطني كِتَابُ الْحَجِّ بَابُ الْمَوَاقِيتِ
    حديث رقم: 1167 في السنن الصغير للبيهقي كِتَابُ الْمَنَاسِكِ بَابُ وُجُوبِ الْحَجِّ فِي الْعُمْرِ مَرَّةً وَاحِدَةً
    حديث رقم: 986 في الجامع لمعمّر بن راشد بَابُ مَسْأَلَةِ النَّاسِ
    حديث رقم: 987 في الجامع لمعمّر بن راشد بَابُ مَسْأَلَةِ النَّاسِ
    حديث رقم: 1073 في مسند الحميدي مسند الحميدي بَابٌ جَامِعٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
    حديث رقم: 32 في صحيفة همام بن منبه صحيفة همام بن منبه
    حديث رقم: 1216 في مسند الشافعي وَمِنْ كِتَابِ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ
    حديث رقم: 942 في الجعديات لأبي القاسم البغوي الجدعيات لأبي القاسم البغوي شُعْبَةُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ
    حديث رقم: 739 في أخبار مكة للفاكهي أخبار مكة للفاكهي ذِكْرُ فَرْضِ حَجِّ الْبَيْتِ الْحَرَامِ عَلَى النَّاسِ
    حديث رقم: 6175 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي الْأَعْرَجُ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
    حديث رقم: 6535 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
    حديث رقم: 834 في معجم ابن المقرئ بَابُ الْحَاءِ بَابُ الْحَاءِ
    حديث رقم: 153 في شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة للالكائي بَابُ سِيَاقِ ذِكْرِ مَنْ رُسِمَ بِالْإِمَامَةِ فِي السُّنَّةِ سِيَـاقُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّهْيِ عَنْ مُنَاظَرَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَجِدَالِهِمْ وَالْمُكَالَمَةِ مَعَهُمْ وَالِاسْتِمَاعِ إِلَى أَقْوَالِهِمُ الْمُحْدَثَةِ وَآرَائِهِمُ الْخَبِيثَةِ
    حديث رقم: 239 في القضاء والقدر للبيهقي القضاء والقدر للبيهقي بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ
    حديث رقم: 1277 في الجامع في بيان العلم و فضله لابن عبد البر بَابُ مَا جَاءَ فِي ذَمِّ الْقَوْلِ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى بِالرَّأْيِ
    حديث رقم: 461 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ
    حديث رقم: 1267 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّىَ اللَّهُ عَلَيْهِ
    حديث رقم: 1268 في مُشكِل الآثار للطحاوي مُشكِل الآثار للطحاوي بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّىَ اللَّهُ عَلَيْهِ

    [7288] قَوْله حَدثنَا إِسْمَاعِيل هُوَ بن أَبِي أُوَيْسٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْحَافِظُ أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْهَرَوِيُّ وَذَكَرَ فِي كِتَابِهِ ذَمِّ الْكَلَامِ أَنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ مَالِكٍ وَتَابَعَهُ عَلَى رِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ كَذَا قَالَ وَقَدْ ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ مَعَهُمَا إِسْحَاقَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْفَرَوِيَّ وَعَبْدَ الْعَزِيزِ الْأُوَيْسِيَّ وَهُمَا مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ وَأَخْرَجَهُ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ الَّتِي لَيْسَتْ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ طُرُقِ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي قُرَّةَ مُوسَى بْنِ طَارِقٍ وَمِنْ طَرِيقِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيِّ صَاحِبِ أَبِي حَنِيفَةَ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا فَكَمُلُوا سَبْعَةً وَلَمْ يُخَرِّجِ الْبُخَارِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسُفْيَانُ وَأَبُو عَوَانَةَ مِنْ رِوَايَةِ وَرْقَاءَ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَمُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمِنْ رِوَايَةِ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ وَمِنْ رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ وَمِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسَأَذْكُرُ مَا فِي رِوَايَتِهِمْ مِنْ فَائِدَةٍ زَائِدَةٍ قَوْلُهُ دَعُونِي فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ ذَرُونِي وَهِيَ بِمَعْنَى دَعُونِي وَذَكَرَ مُسْلِمٌ سَبَبَ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ فَقَالَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا فَقَالَ رَجُلٌ أَكُلُّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ ثُمَّ قَالَ ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ الْحَدِيثَ وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مُخْتَصَرًا وَزَادَ فِيهِ فَنَزَلَتْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَله شَاهد عَن بن عَبَّاسٍ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ فِي التَّفْسِيرِ وَفِيهِ لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَوْ وَجَبَتْ لَمَا اسْتَطَعْتُمْ فَاتْرُكُونِي مَا تَرَكْتُكُمُ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ الْآيَةَ وَسَيَأْتِي بَسْطُ الْقَوْلِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالسُّؤَالِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلُهُ مَا تَرَكْتُكُمْ أَيْ مُدَّةَ تَرْكِي إِيَّاكُمْ بِغَيْرِ أَمْرٍ بِشَيْءٍ وَلَا نَهْيٍ عَنْ شَيْءٍ وَإِنَّمَا غَايَرَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ لِأَنَّهُمْ أَمَاتُوا الْفِعْلَ الْمَاضِي وَاسْمَ الْفَاعِلِ مِنْهُمَا وَاسْمَ مَفْعُولِهِمَا وَأَثْبَتُوا الْفِعْلَ الْمُضَارِعَ وَهُوَ يَذَرُ وَفِعْلَ الْأَمْرِ وَهُوَ ذَرْ وَمِثْلُهُ دَعْ وَيَدْعُ وَلَكِنْ سَمِعَ وَدَعْ كَمَا قُرِئَ بِهِ فِي الشَّاذِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى قَرَأَ بِذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ وَطَائِفَةٌ وَقَالَ الشَّاعِرُ (وَنَحْنُ وَدَعْنَا آلَ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ ... فَرَائِسَ أَطْرَافِ الْمُثَقَّفَةِ السَّمُرِ) وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَكَرَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّفَنُّنِ فِي الْعِبَارَةِ وَإِلَّا لَقَالَ اتْرُكُونِي وَالْمُرَادُ بِهَذَا الْأَمْرِ تَرْكُ السُّؤَالِ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَقَعْ خَشْيَةَ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ وُجُوبُهُ أَوْ تَحْرِيمُهُ وَعَنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ لِمَا فِيهِ غَالِبًا مِنَ التَّعَنُّتِ وَخَشْيَةَ أَنْ تَقَعَ الْإِجَابَةُ بِأَمْرٍ يُسْتَثْقَلُ فَقَدْ يُؤَدِّي لترك الِامْتِثَال فَتَقَع الْمُخَالفَة قَالَ بن فَرَجٍ مَعْنَى قَوْلِهِ ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ لَا تُكْثِرُوا مِنَ الِاسْتِفْصَالِ عَنِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَكُونُ مُفِيدَةً لِوَجْهِ مَا ظَهَرَ وَلَوْ كَانَتْ صَالِحَةً لِغَيْرِهِ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ حُجُّوا وَإِنْ كَانَ صَالِحًا لِلتَّكْرَارِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُكْتَفَى بِمَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ اللَّفْظُ وَهُوَ الْمَرَّةُ فَإِنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزِّيَادَةِ وَلَا تُكْثِرُوا التَّنْقِيبَ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يُفْضِي إِلَى مِثْلِ مَا وَقَعَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ أُمِرُوا أَنْ يَذْبَحُوا الْبَقَرَةَ فَلَوْ ذَبَحُوا أَيَّ بَقَرَةٍ كَانَتْ لَامْتَثَلُواوَلَكِنَّهُمْ شَدَّدُوا فَشُدِّدَ عَلَيْهِمْ وَبِهَذَا تَظْهَرُ مُنَاسَبَةُ قَوْله فانما هلك مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ إِلَى آخِرِهِ بِقَوْلِهِ ذَرُونِي مَا تركتكم وَقد أخرج الْبَزَّار وبن أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا لَوِ اعْتَرَضَ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَدْنَى بَقَرَةٍ فَذَبَحُوهَا لَكَفَتْهُمْ وَلَكِنْ شَدَّدُوا فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي السَّنَدِ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ وَحَدِيثُهُ مِنْ قَبِيلِ الْحَسَنِ وَأَوْرَدَهُ الطَّبَرِيّ عَن بن عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا وَعَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ مَقْطُوعًا وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنْ لَا حُكْمَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ وَأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ عَدَمُ الْوُجُوبِ قَوْلُهُ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ بِفَتَحَاتٍ وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ سُؤَالَهُمْ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ أَهْلَكَ وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أُهْلِكَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِسُؤَالِهِمْ أَيْ بِسَبَبِ سُؤَالِهِمْ وَقَوْلُهُ وَاخْتِلَافِهِمْ بِالرَّفْعِ وَبِالْجَرِّ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ عِنْدَ أَحْمَدَ بِلَفْظِ فَإِنَّمَا هَلَكَ وَفِيهِ بِسُؤَالِهِمْ وَيَتَعَيَّنُ الْجَرُّ فِي وَاخْتِلَافِهِمْ وَفِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ فَإِنَّمَا هَلَكَ وَفِيهِ سُؤَالُهُمْ وَيَتَعَيَّنُ الرَّفْعُ فِي وَاخْتِلَافِهِمْ وَأَمَّا قَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي أَرْبَعِينِهِ وَاخْتِلَافُهُمْ بِرَفْعِ الْفَاءِ لَا بِكَسْرِهَا فَإِنَّهُ بِاعْتِبَارِ الرِّوَايَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَهِيَ الَّتِي مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ قَوْلُهُ فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ فَانْتَهُوا عَنْهُ هَكَذَا رَأَيْتُ هَذَا الْأَمْرَ عَلَى تِلْكَ الْمُقَدِّمَةِ وَالْمُنَاسَبَةُ فِيهِ ظَاهِرَةٌ وَوَقَعَ فِي أَوَّلِ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ الْمُشَارِ إِلَيْهَا مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا النَّوَوِيُّ فِي الْأَرْبَعِينَ وَعَزَا الْحَدِيثَ لِلْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ فَتَشَاغَلَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْأَرْبَعِينَ بِمُنَاسَبَةِ تَقْدِيمِ النَّهْيِ عَلَى مَا عَدَاهُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ وَأَنَّ اللَّفْظَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْبُخَارِيُّ هُنَا أَرْجَحُ مِنْ حَيْثُ الصِّنَاعَةُ الْحَدِيثِيَّةُ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى إِخْرَاجِ طَرِيقِ أَبِي الزِّنَادِ دُونَ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ وَإِنْ كَانَ سَنَدُ الزُّهْرِيِّ مِمَّا عُدَّ فِي أَصَحِّ الْأَسَانِيدِ فَإِنَّ سَنَدَ أَبِي الزِّنَادِ أَيْضًا مِمَّا عُدَّ فِيهَا فَاسْتَوَيَا وَزَادَتْ رِوَايَةُ أَبِي الزِّنَادِ اتِّفَاقَ الشَّيْخَيْنِ وَظَنَّ الْقَاضِي تَاجُ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ أَنَّ الشَّيْخَيْنِ اتَّفَقَا على هَذَا اللَّفْظ فَقَالَ بعد قَول بن الْحَاجِبِ النَّدْبَ أَيِ احْتَجَّ مَنْ قَالَ إِنَّ الْأَمْرَ لِلنَّدْبِ بِقَوْلِهِ إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَقَالَ الشَّارِحُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَلَفْظُهُمَا وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ لَفْظُ مُسْلِمٍ وَحْدَهُ وَلَكِنَّهُ اغْتَرَّ بِمَا سَاقَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْأَرْبَعِينَ ثُمَّ إِنَّ هَذَا النَّهْيَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْمَنَاهِي وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا يُكْرَهُ الْمُكَلَّفُ عَلَى فِعْلِهِ كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَهَذَا عَلَى رَأْيِ الْجُمْهُورِ وَخَالَفَ قَوْمٌ فَتَمَسَّكُوا بِالْعُمُومِ فَقَالُوا الْإِكْرَاهُ عَلَى ارْتِكَابِ الْمَعْصِيَةِ لَا يُبِيحُهَا وَالصَّحِيحُ عَدَمُ الْمُؤَاخَذَةِ إِذَا وُجِدَتْ صُورَةُ الْإِكْرَاهِ الْمُعْتَبَرَةُ وَاسْتَثْنَى بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ مِنْ ذَلِكَ الزِّنَا فَقَالَ لَا يُتَصَوَّرُ الْإِكْرَاهُ عَلَيْهِ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ التَّمَادِي فِيهِ وَإِلَّا فَلَا مَانِعَ أَنْ يُنْعِظَ الرَّجُلُ بِغَيْرِ سَبَبٍ فَيُكْرَهَ عَلَى الْإِيلَاجِ حِينَئِذٍ فَيُولِجَ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ فَإِنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَيْسَ بِمُحَالٍ وَلَوْ فَعَلَهُ مُخْتَارًا لَكَانَ زَانِيًا فَتَصَوَّرَ الْإِكْرَاهَ عَلَى الزِّنَا وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ لَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِشَيْءٍ مُحَرَّمٍ كَالْخَمْرِ وَلَا دَفْعُ الْعَطَشِ بِهِ وَلَا إِسَاغَةُ لُقْمَةِ مَنْ غَصَّ بِهِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ جَوَازُ الثَّالِثِ حِفْظًا لِلنَّفْسِ فَصَارَ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ لِمَنِ اضْطُرَّ بِخِلَافِ التَّدَاوِي فَإِنَّهُ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْهُ نَصًّا فَفِي مُسْلِمٍ عَنْ وَائِلٍ رَفَعَهُ إِنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ وَلَكِنَّهُ دَاءٌ وَلِأَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَفَعَهُ وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ وَلَهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مَرْفُوعًا إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَ أُمَّتِي فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْهَا وَأَمَّا الْعَطَشُ فَإِنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ بِشُرْبِهَا وَلِأَنَّهُ فِي مَعْنَى التَّدَاوِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْأَمْرَ بِاجْتِنَابِ الْمَنْهِيِّ عَلَى عُمُومِهِ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ إِذْنٌ فِي ارْتِكَابِ مَنْهِيٍّ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ وَقَالَ الْفَاكِهَانِيُّ لَا يُتَصَوَّرُ امْتِثَالُ اجْتِنَابِ الْمَنْهِيِّ حَتَّى يَتْرُكَ جَمِيعَهُ فَلَوِ اجْتَنَبَ بَعْضَهُ لَمْ يُعَدَّ مُمْتَثِلًا بِخِلَافِ الْأَمْرِ يَعْنِي الْمُطْلَقَ فَإِنَّ مَنْ أَتَى بِأَقَلِّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ كَانَ مُمْتَثِلًا انْتهى مُلَخصا وَقد أجَاب هُنَابن فَرَجٍ بِأَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الْأَمْرَ فَلَا يَكُونُ مُمْتَثِلًا لِمُقْتَضَى النَّهْيِ حَتَّى لَا يَفْعَلَ وَاحِدًا مِنْ آحَادِ مَا يَتَنَاوَلُهُ النَّهْيُ بِخِلَافِ الْأَمْرِ فَإِنَّهُ عَلَى عَكْسِهِ وَمِنْ ثَمَّ نَشَأَ الْخِلَافُ هَلِ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ وَبِأَنَّ النَّهْيَ عَنِ الشَّيْءِ أَمْرٌ بِضِدِّهِ قَوْلُهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ أَيِ افْعَلُوا قَدْرَ اسْتِطَاعَتِكُمْ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ وَفِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ الْمُشَارِ إِلَيْهَا وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالْأَمْرِ فَائْتَمِرُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ فَافْعَلُوا قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ وَقَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ وَيَدْخُلُ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ الْأَحْكَامِ كَالصَّلَاةِ لِمَنْ عَجَزَ عَنْ رُكْنٍ مِنْهَا أَوْ شَرْطٍ فَيَأْتِي بِالْمَقْدُورِ وَكَذَا الْوُضُوءُ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ وَحِفْظُ بَعْضِ الْفَاتِحَةِ وَإِخْرَاجُ بَعْضِ زَكَاةِ الْفِطْرِ لِمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْكُلِّ وَالْإِمْسَاكُ فِي رَمَضَانَ لِمَنْ أَفْطَرَ بِالْعُذْرِ ثُمَّ قَدَرَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي يَطُولُ شَرْحُهَا وَقَالَ غَيْرُهُ فِيهِ أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِ الْأُمُورِ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْمَقْدُورُ وَعَبَّرَ عَنْهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ كَمَا لَا يَسْقُطُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ بِالْعَجْزِ عَنْ غَيْرِهِ وَتَصِحُّ تَوْبَةُ الْأَعْمَى عَنِ النَّظَرِ الْمُحَرَّمِ وَالْمَجْبُوبِ عَنِ الزِّنَا لِأَنَّ الْأَعْمَى وَالْمَجْبُوبَ قَادِرَانِ عَلَى النَّدَمِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُمَا بِعَجْزِهِمَا عَنِ الْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ إِذْ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُمَا الْعَوْدُ عَادَةً فَلَا مَعْنَى لِلْعَزْمِ عَلَى عَدَمِهِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ أُمِرَ بِشَيْءٍ فَعَجَزَ عَنْ بَعْضِهِ فَفَعَلَ الْمَقْدُورَ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ مَا عَجَزَ عَنْهُ وَبِذَلِكَ اسْتَدَلَّ الْمُزَنِيُّ عَلَى أَنَّ مَا وَجَبَ أَدَاؤُهُ لَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الصَّحِيحُ أَنَّ الْقَضَاءَ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ اعْتِنَاءَ الشَّرْعِ بِالْمَنْهِيَّاتِ فَوْقَ اعْتِنَائِهِ بِالْمَأْمُورَاتِ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ الِاجْتِنَابَ فِي الْمَنْهِيَّاتِ وَلَوْ مَعَ الْمَشَقَّةِ فِي التَّرْكِ وَقَيَّدَ فِي الْمَأْمُورَاتِ بِقَدْرِ الطَّاقَةِ وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فَإِنْ قِيلَ إِنَّ الِاسْتِطَاعَةَ مُعْتَبَرَةٌ فِي النَّهْيِ أَيْضًا إِذْ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نفسا الا وسعهَا فَجَوَابُهُ أَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ تُطْلَقُ بِاعْتِبَارَيْنِ كَذَا قِيلَ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ التَّقْيِيدَ فِي الْأَمْرِ بِالِاسْتِطَاعَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمُدَّعَى مِنَ الِاعْتِنَاءِ بِهِ بَلْ هُوَ مِنْ جِهَةِ الْكَفِّ إِذْ كُلُّ أَحَدٍ قَادِرٌ عَلَى الْكَفِّ لَوْلَا دَاعِيَةُ الشَّهْوَةِ مَثَلًا فَلَا يُتَصَوَّرُ عَدَمُ الِاسْتِطَاعَةِ عَنِ الْكَفِّ بَلْ كُلُّ مُكَلَّفٍ قَادِرٌ عَلَى التَّرْكِ بِخِلَافِ الْفِعْلِ فَإِنَّ الْعَجْزَ عَنْ تَعَاطِيهِ مَحْسُوسٌ فَمِنْ ثَمَّ قَيَّدَ فِي الْأَمْرِ بِحَسْبِ الِاسْتِطَاعَةِ دُونَ النَّهْيِ وَعَبَّرَ الطُّوفِيُّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِأَنَّ تَرْكَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ عِبَارَةٌ عَنِ اسْتِصْحَابِ حَالِ عَدَمِهِ أَوْ الِاسْتِمْرَارِ عَلَى عَدَمِهِ وَفِعْلَ الْمَأْمُورِ بِهِ عِبَارَةٌ عَنْ إِخْرَاجِهِ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ وَقَدْ نُوزِعَ بِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى اسْتِصْحَابِ عَدَمِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ قَدْ تَتَخَلَّفُ وَاسْتُدِلَّ لَهُ بِجَوَازِ أَكْلِ الْمُضْطَرِّ الْمَيْتَةَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّهْيَ فِي هَذَا عَارَضَهُ الْإِذْنُ بِالتَّنَاوُلِ فِي تِلْكَ الْحَالة وَقَالَ بن فَرَجٍ فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ قَوْلُهُ فَاجْتَنِبُوهُ هُوَ عَلَى إِطْلَاقِهِ حَتَّى يُوجَدَ مَا يُبِيحُهُ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ جَوَازُ التَّلَفُّظِ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ إِذَا كَانَ الْقَلْبُ مُطْمَئِنًّا بِالْإِيمَانِ كَمَا نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ انْتَهَى وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْمُكَلَّفَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لَيْسَ مَنْهِيًّا فِي تِلْكَ الْحَالِ وَأَجَابَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّ الْكَفَّ عَنِ الْمَعَاصِي تَرْكٌ وَهُوَ سَهْلٌ وَعَمَلَ الطَّاعَةِ فِعْلٌ وَهُوَ يَشُقُّ فَلِذَلِكَ لَمْ يُبَحِ ارْتِكَابَ الْمَعْصِيَةِ وَلَوْ مَعَ الْعُذْرِ لِأَنَّهُ تَرْكٌ وَالتَّرْكُ لَا يَعْجِزُ الْمَعْذُورُ عَنْهُ وَأَبَاحَ تَرْكَ الْعَمَلِ بِالْعُذْرِ لِأَنَّ الْعَمَلَ قَدْ يَعْجِزُ الْمَعْذُورُ عَنْهُ وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ قَوْله تَعَالَى فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم يَتَنَاوَلُ امْتِثَالَ الْمَأْمُورِ وَاجْتِنَابَ الْمَنْهِيِّ وَقَدْ قَيَّدَ بِالِاسْتِطَاعَةِ وَاسْتَوَيَا فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْحِكْمَةُ فِي تَقْيِيدِ الْحَدِيثِ بِالِاسْتِطَاعَةِ فِي جَانِبِ الْأَمْرِ دُونَ النَّهْيِ أَنَّ الْعَجْزَ يَكْثُرُ تَصَوُّرُهُ فِي الْأَمْرِ بِخِلَافِ النَّهْيِ فَإِنَّ تَصَوُّرَ الْعَجْزِ فِيهِ مَحْصُورٌ فِي الِاضْطِرَارِ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم نسخ بقوله تَعَالَى فَاتَّقُوا الله حق تُقَاته وَالصَّحِيح انلَا نَسْخَ بَلِ الْمُرَادُ بِحَقِّ تُقَاتِهِ امْتِثَالُ أَمْرِهِ وَاجْتِنَابُ نَهْيِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ لَا مَعَ الْعَجْزِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمَكْرُوهَ يَجِبُ اجْتِنَابُهُ لِعُمُومِ الْأَمْرِ بِاجْتِنَابِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَشَمَلَ الْوَاجِبَ وَالْمَنْدُوبَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ فَاجْتَنِبُوهُ يُعْمَلُ بِهِ فِي الْإِيجَابِ وَالنَّدْبِ بِالِاعْتِبَارَيْنِ وَيَجِيءُ مِثْلُ هَذَا السُّؤَالِ وَجَوَابُهُ فِي الْجَانِبِ الْآخِرِ وَهُوَ الْأَمْرُ وَقَالَ الْفَاكِهَانِيُّ النَّهْيُ يَكُونُ تَارَةً مَعَ الْمَانِعِ مِنَ النَّقِيضِ وَهُوَ الْمُحَرَّمُ وَتَارَةً لَا مَعَهُ وَهُوَ الْمَكْرُوهُ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَتَنَاوَلُهُمَا وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمُبَاحَ لَيْسَ مَأْمُورًا بِهِ لِأَنَّ التَّأْكِيدَ فِي الْفِعْلِ إِنَّمَا يُنَاسِبُ الْوَاجِبَ وَالْمَنْدُوبَ وَكَذَا عَكْسُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَنْ قَالَ الْمُبَاحُ مَأْمُورٌ بِهِ لَمْ يُرِدِ الْأَمْرَ بِمَعْنَى الطَّلَبِ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَهُوَ الْإِذْنُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَلَا عَدَمَهُ وَقِيلَ يَقْتَضِيهِ وَقِيلَ يَتَوَقَّفُ فِيمَا زَادَ عَلَى مَرَّةٍ وَحَدِيثُ الْبَابِ قَدْ يُتَمَسَّكُ بِهِ لِذَلِكَ لِمَا فِي سَبَبِهِ أَنَّ السَّائِلَ قَالَ فِي الْحَجِّ أَكُلُّ عَامٍ فَلَوْ كَانَ مُطْلَقُهُ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ أَوْ عَدَمَهُ لَمْ يَحْسُنِ السُّؤَالُ وَلَا الْعِنَايَةُ بِالْجَوَابِ وَقَدْ يُقَالُ إِنَّمَا سَأَلَ اسْتِظْهَارًا وَاحْتِيَاطًا وَقَالَ الْمَازِرِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ التَّكْرَارَ إِنَّمَا احْتُمِلَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْحَجَّ فِي اللُّغَةِ قَصْدٌ فِيهِ تَكْرَارٌ فَاحْتَمَلَ عِنْدَ السَّائِلِ التَّكْرَارُ مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ لَا مِنْ صِيغَةِ الْأَمْرِ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ قَالَ بِإِيجَابِ الْعُمْرَةِ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْحَجِّ إِذَا كَانَ مَعْنَاهُ تَكْرَارَ قَصْدِ الْبَيْتِ بِحُكْمِ اللُّغَةِ وَالِاشْتِقَاقِ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْإِجْمَاعِ أَنَّ الْحَجَّ لَا يَجِبُ إِلَّا مَرَّةً فَيَكُونُ الْعَوْدُ إِلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى دَالًّا عَلَى وُجُوبِ الْعُمْرَةِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْتَهِدُ فِي الْأَحْكَامِ لِقَوْلِهِ وَلَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَأَجَابَ مَنْ مَنَعَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أُوحِيَ إِلَيْهِ ذَلِكَ فِي الْحَالِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ عَلَى الْإِبَاحَةِ حَتَّى يَثْبُتَ الْمَنْعُ مِنْ قِبَلِ الشَّارِعِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى النَّهْيِ عَنْ كَثْرَةِ الْمَسَائِلِ وَالتَّعَمُّقِ فِي ذَلِكَ قَالَ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ الْمَسَائِلُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيمِ لِمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ فَهُوَ جَائِزٌ بَلْ مَأْمُورٌ بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ الْآيَةَ وَعَلَى ذَلِكَ تَتَنَزَّلُ أَسْئِلَةُ الصَّحَابَةِ عَنِ الْأَنْفَالِ وَالْكَلَالَةِ وَغَيْرِهِمَا ثَانِيهُمَا مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّعَنُّتِ وَالتَّكَلُّفِ وَهُوَ الْمُرَادُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَيُؤَيِّدُهُ وُرُودُ الزَّجْرِ فِي الْحَدِيثِ عَنْ ذَلِكَ وَذَمُّ السَّلَفِ فَعِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْأُغْلُوطَاتِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ هِيَ شِدَادُ الْمَسَائِلِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ أَيْضًا إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَحْرِمَ عَبْدَهُ بَرَكَةَ الْعِلْمِ أَلْقَى عَلَى لِسَانِهِ الْمَغَالِيطَ فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ أقل النَّاس علما وَقَالَ بن وَهْبٍ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ الْمِرَاءُ فِي الْعِلْمِ يُذْهِبُ بِنُورِ الْعِلْمِ مِنْ قَلْبِ الرَّجُلِ وَقَالَ بن الْعَرَبِيِّ كَانَ النَّهْيُ عَنِ السُّؤَالِ فِي الْعَهْدِ النَّبَوِيِّ خَشْيَةَ أَنْ يَنْزِلَ مَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ فَأَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أُمِنَ ذَلِكَ لَكِنَّ أَكْثَرَ النَّقْلِ عَنِ السَّلَفِ بِكَرَاهَةِ الْكَلَامِ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي لَمْ تَقَعْ قَالَ وَإِنَّهُ لَمَكْرُوهٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ حَرَامًا إِلَّا لِلْعُلَمَاءِ فَإِنَّهُمْ فَرَّعُوا وَمَهَّدُوا فَنَفَعَ اللَّهُ مَنْ بَعْدَهُمْ بِذَلِكَ وَلَا سِيَّمَا مَعَ ذَهَابِ الْعُلَمَاءِ وَدُرُوسِ الْعِلْمِ انْتَهَى مُلَخَّصًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ لِلْعَالِمِ إِذَا شَغَلَهُ ذَلِكَ عَمَّا هُوَ أَعَمُّ مِنْهُ وَكَانَ يَنْبَغِي تَلْخِيصُ مَا يَكْثُرُ وُقُوعُهُ مُجَرَّدًا عَمَّا يَنْدُرُ وَلَا سِيَّمَا فِي الْمُخْتَصَرَاتِ لِيَسْهُلَ تَنَاوُلُهُ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَفِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى الِاشْتِغَالِ بِالْأَهَمِّ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ عَاجِلًا عَمَّا لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي الْحَالِ فَكَأَنَّهُ قَالَ عَلَيْكُمْ بِفِعْلِ الْأَوَامِرِ وَاجْتِنَابِ النَّوَاهِي فَاجْعَلُوا اشْتِغَالَكُمْ بِهَا عِوَضًا عَنْ الِاشْتِغَالِ بِالسُّؤَالِ عَمَّا لَمْ يَقَعْ فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَبْحَثَ عَمَّا جَاءَ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يَجْتَهِدُ فِي تَفَهُّمِ ذَلِكَ وَالْوُقُوفِ عَلَى الْمُرَادِ بِهِ ثُمَّ يَتَشَاغَلُ بِالْعَمَلِ بِهِ فَإِنْ كَانَ مِنَ الْعِلْمِيَّاتِ يَتَشَاغَلُ بِتَصْدِيقِهِ وَاعْتِقَادِ حَقِّيَّتِهِ وَإِنْ كَانَ مِنَ الْعَمَلِيَّاتِ بَذَلَ وُسْعَهُ فِي الْقِيَامِ بِهِ فِعْلًا وَتَرْكًا فَإِنْ وَجَدَ وَقْتًا زَائِدًا عَلَى ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَصْرِفَهُ فِي الِاشْتِغَالِ بِتَعَرُّفِ حُكْمٍ مَا سَيَقَعُ عَلَى قَصْدِ الْعَمَلِ بِهِ أَنْ لَوْ وَقَعَ فَأَمَّا إِنْ كَانَتِ الْهِمَّةُ مَصْرُوفَةً عِنْدَ سَماعالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ إِلَى فَرْضِ أُمُورٍ قَدْ تَقَعُ وَقَدْ لَا تَقَعُ مَعَ الْإِعْرَاضِ عَنِ الْقِيَامِ بِمُقْتَضَى مَا سَمِعَ فَإِنَّ هَذَا مِمَّا يَدْخُلُ فِي النَّهْيِ فَالتَّفَقُّهُ فِي الدِّينِ إِنَّمَا يُحْمَدُ إِذَا كَانَ لِلْعَمَلِ لَا لِلْمِرَاءِ وَالْجِدَالِ وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى(قَوْلُهُ بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ وَتَكَلُّفِ مَا لَا يَعْنِيهِ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَدِلَّ بِالْآيَةِ عَلَى الْمُدَّعَى مِنَ الْكَرَاهَةِ وَهُوَ مَصِيرٌ مِنْهُ إِلَى تَرْجِيحِ بَعْضِ مَا جَاءَ فِي تَفْسِيرِهَا وَقَدْذَكَرْتُ الِاخْتِلَافَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا فِي تَفْسِيرِ سُورَة الْمَائِدَة وترجيح بن الْمُنِيرِ أَنَّهُ فِي كَثْرَةِ الْمَسَائِلِ عَمَّا كَانَ وَعَمَّا لَمْ يَكُنْ وَصَنِيعُ الْبُخَارِيِّ يَقْتَضِيهِ وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي سَاقَهَا فِي الْبَابِ تُؤَيِّدُهُ وَقَدِ اشْتَدَّ إِنْكَارُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ ذَلِكَ مِنْهُمُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فَقَالَ اعْتَقَدَ قَوْمٌ مِنَ الْغَافِلِينَ مَنْعَ السُّؤَالِ عَنِ النَّوَازِلِ إِلَى أَنْ تَقَعَ تَعَلُّقًا بِهَذِهِ الْآيَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا مُصَرِّحَةٌ بِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ مَا تَقَعُ الْمَسْأَلَةُ فِي جَوَابِهِ وَمَسَائِلُ النَّوَازِلِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ انْتَهَى وَهُوَ كَمَا قَالَ لِأَنَّ ظَاهِرَهَا اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِزَمَانِ نُزُولِ الْوَحْيِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ سَعْدٍ الَّذِي صَدَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ الْبَابَ مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ فَإِنَّ مِثْلَ ذَلِكَ قَدْ أُمِنَ وُقُوعُهُ وَيَدْخُلُ فِي مَعْنَى حَدِيثِ سَعْدٍ مَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَقَالَ سَنَدُهُ صَالِحٌ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَفَعَهُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ حَلَالٌ وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ فَاقْبَلُوا مِنَ اللَّهِ عَافِيَتَهُ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ يَنْسَى شَيْئًا ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ وَمَا كَانَ رَبك نسيا وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ رَفَعَهُ إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا وَحَدَّ حُدُودًا فَلَا تَعْتَدُوهَا وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً لَكُمْ غَيْرَ نِسْيَانٍ فَلَا تَبْحَثُوا عَنْهَا وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَآخَرُ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَأَصْلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ مِنْ طَرِيقِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كُنَّا نُهِينَا أَنْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ وَكَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ الْغَافِلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَيَسْأَلَهُ وَنَحْنُ نَسْمَعُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَمَضَى فِي قصَّة اللّعان من حَدِيث بن عُمَرَ فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا وَلِمُسْلِمٍ عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ أَقَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَةً بِالْمَدِينَةِ مَا يَمْنَعُنِي مِنَ الْهِجْرَةِ إِلَّا الْمَسْأَلَةُ كَانَ أَحَدُنَا إِذَا هَاجَرَ لَمْ يَسْأَلِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُرَادُهُ أَنَّهُ قَدِمَ وَافِدًا فَاسْتَمَرَّ بِتِلْكَ الصُّورَةِ لِيُحَصِّلَ الْمَسَائِلَ خَشْيَةَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ صِفَةِ الْوَفْدِ إِلَى اسْتِمْرَارِ الْإِقَامَةِ فَيَصِيرَ مُهَاجِرًا فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ السُّؤَالُ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِالنَّهْيِ عَنِ السُّؤَالِ غَيْرُ الْأَعْرَابِ وُفُودًا كَانُوا أَوْ غَيْرُهُمْ وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاء الْآيَةَ كُنَّا قَدِ اتَّقَيْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْنَا أَعْرَابِيًّا فَرَشَوْنَاهُ بُرْدًا وَقُلْنَا سَلِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَبِي يَعْلَى عَنِ الْبَرَاءِ إِنْ كَانَ لَيَأْتِي عَلَيَّ السَّنَةُ أُرِيدَ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الشَّيْءِ فَأَتَهَيَّبُ وَإِنْ كُنَّا لَنَتَمَنَّى الْأَعْرَابَ أَيْ قُدُومَهُمْ لِيَسْأَلُوا فيسمعوهم أَجْوِبَةَ سُؤَالَاتِ الْأَعْرَابِ فَيَسْتَفِيدُوهَا وَأَمَّا مَا ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ مِنْ أَسْئِلَةِ الصَّحَابَةِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ النَّهْيَ فِي الْآيَةِ لَا يَتَنَاوَلُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِمَّا تَقَرَّرَ حُكْمُهُ أَوْ مَا لَهُمْ بِمَعْرِفَتِهِ حَاجَةٌ رَاهِنَةٌ كَالسُّؤَالِ عَنِ الذَّبْحِ بِالْقَصَبِ وَالسُّؤَالِ عَنْ وُجُوبِ طَاعَةِ الْأُمَرَاءِ إِذَا أَمَرُوا بِغَيْرِ الطَّاعَةِ وَالسُّؤَالِ عَنْ أَحْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَا قَبْلَهَا مِنَ الْمَلَاحِمِ وَالْفِتَنِ وَالْأَسْئِلَةِ الَّتِي فِي الْقُرْآنِ كَسُؤَالِهِمْ عَنِ الْكَلَالَةِ وَالْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَالْقِتَالِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْيَتَامَى وَالْمَحِيضِ وَالنِّسَاءِ وَالصَّيْدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لَكِنَّ الَّذِينَ تَعَلَّقُوا بِالْآيَةِ فِي كَرَاهِيَةِ كَثْرَةِ الْمَسَائِلِ عَمَّا لَمْ يَقَعْ أَخَذُوهُ بِطَرِيقِ الْإِلْحَاقِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ كَثْرَةَ السُّؤَالِ لَمَّا كَانَتْ سَبَبًا لِلتَّكْلِيفِ بِمَا يَشُقُّ فَحَقُّهَا أَنْ تُجْتَنَبَ وَقَدْ عَقَدَ الْإِمَامُ الدَّارِمِيُّ فِي أَوَائِلِ مُسْنَدِهِ لِذَلِكَ بَابًا وَأَوْرَدَ فِيهِ عَنِ جمَاعَة مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ آثَارًا كَثِيرَةً فِي ذَلِكَ مِنْهَا عَن بن عُمَرَ لَا تَسْأَلُوا عَمَّا لَمْ يَكُنْ فَإِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ يَلْعَنُ السَّائِلَ عَمَّا لَمْ يَكُنْ وَعَنْ عُمَرَ أُحَرِّجُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَسْأَلُوا عَمَّا لَمْ يَكُنْ فَإِنَّ لَنَا فِيمَا كَانَ شُغْلًا وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنِ الشَّيْءِ يَقُولُ كَانَ هَذَا فَإِنْ قِيلَ لَا قَالَ دَعُوهُ حَتَّى يَكُونَ وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَعَنْ عَمَّارٍ نَحْوُ ذَلِكَ وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مَرْفُوعا وَمنطَرِيقِ طَاوُسٍ عَنْ مُعَاذٍ رَفَعَهُ لَا تُعَجِّلُوا بِالْبَلِيَّةِ قَبْلَ نُزُولِهَا فَإِنَّكُمْ إِنْ تَفْعَلُوا لَمْ يَزَلْ فِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ إِذَا قَالَ سُدِّدَ أَوْ وُفِّقَ وَإِنْ عَجَّلْتُمْ تَشَتَّتَ بِكُمُ السُّبُلُ وَهُمَا مُرْسَلَانِ يُقَوِّي بَعْضٌ بَعْضًا وَمِنْ وَجْهٍ ثَالِثٍ عَنْ أَشْيَاخِ الزُّبَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ مَرْفُوعًا لَا يَزَالُ فِي أُمَّتِي مَنْ إِذَا سُئِلَ سُدِّدَ وَأُرْشِدَ حَتَّى يَتَسَاءَلُوا عَمَّا لَمْ يَنْزِلْ الْحَدِيثَ نَحْوَهُ قَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ وَالتَّحْقِيقُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْبَحْثَ عَمَّا لَا يُوجَدُ فِيهِ نَصٌّ عَلَى قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَبْحَثَ عَنْ دُخُولِهِ فِي دَلَالَةِ النَّصِّ عَلَى اخْتِلَافِ وُجُوهِهَا فَهَذَا مَطْلُوبٌ لَا مَكْرُوهٌ بَلْ رُبَّمَا كَانَ فَرْضًا عَلَى مَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ ثَانِيهُمَا أَنْ يُدَقِّقَ النَّظَرَ فِي وُجُوهِ الْفُرُوقِ فَيُفَرِّقَ بَيْنَ مُتَمَاثِلَيْنِ بِفَرْقٍ لَيْسَ لَهُ أَثَرٌ فِي الشَّرْعِ مَعَ وُجُودِ وَصْفِ الْجَمْعِ أَوْ بِالْعَكْسِ بِأَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ مُتَفَرِّقَيْنِ بِوَصْفٍ طَرْدِيٍّ مَثَلًا فَهَذَا الَّذِي ذَمَّهُ السَّلَفُ وَعَلَيْهِ يَنْطَبِقُ حَدِيث بن مَسْعُودٍ رَفَعَهُ هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فَرَأَوْا أَنَّ فِيهِ تَضْيِيعَ الزَّمَانِ بِمَا لَا طَائِلَ تَحْتَهُ وَمِثْلُهُ الْإِكْثَارُ مِنَ التَّفْرِيعِ عَلَى مَسْأَلَةٍ لَا أَصْلَ لَهَا فِي الْكِتَابِ وَلَا السُّنَّةِ وَلَا الْإِجْمَاعِ وَهِيَ نَادِرَةُ الْوُقُوعِ جِدًّا فَيَصْرِفُ فِيهَا زَمَانًا كَانَ صَرْفُهُ فِي غَيْرِهَا أَوْلَى وَلَا سِيَّمَا إِنْ لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ إِغْفَالُ التَّوَسُّعِ فِي بَيَانِ مَا يَكْثُرُ وُقُوعُهُ وَأَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ فِي كَثْرَةِ السُّؤَالِ الْبَحْثُ عَنْ أُمُورٍ مُغَيَّبَةٍ وَرَدَ الشَّرْعُ بِالْإِيمَانِ بِهَا مَعَ تَرْكِ كَيْفِيَّتِهَا وَمِنْهَا مَا لَا يَكُونُ لَهُ شَاهِدٌ فِي عَالَمِ الْحِسِّ كَالسُّؤَالِ عَنْ وَقْتِ السَّاعَةِ وَعَنِ الرُّوحِ وَعَنْ مُدَّةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَى أَمْثَالِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ إِلَّا بِالنَّقْلِ الصِّرْفِ وَالْكَثِيرُ مِنْهُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ فَيَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ وَأَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ مَا يُوقِعُ كَثْرَةُ الْبَحْثِ عَنْهُ فِي الشَّكِّ وَالْحِيرَةِ وَسَيَأْتِي مِثَالُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ لَا يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالَ هَذَا اللَّهُ خَلَقَ الْخَلْقَ فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ وَهُوَ ثَامِنُ أَحَادِيثِ هَذَا الْبَابِ وَقَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مِثَالُ التَّنَطُّعِ فِي السُّؤَالِ حَتَّى يُفْضِيَ بِالْمَسْئُولِ إِلَى الْجَوَابِ بِالْمَنْعِ بَعْدَ أَنْ يُفْتَى بِالْإِذْنِ أَنْ يَسْأَلَ عَنِ السِّلَعِ الَّتِي تُوجَدُ فِي الْأَسْوَاقِ هَلْ يُكْرَهُ شِرَاؤُهَا مِمَّنْ هِيَ فِي يَدِهِ مِنْ قَبْلِ الْبَحْثِ عَنْ مَصِيرِهَا إِلَيْهِ أَوْ لَا فَيُجِيبُهُ بِالْجَوَازِ فَإِنْ عَادَ فَقَالَ أَخْشَى أَنْ يَكُونَ مِنْ نَهْبٍ أَوْ غَصْبٍ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْوَقْتُ قَدْ وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ فَيَحْتَاجُ أَنْ يُجِيبَهُ بِالْمَنْعِ وَيُقَيِّدُ ذَلِكَ إِنْ ثَبَتَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَرُمَ وَإِنْ تَرَدَّدَ كُرِهَ أَوْ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى وَلَوْ سَكَتَ السَّائِلُ عَنْ هَذَا التَّنَطُّعِ لَمْ يَزِدِ الْمُفْتِي عَلَى جَوَابِهِ بِالْجَوَازِ وَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَمَنْ يَسُدُّ بَابَ الْمَسَائِلِ حَتَّى فَاتَهُ مَعْرِفَةُ كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْكَامِ الَّتِي يَكْثُرُ وُقُوعُهَا فَإِنَّهُ يَقِلُّ فَهْمُهُ وَعِلْمُهُ وَمَنْ تَوَسَّعَ فِي تَفْرِيعِ الْمَسَائِلِ وَتَوْلِيدِهَا وَلَا سِيَّمَا فِيمَا يَقِلُّ وُقُوعُهُ أَوْ يَنْدُرُ وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ الْحَامِلُ عَلَى ذَلِكَ الْمُبَاهَاةُ وَالْمُغَالَبَةُ فَإِنَّهُ يُذَمُّ فِعْلُهُ وَهُوَ عَيْنُ الَّذِي كَرِهَهُ السَّلَفُ وَمَنْ أَمْعَنَ فِي الْبَحْثِ عَنْ مَعَانِي كِتَابِ اللَّهِ مُحَافِظًا عَلَى مَا جَاءَ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ شَاهَدُوا التَّنْزِيلَ وَحَصَّلَ مِنَ الْأَحْكَامِ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ مَنْطُوقِهِ وَمَفْهُومِهِ وَعَنْ مَعَانِي السُّنَّةِ وَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ كَذَلِكَ مُقْتَصِرًا عَلَى مَا يَصْلُحُ لِلْحُجَّةِ مِنْهَا فَإِنَّهُ الَّذِي يُحْمَدُ وَيُنْتَفَعُ بِهِ وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ عَمَلُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِنَ التَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ حَتَّى حَدَثَتِ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَعَارَضَتْهَا الطَّائِفَةُ الْأُولَى فَكَثُرَ بَيْنَهُمُ الْمِرَاءُ وَالْجِدَالُ وَتَوَلَّدَتِ الْبَغْضَاءُ وَتَسَمَّوْا خُصُومًا وَهُمْ مِنْ أَهْلِ دِينٍ وَاحِدٍ وَالْوَاسِطُ هُوَ الْمُعْتَدِلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَى ذَلِكَ يُشِيرُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْمَاضِي فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِنَّ الِاخْتِلَافَ يَجُرُّ إِلَى عَدَمِ الِانْقِيَادِ وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ حَيْثُ تَقْسِيمُ الْمُشْتَغِلِينَ بِالْعِلْمِ وَأَمَّا الْعَمَلُ بِمَا وَرَدَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالتَّشَاغُلُ بِهِ فَقَدْ وَقَعَ الْكَلَامُ فِي أَيِّهِمَا أَوْلَى وَالْإِنْصَافُ أَنْ يُقَالَ كُلَّمَا زَادَ عَلَى مَا هُوَ فِي حَقِّ الْمُكَلَّفِ فَرْضُ عَيْنٍ فَالنَّاسُ فِيهِ عَلَى قِسْمَيْنِ مَنْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ قُوَّةً عَلَى الْفَهْمِ وَالتَّحْرِيرِ فَتَشَاغُلُهُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ إِعْرَاضِهِ عَنْهُ وَتَشَاغُلِهِ بِالْعِبَادَةِ لِمَا فِيهِ مِنَ النَّفْعِوَلَكِنَّهُمْ شَدَّدُوا فَشُدِّدَ عَلَيْهِمْ وَبِهَذَا تَظْهَرُ مُنَاسَبَةُ قَوْله فانما هلك مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ إِلَى آخِرِهِ بِقَوْلِهِ ذَرُونِي مَا تركتكم وَقد أخرج الْبَزَّار وبن أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا لَوِ اعْتَرَضَ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَدْنَى بَقَرَةٍ فَذَبَحُوهَا لَكَفَتْهُمْ وَلَكِنْ شَدَّدُوا فَشَدَّدَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي السَّنَدِ عَبَّادُ بْنُ مَنْصُورٍ وَحَدِيثُهُ مِنْ قَبِيلِ الْحَسَنِ وَأَوْرَدَهُ الطَّبَرِيّ عَن بن عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا وَعَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ مَقْطُوعًا وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنْ لَا حُكْمَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ وَأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ عَدَمُ الْوُجُوبِ قَوْلُهُ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ بِفَتَحَاتٍ وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ سُؤَالَهُمْ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ أَهْلَكَ وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أُهْلِكَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِسُؤَالِهِمْ أَيْ بِسَبَبِ سُؤَالِهِمْ وَقَوْلُهُ وَاخْتِلَافِهِمْ بِالرَّفْعِ وَبِالْجَرِّ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ عِنْدَ أَحْمَدَ بِلَفْظِ فَإِنَّمَا هَلَكَ وَفِيهِ بِسُؤَالِهِمْ وَيَتَعَيَّنُ الْجَرُّ فِي وَاخْتِلَافِهِمْ وَفِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ فَإِنَّمَا هَلَكَ وَفِيهِ سُؤَالُهُمْ وَيَتَعَيَّنُ الرَّفْعُ فِي وَاخْتِلَافِهِمْ وَأَمَّا قَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي أَرْبَعِينِهِ وَاخْتِلَافُهُمْ بِرَفْعِ الْفَاءِ لَا بِكَسْرِهَا فَإِنَّهُ بِاعْتِبَارِ الرِّوَايَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَهِيَ الَّتِي مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ قَوْلُهُ فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ فَانْتَهُوا عَنْهُ هَكَذَا رَأَيْتُ هَذَا الْأَمْرَ عَلَى تِلْكَ الْمُقَدِّمَةِ وَالْمُنَاسَبَةُ فِيهِ ظَاهِرَةٌ وَوَقَعَ فِي أَوَّلِ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ الْمُشَارِ إِلَيْهَا مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا النَّوَوِيُّ فِي الْأَرْبَعِينَ وَعَزَا الْحَدِيثَ لِلْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ فَتَشَاغَلَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْأَرْبَعِينَ بِمُنَاسَبَةِ تَقْدِيمِ النَّهْيِ عَلَى مَا عَدَاهُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ وَأَنَّ اللَّفْظَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْبُخَارِيُّ هُنَا أَرْجَحُ مِنْ حَيْثُ الصِّنَاعَةُ الْحَدِيثِيَّةُ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى إِخْرَاجِ طَرِيقِ أَبِي الزِّنَادِ دُونَ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ وَإِنْ كَانَ سَنَدُ الزُّهْرِيِّ مِمَّا عُدَّ فِي أَصَحِّ الْأَسَانِيدِ فَإِنَّ سَنَدَ أَبِي الزِّنَادِ أَيْضًا مِمَّا عُدَّ فِيهَا فَاسْتَوَيَا وَزَادَتْ رِوَايَةُ أَبِي الزِّنَادِ اتِّفَاقَ الشَّيْخَيْنِ وَظَنَّ الْقَاضِي تَاجُ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ أَنَّ الشَّيْخَيْنِ اتَّفَقَا على هَذَا اللَّفْظ فَقَالَ بعد قَول بن الْحَاجِبِ النَّدْبَ أَيِ احْتَجَّ مَنْ قَالَ إِنَّ الْأَمْرَ لِلنَّدْبِ بِقَوْلِهِ إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَقَالَ الشَّارِحُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَلَفْظُهُمَا وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَهَذَا إِنَّمَا هُوَ لَفْظُ مُسْلِمٍ وَحْدَهُ وَلَكِنَّهُ اغْتَرَّ بِمَا سَاقَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْأَرْبَعِينَ ثُمَّ إِنَّ هَذَا النَّهْيَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْمَنَاهِي وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا يُكْرَهُ الْمُكَلَّفُ عَلَى فِعْلِهِ كَشُرْبِ الْخَمْرِ وَهَذَا عَلَى رَأْيِ الْجُمْهُورِ وَخَالَفَ قَوْمٌ فَتَمَسَّكُوا بِالْعُمُومِ فَقَالُوا الْإِكْرَاهُ عَلَى ارْتِكَابِ الْمَعْصِيَةِ لَا يُبِيحُهَا وَالصَّحِيحُ عَدَمُ الْمُؤَاخَذَةِ إِذَا وُجِدَتْ صُورَةُ الْإِكْرَاهِ الْمُعْتَبَرَةُ وَاسْتَثْنَى بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ مِنْ ذَلِكَ الزِّنَا فَقَالَ لَا يُتَصَوَّرُ الْإِكْرَاهُ عَلَيْهِ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ التَّمَادِي فِيهِ وَإِلَّا فَلَا مَانِعَ أَنْ يُنْعِظَ الرَّجُلُ بِغَيْرِ سَبَبٍ فَيُكْرَهَ عَلَى الْإِيلَاجِ حِينَئِذٍ فَيُولِجَ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ فَإِنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَيْسَ بِمُحَالٍ وَلَوْ فَعَلَهُ مُخْتَارًا لَكَانَ زَانِيًا فَتَصَوَّرَ الْإِكْرَاهَ عَلَى الزِّنَا وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ لَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِشَيْءٍ مُحَرَّمٍ كَالْخَمْرِ وَلَا دَفْعُ الْعَطَشِ بِهِ وَلَا إِسَاغَةُ لُقْمَةِ مَنْ غَصَّ بِهِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ جَوَازُ الثَّالِثِ حِفْظًا لِلنَّفْسِ فَصَارَ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ لِمَنِ اضْطُرَّ بِخِلَافِ التَّدَاوِي فَإِنَّهُ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْهُ نَصًّا فَفِي مُسْلِمٍ عَنْ وَائِلٍ رَفَعَهُ إِنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ وَلَكِنَّهُ دَاءٌ وَلِأَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَفَعَهُ وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ وَلَهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مَرْفُوعًا إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَ أُمَّتِي فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْهَا وَأَمَّا الْعَطَشُ فَإِنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ بِشُرْبِهَا وَلِأَنَّهُ فِي مَعْنَى التَّدَاوِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْأَمْرَ بِاجْتِنَابِ الْمَنْهِيِّ عَلَى عُمُومِهِ مَا لَمْ يُعَارِضْهُ إِذْنٌ فِي ارْتِكَابِ مَنْهِيٍّ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ وَقَالَ الْفَاكِهَانِيُّ لَا يُتَصَوَّرُ امْتِثَالُ اجْتِنَابِ الْمَنْهِيِّ حَتَّى يَتْرُكَ جَمِيعَهُ فَلَوِ اجْتَنَبَ بَعْضَهُ لَمْ يُعَدَّ مُمْتَثِلًا بِخِلَافِ الْأَمْرِ يَعْنِي الْمُطْلَقَ فَإِنَّ مَنْ أَتَى بِأَقَلِّ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ كَانَ مُمْتَثِلًا انْتهى مُلَخصا وَقد أجَاب هُنَابن فَرَجٍ بِأَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الْأَمْرَ فَلَا يَكُونُ مُمْتَثِلًا لِمُقْتَضَى النَّهْيِ حَتَّى لَا يَفْعَلَ وَاحِدًا مِنْ آحَادِ مَا يَتَنَاوَلُهُ النَّهْيُ بِخِلَافِ الْأَمْرِ فَإِنَّهُ عَلَى عَكْسِهِ وَمِنْ ثَمَّ نَشَأَ الْخِلَافُ هَلِ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ وَبِأَنَّ النَّهْيَ عَنِ الشَّيْءِ أَمْرٌ بِضِدِّهِ قَوْلُهُ وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ أَيِ افْعَلُوا قَدْرَ اسْتِطَاعَتِكُمْ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ وَفِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ الْمُشَارِ إِلَيْهَا وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالْأَمْرِ فَائْتَمِرُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ فَافْعَلُوا قَالَ النَّوَوِيُّ هَذَا مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ وَقَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ وَيَدْخُلُ فِيهِ كَثِيرٌ مِنَ الْأَحْكَامِ كَالصَّلَاةِ لِمَنْ عَجَزَ عَنْ رُكْنٍ مِنْهَا أَوْ شَرْطٍ فَيَأْتِي بِالْمَقْدُورِ وَكَذَا الْوُضُوءُ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ وَحِفْظُ بَعْضِ الْفَاتِحَةِ وَإِخْرَاجُ بَعْضِ زَكَاةِ الْفِطْرِ لِمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْكُلِّ وَالْإِمْسَاكُ فِي رَمَضَانَ لِمَنْ أَفْطَرَ بِالْعُذْرِ ثُمَّ قَدَرَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي يَطُولُ شَرْحُهَا وَقَالَ غَيْرُهُ فِيهِ أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِ الْأُمُورِ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْمَقْدُورُ وَعَبَّرَ عَنْهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ كَمَا لَا يَسْقُطُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ بِالْعَجْزِ عَنْ غَيْرِهِ وَتَصِحُّ تَوْبَةُ الْأَعْمَى عَنِ النَّظَرِ الْمُحَرَّمِ وَالْمَجْبُوبِ عَنِ الزِّنَا لِأَنَّ الْأَعْمَى وَالْمَجْبُوبَ قَادِرَانِ عَلَى النَّدَمِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُمَا بِعَجْزِهِمَا عَنِ الْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ إِذْ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُمَا الْعَوْدُ عَادَةً فَلَا مَعْنَى لِلْعَزْمِ عَلَى عَدَمِهِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ أُمِرَ بِشَيْءٍ فَعَجَزَ عَنْ بَعْضِهِ فَفَعَلَ الْمَقْدُورَ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ مَا عَجَزَ عَنْهُ وَبِذَلِكَ اسْتَدَلَّ الْمُزَنِيُّ عَلَى أَنَّ مَا وَجَبَ أَدَاؤُهُ لَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الصَّحِيحُ أَنَّ الْقَضَاءَ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ اعْتِنَاءَ الشَّرْعِ بِالْمَنْهِيَّاتِ فَوْقَ اعْتِنَائِهِ بِالْمَأْمُورَاتِ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ الِاجْتِنَابَ فِي الْمَنْهِيَّاتِ وَلَوْ مَعَ الْمَشَقَّةِ فِي التَّرْكِ وَقَيَّدَ فِي الْمَأْمُورَاتِ بِقَدْرِ الطَّاقَةِ وَهَذَا مَنْقُولٌ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فَإِنْ قِيلَ إِنَّ الِاسْتِطَاعَةَ مُعْتَبَرَةٌ فِي النَّهْيِ أَيْضًا إِذْ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نفسا الا وسعهَا فَجَوَابُهُ أَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ تُطْلَقُ بِاعْتِبَارَيْنِ كَذَا قِيلَ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ التَّقْيِيدَ فِي الْأَمْرِ بِالِاسْتِطَاعَةِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمُدَّعَى مِنَ الِاعْتِنَاءِ بِهِ بَلْ هُوَ مِنْ جِهَةِ الْكَفِّ إِذْ كُلُّ أَحَدٍ قَادِرٌ عَلَى الْكَفِّ لَوْلَا دَاعِيَةُ الشَّهْوَةِ مَثَلًا فَلَا يُتَصَوَّرُ عَدَمُ الِاسْتِطَاعَةِ عَنِ الْكَفِّ بَلْ كُلُّ مُكَلَّفٍ قَادِرٌ عَلَى التَّرْكِ بِخِلَافِ الْفِعْلِ فَإِنَّ الْعَجْزَ عَنْ تَعَاطِيهِ مَحْسُوسٌ فَمِنْ ثَمَّ قَيَّدَ فِي الْأَمْرِ بِحَسْبِ الِاسْتِطَاعَةِ دُونَ النَّهْيِ وَعَبَّرَ الطُّوفِيُّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِأَنَّ تَرْكَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ عِبَارَةٌ عَنِ اسْتِصْحَابِ حَالِ عَدَمِهِ أَوْ الِاسْتِمْرَارِ عَلَى عَدَمِهِ وَفِعْلَ الْمَأْمُورِ بِهِ عِبَارَةٌ عَنْ إِخْرَاجِهِ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ وَقَدْ نُوزِعَ بِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى اسْتِصْحَابِ عَدَمِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ قَدْ تَتَخَلَّفُ وَاسْتُدِلَّ لَهُ بِجَوَازِ أَكْلِ الْمُضْطَرِّ الْمَيْتَةَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ النَّهْيَ فِي هَذَا عَارَضَهُ الْإِذْنُ بِالتَّنَاوُلِ فِي تِلْكَ الْحَالة وَقَالَ بن فَرَجٍ فِي شَرْحِ الْأَرْبَعِينَ قَوْلُهُ فَاجْتَنِبُوهُ هُوَ عَلَى إِطْلَاقِهِ حَتَّى يُوجَدَ مَا يُبِيحُهُ كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ عِنْدَ الْإِكْرَاهِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ جَوَازُ التَّلَفُّظِ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ إِذَا كَانَ الْقَلْبُ مُطْمَئِنًّا بِالْإِيمَانِ كَمَا نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ انْتَهَى وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْمُكَلَّفَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لَيْسَ مَنْهِيًّا فِي تِلْكَ الْحَالِ وَأَجَابَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّ الْكَفَّ عَنِ الْمَعَاصِي تَرْكٌ وَهُوَ سَهْلٌ وَعَمَلَ الطَّاعَةِ فِعْلٌ وَهُوَ يَشُقُّ فَلِذَلِكَ لَمْ يُبَحِ ارْتِكَابَ الْمَعْصِيَةِ وَلَوْ مَعَ الْعُذْرِ لِأَنَّهُ تَرْكٌ وَالتَّرْكُ لَا يَعْجِزُ الْمَعْذُورُ عَنْهُ وَأَبَاحَ تَرْكَ الْعَمَلِ بِالْعُذْرِ لِأَنَّ الْعَمَلَ قَدْ يَعْجِزُ الْمَعْذُورُ عَنْهُ وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّ قَوْله تَعَالَى فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم يَتَنَاوَلُ امْتِثَالَ الْمَأْمُورِ وَاجْتِنَابَ الْمَنْهِيِّ وَقَدْ قَيَّدَ بِالِاسْتِطَاعَةِ وَاسْتَوَيَا فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْحِكْمَةُ فِي تَقْيِيدِ الْحَدِيثِ بِالِاسْتِطَاعَةِ فِي جَانِبِ الْأَمْرِ دُونَ النَّهْيِ أَنَّ الْعَجْزَ يَكْثُرُ تَصَوُّرُهُ فِي الْأَمْرِ بِخِلَافِ النَّهْيِ فَإِنَّ تَصَوُّرَ الْعَجْزِ فِيهِ مَحْصُورٌ فِي الِاضْطِرَارِ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُم نسخ بقوله تَعَالَى فَاتَّقُوا الله حق تُقَاته وَالصَّحِيح انلَا نَسْخَ بَلِ الْمُرَادُ بِحَقِّ تُقَاتِهِ امْتِثَالُ أَمْرِهِ وَاجْتِنَابُ نَهْيِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ لَا مَعَ الْعَجْزِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمَكْرُوهَ يَجِبُ اجْتِنَابُهُ لِعُمُومِ الْأَمْرِ بِاجْتِنَابِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَشَمَلَ الْوَاجِبَ وَالْمَنْدُوبَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ فَاجْتَنِبُوهُ يُعْمَلُ بِهِ فِي الْإِيجَابِ وَالنَّدْبِ بِالِاعْتِبَارَيْنِ وَيَجِيءُ مِثْلُ هَذَا السُّؤَالِ وَجَوَابُهُ فِي الْجَانِبِ الْآخِرِ وَهُوَ الْأَمْرُ وَقَالَ الْفَاكِهَانِيُّ النَّهْيُ يَكُونُ تَارَةً مَعَ الْمَانِعِ مِنَ النَّقِيضِ وَهُوَ الْمُحَرَّمُ وَتَارَةً لَا مَعَهُ وَهُوَ الْمَكْرُوهُ وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَتَنَاوَلُهُمَا وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمُبَاحَ لَيْسَ مَأْمُورًا بِهِ لِأَنَّ التَّأْكِيدَ فِي الْفِعْلِ إِنَّمَا يُنَاسِبُ الْوَاجِبَ وَالْمَنْدُوبَ وَكَذَا عَكْسُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَنْ قَالَ الْمُبَاحُ مَأْمُورٌ بِهِ لَمْ يُرِدِ الْأَمْرَ بِمَعْنَى الطَّلَبِ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَهُوَ الْإِذْنُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَلَا عَدَمَهُ وَقِيلَ يَقْتَضِيهِ وَقِيلَ يَتَوَقَّفُ فِيمَا زَادَ عَلَى مَرَّةٍ وَحَدِيثُ الْبَابِ قَدْ يُتَمَسَّكُ بِهِ لِذَلِكَ لِمَا فِي سَبَبِهِ أَنَّ السَّائِلَ قَالَ فِي الْحَجِّ أَكُلُّ عَامٍ فَلَوْ كَانَ مُطْلَقُهُ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ أَوْ عَدَمَهُ لَمْ يَحْسُنِ السُّؤَالُ وَلَا الْعِنَايَةُ بِالْجَوَابِ وَقَدْ يُقَالُ إِنَّمَا سَأَلَ اسْتِظْهَارًا وَاحْتِيَاطًا وَقَالَ الْمَازِرِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ التَّكْرَارَ إِنَّمَا احْتُمِلَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْحَجَّ فِي اللُّغَةِ قَصْدٌ فِيهِ تَكْرَارٌ فَاحْتَمَلَ عِنْدَ السَّائِلِ التَّكْرَارُ مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ لَا مِنْ صِيغَةِ الْأَمْرِ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ قَالَ بِإِيجَابِ الْعُمْرَةِ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْحَجِّ إِذَا كَانَ مَعْنَاهُ تَكْرَارَ قَصْدِ الْبَيْتِ بِحُكْمِ اللُّغَةِ وَالِاشْتِقَاقِ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْإِجْمَاعِ أَنَّ الْحَجَّ لَا يَجِبُ إِلَّا مَرَّةً فَيَكُونُ الْعَوْدُ إِلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى دَالًّا عَلَى وُجُوبِ الْعُمْرَةِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْتَهِدُ فِي الْأَحْكَامِ لِقَوْلِهِ وَلَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَأَجَابَ مَنْ مَنَعَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أُوحِيَ إِلَيْهِ ذَلِكَ فِي الْحَالِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ عَلَى الْإِبَاحَةِ حَتَّى يَثْبُتَ الْمَنْعُ مِنْ قِبَلِ الشَّارِعِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى النَّهْيِ عَنْ كَثْرَةِ الْمَسَائِلِ وَالتَّعَمُّقِ فِي ذَلِكَ قَالَ الْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ الْمَسَائِلُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيمِ لِمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ فَهُوَ جَائِزٌ بَلْ مَأْمُورٌ بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ الْآيَةَ وَعَلَى ذَلِكَ تَتَنَزَّلُ أَسْئِلَةُ الصَّحَابَةِ عَنِ الْأَنْفَالِ وَالْكَلَالَةِ وَغَيْرِهِمَا ثَانِيهُمَا مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّعَنُّتِ وَالتَّكَلُّفِ وَهُوَ الْمُرَادُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَيُؤَيِّدُهُ وُرُودُ الزَّجْرِ فِي الْحَدِيثِ عَنْ ذَلِكَ وَذَمُّ السَّلَفِ فَعِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْأُغْلُوطَاتِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ هِيَ شِدَادُ الْمَسَائِلِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ أَيْضًا إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَحْرِمَ عَبْدَهُ بَرَكَةَ الْعِلْمِ أَلْقَى عَلَى لِسَانِهِ الْمَغَالِيطَ فَلَقَدْ رَأَيْتُهُمْ أقل النَّاس علما وَقَالَ بن وَهْبٍ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ الْمِرَاءُ فِي الْعِلْمِ يُذْهِبُ بِنُورِ الْعِلْمِ مِنْ قَلْبِ الرَّجُلِ وَقَالَ بن الْعَرَبِيِّ كَانَ النَّهْيُ عَنِ السُّؤَالِ فِي الْعَهْدِ النَّبَوِيِّ خَشْيَةَ أَنْ يَنْزِلَ مَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ فَأَمَّا بَعْدُ فَقَدْ أُمِنَ ذَلِكَ لَكِنَّ أَكْثَرَ النَّقْلِ عَنِ السَّلَفِ بِكَرَاهَةِ الْكَلَامِ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي لَمْ تَقَعْ قَالَ وَإِنَّهُ لَمَكْرُوهٌ إِنْ لَمْ يَكُنْ حَرَامًا إِلَّا لِلْعُلَمَاءِ فَإِنَّهُمْ فَرَّعُوا وَمَهَّدُوا فَنَفَعَ اللَّهُ مَنْ بَعْدَهُمْ بِذَلِكَ وَلَا سِيَّمَا مَعَ ذَهَابِ الْعُلَمَاءِ وَدُرُوسِ الْعِلْمِ انْتَهَى مُلَخَّصًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ لِلْعَالِمِ إِذَا شَغَلَهُ ذَلِكَ عَمَّا هُوَ أَعَمُّ مِنْهُ وَكَانَ يَنْبَغِي تَلْخِيصُ مَا يَكْثُرُ وُقُوعُهُ مُجَرَّدًا عَمَّا يَنْدُرُ وَلَا سِيَّمَا فِي الْمُخْتَصَرَاتِ لِيَسْهُلَ تَنَاوُلُهُ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَفِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِلَى الِاشْتِغَالِ بِالْأَهَمِّ الْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ عَاجِلًا عَمَّا لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي الْحَالِ فَكَأَنَّهُ قَالَ عَلَيْكُمْ بِفِعْلِ الْأَوَامِرِ وَاجْتِنَابِ النَّوَاهِي فَاجْعَلُوا اشْتِغَالَكُمْ بِهَا عِوَضًا عَنْ الِاشْتِغَالِ بِالسُّؤَالِ عَمَّا لَمْ يَقَعْ فَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَبْحَثَ عَمَّا جَاءَ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يَجْتَهِدُ فِي تَفَهُّمِ ذَلِكَ وَالْوُقُوفِ عَلَى الْمُرَادِ بِهِ ثُمَّ يَتَشَاغَلُ بِالْعَمَلِ بِهِ فَإِنْ كَانَ مِنَ الْعِلْمِيَّاتِ يَتَشَاغَلُ بِتَصْدِيقِهِ وَاعْتِقَادِ حَقِّيَّتِهِ وَإِنْ كَانَ مِنَ الْعَمَلِيَّاتِ بَذَلَ وُسْعَهُ فِي الْقِيَامِ بِهِ فِعْلًا وَتَرْكًا فَإِنْ وَجَدَ وَقْتًا زَائِدًا عَلَى ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَصْرِفَهُ فِي الِاشْتِغَالِ بِتَعَرُّفِ حُكْمٍ مَا سَيَقَعُ عَلَى قَصْدِ الْعَمَلِ بِهِ أَنْ لَوْ وَقَعَ فَأَمَّا إِنْ كَانَتِ الْهِمَّةُ مَصْرُوفَةً عِنْدَ سَماعالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ إِلَى فَرْضِ أُمُورٍ قَدْ تَقَعُ وَقَدْ لَا تَقَعُ مَعَ الْإِعْرَاضِ عَنِ الْقِيَامِ بِمُقْتَضَى مَا سَمِعَ فَإِنَّ هَذَا مِمَّا يَدْخُلُ فِي النَّهْيِ فَالتَّفَقُّهُ فِي الدِّينِ إِنَّمَا يُحْمَدُ إِذَا كَانَ لِلْعَمَلِ لَا لِلْمِرَاءِ وَالْجِدَالِ وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى(قَوْلُهُ بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ وَتَكَلُّفِ مَا لَا يَعْنِيهِ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسْتَدِلَّ بِالْآيَةِ عَلَى الْمُدَّعَى مِنَ الْكَرَاهَةِ وَهُوَ مَصِيرٌ مِنْهُ إِلَى تَرْجِيحِ بَعْضِ مَا جَاءَ فِي تَفْسِيرِهَا وَقَدْذَكَرْتُ الِاخْتِلَافَ فِي سَبَبِ نُزُولِهَا فِي تَفْسِيرِ سُورَة الْمَائِدَة وترجيح بن الْمُنِيرِ أَنَّهُ فِي كَثْرَةِ الْمَسَائِلِ عَمَّا كَانَ وَعَمَّا لَمْ يَكُنْ وَصَنِيعُ الْبُخَارِيِّ يَقْتَضِيهِ وَالْأَحَادِيثُ الَّتِي سَاقَهَا فِي الْبَابِ تُؤَيِّدُهُ وَقَدِ اشْتَدَّ إِنْكَارُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ ذَلِكَ مِنْهُمُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فَقَالَ اعْتَقَدَ قَوْمٌ مِنَ الْغَافِلِينَ مَنْعَ السُّؤَالِ عَنِ النَّوَازِلِ إِلَى أَنْ تَقَعَ تَعَلُّقًا بِهَذِهِ الْآيَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا مُصَرِّحَةٌ بِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ مَا تَقَعُ الْمَسْأَلَةُ فِي جَوَابِهِ وَمَسَائِلُ النَّوَازِلِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ انْتَهَى وَهُوَ كَمَا قَالَ لِأَنَّ ظَاهِرَهَا اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِزَمَانِ نُزُولِ الْوَحْيِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ سَعْدٍ الَّذِي صَدَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ الْبَابَ مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُحَرَّمْ فَحُرِّمَ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ فَإِنَّ مِثْلَ ذَلِكَ قَدْ أُمِنَ وُقُوعُهُ وَيَدْخُلُ فِي مَعْنَى حَدِيثِ سَعْدٍ مَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَقَالَ سَنَدُهُ صَالِحٌ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَفَعَهُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ حَلَالٌ وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ فَاقْبَلُوا مِنَ اللَّهِ عَافِيَتَهُ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ يَنْسَى شَيْئًا ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ وَمَا كَانَ رَبك نسيا وَأَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ رَفَعَهُ إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا وَحَدَّ حُدُودًا فَلَا تَعْتَدُوهَا وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً لَكُمْ غَيْرَ نِسْيَانٍ فَلَا تَبْحَثُوا عَنْهَا وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَآخَرُ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَأَصْلُهُ فِي الْبُخَارِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ مِنْ طَرِيقِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كُنَّا نُهِينَا أَنْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَيْءٍ وَكَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ الْغَافِلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَيَسْأَلَهُ وَنَحْنُ نَسْمَعُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَمَضَى فِي قصَّة اللّعان من حَدِيث بن عُمَرَ فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا وَلِمُسْلِمٍ عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ قَالَ أَقَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَنَةً بِالْمَدِينَةِ مَا يَمْنَعُنِي مِنَ الْهِجْرَةِ إِلَّا الْمَسْأَلَةُ كَانَ أَحَدُنَا إِذَا هَاجَرَ لَمْ يَسْأَلِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُرَادُهُ أَنَّهُ قَدِمَ وَافِدًا فَاسْتَمَرَّ بِتِلْكَ الصُّورَةِ لِيُحَصِّلَ الْمَسَائِلَ خَشْيَةَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ صِفَةِ الْوَفْدِ إِلَى اسْتِمْرَارِ الْإِقَامَةِ فَيَصِيرَ مُهَاجِرًا فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ السُّؤَالُ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِالنَّهْيِ عَنِ السُّؤَالِ غَيْرُ الْأَعْرَابِ وُفُودًا كَانُوا أَوْ غَيْرُهُمْ وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاء الْآيَةَ كُنَّا قَدِ اتَّقَيْنَا أَنْ نَسْأَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَيْنَا أَعْرَابِيًّا فَرَشَوْنَاهُ بُرْدًا وَقُلْنَا سَلِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَبِي يَعْلَى عَنِ الْبَرَاءِ إِنْ كَانَ لَيَأْتِي عَلَيَّ السَّنَةُ أُرِيدَ أَنْ أَسْأَلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الشَّيْءِ فَأَتَهَيَّبُ وَإِنْ كُنَّا لَنَتَمَنَّى الْأَعْرَابَ أَيْ قُدُومَهُمْ لِيَسْأَلُوا فيسمعوهم أَجْوِبَةَ سُؤَالَاتِ الْأَعْرَابِ فَيَسْتَفِيدُوهَا وَأَمَّا مَا ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ مِنْ أَسْئِلَةِ الصَّحَابَةِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ النَّهْيَ فِي الْآيَةِ لَا يَتَنَاوَلُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِمَّا تَقَرَّرَ حُكْمُهُ أَوْ مَا لَهُمْ بِمَعْرِفَتِهِ حَاجَةٌ رَاهِنَةٌ كَالسُّؤَالِ عَنِ الذَّبْحِ بِالْقَصَبِ وَالسُّؤَالِ عَنْ وُجُوبِ طَاعَةِ الْأُمَرَاءِ إِذَا أَمَرُوا بِغَيْرِ الطَّاعَةِ وَالسُّؤَالِ عَنْ أَحْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَا قَبْلَهَا مِنَ الْمَلَاحِمِ وَالْفِتَنِ وَالْأَسْئِلَةِ الَّتِي فِي الْقُرْآنِ كَسُؤَالِهِمْ عَنِ الْكَلَالَةِ وَالْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَالْقِتَالِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْيَتَامَى وَالْمَحِيضِ وَالنِّسَاءِ وَالصَّيْدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لَكِنَّ الَّذِينَ تَعَلَّقُوا بِالْآيَةِ فِي كَرَاهِيَةِ كَثْرَةِ الْمَسَائِلِ عَمَّا لَمْ يَقَعْ أَخَذُوهُ بِطَرِيقِ الْإِلْحَاقِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ كَثْرَةَ السُّؤَالِ لَمَّا كَانَتْ سَبَبًا لِلتَّكْلِيفِ بِمَا يَشُقُّ فَحَقُّهَا أَنْ تُجْتَنَبَ وَقَدْ عَقَدَ الْإِمَامُ الدَّارِمِيُّ فِي أَوَائِلِ مُسْنَدِهِ لِذَلِكَ بَابًا وَأَوْرَدَ فِيهِ عَنِ جمَاعَة مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ آثَارًا كَثِيرَةً فِي ذَلِكَ مِنْهَا عَن بن عُمَرَ لَا تَسْأَلُوا عَمَّا لَمْ يَكُنْ فَإِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ يَلْعَنُ السَّائِلَ عَمَّا لَمْ يَكُنْ وَعَنْ عُمَرَ أُحَرِّجُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَسْأَلُوا عَمَّا لَمْ يَكُنْ فَإِنَّ لَنَا فِيمَا كَانَ شُغْلًا وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنِ الشَّيْءِ يَقُولُ كَانَ هَذَا فَإِنْ قِيلَ لَا قَالَ دَعُوهُ حَتَّى يَكُونَ وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَعَنْ عَمَّارٍ نَحْوُ ذَلِكَ وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ مَرْفُوعا وَمنطَرِيقِ طَاوُسٍ عَنْ مُعَاذٍ رَفَعَهُ لَا تُعَجِّلُوا بِالْبَلِيَّةِ قَبْلَ نُزُولِهَا فَإِنَّكُمْ إِنْ تَفْعَلُوا لَمْ يَزَلْ فِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ إِذَا قَالَ سُدِّدَ أَوْ وُفِّقَ وَإِنْ عَجَّلْتُمْ تَشَتَّتَ بِكُمُ السُّبُلُ وَهُمَا مُرْسَلَانِ يُقَوِّي بَعْضٌ بَعْضًا وَمِنْ وَجْهٍ ثَالِثٍ عَنْ أَشْيَاخِ الزُّبَيْرِ بْنِ سَعِيدٍ مَرْفُوعًا لَا يَزَالُ فِي أُمَّتِي مَنْ إِذَا سُئِلَ سُدِّدَ وَأُرْشِدَ حَتَّى يَتَسَاءَلُوا عَمَّا لَمْ يَنْزِلْ الْحَدِيثَ نَحْوَهُ قَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ وَالتَّحْقِيقُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْبَحْثَ عَمَّا لَا يُوجَدُ فِيهِ نَصٌّ عَلَى قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَبْحَثَ عَنْ دُخُولِهِ فِي دَلَالَةِ النَّصِّ عَلَى اخْتِلَافِ وُجُوهِهَا فَهَذَا مَطْلُوبٌ لَا مَكْرُوهٌ بَلْ رُبَّمَا كَانَ فَرْضًا عَلَى مَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ ثَانِيهُمَا أَنْ يُدَقِّقَ النَّظَرَ فِي وُجُوهِ الْفُرُوقِ فَيُفَرِّقَ بَيْنَ مُتَمَاثِلَيْنِ بِفَرْقٍ لَيْسَ لَهُ أَثَرٌ فِي الشَّرْعِ مَعَ وُجُودِ وَصْفِ الْجَمْعِ أَوْ بِالْعَكْسِ بِأَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ مُتَفَرِّقَيْنِ بِوَصْفٍ طَرْدِيٍّ مَثَلًا فَهَذَا الَّذِي ذَمَّهُ السَّلَفُ وَعَلَيْهِ يَنْطَبِقُ حَدِيث بن مَسْعُودٍ رَفَعَهُ هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فَرَأَوْا أَنَّ فِيهِ تَضْيِيعَ الزَّمَانِ بِمَا لَا طَائِلَ تَحْتَهُ وَمِثْلُهُ الْإِكْثَارُ مِنَ التَّفْرِيعِ عَلَى مَسْأَلَةٍ لَا أَصْلَ لَهَا فِي الْكِتَابِ وَلَا السُّنَّةِ وَلَا الْإِجْمَاعِ وَهِيَ نَادِرَةُ الْوُقُوعِ جِدًّا فَيَصْرِفُ فِيهَا زَمَانًا كَانَ صَرْفُهُ فِي غَيْرِهَا أَوْلَى وَلَا سِيَّمَا إِنْ لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ إِغْفَالُ التَّوَسُّعِ فِي بَيَانِ مَا يَكْثُرُ وُقُوعُهُ وَأَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ فِي كَثْرَةِ السُّؤَالِ الْبَحْثُ عَنْ أُمُورٍ مُغَيَّبَةٍ وَرَدَ الشَّرْعُ بِالْإِيمَانِ بِهَا مَعَ تَرْكِ كَيْفِيَّتِهَا وَمِنْهَا مَا لَا يَكُونُ لَهُ شَاهِدٌ فِي عَالَمِ الْحِسِّ كَالسُّؤَالِ عَنْ وَقْتِ السَّاعَةِ وَعَنِ الرُّوحِ وَعَنْ مُدَّةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَى أَمْثَالِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ إِلَّا بِالنَّقْلِ الصِّرْفِ وَالْكَثِيرُ مِنْهُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ فَيَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ وَأَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ مَا يُوقِعُ كَثْرَةُ الْبَحْثِ عَنْهُ فِي الشَّكِّ وَالْحِيرَةِ وَسَيَأْتِي مِثَالُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ لَا يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالَ هَذَا اللَّهُ خَلَقَ الْخَلْقَ فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ وَهُوَ ثَامِنُ أَحَادِيثِ هَذَا الْبَابِ وَقَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مِثَالُ التَّنَطُّعِ فِي السُّؤَالِ حَتَّى يُفْضِيَ بِالْمَسْئُولِ إِلَى الْجَوَابِ بِالْمَنْعِ بَعْدَ أَنْ يُفْتَى بِالْإِذْنِ أَنْ يَسْأَلَ عَنِ السِّلَعِ الَّتِي تُوجَدُ فِي الْأَسْوَاقِ هَلْ يُكْرَهُ شِرَاؤُهَا مِمَّنْ هِيَ فِي يَدِهِ مِنْ قَبْلِ الْبَحْثِ عَنْ مَصِيرِهَا إِلَيْهِ أَوْ لَا فَيُجِيبُهُ بِالْجَوَازِ فَإِنْ عَادَ فَقَالَ أَخْشَى أَنْ يَكُونَ مِنْ نَهْبٍ أَوْ غَصْبٍ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْوَقْتُ قَدْ وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ فَيَحْتَاجُ أَنْ يُجِيبَهُ بِالْمَنْعِ وَيُقَيِّدُ ذَلِكَ إِنْ ثَبَتَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَرُمَ وَإِنْ تَرَدَّدَ كُرِهَ أَوْ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى وَلَوْ سَكَتَ السَّائِلُ عَنْ هَذَا التَّنَطُّعِ لَمْ يَزِدِ الْمُفْتِي عَلَى جَوَابِهِ بِالْجَوَازِ وَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَمَنْ يَسُدُّ بَابَ الْمَسَائِلِ حَتَّى فَاتَهُ مَعْرِفَةُ كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْكَامِ الَّتِي يَكْثُرُ وُقُوعُهَا فَإِنَّهُ يَقِلُّ فَهْمُهُ وَعِلْمُهُ وَمَنْ تَوَسَّعَ فِي تَفْرِيعِ الْمَسَائِلِ وَتَوْلِيدِهَا وَلَا سِيَّمَا فِيمَا يَقِلُّ وُقُوعُهُ أَوْ يَنْدُرُ وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ الْحَامِلُ عَلَى ذَلِكَ الْمُبَاهَاةُ وَالْمُغَالَبَةُ فَإِنَّهُ يُذَمُّ فِعْلُهُ وَهُوَ عَيْنُ الَّذِي كَرِهَهُ السَّلَفُ وَمَنْ أَمْعَنَ فِي الْبَحْثِ عَنْ مَعَانِي كِتَابِ اللَّهِ مُحَافِظًا عَلَى مَا جَاءَ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ شَاهَدُوا التَّنْزِيلَ وَحَصَّلَ مِنَ الْأَحْكَامِ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ مَنْطُوقِهِ وَمَفْهُومِهِ وَعَنْ مَعَانِي السُّنَّةِ وَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ كَذَلِكَ مُقْتَصِرًا عَلَى مَا يَصْلُحُ لِلْحُجَّةِ مِنْهَا فَإِنَّهُ الَّذِي يُحْمَدُ وَيُنْتَفَعُ بِهِ وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ عَمَلُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مِنَ التَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ حَتَّى حَدَثَتِ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَعَارَضَتْهَا الطَّائِفَةُ الْأُولَى فَكَثُرَ بَيْنَهُمُ الْمِرَاءُ وَالْجِدَالُ وَتَوَلَّدَتِ الْبَغْضَاءُ وَتَسَمَّوْا خُصُومًا وَهُمْ مِنْ أَهْلِ دِينٍ وَاحِدٍ وَالْوَاسِطُ هُوَ الْمُعْتَدِلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَى ذَلِكَ يُشِيرُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْمَاضِي فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِنَّ الِاخْتِلَافَ يَجُرُّ إِلَى عَدَمِ الِانْقِيَادِ وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ حَيْثُ تَقْسِيمُ الْمُشْتَغِلِينَ بِالْعِلْمِ وَأَمَّا الْعَمَلُ بِمَا وَرَدَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالتَّشَاغُلُ بِهِ فَقَدْ وَقَعَ الْكَلَامُ فِي أَيِّهِمَا أَوْلَى وَالْإِنْصَافُ أَنْ يُقَالَ كُلَّمَا زَادَ عَلَى مَا هُوَ فِي حَقِّ الْمُكَلَّفِ فَرْضُ عَيْنٍ فَالنَّاسُ فِيهِ عَلَى قِسْمَيْنِ مَنْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ قُوَّةً عَلَى الْفَهْمِ وَالتَّحْرِيرِ فَتَشَاغُلُهُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ إِعْرَاضِهِ عَنْهُ وَتَشَاغُلِهِ بِالْعِبَادَةِ لِمَا فِيهِ مِنَ النَّفْعِفِي الْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ وَالْمُدَارَاةُ مَعَهُمْ وَالْإِغْضَاءُ عَنْهُمْ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَعْنَى الْعُرْفِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي الْآيَةِ مُسْتَوْفًى فِي التَّفْسِيرِ الْحَدِيثُ الثَّانِي عَشَرَ


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:6896 ... ورقمه عند البغا: 7288 ]
    - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «دَعُونِى مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَىْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ».وبه قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: (حدّثني) بالإفراد (مالك) الإمام (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال: دعوني ما تركتكم) أي اتركوني مدّة تركي إياكم بغير أمر بشيء ولا نهي عن شيء أو لا تكثروا من الاستفصال فإنه قد يفضي إلى مثل ما وقع لبني إسرائيل إذ أمروا بذبح البقرة فشدّدوا فشدّد الله عليهم كما قال (إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم) بالموحدة أي بسبب سؤالهم ولأبي ذر عن الكشميهني أهلك بزيادة الهمزة المفتوحة من الثلاثي المزيد سؤالهم بإسقاط الموحدة مرفوع فاعله واختلافهم عطف عليه وفي الفتح، وفي رواية عن الكشميهني أهلك بضم أوّله وكسر اللام (على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) وهذا كما قال النووي من جوامع كلمه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ويدخل فيه كثير من الأحكام كالصلاة لمن عجز عن ركن منها أو شرط فيأتي بالمقدور.وسبب هذا الحديث على ما ذكره مسلم من رواية محمد بن زياد عن أبي هريرة -رضي الله عنه-. خطبنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: (يا أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا) فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثًا، فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم) ثم قال: (ذروني ما تركتكم) الحديث.وأخرجه الدارقطني مختصرًا وزاد فيه فنزلت {{يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم}} [المائدة: 101]. ومطابقة حديث الباب لما ترجم به تؤخذ من معنى الحديث لأن الذي يجتنب ما نهاه عنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ويأتمر بما أمره به فهو ممن اقتدى بسُنّته.


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:6896 ... ورقمه عند البغا:7288 ]
    - حدّثنا إسْماعِيلُ، حدّثني مالِكٌ، عنْ أبي الزِّنادِ، عنِ الأعْرَجِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ عنِ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ واخْتِلافِهِمْ عَلى أنْبِيائِهِمْ، فَإِذا نَهَيْتُكُمْ عنْ شَيْءٍ فاجْتَنِبُوهُ، وَإِذا أمَرْتُكُمْ بِأمْرٍ فأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ.
    مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من معنى الحَدِيث لِأَن الَّذِي يجْتَنب عَمَّا نَهَاهُ نَبِي الله ويأتمر بِمَا أمره بِهِ يكون مِمَّن اقْتدى بسنن النَّبِيوَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي أويس ابْن أُخْت مَالك، وَأَبُو الزِّنَاد بالزاي وَالنُّون عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز والْحَدِيث من أَفْرَاده بِهَذَا الْوَجْه.قَوْله: دَعونِي أَي: اتركوني. قَوْله: مَا تركتكم أَي: مُدَّة تركي إيَّاكُمْ، وَإِنَّمَا غاير بَين اللَّفْظَيْنِ لِأَن الْمَاضِي أميت من بابُُ يدع، وَأما قِرَاءَة {{مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}} بِالتَّخْفِيفِ فشاذة. قَوْله: هلك على صِيغَة الْمَعْلُوم من الْمَاضِي: وَمن فَاعله وَهُوَ رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: إِنَّمَا أهلك، على صِيغَة الْمَعْلُوم أَيْضا من الثلاثي الْمَزِيد فِيهِ، وَيكون سُؤَالهمْ مَرْفُوعا فَاعله. وَقَوله: من كَانَ مَفْعُوله وَلَيْسَ فِيهِ الْبَاء، وَأما على رِوَايَة غير الْكشميهني بِالْبَاء: بسؤالهم أَي: بِسَبَب سُؤَالهمْ. قَوْله: وَاخْتِلَافهمْ بِالرَّفْع والجر بِحَسب الْعَطف على مَا قبله. قَوْله: وَإِذا أَمرتكُم بِأَمْر وَفِي رِوَايَة مُسلم: بِشَيْء. قَوْله: فَأتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم أَي: افعلوا قدر استطاعتكم، وَقَالَ النَّوَوِيّ: هَذَا من جَوَامِع الْكَلم وقواعد الْإِسْلَام وَيدخل فِيهِ كثير من الْأَحْكَام كَالصَّلَاةِ لمن عجز عَن ركن أَو شَرط فَيَأْتِي بالمقدور، وَكَذَا الْوضُوء وَستر الْعَوْرَة وَحفظ بعض الْفَاتِحَة والإمساك فِي رَمَضَان لمن أفطر بالعذر ثمَّ قدر فِي أثْنَاء النَّهَار إِلَى غير ذَلِك من الْمسَائِل الَّتِي يطول شرحها.

    حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ ‏ "‏ دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَىْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ‏"‏‏.‏

    Narrated Abu Huraira:The Prophet (ﷺ) said, "Leave me as I leave you, for the people who were before you were ruined because of their questions and their differences over their prophets. So, if I forbid you to do something, then keep away from it. And if I order you to do something, then do of it as much as you can

    Ebu Hureyre r.a.'in nakline göre Resulullah (Sallallahu Aleyhi ve Sellem) şöyle buyurmuştur: "Sizi bıraktığım sürece beni kendi halime bırakınız. Çünkü sizden öncekiler Nebilerine soru sordukları ve onlara çokça başvurdukları için helak oldular. Size bir şeyi yasak ettiğim de ondan kaçınınız. Bir şeyi emrettiğimde onu gücünüz yettiği kadar yapınız." Fethu'l-Bari Açıklaması: "Resullahın sünnetlerine uyma." Yani Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in sünnetlerini kabul edip, anlamına göre amel etme. Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in sözlerine gelince, bunların içinde emir, yasak ve (birtakım şeyleri) haber verme vardır. Emir ve yasağın hükmü ileride başlı başına gelecektir. Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in fiillerine gelince, onlar da yakında ayrı bir bölümde gelecektir. "Yüce Allah'ın "Ve bizi takva sahiplerine önder kıl!" ayeti. İmam Buhari bunu şöyle açıklamıştır: Bizleri bizden öncekilere uyan ve bizden sonrakilerin de uyduğu önderler kıL." Taberi, İbn Ebi Hatim'in, Ali b. Ebi Talha vasıtasıyla nakillerine göre İbn Abbas ayeti "Bizleri takva sahiplerine uyacakları önderler kıl" şeklinde tefsir etmiştir. Taberi'nin ifadesi böyledir. İbn Ebi Hatim'in rivayetine göre ise "Bizleri bize uyulması için hidayet önderleri kıl, bizleri sapıklık önderleri kılma" şeklinde tefsir etmiştir. Zira Yüce Allah saadet ehli olanlara "Onları emrimiz uyarınca doğru yolu gösteren önderler yaptık"(Enbiya 73) buyurmaktadır. Bedbaht olanlar için de "Onları ateşe çağıran öncüler kl/dık (Kasas 41) ifadesini kullanmaktadır. Taberl'nin tercihine göre onlar muttakilere önder olmayı istemişler, Allah'ın muttakileri kendilerine önder kılmasını istememişlerdir. Abd b. Humeyd'in sahih bir senedIe nakline göre Katade "Bizi takva sahiplerine önder kıl" ayetindeki "imam" kelimesini hayırda lider ve yine hayırda kendilerine uyulan hidayet davetçileri kıl şeklinde açıklamıştır. İbn Ebi Hatim'in Süddı vasıtasıyla nakline göre ayetten maksat, bizi takva sahiplerine imam kıl demek değildir. Onlar şunu istemektedirler: Bizleri takva sahiplerine helal ve haram konusunda uyulan önderler kıl. "Kardeşlerim için." Hammad'ın rivayetinde bunun yerine "ashabım için" ifadesi yer almaktadır. "Bu sünnet" bu kelime ile Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in yoluna şahsi değil, bir tür ve çeşit işareti yapılmaktadır. "İnsanların öğrenmelerini ve onu sormalarını severim." "Hayırda olması durumu hariç insanları kendi hallerine bırakmaktır." Bu cümle çoğu eserlerde "dal" harfinin üstün haliyle "yeda'u" şeklinde yer almaktadır. Fiil bu haliyle "el-veda" kökündendir ki manası bırakmak, kendi haline terk etmek demektir. Küşmıhenl'nin rivayetinde ise "dal" harfi sakin olarak "dua" kökünden olmak üzere kelime "yed'u" şeklindedir. Kirmanı şöyle demiştir: İbn Avn Kur'an hakkında "yetefehhemuhu=onu anlamaya çalışıyorlar" fiilini kullanırken sünnet hakkında "yeteallemuha = onu öğrenmeye çalışıyorlar" ifadesini kullanmıştır. Sebebine gelince, genelde Müslüman Kur'an'ı daha ilk çocukluk yıllarından itibaren öğrenir. Dolayısıyla ona Kur'an'ı öğrenme tavsiyesinde bulunmaya gerek yoktur. Bundan dolayı İbn Avn onun manasını anlamaya çalışmayı ve ifadesini kavramayı tavsiye etmiştir. İki farklı ifadenin kullanılmasının sebebi şu da olabilir: Kur'an o zamanlar mushafın iki kapağı arasında toplanmışken, sünnet henüz toplanmamıştı. İbn Avn sünnetin öğrenilmesiyle onu peyderpey anlayabilmek için toplanmasını kastetmiştir. Oysa Kur'an böyle değildir. Çünkü o mushafın iki kapağı arasında biraraya getirilmiştir. Dolayısıyla Müslüman onu hemen anlamaya çalışmalıdır. "Orada" yani Kabe'de "bir şey bırakmayayım." İbn Battal şöyle demiştir: Ömer, bu ifadeyle malın Müslümanların maslahatlarına taksim edilmesini istemiştir. Şeybe kendisine Nebi s.a.v. ile ondan sonra gelen Ebu Bekir'in bu konuya el atmamaları dolayısıyla onlara muhalefet etmesinin caiz olmadığını bildirmiş ve onlara uymanın vacip olduğu kanaatini ifade etmiştir. Bizim kanaatimize gelince, bu konudaki tamamlayıcı bilgi şöyledir: Hz. Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in takriri, -değişiklik yapmadığı şeyler devam edip gittiği için- onun hükmü mesabesindedir. Dolayısıyla bu konuda ona uymak gerekir. Zira Yüce Allah'ın "Buna uyun"(En'am 153) emrinin genelliği bunu göstermektedir. Ebu Bekr' e gelince, onun bu işe el atmamış olması Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in sözünden ve uygulamasından yukarıda sözü edilen takrire aykırı bir şey görmemiş olmasından dolayıdır. Şayet karşısına böyle bir delil çıksaydı, o bunu yapardı. Özellikle halifeliği döneminde mal az olduğu için buna ihtiyacı varken mutlaka yapardı. Ömer ise kendi halifelik döneminde mal çok olmakla birlikte ikinci hadise yani Huzeyfe'nin emanet konusundaki hadisine evleviyetle değinmez. Bu hadisin şerhi Fiten bölümünde geçmişti. "İşlerin en kötüsü sonradan ortaya çıkanlardır." Bu ibarede yer alan "elmuhdesat" "muhdese" kelimesinin çoğuludur. Muhdese, sonradan uydurulan, şeriatta aslı esası olmayan demektir. Buna şeriat örfünde "bid'at" denilir. Şeriatın delalet ettiği aslı olan şey ise bid'at değildir. Bid'at, şeriat örfünde dilin aksine kınanmıştır. Çünkü dil açısından daha önce geçmiş bir örneğe benzemeksizin ortaya çıkan her şeye -ister övülsün, ister kınansın- bid'at denir. "el-Muhdese" konusunda da hüküm böyledir. Hz. Aişe radıyallahu aııha hadisinde yer alan "Sonradan ortaya çıkan durum" hakkında da hüküm böyledir: Aişe r.anha hadisi şöyledir: "Kim bizim bu yolumuzda onda olmayan bir şeyi uyduracak olursa bu reddedilir." Bu hadisin açıklaması ve izahı Ahkam Bölümünde kısa bir süre önce geçmişti. Cabir'in işaret edilen hadisinde "Her bid'at sapıklıktır" buyurulmuştu. el-İrbad b. Sariye hadisinde ise "Sonradan uydurulan şeylerden sakınınız. Çünkü her bid'at sapıklıktır" buyurulmuştur. Bu hadisin baş tarafı "Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem bize son derece belağatli bir öğütte bulundu" şeklindedir. Bu hadisi Ahmed b. Hanbel, Ebu Davud, Tirmizi rivayet etmişler, İbn Mace, İbn Hibban ve Hakim sahih olduğunu belirtmişlerdir.(Ahmed b. Hanbel, Müsned, ıV, 126; Ebu Davud, Sünne; TIrmizi, İlim) Bu hadis mana açısından yukarıda işaret edilen Aişe r.anha hadisine yakındır. Hadis, cevamiu'l-kelim örneklerinden biridir. İmam Şafii şöyle demiştir: "Bid'at ikiye ayrılır; Güzel ve çirkin. Sünnete uygun olan güzeldir, ona aykırı olan da kınanmıştır." İbn Mes'ud şöyle demiştir: "Sizler fıtrat üzere oldunuz. İleride (bir şeyler) uyduracaksınız ve size de uydurulacak. Sonradan uydurma bir şey gördüÇjÜnüzde ilk hidayete yapışınız." Hadislerin tedvin edilmesi, Kur'an'ın tefsiri, sırf reyden yararlanarak ortaya çıkarılan fıkhı meselelerin tedvini, sonra kalplerin amellerine dair şeylerin tedvini. Bunlar, hep sonradan ortaya çıkan şeylerdendir. Bunlardan birincisine (hadislerin tedvini) Ömer ve Ebu Musa tepki göstermişlerdi, çoğunluk ise buna ruhsat vermişti. İkinciye (Kur'an'ın tefsiri) gelince, Şa'bı gibi tabiun alimlerinden bir grup bunu reddetmişlerdir. Üçüncüye gelince (fıkhı meselelerin tedvini) buna Ahmed b. Hanbel ve sayıca az bir zümre tepki göstermişlerdir. Aynı şekilde Ahmed b. Hanbel'in ondan sonrakine tepkisi de şiddetli olmuştur. Sonradan ortaya çıkan şeylerden birisi de dini esaslar konusundaki sözlerin tedvinidir. Buna bazıları olumlu tavır takınırken, bazıları karşı durmuşlardır. Buna olumlu bakanlar (Allah'ı başka bir şeye) benzetecek dereceye düşmüşler, diğerleri ise inkarda ileri gidip, bunların tamamını yok kabul etmişlerdir. Ebu Hanife, Ebu Yusuf, Şafii gibi selef bilginlerinin buna tepkisi şiddetli olmuştur. Onların, kelamcıları kınama konusundaki ifadeleri meşhurdur. Bunun sebebi kelamcıların Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem ve ashabının söz etmedikleri konularda konuşmalarıdır. İmam Malik'in "Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem, Ebu Bekir, Ömer döneminde heva ve hevesten hiçbir şey yoktu -O, bununla Haricilerin, Rafızlıerin ve Kaderiyenin bid'atlerini kastetmektedir.- Faziletli olan ilk üç nesilden sonra gelenler tabiun ve etbau't-tabiın imamlarının inkar ettikleri bir çok konuda geniş davranmışlar, bununla da yetinmeyerek dini meseleleri Yunan kelamı ile birbirine karıştırmışlar, filozofların sözlerini asıl kabul ederek ona muhalif olan haberleri tevil ile -çirkin bile kaçsa- bu asla bağlamışlardır. Sonra bununla da yetinmemişler, tertip ettikleri şeyin ilimIerin en şereflisi ve en önce öğrenilmesi gereken ilim olduğu iddiasında bulunmuşlardır. Onlara göre üzerinde ittifak ettikleri bu şeyleri kullanmayanlar avamdan olup, cahildirier. Netice olarak mutluluğu elde edecek kişi, selef bilginlerinin yoluna yapışan ve halefin uydurduklarından kaçınandır. Bu uydurma şeylere mutlaka yapışacaksa ihtiyacı kadarıyla yetinsin ve birinciyi asıl hedef olarak alsın. Başarıya ulaştıracak olan Yüce Allah'tır. Ahmed b. Hanbel'in ceyyid bir isnadla nakline göre Gudayf b. el-Haris şöyle demiştir: Abdulmelik b. Mervan bana şöyle bir haber gönderdi: "Biz insanları Cuma günü minber üzerinde imamın ellerini kaldırması, sabah ve ikindi namazından sonra cemaate va'zetmesi konusunda görüş birliği oluşturduk." Gudayf şöyle demiştir: Bahsettiğim bu iki mesele bence sizin bid'atlerinizin en bariz olanıdır. Ben size bu iki konuda cevap verecek değilim. Çünkü Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem şöyle buyurdu. "Herhangi bir kavim bir bid'atı ortaya çıkarır çıkarmaz sünnetten onun kadar bir şeyi giderir. Bir sünnete yapışmak, bir bid'atı ortaya çıkarmaktan daha hayırlıdır. "(Ahmed b. Hanbel 4, 105) Bu sünnette aslı olan bir konuda sahabinin cevabı olunca, sünnette dayanağı olmayan bir hususta ne cevap vereceğini zannedersin! Sünnete muhalif olan bir şeyi içinde bulunduran şeye karşı ne tepki vereceğini düşünürsün! "Ümmetimin herbir ferdi -kaçınanları yan çizenler hariç- cennete girecektir." urada yer alan "........" fiili "el=kaçındı / yanaşmadı / yan çizdi" anlamınadır. Ifadenin zahirinden anlaşılan bu genelliğin sürekli olduğudur. Çünkü ümmetin herbir ferdi cennete girmekten kaçınmaz. Zaten bundan dolayı orada bulunanlar "Kaçınanlyan çizen/yanaaşmayan kimdir?" diye sormuşlardır. Buradan anlaşılıyor ki cennete girmekten kaçınmanın onlara isnadı, Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in sünnetinden kaçınmanın -bu ona isyandır- mecazi anlatımıdır. Ahkam Bölümünün baş tarafında "Her kim bana itaat ederse Allah'a itaat etmiştir" şeklindeki Ebu Hureyre hadisi ve geniş bir açıklaması geçmişti. "Melekler 'Bunu ona tevil edin de anlasın' dediler." Tabir alimlerinin "Rüyada tabir yapıldı mı ona itibar edilir" şeklindeki görüşleri, bu ifadeden alınmıştır demişlerdir. İbn Battal şöyle der: "Bunu ona tevil edin" ifadesi rüyanın rüyada tabir edildiği üzere olduğunu gösterir demişlerdir. Ancak bu tartışılır. Zira rüyayı gören Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem ve görülen melek olduğundan dolayı bu hükmün bu olaya mahsus olma ihtimali vardır. Netice olarak bu başkaları hakkında geçerli bir kuralalamaz. "Muhammed' e itaat eden, AIlah'a itaat etmiş olur." Çünkü o sözkonusu ziyafetin sahibinin elçisidir. Her kim bu davete icabet eder ve o eve dahil olursa o ziyafetten yer. Bu da cennete girmenin kinayeli anlatımıdır. Bunun açıklaması Sa'id'in rivayetinde daha önce geçmişti. O rivayet şöyleydi: "Sen ya Muhammed! Allah'ın Resulü! Kim sana icabet ederse cennete girer. İslama giren cennete girer. Cennete giren orada bulunanlardan yer." "Eğer sağa veya sola saparsanız." Yani sözkonusu duruma muhalefet ederseniz. Huzeyfe'nin ifadesi Yüce Allah'ın "Şüphesiz bu benim doğru yolumdur. Buna uyun, (başka) yollara uymayın. Zira o yollar sizi Allah 'ın yolundan ayırır"(En'am 153) ayet-i kerimesinden alınmıştır. Merfu hükmünde olan bu Huzeyfe hadisi, muhacir ve ensardan ilk nesiin faziletine işaret etmektedir. Zira onlar istikamet üzere yürümüşler, Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in huzurunda şehit düşmüşler veya ondan sonra Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in yolu üzere yaşamışlar, sonra şehit düşmüşler ya da yataklarında vefat etmişlerdir. Çıplak uyarıcı ile ilgili olan dokuzuncu Ebu Musa hadisinin açıklaması Rikak Bölümünde Günahlardan Vazgeçme başlığı altında geniş bir şekilde açıklanmıştı. "Uyeyne b. Hısn b. Huzeyfe b. Bedr geldi." Yani Uyeyne el-Fezari geldi. Bu Uyeyne sahabeden kabul edilmektedir. Uyeyne cahiliye döneminde cesaret, cehalet ve katılıkla meşhurdu. Meğazi Bölümünde ondan söz edilmektedir. Uyeyne daha sonra Mekke'nin fethinde Müslüman oldu ve Nebi s.a.v. ile birlikte Huneyn savaşında bulundu. Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem müellefe-i kulub ile birlikte ona bağışlarda bulundu. Uyeyne'nin Ebu Bekir ve Ömer'le birlikte yaşadıkları bir olay vardır. O Ebu Bekir' den bir toprak parçası istedi. Ömer ise bunu kabul etmedi. İmam Buhari bu olayı et-Tarihu's-Sağir isimli eserinde zikreder. Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem ona "el-ahmaku'l-muta' = itaat edilen ahmak" adını verdi. Uyeyne Nebilik iddiasında bulunan Tulayha el-Esedl'ye uyanlardan biriydi. Müslümanlar, mürtedlerle yaptıkları savaşta onlara galip gelince, Tulayha firar etti, Uyeyne ise esir düştü. Ebu Bekir onu getirdi ve tövbe etmesini istedi, o da tövbe etti. Uyeyne'nin Medine'de Hz. Ömer'in huzuruna gelmesi durumu düzeldikten ve fetihlerde bulunduktan sonradır. Uyeyne' de bedevilere mahsus katılık vardı. "O, Ömer'in yakın adamlarındandır." Sözünün anlamı şöyle izah edilir: Buhari bundan sonra bunun sebebini şöyle açıklar: "Kurra" yani ibadete düşkün olan alimler "Ömer'in meclisine gelip gidenlerdi." Bu ifade, el-Hurr'un da bu özelliklere sahip olduğunu göstermektedir. "Senin bu emırin (halifenin) katında herhangi bir itibarın var mı?" Bu Uyeyne'nin katılıkları arasındadır. Çünkü "bu emir" diyeceğine, "emırü'lmu'min!n" diyebilirdi. Fakat o büyüklerin mertebelerini bilen biri değildi. "Benim için izin istesen de onunla başbaşa görüşsem." Zira Ömer evine çekildiği ve istirahat ettiği zamanlar hariç insanlardan kaçınan bir halife değildi. Bundan dolayı Uyeyne'ye "Kendisiyle baş başa kalabilmen için ondan izin isteyeceğim" demiştir. İbn Abbas dedi ki: "O" yani el-Hurr, "Uyeyne için izin istedi." Uyeyne içeri girince, "Ey Hattab'ın oğlu" dedi. Buradaki "Ey Hattab'ın oğlu" ifadesi de Uyeyne'nin kaba davranışlarından biridir. Çünkü "emıru'l-mu'minın" diyeceğine "Ey Hattab'ın oğlu" demiştir. "Allah'a yemin olsun ki bize çok vermiyorsun" yani çok vermeyeceksin. İfadede geçen "el-cezel" kelimesinin aslı, büyük miktarda odun demektir. "Hatta onu dövmeye kalkıştı." "........=onu aşamadı" cümlesinin manası, ayetin delalet ettiğinin dışında bir şey yapmadı. Tam tersine onun gereğine göre amel etti demektir. Bundan dolayı "Ömer, Allah'ın kitabının hükmü nerede ise orada dururdu" ifadesini kullanmaktadır. Yani o Allah'ın kitabında olanlarla amel eder ve onu bir yana bırakıp, daha ileri gitmezdi. Bu ifade "Bu ayet muhkemdir" görüşünü taşıyan çoğunluğun yaklaşımını takviye etmektedir. Taberi bu konuda selef alimlerinin görüşlerine yer verdikten sonra -ki bunların arasında ayetin kıtal ayetiyle neshedildiği kanaatini taşıyanlar bulunmaktadır.- Şöyle demektedir: En doğru olanı ayetin mensuh olmadığıdır. Zira Yüce Allah müşriklere meydan okuyarak Nebiine öğretisini bildirmektedir. Ayette neshe delalet eden bir unsur yoktur. Sanki ayet Hz. Nebie müşriklerden savaşması emredilmeyen kimselerle nasıl yaşayacağını tarif etmek için indirilmiştir ya da bununla Müslümanlara eğitim verilmek istenmiş ve daha öncekilerin bağışlama vasfını almaları emredilmiştir. Dolayısıyla bu, vacip olmayan hususlarda insanların birbirleriyle nasıl yaşayacaklarının Yüce Allah tarafından öğretilmesidir. Vacip olana gelince, bunu gerek yaparak, gerekse yapmayarak mutlaka yerine getirmek gerekir. Rağıb şöyle demiştir: "Af yolunu tut" ifadesinin manası alması kolayolanı al demektir. Bazıları insanlara af ile muamele et anlamına gelir demişlerdir. Buna göre mana, insanların fiillerinden ve ahlaklarından sana kolayolanı külfetsiz olarak aL. Onlardan güçlerini bitirecek olan şeyleri ve kendilerine zor olanları talep etme ki nefret edip kaçmasınlar demek olur. Bu tıpkı "Kolaylaştmnız, zorlaştırmayınız" hadisi gibidir. "Sizi bıraktığım sürece ... " Yani sizleri herhangi bir şeyi emredip, yasaklamaksızın kendi halinize bıraktığım sürece. Bu emirden maksat, hakkında vaciplik veya haramlık iner korkusuyla henüz vuku bulmamış şeyin hükmünü sormayı terk etmek ve çok soru sormayı bırakmaktır. Zira bu, genellikle kargaşa ve inatlaşmaya götürür. Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in bu emri vermesinin bir başka sebebi mükelleflere ağır gelecek bir cevap verilmesi endişesidir. Bu bazen o emre sarılmayı terke ve neticesinde emre aykırı davranmaya sebep olur. "Size bir şeyi yasak ettiğim de ondan kaçınınız." Burada geçen yasaklık, bütün yasaklıkları kapsamaktadır. Bundan içki içmek örneğinde olduğu gibi mükellefe zorla yaptırılan şeyler müstesnadır. Çoğunluğun görüşü bu doğrultudadır. Bazıları bu görüşe muhalefet etmiş ve genelliği esas alarak şöyle demişlerdir: Bir günahı işlemeye yapılan zorlama o günahı mubah kılmaz. Ancak doğru olanı, ortada geçerli bir zorlama olduğu takdirde sorumluluğun olmadığıdır. Bazı Şafı alimleri bu hükümden zinayı istisna etmişler ve şöyle demişlerdir: Zina konusunda zorlama olacağını tasavvur etmek mümkün değildir. Zira zorlama altında zina eden kimse adeta bu fiile devam etmek istiyor gibidir. Aksi takdirde bir kimsenin sebepsiz yere cinselorganının sertleşmesi, sonra ilişkiye zorlanması ve bunu nikahı olmayan bir kadınla gerçekleştirmesinde herhangi bir mani yoktur. Böyle bir durum imkansız değildir. Kişi zinayı kendi irade ve isteğiyle yaparsa zinakar olur. Netice olarak zinaya zorlama tasavvur edilebilir. "İçki gibi haram olan bir şeyle tedavi, susuzluğu gidermek ve boğaza dikilen bir lokmayı aşağıya indirmek caiz değildir" diyenler delilolarak bunu göstermişlerdir. Şafil mezhebinde sahih olan görüşe göre canı korumak amacıyla üçüncünün yani boğaza dikilen şeyi haram olan bir içecekle aşağıya indirmenin caiz olduğudur. Bu durum, darda kalan bir kimsenin ölü etini yemesine benzer. Haram nesneyle tedavi ise böyle değildir. Zira o konuda yasaklık vardır. Müslim'in (Müslim, Eşribe) Vail'den nakline göre Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem içkinin deva değil, hastalık olduğunu ifade etmiştir. Ebu Davud'un (tıb) Ebü'd-Derda'dan nakline göre Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem "Haramla tedavi olmayınız" buyurmuştur. Ebu Davud'un Ümmü Seleme'den naklettiği bir başka hadis şöyledir: "Yüce Allah ümmetimin şifasını onlara haram kıldığı şeylerde yaratmamıştır." Susuzluğa gelince, içki içmekle susuzluk gitmez. Zira bu haram bir şeyle tedavi niteliğindedir. Doğruyu en iyi Yüce Allah bilir. Gerçek olan şudur ki yasak olan şeyden kaçınma emri, -darda kalanın ölü eti yemesi örneğinde olduğu gibi- yasak olan bir fiili işleme izni sözkonusu olmadığı sürece genelliği üzeredir. "Bir şeyi emrettiğimde onu gücünüz yettiği kadar yapınız." Yani onu gücünüz yettiği oranda işleyiniz. Nevevı şöyle demiştir: Bu cümle cevamiu'l-kelim örneklerindendir ve İslamın kaidelerinden biridir. Birçok ahkam bu hükme dahildir. Namazın bir rüknünü veya şartını yerine getirmekten aciz olan kimse, gücünün yettiği kadarını yapar. Abdest, avret yerini örtme, Fatiha'nın bir kısmını ezberleme, tamamını vermeye gücü yetmeyen kimselerin fitrenin bir kısmını vermesi, bir mazerete dayalı olarak Ramazan' da orucunu bozan, sonra gün içinde oruç tutabilecek güce sahip olan kimsenin günün kalan kısmında oruçlu durması. Daha bunun dışında açıklaması uzun sürecek bir çok mesele buraya dahildir. Bir başkası şöyle demiştir: Hadise göre bazı şeyleri yapmaktan aciz olan kimseden gücünün yettiğini yapması sorumluluğu düşürmez. Bazı fıkıh bilginleri bunu şöyle formüle etmişlerdir: Meysur (güç yeten hareket), ma'sur ile (zor olan şeyle) düşmez. Aynı şekilde namazın bazı fiillerini yerine getirmeye gücü yetmeyen kimseden, gücünün yettiği rükünleri yapmasının sorumluluğu düşmez. Bu hadisten şari' tarafından yasaklık sabit olmadığı sürece bütün eşyada aslolanın mubah olduğu sonucu çıkarılmıştır. Yine meseleleri çoğaltmanın ve bu konuda derinlemesine gitmenin yasaklığı, bu hadise dayandırılmıştır. Beğavı Şerhu's-Sünne isimli eserinde şöyle der: Meseleler iki yönlüdür: Birincisi dini konulardan ihtiyaç duyulanları öğretme tarzındadır. Bu caizdir hatta "Eğer bilmiyorsdnız, bilenlere sorunuz" (Nahl 43) ayet-i kerimesi dolayısıyla bu, emredilmiştir. Sahabilerin enfal, kelale ve başka konularda sordukları sorular bu tür sorulardır. İkincisi soru sorarak karşı tarafı köşeye sıkıştırma ve yapmacık davranma yollu sorulardır. Bu hadiste kastedilen bu tip sorulardır. Doğruyu en iyi Yüce Allah bilir. Sözkonusu yaklaşımı hadiste bunu yasaklama ile ilgili gelen ifadeler ve selefin kınaması teyit etmektedir. Ahmed b. Hanbel'in Muaviye'den nakline göre Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem "İnsanı hataya düşüren zor meseleleri sormayı yasaklamıştır."(Ahmed b. Hanbel, V, 435) Evzaı şöyle demiştir: Hadiste geçen "el-uğIut...' zor olan meselelerdir. Evzai de şöyle demiştir: "Yüce Allah, kulunu ilmin bereketinden mahrum etmek istediğinde onun diline yanıltıcı sorular sordurur. Ben bu kimseleri insanların arasında ilmi en az olan güruh olarak gördüm." İbn Vehb'in na.kline göre İmam Malik şöyle demiştir: "İlimde riyakarlık, ilmin nurunu insanın kalbinden alıp götürür." İbnü'l-Arabi ise şöyle der: Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem döneminde soru sormanın yasaklığı, onlara ağır gelecek hükümlerin inebileceği korkusuna dayanıyordu. Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem'den sonra artık bu korkudan emin olunmuştur. Fakat selef bilginlerinden konuşmanın mekruhluğuna dair gelen nakillerin çoğunluğu, henüz vuku bulmamış meselelerle ilgilidir." İmam Malik şöyle der: "Bu -alimler hariç- haram değilse mekruhtur. Alimler ise meseleleri dallara ayırmışlar, hazır hale getirmişlerdir. Yüce Allah onlardan sonra gelenleri bu hükümlerle yararlandırmıştır. Özellikle alimler gittikten ve ilim yeryüzünde yok olduktan sonra. Bir alim için mekruhluk, bu fiilin onu bundan daha önemli olan şeyle ilgilenmekten alıkoyması durumunda sözkonusu olur. Dolayısıyla çok vuku bulan şeyi nadiren meydana gelenlerden ayırmakta fayda vardır. Özellikle öğrenilmesinin kolayolması açısından muhtasarlarda böyle davranmalıdır. Yardım dilenecek tek varlık Yüce Allah'tır. Hadis-i şerif şu anda ihtiyaç duyulmayan şeyi bırakarak acilen ihtiyaç duyulan daha önemli şeyle meşgulolmak gerektiğine işaret etmektedir. Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem adeta şöyle buyurmaktadır: Emredilenleri yapıp, yasak edilenlerden kaçınmalısınız. Henüz vuku bulmamış şeylerin hükmünü sormakla meşgulolmak yerine bunlarla meşgulolunuz. Bir müslümanın Yüce Allah'tan ve Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem'den gelen şeyleri araştırması, sonra bunları anlamak için çaba harcaması ve ne anlama geldiği konusunda kafa yorması daha uygundur. Müslüman bundan sonra öğrendikleriyle amel etmekle meşgulolur. Bunlar ilmi şeylerdense bunları doğrulamakla ve hakikatine inanmakla meşgulolur. Şayet ameli hususlardan ise bütün gücünü onları yapmak ve yapmamak noktasında harcar. Buna karşılık kişinin ilgisi emir ve yasağı duyduğunda duyduğu şeyin gereğine göre ameletmekten yüz çevirerek vuku bulması mümkün olan veya olmayan birtakım durumları öngörmeye yönelikse işte bu, yasaklık kapsamına giren hareketlerdendir. Dinde ah karnı derinlemesine öğrenmeye çalışmak ancak -cedel ve tartışma maksadıyla değil- gereğince amel etmek maksadıyla olunca güzel bir fiil olarak kabul edilir

    ہم سے اسماعیل بن ابی اویس نے بیان کیا، کہا مجھ سے امام مالک نے بیان کیا، ان سے ابوالزناد نے، ان سے اعرج نے، ان سے ابوہریرہ رضی اللہ عنہ نے کہ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا ”جب تک میں تم سے یکسو رہوں تم بھی مجھے چھوڑ دو ( اور سوالات وغیرہ نہ کرو ) کیونکہ تم سے پہلے کی امتیں اپنے ( غیر ضروری ) سوال اور انبیاء کے سامنے اختلاف کی وجہ سے تباہ ہو گئیں۔ پس جب میں تمہیں کسی چیز سے روکوں تو تم بھی اس سے پرہیز کرو اور جب میں تمہیں کسی بات کا حکم دوں تو بجا لاؤ جس حد تک تم میں طاقت ہو۔“

    আবূ হুরাইরাহ (রাঃ) নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম থেকে বর্ণনা করেছেন। তিনি বলেছেনঃ তোমরা আমাকে প্রশ্ন করা থেকে বিরত থাক, যে পর্যন্ত না আমি তোমাদের কিছু না বলি। কেননা, তোমাদের আগে যারা ছিল, তারা তাদের নবীদেরকে বেশি বেশি প্রশ্ন করা ও নবীদের (নবীদের) সঙ্গে মতভেদ করার জন্যই ধ্বংস হয়েছে। তাই আমি যখন তোমাদেরকে কোন ব্যাপারে নিষেধ করি, তখন তাত্থেকে বেঁচে থাক। আর যদি কোন বিষয়ে আদেশ করি তাহলে সাধ্য অনুসারে মেনে চল। [মুসলিম ১৫/৭৩, হাঃ ১৩৩৭, আহমাদ ৯৭৮৭] (আধুনিক প্রকাশনী- ৬৭৭৮, ইসলামিক ফাউন্ডেশন)

    நபி (ஸல்) அவர்கள் கூறினார்கள்: நான் எதை (செய்யுங்கள் என்றோ, செய்ய வேண்டாமென்றோ ஒன்றும் கூறாமல்) உங்களு(டைய முடிவு)க்கு விட்டுவிட்டேனோ அதை(ப் பற்றி எதுவும் கேட்காமல்) நீங்களும் விட்டுவிடுங்கள். உங்களுக்குமுன் வாழ்ந்தவர்களை அழித்ததெல்லாம் அவர்கள் தங்கள் இறைத்தூதர்களிடம் (அதிகமாகக்) கேள்வி கேட்டதும் அவர்களுடன் கருத்து வேறுபாடு கொண்டதும்தான். ஒன்றைச் செய்ய வேண்டாமென உங்களுக்கு நான் தடை விதித்தால் அதிóருந்து நீங்கள் விலகிக்கொள்ளுங்கள். ஒன்றைச் செய்யுமாறு உங்களுக்கு நான் கட்டளையிட்டால் அதை உங்களால் முடிந்த அளவுக்குச் செய்யுங்கள். இதை அபூஹுரைரா (ரலி) அவர்கள் அறிவிக்கிறார்கள். அத்தியாயம் :