• 236
  • عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِهِ : " بَيْنَمَا أَنَا فِي الحَطِيمِ ، - وَرُبَّمَا قَالَ : فِي الحِجْرِ - مُضْطَجِعًا إِذْ أَتَانِي آتٍ ، فَقَدَّ : قَالَ : وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : فَشَقَّ مَا بَيْنَ هَذِهِ إِلَى هَذِهِ - فَقُلْتُ لِلْجَارُودِ وَهُوَ إِلَى جَنْبِي : مَا يَعْنِي بِهِ ؟ قَالَ : مِنْ ثُغْرَةِ نَحْرِهِ إِلَى شِعْرَتِهِ ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : مِنْ قَصِّهِ إِلَى شِعْرَتِهِ - فَاسْتَخْرَجَ قَلْبِي ، ثُمَّ أُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوءَةٍ إِيمَانًا ، فَغُسِلَ قَلْبِي ، ثُمَّ حُشِيَ ثُمَّ أُعِيدَ ، ثُمَّ أُتِيتُ بِدَابَّةٍ دُونَ البَغْلِ ، وَفَوْقَ الحِمَارِ أَبْيَضَ ، - فَقَالَ لَهُ الجَارُودُ : هُوَ البُرَاقُ يَا أَبَا حَمْزَةَ ؟ قَالَ أَنَسٌ : نَعَمْ - يَضَعُ خَطْوَهُ عِنْدَ أَقْصَى طَرْفِهِ ، فَحُمِلْتُ عَلَيْهِ ، فَانْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ ، فَقِيلَ مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جِبْرِيلُ ، قِيلَ : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ ، قِيلَ : وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قِيلَ : مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ فَفَتَحَ ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا فِيهَا آدَمُ ، فَقَالَ : هَذَا أَبُوكَ آدَمُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَرَدَّ السَّلاَمَ ، ثُمَّ قَالَ : مَرْحَبًا بِالِابْنِ الصَّالِحِ ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ ، ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ ، فَاسْتَفْتَحَ قِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جِبْرِيلُ ، قِيلَ : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ ، قِيلَ : وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قِيلَ : مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ فَفَتَحَ ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يَحْيَى وَعِيسَى ، وَهُمَا ابْنَا الخَالَةِ ، قَالَ : هَذَا يَحْيَى وَعِيسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا ، فَسَلَّمْتُ فَرَدَّا ، ثُمَّ قَالاَ : مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ ، ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ ، فَاسْتَفْتَحَ ، قِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جِبْرِيلُ ، قِيلَ : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ ، قِيلَ : وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قِيلَ : مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ فَفُتِحَ ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يُوسُفُ ، قَالَ : هَذَا يُوسُفُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ : مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ ، ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ فَاسْتَفْتَحَ ، قِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جِبْرِيلُ ، قِيلَ : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ ، قِيلَ : أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قِيلَ : مَرْحَبًا بِهِ ، فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ فَفُتِحَ ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِلَى إِدْرِيسَ ، قَالَ : هَذَا إِدْرِيسُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ : مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ ، ثُمَّ صَعِدَ بِي ، حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الخَامِسَةَ فَاسْتَفْتَحَ ، قِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جِبْرِيلُ ، قِيلَ : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ ، قِيلَ : وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قِيلَ : مَرْحَبًا بِهِ ، فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا هَارُونُ ، قَالَ : هَذَا هَارُونُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ : مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ ، ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ السَّادِسَةَ فَاسْتَفْتَحَ ، قِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جِبْرِيلُ ، قِيلَ : مَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ ، قِيلَ : وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : مَرْحَبًا بِهِ ، فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا مُوسَى ، قَالَ : هَذَا مُوسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ : مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ ، فَلَمَّا تَجَاوَزْتُ بَكَى ، قِيلَ لَهُ : مَا يُبْكِيكَ ؟ قَالَ : أَبْكِي لِأَنَّ غُلاَمًا بُعِثَ بَعْدِي يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَكْثَرُ مِمَّنْ يَدْخُلُهَا مِنْ أُمَّتِي ، ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ ، قِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جِبْرِيلُ ، قِيلَ : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ ، قِيلَ : وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : مَرْحَبًا بِهِ ، فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ : هَذَا أَبُوكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ ، قَالَ : فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلاَمَ ، قَالَ : مَرْحَبًا بِالِابْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ ، ثُمَّ رُفِعَتْ إِلَيَّ سِدْرَةُ المُنْتَهَى ، فَإِذَا نَبْقُهَا مِثْلُ قِلاَلِ هَجَرَ ، وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الفِيَلَةِ ، قَالَ : هَذِهِ سِدْرَةُ المُنْتَهَى ، وَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ : نَهْرَانِ بَاطِنَانِ وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ ، فَقُلْتُ : مَا هَذَانِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ : أَمَّا البَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِي الجَنَّةِ ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالفُرَاتُ ، ثُمَّ رُفِعَ لِي البَيْتُ المَعْمُورُ ، ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ ، وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ ، وَإِنَاءٍ مِنْ عَسَلٍ ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَقَالَ : هِيَ الفِطْرَةُ الَّتِي أَنْتَ عَلَيْهَا وَأُمَّتُكَ ، ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ الصَّلَوَاتُ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ ، فَرَجَعْتُ فَمَرَرْتُ عَلَى مُوسَى ، فَقَالَ : بِمَا أُمِرْتَ ؟ قَالَ : أُمِرْتُ بِخَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ ، قَالَ : إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ ، وَإِنِّي وَاللَّهِ قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ المُعَالَجَةِ ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ ، فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِعَشْرِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ ، فَرَجَعْتُ فَقَالَ مِثْلَهُ ، فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى ، فَقَالَ : بِمَ أُمِرْتَ ؟ قُلْتُ : أُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ ، قَالَ : إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ ، وَإِنِّي قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ المُعَالَجَةِ ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ ، قَالَ : سَأَلْتُ رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ ، وَلَكِنِّي أَرْضَى وَأُسَلِّمُ ، قَالَ : فَلَمَّا جَاوَزْتُ نَادَى مُنَادٍ : أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي ، وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي "

    حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِهِ : بَيْنَمَا أَنَا فِي الحَطِيمِ ، - وَرُبَّمَا قَالَ : فِي الحِجْرِ - مُضْطَجِعًا إِذْ أَتَانِي آتٍ ، فَقَدَّ : قَالَ : وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : فَشَقَّ مَا بَيْنَ هَذِهِ إِلَى هَذِهِ - فَقُلْتُ لِلْجَارُودِ وَهُوَ إِلَى جَنْبِي : مَا يَعْنِي بِهِ ؟ قَالَ : مِنْ ثُغْرَةِ نَحْرِهِ إِلَى شِعْرَتِهِ ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : مِنْ قَصِّهِ إِلَى شِعْرَتِهِ - فَاسْتَخْرَجَ قَلْبِي ، ثُمَّ أُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوءَةٍ إِيمَانًا ، فَغُسِلَ قَلْبِي ، ثُمَّ حُشِيَ ثُمَّ أُعِيدَ ، ثُمَّ أُتِيتُ بِدَابَّةٍ دُونَ البَغْلِ ، وَفَوْقَ الحِمَارِ أَبْيَضَ ، - فَقَالَ لَهُ الجَارُودُ : هُوَ البُرَاقُ يَا أَبَا حَمْزَةَ ؟ قَالَ أَنَسٌ : نَعَمْ - يَضَعُ خَطْوَهُ عِنْدَ أَقْصَى طَرْفِهِ ، فَحُمِلْتُ عَلَيْهِ ، فَانْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ ، فَقِيلَ مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جِبْرِيلُ ، قِيلَ : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ ، قِيلَ : وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قِيلَ : مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ فَفَتَحَ ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا فِيهَا آدَمُ ، فَقَالَ : هَذَا أَبُوكَ آدَمُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَرَدَّ السَّلاَمَ ، ثُمَّ قَالَ : مَرْحَبًا بِالِابْنِ الصَّالِحِ ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ ، ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ ، فَاسْتَفْتَحَ قِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جِبْرِيلُ ، قِيلَ : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ ، قِيلَ : وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قِيلَ : مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ فَفَتَحَ ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يَحْيَى وَعِيسَى ، وَهُمَا ابْنَا الخَالَةِ ، قَالَ : هَذَا يَحْيَى وَعِيسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا ، فَسَلَّمْتُ فَرَدَّا ، ثُمَّ قَالاَ : مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ ، ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ ، فَاسْتَفْتَحَ ، قِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جِبْرِيلُ ، قِيلَ : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ ، قِيلَ : وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قِيلَ : مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ فَفُتِحَ ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يُوسُفُ ، قَالَ : هَذَا يُوسُفُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ : مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ ، ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ فَاسْتَفْتَحَ ، قِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جِبْرِيلُ ، قِيلَ : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ ، قِيلَ : أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قِيلَ : مَرْحَبًا بِهِ ، فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ فَفُتِحَ ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِلَى إِدْرِيسَ ، قَالَ : هَذَا إِدْرِيسُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ : مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ ، ثُمَّ صَعِدَ بِي ، حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الخَامِسَةَ فَاسْتَفْتَحَ ، قِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جِبْرِيلُ ، قِيلَ : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ ، قِيلَ : وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قِيلَ : مَرْحَبًا بِهِ ، فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا هَارُونُ ، قَالَ : هَذَا هَارُونُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ : مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ ، ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ السَّادِسَةَ فَاسْتَفْتَحَ ، قِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جِبْرِيلُ ، قِيلَ : مَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ ، قِيلَ : وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : مَرْحَبًا بِهِ ، فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا مُوسَى ، قَالَ : هَذَا مُوسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ : مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ ، فَلَمَّا تَجَاوَزْتُ بَكَى ، قِيلَ لَهُ : مَا يُبْكِيكَ ؟ قَالَ : أَبْكِي لِأَنَّ غُلاَمًا بُعِثَ بَعْدِي يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَكْثَرُ مِمَّنْ يَدْخُلُهَا مِنْ أُمَّتِي ، ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ ، قِيلَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : جِبْرِيلُ ، قِيلَ : وَمَنْ مَعَكَ ؟ قَالَ : مُحَمَّدٌ ، قِيلَ : وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : مَرْحَبًا بِهِ ، فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ ، فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ : هَذَا أَبُوكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ ، قَالَ : فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلاَمَ ، قَالَ : مَرْحَبًا بِالِابْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ ، ثُمَّ رُفِعَتْ إِلَيَّ سِدْرَةُ المُنْتَهَى ، فَإِذَا نَبْقُهَا مِثْلُ قِلاَلِ هَجَرَ ، وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الفِيَلَةِ ، قَالَ : هَذِهِ سِدْرَةُ المُنْتَهَى ، وَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ : نَهْرَانِ بَاطِنَانِ وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ ، فَقُلْتُ : مَا هَذَانِ يَا جِبْرِيلُ ؟ قَالَ : أَمَّا البَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِي الجَنَّةِ ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالفُرَاتُ ، ثُمَّ رُفِعَ لِي البَيْتُ المَعْمُورُ ، ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ ، وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ ، وَإِنَاءٍ مِنْ عَسَلٍ ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَقَالَ : هِيَ الفِطْرَةُ الَّتِي أَنْتَ عَلَيْهَا وَأُمَّتُكَ ، ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ الصَّلَوَاتُ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ ، فَرَجَعْتُ فَمَرَرْتُ عَلَى مُوسَى ، فَقَالَ : بِمَا أُمِرْتَ ؟ قَالَ : أُمِرْتُ بِخَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ ، قَالَ : إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ ، وَإِنِّي وَاللَّهِ قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ المُعَالَجَةِ ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ ، فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِعَشْرِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ ، فَرَجَعْتُ فَقَالَ مِثْلَهُ ، فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى ، فَقَالَ : بِمَ أُمِرْتَ ؟ قُلْتُ : أُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ ، قَالَ : إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ ، وَإِنِّي قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ المُعَالَجَةِ ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ ، قَالَ : سَأَلْتُ رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ ، وَلَكِنِّي أَرْضَى وَأُسَلِّمُ ، قَالَ : فَلَمَّا جَاوَزْتُ نَادَى مُنَادٍ : أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي ، وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي

    ثغرة: الثغرة : موضع أسفل الرقبة وأعلى الصدر
    نحره: النحر : موضع الذبح من الرقبة
    بطست: الطست : إناء كبير مستدير من نحاس أو نحوه
    حشي: حُشِي : مُلِئَ
    دون: دون : أقل من
    البغل: البغل : المتولد من بين الحمار والفرس ، وهو عقيم
    البراق: البراق : الدَّابة التي ركبها النبي ليلة الإسراء والمعراج
    طرفه: الطرف : النظر
    خلصت: خلص : وصل
    تجاوزت: جاوز الشيء : مر عليه وعبره وتخطاه
    نبقها: نبقها : ثمرها
    قلال: القلال : جمع القلة وهي الجرة الكبيرة
    سدرة المنتهى: السدرة : شجرة عظيمة في الملأ الأعلى عندها ينتهي علم الخلائق
    البيت: البيت المعمور : بيت في السماء يدخله سبعون ألف ملك ولا يعودون
    الفطرة: الفطرة : السنة ، والخلقة الأولى ، والطبيعة السليمة لم تشب بعيب ، ودين الله : الإسلام
    بَيْنَمَا أَنَا فِي الحَطِيمِ ، - وَرُبَّمَا قَالَ : فِي
    حديث رقم: 3060 في صحيح البخاري كتاب بدء الخلق باب ذكر الملائكة
    حديث رقم: 3239 في صحيح البخاري كتاب أحاديث الأنبياء باب قول الله عز وجل: {وهل أتاك حديث موسى إذ رأى نارا} [طه: 10]- إلى قوله - {بالواد المقدس طوى} "
    حديث رقم: 3273 في صحيح البخاري كتاب أحاديث الأنبياء باب قول الله تعالى ذكر رحمة ربك عبده زكرياء، إذ نادى
    حديث رقم: 264 في صحيح مسلم كِتَابُ الْإِيمَانَ بَابُ الْإِسْرَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى السَّمَاوَاتِ ،
    حديث رقم: 3421 في جامع الترمذي أبواب تفسير القرآن باب ومن سورة ألم نشرح
    حديث رقم: 447 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الصلاة فرض الصلاة , وذكر اختلاف الناقلين في إسناد حديث أنس بن مالك رضي الله عنه , واختلاف ألفاظهم فيه
    حديث رقم: 303 في صحيح ابن خزيمة كِتَابُ الصَّلَاةِ بَابُ بَدْءِ فَرْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ
    حديث رقم: 17526 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الشَّامِيِّينَ حَدِيثُ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 17527 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الشَّامِيِّينَ حَدِيثُ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 17528 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الشَّامِيِّينَ حَدِيثُ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 17525 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الشَّامِيِّينَ حَدِيثُ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 17529 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الشَّامِيِّينَ حَدِيثُ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 48 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الْإِسْرَاءِ ذِكْرُ وَصْفِ الْإِسْرَاءِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْتِ
    حديث رقم: 7538 في صحيح ابن حبان كِتَابُ إِخْبَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ ، رِجَالِهُمْ ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى الَّتِي هِيَ نِهَايَةُ ظِلَالِ أَهْلِ
    حديث رقم: 304 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الصَّلَاةِ فَرْضُ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 16346 في المعجم الكبير للطبراني
    حديث رقم: 16345 في المعجم الكبير للطبراني
    حديث رقم: 1562 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 1174 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الطَّهَارَة جُمَّاعُ أَبْوَابِ الْمَاءِ الَّذِي يَنْجُسُ وَالَّذِي لَا يَنْجُسُ
    حديث رقم: 192 في السنن الصغير للبيهقي كِتَابُ الصَّلَاةِ بَابُ مُبْتَدَأِ فَرْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ
    حديث رقم: 251 في مستخرج أبي عوانة كِتَابُ الْإِيمَانِ بَيَانُ غَسْلِ قَلْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَاءِ زَمْزَمَ بَعْدَ
    حديث رقم: 252 في مستخرج أبي عوانة كِتَابُ الْإِيمَانِ بَيَانُ غَسْلِ قَلْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَاءِ زَمْزَمَ بَعْدَ
    حديث رقم: 253 في مستخرج أبي عوانة كِتَابُ الْإِيمَانِ بَيَانُ غَسْلِ قَلْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَاءِ زَمْزَمَ بَعْدَ
    حديث رقم: 5406 في معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني الأسمَاء مَالِكُ بْنُ صَعْصَعَةَ الْأَنْصَارِيُّ رَوَى عَنْهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ
    حديث رقم: 115 في الزهد لهناد بن السري الزهد لهناد بن السري بَابُ شَجَرِ الْجَنَّةِ
    حديث رقم: 181 في غريب الحديث لإبراهيم الحربي غَرِيبُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَابُ : شعر
    حديث رقم: 1016 في أخبار مكة للفاكهي أخبار مكة للفاكهي بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ زَمْزَمَ وَتَفْسِيرِهِ
    حديث رقم: 100 في معجم ابن الأعرابي بَابُ المُحمدين بَابُ المُحمدين
    حديث رقم: 1837 في الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم مَالِكُ بْنُ صَعْصَعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 250 في مستخرج أبي عوانة كِتَابُ الْإِيمَانِ بَيَانُ غَسْلِ قَلْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَاءِ زَمْزَمَ بَعْدَ
    حديث رقم: 1035 في مستخرج أبي عوانة بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَنْ صَلَّى الْمَكْتُوبَةَ وَحْدَهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إِعَادَتُهَا بَيَانُ أَصْلِ فَرْضِ الصَّلَوَاتِ وَعَدَدِهَا وَمَا حُطَّ مِنْهَا وَخُفِّفَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ

    [3887] قَوْلُهُ عَنْ أَنَسٍ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ بَدْءِ الْخَلْقِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ قَتَادَةَ حَدَّثَنَا أَنَسٌ قَوْلُهُ عَنْ مَالِكِ بن صعصعة أَي بن وَهْبِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ مِنْ بني النجار مَاله فِي الْبُخَارِيِّ وَلَا فِي غَيْرِهِ سِوَى هَذَا الحَدِيث وَلَا يعرف رَوَى عَنْهُ إِلَّا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَوْلُهُ حَدَّثَهُ عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ أُسْرِيَ بِهِ وَكَذَا لِلنَّسَفِيِّ وَقَوْلُهُ أُسْرِيَ بِهِصِفَةُ لَيْلَةٍ أَيْ أُسْرِيَ بِهِ فِيهَا قَوْلُهُ فِي الْحَطِيمِ وَرُبَّمَا قَالَ فِي الْحِجْرِ هُوَ شَكٌّ مِنْ قَتَادَةَ كَمَا بَيَّنَهُ أَحْمَدُ عَنْ عَفَّانَ عَنْ هَمَّامٍ وَلَفْظُهُ بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ فِي الْحَطِيمِ وَرُبَّمَا قَالَ قَتَادَةُ فِي الْحِجْرِ وَالْمُرَادُ بِالْحَطِيمِ هُنَا الْحِجْرُ وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ الْمُرَادُ بِهِ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ أَوْ بَيْنَ زَمْزَمَ وَالْحِجْرِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي الْحَطِيمِ هَلْ هُوَ الْحِجْرُ أَمْ لَا كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي بَابِ بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ لَكِنِ الْمُرَادُ هُنَا بَيَانُ الْبُقْعَةِ الَّتِي وَقَعَ ذَلِكَ فِيهَا وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا لَمْ تَتَعَدَّدْ لِأَنَّ الْقِصَّةَ مُتَّحِدَةٌ لِاتِّحَادِ مَخْرَجِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ بَدْءِ الْخَلْقِ بِلَفْظِ بَيْنَا أَنَا عِنْدَ الْبَيْتِ وَهُوَ أَعَمُّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ فُرِّجَ سَقْفُ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ وَفِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ بِأَسَانِيدِهِ أَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ مِنْ شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ وَفِي حَدِيثِ أُمِّ هَانِئٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ أَنَّهُ بَاتَ فِي بَيْتِهَا قَالَ فَفَقَدْتُهُ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ أَنَّهُ نَامَ فِي بَيْتِ أُمِّ هَانِئٍ وَبَيْتُهَا عِنْدَ شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ فَفُرِّجَ سَقْفُ بَيْتِهِ وَأَضَافَ الْبَيْتَ إِلَيْهِ لِكَوْنِهِ كَانَ يَسْكُنُهُ فَنَزَلَ مِنْهُ الْمَلَكُ فَأَخْرَجَهُ مِنَ الْبَيْتِ إِلَى الْمَسْجِدِ فَكَانَ بِهِ مُضْطَجِعًا وَبِهِ أَثَرُ النُّعَاسِ ثُمَّ أَخْرَجَهُ الْمَلَكُ إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَأَرْكَبَهُ الْبُرَاقُ وَقَدْ وَقَعَ فِي مُرْسَلِ الْحَسَنِ عِنْدَ بن إِسْحَاقَ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَاهُ فَأَخْرَجَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَأَرْكَبَهُ الْبُرَاقُ وَهُوَ يُؤَيِّدُ هَذَا الْجَمْعَ وَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِي نُزُولِهِ عَلَيْهِ مِنَ السَّقْفِ الْإِشَارَةُ إِلَى الْمُبَالَغَةِ فِي مُفَاجَأَتِهِ بِذَلِكَ وَالتَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ أَنْ يَعْرُجَ بِهِ إِلَى جِهَةِ الْعُلُوِّ قَوْلُهُ مُضْطَجِعًا زَادَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى ابْتِدَاء الْحَال ثمَّ لما خرج بِهِ إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَأَرْكَبَهُ الْبُرَاقُ اسْتَمَرَّ فِي يَقَظَتِهِ وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ شَرِيكٍ الْآتِيَةِ فِي التَّوْحِيدِ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ فَلَمَّا اسْتَيْقَظْتُ فَإِنْ قُلْنَا بِالتَّعَدُّدِ فَلَا إِشْكَالَ والا حمل على ان المُرَاد باستيقظت أَفَقْتُ أَيْ أَنَّهُ أَفَاقَ مِمَّا كَانَ فِيهِ مِنْ شَغْلِ الْبَالِ بِمُشَاهَدَةِ الْمَلَكُوتِ وَرَجَعَ إِلَى الْعَالَمِ الدُّنْيَوِيِّ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي جَمْرَةَ لَوْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم انه كَانَ يقظان لَأَخْبَرَ بِالْحَقِّ لِأَنَّ قَلْبَهُ فِي النَّوْمِ وَالْيَقَظَةِ سَوَاءٌ وَعَيْنُهُ أَيْضًا لَمْ يَكُنِ النَّوْمُ تَمَكَّنَ مِنْهَا لَكِنَّهُ تَحَرَّى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصِّدْقَ فِي الْإِخْبَارِ بِالْوَاقِعِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُعْدَلُ عَنْ حَقِيقَةِ اللَّفْظِ لِلْمَجَازِ إِلَّا لِضَرُورَةٍ قَوْلُهُ إِذْ أَتَانِي آتٍ هُوَ جِبْرِيلُ كَمَا تَقَدَّمَ وَوَقَعَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ بِلَفْظِ وَذَكَرَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ وَهُوَ مُخْتَصَرٌ وَقَدْ أَوْضَحَتْهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ بِلَفْظِ إِذْ سَمِعْتُ قَائِلًا يَقُولُ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَأَتَيْتُ فَانْطُلِقَ بِي وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّجُلَيْنِ حَمْزَةُ وَجَعْفَرٌ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ نَائِمًا بَيْنَهُمَا وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ مَا كَانَ فِيهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّوَاضُعِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ وَفِيهِ جَوَازُ نَوْمِ جَمَاعَةٍ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَثَبَتَ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَجْتَمِعُوا فِي لِحَافٍ وَاحِدٍ قَوْلُهُ فَقَدَّ بِالْقَافِ وَالدَّالِ الثَّقِيلَةِ قَالَ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فَشَقَّ الْقَائِلُ قَتَادَةُ وَالْمَقُولُ عَنْهُ أَنَسٌ وَلِأَحْمَدَ قَالَ قَتَادَةُ وَرُبَّمَا سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ فَشَقَّ قَوْلُهُ فَقُلْتُ لِلْجَارُودِ لَمْ أَرَ مَنْ نَسَبَهُ من الروَاة وَلَعَلَّه بن أبي سيرة الْبَصْرِيُّ صَاحِبُ أَنَسٍ فَقَدْ أَخْرَجَ لَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ أَنَسٍ حَدِيثًا غَيْرَ هَذَا قَوْلُهُ مِنْ ثُغْرَةٍ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ الْمَوْضِعُ الْمُنْخَفِضُ الَّذِي بَيْنَ التَّرْقُوَتَيْنِ قَوْلُهُ إِلَى شِعْرَتِهِ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ شَعْرُ الْعَانَةِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ إِلَى أَسْفَلَ بَطْنِهِ وَفِي بَدْءِ الْخَلْقِ مِنَ النَّحْرِ إِلَى مَرَاقِّ بَطْنِهِ وَتَقَدَّمَ ضَبْطُهُ فِي أَوَائِلِ الصَّلَاةِ قَوْلُهُ مِنْ قَصِّهِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ رَأْسُ صَدْرِهِ قَوْلُهُ إِلَى شِعْرَتِهِ ذَكَرَ الْكَرْمَانِيُّ أَنَّهُ وَقَعَ إِلَى ثُنَّتِهِ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالْعَانَةِ وَقَدِ اسْتَنْكَرَ بَعْضُهُمْ وُقُوعُ شَقِّ الصَّدْرِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَقَالَ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ وَهُوَ صَغِيرٌ فِي بَنِي سَعْدٍ وَلَا إِنْكَارَ فِي ذَلِكَ فَقَدْ تَوَارَدَتِ الرِّوَايَاتُ بِهِ وَثَبَتَ شَقُّ الصَّدْرِ أَيْضًا عِنْدَ الْبَعْثَةِ كَمَا أَخْرَجَهُ أَبُونعيم فِي الدَّلَائِل وَلكُل مِنْهُمَا حِكْمَةٌ فَالْأَوَّلُ وَقَعَ فِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ كَمَا عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ فَأَخْرَجَ عَلْقَمَةُ فَقَالَ هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ وَكَانَ هَذَا فِي زَمَنِ الطُّفُولِيَّةِ فَنَشَأَ عَلَى أَكْمَلِ الْأَحْوَالِ مِنَ الْعِصْمَةِ مِنَ الشَّيْطَانِ ثُمَّ وَقَعَ شَقُّ الصَّدْرِ عِنْدَ الْبَعْثِ زِيَادَةً فِي إِكْرَامِهِ لِيَتَلَقَّى مَا يُوحَى إِلَيْهِ بِقَلْبٍ قَوِيٍّ فِي أَكْمَلِ الْأَحْوَالِ مِنَ التَّطْهِيرِ ثُمَّ وَقَعَ شَقُّ الصَّدْرِ عِنْدَ إِرَادَةِ الْعُرُوجِ إِلَى السَّمَاءِ لِيَتَأَهَّبَ لِلْمُنَاجَاةِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْحِكْمَةُ فِي هَذَا الْغَسْلِ لِتَقَعَ الْمُبَالَغَةُ فِي الْإِسْبَاغِ بِحُصُولِ الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي شَرْعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْحِكْمَةُ فِي انْفِرَاجِ سَقْفِ بَيْتِهِ الْإِشَارَةَ إِلَى مَا سَيَقَعُ مِنْ شَقِّ صَدْرِهِ وَأَنَّهُ سَيَلْتَئِمُ بِغَيْرِ مُعَالَجَةٍ يَتَضَرَّرُ بِهَا وَجَمِيعُ مَا وَرَدَ مِنْ شَقِّ الصَّدْرِ وَاسْتِخْرَاجِ الْقَلْبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الْخَارِقَةِ لِلْعَادَةِ مِمَّا يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ دُونَ التَّعَرُّضِ لِصَرْفِهِ عَنْ حَقِيقَتِهِ لِصَلَاحِيَّةِ الْقُدْرَةِ فَلَا يَسْتَحِيلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ لَا يُلْتَفَتُ لِإِنْكَارِ الشَّقِّ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ لِأَنَّ رُوَاتَهُ ثِقَاتٌ مَشَاهِيرُ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ بِطَسْتٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَبِكَسْرِهِ وَبِمُثَنَّاةٍ وَقد تحذف وَهُوَ الْأَكْثَر واثباتها لُغَة طئ وَأَخْطَأَ مَنْ أَنْكَرَهَا قَوْلُهُ مِنْ ذَهَبٍ خُصَّ الطَّسْتُ لِكَوْنِهِ أَشْهَرَ آلَاتِ الْغُسْلِ عُرْفًا وَالذَّهَبُ لِكَوْنِهِ أَعْلَى أَنْوَاعِ الْأَوَانِي الْحِسِّيَّةِ وَأَصْفَاهَا وَلِأَنَّ فِيهِ خَوَاصَّ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ وَيَظْهَرُ لَهَا هُنَا مُنَاسَبَاتٌ مِنْهَا أَنَّهُ مِنْ أَوَانِي الْجَنَّةِ وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا تَأْكُلُهُ النَّارُ وَلَا التُّرَابُ وَلَا يَلْحَقُهُ الصَّدَأُ وَمِنْهَا أَنَّهُ أَثْقَلُ الْجَوَاهِرِ فَنَاسَبَ ثِقَلَ الْوَحْيِ وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ وَغَيْرُهُ إِنْ نُظِرَ إِلَى لَفْظِ الذَّهَبِ نَاسَبَ مِنْ جِهَةِ إِذْهَابِ الرِّجْسِ عَنْهُ وَلِكَوْنِهِ وَقَعَ عِنْدَ الذَّهَابِ إِلَى رَبِّهِ وَإِنْ نُظِرَ إِلَى مَعْنَاهُ فَلِوَضَاءَتِهِ وَنَقَائِهِ وَصَفَائِهِ وَلِثِقَلِهِ وَرَسُوبَتِهِ وَالْوَحْيُ ثَقِيلٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى انا سنلقي عَلَيْك قولا ثقيلا وَمن ثقلت مَوَازِينه فاولئك هم المفلحون وَلِأَنَّهُ أَعَزُّ الْأَشْيَاءِ فِي الدُّنْيَا وَالْقَوْلُ هُوَ الْكِتَابُ الْعَزِيزُ وَلَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَحْرُمَ اسْتِعْمَالُ الذَّهَبِ فِي هَذِهِ الشَّرِيعَةِ وَلَا يَكْفِي أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْمُسْتَعْمِلَ لَهُ كَانَ مِمَّنْ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ ذَلِكَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَدْ حَرُمَ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُهُ لَنُزِّهَ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ غَيْرُهُ فِي أَمْرٍ يَتَعَلَّقُ بِبَدَنِهِ الْمُكَرَّمِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ تَحْرِيمَ اسْتِعْمَالِهِ مَخْصُوصٌ بِأَحْوَالِ الدُّنْيَا وَمَا وَقَعَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ كَانَ الْغَالِبُ أَنَّهُ مِنْ أَحْوَالِ الْغَيْبِ فَيَلْحَقُ بِأَحْكَامِ الْآخِرَةِ قَوْلُهُ مَمْلُوءَةٍ كَذَا بِالتَّأْنِيثِ وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ الْبَحْثُ فِيهِ قَوْلُهُ إِيمَانًا زَادَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ وَحِكْمَةً وَهُمَا بِالنَّصْبِ عَلَى التَّمْيِيزِ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّ الطَّسْتَ كَانَ فِيهَا شَيْءٌ يَحْصُلُ بِهِ زِيَادَةٌ فِي كَمَالِ الْإِيمَانِ وَكَمَالِ الْحِكْمَةِ وَهَذَا الْمَلْءُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَتَجْسِيدُ الْمَعَانِي جَائِزٌ كَمَا جَاءَ أَنَّ سُورَةَ الْبَقَرَةِ تَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهَا ظُلَّةٌ وَالْمَوْتُ فِي صُورَةِ كَبْشٍ وَكَذَلِكَ وَزْنُ الْأَعْمَالِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَحْوَالِ الْغَيْبِ وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ لَعَلَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ التَّمْثِيلِ إِذْ تَمْثِيلُ الْمَعَانِي قَدْ وَقَعَ كَثِيرًا كَمَا مُثِّلَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فِي عُرْضِ الْحَائِطِ وَفَائِدَتُهُ كَشْفُ الْمَعْنَوِيِّ بِالْمَحْسُوسِ وَقَالَ بن أَبِي جَمْرَةَ فِيهِ أَنَّ الْحِكْمَةَ لَيْسَ بَعْدَ الْإِيمَانِ أَجَلُّ مِنْهَا وَلِذَلِكَ قُرِنَتْ مَعَهُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خيرا كثيرا وَأَصَحُّ مَا قِيلَ فِي الْحِكْمَةِ أَنَّهَا وَضْعُ الشَّيْءِ فِي مَحَلِّهِ أَوِ الْفَهْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَعَلَى التَّفْسِيرِ الثَّانِي قَدْ تُوجَدُ الْحِكْمَةُ دُونَ الْإِيمَانِ وَقَدْ لَا تُوجَدُ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَقَدْ يَتَلَازَمَانِ لِأَنَّ الْإِيمَانَ يَدُلُّ عَلَى الْحِكْمَةِ قَوْلُهُ فَغَسَلَ قَلْبِي فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَاسْتَخْرَجَ قَلْبِي فَغُسِلَ بِمَاءِ زَمْزَمَ وَفِيهِ فَضِيلَةُ مَاءِ زَمْزَم على جَمِيع الْمِيَاه قَالَ بن أَبِي جَمْرَةَ وَإِنَّمَا لَمْ يُغْسَلْ بِمَاءِ الْجَنَّةِ لِمَا اجْتَمَعَ فِي مَاءِ زَمْزَمَ مِنْ كَوْنِ أَصْلِ مَائِهَا مِنَ الْجَنَّةِ ثُمَّ اسْتَقَرَّ فِي الْأَرْضِ فَأُرِيدَ بِذَلِكَ بَقَاءُ بَرَكَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَرْضِ وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ لَمَّا كَانَتْ زَمْزَمُ هَزْمَةَ جِبْرِيلَ رُوحِ الْقُدْسِ لِأُمِّ إِسْمَاعِيلَ جَدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسَبَ أَنْ يُغْسَلَ بِمَائِهَا عِنْدَ دُخُولِ حَضْرَةِ الْقُدْسِ وَمُنَاجَاتِهِ وَمِنَالْمُنَاسِبَاتِ الْمُسْتَبْعَدَةِ قَوْلُ بَعْضِهِمْ إِنَّ الطَّسْتَ يُنَاسِبُ طس تِلْكَ آيَات الْقُرْآن قَوْلُهُ ثُمَّ حُشِيَ ثُمَّ أُعِيدَ زَادَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مَكَانَهُ ثُمَّ حُشِيَ إِيمَانًا وَحِكْمَةً وَفِي رِوَايَةِ شَرِيكٍ فَحُشِيَ بِهِ صَدْرُهُ وَلَغَادِيدُهُ بِلَامٍ وَغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ عُرُوقُ حَلْقِهِ وَقَدِ اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَةِ عَلَى مَا يُدْهَشُ سَامِعُهُ فَضْلًا عَمَّنْ شَاهَدَهُ فَقَدْ جَرَتِ الْعَادَةُ بِأَنَّ مَنْ شُقَّ بَطْنُهُ وَأُخْرِجَ قَلْبُهُ يَمُوتُ لَا مَحَالَةَ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ ذَلِكَ ضَرَرًا وَلَا وَجَعًا فَضْلًا عَن غير ذَلِك قَالَ بن أَبِي جَمْرَةَ الْحِكْمَةُ فِي شَقِّ قَلْبِهِ مَعَ الْقُدْرَة على ان يمتلىء قلبه إِيمَانًا وَحِكْمَةً بِغَيْرِ شَقٍّ الزِّيَادَةُ فِي قُوَّةِ الْيَقِينِ لِأَنَّهُ أُعْطِيَ بِرُؤْيَةِ شَقِّ بَطْنِهِ وَعَدَمِ تَأَثُّرِهِ بِذَلِكَ مَا أَمِنَ مَعَهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَخَاوِفِ الْعَادِيَةِ فَلِذَلِكَ كَانَ أَشْجَعَ النَّاسِ وَأَعْلَاهُمْ حَالًا وَمَقَالًا وَلِذَلِكَ وُصِفَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى مَا زاغ الْبَصَر وَمَا طَغى وَاخْتُلِفَ هَلْ كَانَ شَقُّ صَدْرِهِ وَغَسْلُهُ مُخْتَصًّا بِهِ أَوْ وَقَعَ لِغَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي قِصَّةِ تَابُوتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ كَانَ فِيهِ الطَّسْتُ الَّتِي يُغْسَلُ فِيهَا قُلُوبُ الْأَنْبِيَاءِ وَهَذَا مُشْعِرٌ بِالْمُشَارَكَةِ وَسَيَأْتِي نَظِيرُ هَذَا الْبَحْثِ فِي رُكُوبِ الْبُرَاقِ قَوْلُهُ ثُمَّ أُتِيتُ بِدَابَّةٍ قِيلَ الْحِكْمَةُ فِي الْإِسْرَاءِ بِهِ رَاكِبًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى طَيِّ الْأَرْضِ لَهُ إِشَارَة إِلَى أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ تَأْنِيسًا لَهُ بِالْعَادَةِ فِي مَقَامِ خَرْقِ الْعَادَةِ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِأَنَّ الْمَلِكَ إِذَا اسْتَدْعَى مَنْ يَخْتَصُّ بِهِ يَبْعَثُ إِلَيْهِ بِمَا يَرْكَبُهُ قَوْلُهُ دُونَ الْبَغْلِ وَفَوْقَ الْحِمَارِ أَبْيَضُ كَذَا ذُكِرَ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَرْكُوبًا أَوْ بِالنَّظَرِ لِلَفْظِ الْبُرَاقِ وَالْحِكْمَةُ لِكَوْنِهِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ الرُّكُوبَ كَانَ فِي سِلْمٍ وَأَمْنٍ لَا فِي حَرْبٍ وَخَوْفٍ أَوْ لِإِظْهَارِ الْمُعْجِزَةِ بِوُقُوعِ الْإِسْرَاعِ الشَّدِيدِ بِدَابَّةٍ لَا تُوصَفُ بِذَلِكَ فِي الْعَادَةِ قَوْلُهُ فَقَالَ لَهُ الْجَارُودُ هُوَ الْبُرَاقُ يَا أَبَا حَمْزَةَ قَالَ أَنَسٌ نَعَمْ هَذَا يُوَضِّحُ أَنَّ الَّذِي وَقَعَ فِي رِوَايَةِ بَدْءِ الْخَلْقِ بِلَفْظِ دُونَ الْبَغْلِ وَفَوْقَ الْحِمَارِ الْبُرَاقُ أَيْ هُوَ الْبُرَاقُ وَقَعَ بِالْمَعْنَى لِأَنَّ أَنَسًا لَمْ يَتَلَفَّظْ بِلَفْظِ الْبُرَاقِ فِي رِوَايَةِ قَتَادَةَ قَوْلُهُ يَضَعُ خَطْوَهُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ أَوَّلَهُ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ وَبِضَمِّهَا الْفَعْلَةُ قَوْلُهُ عِنْدَ أَقْصَى طَرْفِهِ بِسُكُونِ الرَّاءِ وَبِالْفَاءِ أَيْ نَظَرِهِ أَيْ يَضَعُ رِجْلَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى مايرى بَصَره وَفِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى وَالْبَزَّارِ إِذَا أَتَى عَلَى جَبَلٍ ارْتَفَعَتْ رِجْلَاهُ وَإِذَا هَبَطَ ارْتَفَعَتْ يَدَاهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ سَعْدٍ عَنِ الْوَاقِدِيِّ بِأَسَانِيدِهِ لَهُ جَنَاحَانِ وَلَمْ أَرَهَا لِغَيْرِهِ وَعِنْدَ الثَّعْلَبِيّ بِسَنَد ضَعِيف عَن بن عَبَّاسٍ فِي صِفَةِ الْبُرَاقِ لَهَا خَدٌّ كَخَدِّ الْإِنْسَان وَعرف كالفرس وقوائم كالابل واظلاف وَذَنَبٌ كَالْبَقَرِ وَكَانَ صَدْرُهُ يَاقُوتَةً حَمْرَاءَ قِيلَ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَرْكِ تَسْمِيَةِ سَيْرِ الْبُرَاقِ طَيَرَانًا أَنَّ اللَّهَ إِذَا أَكْرَمَ عَبْدًا بِتَسْهِيلِ الطَّرِيقِ لَهُ حَتَّى قَطَعَ الْمَسَافَةَ الطَّوِيلَةَ فِي الزَّمَنِ الْيَسِيرِ أَنْ لَا يَخْرُجَ بِذَلِكَ عَنِ اسْمِ السَّفَرِ وَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ وَالْبُرَاقُ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ مُشْتَقٌّ مِنَ الْبَرِيقِ فَقَدْ جَاءَ فِي لَوْنِهِ أَنَّهُ أَبْيَضُ أَوْ مِنَ الْبَرْقِ لِأَنَّهُ وَصَفَهُ بِسُرْعَةِ السَّيْرِ أَوْ مِنْ قَوْلِهِمْ شَاةٌ بَرْقَاءُ إِذَا كَانَ خِلَالَ صُوفِهَا الْأَبْيَضِ طَاقَاتٌ سُودٌ وَلَا يُنَافِيهِ وَصْفُهُ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّ الْبُرَاقَ أَبْيَضُ لِأَنَّ الْبَرْقَاءَ مِنَ الْغَنَمِ مَعْدُودَةٌ فِي الْبَيَاضِ انْتَهَى وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يكون مشتقا قَالَ بن أَبِي جَمْرَةَ خُصَّ الْبُرَاقُ بِذَلِكَ إِشَارَةً إِلَى الِاخْتِصَاصِ بِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ أَحَدًا مَلَكَهُ بِخِلَافِ غَيْرِ جِنْسِهِ مِنَ الدَّوَابِّ قَالَ وَالْقُدْرَةُ كَانَتْ صَالِحَةً لِأَنْ يَصْعَدَ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ بُرَاقٍ وَلَكِنْ رُكُوبَ الْبُرَاقِ كَانَ زِيَادَةً لَهُ فِي تَشْرِيفِهِ لِأَنَّهُ لَوْ صَعِدَ بِنَفْسِهِ لَكَانَ فِي صُورَةِ مَاشٍ وَالرَّاكِبُ أَعَزُّ مِنَ الْمَاشِي قَوْلُهُ فَحُمِلْتُ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي سَعِيدٍ فِي شَرَفِ الْمُصْطَفَى فَكَانَ الَّذِي أَمْسَكَ بِرِكَابِهِ جِبْرِيلُ وَبِزِمَامِ الْبُرَاقِ مِيكَائِيلُ وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ أُتِيَ بِالْبُرَاقِ مُسَرَّجًا مُلَجَّمًا فَاسْتَصْعَبَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا فوَاللَّه ماركبك خَلْقٌ قَطُّ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْهُ قَالَ فَارْفَضَّ عَرَقًا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّوَقَالَ حسن غَرِيب وَصَححهُ بن حبَان وَذكر بن إِسْحَاقَ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ لَمَّا شَمَسَ وَضَعَ جِبْرِيلُ يَدَهُ عَلَى مَعْرِفَتِهِ فَقَالَ أَمَا تَسْتَحِي فَذَكَرَ نَحْوَهُ مُرْسَلًا لَمْ يَذْكُرْ أَنَسًا وَفِي رِوَايَة وثيمة عَن بن إِسْحَاقَ فَارْتَعَشَتْ حَتَّى لَصِقَتْ بِالْأَرْضِ فَاسْتَوَيْتُ عَلَيْهَا وللنسائي وبن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَنَسٍ نَحْوَهُ مَوْصُولًا وَزَادَ وَكَانَتْ تُسَخَّرُ لِلْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ وَنَحْوَهُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْد بن إِسْحَاقَ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْبُرَاقَ كَانَ مُعَدًّا لِرُكُوبِ الْأَنْبِيَاءِ خِلَافًا لِمَنْ نَفَى ذَلِكَ كَابْنِ دِحْيَةَ وَأَوَّلَ قَوْلِ جِبْرِيلَ فَمَا رَكِبَكَ اكرم على الله مِنْهُ أَي ماركبك أَحَدٌ قَطُّ فَكَيْفَ يَرْكَبُكَ أَكْرَمُ مِنْهُ وَقَدْ جَزَمَ السُّهَيْلِيُّ أَنَّ الْبُرَاقَ إِنَّمَا اسْتَصْعَبَ عَلَيْهِ لِبُعْدِ عَهْدِهِ بِرُكُوبِ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الزُّبَيْدِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْعَيْنِيِّ وَتَبِعَهُ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ كَانَ الْأَنْبِيَاءُ يَرْكَبُونَ الْبُرَاقَ قَالَ وَهَذَا يَحْتَاجُ إِلَى نَقْلٍ صَحِيحٍ قُلْتُ قَدْ ذَكَرْتُ النَّقْلَ بِذَلِكَ وَيُؤَيِّدُهُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي تَرْبِطُ بِهَا الْأَنْبِيَاءُ وَوَقَعَ فِي الْمُبْتَدَأِ لِابْنِ إِسْحَاقَ مِنْ رِوَايَةِ وَثِيمَةَ فِي ذِكْرِ الْإِسْرَاءِ فَاسْتَصْعَبَتِ الْبُرَاقُ وَكَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تَرْكَبُهَا قَبْلِي وَكَانَتْ بَعِيدَةَ الْعَهْدِ بِرُكُوبِهِمْ لَمْ تَكُنْ رُكِبَتْ فِي الفترة وَفِي مغازي بن عَائِذٍ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ الْبُرَاقُ هِيَ الدَّابَّةُ الَّتِي كَانَ يَزُورُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهَا إِسْمَاعِيلَ وَفِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَنْ أَبِيهِ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبُرَاقِ فَحَمَلَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَعِنْدَ أبي يعلى وَالْحَاكِم من حَدِيث بن مَسْعُودٍ رَفَعَهُ أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ فَرَكِبْتُ خَلْفَ جِبْرِيلَ وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ فَمَا زَايَلَا ظَهْرَ الْبُرَاقِ وَفِي كِتَابِ مَكَّةَ لِلْفَاكِهِيِّ وَالْأَزْرَقِيِّ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ يَحُجُّ عَلَى الْبُرَاقِ وَفِي أَوَائِلِ الرَّوْضِ لِلسُّهَيْلِيِّ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ حَمَلَ هَاجَرَ عَلَى الْبُرَاقِ لَمَّا سَارَ إِلَى مَكَّةَ بِهَا وَبِوَلَدِهَا فَهَذِهِ آثَارٌ يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا وَجَاءَتْ آثَارٌ أُخْرَى تَشْهَدُ لِذَلِكَ لَمْ أَرَ الْإِطَالَةَ بِإِيرَادِهَا وَمِنَ الْأَخْبَارِ الْوَاهِيَةِ فِي صِفَةِ الْبُرَاقِ مَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ مُقَاتِلٍ وَأَوْرَدَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ وَمِنْ قَبْلِهِ الثَّعْلَبِيُّ مِنْ طَرِيق بن الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ الْمَوْتُ وَالْحَيَاةُ جِسْمَانِ فَالْمَوْتُ كَبْشٌ لايجد رِيحَهُ شَيْءٌ إِلَّا مَاتَ وَالْحَيَاةُ فَرَسٌ بَلْقَاءُ أُنْثَى وَهِيَ الَّتِي كَانَ جِبْرِيلُ وَالْأَنْبِيَاءُ يَرْكَبُونَهَا لاتمر بِشَيْءٍ وَلَا يَجِدُ رِيحَهَا شَيْءٌ إِلَّا حَيِيَ وَمِنْهَا أَنَّ الْبُرَاقَ لَمَّا عَاتَبَهُ جِبْرِيلُ قَالَ لَهُ مُعْتَذِرًا إِنَّهُ مَسَّ الصَّفْرَاءَ الْيَوْمَ وَإِنَّ الصَّفْرَاءَ صَنَمٌ مِنْ ذَهَبٍ كَانَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ وَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهِ فَقَالَ تَبًّا لِمَنْ يَعْبُدُكَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ أَنْ يَمَسَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ وكسره يَوْم فتح مَكَّة قَالَ بن الْمُنِيرِ إِنَّمَا اسْتَصْعَبَ الْبُرَاقُ تِيهًا وَزَهْوًا بِرُكُوبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَأَرَادَ جِبْرِيلُ اسْتِنْطَاقَهُ فَلِذَلِكَ خَجِلَ وَارْفَضَّ عَرَقًا مِنْ ذَلِكَ وَقَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ رَجْفَةُ الْجَبَلِ بِهِ حَتَّى قَالَ لَهُ اثْبُتْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدٌ فَإِنَّهَا هَزَّةُ الطَّرِبِ لَا هَزَّةَ الْغَضَبِ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ قَالَ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبُرَاقِ فَلَمْ يُزَايِلْ ظَهْرَهُ هُوَ وَجِبْرِيلُ حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَهَذَا لَمْ يُسْنِدْهُ حُذَيْفَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيحْتَمل انه قَالَ عَنِ اجْتِهَادٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ هُوَ وَجِبْرِيلُ يَتَعَلَّقُ بِمُرَافَقَتِهِ فِي السَّيْرِ لَا فِي الرّكُوب قَالَ بن دِحْيَةَ وَغَيْرُهُ مَعْنَاهُ وَجِبْرِيلُ قَائِدٌ أَوْ سَائِقٌ أَوْ دَلِيلٌ قَالَ وَإِنَّمَا جَزَمْنَا بِذَلِكَ لِأَنَّ قِصَّةَ الْمِعْرَاجِ كَانَتْ كَرَامَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا مَدْخَلَ لِغَيْرِهِ فِيهَا قُلْتُ وَيرد التَّأْوِيل الْمَذْكُور ان فِي صَحِيح بن حبَان من حَدِيث بن مَسْعُودٍ أَنَّ جِبْرِيلَ حَمَلَهُ عَلَى الْبُرَاقِ رَدِيفًا لَهُ وَفِي رِوَايَةِ الْحَارِثِ فِي مُسْنَدِهِ أُتِيَ بِالْبُرَاقِ فَرَكِبَ خَلْفَ جِبْرِيلَ فَسَارَ بِهِمَا فَهَذَا صَرِيحٌ فِي رُكُوبِهِ مَعَهُ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَيْضًا فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْمِعْرَاجَ وَقَعَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ظَهْرِ الْبُرَاقِ إِلَى ان صعد السَّمَاوَات كلهَا وَوصل إِلَى ماوصل وَرَجَعَ وَهُوَ عَلَى حَالِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا سَأَذْكُرُهُ وَلَعَلَّ حُذَيْفَةَ إِنَّمَا أَشَارَ إِلَى مَا وَقَعَ فِي لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ الْمُجَرَّدَةِ الَّتِي لَمْ يَقَعْ فِيهَا مِعْرَاجٌعَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَقْرِيرِ وُقُوعِ الْإِسْرَاءِ مَرَّتَيْنِ قَوْلُهُ فَانْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ فِي رِوَايَةِ بَدْءِ الْخَلْقِ فَانْطَلَقْتُ مَعَ جِبْرِيلَ وَلَا مُغَايَرَةَ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ مَا نَحَا إِلَيْهِ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ رِوَايَةَ بَدْءِ الْخَلْقِ تُشْعِرُ بِأَنَّهُ مَا احْتَاجَ إِلَى جِبْرِيلَ فِي الْعُرُوجِ بَلْ كَانَا مَعًا بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ لَكِنْ مُعْظَمُ الرِّوَايَاتِ جَاءَ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ بِي وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ جِبْرِيلَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ كَانَ دَلِيلًا لَهُ فِيمَا قَصَدَ لَهُ فَلِذَلِكَ جَاءَ سِيَاقُ الْكَلَامِ يُشْعِرُ بِذَلِكَ قَوْلُهُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ اسْتَمَرَّ عَلَى الْبُرَاقِ حَتَّى عَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَام بن أَبِي جَمْرَةَ الْمَذْكُورِ قَرِيبًا وَتَمَسَّكَ بِهِ أَيْضًا مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمِعْرَاجَ كَانَ فِي لَيْلَةٍ غَيْرِ لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَأَمَّا الْعُرُوجُ فَفِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِنَ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْبُرَاقِ بَلْ رَقِيَ الْمِعْرَاجَ وَهُوَ السُّلَّمَ كَمَا وَقَعَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي حَدِيث أبي سعيد عِنْد بن إِسْحَاقَ وَالْبَيْهَقِيِّ فِي الدَّلَائِلِ وَلَفْظُهُ فَإِذَا أَنَا بِدَابَّةٍ كَالْبَغْلِ مُضْطَرِبَ الْأُذُنَيْنِ يُقَالُ لَهُ الْبُرَاقُ وَكَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تَرْكَبُهُ قَبْلِي فَرَكِبْتُهُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ ثُمَّ دَخَلْتُ أَنَا وَجِبْرِيلُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَصليت ثمَّ أتيت بالمعراج وَفِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَمَّا فَرَغْتُ مِمَّا كَانَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ أُتِيَ بِالْمِعْرَاجِ فَلَمْ أَرَ قَطُّ شَيْئًا كَانَ أَحْسَنَ مِنْهُ وَهُوَ الَّذِي يَمُدُّ إِلَيْهِ الْمَيِّتُ عَيْنَيْهِ إِذَا حُضِرَ فَأَصْعَدَنِي صَاحِبِي فِيهِ حَتَّى انْتَهَى بِي إِلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ السَّمَاءِ الْحَدِيثَ وَفِي رِوَايَةِ كَعْبٍ فَوُضِعَتْ لَهُ مَرْقَاةٌ مِنْ فِضَّةٍ وَمَرْقَاةٌ مِنْ ذَهَبٍ حَتَّى عَرَجَ هُوَ وَجِبْرِيلُ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي سَعِيدٍ فِي شَرَفِ الْمُصْطَفَى أَنَّهُ أُتِيَ بِالْمِعْرَاجِ مِنْ جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ وَأَنَّهُ مُنَضَّدٌ بِاللُّؤْلُؤِ وَعَنْ يَمِينِهِ مَلَائِكَةٌ وَعَنْ يَسَارِهِ مَلَائِكَةٌ وَأَمَّا الْمُحْتَجُّ بِالتَّعَدُّدِ فَلَا حُجَّةَ لَهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ التَّقْصِيرُ فِي ذَلِكَ الْإِسْرَاءِ مِنَ الرَّاوِي وَقَدْ حَفِظَهُ ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ فَوَصَفَهُ قَالَ فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي تَرْبِطُ بِهَا الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجْتُ فَجَاءَنِي جِبْرِيلُ بِإِنَاءَيْنِ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ قَالَ ثُمَّ عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ دَالٌّ عَلَى الِاتِّحَادِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْبَحْثِ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ وَقَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ ثَابِتٍ فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ أَنْكَرَهُ حُذَيْفَةُ فَرَوَى أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ قَالَ تُحَدِّثُونَ أَنَّهُ رَبَطَهُ أَخَافَ أَنْ يَفِرَّ مِنْهُ وَقَدْ سَخَّرَهُ لَهُ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ الْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي يَعْنِي مَنْ أَثْبَتَ رَبْطَ الْبُرَاقِ وَالصَّلَاةَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ مَعَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ عَلَى مَنْ نَفَى ذَلِكَ فَهُوَ أَوْلَى بِالْقَبُولِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بُرَيْدَةَ عِنْدَ الْبَزَّارِ لَمَّا كَانَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ فَأَتَى جِبْرِيلُ الصَّخْرَةَ الَّتِي بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ فَوَضَعَ إِصْبَعَهُ فِيهَا فَخَرَقَهَا فَشَدَّ بِهَا الْبُرَاقَ وَنَحْوَهُ لِلتِّرْمِذِيِّ وَأَنْكَرَ حُذَيْفَةُ أَيْضًا فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ لَوْ صَلَّى فِيهِ لَكُتِبَ عَلَيْكُمُ الصَّلَاةُ فِيهِ كَمَا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصَّلَاةُ فِي الْبَيْتِ الْعَتِيقِ وَالْجَوَابُ عَنْهُ مَنْعُ التَّلَازُمِ فِي الصَّلَاةِ إِنْ كَانَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْفَرْضُ وَإِنْ أَرَادَ التَّشْرِيعَ فَنَلْتَزَمُهُ وَقَدْ شَرَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَرَنَهُ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِهِ فِي شَدِّ الرِّحَالِ وَذَكَرَ فَضِيلَةَ الصَّلَاةِ فِيهِ فِي غَيْرِ مَا حَدِيثٍ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَأَوْثَقْتُ دَابَّتِي بِالْحَلْقَةِ الَّتِي كَانَتِ الْأَنْبِيَاءُ تَرْبِطُ بِهَا وَفِيهِ فَدَخَلْتُ أَنَا وَجِبْرِيلُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ فَصَلَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا رَكْعَتَيْنِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ نَحْوَهُ وَزَادَ ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَعَرَفْتُ النَّبِيِّينَ مِنْ بَيْنِ قَائِمٍ وَرَاكِعٍ وَسَاجِدٍ ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ وَفِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَنَسٍ عِنْد بن أَبِي حَاتِمٍ فَلَمْ أَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى اجْتَمَعَ نَاسٌ كَثِيرٌ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ فَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَقُمْنَا صُفُوفًا نَنْتَظِرُ مَنْ يَؤُمُّنَا فَأَخَذَ بِيَدِي جِبْرِيلُ فَقَدَّمَنِي فَصَلَّيْتُ بِهِمْ وَفِي حَدِيثِ بنمَسْعُودٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ وَفِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ عِنْدَ أَحْمَدَ فَلَمَّا أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى قَامَ يُصَلِّي فَإِذَا النَّبِيُّونَ أَجْمَعُونَ يُصَلُّونَ مَعَهُ وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ عِنْدَ أَحْمَدَ أَيْضًا أَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ قَالَ أُصَلِّي حَيْثُ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَقَدَّمَ إِلَى الْقِبْلَةِ فَصَلَّى وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ قَالَ عِيَاضٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى بِالْأَنْبِيَاءِ جَمِيعًا فِي بَيْتِ الْمُقَدّس ثمَّ صعد مِنْهُم إِلَى السَّمَاوَاتِ مَنْ ذَكَرَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَآهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُ بِهِمْ بَعْدَ أَنْ هَبَطَ مِنَ السَّمَاءِ فَهَبَطُوا أَيْضًا وَقَالَ غَيْرُهُ رُؤْيَتُهُ إِيَّاهُمْ فِي السَّمَاءِ مَحْمُولَةٌ عَلَى رُؤْيَةِ أَرْوَاحِهِمْ إِلَّا عِيسَى لِمَا ثَبَتَ أَنَّهُ رُفِعَ بِجَسَدِهِ وَقَدْ قِيلَ فِي إِدْرِيسَ أَيْضًا ذَلِكَ وَأَمَّا الَّذِينَ صَلَّوْا مَعَهُ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَيَحْتَمِلُ الْأَرْوَاحَ خَاصَّةً وَيَحْتَمِلُ الْأَجْسَادَ بِأَرْوَاحِهَا وَالْأَظْهَرُ أَنَّ صَلَاتَهُ بِهِمْ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ كَانَ قَبْلَ الْعُرُوجِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ السَّمَاءَ الدُّنْيَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي ذِكْرِ الْأَنْبِيَاءِ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ إِلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ السَّمَاءِ يُقَالُ لَهُ بَابُ الْحَفَظَةِ وَعَلَيْهِ مَلَكٌ يُقَالُ لَهُ إِسْمَاعِيلُ وَتَحْتَ يَدِهِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَلَكٍ قَوْلُهُ فَاسْتَفْتَحَ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ وَأَنَّ قَوْلَهُمْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ أَيْ لِلْعُرُوجِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَصْلَ الْبَعْثِ لأ ن ذَلِكَ كَانَ قَدِ اشْتُهِرَ فِي الْمَلَكُوتِ الْأَعْلَى وَقِيلَ سَأَلُوا تَعَجُّبًا مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَوِ اسْتِبْشَارًا بِهِ وَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ بَشَرًا لَا يَتَرَقَّى هَذَا التَّرَقِّي إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنَّ جِبْرِيلَ لَا يَصْعَدُ بِمَنْ لَمْ يُرْسَلْ إِلَيْهِ وَقَوْلُهُ مَنْ مَعَكَ يُشْعِرُ بِأَنَّهُمْ أَحَسُّوا مَعَهُ بِرَفِيقٍ وَإِلَّا لَكَانَ السُّؤَالُ بِلَفْظِ أَمَعَكَ أَحَدٌ وَذَلِكَ الْإِحْسَاسُ إِمَّا بِمُشَاهَدَةٍ لِكَوْنِ السَّمَاءِ شَفَّافَةً وَإِمَّا بِأَمْرٍ مَعْنَوِيٍّ كَزِيَادَةِ أَنْوَارٍ أَوْ نَحْوِهَا يُشْعِرُ بِتَجَدُّدِ أَمْرٍ يَحْسُنُ مَعَهُ السُّؤَالُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٌ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاسْمَ أَوْلَى فِي التَّعْرِيفِ مِنَ الْكُنْيَةِ وَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِي سُؤَالِ الْمَلَائِكَةِ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ أَنَّ اللَّهَ أَرَادَ إِطْلَاعَ نَبِيِّهِ عَلَى أَنَّهُ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْمَلَأِ الْأَعْلَى لأَنهم قَالُوا أَو بعث إِلَيْهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَعْرِفُونَ أَنَّ ذَلِكَ سَيَقَعُ لَهُ وَإِلَّا لَكَانُوا يَقُولُونَ وَمَنْ مُحَمَّدٌ مَثَلًا قَوْلُهُ مَرْحَبًا بِهِ أَيْ أَصَابَ رَحَبًا وَسَعَةً وَكُنِّيَ بِذَلِكَ عَنِ الِانْشِرَاحِ وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ بن الْمُنِيرِ جَوَازَ رَدِّ السَّلَامِ بِغَيْرِ لَفْظِ السَّلَامِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ قَوْلَ الْمَلَكِ مَرْحَبًا بِهِ لَيْسَ رَدَّا لِلسَّلَامِ فَإِنَّهُ كَانَ قَبْلَ أَنْ يَفْتَحَ الْبَابَ وَالسِّيَاقُ يُرْشِدُ إِلَيْهِ وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِك بن أَبِي جَمْرَةَ وَوَقَعَ هُنَا أَنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لَهُ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَلِّمْ عَلَيْهِ قَالَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ رَآهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ قَوْلُهُ فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ قِيلَ الْمَخْصُوصُ بِالْمَدْحِ مَحْذُوفٌ وَفِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَالتَّقْدِيرُ جَاءَ فَنِعْمَ الْمَجِيءُ مجيؤه وَقَالَ بن مَالِكٍ فِي هَذَا الْكَلَامِ شَاهِدٌ عَلَى الِاسْتِغْنَاءِ بِالصِّلَةِ عَنِ الْمَوْصُولِ أَوِ الصِّفَةِ عَنِ الْمَوْصُوفِ فِي بَابِ نِعْمَ لِأَنَّهَا تَحْتَاجُ إِلَى فَاعِلٍ هُوَ الْمَجِيءُ وَإِلَى مَخْصُوصٍ بِمَعْنَاهَا وَهُوَ مُبْتَدَأٌ مُخْبَرٌ عَنْهُ بِنِعْمَ وَفَاعِلِهَا فَهُوَ فِي هَذَا الْكَلَامِ وَشَبَهِهِ مَوْصُولٌ أَوْ مَوْصُوفٌ بِجَاءَ وَالتَّقْدِيرُ نِعْمَ الْمَجِيءُ الَّذِي جَاءَ أَوْ نِعْمَ الْمَجِيءُ مَجِيءٌ جَاءَهُ وَكَوْنُهُ مَوْصُولًا أَجْوَدُ لِأَنَّهُ مُخْبَرٌ عَنْهُ وَالْمُخْبَرُ عَنْهُ إِذَا كَانَ مَعْرِفَةً أَوْلَى مِنْ كَوْنِهِ نَكِرَةً قَوْلُهُ فَإِذَا فِيهَا آدَمُ فَقَالَ هَذَا أَبُوكَ آدَمُ زَادَ فِي رِوَايَةِ أَنَسٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَوَّلَ الصَّلَاةِ ذِكْرَ النَّسَمِ الَّتِي عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ وَذَكَرْتُ هُنَاكَ احْتِمَالًا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالنَّسَمِ الْمَرْئِيَّةِ لِآدَمَ هِيَ الَّتِي لَمْ تَدْخُلِ الْأَجْسَادَ بَعْدُ ثُمَّ ظَهَرَ لِي الْآنَ احْتِمَالٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَا مَنْ خَرَجَتْ مِنَ الْأَجْسَادِ حِينَ خُرُوجِهَا لِأَنَّهَا مُسْتَقِرَّةٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ رُؤْيَةِ آدَمَ لَهَا وَهُوَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا أَنْ يُفْتَحَ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا تَلِجَهَا وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ مايؤيده وَلَفْظُهُ فَإِذَا أَنَا بِآدَمَ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَرْوَاحُ ذُرِّيَّتِهُ الْمُؤْمِنِينَ فَيَقُولُ رُوحٌ طَيِّبَةٌ وَنَفْسٌ طَيِّبَةٌ اجْعَلُوهَا فِي عِلِّيِّينَ ثُمَّ تُعْرَضُ عَلَيْهِ أَرْوَاحُ ذُرِّيَّتِهِ الْفُجَّارِ فَيَقُولُرُوحٌ خَبِيثَةٌ وَنَفْسٌ خَبِيثَةٌ اجْعَلُوهَا فِي سِجِّينٍ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الْبَزَّارِ فَإِذَا عَنْ يَمِينِهِ بَابٌ يَخْرُجُ مِنْهُ رِيحٌ طَيِّبَةٌ وَعَنْ شِمَالِهِ بَابٌ يَخْرُجُ مِنْهُ رِيحٌ خَبِيثَةٌ الْحَدِيثَ فَظَهَرَ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ عَدَمُ اللُّزُومِ الْمَذْكُورِ وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا جَمَعَ بِهِ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ أَنَّ ذَلِكَ فِي حَالَةٍ مَخْصُوصَةٍ قَوْلُهُ بِالِابْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ قِيلَ اقْتَصَرَ الْأَنْبِيَاءُ عَلَى وَصْفِهِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَتَوَارَدُوا عَلَيْهَا لِأَنَّ الصَّلَاحَ صِفَةٌ تَشْمَلُ خِلَالَ الْخَيْرِ وَلِذَلِكَ كَرَّرَهَا كُلٌّ مِنْهُمْ عِنْدَ كُلِّ صِفَةٍ وَالصَّالِحُ هُوَ الَّذِي يَقُومُ بِمَا يَلْزَمُهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ وَحُقُوقِ الْعِبَادِ فَمِنْ ثَمَّ كَانَتْ كَلِمَةً جَامِعَةً لِمَعَانِي الْخَيْرِ وَفِي قَوْلِ آدَمَ بِالِابْنِ الصَّالِحِ إِشَارَةٌ إِلَى افْتِخَارِهِ بِأُبُوَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَيَأْتِي فِي التَّوْحِيدِ بَيَانُ الْحِكْمَةِ فِي خُصُوصِ مَنَازِلِ الْأَنْبِيَاءِ مِنَ السَّمَاءِ قَوْلُهُ ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ وَفِيهِ فَإِذَا يَحْيَى وَعِيسَى وَهُمَا ابْنَا خَالَةٍ قَالَ النَّوَوِيّ قَالَ بن السِّكِّيتِ يُقَالُ ابْنَا خَالَةٍ وَلَا يُقَالُ ابْنَا عَمَّةٍ وَيُقَالُ ابْنَا عَمٍّ وَلَا يُقَالُ ابْنَا خَال اه وَلَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَ ذَلِكَ وَالسَّبَبُ فِيهِ أَنَّ ابْنَيِ الْخَالَةِ أُمُّ كُلٍّ مِنْهُمَا خَالَةُ الْآخَرِ لُزُومًا بِخِلَافِ ابْنَيِ الْعَمَّةِ وَقَدْ تَوَافَقَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ مَعَ رِوَايَةِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّ فِي الْأُولَى آدَمَ وَفِي الثَّانِيَةِ يَحْيَى وَعِيسَى وَفِي الثَّالِثَةِ يُوسُفَ وَفِي الرَّابِعَةِ إِدْرِيسَ وَفِي الْخَامِسَةِ هَارُونَ وَفِي السَّادِسَةِ مُوسَى وَفِي السَّابِعَةِ إِبْرَاهِيمَ وَخَالَفَ ذَلِكَ الزُّهْرِيُّ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ لَمْ يُثْبِتْ أَسْمَاءَهُمْ وَقَالَ فِيهِ وَإِبْرَاهِيمُ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ شَرِيكٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ إِدْرِيسَ فِي الثَّالِثَةِ وَهَارُونَ فِي الرَّابِعَةِ وَآخَرَ فِي الْخَامِسَةِ وَسِيَاقُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَضْبِطْ مَنَازِلَهُمْ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزُّهْرِيُّ وَرِوَايَةُ مَنْ ضَبَطَ أَوْلَى وَلَا سِيَّمَا مَعَ اتِّفَاقِ قَتَادَةَ وَثَابِتٍ وَقَدْ وَافَقَهُمَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَنَسٍ إِلَّا أَنَّهُ خَالَفَ فِي إِدْرِيسَ وَهَارُونَ فَقَالَ هَارُونُ فِي الرَّابِعَةِ وَإِدْرِيسُ فِي الْخَامِسَةِ وَوَافَقَهُمْ أَبُو سعيد الا ان فِي رِوَايَة يُوسُفُ فِي الثَّانِيَةِ وَعِيسَى وَيَحْيَى فِي الثَّالِثَةِ وَالْأَوَّلُ أَثْبَتُ وَقَدِ اسْتُشْكِلَ رُؤْيَةُ الْأَنْبِيَاءِ فِي السَّمَاوَاتِ مَعَ أَنَّ أَجْسَادَهُمْ مُسْتَقِرَّةٌ فِي قُبُورِهِمْ بِالْأَرْضِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَرْوَاحَهُمْ تَشَكَّلَتْ بِصُوَرِ أَجْسَادِهِمْ أَوْ أُحْضِرَتْ أَجْسَادُهُمْ لِمُلَاقَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ تَشْرِيفًا لَهُ وَتَكْرِيمًا وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ أَنَسٍ فَفِيهِ وَبُعِثَ لَهُ آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَافْهَمْ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ قَوْلُهُ فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يُوسُفُ زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ فَإِذَا هُوَ قَدْ أُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ وَأبي هُرَيْرَة عِنْد بن عَائِذٍ وَالطَّبَرَانِيِّ فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ أَحْسَنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ قَدْ فَضَلَ النَّاسَ بِالْحُسْنِ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ وَهَذَا ظَاهِرُهُ أَنَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ أَحْسَنَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ لَكِنْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا حَسَنَ الْوَجْهِ حَسَنَ الصَّوْتِ وَكَانَ نَبِيُّكُمْ أَحْسَنَهُمْ وَجْهًا وَأَحْسَنَهُمْ صَوْتًا فَعَلَى هَذَا فَيُحْمَلُ حَدِيثُ الْمِعْرَاجِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ غَيْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ الْمُتَكَلّم لايدخل فِي عُمُومِ خِطَابِهِ وَأَمَّا حَدِيثُ الْبَابِ فَقَدْ حمله بن الْمُنِيرِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ يُوسُفَ أُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ الَّذِي أُوتِيهِ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْحِكْمَةِ فِي اخْتِصَاصِ كُلٍّ مِنْهُمْ بِالسَّمَاءِ الَّتِي الْتَقَاهُ بِهَا فَقِيلَ لِيُظْهِرَ تَفَاضُلَهُمْ فِي الدَّرَجَاتِ وَقِيلَ لِمُنَاسَبَةٍ تَتَعَلَّقُ بِالْحِكْمَةِ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى هَؤُلَاءِ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَقِيلَ أُمِرُوا بِمُلَاقَاتِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَدْرَكَهُ فِي أَوَّلِ وَهْلَةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ تَأَخَّرَ فَلَحِقَ وَمِنْهُمْ مَنْ فَاتَهُ وَهَذَا زَيَّفَهُ السُّهَيْلِيُّ فَأَصَابَ وَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِي الِاقْتِصَار على هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورين للْإِشَارَة إِلَى ماسيقع لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ قَوْمِهِ مِنْ نَظِيرِ مَا وَقَعَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ فَأَمَّا آدَمُ فَوَقَعَ التَّنْبِيهُ بِمَا وَقَعَ لَهُ مِنَ الْخُرُوجِ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَى الْأَرْضِ بِمَا سَيَقَعُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَة وَالْجَامِع بَينهمَا ماحصل لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنَ الْمَشَقَّةِ وَكَرَاهَةِ فِرَاقِ مَا أَلِفَهُ مِنَ الْوَطَنِثُمَّ كَانَ مَآلُ كُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ إِلَى مَوْطِنِهِ الَّذِي أُخْرِجَ مِنْهُ وَبِعِيسَى وَيَحْيَى عَلَى مَا وَقَعَ لَهُ مِنْ أَوَّلِ الْهِجْرَةِ مِنْ عَدَاوَةِ الْيَهُودِ وَتَمَادِيهِمْ عَلَى الْبَغْيِ عَلَيْهِ وَإِرَادَتِهِمْ وُصُولَ السُّوءِ إِلَيْهِ وَبِيُوسُفَ عَلَى مَا وَقَعَ لَهُ مِنْ إِخْوَتِهِ مِنْ قُرَيْشٍ فِي نَصْبِهِمُ الْحَرْبَ لَهُ وَإِرَادَتِهِمْ هَلَاكَهُ وَكَانَتِ الْعَاقِبَةُ لَهُ وَقَدْ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ لِقُرَيْشٍ يَوْم الْفَتْح أَقُول كَمَا قَالَ يُوسُف لاتثريب عَلَيْكُم وَبِإِدْرِيسَ عَلَى رَفَيْعِ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ وَبِهَارُونَ عَلَى أَنَّ قَوْمَهُ رَجَعُوا إِلَى مَحَبَّتِهِ بَعْدَ أَنْ آذَوْهُ وَبِمُوسَى عَلَى مَا وَقَعَ لَهُ مِنْ مُعَالَجَةِ قَوْمِهِ وَقَدْ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ لَقَدْ أُوذِيَ مُوسَى بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ وَبِإِبْرَاهِيمَ فِي اسْتِنَادِهِ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ بِمَا خَتَمَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ مِنْ إِقَامَةِ مَنْسَكِ الْحَجِّ وَتَعْظِيمِ الْبَيْتِ وَهَذِهِ مُنَاسَبَاتٌ لَطِيفَةٌ أَبَدَاهَا السُّهَيْلِيُّ فأوردتها منقحة ملخصة وَقد زَاد بن الْمُنِيرِ فِي ذَلِكَ أَشْيَاءَ أَضْرَبْتُ عَنْهَا إِذْ أَكْثَرُهَا فِي الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالْإِشَارَةُ فِي هَذَا الْمَقَامِ عِنْدِي أَوْلَى مِنْ تَطْوِيلِ الْعِبَارَةِ وَذَكَرَ فِي مُنَاسَبَةِ لِقَاءِ إِبْرَاهِيمَ فِي السَّمَاءِ السَّابِعَةِ مَعْنًى لَطِيفًا زَائِدًا وَهُوَ مَا اتُّفِقَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ دُخُولِ مَكَّةَ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ وَطَوَافِهِ بِالْبَيْتِ وَلَمْ يَتَّفَقْ لَهُ الْوُصُولُ إِلَيْهَا بَعْدَ الْهِجْرَةِ قَبْلَ هَذِهِ بَلْ قَصَدَهَا فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ فَصَدُّوهُ عَن ذَلِك كَمَا تقدم بَسطه فِي كتاب الشُّرُوط قَالَ بن أَبِي جَمْرَةَ الْحِكْمَةُ فِي كَوْنِ آدَمَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْأَنْبِيَاءِ وَأَوَّلُ الْآبَاءِ وَهُوَ أَصْلٌ فَكَانَ أَوَّلًا فِي الْأُولَى وَلِأَجْلِ تَأْنِيسِ النُّبُوَّةِ بِالْأُبُوَّةِ وَعِيسَى فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ الْأَنْبِيَاءِ عَهْدًا مِنْ مُحَمَّدٍ وَيَلِيهِ يُوسُفُ لِأَنَّ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ تَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَتِهِ وَإِدْرِيسُ فِي الرَّابِعَةِ لِقَوْلِهِ وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا وَالرَّابِعَةُ مِنَ السَّبْعِ وَسَطٌ مُعْتَدِلٌ وَهَارُونُ لِقُرْبِهِ مِنْ أَخِيهِ مُوسَى وَمُوسَى أَرْفَعُ مِنْهُ لِفَضْلِ كَلَامِ اللَّهِ وَإِبْرَاهِيمُ لِأَنَّهُ الْأَبُ الْأَخِيرُ فَنَاسَبَ أَنْ يَتَجَدَّدَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلقيه أنس لتوجهه بعده إِلَى عَالم آخَرَ وَأَيْضًا فَمَنْزِلَةُ الْخَلِيلِ تَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ أَرْفَعَ الْمَنَازِلِ وَمَنْزِلَةُ الْحَبِيبِ أَرْفَعُ مِنْ مَنْزِلَتِهِ فَلِذَلِكَ ارْتَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مَنْزِلَةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَى قَابِ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى قَوْلُهُ فِي قِصَّةِ مُوسَى فَلَمَّا تَجَاوَزْتُ بَكَى قِيلَ لَهُ مَا يُبْكِيكَ قَالَ أَبْكِي لِأَنَّ غُلَامًا بُعِثَ بَعْدِي يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَكْثَرُ مِمَّنْ يَدْخُلُهَا مِنْ أُمَّتِي وَفِي رِوَايَةِ شَرِيكٍ عَنْ أَنَسٍ لَمْ أَظُنَّ أَحَدًا يُرْفَعُ عَلَيَّ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ مُوسَى يَزْعُمُ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَنِّي أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ وَهَذَا أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنِّي زَادَ الْأُمَوِيُّ فِي رِوَايَتِهِ وَلَوْ كَانَ هَذَا وَحْدَهُ هَانَ عَلَيَّ وَلَكِنْ مَعَهُ أُمَّتُهُ وَهُمْ أَفْضَلُ الْأُمَمِ عِنْدَ اللَّهِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ مَرَّ بِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُوَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَيَقُولُ أَكْرَمْتَهُ وَفَضَّلْتَهُ فَقَالَ جِبْرِيلُ هَذَا مُوسَى قُلْتُ وَمَنْ يُعَاتِبُ قَالَ يُعَاتِبُ رَبَّهُ فِيكَ قُلْتُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ عَلَى رَبِّهِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ عَرَفَ لَهُ حِدَّتَهُ وَفِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ عِنْدَ الْحَارِثِ وَأَبِي يَعْلَى وَالْبَزَّارِ وَسَمِعْتُ صَوْتًا وَتَذَمُّرًا فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ فَقَالَ هَذَا مُوسَى قُلْتُ عَلَى مَنْ تَذَمُّرُهُ قَالَ عَلَى رَبِّهِ قُلْتُ عَلَى رَبِّهِ قَالَ إِنَّهُ يَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ قَالَ الْعُلَمَاءُ لَمْ يَكُنْ بُكَاءُ مُوسَى حَسَدًا مَعَاذَ اللَّهِ فَإِنَّ الْحَسَدَ فِي ذَلِكَ الْعَالَمِ مَنْزُوعٌ عَنْ آحَادِ الْمُؤْمِنِينَ فَكَيْفَ بِمَنِ اصْطَفَاهُ اللَّهُ تَعَالَى بَلْ كَانَ أَسَفًا عَلَى مافاته مِنَ الْأَجْرِ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ رَفْعُ الدَّرَجَةِ بِسَبَبِ مَا وَقَعَ مِنْ أُمَّتِهِ مِنْ كَثْرَةِ الْمُخَالَفَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِتَنْقِيصِ أُجُورِهِمُ الْمُسْتَلْزِمُ لِتَنْقِيصِ أَجْرِهِ لِأَنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ مِثْلَ أَجْرِ كُلِّ مَنِ اتَّبَعَهُ وَلِهَذَا كَانَ مَنِ اتَّبَعَهُ مِنْ أُمَّتِهِ فِي الْعَدَدِ دُونَ مَنِ اتَّبَعَ نَبِيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ طُولِ مُدَّتِهِمْ بِالنِّسْبَةِ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ غُلَامٌ فَلَيْسَ عَلَى سَبِيلِ النَّقْصِ بَلْ عَلَى سَبِيلِ التَّنْوِيهِ بِقُدْرَةِ اللَّهِ وَعَظِيمِ كَرَمِهِ إِذْ أَعْطَى لِمَنْ كَانَ فِي ذَلِكَ السِّنِّ مَا لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا قَبْلَهُ مِمَّنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْهُ وَقَدْ وَقَعَ مِنْ مُوسَى مِنَ الْعِنَايَةِ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ أَمْرِ الصَّلَاةِ مَا لَمْ يَقَعْ لِغَيْرِهِ وَوَقَعَتِ الْإِشَارَةُ لِذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ وَالْبَزَّارِ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلْاةُوَالسَّلْامُ كَانَ مُوسَى أَشَدَّهُمْ عَلَيَّ حِينَ مَرَرْتُ بِهِ وَخَيْرَهُمْ لِي حِينَ رَجَعْتُ إِلَيْهِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فَأَقْبَلْتُ رَاجِعًا فَمَرَرْتُ بِمُوسَى وَنِعْمَ الصَّاحِبُ كَانَ لَكُمْ فَسَأَلَنِي كَمْ فَرَضَ عَلَيْك رَبك الحَدِيث قَالَ بن أَبِي جَمْرَةَ إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الرَّحْمَةَ فِي قُلُوب الْأَنْبِيَاء أَكثر مِمَّا جعل فِي قُلُوبِ غَيْرِهِمْ لِذَلِكَ بَكَى رَحْمَةً لِأُمَّتِهِ واما قَوْله هَذَا الْغُلَام فَأَشَارَ إِلَى صِغَرِ سِنِّهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْعَرَبُ تُسَمِّي الرَّجُلَ الْمُسْتَجْمِعَ السِّنِّ غُلَامًا مادامت فِيهِ بَقِيَّةٌ مِنَ الْقُوَّةِ اه وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَشَارَ إِلَى مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَى نَبِيِّنَا عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنِ اسْتِمْرَارِ الْقُوَّةِ فِي الْكُهُولِيَّةِ وَإِلَى أَنْ دَخَلَ فِي سِنِّ الشَّيْخُوخَةِ وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَى بَدَنِهِ هَرَمٌ وَلَا اعْتَرَى قُوَّتَهُ نَقْصٌ حَتَّى إِنَّ النَّاسَ فِي قُدُومِهِ الْمَدِينَةَ كَمَا سَيَأْتِي مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ لَمَّا رَأَوْهُ مُرْدِفًا أَبَا بَكْرٍ أَطْلَقُوا عَلَيْهِ اسْمَ الشَّابِّ وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ اسْمَ الشَّيْخِ مَعَ كَوْنِهِ فِي الْعُمْرِ أَسَنَّ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ الْحِكْمَةُ فِي تَخْصِيصِ مُوسَى بِمُرَاجَعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرِ الصَّلَاةِ لَعَلَّهَا لِكَوْنِ أُمَّةِ مُوسَى كُلِّفَتْ مِنَ الصَّلَوَاتِ بِمَا لَمْ تُكَلَّفْ بِهِ غَيْرُهَا مِنَ الْأُمَمِ فَثَقُلَتْ عَلَيْهِمْ فَأَشْفَقَ مُوسَى عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ وَيُشِيرُ إِلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ إِنِّي قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ انْتَهَى وَقَالَ غَيْرُهُ لَعَلَّهَا مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَنْبِيَاء من لَهُ اتِّبَاع أَكْثَرُ مِنْ مُوسَى وَلَا مَنْ لَهُ كِتَابٌ أَكْبَرُ وَلَا أَجْمَعُ لِلْأَحْكَامِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ مُضَاهِيًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَاسَبَ أَنْ يَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلُ مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرِيدَ زَوَالَهُ عَنْهُ وَنَاسَبَ أَنْ يُطْلِعَهُ عَلَى مَا وَقَعَ لَهُ وَيَنْصَحَهُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُوسَى لَمَّا غَلَبَ عَلَيْهِ فِي الِابْتِدَاءِ الْأَسَفُ عَلَى نَقْصِ حَظِّ أُمَّتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ حَتَّى تَمَنَّى مَا تَمَنَّى أَنْ يَكُونَ اسْتَدْرَكَ ذَلِكَ بِبَذْلِ النَّصِيحَةِ لَهُمْ وَالشَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ لِيُزِيلَ مَا عَسَاهُ أَنْ يُتَوَهَّمَ عَلَيْهِ فِيمَا وَقَعَ مِنْهُ فِي الِابْتِدَاءِ وَذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ رَأَى فِي مُنَاجَاتِهِ صِفَةَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَهُ مِنْهُمْ فَكَانَ إِشْفَاقُهُ عَلَيْهِمْ كَعِنَايَةِ مَنْ هُوَ مِنْهُمْ وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِأَمْرِ مُوسَى بِالتَّرْدِيدِ مِرَارًا وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ وَقَعَ مِنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مِنْ مُرَاعَاةِ جَانِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمْسَكَ عَنْ جَمِيعِ مَا وَقَعَ لَهُ حَتَّى فَارَقَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدَبًا مَعَهُ وَحُسْنَ عِشْرَةٍ فَلَمَّا فَارَقَهُ بَكَى وَقَالَ مَا قَالَ قَوْلُهُ فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ كَأَحْسَنِ الرِّجَالِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ أَشَمَطَ جَالِسٍ عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ عَلَى كُرْسِيٍّ تَكْمِلَةٌ اخْتُلِفَ فِي حَالِ الْأَنْبِيَاءِ عِنْدَ لَقْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُمْ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ هَلْ أُسْرِيَ بِأَجْسَادِهِمْ لِمُلَاقَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ أَوْ أَنَّ أَرْوَاحَهُمْ مُسْتَقِرَّةٌ فِي الْأَمَاكِنِ الَّتِي لَقِيَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَرْوَاحُهُمْ مُشَكَّلَةٌ بِشَكْلِ أَجْسَادِهِمْ كَمَا جَزَمَ بِهِ أَبُو الْوَفَاءِ بْنُ عَقِيلٍ وَاخْتَارَ الْأَوَّلَ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَاحْتَجَّ بِمَا ثَبَتَ فِي مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَأَيْتُ مُوسَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي قَائِمًا يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ لَمَّا مَرَّ بِهِ قُلْتُ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِلَازِمٍ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِرُوحِهِ اتِّصَالٌ بِجَسَدِهِ فِي الْأَرْضِ فَلِذَلِكَ يَتَمَكَّنُ مِنَ الصَّلَاةِ وَرُوحُهُ مُسْتَقِرَّةٌ فِي السَّمَاءِ قَوْلُهُ ثُمَّ رُفِعْتُ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَضَمِّ التَّاءِ مِنْ رُفِعْتُ بِضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ وَبَعْدَهُ حَرْفُ جَرٍّ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ رُفِعَتْ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ التَّاءِ أَيِ السِّدْرَةُ لِي بِاللَّامِ أَيْ مِنْ أَجْلِي وَكَذَا تَقَدَّمَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ وَيُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ رُفِعَ إِلَيْهَا أَيِ ارْتُقِيَ بِهِ وَظَهَرَتْ لَهُ وَالرَّفْعُ إِلَى الشَّيْءِ يُطْلَقُ عَلَى التَّقْرِيبِ مِنْهُ وَقَدْ قيل فِي قَوْله تَعَالَى وفرش مَرْفُوعَة أَي تقرب لَهُمْ وَوَقَعَ بَيَانُ سَبَبِ تَسْمِيَتِهَا سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى فِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَلَفْظُهُ لَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ انْتُهِيَ بِي إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَهِيَ فِي السَّمَاءِالسَّادِسَةِ وَإِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا يَعْرُجُ مِنَ الْأَرْضِ فَيُقْبَضُ مِنْهَا وَإِلَيْهَا يَنْتَهِي مَا يَهْبِطُ فَيُقْبَضُ مِنْهَا وَقَالَ النَّوَوِيُّ سُمِّيَتْ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى لِأَنَّ عِلْمَ الْمَلَائِكَةِ يَنْتَهِي إِلَيْهَا وَلَمْ يُجَاوِزْهَا أَحَدٌ إِلَّا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ وَهَذَا لَا يُعَارض حَدِيث بن مَسْعُود الْمُتَقَدّم لَكِن حَدِيث بن مَسْعُودٍ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحِ فَهُوَ أَوْلَى بِالِاعْتِمَادِ قُلْتُ وَأَوْرَدَ النَّوَوِيُّ هَذَا بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ فَقَالَ وَحكي عَن بن مَسْعُود انها سميت بذلك الخ هَكَذَا أَوْرَدَهُ فَأَشْعَرَ بِضَعْفِهِ عِنْدَهُ وَلَا سِيَّمَا وَلَمْ يُصَرِّحْ بِرَفْعِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ مَرْفُوعٌ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ ظَاهِرُ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهَا فِي السَّابِعَةِ لِقَوْلِهِ بَعْدَ ذِكْرِ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ ثُمَّ ذهب بِي إِلَى السِّدْرَة وَفِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ أَنَّهَا فِي السَّادِسَةِ وَهَذَا تَعَارُضٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَحَدِيثُ أَنَسٍ هُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ وَصْفُهَا بِأَنَّهَا الَّتِي يَنْتَهِي إِلَيْهَا عِلْمُ كُلِّ نَبِيٍّ مُرْسَلٍ وَكُلُّ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ عَلَى مَا قَالَ كَعْبٌ قَالَ وَمَا خلفهَا غيب لايعلمه إِلَّا اللَّهُ أَوْ مَنْ أَعْلَمَهُ وَبِهَذَا جَزَمَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ وَقَالَ غَيْرُهُ إِلَيْهَا مُنْتَهَى أَرْوَاحِ الشُّهَدَاءِ قَالَ وَيَتَرَجَّحُ حَدِيثُ أَنَسٍ بِأَنَّهُ مَرْفُوع وَحَدِيث بن مَسْعُودٍ مَوْقُوفٌ كَذَا قَالَ وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى الْجَمْعِ بَلْ جَزَمَ بِالتَّعَارُضِ قُلْتُ وَلَا يُعَارِضُ قَوْله انها فِي السَّادِسَة مادلت عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ وَصَلَ إِلَيْهَا بَعْدَ أَنْ دَخَلَ السَّمَاءَ السَّابِعَةَ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ أَصْلَهَا فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ وَأَغْصَانَهَا وَفُرُوعَهَا فِي السَّابِعَةِ وَلَيْسَ فِي السَّادِسَةِ مِنْهَا إِلَّا أَصْلُ سَاقِهَا وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ أَوَّلَ الصَّلَاةِ فَغَشِيَهَا أَلْوَانٌ لَا أَدْرِي مَا هِيَ وَبَقِيَّة حَدِيث بن مَسْعُودٍ الْمَذْكُورِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَة مايغشى قَالَ فرَاش من ذهب كَذَا فسر المهم فِي قَوْله مايغشى بِالْفِرَاشِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَنَسٍ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ وَذِكْرُ الْفِرَاشِ وَقَعَ عَلَى سَبِيلِ التَّمْثِيلِ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الشَّجَرِ أَنْ يَسْقُطَ عَلَيْهَا الْجَرَادُ وَشَبَهُهُ وَجَعَلَهَا مِنَ الذَّهَبِ لِصَفَاءِ لَوْنِهَا وَإِضَاءَتِهَا فِي نَفْسِهَا انْتَهَى وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الذَّهَبِ حَقِيقَةً وَيُخْلَقُ فِيهِ الطَّيَرَانُ وَالْقُدْرَةُ صَالِحَة لذَلِك وَفِي حَدِيث أبي سعيد وبن عَبَّاسٍ يَغْشَاهَا الْمَلَائِكَةُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ عَلَى كُلِّ وَرَقَةٍ مِنْهَا مَلَكٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَلَمَّا غَشِيَهَا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا غَشِيَهَا تَغَيَّرَتْ فَمَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْعَتَهَا مِنْ حُسْنِهَا وَفِي رِوَايَةِ حميد عَن أنس عِنْد بن مَرْدَوَيْهِ نَحْوَهُ لَكِنْ قَالَ تَحَوَّلَتْ قُوتًا وَنَحْوَ ذَلِكَ قَوْلُهُ فَإِذَا نَبِقُهَا بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمُوَحدَة وسكونها أَيْضا قَالَ بن دِحْيَةَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي ثَبَتَ فِي الرِّوَايَةِ أَيِ التَّحْرِيكُ وَالنَّبْقُ مَعْرُوفٌ وَهُوَ ثَمَرُ السِّدْرِ قَوْلُهُ مِثْلَ قِلَالِ هَجَرَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْقِلَالُ بِالْكَسْرِ جَمْعُ قُلَّةٍ بِالضَّمِّ هِيَ الْجِرَارُ يُرِيدُ أَنَّ ثَمَرَهَا فِي الْكُبْرِ مِثْلُ الْقِلَالِ وَكَانَتْ مَعْرُوفَةً عِنْدَ الْمُخَاطَبِينَ فَلِذَلِكَ وَقَعَ التَّمْثِيلُ بِهَا قَالَ وَهِيَ الَّتِي وَقَعَ تَحْدِيدُ الْمَاءِ الْكَثِيرِ بِهَا فِي قَوْلِهِ إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ وَقَوْلُهُ هَجَرَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالْجِيمِ بَلْدَةٌ لَا تَنْصَرِفُ لِلتَّأْنِيثِ وَالْعَلَمِيَّةِ وَيَجُوزُ الصَّرْفُ قَوْلُهُ وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا لَامٌ جَمْعُ فِيلٍ وَوَقَعَ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ مِثْلُ آذَانِ الْفُيُولِ وَهُوَ جَمْعُ فيل أَيْضا قَالَ بن دِحْيَةَ اخْتِيرَتِ السِّدْرَةُ دُونَ غَيْرِهَا لِأَنَّ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَوْصَافٍ ظِلٍّ مَمْدُودٍ وَطَعَامٍ لَذِيذٍ وَرَائِحَةٍ زَكِيَّةٍ فَكَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الْإِيمَانِ الَّذِي يَجْمَعُ الْقَوْلَ وَالْعَمَلَ وَالنِّيَّةَ وَالظِّلُّ بِمَنْزِلَةِ الْعَمَلِ وَالطَّعْمُ بِمَنْزِلَةِ النِّيَّةِ وَالرَّائِحَةُ بِمَنْزِلَةِ الْقَوْلِ قَوْلُهُ وَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ فَإِذَا فِي أَصْلِهَا أَيْ فِي أَصْلِ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ وَلِمُسْلِمٍ يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِهَا وَوَقَعَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ مِنَ الْجَنَّةِ النِّيلُ وَالْفُرَاتُ وَسَيْحَانُ وَجَيْحَانُ فَيَحْتَمِلُ ان تكونسِدْرَةُ الْمُنْتَهَى مَغْرُوسَةً فِي الْجَنَّةِ وَالْأَنْهَارُ تَخْرُجُ مِنْ تَحْتِهَا فَيَصِحُّ أَنَّهَا مِنَ الْجَنَّةِ قَوْلُهُ اما الباطنان فَفِي الْجنَّة قَالَ بن أَبِي جَمْرَةَ فِيهِ أَنَّ الْبَاطِنَ أَجَلُّ مِنَ الظَّاهِرِ لِأَنَّ الْبَاطِنَ جُعِلَ فِي دَارِ الْبَقَاءِ وَالظَّاهِرَ جُعِلَ فِي دَارِ الْفِنَاءِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الِاعْتِمَادُ عَلَى مَا فِي الْبَاطِنِ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ قَوْلُهُ وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ شَرِيكٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي التَّوْحِيدِ أَنَّهُ رَأَى فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا نَهْرَيْنِ يَطَّرِدَانِ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ هُمَا النِّيلُ وَالْفُرَاتُ عُنْصُرُهُمَا وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ رَأَى هَذَيْنِ النَّهْرَيْنِ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى مَعَ نَهْرَيِ الْجَنَّةِ وَرَآهُمَا فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا دُونَ نَهْرَيِ الْجَنَّةِ وَأَرَادَ بِالْعُنْصُرِ عنصر امتيازهما بسماء الدُّنْيَا كَذَا قَالَ بن دِحْيَةَ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ شَرِيكٍ أَيْضًا وَمَضَى بِهِ يَرْقَى السَّمَاءَ فَإِذَا هُوَ بِنَهْرٍ آخَرَ عَلَيْهِ قَصْرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ فَضَرَبَ بِيَدِهِ فَإِذَا هُوَ مِسْكٌ أَذْفَرُ فَقَالَ مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي خَبَّأَ لَكَ رَبُّكَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أنس عِنْد بن أَبِي حَاتِمٍ أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ رَأَى إِبْرَاهِيمَ قَالَ ثُمَّ انْطَلَقَ بِي عَلَى ظَهْرِ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى نَهْرٍ عَلَيْهِ خِيَامُ اللُّؤْلُؤِ وَالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ وَعَلَيْهِ طَيْرٌ خُضْرٌ أَنْعَمَ طَيْرٍ رَأَيْتُ قَالَ جِبْرِيلُ هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَ اللَّهُ فَإِذَا فِيهِ آنِيَةُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ يَجْرِي عَلَى رَضْرَاضٍ مِنَ الْيَاقُوتِ وَالزُّمُرُّدِ مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ قَالَ فَأَخَذْتُ مِنْ آنِيَتِهِ فَاغْتَرَفْتُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ فَشَرِبْتُ فَإِذَا هُوَ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَأَشَدُّ رَائِحَةً مِنَ الْمِسْكِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فَإِذَا فِيهَا عَيْنٌ تَجْرِي يُقَالُ لَهَا السَّلْسَبِيلُ فَيَنْشَقُّ مِنْهَا نَهْرَانِ أَحَدُهُمَا الْكَوْثَرُ وَالْآخَرُ يُقَالُ لَهُ نَهْرُ الرَّحْمَةِ قُلْتُ فَيُمْكِنُ أَنْ يُفَسَّرَ بِهِمَا النَّهْرَانِ الْبَاطِنَانِ الْمَذْكُورَانِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُقَاتِلٍ قَالَ الْبَاطِنَانِ السَّلْسَبِيلُ وَالْكَوْثَرُ وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ سَيْحَانُ وَجَيْحَانُ وَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ فَلَا يُغَايِرُ هَذَا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّ فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَنْهَارٍ أَصْلُهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَحِينَئِذٍ لَمْ يَثْبُتْ لِسَيْحُونَ وَجَيْحُونَ أَنَّهُمَا يَنْبُعَانِ مِنْ أَصْلِ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى فَيَمْتَازُ النِّيلُ وَالْفُرَاتُ عَلَيْهِمَا بِذَلِكَ وَأَمَّا الْبَاطِنَانِ الْمَذْكُورَانِ فِي حَدِيثِ الْبَابِ فَهُمَا غَيْرُ سَيْحُونَ وَجَيْحُونَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ أَصْلَ النِّيلِ وَالْفُرَاتِ مِنَ الْجَنَّةِ وَأَنَّهُمَا يَخْرُجَانِ مِنْ أَصْلِ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ثُمَّ يَسِيرَانِ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ يَنْزِلَانِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَسِيرَانِ فِيهَا ثُمَّ يَخْرُجَانِ مِنْهَا وَهَذَا لَا يَمْنَعُهُ الْعَقْلُ وَقَدْ شَهِدَ بِهِ ظَاهِرُ الْخَبَرِ فَلْيُعْتَمَدْ وَأَمَّا قَوْلُ عِيَاضٍ إِنَّ الْحَدِيثَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَصْلَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى فِي الْأَرْضِ لِكَوْنِهِ قَالَ إِنَّ النِّيلَ وَالْفُرَاتَ يَخْرُجَانِ مِنْ أَصْلِهَا وَهُمَا بِالْمُشَاهَدَةِ يَخْرُجَانِ مِنَ الْأَرْضِ فَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ أَصْلُ السِّدْرَةِ فِي الْأَرْضِ وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِهِمَا يَخْرُجَانِ مِنْ أَصْلِهَا غَيْرُ خُرُوجِهِمَا بالنبع من الأَرْض وَالْحَاصِل ان أَصْلهَا فِي الْجَنَّةِ وَهُمَا يَخْرُجَانِ أَوَّلًا مِنْ أَصْلِهَا ثُمَّ يَسِيرَانِ إِلَى أَنْ يَسْتَقِرَّا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يَنْبُعَانِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى فَضِيلَةِ مَاءِ النِّيلِ وَالْفُرَاتِ لِكَوْنِ مَنْبَعِهِمَا مِنَ الْجَنَّةِ وَكَذَا سَيْحَانُ وَجِيحَانُ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ لَعَلَّ تَرْكَ ذِكْرِهِمَا فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ لِكَوْنِهِمَا لَيْسَا أَصْلًا بِرَأْسِهِمَا وَإِنَّمَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَتَفَرَّعَا عَنِ النِّيلِ وَالْفُرَاتِ قَالَ وَقيل انما أُطْلِقَ عَلَى هَذِهِ الْأَنْهَارِ أَنَّهَا مِنَ الْجَنَّةِ تَشْبِيهًا لَهَا بِأَنْهَارِ الْجَنَّةِ لِمَا فِيهَا مِنْ شِدَّةِ الْعُذُوبَةِ وَالْحُسْنِ وَالْبَرَكَةِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ. تَنْبِيهٌ الْفُرَاتُ بِالْمُثَنَّاةِ فِي الْخَطِّ فِي حَالَتَيِ الْوَصْلِ وَالْوَقْفِ فِي الْقِرَاءَاتِ الْمَشْهُورَةِوَجَاءَ فِي قِرَاءَةٍ شَاذَّةٍ أَنَّهَا هَاءُ تَأْنِيثٍ وَشَبَّهَهَا أَبُو الْمُظَفَّرِ بْنُ اللَّيْثِ بِالتَّابُوتِ وَالتَّابُوهُ قَوْلُهُ ثُمَّ رُفِعَ لِي الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ زَادَ الْكُشْمِيهَنِيُّ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ وَتَقَدَّمَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ بِزِيَادَةِ إِذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ وَكَذَا وَقَعَ مَضْمُومًا إِلَى رِوَايَةِ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَقَدْ بَيَّنْتُ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ أَنَّهُ مُدْرَجٌ وَذَكَرْتُ مَنْ فَصَلَهُ مِنْ رِوَايَةِ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ قَدَّمْتُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ هُنَاكَ وَوَقَعَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ أَيْضًا عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ وَفِيهِ أَيْضًا ثُمَّ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ أَبَدًا وَزَادَ بن إِسْحَاقَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الْبَزَّارِ أَنَّهُ رَأَى هُنَاكَ أَقْوَامًا بِيضَ الْوُجُوهِ وَأَقْوَامًا فِي أَلْوَانِهِمْ شَيْءٌ فَدَخَلُوا نَهْرًا فَاغْتَسَلُوا فَخَرَجُوا وَقَدْ خَلَصَتْ أَلْوَانُهُمْ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ هَؤُلَاءِ مِنْ أُمَّتِكَ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ الْأُمَوِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ أَنَّهُمْ دَخَلُوا مَعَهُ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ وَصَلَّوْا فِيهِ جَمِيعًا وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ أَكْثَرُ الْمَخْلُوقَاتِ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ مِنْ جَمِيعِ الْعَوَالِمِ مَنْ يَتَجَدَّدُ مِنْ جِنْسِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفًا غَيْرَ مَا ثَبَتَ عَنِ الْمَلَائِكَةِ فِي هَذَا الْخَبَرِ قَوْلُهُ ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ وَإِنَاءٍ مِنْ عَسَلٍ فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَقَالَ هِيَ الْفِطْرَةُ الَّتِي أَنْتَ عَلَيْهَا أَيْ دِينُ الْإِسْلَامِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ تَسْمِيَةِ اللَّبَنِ فِطْرَةً لِأَنَّهُ أَوَّلُ شَيْءٍ يَدْخُلُ بَطْنَ الْمَوْلُودِ وَيَشُقُّ أَمْعَاءَهُ وَالسِّرُّ فِي مَيْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ لِكَوْنِهِ كَانَ مَأْلُوفًا لَهُ وَلِأَنَّهُ لَا يَنْشَأُ عَنْ جِنْسِهِ مَفْسَدَةٌ وَقَدْ وَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ إِتْيَانَهُ الْآنِيَةَ كَانَ بَعْدَ وُصُولِهِ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَسَيَأْتِي فِي الْأَشْرِبَةِ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى فَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ فَذَكَرَهُ قَالَ وَأُتِيتُ بِثَلَاثَةِ أَقْدَاحٍ الْحَدِيثَ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ الْبَابِ إِلَّا أَنَّ شُعْبَةَ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْإِسْنَادِ مَالِكَ بْنَ صَعْصَعَةَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة عِنْد بن عَائِذٍ فِي حَدِيثِ الْمِعْرَاجِ بَعْدَ ذِكْرِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ ثُمَّ انْطَلَقْنَا فَإِذَا نَحْنُ بِثَلَاثَةِ آنِيَةٍ مُغَطَّاةٍ فَقَالَ جِبْرِيلُ يَا مُحَمَّدُ أَلَا تَشْرَبُ مِمَّا سَقَاكَ رَبُّكَ فَتَنَاوَلْتُ إِحْدَاهَا فَإِذَا هُوَ عَسَلٌ فَشَرِبْتُ مِنْهُ قَلِيلًا ثُمَّ تَنَاوَلْتُ الْآخَرَ فَإِذَا هُوَ لَبَنٌ فَشَرِبْتُ مِنْهُ حَتَّى رَوِيتُ فَقَالَ أَلَا تَشْرَبُ مِنَ الثَّالِثِ قُلْتُ قَدْ رَوِيتُ قَالَ وَفَّقَكَ اللَّهُ وَفِي رِوَايَةِ الْبَزَّارِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَنَّ الثَّالِثَ كَانَ خَمْرًا لَكِنْ وَقَعَ عِنْدَهُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَنَّ الْأَوَّلَ كَانَ مَاءً وَلَمْ يَذْكُرِ الْعَسَل وَفِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ عِنْدَ أَحْمَدَ فَلَمَّا أَتَى الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى قَامَ يُصَلِّي فَلَمَّا انْصَرَفَ جِيءَ بِقَدَحَيْنِ فِي أَحَدِهِمَا لَبَنٌ وَفِي الْآخَرِ عَسَلٌ فَأَخَذَ اللَّبَنَ الْحَدِيثَ وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَيْضًا أَنَّ إِتْيَانَهُ بِالْآنِيَةِ كَانَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ قَبْلَ الْمِعْرَاجِ وَلَفْظُهُ ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجْتُ فَجَاءَ جِبْرِيلُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَقَالَ جِبْرِيلُ أَخَذْتَ الْفِطْرَةَ ثُمَّ عَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ وَفِي حَدِيثِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ فَصَلَّيْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ وَأَخَذَنِي مِنَ الْعَطَشِ أَشَدُّ مَا أَخَذَنِي فَأُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ أَحَدُهُمَا لَبَنٌ وَالْآخَرُ عَسَلٌ فَعَدَلْتُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ هَدَانِي اللَّهُ فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَقَالَ شَيْخٌ بَيْنَ يَدَيَّ يَعْنِي لِجِبْرِيلَ أَخَذَ صَاحِبُكَ الْفطْرَة وَفِي حَدِيث أبي سعيد عِنْد بن إِسْحَاقَ فِي قِصَّةِ الْإِسْرَاءِ فَصَلَّى بِهِمْ يَعْنِي الْأَنْبِيَاءَ ثُمَّ أُتِيَ بِثَلَاثَةِ آنِيَةٍ إِنَاءٍ فِيهِ لَبَنٌ وَإِنَاءٍ فِيهِ خَمْرٌ وَإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ الْحَدِيثَ وَفِي مُرْسَلِ الْحَسَنِ عِنْدَهُ نَحْوَهُ لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ إِنَاءَ الْمَاءِ وَوَقَعَ بَيَانُ مَكَانِ عَرْضِ الْآنِيَةِ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَّلِ الْأَشْرِبَةِ وَلَفْظُهُ أَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً أُسْرِيَ بِهِ بِإِيلِيَاءَ بِإِنَاءٍ فِيهِ خَمْرٌ وَإِنَاءٍ فِيهِ لَبَنٌ فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا فَأَخَذَ اللَّبَنَ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِيهَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ وَالْخَمْرَ وَاللَّبَنَ فَأَخَذَ اللَّبَنَ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ وَلَوْ شَرِبْتَ الْمَاءَ لَغَرِقْتَ وَغَرِقَتْ أُمَّتُكَ وَلَوْ شَرِبْتَ الْخَمْرَ لَغَوَيْتَ وَغَوَتْ أُمَّتُكَ وَيُجْمَعُ بَيْنَ هَذَا الِاخْتِلَافِ إِمَّا بِحَمْلِ ثُمَّ عَلَى غَيْرِ بَابِهَا مِنَ التَّرْتِيبِ وَإِنَّمَا هِيَ بِمَعْنَى الْوَاوِ هُنَا وَإِمَّا بِوُقُوعِ عَرْضِ الْآنِيَةِ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الصَّلَاةِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَسَبَبُهُ مَا وَقَعَ لَهُ مِنَ الْعَطَشِ وَمَرَّةً عِنْدَ وُصُولِهِ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَرُؤْيَةِ الْأَنْهَارِ الْأَرْبَعَةِ أَمَّا الِاخْتِلَافُ فِي عَدَدِ الْآنِيَةِ وَمَا فِيهَا فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ بَعْضَ الرُّوَاةِ ذَكَرَ مَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْآخَرُ وَمَجْمُوعُهَا أَرْبَعَةُ آنِيَةٍ فِيهَا أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ مِنَ الْأَنْهَارِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي رَآهَا تَخْرُجُ مِنْ أَصْلِ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ لَمَّا ذَكَرَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى يَخْرُجُ أَصْلُهَا مِنْ أَنْهَارٍ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَمِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَمِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَمِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى فَلَعَلَّهُ عُرِضَ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ نَهْرٍ إِنَاءٌ وَجَاءَ عَنْ كَعْبٍ أَنَّ نَهْرِ الْعَسَلِ نَهْرُ النِّيلِ وَنَهْرَ اللَّبَنِ نَهْرُ جَيْحَانَ وَنَهْرَ الْخَمْرِ نَهْرُ الْفُرَاتِ وَنَهْرَ الْمَاءِ سَيْحَانُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ الصَّلَاةُ تَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ وَالْحِكْمَةُ فِي تَخْصِيصِ فَرْضِ الصَّلَاةِ بِلَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا عُرِجَ بِهِ رَأَى فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ تَعَبُّدَ الْمَلَائِكَةِ وَأَنَّ مِنْهُمُ الْقَائِمَ فَلَا يَقْعُدُ وَالرَّاكِعَ فَلَا يَسْجُدُ وَالسَّاجِدَ فَلَا يَقْعُدُ فَجَمَعَ اللَّهُ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ تِلْكَ الْعِبَادَاتِ كُلَّهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ يُصَلِّيهَا الْعَبْدُ بِشَرَائِطِهَا من الطُّمَأْنِينَة وَالْإِخْلَاص أَشَارَ إِلَى ذَلِك بن أبي جَمْرَة وَقَالَ وَفِي اخْتِصَاصِ فَرْضِيَّتِهَا بِلَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ إِشَارَةٌ إِلَى عَظِيمِ بَيَانِهَا وَلِذَلِكَ اخْتُصَّ فَرْضُهَا بِكَوْنِهِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ بَلْ بِمُرَاجَعَاتٍ تَعَدَّدَتْ عَلَى مَا سَبَقَ بَيَانُهُ قَوْلُهُ وَلَكِنْ أَرْضَى وَأُسَلِّمُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَلَكِنِّي ارضى واسلم وَفِيه حذف تَقْدِير الْكَلَامِ سَأَلْتُ رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ فَلَا أَرْجِعُ فَإِنِّي إِنْ رَجَعْتُ صِرْتُ غَيْرَ رَاضٍ وَلَا مُسَلِّمٌ وَلَكِنِّي أَرْضَى وَأُسَلِّمُ قَوْلُهُ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي تَقَدَّمَ أَوَّلَ الصَّلَاةِ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ هُنَّ خَمْسٌ وَهُنَّ خَمْسُونَ وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ وَفِي رِوَايَةِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ حَتَّى قَالَ يَا مُحَمَّدُ هِيَ خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ كُلُّ صَلَاةٍ عَشْرَةٌ فَتِلْكَ خَمْسُونَ صَلَاةً وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ الْحَدِيثَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الزِّيَادَةِ فِي الرِّقَاقِ وَفِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَأَتَيْتُ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى فَغَشِيَتْنِي ضَبَابَةٌ فَخَرَرْتُ سَاجِدًا فَقِيلَ لِي إِنِّي يَوْمَ خَلَقْتُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فَرَضْتُ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَّتِكَ خَمْسِينَ صَلَاةً فَقُمْ بِهَا أَنْتَ وَأُمَّتُكَ فَذَكَرَ مُرَاجَعَتَهُ مَعَ مُوسَى وَفِيهِ فَإِنَّهُ فَرَضَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ صَلَاتَانِ فَمَا قَامُوا بِهِمَا وَقَالَ فِي آخِرِهِ فَخَمْسٌ بِخَمْسِينَ فَقُمْ بِهَا أَنْتَ وَأُمَّتُكَ قَالَ فَعَرَفْتُ أَنَّهَا عَزْمَةٌ مِنَ اللَّهِ فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ لِي ارْجِعْ فَلَمْ أَرْجِعْ قَوْلُهُ فَلَمَّا جَاوَزْتُ نَادَانِي مُنَادٍ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي هَذَا مِنْ أَقْوَى مَا اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كَلَّمَ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ تَكْمِلَةٌ وَقَعَ فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ زِيَادَاتٌ رَآهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى لَمْ تُذْكَرْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِنْهَا مَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوًى أَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الْأَقْلَامِ وَفِي رِوَايَةِ شَرِيكٍ عَنْ أَنَسٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي التَّوْحِيدِ حَتَّى جَاءَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى وَدَنَا الْجَبَّارُ رَبُّ الْعِزَّة تبَارك وَتَعَالَى فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَيْهِ خَمْسِينَ صَلَاةً الْحَدِيثَ وَقَدِ اسْتُشْكِلَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مُسْتَوْفًى إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ مِنَ الزِّيَادَةِ أَيْضًا ثُمَّ أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ فَإِذَا فِيهَا جَنَابِذُ اللُّؤْلُؤِ وَإِذَا تُرَابُهَا الْمِسْكُ وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةعَنْ أَنَسٍ رَفَعَهُ بَيْنَا أَنَا أَسِيرُ فِي الْجَنَّةِ إِذَا أَنَا بِنَهَرٍ حَافَّتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ الْمُجَوَّفِ وَإِذَا طِينُهُ مِسْكٌ أَذْفَرُ فَقَالَ جِبْرِيلُ هَذَا الْكَوْثَرُ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ شَيْبَانَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ لَمَّا عُرِجَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذكر نَحوه وَعند بن أبي حَاتِم وبن عَائِذٍ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَنَسٍ ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى انْتَهَى بِي إِلَى الشَّجَرَةِ فَغَشِيَنِي مِنْ كُلِّ سَحَابَةٍ فِيهَا مِنْ كُلِّ لَوْنٍ فَتَأَخَّرَ جِبْرِيلُ وَخَرَرْتُ سَاجِدًا وَفِي حَدِيث بن مَسْعُودٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأُعْطِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَخَوَاتِمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَغُفِرَ لِمَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ مِنْ أُمَّتِهِ الْمُقْحِمَاتِ يَعْنِي الْكَبَائِرَ وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِنَ الزِّيَادَةِ ثُمَّ انْجَلَتْ عَنِّي السَّحَابَةُ وَأَخَذَ بِيَدِي جِبْرِيلُ فَانْصَرَفْتُ سَرِيعًا فَأَتَيْتُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا ثُمَّ أَتَيْتُ عَلَى مُوسَى فَقَالَ ماصنعت الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَيْضًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجِبْرِيلَ مَا لِي لَمْ آتِ أَهْلَ سَمَاءٍ إِلَّا رَحَّبُوا وَضَحِكُوا إِلَيَّ غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلِيَّ السَّلَامَ وَرَحَّبَ بِي وَلَمْ يَضْحَكْ إِلَيَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ ذَاكَ مَالِكٌ خَازِنُ جَهَنَّمَ لَمْ يَضْحَكْ مُنْذُ خُلِقَ وَلَوْ ضَحِكَ إِلَى أَحَدٍ لَضَحِكَ إِلَيْكَ وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ حَتَّى فُتِحَتْ لَهُمَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ فَرَأَيَا الْجَنَّةَ وَالنَّارِ وَوَعْدَ الْآخِرَةِ أَجْمَعَ وَفِي حَدِيثِ أبي سعيد انه عرض عَلَيْهِ الْجنَّة وان رُمَّانُهَا كَأَنَّهُ الدِّلَاءُ وَإِذَا طَيْرُهَا كَأَنَّهَا الْبُخْتُ وَأَنَّهُ عُرِضَتْ عَلَيْهِ النَّارُ فَإِذَا هِيَ لَوْ طُرِحَ فِيهَا الْحِجَارَةُ وَالْحَدِيدُ لَأَكَلَتْهَا وَفِي حَدِيثِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ فَإِذَا جَهَنَّمُ تَكْشِفُ عَنْ مِثْلِ الزَّرَابِيِّ وَوَجَدْتُهَا مِثْلَ الْحُمَّةِ السُّخْنَةِ وَزَادَ فِيهِ أَنَّهُ رَآهَا فِي وَادِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَفِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَنَسٍ عِنْد بن أَبِي حَاتِمٍ أَنَّ جِبْرِيلَ قَالَ يَا مُحَمَّدُ هَلْ سَأَلْتَ رَبَّكَ أَنْ يُرِيَكَ الْحُورَ الْعِينَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَانْطَلِقْ إِلَى أُولَئِكَ النِّسْوَةِ فَسَلِّمْ عَلَيْهِنَّ قَالَ فَأَتَيْتُ إِلَيْهِنَّ فَسَلَّمْتُ فَرَدَدْنَ فَقُلْتُ مَنْ أَنْتُنَّ فَقُلْنَ خَيِّرَاتٌ حِسَانٌ الْحَدِيثَ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا بُنَيَّ إِنَّكَ لَاقٍ رَبَّكَ اللَّيْلَةَ وَإِنَّ أُمَّتَكَ آخِرُ الْأُمَمِ وَأَضْعَفُهَا فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ حَاجَتُكَ أَوْ جُلَّهَا فِي أُمَّتِكَ فَافْعَلْ وَفِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ بِأَسَانِيدِهِ فِي أَوَّلِ حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْأَلُ رَبَّهُ أَنْ يُرِيَهُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ السَّبْتِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَهُوَ نَائِمٌ فِي بَيْتِهِ ظُهْرًا أَتَاهُ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ فَقَالَا انْطَلِقْ إِلَى مَا سَأَلْتَ فَانْطَلَقَا بِهِ إِلَى مَا بَيْنَ الْمَقَامِ وَزَمْزَمَ فَأُتِيَ بِالْمِعْرَاجِ فَإِذَا هُوَ أَحْسَنُ شَيْءٍ مَنْظَرًا فَعَرَجَا بِهِ إِلَى السَّمَاوَاتِ فَلَقِيَ الْأَنْبِيَاءَ وَانْتَهَى إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَرَأَى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَفُرِضَ عَلَيْهِ الْخَمْسُ فَلَوْ ثَبَتَ هَذَا لَكَانَ ظَاهِرًا فِي أَنَّهُ مِعْرَاجٌ آخَرُ لِقَوْلِهِ إِنَّهُ كَانَ ظُهْرًا وَأَنَّ الْمِعْرَاجَ كَانَ مِنْ مَكَّةَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ فِي الْأَمْرَيْنِ مَعًا وَيُعَكِّرُ عَلَى التَّعَدُّدِ قَوْلُهُ إِنَّ الصَّلَوَاتِ فُرِضَتْ حِينَئِذٍ إِلَّا إِنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ أُعِيدُ ذِكْرُهُ تَأْكِيدًا أَوْ فُرِّعَ عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ كَانَ مَنَامًا وَهَذَا يَقْظَةً أَوْ بِالْعَكْسِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ لِلسَّمَاءِ أَبْوَابًا حَقِيقَةً وَحَفَظَةً مُوَكَّلِينَ بِهَا وَفِيهِ إِثْبَاتُ الِاسْتِئْذَانِ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ يَسْتَأْذِنُ أَنْ يَقُولَ أَنَا فُلَانٌ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى أَنَا لِأَنَّهُ يُنَافِي مَطْلُوبَ الِاسْتِفْهَامِ وَأَنَّ الْمَارَّ يُسَلِّمُ عَلَى الْقَاعِدِ وَإِنْ كَانَ الْمَارُّ أَفْضَلَ مِنَ الْقَاعِدِ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ تَلَقِّي أَهْلِ الْفَضْلِ بِالْبَشَرِ وَالتَّرْحِيبِ وَالثَّنَاءِ وَالدُّعَاءِ وَجَوَازُ مَدْحِ الْإِنْسَانِ الْمَأْمُونِ عَلَيْهِ الِافْتِتَانُ فِي وَجْهِهِ وَفِيهِ جَوَازُ الِاسْتِنَادِ إِلَى الْقِبْلَةِ بِالظَّهْرِ وَغَيْرِهِ مَأْخُوذٌ مِنِ اسْتِنَادِ إِبْرَاهِيمَ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ وَهُوَ كَالْكَعْبَةِ فِي أَنَّهُ قِبْلَةٌ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ وَفِيهِ جَوَازُ نَسْخِ الْحُكْمِ قَبْلَ وُقُوعِ الْفِعْلِ وَقَدْ سَبَقَ الْبَحْثُ فِيهِ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ وَفِيهِ فَضْلُ السَّيْرِ بِاللَّيْلِ عَلَى السَّيْرِ بِالنَّهَارِ لِمَا وَقَعَ مِنَ الْإِسْرَاءِ بِاللَّيْلِ وَلِذَلِكَ كَانَتْ أَكْثَرُ عِبَادَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ وَكَانَ أَكْثَرُ سَفَرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ فَإِنَّ الْأَرْضَتُطْوَى بِاللَّيْلِ وَفِيهِ أَنَّ التَّجْرِبَةَ أَقْوَى فِي تَحْصِيلِ الْمَطْلُوبِ مِنَ الْمَعْرِفَةِ الْكَثِيرَةِ يُسْتَفَادُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ عَالَجَ النَّاسَ قَبْلَهُ وَجَرَّبَهُمْ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ تَحْكِيمُ الْعَادَةِ وَالتَّنْبِيهُ بِالْأَعْلَى عَلَى الْأَدْنَى لِأَنَّ مَنْ سَلَفَ مِنَ الْأُمَمِ كَانُوا أَقْوَى أَبْدَانًا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَقَدْ قَالَ مُوسَى فِي كَلَامِهِ إِنَّهُ عَالَجَهُمْ عَلَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَمَا وَافَقُوهُ أَشَارَ إِلَى ذَلِك بن أَبِي جَمْرَةَ قَالَ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ مَقَامَ الْخُلَّةِ مَقَامُ الرِّضَا وَالتَّسْلِيمِ وَمَقَامَ التَّكْلِيمِ مَقَامُ الْإِدْلَالِ وَالِانْبِسَاطِ وَمِنْ ثَمَّ اسْتَبَدَّ مُوسَى بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِطَلَبِ التَّخْفِيفِ دُونَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَ أَنَّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الِاخْتِصَاصِ بِإِبْرَاهِيمَ أَزْيَدَ مِمَّا لَهُ مِنْ مُوسَى لِمَقَامِ الْأُبُوَّةِ وَرِفْعَةِ الْمَنْزِلَةِ وَالِاتِّبَاعِ فِي الْمِلَّةِ وَقَالَ غَيْرُهُ الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ مِنْ سَبْقِهِ إِلَى مُعَالَجَةِ قَوْمِهِ فِي هَذِهِ الْعِبَادَةِ بِعَيْنِهَا وَأَنَّهُمْ خَالَفُوهُ وَعَصَوْهُ وَفِيهِ أَنَّ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ قَدْ خُلِقَتَا لِقَوْلِهِ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ الَّتِي بَيَّنْتُهَا عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ الْإِكْثَارِ مِنْ سُؤَالِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَكْثِيرِ الشَّفَاعَةِ عِنْدَهُ لِمَا وَقَعَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِجَابَتِهِ مَشُورَةَ مُوسَى فِي سُؤَالِ التَّخْفِيفِ وَفِيهِ فَضِيلَةُ الِاسْتِحْيَاءِ وَبَذْلُ النَّصِيحَةِ لِمَنْ يَحْتَاجُ إِلَيْهَا وَإِنْ لَمْ يَسْتَشِرِ النَّاصِحَ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثُ الثَّانِي

    باب الْمِعْرَاجِ(باب المعراج) بكسر الميم. قال في النهاية: مفعال من العروج وهو الصعود كأنه آلة له.وقال في الصحاح: عرج في الدرجة والسلم يعرج عروجًا أي ارتقى والمعراج السلم ومنه ليلة المعراج والجمع معارج ومعاريج مثل مفاتح ومفاتيح. قال الأخفش: إن شئت جعلت الواحد معرج ومعرج مثل مرقاة ومرقاة والمعارج والمصاعد اهـ.وسميت بليلة المعراج لصعود النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيها. وظاهر صنيع البخاري هنا أن ليلة الإسراء كانت غير ليلة المعراج حيث أفرد كل واحدة منهما بترجمة، لكن قوله في أول الصلاة باب كيف فرضت الصلاة ليلة الإسراء يدل على اتحادهما فإن الصلاة إنما فرضت في المعراج، وإنما أفرد كلاً منهما بترجمة لأن كلاًّ منهما يشتمل على قصة منفردة وإن كانا وقعا معًا، والجمهور على أن وقوعهما معًا، في ليلة واحدة في اليقظة. بجسده المكرّم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقيل وقع ذلك مرتين مرة في المنام توطئة وتمهيدًا ومرة في اليقظة. وذهب الأكثرون إلى أنه كان في ربيع الأول قبل الهجرة بسنة وقيل كان في رجب، وعن الزهري أنه كان بعد المبعث بخمس سنين، ورجحه القرطبي والنووي. وعند ابن أبي شيبة من حديث جابر وابن عباس -رضي الله عنهما- قالا: ولد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم الاثنين وفيه بعث وفيه عرج به إلى السماء وفيه مات.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:3708 ... ورقمه عند البغا: 3887 ]
    - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ -رضي الله عنه-: «أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا فِي الْحَطِيمِ -وَرُبَّمَا قَالَ فِي الْحِجْرِ- مُضْطَجِعًا، إِذْ أَتَانِي آتٍ فَقَدَّ - قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: فَشَقَّ -مَابَيْنَ هَذِهِ إِلَى هَذِهِ. فَقُلْتُ لِلْجَارُودِ وَهْوَ إِلَى جَنْبِي: مَا يَعْنِي بِهِ؟ قَالَ: مِنْ ثُغْرَةِ نَحْرِهِ إِلَى شِعْرَتِهِ -وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ مِنْ قَصِّهِ إِلَى شِعْرَتِهِ- فَاسْتَخْرَجَ قَلْبِي، ثُمَّ أُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوءَةٍ إِيمَانًا، فَغُسِلَ قَلْبِي، ثُمَّ حُشِيَ، ثُمَّ أُعِيدَ، ثُمَّ أُتِيتُ بِدَابَّةٍ دُونَ الْبَغْلِ وَفَوْقَ الْحِمَارِ أَبْيَضَ. -فَقَالَ لَهُ الْجَارُودُ: هُوَ الْبُرَاقُ يَا أَبَا حَمْزَةَ؟ قَالَ أَنَسٌ: نَعَمْ- يَضَعُ خَطْوَهُ عِنْدَ أَقْصَى طَرْفِهِ، فَحُمِلْتُ عَلَيْهِ، فَانْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. فَفَتَحَ. فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا فِيهَا آدَمُ، فَقَالَ: هَذَا أَبُوكَ آدَمُ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلاَمَ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالاِبْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ صَعِدَ بي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ فَاسْتَفْتَحَ. فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. فَفَتَحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يَحْيَى وَعِيسَى وَهُمَا ابْنَا خَالَةِ. قَالَ: هَذَا يَحْيَى وَعِيسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا، فَسَلَّمْتُ، فَرَدَّا، ثُمَّ قَالاَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. فَفُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يُوسُفُ. قَالَ: هَذَا يُوسُفُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: أوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. فَفُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِلَى إِدْرِيسَ، قَالَ: هَذَا إِدْرِيسُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الْخَامِسَةَ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا هَارُونُ. قَالَ: هَذَا هَارُونُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ السَّادِسَةَ فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا مُوسَى قَالَ: هَذَا مُوسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. فَلَمَّا تَجَاوَزْتُ بَكَى، قِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: أَبْكِي لأَنَّ غُلاَمًا بُعِثَ بَعْدِي يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَكْثَرُ ممَنْ يَدْخُلُهَا مِنْ أُمَّتِي. ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: مَرْحَبًا بِهِ، ونِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ. فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: هَذَا أَبُوكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. قَالَ:فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلاَمَ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالاِبْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. ثُمَّ رُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى، فَإِذَا نَبِقُهَا مِثْلُ قِلاَلِ هَجَرَ، وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ. قَالَ: هَذِهِ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى، وَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ: نَهْرَانِ بَاطِنَانِ، وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ. فَقُلْتُ: مَا هَذَانِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: أَمَّا الْبَاطِنَانِ فَنَهَرَانِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ. ثُمَّ رُفِعَ لِي الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ. ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ وَإِنَاءٍ مِنْ عَسَلٍ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ، فَقَالَ: هِيَ الْفِطْرَةُ أَنْتَ عَلَيْهَا وَأُمَّتُكَ. ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَيَّ الصَّلَوَاتُ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ. فَرَجَعْتُ فَمَرَرْتُ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ: بِمَا أُمِرْتَ؟ قَالَ: أُمِرْتُ بِخَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي وَاللَّهِ قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِكَ. فَرَجَعْتُ، فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ. فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ. فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ. فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِعَشْرِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ فَقَالَ مِثْلَهُ. فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ: بِمَا أُمِرْتَ؟ قُلْتُ: أُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِكَ. قَالَ: سَأَلْتُ رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ، وَلَكِنْ أَرْضَى وَأُسَلِّمُ. قَالَ: فَلَمَّا جَاوَزْتُ نَادَى مُنَادٍ: أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي، وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي»وبه قال: (حدّثنا هدبة بن خالد) بضم الهاء وسكون الدال المهملة بعدها موحدة القيسي قال: (حدّثنا همام بن يحيى) بفتح الهاء وتشديد الميم الأولى ابن دينار العوذي بفتح العين المهملة وبعد الواو الساكنة ذال معجمة مكسورة قال: (حدّثنا قتادة) بن دعامة (عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة) بفتح الصادين المهملتين وسكون العين المهملة الأنصاري (-رضي الله عنهما- أن نبي الله) ولأبي ذر: أن النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حدثهم عن ليلة أسري به) فيها بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول أنه (قال):(بينما) بالميم (أنا) كائن (في الحطيم) أي في الحجر بكسر الحاء وسكون الجيم وسقط قوله قال: في اليونينية (وربما قال): (في الحجر) بدل الحطيم والشك من قتادة، وفي بدء الخلق: بينا أنا عند البيت وهو أعم (مضطجعًا) نصب على الحال (إذ أتاني أت) هو جبريل عليه السلام (فقدّ) بالفاء والقاف والمهملة المشدّدة المفتوحات شق طولاً (قال): قتادة (وسمعته) أي أن أنسًا (يقول): (فشق ما بين هذه إلى هذه فقلت للجارود) بفتح الجيم وبعد الألف راء مضمومة فواو فدال مهملة ابن سبرة البصري التابعي صاحب أنس -رضي الله عنه- (وهو إلى جنبي) بفتح الجيم وسكون النون وكسر الموحدة (ما يعني) أنس (به؟) بقوله فشق ما بين هذه إلى هذه (قال): يعني به (منثغرة نحره) بمثلثة مضمومة وسكون المعجمة بعدها راء الموضع المنخفض بين الترقوتين (إلى شعرته) بكسر الشين
    المعجمة وسكون العين المهملة عانته أو منبت شعرها. قال قتادة: (وسمعته) أي سمعت أنسًا -رضي الله عنه- (يقول) أيضًا شق (من قصته) بفتح القاف وتشديد الصاد المهملة رأس صدره (إلى شعرته فاستخرج قلبي ثم أتيت) بضم الهمزة (بطست) بفتح الطاء وسكون السين المهملتين (من ذهب) قبل تحريم استعماله (مملوءة) بالتأنيث على لفظ الطست لأنها مؤنثة وبالجر على الصفة (إيمانًا) نصب على التمييز ملأ حقيقة وتجسيد المعاني جائز كتمثيل الموت كبشًا أو مجازًا من باب التمثيل كما مثلت له الجنة والنار في عرض الحائط. وفائدته كشف المعنوي بالحسي (فغسل) بضم الغين أي غسل جبريل (قلبي) وفي مسلم كالمؤلّف في كتاب الصلاة: بماء زمزم لأنه أفضل المياه وفيه تقوية القلب (ثم حشي) بضم المهملة وكسر المعجمة إيمانًا وحكمة وفي الصلاة ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانًا فأفرغه في صدري ثم أطبقه (ثم أعيد) موضعه من الصدر المقدس وإنما أتي بالطست لأنه أشهر آلات الغسل عرفًا وبالذهب لكونه أعلى الأواني الحسية وأصفاها، وحكمة الغسل ليتقوى على استجلاء الأسماء الحسنى والثبوت في المقام الأسنى، وقد أنكر القاضي عياض -رحمه الله- شق الصدر المقدس ليلة الإسراء وقال: إنما كان ذلك وهو صغير في بني سعد عند مرضعته حليمة وتعقبوه بأن ذلك وقع مرتين. الأولى: عند حليمة لنزع العلقة التي قيل له عندها هذا حظ الشيطان منك، ولذا أنشأ على أكمل الأحوال من العصمة، والثانية: عند الإسراء. وقد روى الطيالسي والحرث في مسنديهما من حديث عائشة -رضي الله عنها- أن الشق وقع مرة أخرى عند مجيء جبريل عليه السلام له بالوحي في غار حراء لزيادة الكرامة وليتلقى الوحي بقلب قوي على أكمل الأحوال من التقديس، وقد وقع في ذلك من الخوارق ما يدهش السامع فسبيلنا الإيمان به والتسليم من غير أن نتكلف إلى التوفيق بين المنقول والمعقول للتبرئ مما يتوهم أنه محال من شق البطن وإخراج القلب المؤدّيين إلى الموت لا محالة، ونحن بحمد الله لا نرى العدول عن الحقيقة إلى المجاز في خبر الصادق إلا في الأمر المحال على القدرة وسقط قوله ثم أعيد لغير أبي ذر.(ثم أتيت) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول (بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض) اللون والتذكير باعتبار المركوب، وعند الثعلبي بسند ضعيف من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- لها خدّ كخدّ الإنسان وعرف كالفرس وقوائم كالإبل وأظلاف وذنب كالبقر وكان صدره ياقوتة حمراء (فقال له): أي لأنس -رضي الله عنه- (الجارود) بن أبي سبرة (هو البراق يا أبا حمزة) استفهام حذفت منه الأداة وأبو حمزة بالحاء المهملة والزاي كنية أنس -رضي الله عنه- (قال أنس: نعم) هو البراق (يضع خطوه) بفتح الخاء المعجمة وسكون الطاء المهملة (عند أقصى طرفه) بفتح المهملة وسكون الراء بعدها فاء أي يضع رجله عند منتهى ما يرى بصره، وهو يدل على أنه كان يمشي على وجه الأرض. وروى ابن سعد عن الواقدي بأسانيده: له جناحان ولعله يشعر بأنه يطير بين السماء والأرض (فحملت عليه) بضم الحاء مبنيًّا للمفعول (فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا) فيه حذف صرح بهالبيهقي في دلائله من حديث أبي سعيد ولفظه: فإذا أنا بدابة كالبغل يقال له البراق، وكانت الأنبياء تركبه قبلي فركبته. الحديث. قال: ثم دخلت أنا وجبريل بيت المقدس فصليت ثم أتيت بالمعراج، وعند ابن إسحاق: ولم أر قط شيئًا أحسن منه، وهو الذي يمدّ إليه الميت عينيه إذا احتضر، وفي رواية كعب: فوضعت له مرقاة من فضة ومرقاة من ذهب حتى عرج هو وجبريل، وفي شرف المصطفى لابن سعد: أنه منضد باللؤلؤ عن يمينه ملائكة وعن يساره ملائكة، وعند ابن أبي حاتم من رواية يزيد بن أبي مالك عن أنس -رضي الله عنه-: فلم ألبث إلاّ يسيرًا حتى اجتمع ناس كثير ثم أذن مؤذن فأقيمت الصلاة فأخذ بيدي جبريل فقدمني فصليت بهم، وعند أحمد من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- فلما أتى النبي -صَلَّى اللَّهُ
    عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المسجد الأقصى فإذا النبيون أجمعون يصلون معه والأظهر أن صلاته بهم ببيت المقدس كانت قبل العروج ثم عرج به إلى السماء الدنيا.(فاستفتح) جبريل (فقيل) ولأبي ذر قيل (من هذا؟) الذي يقرع الباب (قال جبريل: قيل)ولأبي ذر قال: أي خازن السماء (ومن معك؟ قال): جبريل معي (محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟) للعروج به (قال): جبريل (نعم). أرسل إليه (قيل: مرحبًا به فنعم المجيء جاء) قال ابن مالك: في شواهده في هذا الكلام شاهد على الاستغناء بالصلة عن الموصول أو الصفة عن الموصوف في باب: نعم لأنها تحتاج إلى فاعل هو المجيء وإلى مخصوص بمعناها وهو مبتدأ مخبر عنه بنعم وفاعلها فهو في هذا الكلام وشبهه موصول أو موصوف بجاء، والتقدير ونعم المجيء الذي جاء أو نعم المجيء مجيء جاء وكونه موصولاً أجود لأنه مخبر عنه والمخبر عنه إذا كان معرف أولى من كونه نكرة (ففتح) خازنها الباب (فلما خلصت) بفتح اللام أي وصلت (فإذا فيها آدم فقال) له جبريل: (هذا أبوك آدم فسلم عليه) لأن المار يسلم على القاعد وإن كان المار أفضل من القاعد (فسلمت عليه فردّ) علي (السلام ثم قال) له آدم: (مرحبًا بالابن الصالح والنبي الصالح ثم صعد) جبريل (حتى) ولأبي ذر ثم صعد بي حتى (أتى السماء الثانية فاستفتح) جبريل بابها (قيل) ولأبي ذر فقيل (من هذا؟) الذي يقرع الباب (قال جبريل. قيل: ومن معك؟ قال): معي (محمد. قيل: وقد أرسل إليه؟ قال) جبريل: (نعم) أرسل إليه (قيل مرحبًا به فنعم المجيء) الذي (جاء) أو نعم المجيء مجيء جاء (ففتح) الخازن الباب (فلما خلصت إذا يحيى) بن زكريا (وعيسى) ابن مريم (وهما ابنا الخالة) لأن أم يحيى إيشاع بنت فاقوذ أخت حنة بالحاء المهملة والنون المشدّدة بنت فاقوذ أم مريم، وذلك أن عمران بن ماثان تزوج حنة وزكريا تزوج إيشاع فولدت يحيى وولدت حنة مريم فتكون إيشاع خالة مريم وحنة خالة يحيى فهما ابنا خالة بهذا الاعتبار وليس عمران هذا أبا موسى إذ بينهما فيما قيل ألف وثمانمائة سنة ولأبي ذر: ابنا خالة. (قال) جبريل له عليه الصلاة والسلام: (هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما فسلمت عليهما فردّا) علي السلام (ثم قالا): لي: (مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد) جبريل (إلى السماء الثالثة فاستفتح) جبريل الباب (قيل) له، ولأبي ذر: فقيل (من هذا؟) الذي يستفتح (قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال)جبريل: معي (محمد. قيل: وقد أرسل إليه؟) للعروج به (قال: نعم. قيل مرحبًا به فنعم المجيء) مجيء (جاء ففتح) بضم الفاء الثانية مبنيًّا للمفعول (فلما خلصت إذا يوسف قال) لي جبريل: (هذا يوسف فسلّم عليه فسلمت عليه فردّ) عليّ السلام (ثم قال: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد بي) جبريل (حتى أتى السماء الرابعة فاستفتح) جبريل (قيل) له: (من هذا؟ قال جبريل: قيل) ولأبي ذر: قال: (ومن معك؟ قال: محمد. قيل: أوقد أرسل إليه؟ قال: نعم) أرسل إليه (قيل مرحبًا به فنعم المجيء) الذي (جاء ففتح) بضم الفاء مبنيًّا للمفعول لنا (فلما خلصت إلى إدريس) وللأربعة: فإذا إدريس (قال) جبريل: (هذا إدريس فسلم عليه فسلمت عليه) ولغير الكشميهني سقوط لفظ عليه (فرد) عليّ السلام (ثم قال) لي: (مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح) فيه رد على النسابة في قولهم إن إدريس جد نوح وإلاّ لقال والابن الصالح كما قال: آدم (ثم صعد) جبريل (بي حتى أتى السماء الخامسة فاستفتح) جبريل (قيل) له: (من هذا؟) الذي يستفتح (قال: جبريل. قيل) ولأبي ذر: (ومن معك؟ قال) جبريل: (محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) سقطت التصلية لأبي ذر (قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم. قيل مرحبًا به فنعم المجيء جاء) قيل المخصوص بالمدح محذوف وفيه تقديم وتأخير والتقدير جاء فنعم المجيء مجيئه (فلما خلصت فإذا هارون قال: هذا هارون فسلّم عليه فسلمت عليه فرد) السلام علي (ثم قال: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد بي) جبريل (حتى أتى السماء السادسة فاستفتح) جبريل (قيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: من) ولأبي ذر
    قال: ومن (معك؟ قال): معي (محمد. قيل: وقد أرسل إليه؟) سقطت واو وقد لأبي ذر (قال: نعم قال: مرحبًا به فنعم المجيء جاء فلما خلصت فإذا موسى) قال في المصابيح: إن الفاء فيه وفي فإذا إبراهيم زائدة (قال) جبريل: (هذا موسى فسلّم عليه فسلّمت عليه فرد) عليّ السلام (ثم قال) له: (مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح فلما تجاوزت) بالجيم والزاي أي موسى (بكى. قيل) ولأبي ذر فقيل وفي نسخة قال: (له ما يبكيك؟) يا موسى (قال: أبكي لأن غلامًا بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن) ولأبي ذر عن الكشميهني أكثر ممن (يدخلها من أمتي) ليس بكاؤه حسدًا حاشاه الله بل أسفًا على ما فاته من الأجر المترتب عليه رفع درجته بسبب ما حصل من أمته من كثرة المخالفة المقتضية لتنقيص أجورهم المستلزم ذلك لنقص أجره لأن لكل نبي مثل أجر جميع من اتبعه، وقوله غلام مراده به أنه صغير السن بالنسبة إليه، وقد أنعم الله عليه بما لم ينعم به عليه مع طول عمره (ثم صعد بي) جبريل (إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل. قيل: من هذا؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد بعث إليه؟ قال: نعم قال: مرحبًا به فنعم المجيء جاء، فلما خلصت فإذا إبراهيم) الخليل (قال) جبريل (هذا أبوك) إبراهيم (فسلّم عليه قال: فسلمت عليه فرد السلام قال): وفي نسخة فقال: ولأبي ذر ثم قال: (مرحبًا بالابن الصالح والنبي الصالح). وقد استشكل رؤية الأنبياء في السماوات مع أن أجسادهم مستقرة في قبورهم بالأرض. وأجيب: بأن أرواحهم تشكلت بصور أجسادهم أو أحضرت أجسادهم لملاقاته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تلك الليلة تشريفًا له وتكريمًا (ثم رفعت لي) أي لأجلي بضم الراءوكسر الفاء وفتح العين المهملة وتسكين الفوقية (سدرة المنتهى) التي ينتهي إليها ما يعرج من الأرض فيقبض منها، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: ثم رفعت بسكون العين وضم الفوقية وإلى الجارة وسدرة جرّ بها وجمع بين الروايتين بأنه رفع إليها وظهرت له كل الظهور حتى اطلع عليها كل الاطّلاع (فإذا نبقها) بكسر الموحدة ثمر السدرة (مثل قلال هجر) بكسر القاف وهجر بفتح الهاء والجيم اسم بلد لا ينصرف للعلمية والتأنيث ومراده أن ثمرها في الكبر كالجرار التي تصنع بها وكانت معروفة عند المخاطبين، فلذا وقع التمثيل بها، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: مثل قلال الهجر بالتعريف (وإذا ورقها مثل آذان الفيلة) بكسر الفاء وفتح التحتية جمع فيل وقول الزركشي بفتح الفاء والياء تعقبه في المصابيح بأنه سهو (قال) لي جبريل: (هذه سدرة المنتهى وإذا أربعة أنهار) تخرج من أصلها (نهران باطنان ونهران ظاهران، فقلت: ما هذان يا جبريل؟ قال: أما الباطنان فنهران) يجريان (في الجنة) ويجريان من أصل سدرة المنتهى ثم يسيران حيث يشاء الله ثم ينزلان إلى الأرض ثم يسيران فيها وقال مقاتل: الباطنان السلسبيل والكوثر (وأما الظاهران فالنيل) نهر مصر (والفرات) بالمثناة الفوقية خطأ وصلاً ووقفًا لا بالهاء نهر بغداد (ثم رفع لي البيت المعمور) زاد الكشميهني يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، وزاد في بدء الخلق: إذا خرجوا لم يعودوا (ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل فأخذت اللبن) فشربت منه (فقال) جبريل: (هي الفطرة) الإسلامية (أنت) ولأبي ذر التي أنت (عليها وأمتك) وفي الأشربة من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: ولو أخذت الخمر لغوت أمتك. وعند البيهقي عن أنس: ولو شربت الماء غرقت وغرقت أمتك. وفي مسلم أن إتيانه بالآنية كان ببيت المقدس قبل المعراج، ويحتمل أن الآنية عرضت عليه مرتين مرة عند فراغه من الصلاة ببيت المقدس ومرة عند وصوله إلى سدرة المنتهى.(ثم فرضت) بالبناء للمفعول (عليّ الصلوات) بالجمع ولأبي ذر الصلاة (خمسون صلاة كل يوم) وزاد في الصلاة ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام قال ابن حزم وفي رواية أنس بن مالك قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ففرض الله
    عز وجل على أمتي خمسين صلاة (فرجعت فمررت على موسى فقال: بما) ولأبي ذر بم (أمرت؟) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول (قال) نبينا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: قلت له: (أمرت بخمسين صلاة كل يوم) وليلة (قال) موسى عليه السلام: (إن أمتك لا تستطيع) أن تصلي (خمسين صلاة كل يوم) وليلة (وإني والله قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك) قال عليه الصلاة والسلام: (فرجعت) إلى ربي (فوضع عني عشرًا) من الخمسين (فرجعت إلى موسى) فأخبرته (فقال: مثله) إن أمتك لا تستطيع الخ (فرجعت فوضع عني عشرًا) من الأربعين (فرجعت إلى موسى) (فقال: مثله) (فرجعت فوضع عني عشرًا) من الثلاثين (فرجعت إلى موسى) (فقال: مثله) (فرجعت فأمرت بعشر صلوات) بالإضافة وفي اليونينية بعشر بالتنوين (كل يوم) وليلة (فرجعت) إلى موسى سقط لفظ فرجعت لأبي ذر وإلى موسى للكل (فقال) موسى: (مثله فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم) وليلة (فرجعت إلى موسى فقال: بما) بألف بعد الميم ولأبي ذر بم (أمرت؟ قلت) (أمرت بخمسصلوات كل يوم) (قال: إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك قال): عليه الصلاة والسلام فقلت له: (سألت ربي حتى استحييت) فلا أرجع فإني إن رجعت صرت غير راض ولا مسلم (ولكن) ولأبي ذر عن الكشميهني: ولكني (أرضى وأسلم) (قال) عليه الصلاة والسلام: (فلما جاوزت ناداني مناد) والذي في اليونينية نادى مناد (أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي) وهذا من أقوى ما يستدل به على أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كلمه ربه ليلة الإسراء بغير واسطة كما قاله في الفتح.

    (بابُُ المِعْرَاجِ)أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الْمِعْرَاج، هَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ: قصَّة الْمِعْرَاج، أَي: هَذِه قصَّة الْمِعْرَاج، بِكَسْر الْمِيم. قَالَ بَعضهم: وَحكى ضمهَا. قلت: هَذَا غير صَحِيح، وَهُوَ من عرج يعرج عروجاً إِذا صعد، قَالَ ابْن الْأَثِير: الْمِعْرَاج، بِالْكَسْرِ شبه السّلم مفعال من العروج الصعُود: كَأَنَّهُ آلَة لَهُ، وَاخْتلف فِي وَقت الْمِعْرَاج، فَقيل: إِنَّه كَانَ قبل المبعث، وَهُوَ شَاذ إلاَّ إِذا حمل على أَنه وَقع فِي الْمَنَام فَلهُ وَجه، وَقيل: كَانَ قبل الْهِجْرَة بِسنة، فِي ربيع الأول، وَهُوَ قَول الْأَكْثَرين، حَتَّى بَالغ ابْن حزم فَنقل الْإِجْمَاع على ذَلِك، وَقَالَ السّديّ: قبل الْهِجْرَة بِسنة وَخَمْسَة أشهر، وَأخرجه من طَرِيقه الطَّبَرِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فعلى هَذَا كَانَ فِي شَوَّال، وَحكى ابْن عبد الْبر: أَنه كَانَ فِي رَجَب، وَجزم بِهِ النَّوَوِيّ، وَقيل: بِثمَانِيَة عشر شهرا، حَكَاهُ عبد الْبر أَيْضا، وَقيل: كَانَ قبل الْهِجْرَة بِسنة وَثَلَاثَة أشهر، فعلى هَذَا يكون فِي ذِي الْحجَّة، وَبِه جزم ابْن فَارس، وَقيل: كَانَ قبل الْهِجْرَة بِثَلَاث سِنِين،
    حَكَاهُ ابْن الْأَثِير، وَحكى عِيَاض عَن الزُّهْرِيّ: أَنه كَانَ بعد المبعث بِخمْس سِنِين، وروى ابْن أبي شيبَة من حَدِيث جَابر وَابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، قَالَا: ولد رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم الْإِثْنَيْنِ، وَفِيه بعث، وَفِيه عرج بِهِ إِلَى السَّمَاء، وَفِيه مَاتَ.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:3708 ... ورقمه عند البغا:3887 ]
    - حدَّثنا هُدْبَةُ بنُ خالِدٍ حدَّثنا هَمَّامُ بنُ يَحْيَى حدَّثنا قَتادَةُ عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ عنْ مالِكِ بنِ صَعْصَعَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما أخبرنَا أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حدَّثَهُمْ عنْ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ بَيْنَما أنَا فِي الحَطِيمِ ورُبَّمَا قَالَ فِي الحِجْرِ مُضْطَجِعَاً إذْ أتَانِي آتٍ فَقَدَّ قَالَ وسَمِعْتُهُ يَقُولُ فشَقَّ مَا بَيْنَ هَذِهِ إلَى هَذِهِ فقُلْتُ لِلْجَارُودِ وهْوَ إلَى جَنْبِي مَا يَعْنِي بِهِ قالَ مِنْ ثُغْرَةِ نَحْرِهِ إِلَى شِعْرَتِهِ وسَمِعْتُهُ يَقُولُ مِنْ قَصِّهِ إلَى شِعْرَتِهِ فاسْتَخْرَجَ قَلْبِي ثُمَّ أُتِيتُ بِطُسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوءَةٍ إيِمَانَاً فغُسِلَ قلْبِي ثُمَّ حُشِيَ ثُمَّ أعِيدَ ثُمَّ أُتِيتُ بِدَابَّةِ دُونَ البَغْلِ وفَوْقَ الحِمارِ أبْيَضَ فقا لهُ الجَارُودُ هُوَ البُرَاقُ يَا أبَا حَمْزَةَ قَالَ أنَسٌ نَعَمْ يَضَعُ خَطْوَهُ عِنْدَ أقْصَى طَرْفِهِ فَحُمِلْتُ عَليْهِ فانْطَلقَ بِي جِبرِيلُ حتَّى أتَى السَّماءَ الدُّنْيَا فاسْتَفْتَحَ فَقِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبرِيلُ قِيلَ ومَنْ معَك قَالَ مُحَمَّدٌ قِيلَ وقَدْ أُرْسِلَ إلَيْهِ قَالَ نَعَمْ قِيلَ مَرْحَبَاً بِهِ فنِعْمَ المَجيءُ جاءَ ففَتَحَ فلَمَّا خَلَصْتُ فإذَا فِيهَا آدَمُ فَقَالَ هاذَا أبُوكَ آدَمُ فسَلمَ عَلَيهِ فسَلَّمْتُ علَيْهِ فرَدَّ السَّلاَمُ ثُمَّ قالَ مَرْحَبَاً بالابْنِ الصَّالِحِ والنَّبيِّ الصَّالِحِ ثُمَّ صَعَدَ حتَّى أتَى السَّماءَ الثَّانِيَةَ فاسْتَفْتَحَ قِيلَ مَنْ هاذَا قَالَ جِبْرِيلُ قِيلَ ومَنْ معَك قَالَ مُحَمَّدٌ قِيلَ وقَدْ أُرْسِل إلَيْهِ قَالَ نَعَمْ قِيلَ مَرْحَبَاً بِهِ فنِعْمَ المَجِيءُ جاءَ ففَتَحَ فلَمَّا خَلَصْتُ إذَا يَحْيَى وعِيسَى وهُمَا ابْنا الخَالَةِ قَالَ هَذا يَحْيى وعِيسى فسَلِّمْ عَلَيْهِما فسَلَّمْتُ فرَدَّا ثُمَّ قَالَا مَرْحَبَاً بالأخِ الصَّالِحِ والنَّبيِّ الصَّالِحِ ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّماءِ الثَّالِثَةِ فاسْتَفْتَحَ قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ قِيلَ وقَدْ أُرُسِلَ إلَيْهِ قَالَ نَعَمْ قِيلَ مَرْحَبَاً بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جاءَ فَفُتِحَ فلَمَّا خَلَصْتُ إذَا يُوسُف قَالَ هَذَا يُوسُفُ فسَلِّمْ عَلَيْهِ فسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ ثُمَّ قالَ مَرْحَبَاً بالأخِ الصَّالِحِ والنَّبِيِّ الصَّالِحِ ثُمَّ صَعِدَ بِي حتَّى أتَى السَّماءَ الرَّابِعَةَ فاسْتَفْتَحَ قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبرِيلُ قِيلَ ومَنْ معَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ قيلَ أوَقَدْ أُرْسِلَ إلَيْهِ قَالَ نَعَمْ قِيلَ مَرْحَبَاً بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جاءَ فَفُتِحَ فلَمَّا خلَصْتُ إِلَى إدْرِيسَ قَالَ هَذَا إدْرِيسُ فسَلَّمَ علَيْهِ فسَلَّمْتُ علَيْهِ فَرَدَّ ثُمَّ قالَ مَرْحَبَاً بالأخِ الصَّالِحِ والنَّبِيَّ الصَّالِحِ ثُمَّ صعِدَ بِي حتَّى أتَى السَّماءَ الخامِسَةَ فاسْتَفْتَحَ قِيلَ مَنْ هَذا قَالَ جِبْرِيلُ قِيلَ ومَنْ معَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قِيلَ وَقد أُرْسِلَ إلَيْهِ قَالَ نَعَمْ قيل مَرْحَبَاً بِهِ فنِعْمَ المَجِيءُ جاءَ فلَمَّا خَلَصْتُ فإذَا هَارُونِ قَالَ هاذَا هاارُونُ فسَلِّمْ عَلَيْهُ فسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فرَدَّ ثُمَّ قالَ مَرْحَبَاً بالأخِ الصَّالِحِ والنَّبِيِّ الصَّالِحِ ثُمَّ صَعِدَ بِي حتَّى أتَى السَّمَاءَ السَّادِسَةَ فاسْتَفْتَحَ قِيلَ مَنْ هَذا قَالَ جِبْرِيلُ قِيلَ مَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ قِيلَ وقدْ أُرْسِلَ إلَيْهِ قَالَ نعَمْ قَالَ مَرْحَبَاً بِهِ فنِعْمَ المَجيءُ جاءَ فلَمَّا خَلَصْتُ فإذَا موُسى فسَلَّمَ عَلَيْهِ فسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فرَدَّ ثُمَّ قالَ مَرْحَبَاً بالأخِ الصَّالِحِ والنَّبِيِّ الصَّالِحْ فلَمَّا تَجاوَزْتُ بَكِي قِيلَ لَهُ
    مَا يُبْكِيكَ قَالَ أبْكِي لأنَّ غُلامَاً بُعِثَ مِنْ بَعْدِي يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أكْثَرُ مَنْ يَدْخُلُهَا مِنْ أُمَّتِي ثُمَّ صَعِدَ بِي إلَى السَّماءِ السَّابِعَةِ فاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ قِيلَ مَنْ هذَا قالَ جِبْرِيلُ قِيلَ وَمَنْ معَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ قِيلَ وقَدْ بُعِثِ إلَيْهِ قَالَ نعَمْ قَالَ مَرْحَبَاً بِهِ فَنِعْمَ المَجِيءُ جاءَ فلَمَّا خَلَصْتُ فإذَا إبْرَاهِيمُ قَالَ هذَا أبُوكَ فسَلِّمْ عَلَيْهِ قَالَ فسَلَّمْتُ علَيْهِ فرَدَّ السَّلامَ قَالَ مَرْحَبَاً بالإبْنِ الصَّالِحِ والنَّبِيِّ الصَّالِحِ ثُمَّ رُفِعْتُ إِلَى سِدْرَةِ المُنْتَهَى فإذَا نَبِقُها مثْلُ قِلالِ هَجَرَ وإذَا ورَقُها مثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ قَالَ هَذِهِ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى وإذَا أرْبَعَةُ أنْهَارٍ نَهْرَانِ باطنان ونَهْرَانِ فَقُلْتُ مَا هَذانِ يَا جِبِرِيلُ قَالَ أمَّا البَاطِنانِ فَنَهْرَانِ فِي الجَنَّةِ وأمَّا الظَّاهِرَانِ فالنِّيلُ والْفُرَاتُ ثُمَّ رُفِعَ لي البَيْتُ المَعمُورُ ثُمَّ أُتِيتُ بإنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وإنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ وإناءٍ منْ عَسَلٍ فأخَذْتُ اللَّبَنَ فَقالَ هِيَ الفِطْرَةُ أنْتَ عَلَيْها وأُمَّتُكَ ثُمَّ فُرِضَتْ علَيَّ الصَّلَوَاتُ خَمْسِينَ صَلاةً كُلَّ يَوْمٍ فرَجَعْتُ فمَرَرْتُ علَى مُوساى فقالَ بِمَا أُمِرْتَ قَالَ أُمِرْتُ بِخَمْسِينَ صلاَةً كُلَّ يَوْمٍ قَالَ إنَّ أُمَّتَكَ لَا تَسْتَطِيعُ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ وإنِّي وَالله قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ وعالَجْتُ بَنِي إسْرَائِيلَ أشَدَّ الْمُعَالَجَةِ فارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فاسْألْهُ التَّخْفِيفَ لأمَّتِكَ فرَجَعْتُ فوَضَعَ عَنِّي عَشْرَاً فرَجَعْتُ إِلَى مُوساى فقَالَ مِثْلَهُ فرَجَعْتُ فوَضَعَ عَنِّي عَشْرَاً فرَجَعْتُ إِلَى مُوساى فَقال مِثْلَهُ فرَجَعْتُ فوَضَعَ عَنِّي عَشْرَاً فرَجَعْتُ إِلَى مُوساى فَقالَ مِثْلَهُ فرَجَعْتُ فأُمِرْتُ بِعَشْرِ صلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ فرَجَعْتُ فقالَ مِثْلَهُ فرَجَعْتُ فأُمِرْتُ بِخَمْسِ صلَوَاتٍ كلَّ يَوْمٍ فرَجَعْتُ إِلَى مُوساى فَقال بِما أُمِرْتَ قُلْتُ أُمِرْتُ بِخَمْسِ صلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ قَالَ إنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ خَمْسَ صَلَواتٍ كُلَّ يَوْمٍ وإنِّي قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ وعالَجْتُ بَنِي إسْرَائِيلَ أشَدَّ المُعَالَجَةِ فارْجِعْ إلَى رَبِّكَ فاسْألْهُ التَّخْفِيفَ لأِمَّتِكَ قَالَ سألْتُ رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ ولَكِنْ أرْضَى وأُسَلِّمُ قَالَ فلَمَّا جاوَزْتُ نادَى مُنادٍ أمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي.مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَالْكَلَام فِيهِ على أَنْوَاع.الأول: فِي رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: هدبة، بِضَم الْهَاء وَسُكُون الدَّال الْمُهْملَة وبالباء الْمُوَحدَة: ابْن خَالِد الْقَيْسِي الْمصْرِيّ أَخُو أُميَّة، وَيُقَال: هداب، وروى عَنهُ مُسلم أَيْضا مَاتَ سنة خمس أَو سِتّ أَو سبع أَو ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ. الثَّانِي: همام، بتَشْديد الْمِيم الأولى: ابْن يحيى بن دِينَار العوذي الْبَصْرِيّ، مَاتَ سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَمِائَة فِي رَمَضَان. الثَّالِث: قَتَادَة بن دعامة السدُوسِي الْأَعْمَى الْبَصْرِيّ التَّابِعِيّ. الرَّابِع: أنس بن مَالك، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. الْخَامِس: مَالك بن صعصعة، بِفَتْح الصادين الْمُهْمَلَتَيْنِ وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة الأولى: الْمدنِي الْأنْصَارِيّ الْبَصْرِيّ.النَّوْع الثَّانِي فِي لطائف إِسْنَاده: مِنْهَا: أَن هَؤُلَاءِ كلهم بصريون. وَمِنْهَا: أَن فِيهِ رِوَايَة الصَّحَابِيّ عَن الصَّحَابِيّ. وَمِنْهَا: أَن مَالك بن صعصعة لَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ وَلَا فِي غَيره سوى هَذَا الحَدِيث، وَلَا يعرف روى عَنهُ إلاَّ أنس بن مَالك. وَمِنْهَا: أَن قَوْله: عَن أنس، بالعنعنة، وَقد مضى فِي أول بَدْء الْخلق من وَجه آخر عَن قَتَادَة: حَدثنَا أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.النَّوْع الثَّالِث: أَنه روى مَا يتَعَلَّق بالإسراء فِي مَوَاضِع. مِنْهَا: فِي أول كتاب الصَّلَاة من حَدِيث ابْن شهَاب عَن أنس بن مَالك، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَن أبي ذَر. وَمِنْهَا: فِي بَدْء الْخلق فِي: بابُُ ذكر الْمَلَائِكَة، من حَدِيث هدبة عَن همام عَن قَتَادَة عَن أنس وَمن حَدِيث خَليفَة عَن يزِيد بن زُرَيْع عَن سعيد وَهِشَام كِلَاهُمَا عَن قَتَادَة عَن أنس عَن
    مَالك بن صعصعة. وَمِنْهَا: هَهُنَا عَن هدبة أَيْضا، فَانْظُر إِلَى تفَاوت مَا بَين روايتي هدبة من زِيَادَة ونقصان.النَّوْع الرَّابِع: فِي أَن مُسلما أخرجه فِي الْإِيمَان عَن مُوسَى، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن بشار وَعَن ابْن أبي عدي بِبَعْضِه، وَقَالَ: وَفِي الحَدِيث قصَّة. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّلَاة عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي بِطُولِهِ وَعَن إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود وَطول فِيهِ.النَّوْع الْخَامِس: فِي مَعْنَاهُ: فَقَوله: (أَن نَبِي الله) ويروى: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (حَدثهمْ) ، ويروى: حَدثنِي، بإفراد الضَّمِير الْمَنْصُوب. قَوْله: (عَن لَيْلَة أسرِي بِهِ) ، على صِيغَة الْمَجْهُول وَهِي صفة لليلة، وَالضَّمِير فِيهِ يرجع إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهَذَا رِوَايَة الْكشميهني بِزِيَادَة لَفْظَة: بِهِ، وَفِي رِوَايَة غَيره: أسرى، دون لفظ: بِهِ. قَوْله: (بَينا أَنا) ، قد ذكرنَا غير مرّة أَن: بَين، ظرف زيدت فِيهِ الْألف وَرُبمَا تزاد فِيهِ الْمِيم أَيْضا، ويضاف إِلَى جملَة وَهِي مُبْتَدأ، (وَفِي الْحطيم) خَبره أَي: كَائِن أَو مُسْتَقر فِيهِ، وَالْمرَاد بِالْحَطِيمِ الْحجر هُنَا على الْأَصَح، واستبعد قَول من قَالَ: المُرَاد بِهِ مَا بَين الرُّكْن وَالْمقَام، أَو بَين زَمْزَم وَالْحجر، وَسمي الْحطيم لِأَنَّهُ حطم من جِدَاره فَلم يسو بِبِنَاء الْكَعْبَة وَترك خَارِجا مِنْهُ. وَقَالَ النَّضر: إِنَّمَا سمي الْحجر حطيماً لِأَن الْبَيْت رفع وَترك ذَلِك محطوماً، وَكَذَلِكَ قَالَ الْخطابِيّ. قَوْله: (وَرُبمَا قَالَ فِي الْحجر) ، هُوَ شكّ من قَتَادَة. قَوْله: (مُضْطَجعا) نصب على الْحَال من قَوْله: (أَنا) وَفِي رِوَايَة: بَين النَّائِم وَالْيَقظَان. فَإِن قلت: فِي رِوَايَة شريك الَّتِي تَأتي فِي التَّوْحِيد فِي آخر الحَدِيث: فَلَمَّا استيقظت قلت: إِن كَانَت الْقِصَّة مُتعَدِّدَة فَلَا إِشْكَال، وإلاَّ فَالْمَعْنى: أَفَقْت مِمَّا كنت فِيهِ من شغل البال بمشاهدة الملكوت. فَإِن قلت: قد تقدم فِي أول بَدْء الْخلق: بَينا أَنا عِنْد الْبَيْت، وَوَقع فِي رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن أنس عَن أبي ذَر فرج سقف بَيْتِي وَأَنا بِمَكَّة، وَفِي رِوَايَة الْوَاقِدِيّ بأسانيده: أَنه أسرِي بِهِ من شعب أبي طَالب، وَفِي حَدِيث أم هانىء عِنْد الطَّبَرَانِيّ: أَنه بَات فِي بَيتهَا، قَالَت: فَفَقَدته من اللَّيْل، فَقَالَ: إِن جِبْرِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَتَانِي. قلت: الْجمع بَين هَذِه الْأَقْوَال أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، نَام فِي بَيت أم هانىء، و، بَيتهَا عِنْد شعب أبي طَالب، فَفرج سقف بَيته، وأضاف الْبَيْت إِلَيْهِ لكَونه كَانَ يسكنهُ فَنزل مِنْهُ الْملك فَأخْرجهُ من الْبَيْت إِلَى الْمَسْجِد فَكَانَ بِهِ مُضْطَجعا وَبِه أثر النعاس، ثمَّ أخرجه الْملك إِلَى بابُُ الْمَسْجِد فأركبه الْبراق. قَوْله: (إِذْ أَتَانِي) ، جَوَاب: بَينا، قَوْله: (آتٍ) ، هُوَ جِبْرِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَأَصله: أَتَى فَاعل إعلال قاضٍ. قَوْله: (فقد) ، بِالْقَافِ وَتَشْديد الدَّال أَي: فشق، وَهُوَ الْمُسْتَفَاد من قَوْله: قَالَ: وسمعته يَقُول: فشق، وفاعل: قَالَ، قَتَادَة، وَالْمقول عَنهُ أنس، وتوضحه رِوَايَة أَحْمد، قَالَ قَتَادَة: وَرُبمَا سَمِعت أنسا يَقُول: فشق. قَوْله: (فَقلت للجارود) ، الْقَائِل قَتَادَة، والجارود بِالْجِيم وَضم الرَّاء وبالدال الْمُهْملَة: ابْن أبي سُبْرَة، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وبالراء: الْهُذلِيّ التَّابِعِيّ، صَاحب أنس، وَقد أخرج لَهُ أَبُو دَاوُد من رِوَايَته عَن أنس حَدِيثا غير هَذَا. قَوْله: (من ثغرة) ، بِضَم الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَسُكُون الْغَيْن الْمُعْجَمَة، وَهِي ثغرة النَّحْر الَّتِي بَين الترقوتين. قَوْله: (إِلَى شعرته) ، بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة: وَهُوَ شعر الْعَانَة، قَوْله: (من قصه) بِفَتْح الْقَاف وَتَشْديد الصَّاد الْمُهْملَة، وَهُوَ رَأس الصَّدْر. قَوْله: (إِلَى شعرته) وَقَالَ الْكرْمَانِي: ويروى بدل الشعرة: الثنة، بِضَم الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَتَشْديد النُّون وَهِي مَا بَين السُّرَّة والعانة، وَقد استنكر بَعضهم وُقُوع شقّ الصَّدْر لَيْلَة الْمِعْرَاج، وَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِك وَهُوَ صَغِير فِي بني سعد ورد بِأَنَّهُ ثَبت شقّ الصَّدْر أَيْضا عِنْد الْبعْثَة، ثمَّ وَقع أَيْضا عِنْد إِرَادَة العروج إِلَى السَّمَاء، وَلَا إِنْكَار فِي ذَلِك لكَونه من الْأُمُور الخارقة للْعَادَة لصلاحية الْقُدْرَة وَإِظْهَار المعجزة، ثمَّ الْحِكْمَة فِي الأول وَهُوَ فِي حَال الطفولية لينشأ على أكمل الْأَحْوَال من الْعِصْمَة من الشَّيْطَان، وَلِهَذَا قَالَ فِي حَدِيث أنس عِنْد مُسلم: هَذَا حَظّ الشَّيْطَان مِنْك وَذَلِكَ الْعلقَة الَّتِي أخرجهَا وَفِي الثَّانِي: أَعنِي: عِنْد الْبَعْث ليتلقى مَا يُوحى إِلَيْهِ بقلب قوي فِي أكمل الْأَحْوَال. وَفِي الثَّالِث: أَعنِي: عِنْد العروج إِلَى السَّمَاء ليتأهب للمناجاة. قَوْله: (بطست) بِفَتْح الطَّاء وَكسرهَا وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة وبالتاء الْمُثَنَّاة من فَوق، وَقد تحذف وَهُوَ الْأَكْثَر، وَقد يؤنث بِاعْتِبَار الْآنِية وَإِنَّمَا خص الطست لكَونه أشهر آلَات الْغسْل عرفا، وَخص الذَّهَب لكَونه الْأَعْلَى أواني الحسية وأصفاها، وَلِأَن لِلذَّهَبِ خَواص لَيست لغيره وَهِي أَنه لَا تَأْكُله النَّار وَلَا يبليه التُّرَاب وَلَا يلْحقهُ الصدى وَهُوَ أثقل الْجَوَاهِر، فَنَاسَبَ ثقل الْوَحْي. فَإِن قلت: اسْتِعْمَال الذَّهَب حرَام للرِّجَال؟ قلت: لَعَلَّ ذَلِك قبل التَّحْرِيم، وَقيل: إِنَّه مَخْصُوص بأحوال الدُّنْيَا وَمَا وَقع فِي تِلْكَ اللَّيْلَة يلْحق بِأَحْكَام الْآخِرَة، لِأَن الْغَالِب أَنه من أَحْوَال
    الْغَيْب. قَوْله: (مَمْلُوءَة) صفة الطست، وَقد ذكرنَا أَنه يؤنث بِاعْتِبَار الْآنِية. قَوْله: (إِيمَانًا) نصب على التَّمْيِيز، وَزَاد فِي بَدْء الْخلق: وَحكمه، وَقَالَ النَّوَوِيّ: مَعْنَاهُ أَن الطست كَانَ فِيهِ شَيْء تحصل بِهِ زِيَادَة فِي كَمَال الْإِيمَان وَكَمَال الْحِكْمَة. فَإِن قلت: الملء الْمَذْكُور حَقِيقَة أم مجَاز؟ قلت: يجوزان أَن يكون حَقِيقَة، لِأَن تجسد الْمعَانِي جَائِز كَمَا جَاءَ فِي وزن الْأَعْمَال يَوْم الْقِيَامَة، وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ: لَعَلَّ ذَلِك من بابُُ التَّمْثِيل، إِذْ تَمْثِيل الْمعَانِي قد وَقع كثيرا كَمَا مثلت لَهُ الْجنَّة وَالنَّار فِي عرض الْحَائِط، وَفَائِدَته كشف الْمَعْنَوِيّ بالمحسوس. قَوْله: (فَغسل قلبِي) ، وَفِي رِوَايَة لمُسلم: فاستخرج قلبِي فَغسل بِمَاء زَمْزَم، وَفِيه فَضِيلَة مَاء زَمْزَم على جَمِيع الْمِيَاه فَإِن قلت: لِمَ لم يغسلهُ بِمَاء الْجنَّة؟ قلت: لما اجْتمع فِي زَمْزَم من كَون أصل مَائِهَا من الْجنَّة ثمَّ اسْتَقر فِي الأَرْض فَأُرِيد بذلك بَقَاء بركَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي الأَرْض، وَيُقَال: لبَقَاء بركَة إِسْمَاعِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَإِنَّهُ ركضه. قَوْله: (حشي) ، على صِيغَة الْمَجْهُول. الضَّمِير فِيهِ يرجع إِلَى الْقلب (ثمَّ أُعِيد) أَي قلبه إِلَى حَالَته الأولى قَوْله (ثمَّ اتيت) على صِيغَة الْمَجْهُول أَيْضا. فَإِن قلت: مَا الْحِكْمَة فِي أَنه أَتَى بِدَابَّة فَلم لَم تطوله الأَرْض؟ قلت: إِنَّمَا فعل ذَلِك تأنيساً لَهُ بِالْعَادَةِ فِي مقَام خرق الْعَادة، وَأَيْضًا أَن الْملك إِذا طلب من يُحِبهُ يبْعَث إِلَيْهِ مركوباً، وَوَقع فِي خاطري من الْفَيْض الإل هِيَ أَن طي الأَرْض يشْتَرك فِيهِ الْأَوْلِيَاء بِخِلَاف المركوب الَّذِي يقطع الْمُسَاقَاة الْبَعِيدَة براكبه أسْرع من طرفَة الْعين، فَإِنَّهُ مَخْصُوص بالأنبياء، عَلَيْهِم السَّلَام. قَوْله: (دون الْبَغْل وَفَوق الْحمار) ، الْحِكْمَة فِي كَون هَذِه الدَّابَّة بِهَذِهِ الصّفة الْإِشَارَة إِلَى الْإِسْرَاع الشَّديد بِدَابَّة لَا تُوصَف بذلك فِي الْعَادة، أَو بِاعْتِبَار أَن الرّكُوب كَانَ فِي سلم وَأمن لَا فِي حَرْب وَخَوف. قَوْله: (أَبيض) صفة دَابَّة والتذكير بِاعْتِبَار أَنَّهَا الْبراق أَو بِاعْتِبَار أَنَّهَا المركوب وَكَونه أَبيض بِاعْتِبَار أَنه أصل الألوان، أَو بِاعْتِبَار أَنه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ يحب الْبيَاض. قَوْله: (فَقَالَ لَهُ) أَي: لأنس، والجارود فَاعل. قَالَ. قَوْله: (هُوَ الْبراق) أَي: الدَّابَّة الْمَذْكُورَة المتصفة بِالصّفةِ الْمَذْكُورَة هُوَ الْبراق، بهمز مقدرَة وتذكير الضَّمِير بِاعْتِبَار لفظ الْبراق، وَإِنَّمَا قَالَ الْجَارُود: هُوَ الْبراق لِأَن أنسا، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، لم يتَلَفَّظ بِلَفْظ الْبراق فِي رِوَايَة قَتَادَة عَنهُ، قَوْله: يَا أَبَا حَمْزَة، خطاب لأنس لِأَنَّهُ كنيته. قَوْله: (يضع خطوه) بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَهُوَ الْمرة، وبالضم بَعْدَمَا بَين الْقَدَمَيْنِ فِي الْمَشْي. قَوْله: (طرفه) بِفَتْح الطَّاء الْمُهْملَة وَسُكُون الرَّاء وبالفاء وَهُوَ نظر عينه فَإِنَّهُ يضع خطوه عِنْد مُنْتَهى مَا يرى يبصره، وَهَذَا يدل على أَنه كَانَ يمشي على وَجه الأَرْض، وَلَكِن بِالْمَشْيِ الْمَوْصُوف.وروى ابْن سعد عَن الْوَاقِدِيّ بأسانيده: لَهُ جَنَاحَانِ، فَهَذَا يدل على أَنه يطير بَين السَّمَاء وَالْأَرْض، وَيدل على وَصفه بِالْمَشْيِ مَا رُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود عِنْد أبي يعلى، وَالْبَزَّار: إِذا أَتَى على جبل ارْتَفَعت رِجْلَاهُ فَإِذا هَبَط ارْتَفَعت يَدَاهُ، وَعَن ابْن عَبَّاس رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ بِسَنَد ضَعِيف: لَهُ خد كخد الْإِنْسَان وَعرف كالفرس وقوائم كَالْإِبِلِ وأظلاف وذنب كالبقر وَكَانَ صَدره ياقوتة حَمْرَاء. قلت: الْبراق، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة مُشْتَقّ من البريق وَهُوَ اللمعان سمي بِهِ لنصوع لَونه وَشدَّة بريقه، أَو هُوَ مُشْتَقّ من الْبَرْق، سمي بِهِ لشدَّة حركته وَسُرْعَة مَشْيه كالبرق، وَقَالَ ابْن أبي حَمْزَة: خص الْبراق بذلك إِشَارَة إِلَى الِاخْتِصَاص بِهِ لِأَنَّهُ لم ينْقل أَن أحدا ملكه بِخِلَاف غير جنسه من الدَّوَابّ. قلت: هَذَا يدل على أَن غير نَبينَا، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لم يركب الْبراق وَبِه قَالَ ابْن دحْيَة أَيْضا، وَلَكِن رد هَذَا بِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من رِوَايَة قَتَادَة عَن أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لَيْلَة أسرِي بِهِ أَتَى بِالْبُرَاقِ مسرجاً مُلجمًا فاستصعب عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: مَا حملك على هَذَا؟ فوَاللَّه مَا ركبك خلق قطّ أكْرم على الله مِنْهُ. قَالَ: فَارْفض عرقاً. وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: حسن غَرِيب، وَصَححهُ ابْن حبَان، وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ وَابْن مرْدَوَيْه: وَكَانَت تسخر للأنبياء، عَلَيْهِم السَّلَام، قبله، أَي: كَانَت الدَّابَّة الَّتِي تسمى بِالْبُرَاقِ تسخر للأنبياء قبل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَنَحْوه فِي حَدِيث أبي سعيد عِنْد ابْن إِسْحَاق، وَهَذَا يُصَرح على أَن الْبراق كَانَ معداً لركوب الْأَنْبِيَاء، وَجَاء أَن إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، لما كَانَ يُرِيد زِيَارَة هَاجر وَإِسْمَاعِيل، عَلَيْهِمَا السَّلَام، وهما فِي مَكَّة كَانَ يركب الْبراق، ثمَّ الْحِكْمَة فِي نفرته مُخْتَلف فِيهَا، فَقَالَ ابْن بطال: بعد عَهده بالأنبياء وَطول الفترة بَين عِيسَى وَمُحَمّد، عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَقَالَ غَيره: قَالَ جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حِين شمس بِهِ الْبراق: لَعَلَّك يَا مُحَمَّد مسست الصَّفْرَاء الْيَوْم؟ يَعْنِي: الذَّهَب، فَأخْبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَنه مَا مَسهَا إلاَّ أَنه مرَّ بهَا. فَقَالَ: تَبًّا لمن يعبدك من دون اللهد، وَمَا شمس إلاَّ لذَلِك.
    وَقَالَ ابْن التِّين: إِنَّمَا استصعب الْبراق تيهاً وزهواً بركوب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَرَادَ جِبْرِيل استنطاقه، فَلذَلِك خجل وارفضَّ عرقاً من ذَلِك، وَقَرِيب من ذَلِك رَجْفَة الْجَبَل بِهِ حَتَّى قَالَ لَهُ: اثْبتْ، فَإِنَّمَا عَلَيْك نَبِي وصديق وشهيد، فَإِنَّهَا هزة الطَّرب لَا هزة الْغَضَب، وَسمع العَبْد الضَّعِيف من مشايخه الثقاة أَنه إِنَّمَا شمس بِهِ ليعده الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بالركوب عَلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة، فَلَمَّا وعده بذلك قرو ذَلِك، لِأَنَّهُ جَاءَ فِي التَّفْسِير فِي قَوْله تَعَالَى: {{ولسوف يعطيك رَبك فترضى}} (الضُّحَى: 6) . أَن الله أعد لَهُ فِي الْجنَّة أَرْبَعِينَ ألف براق ترتع فِي مروج الْجنَّة.قَوْله: (فَحملت عَلَيْهِ) على صِيغَة الْمَجْهُول، أَي: على الْبراق، وَذكر فِي (شرف الْمُصْطَفى) : كَانَ الَّذِي أمسك بركابه جِبْرِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وبزمام الْبراق مِيكَائِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَإِن قلت: لما ركب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، الْبراق مَا فعل جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام؟ قلت: وَقع فِي حَدِيث حُذَيْفَة عِنْد أَحْمد، قَالَ: أَتَى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِالْبُرَاقِ فَلم يزَال ظَهره هُوَ وَجِبْرِيل حَتَّى انتهيا إِلَى بَيت الْمُقَدّس، قيل: هَذَا لم يسْندهُ حُذَيْفَة إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَيحْتَمل أَنه قَالَه عَن اجْتِهَاد، وَيحْتَمل أَن يكون جِبْرِيل رافقه فِي السّير لَا فِي الرّكُوب، وَقَالَ ابْن دحْيَة وَغَيره: مَعْنَاهُ: وَجِبْرِيل قَائِد أَو سائق أَو دَلِيل، قَالَ: وَإِنَّمَا جزمنا بذلك لِأَن قصَّة الْمِعْرَاج كَانَت كَرَامَة للنَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلَا مدْخل لغيره فِيهَا، ورد عَلَيْهِ مَا قَالَه بِمَا روى ابْن حبَان فِي (صَحِيحه) من حَدِيث ابْن مَسْعُود أَن جِبْرِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، حمله على الْبراق رديفا لَهُ وَفِي رِوَايَة الْحَارِث فِي مُسْنده اتى بِالْبُرَاقِ فَرَكبهُ خلف جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَسَار بهما، فَهَذَا صَرِيح فِي ركُوبه مَعَه، وَالله أعلم. قَوْله: (فَانْطَلق بِي جِبْرِيل) وَفِي رِوَايَته الْمُتَقَدّمَة: (فَانْطَلَقت مَعَ جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام) وَلَا مُغَايرَة بَينهمَا، وَفِي حَدِيث أبي ذَر فِي أول الصَّلَاة: (ثمَّ أَخذ بيَدي فعرج بِي) وَظَاهر هَذَا يدل على أَن جِبْرِيل كَانَ دَلِيلا لَهُ فِيمَا قصد لَهُ. قلت: كَونه دَلِيلا لَا يُنَافِي ركُوبه مَعَه. قَوْله: (حَتَّى أَتَى السَّمَاء الدُّنْيَا) ، ظَاهره يدل على أَنه اسْتمرّ على الْبراق حَتَّى عرج إِلَى السَّمَاء وَتمسك بِهِ من زعم أَن الْمِعْرَاج كَانَ فِي لَيْلَة غير لَيْلَة الْإِسْرَاء إِلَى بَيت الْمُقَدّس، وَكَانَ فِي لَيْلَة الْمِعْرَاج على مِعْرَاج وَهُوَ سلم وَيدل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ ابْن إِسْحَاق وَالْبَيْهَقِيّ فِي (الدَّلَائِل) من حَدِيث طَوِيل، وَفِيه: فَإِذا أَنا بِدَابَّة كالبغل مُضْطَرب الْأُذُنَيْنِ يُقَال لَهُ: الْبراق، وَكَانَت الْأَنْبِيَاء تركبه قبلي، فركبته ثمَّ دخلت أَنا وَجِبْرِيل بَيت الْمُقَدّس فَصليت ثمَّ أتيت بالمعراج، وَفِي رِوَايَة ابْن إِسْحَاق: فأصعدن صَاحِبي فِيهِ حَتَّى انْتهى بِي إِلَى بابُُ من أَبْوَاب السَّمَاء ... الحَدِيث، وَفِي رِوَايَة كَعْب: فَوضعت لَهُ مرقاة من فضَّة ومرقاة من ذهب حَتَّى عرج هُوَ وَجِبْرِيل، وَفِي (شرف الْمُصْطَفى) فِي حَدِيث أبي سعيد: أَنه أُتِي بالمعراج من جنَّة الفردوس، وَأَنه منضد بِاللُّؤْلُؤِ وَعَن يَمِينه مَلَائِكَة وَعَن يسَاره مَلَائِكَة، وَفِي رِوَايَة ثَابت عَن أنس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: أتيت بِالْبُرَاقِ فركبته حَتَّى أتيت بَيت الْمُقَدّس فربطته بالحلقة الَّتِي كَانَت ترْبط بهَا الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم السَّلَام، ثمَّ دخلت الْمَسْجِد فَصليت فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثمَّ خرجت ... فَذكر الْقِصَّة. قَالَ: ثمَّ عرج بِي إِلَى السَّمَاء. فَإِن قلت: أنكر حُذَيْفَة رِوَايَة ثَابت: فربطته بالحلقة، فروى أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ من حَدِيث حُذَيْفَة، قَالَ: تحدثون أَنه ربطه، أخافَ أَن يفر مِنْهُ وَقد سخر لَهُ عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة؟ قلت: قَالَ الْبَيْهَقِيّ: الْمُثبت مقدم على النَّافِي لِأَن الْمُثبت لَهُ زِيَادَة علم على من نفي فَهُوَ أولى بِالْقبُولِ، وروى الْبَزَّار من حَدِيث بُرَيْدَة: لما كَانَ لَيْلَة أسرِي بِهِ جَاءَ جِبْرِيل الصَّخْرَة الَّتِي بِبَيْت الْمُقَدّس فَوضع إصبعه فِيهَا فخرقها فَشد بهَا الْبراق. فَإِن قلت: هَل للبابُ الَّذِي دخل مِنْهُ جِبْرِيل وَالنَّبِيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من أَبْوَاب سَمَاء الدُّنْيَا اسْم؟ قلت: نعم، وروى الْبَيْهَقِيّ: حَتَّى أَتَى إِلَى بابُُ من أَبْوَاب السَّمَاء يُقَال لَهُ: بابُُ الْحفظَة وَعَلِيهِ ملك يُقَال لَهُ: إِسْمَاعِيل، تَحت يَده إثنا عشر ألف ملك. قَوْله: (فَاسْتَفْتَحَ) ، أَي: طلب فتح الْبابُُ. قَوْله: (فَقيل: من هَذَا؟) أَي: قَالَ قَائِل من دَاخل الْبابُُ: من هَذَا الَّذِي يستفتح الْبابُُ؟ قَوْله: (قيل: جِبْرِيل) أَي: قَالَ قَائِل من خَارج الْبابُُ مِمَّن كَانَ مَعَ جِبْرِيل وَالنَّبِيّ عَلَيْهِمَا السَّلَام: هُوَ جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام. قَوْله: (من مَعَك) يدل على أَنهم أحسوا مَعَه برفيق وإلاَّ لَكَانَ السُّؤَال بِلَفْظ أَمَعَك أحد؟ فَإِن قلت: من أَيْن لَهُم هَذَا الإحساس؟ قلت: قَالَ بَعضهم: يحْتَمل أَن يكون بمشاهدة لكَون السَّمَاء شفافة، وَفِيه نظر، لِأَن الْأَمر لَو كَانَ كَذَلِك لما قَالُوا: من هَذَا، حِين استفتح جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، وَالْأَوْجه أَن يُقَال: إِن إحساسهم بذلك كَانَ بِزِيَادَة أنوار ظَهرت لَهُم دلّت على أَن جِبْرِيل لم يكن وَحده. قَوْله: (قَالَ مُحَمَّد) أَي: قَالَ جِبْرِيل: معي مُحَمَّد، وَفِيه دَلِيل على أَن الِاسْم أولى وأوضح فِي التَّوْضِيح من
    الكنية. قَوْله: (قيل: وَقد أرسل إِلَيْهِ؟) أَي: هَل أرسل إِلَيْهِ ليعرج بِهِ إِلَى السَّمَاء؟ الْحِكْمَة فِي قَوْلهم هَذَا هِيَ أَن الله أَرَادَ إطلاع نبيه على أَنه مَعْرُوف عِنْد الْمَلأ الْأَعْلَى لأَنهم قَالُوا: أرسل إِلَيْهِ، فَدلَّ على أَنهم كَانُوا يعْرفُونَ أَن ذَلِك سيقع، وإلاَّ لكانوا يَقُولُونَ: من مُحَمَّد؟ مثلا. قَوْله: (مرْحَبًا بِهِ) أَي: أصَاب رحباً وسعة، وكنى بذلك عَن الانشراح، واستنبط مِنْهُ بَعضهم جَوَاز رد السَّلَام بِغَيْر لفظ السَّلَام، ورد عَلَيْهِ بِأَن هَذَا لم يكن ردا للسلام، فَإِنَّهُ كَانَ قبل أَن يفتح الْبابُُ وَالسَّلَام ورده بعد ذَلِك. قَوْله: (فَنعم الْمَجِيء جَاءَ) كلمة: نعم، للمدح والمخصوص بالمدح مَحْذُوف وَفِيه تَقْدِيم وَتَأْخِير تَقْدِيره: جَاءَ فَنعم الْمَجِيء مَجِيئه فِي خير وَقت إِلَى خير أمة. قَوْله: (فَلَمَّا خلصت) بِفَتْح اللَّام، أَي: وصلت. قَوْله: (فَإِذا فِيهَا آدم) كلمة: إِذا، للمفاجأة، وَالضَّمِير فِي: فِيهَا، يرجع إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا. قَوْله: (بالابن الصَّالح) ذكر الابْن لافتخاره بأبوة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَوَصفه بالصالح لِأَن الصَّالح صفة تَشْمَل خلال الْخَيْر، وَلذَلِك ذكره كل من الْأَنْبِيَاء الَّذين لاقاهم فِي السَّمَوَات، والصالح هُوَ الَّذِي يقوم بِمَا يلْزمه من حُقُوق الله وَحُقُوق الْعباد. قَوْله: (وهما ابْنا) خَالَة أَي: يحيى وَعِيسَى، لِأَن أم يحيى إيشاع بنت فاقوذا، اخت حنة أم مَرْيَم، وَبَيَان ذَلِك أَن زَكَرِيَّا، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَعمْرَان بن ماثان كَانَا متزوجين بأختين، إِحْدَاهمَا عِنْد زَكَرِيَّا وَهِي إيشاع بنت فاقوذا، وَالْأُخْرَى عِنْد عمرَان وَهِي حنة بنت فاقوذا أم مَرْيَم، فَولدت إيشاع يحيى وَولدت حنة مَرْيَم، فَتكون إيشاع خَالَة مَرْيَم، وَتَكون حنة خَالَة يحيى، فيطلق عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا ابْنا خَالَة بِهَذَا الِاعْتِبَار. ويروى: إبنا الْخَالَة، بِالْألف وَاللَّام، وَفِي رِوَايَة مُسلم مثل رِوَايَة البُخَارِيّ فِي منَازِل الْأَنْبِيَاء الْمَذْكُورين فِيهِ، غير أَن فِي رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن أنس عَن أبي ذَر: أَنه لم يثبت أَسْمَاءَهُم، وَقَالَ فِيهِ: وَإِبْرَاهِيم فِي السَّمَاء السَّادِسَة، وَوَقع فِي رِوَايَة شريك عَن أنس: أَن إِدْرِيس فِي الثَّالِثَة وَهَارُون فِي الرَّابِعَة، وَرِوَايَة من ضبط أولى وَلَا سِيمَا مَعَ اتِّفَاق قَتَادَة وثابت، فقتادة عِنْد البُخَارِيّ، وثابت عِنْد مُسلم، وَوَافَقَهُمَا يزِيد بن أبي مَالك عَن أنس إلاَّ أَنه خَالف فِي إِدْرِيس وَهَارُون. فَقَالَ: هَارُون فِي الرَّابِعَة وَإِدْرِيس فِي الْخَامِس وَوَافَقَهُمْ أَبُو سعيد إلاَّ أَن فِي رِوَايَته: يُوسُف فِي الثَّانِيَة وَعِيسَى وَيحيى فِي الثَّالِثَة، وَالْأول أثبت. فَإِن قلت: كَيفَ رأى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم السَّلَام، فِي السَّمَوَات مَعَ أَن أَجْسَادهم هِيَ فِي قُبُورهم فِي الأَرْض؟ قلت: أَرْوَاحهم تشكلت بصور أَجْسَادهم، وَيُقَال: أحضرت أَجْسَادهم لملاقاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، تِلْكَ اللَّيْلَة تَشْرِيفًا وتكريماً، وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن هَاشم عَن أنس، وَفِيه: وَبعث لَهُ آدم فَمن دونه من الْأَنْبِيَاء فَأمهمْ. قَوْله: (فَإِذا يُوسُف) وَزَاد مُسلم فِي رِوَايَته عَن ثَابت عَن أنس: فَإِذا هُوَ قد أعْطى شطر الْحسن، وَفِي حَدِيث أبي سعيد عِنْد الْبَيْهَقِيّ، وَأبي هُرَيْرَة عِنْد ابْن عَائِذ والطبري: فَإِذا أَنا بِرَجُل أحسن مَا خلق الله قد فضل النَّاس بالْحسنِ كَالْقَمَرِ لَيْلَة الْبَدْر على سَائِر الْكَوَاكِب، فَإِن قلت: هَذَا يدل على أَن يُوسُف كَانَ أحسن من جَمِيع النَّاس. قلت: روى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث أنس: مَا بعث الله نَبيا إلاَّ حسن الْوَجْه حسن الصَّوْت، وَكَانَ نَبِيكُم أحْسنهم صَوتا وَأَحْسَنهمْ وَجها، فعلى هَذَا حمل مَا فِي حَدِيث الْمِعْرَاج على غير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَحمله بَعضهم على أَن المُرَاد: أَن يُوسُف أعطي شطر الْحسن الَّذِي أوتيه نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَفِيه مَا فِيهِ. قَوْله: (هَذَا إِدْرِيس، فَسلم عَلَيْهِ) ، فَإِن قلت: قَالَ بَعضهم: إِن إِدْرِيس فِي الْجنَّة يدل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {{وَرَفَعْنَاهُ مَكَانا عليا}} (مَرْيَم: 57) . قيل: الْمَكَان الْعلي هُوَ الْجنَّة. قلت: سَمِعت بعض مشايخي الثقاة أَن إِدْرِيس لما أخبر بعروج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، اسْتَأْذن ربه أَن يستقبله فَأذن لَهُ، فَاسْتَقْبلهُ ولقيه فِي السَّمَاء الرَّابِعَة. فَإِن قلت: كَيفَ قَالَ إِدْرِيس: مرْحَبًا بالأخ الصَّالح؟ وَالْحَال أَنه أَب من آبَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَنه جدّ أَعلَى لنوح، عَلَيْهِ السَّلَام، لِأَن نوحًا هُوَ ابْن لامك ابْن متوشلخ بن أَخْنُوخ وَهُوَ إِدْرِيس، عَلَيْهِ السَّلَام؟ قلت: قد قيل عَن إِدْرِيس أَنه إلْيَاس وَأَنه لَيْسَ بجد لنوح، عَلَيْهِ السَّلَام، وَقيل: لَيْسَ فِيهِ مَا يمْنَع أَن يكون إِدْرِيس أَبَا للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَإِنَّمَا قَالَ لَهُ: بالأخ الصَّالح، تأدباً، وَهُوَ أَخ وَإِن كَانَ أَبَا فالأنبياء أخوة. قَوْله: (فَلَمَّا تجاوزت) ، أَي: عديت مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَام. قَوْله:. قَوْله: (بَكَى) أَي: مُوسَى، وَكَانَ بكاؤه حزنا على قومه وقصور عَددهمْ وعَلى فَوَات الْفضل الْعَظِيم مِنْهُم، وَيُقَال: لم يكن بكاء مُوسَى حسداً، معَاذ الله! فَإِن الْحَسَد فِي ذَلِك الْعَالم منزوع عَن آحَاد الْمُؤمنِينَ، فَكيف بِمن اصطفاه الله؟ بل كَانَ آسفاً على مَا فَاتَهُ من الْأجر الَّذِي يَتَرَتَّب عَلَيْهِ رفع الدرجَة بِسَبَب
    مَا وَقع من أمته من كَثْرَة الْمُخَالفَة الْمُقْتَضِيَة لتنقيص أُجُورهم المستلزمة لتنقيص أجره، لِأَن لكل نَبِي مثل أجر كل من اتبعهُ، وَلِهَذَا كَانَ من اتبعهُ فِي الْعدَد دون من اتبع نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَعَ طول مدتهم بِالنِّسْبَةِ لمُدَّة هَذِه الْأمة. قَوْله: (لِأَن غُلَاما بعث بعدِي يدْخل الْجنَّة من أمته أَكثر من يدخلهَا من أمتِي) . قَوْله: (غُلَاما) لَيْسَ للتحقير والاستصغار بِهِ، بل إِنَّمَا هُوَ لتعظيم منَّة الله على رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من غير طول الْعُمر، وَيُقَال: بل قَالَ ذَلِك على سَبِيل التنويه بقدرة الله وعظيم كرمه إِذا أعْطى لمن كَانَ فِي ذَلِك السن مَا لم يُعْطه أحدا قبله مِمَّن هُوَ أسن مِنْهُ.وَفِي هَذَا الْموضع عِبَارَات وَقعت فِي أَحَادِيث، فَفِي رِوَايَة شريك عَن أنس: لم أَظن أحدا يرفع عَليّ، وَفِي حَدِيث أبي سعيد، قَالَ مُوسَى: يزْعم بَنو إِسْرَائِيل أَنِّي أكْرم على الله وَهَذَا أكْرم على الله مني، زَاد الْأمَوِي فِي رِوَايَته: وَلَو كَانَ هَذَا وَحده هان عَليّ وَلَكِن مَعَه أمته وهم أفضل الْأُمَم عِنْد الله، وَفِي رِوَايَة أبي عُبَيْدَة بن عبد الله بن مَسْعُود عَن أَبِيه: أَنه مر بمُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، يرفع صَوته فَيَقُول: أكرمته وفضلته؟ فَقَالَ جِبْرِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: هَذَا مُوسَى قلت: وَمن يُعَاتب؟ قَالَ: يُعَاتب ربه فِيك. قلت: وَيرْفَع صَوته على ربه؟ قَالَ: إِن الله قد عرف لَهُ حِدته. وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود عِنْد الْحَارِث وَأبي يعلى وَالْبَزَّار: سَمِعت صَوتا وتذمراً، فَسَأَلت جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، فَقَالَ: هَذَا مُوسَى. قلت: على من تذمره؟ قَالَ: على ربه. قلت: على ربه؟ قَالَ: إِنَّه يعرف ذَلِك مِنْهُ. فَإِن قلت: مَا وَجه قَوْله: لما أَتَى السَّمَاء السَّادِسَة فَإِذا مُوسَى؟ وَقد قَالَ فِي حَدِيث آخر: رَأَيْت مُوسَى لَيْلَة الْإِسْرَاء وَهُوَ يُصَلِّي فِي قَبره؟ قلت: لَا إِشْكَال فِي ذَلِك على قَول من يَقُول بِتَعَدُّد الْإِسْرَاء، وعَلى قَول من يَقُول: بِأَن الْإِسْرَاء مرّة وَاحِدَة، فَالْجَوَاب: أَن مُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، صعد إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة بعد أَن رَآهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي قَبره حَتَّى اجْتمع بِهِ هُنَاكَ، وَمَا ذَلِك على الله بعزيز. وَلَا على مُوسَى بِكَثِير.قَوْله: (فَإِذا إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام) وَهُوَ فِي السَّمَاء السَّابِعَة على رِوَايَة البُخَارِيّ، وعَلى رِوَايَة مُسلم: فِي السَّمَاء السَّادِسَة، فِي رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن أنس حَيْثُ قَالَ: وجد آدم فِي السَّمَاء الدُّنْيَا وَإِبْرَاهِيم فِي السَّمَاء السَّادِسَة، وَكَذَا فِي رِوَايَة البُخَارِيّ فِي أول كتاب الصَّلَاة: فِي السَّمَاء السَّادِسَة. وَأجِيب: بِأَنَّهُ لَا مُنَافَاة لاحْتِمَال أَن يكون فِي السَّادِسَة وَصعد قبل رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِلَى السَّابِعَة، وَقيل: يحْتَمل أَنه جَاءَ إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة اسْتِقْبَالًا وَهُوَ فِي السَّابِعَة على سَبِيل التوطن، وعَلى تعدد الْإِسْرَاء لَا إِشْكَال. فَإِن قلت: مَا الْحِكْمَة فِي الِاقْتِصَار على هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاء الْمَذْكُورين فِيهِ دون غَيرهم مِنْهُم؟ قلت: للْإِشَارَة إِلَى مَا سيقع لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مَعَ قومه مَعَ نَظِير مَا وَقع لكل مِنْهُم، فَفِي آدم مَا وَقع لَهُ من الْخُرُوج من الْجنَّة، فَكَذَلِك فِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقع لَهُ من الْخُرُوج من مَكَّة. وَفِي عِيسَى وَيحيى على مَا وَقع لَهُ أول الْهِجْرَة من عَدَاوَة الْيَهُود وتماديهم فِي الْبَغي عَلَيْهِ، وَفِي يُوسُف على مَا وَقع لَهُ مَعَ إخْوَته، فَكَذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مَا وَقع لَهُ من قُرَيْش فِي نصبهم الْحَرْب لَهُ، وَفِي إِدْرِيس على رفيع مَنْزِلَته عِنْد الله فَكَذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَفِي هَارُون على أَن قومه رجعُوا إِلَى محبته بعد أَن آذوه فَكَذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأكْثر قومه رجعُوا إِلَيْهِ بعد الْعَدَاوَة، وَفِي مُوسَى على مَا وَقع لَهُ من معالجة قومه فَكَذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عالج قُريْشًا وَغَيرهم أَشد المعالجة، وَفِي إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فِي استناده إِلَى الْبَيْت الْمَعْمُور بِمَا ختم الله لَهُ فِي آخر عمره من إِقَامَة مَنَاسِك الْحَج وتعظيم الْبَيْت فَكَذَلِك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَقَامَ مَنَاسِك الْحَج وَعظم الْبَيْت وَأمر بتعظيمه، وَقيل: الْحِكْمَة فِيهِ أَن الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، أمروا بملاقاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيْلَة الْمِعْرَاج، فَمنهمْ من أدْركهُ فِي أول الوهلة، وَمِنْهُم من تَأَخّر فلحق، وَمِنْهُم من فَاتَهُ. فَإِن قلت: مَا الْحِكْمَة فِي كَون كل مِنْهُم فِي مَكَانَهُ الْمَذْكُور فِيهِ؟ قلت: أما آدم فَإِنَّهُ أول الْأَنْبِيَاء وَأول الْآبَاء وَهُوَ الأَصْل فَكَانَ أَولا فِي السَّمَاء الأولى، وَأما عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَام، فَإِنَّهُ أقرب الْأَنْبِيَاء عهدا من نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ويليه يُوسُف، عَلَيْهِ السَّلَام، لِأَن أمة مُحَمَّد تدخل الْجنَّة على صورته، وَأما إِدْرِيس فَلقَوْله تَعَالَى: {{وَرَفَعْنَاهُ مَكَانا عليّاً}} (مَرْيَم: 57) . وَالسَّمَاء الرَّابِعَة من السَّبع وسط معتدل. وَأما هَارُون فلقربه من أَخِيه مُوسَى، ومُوسَى أرفع مِنْهُ لفضل كَلَام الله، وَأما إِبْرَاهِيم فَلِأَنَّهُ الْأَب الْأَخير، فَنَاسَبَ أَن يَتَجَدَّد للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يلقيه أنس لتوجهه بعده إِلَى عَالم آخر. وَالله أعلم. قَوْله: (ثمَّ رفعت إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى) ، الرّفْع تقريبك الشَّيْء، وَقد قيل فِي قَوْله تَعَالَى: {{وفرش مَرْفُوعَة}} (الْوَاقِعَة: 34) . أَي:
    مقربة لَهُم، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَن سِدْرَة الْمُنْتَهى استبينت لَهُ كل الاستبانة حَتَّى اطلع عَلَيْهَا كل الِاطِّلَاع بِمَثَابَة الشَّيْء المقرب إِلَيْهِ، وَفِي مَعْنَاهُ: رفع لي الْبَيْت الْمَعْمُور، وَرفع لي بَيت الْمُقَدّس، وَسميت سِدْرَة الْمُنْتَهى لِأَن علم الْمَلَائِكَة يَنْتَهِي إِلَيْهَا وَلم يتجاوزها أحد إلاَّ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، و: رفعت على صِيغَة للمتكلم هَذَا هَكَذَا رِوَايَة الْأَكْثَرين وَفِي رِوَايَة الْكشميهني رفعت بِفَتْح الْعين وسكونه التَّاء أَي رفعت السِّدْرَة لي أَي لأجلي، وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين صلَة: رفعت، كلمة إِلَى، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني حرف الْجَرّ، وَهُوَ اللَّام. قَوْله: (فَإِذا نبقها) كلمة: إِذا، للمفاجأة، و: النبق، بِفَتْح النُّون وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وبسكونها أَيْضا: وَهُوَ جمع نبقة وَهُوَ حمل السدر. فَإِن قلت: لم اختيرت السدة دون غَيرهَا؟ قلت: لِأَن فِيهَا ثَلَاثَة أَوْصَاف: ظلّ مَمْدُود وَطَعَام لذيذ ورائحة زكية. قَوْله: (مثل قلال هجر) قَالَ الْخطابِيّ: القلال، بِكَسْر الْقَاف جمع قلَّة بِالضَّمِّ وَتَشْديد اللَّام، وَهِي الجرار، يُرِيد أَن ثَمَرهَا فِي الْكبر مثل القلال وَكَانَت مَعْرُوفَة عِنْد المخاطبين، فَلذَلِك وَقع التَّمْثِيل بهَا. قَالَ: وَهِي الَّتِي وَقع حد المَاء الْكثير بهَا فِي قَوْله: (إِذا بلغ المَاء قُلَّتَيْنِ) . وَيُقَال: الْقلَّة جرة كَبِيرَة تسع قربتين وَأكْثر، و: هجر، بِفَتْح الْهَاء وَالْجِيم وَهُوَ اسْم بلد بِقرب مَدِينَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُذَكّر منصرف وَهُوَ غير هجر الْبَحْرين، وَقيل: غير منصرف للعلمية والتأنيث. قلت: إِذا جعل علما للبلدة يكون غير منصرف. قَوْله: (الفيلة) ، بِكَسْر الْفَاء وَفتح الْيَاء: جمع الْفِيل، وَوَقع فِي بَدْء الْخلق: مثل آذان الفيول، وَهُوَ جمع فيل أَيْضا. قَوْله: (وَإِذا أَرْبَعَة أَنهَار) وَفِي بَدْء الْخلق: فَإِذا فِي أَصْلهَا، أَي فِي أصل سِدْرَة الْمُنْتَهى أَرْبَعَة أَنهَار، وَفِي رِوَايَة مُسلم: يخرج من أَصْلهَا. فَإِن قلت: وَقع فِي (صَحِيح مُسلم) من حَدِيث أبي هُرَيْرَة: أَرْبَعَة أَنهَار من الْجنَّة: النّيل والفرات وسيحان وجيحان قلت: أُجِيب بِأَنَّهُ يحْتَمل أَن تكون سِدْرَة الْمُنْتَهى مغروسة فِي الْجنَّة والأنهار تخرج من أَصْلهَا فَيصح أَنَّهَا من الْجنَّة. قَوْله: (نهران باطنان) ، قَالَ مقَاتل: هُوَ السلسبيل والكوثر، وَالْبَاطِن أجلَّ من الظَّاهِر لِأَن الْبَاطِن جعل فِي دَار الْبَقَاء وَالظَّاهِر جعل فِي دَار الفناء. قَوْله: (وَأما الظاهران: فالنيل والفرات) النّيل نهر مصر، والفرات نهر بَغْدَاد بالجانب الغربي مِنْهَا، كَذَا قَالَه الْكرْمَانِي، وَلَيْسَ كَذَلِك على مَا نذكرهُ الْآن، وَهُوَ بِالتَّاءِ الممدودة فِي الْخط فِي حالتي الْوَصْل وَالْوَقْف، وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: النّيل والفرات يخرجَانِ من أَصْلهَا ثمَّ يسيران حَيْثُ أَرَادَ الله تَعَالَى ثمَّ يخرجَانِ من الأَرْض ويسيران فِيهَا، وَهَذَا لَا يمنعهُ شرع وَلَا عقل، وَهُوَ ظَاهر الحَدِيث، فَوَجَبَ الْمصير إِلَيْهِ. قَالَ القَاضِي: يدل هَذَا على أَن أصل السِّدْرَة فِي الأَرْض لخُرُوج النّيل والفرات من أَصْلهَا. قلت: لَا يلْزم من خروجهما من أَصْلهَا أَن يكون أَصْلهَا فِي الأَرْض، بل الْأَوْجه مَا ذَكرْنَاهُ. قلت: اتَّفقُوا على أَن مبدأ النّيل من جبال الْقَمَر بِالْإِضَافَة، وبضم الْقَاف وَسُكُون الْمِيم، وَيُقَال: بِفَتْح الْقَاف وَالْمِيم: تَشْبِيها للقمر فِي بياضه يَنْبع من اثْنَي عشر عينا ثمَّ ينبعث مِنْهَا عشرَة أَنهَار أَحدهَا نيل مصر وَهُوَ أول الْعُيُون يجْرِي على بِلَاد الْحَبَشَة فِي قفار ومفاوز، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: لَيْسَ فِي الدُّنْيَا نهر أطول مِنْهُ لِأَنَّهُ مسيرَة شَهْرَيْن فِي الْإِسْلَام وشهرين فِي النّوبَة وَأَرْبَعَة أشهر فِي الخراب، والفرات اسْم نهر بِالْكُوفَةِ قَالَه الْجَوْهَرِي، وَاخْتلفُوا فِي مخرجه على قَوْلَيْنِ: أَحدهمَا: أَنه من جبل بِبَلَد الرّوم يُقَال لَهُ أفردخش، بَينه وَبَين قاليقلا مسيرَة يَوْم. وَالثَّانِي: أَنه من أَطْرَاف أرمينية. قَوْله: (ثمَّ رفع لي الْبَيْت الْمَعْمُور) ، وَزَاد الْكشميهني: يدْخلهُ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك، وَقد مر معنى رفع عَن قريب، قَالَ الله تَعَالَى: وَالْبَيْت الْمَعْمُور، وَرُوِيَ عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: اسْمه الضراح، بِضَم الضَّاد الْمُعْجَمَة وَفِي آخِره حاء مُهْملَة. قَالَ الصغاني: وَيُقَال لَهُ: الضريح أَيْضا. وَاخْتلف الْعلمَاء فِي أَي مَوضِع هُوَ؟ فَقيل: فِي السَّمَاء الدُّنْيَا، وَهُوَ قَول ابْن عَبَّاس وَمُجاهد وَالربيع، وَقيل: فِي السَّمَاء السَّادِسَة، رُوِيَ عَن عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَقيل: فِي السَّمَاء السَّابِعَة، قَالَه مُجَاهِد وَالضَّحَّاك وَهُوَ قَول البُخَارِيّ أَيْضا، يدْخلهُ كل يَوْم سَبْعُونَ ألف ملك لَا يعودون فِيهِ، وَلَا تنَافِي فِي هَذِه الْأَقْوَال لِأَنَّهُ يحْتَمل أَن الله تَعَالَى رَفعه لَيْلَة الْمِعْرَاج إِلَى السَّمَاء السَّادِسَة ثمَّ إِلَى السَّابِعَة تَعْظِيمًا للنَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حَتَّى يرَاهُ فِي أَمَاكِن، ثمَّ أَعَادَهُ إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا.قَوْله: (ثمَّ أتيت بِإِنَاء) على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: (هِيَ الْفطْرَة أَنْت عَلَيْهَا) ، ويروى: هِيَ الْفطْرَة الَّتِي أَنْت عَلَيْهَا وَأمتك، قَالَ الْقُرْطُبِيّ: يحْتَمل أَن يكون سَبَب تَسْمِيَة اللَّبن فطْرَة لكَونه أول شَيْء يدْخل بطن الْمَوْلُود ويشق أمعاءه، والسر فِي ميل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِلَيْهِ دون غَيره لكَونه كَانَ مألوفاً. فَإِن قلت: وَقع فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة عِنْد ابْن عَائِذ فِي حَدِيث الْمِعْرَاج بعد ذكر إِبْرَاهِيم. قَالَ: ثمَّ انطلقنا فَإِذا نَحن
    بِثَلَاثَة آنِية مغطاة، فَقَالَ لي جِبْرِيل: يَا مُحَمَّد أَلاَ تَشرب مِمَّا سقاك رَبك؟ فتناولت أَحدهَا فَإِذا هُوَ عسل، فَشَرِبت مِنْهُ قَلِيلا ثمَّ تناولت الآخر فَإِذا هُوَ لبن فَشَرِبت مِنْهُ حَتَّى رويت، فَقَالَ: أَلا تشرب من الثَّالِث؟ قلت: قد رويت. قَالَ: وفقك الله، وَفِي رِوَايَة الْبَزَّار من هَذَا الْوَجْه: أَن الثَّالِث كَانَ خمرًا، لَكِن وَقع عِنْده أَن ذَلِك كَانَ بِبَيْت الْمُقَدّس، وَأَن الأول كَانَ مَاء وَلم يذكر الْعَسَل. وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس عِنْد أَحْمد: فَلَمَّا أَتَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى قَامَ يُصَلِّي، فَلَمَّا انْصَرف جِيءَ بقدحين فِي أَحدهمَا لبن وَفِي الآخر عسل، فَأخذ اللَّبن ... الحَدِيث، وَوَقع فِي رِوَايَة مُسلم من طَرِيق ثَابت عَن أنس أَيْضا إِتْيَانه بالآنية كَانَ بِبَيْت الْمُقَدّس قبل الْمِعْرَاج وَلَفظه: ثمَّ دخلت الْمَسْجِد فَصليت فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثمَّ خرجت فَجَاءَنِي جِبْرِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، بِإِنَاء من خمر وإناء من لبن، فَأخذت اللَّبن، فَقَالَ جِبْرِيل: أخذت الْفطْرَة، ثمَّ عرج إِلَى السَّمَاء، وَفِي حَدِيث شَدَّاد بن أَوْس: فَصليت فِي الْمَسْجِد حَيْثُ شَاءَ الله وأخذني من الْعَطش أَشد مَا أَخَذَنِي، فَأتيت بإناءين أَحدهمَا لبن وَالْآخر عسل، فعدلت بَينهمَا، ثمَّ هَدَانِي الله فَأخذت اللَّبن، فَقَالَ شيخ بَين يَدي، يَعْنِي لجبريل: أَخذ صَاحبك الْفطْرَة، وَفِي حَدِيث أبي سعيد عِنْد إِبْنِ إِسْحَاق فِي قصَّة الْإِسْرَاء: فصلى بهم، يَعْنِي الْأَنْبِيَاء، ثمَّ أَتَى بِثَلَاثَة آنِية: إِنَاء فِيهِ لبن وإناء فِيهِ خمر وإناء فِيهِ مَاء فَأخذت اللَّبن ... الحَدِيث. وَفِي رِوَايَة سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة عِنْد البُخَارِيّ فِي الْأَشْرِبَة: أَتَى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لَيْلَة أسرِي بِهِ بِإِنَاء فِيهِ خمر وإناء فِيهِ لبن، فَنظر إِلَيْهِمَا فَأخذ اللَّبن، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: الْحَمد لله الَّذِي هداك للفطرة، لَو أخذت الْخمر غوت أمتك، وَفِي رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن هَاشم بن عتبَة عَن أنس عَن الْبَيْهَقِيّ: فَعرض عَلَيْهِ المَاء وَالْخمر وَاللَّبن فَأخذ اللَّبن، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيل: أصبت الْفطْرَة، وَلَو شربت المَاء لغرقت وغرقت أمتك، وَلَو شربت الْخمر لغويت وغوت أمتك، قلت: قَالُوا بِالْجمعِ بَين هَذَا الِاخْتِلَاف إِمَّا بِحمْل: ثمَّ، على غير بابُُهَا من التَّرْتِيب، وَإِنَّمَا هِيَ بِمَعْنى الْوَاو هُنَا، وَأما بِوُقُوع عرض الْآنِية مرَّتَيْنِ: مرّة عِنْد فَرَاغه من الصَّلَاة بِبَيْت الْمُقَدّس بِسَبَب مَا وَقع لَهُ من الْعَطش، وَمرَّة عِنْد وُصُوله إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى ورؤية الْأَنْهَار الْأَرْبَعَة، وَأما الِاخْتِلَاف فِي عدد الْآنِية وَمَا فِيهَا فَيحمل على أَن بعض الروَاة ذكر مَا لم يذكرهُ الآخر ومجموعها أَرْبَعَة آنِية فِيهَا أَرْبَعَة أَشْيَاء من الْأَنْهَار الْأَرْبَعَة الَّتِي رَآهَا تخرج من أصل سِدْرَة الْمُنْتَهى، وَلَعَلَّه عرض عَلَيْهِ من كل نهر إِنَاء، وَالله أعلم.قَوْله: (وَبِمَا أمرت) ، على صِيغَة الْمَجْهُول، ويروى: بِمَا أمرت، بِدُونِ الْألف. قَوْله: (وعالجت بني إِسْرَائِيل) ، أَي: مارستهم وَلَقِيت الشدَّة فِيمَا أردْت مِنْهُم من الطَّاعَة، والمعالجة مثل المجادلة (وَلَكِنِّي أرْضى وَأسلم) فِيهِ حذف تَقْدِيره: حَتَّى استحييت فَلَا أرجع فَإِنِّي إِذا رجعت كنت غير راضٍ وَلَا مُسلم، وَلَكِنِّي أرْضى وَأسلم، وَبِهَذَا يُجَاب عَمَّا قيل، لَكِن حَقّهَا أَن تقع بَين كلامين متغايرين معنى، فَمَا وَجهه هُنَا؟ وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: ومراجعة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي بابُُ الصَّلَاة إِنَّمَا جَازَت من رَسُولنَا مُحَمَّد ومُوسَى، عَلَيْهِمَا السَّلَام، لِأَنَّهُمَا عرفا أَن الْأَمر الأول غير وَاجِب قطعا، فَلَو كَانَ وَاجِبا قطعا لَا يقبل التَّخْفِيف: وَقيل: فِي الأول فرض خمسين ثمَّ رحم عباده ونسخها بِخمْس، كآية الرَّضَاع وعدة الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا، وَفِيه دَلِيل على أَنه يجوز نسخ الشَّيْء قبل وُقُوعه. قَوْله: (أمضيت فريضتي وخففت عَن عبَادي) ، وَفِي رِوَايَة أنس عَن أبي ذَر الَّتِي تقدّمت فِي أول الصَّلَاة: هن خمس وَهن خَمْسُونَ، وَفِي رِوَايَة ثَابت عَن أنس عِنْد مُسلم: حَتَّى قَالَ: يَا مُحَمَّد خمس صلوَات فِي كل يَوْم وَلَيْلَة كل صَلَاة عشرَة فَتلك خَمْسُونَ صَلَاة، وَفِي رِوَايَة يزِيد بن أبي مَالك عِنْد النَّسَائِيّ: وأتيت سِدْرَة الْمُنْتَهى فغشيتني ضَبابَُُة فَخَرَرْت سَاجِدا. فَقيل لي: إِنِّي يَوْم خلقت السَّمَوَات وَالْأَرْض فرضت عَلَيْك وعَلى أمتك خمسين صَلَاة، فَقُمْ بهَا أَنْت وَأمتك، فَذكر مُرَاجعَته مَعَ مُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَفِيه: أَنه فرض على بني إِسْرَائِيل فَمَا قَامُوا بهَا، وَقَالَ فِي آخِره: خمس بِخَمْسِينَ، فَقُمْ بهَا أَنْت وَأمتك، فَعرفت أَنَّهَا عَزمَة من الله، فَرَجَعت إِلَى مُوسَى فَقَالَ لي: ارْجع، فَلم ارْجع. فَإِن قلت: مَا الْحِكْمَة فِي وُقُوع الْمُرَاجَعَة مَعَ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَام، دون غَيره من الْأَنْبِيَاء؟ قلت: لِأَن ابْتِدَاء الْمُرَاجَعَة كَانَ مُوسَى، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَلذَلِك وَقعت مَعَه، وَقيل: قد قَالَ مُوسَى من كَلَامه أَنه عالج بني إِسْرَائِيل على أقل من ذَلِك فَمَا قبلوه وَمَا وافقوه، وَيُسْتَفَاد مِنْهُ: أَن مقَام الْخلَّة مقَام الرِّضَا وَالتَّسْلِيم، ومقام التكليم مقَام الإدلال والانبساط، وَمن ثمَّة استبد مُوسَى بِأَمْر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم،
    بِطَلَب التَّخْفِيف دون إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِ السَّلَام، مَعَ أَن للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الِاخْتِصَاص بإبراهيم أَزِيد مِمَّا لَهُ من مُوسَى لمقام الْأُبُوَّة ورفعة الْمنزلَة والاتباع فِي الْملَّة.

    حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ ـ رضى الله عنهما ـ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ ‏"‏ بَيْنَمَا أَنَا فِي الْحَطِيمِ ـ وَرُبَّمَا قَالَ فِي الْحِجْرِ ـ مُضْطَجِعًا، إِذْ أَتَانِي آتٍ فَقَدَّ ـ قَالَ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فَشَقَّ ـ مَا بَيْنَ هَذِهِ إِلَى هَذِهِ ـ فَقُلْتُ لِلْجَارُودِ وَهْوَ إِلَى جَنْبِي مَا يَعْنِي بِهِ قَالَ مِنْ ثُغْرَةِ نَحْرِهِ إِلَى شِعْرَتِهِ، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ مِنْ قَصِّهِ إِلَى شِعْرَتِهِ ـ فَاسْتَخْرَجَ قَلْبِي، ثُمَّ أُتِيتُ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوءَةٍ إِيمَانًا، فَغُسِلَ قَلْبِي ثُمَّ حُشِيَ، ثُمَّ أُوتِيتُ بِدَابَّةٍ دُونَ الْبَغْلِ وَفَوْقَ الْحِمَارِ أَبْيَضَ ‏"‏‏.‏ ـ فَقَالَ لَهُ الْجَارُودُ هُوَ الْبُرَاقُ يَا أَبَا حَمْزَةَ قَالَ أَنَسٌ نَعَمْ، يَضَعُ خَطْوَهُ عِنْدَ أَقْصَى طَرْفِهِ ـ ‏"‏ فَحُمِلْتُ عَلَيْهِ، فَانْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ، فَقِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ‏.‏ قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ‏.‏ قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ‏.‏ قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَفَتَحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ، فَإِذَا فِيهَا آدَمُ، فَقَالَ هَذَا أَبُوكَ آدَمُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ‏.‏ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلاَمَ ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِالاِبْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ‏.‏ ثُمَّ صَعِدَ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ‏.‏ قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ‏.‏ قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ‏.‏ قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ‏.‏ فَفَتَحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ، إِذَا يَحْيَى وَعِيسَى، وَهُمَا ابْنَا الْخَالَةِ قَالَ هَذَا يَحْيَى وَعِيسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا‏.‏ فَسَلَّمْتُ فَرَدَّا، ثُمَّ قَالاَ مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ‏.‏ ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، فَاسْتَفْتَحَ قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ‏.‏ قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ‏.‏ قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ‏.‏ قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ‏.‏ فَفُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِذَا يُوسُفُ‏.‏ قَالَ هَذَا يُوسُفُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ‏.‏ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ، ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ‏.‏ قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ‏.‏ قِيلَ أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ‏.‏ قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ‏.‏ فَفُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِلَى إِدْرِيسَ قَالَ هَذَا إِدْرِيسُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ‏.‏ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ‏.‏ ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الْخَامِسَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ‏.‏ قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ ﷺ‏.‏ قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ‏.‏ قِيلَ مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ‏.‏ فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا هَارُونُ قَالَ هَذَا هَارُونُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ‏.‏ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ‏.‏ ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ السَّادِسَةَ، فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ‏.‏ قِيلَ مَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ‏.‏ قِيلَ وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ‏.‏ قَالَ مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ، فَإِذَا مُوسَى قَالَ هَذَا مُوسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ‏.‏ فَلَمَّا تَجَاوَزْتُ بَكَى، قِيلَ لَهُ مَا يُبْكِيكَ قَالَ أَبْكِي لأَنَّ غُلاَمًا بُعِثَ بَعْدِي، يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِهِ أَكْثَرُ مَنْ يَدْخُلُهَا مِنْ أُمَّتِي‏.‏ ثُمَّ صَعِدَ بِي إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ‏.‏ قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ‏.‏ قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ‏.‏ قَالَ نَعَمْ‏.‏ قَالَ مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ الْمَجِيءُ جَاءَ فَلَمَّا خَلَصْتُ، فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ هَذَا أَبُوكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ‏.‏ قَالَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلاَمَ قَالَ مَرْحَبًا بِالاِبْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ‏.‏ ثُمَّ رُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى، فَإِذَا نَبِقُهَا مِثْلُ قِلاَلِ هَجَرَ، وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الْفِيَلَةِ قَالَ هَذِهِ سِدْرَةُ الْمُنْتَهَى، وَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ نَهْرَانِ بَاطِنَانِ، وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ‏.‏ فَقُلْتُ مَا هَذَانِ يَا جِبْرِيلُ قَالَ أَمَّا الْبَاطِنَانِ، فَنَهَرَانِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ‏.‏ ثُمَّ رُفِعَ لِي الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، ثُمَّ أُتِيتُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ، وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ وَإِنَاءٍ مِنْ عَسَلٍ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ، فَقَالَ هِيَ الْفِطْرَةُ أَنْتَ عَلَيْهَا وَأُمَّتُكَ‏.‏ ثُمَّ فُرِضَتْ عَلَىَّ الصَّلَوَاتُ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ‏.‏ فَرَجَعْتُ فَمَرَرْتُ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ بِمَا أُمِرْتَ قَالَ أُمِرْتُ بِخَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ‏.‏ قَالَ إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي وَاللَّهِ قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِكَ‏.‏ فَرَجَعْتُ، فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِعَشْرِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ فَقَالَ مِثْلَهُ، فَرَجَعْتُ فَأُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ بِمَا أُمِرْتَ قُلْتُ أُمِرْتُ بِخَمْسِ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ‏.‏ قَالَ إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ خَمْسَ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ، وَإِنِّي قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وَعَالَجْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَشَدَّ الْمُعَالَجَةِ، فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ لأُمَّتِكَ‏.‏ قَالَ سَأَلْتُ رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ، وَلَكِنْ أَرْضَى وَأُسَلِّمُ ـ قَالَ ـ فَلَمَّا جَاوَزْتُ نَادَى مُنَادٍ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي ‏"‏‏.‏

    Narrated `Abbas bin Malik:Malik bin Sasaa said that Allah's Messenger (ﷺ) described to them his Night Journey saying, "While I was lying in Al-Hatim or Al-Hijr, suddenly someone came to me and cut my body open from here to here." I asked Al-Jarud who was by my side, "What does he mean?" He said, "It means from his throat to his pubic area," or said, "From the top of the chest." The Prophet (ﷺ) further said, "He then took out my heart. Then a gold tray of Belief was brought to me and my heart was washed and was filled (with Belief) and then returned to its original place. Then a white animal which was smaller than a mule and bigger than a donkey was brought to me." (On this Al-Jarud asked, "Was it the Buraq, O Abu Hamza?" I (i.e. Anas) replied in the affirmative). The Prophet (ﷺ) said, "The animal's step (was so wide that it) reached the farthest point within the reach of the animal's sight. I was carried on it, and Gabriel set out with me till we reached the nearest heaven. When he asked for the gate to be opened, it was asked, 'Who is it?' Gabriel answered, 'Gabriel.' It was asked, 'Who is accompanying you?' Gabriel replied, 'Muhammad.' It was asked, 'Has Muhammad been called?' Gabriel replied in the affirmative. Then it was said, 'He is welcomed. What an excellent visit his is!' The gate was opened, and when I went over the first heaven, I saw Adam there. Gabriel said (to me). 'This is your father, Adam; pay him your greetings.' So I greeted him and he returned the greeting to me and said, 'You are welcomed, O pious son and pious Prophet.' Then Gabriel ascended with me till we reached the second heaven. Gabriel asked for the gate to be opened. It was asked, 'Who is it?' Gabriel answered, 'Gabriel.' It was asked, 'Who is accompanying you?' Gabriel replied, 'Muhammad.' It was asked, 'Has he been called?' Gabriel answered in the affirmative. Then it was said, 'He is welcomed. What an excellent visit his is!' The gate was opened. When I went over the second heaven, there I saw Yahya (i.e. John) and `Isa (i.e. Jesus) who were cousins of each other. Gabriel said (to me), 'These are John and Jesus; pay them your greetings.' So I greeted them and both of them returned my greetings to me and said, 'You are welcomed, O pious brother and pious Prophet.' Then Gabriel ascended with me to the third heaven and asked for its gate to be opened. It was asked, 'Who is it?' Gabriel replied, 'Gabriel.' It was asked, 'Who is accompanying you?' Gabriel replied, 'Muhammad.' It was asked, 'Has he been called?' Gabriel replied in the affirmative. Then it was said, 'He is welcomed, what an excellent visit his is!' The gate was opened, and when I went over the third heaven there I saw Joseph. Gabriel said (to me), 'This is Joseph; pay him your greetings.' So I greeted him and he returned the greeting to me and said, 'You are welcomed, O pious brother and pious Prophet.' Then Gabriel ascended with me to the fourth heaven and asked for its gate to be opened. It was asked, 'Who is it?' Gabriel replied, 'Gabriel' It was asked, 'Who is accompanying you?' Gabriel replied, 'Muhammad.' It was asked, 'Has he been called?' Gabriel replied in the affirmative. Then it was said, 'He is welcomed, what an excel lent visit his is!' The gate was opened, and when I went over the fourth heaven, there I saw Idris. Gabriel said (to me), 'This is Idris; pay him your greetings.' So I greeted him and he returned the greeting to me and said, 'You are welcomed, O pious brother and pious Prophet.' Then Gabriel ascended with me to the fifth heaven and asked for its gate to be opened. It was asked, 'Who is it?' Gabriel replied, 'Gabriel.' It was asked. 'Who is accompanying you?' Gabriel replied, 'Muhammad.' It was asked, 'Has he been called?' Gabriel replied in the affirmative. Then it was said He is welcomed, what an excellent visit his is! So when I went over the fifth heaven, there I saw Harun (i.e. Aaron), Gabriel said, (to me). This is Aaron; pay him your greetings.' I greeted him and he returned the greeting to me and said, 'You are welcomed, O pious brother and pious Prophet.' Then Gabriel ascended with me to the sixth heaven and asked for its gate to be opened. It was asked. 'Who is it?' Gabriel replied, 'Gabriel.' It was asked, 'Who is accompanying you?' Gabriel replied, 'Muhammad.' It was asked, 'Has he been called?' Gabriel replied in the affirmative. It was said, 'He is welcomed. What an excellent visit his is!' When I went (over the sixth heaven), there I saw Moses. Gabriel said (to me),' This is Moses; pay him your greeting. So I greeted him and he returned the greetings to me and said, 'You are welcomed, O pious brother and pious Prophet.' When I left him (i.e. Moses) he wept. Someone asked him, 'What makes you weep?' Moses said, 'I weep because after me there has been sent (as Prophet) a young man whose followers will enter Paradise in greater numbers than my followers.' Then Gabriel ascended with me to the seventh heaven and asked for its gate to be opened. It was asked, 'Who is it?' Gabriel replied, 'Gabriel.' It was asked,' Who is accompanying you?' Gabriel replied, 'Muhammad.' It was asked, 'Has he been called?' Gabriel replied in the affirmative. Then it was said, 'He is welcomed. What an excellent visit his is!' So when I went (over the seventh heaven), there I saw Abraham. Gabriel said (to me), 'This is your father; pay your greetings to him.' So I greeted him and he returned the greetings to me and said, 'You are welcomed, O pious son and pious Prophet.' Then I was made to ascend to Sidrat-ul-Muntaha (i.e. the Lote Tree of the utmost boundary) Behold! Its fruits were like the jars of Hajr (i.e. a place near Medina) and its leaves were as big as the ears of elephants. Gabriel said, 'This is the Lote Tree of the utmost boundary) . Behold ! There ran four rivers, two were hidden and two were visible, I asked, 'What are these two kinds of rivers, O Gabriel?' He replied,' As for the hidden rivers, they are two rivers in Paradise and the visible rivers are the Nile and the Euphrates.' Then Al-Bait-ul-Ma'mur (i.e. the Sacred House) was shown to me and a container full of wine and another full of milk and a third full of honey were brought to me. I took the milk. Gabriel remarked, 'This is the Islamic religion which you and your followers are following.' Then the prayers were enjoined on me: They were fifty prayers a day. When I returned, I passed by Moses who asked (me), 'What have you been ordered to do?' I replied, 'I have been ordered to offer fifty prayers a day.' Moses said, 'Your followers cannot bear fifty prayers a day, and by Allah, I have tested people before you, and I have tried my level best with Bani Israel (in vain). Go back to your Lord and ask for reduction to lessen your followers' burden.' So I went back, and Allah reduced ten prayers for me. Then again I came to Moses, but he repeated the same as he had said before. Then again I went back to Allah and He reduced ten more prayers. When I came back to Moses he said the same, I went back to Allah and He ordered me to observe ten prayers a day. When I came back to Moses, he repeated the same advice, so I went back to Allah and was ordered to observe five prayers a day. When I came back to Moses, he said, 'What have you been ordered?' I replied, 'I have been ordered to observe five prayers a day.' He said, 'Your followers cannot bear five prayers a day, and no doubt, I have got an experience of the people before you, and I have tried my level best with Bani Israel, so go back to your Lord and ask for reduction to lessen your follower's burden.' I said, 'I have requested so much of my Lord that I feel ashamed, but I am satisfied now and surrender to Allah's Order.' When I left, I heard a voice saying, 'I have passed My Order and have lessened the burden of My Worshipers

    Telah menceritakan kepada kami [Hudbah bin Khalid] telah menceritakan kepada kami [Hammam bin Yahya] telah menceritakan kepada kami [Qatadah] dari [Anas bin Malik] dari [Malik bin Sha'sha'ah] radliallahu 'anhuma, bahwa Nabi shallallahu 'alaihi wasallam bercerita kepada mereka tentang malam perjalanan Isra': "Ketika aku berada di al Hathim" -atau beliau menyebutkan di al Hijir- dalam keadaan berbaring, tiba-tiba seseorang datang lalu membelah". Qatadah berkata; Dan aku juga mendengar dia berkata: "lalu dia membelah apa yang ada diantara ini dan ini". Aku bertanya kepada Al Jarud yang saat itu ada di sampingku; "Apa maksudnya?". Dia berkata; "dari lubang leher dada hingga bawah perut" dan aku mendengar dia berkata; "dari atas dadanya sampai tempat tumbuhnya rambut kemaluan."lalu laki-laki itu mengeluarkan kalbuku (hati), kemudian dibawakan kepadaku sebuah baskom terbuat dari emas yang dipenuhi dengan iman, lalu dia mencuci hatiku kemudian diisinya dengan iman dan diulanginya. Kemudian aku didatangkan seekor hewan tunggangan berwarna putih yang lebih kecil dari pada baghal namun lebih besar dibanding keledai." Al Jarud berkata kepadanya; "Apakah itu yang dinamakan al Buraq, wahai Abu HAmzah?". Anas menjawab; "Ya. Al Buraq itu meletakan langkah kakinya pada pandangan mata yang terjauh"."Lalu aku menungganginya kemudian aku berangkat bersama Jibril 'alaihis salam hingga sampai di langit dunia. Lalu Jibril meminta dibukakan pintu langit kemudian dia ditanya; "Siapakah ini". Jibril menjawab; "Jibril". Ditanyakan lagi; "Siapa orang yang bersamamu?". Jibril menjawab; "Muhammad". Ditanyakan lagi; "Apakah dia telah diutus?". Jibril menjawab; "Ya". Maka dikatakan; "Selamat datang baginya dan ini sebaik-baik kedatangan orang yang datang". Maka pintu dibuka dan setelah melewatinya aku berjumpa Adam 'alaihis salam. Jibril AS berkata: "Ini adalah bapakmu, Adas. Berilah salam kepadanya". Maka aku memberi salam kepadanya dan Adam 'alaihis salam membalas salamku lalu dia berkata: "Selamat datang anak yang shalih dan nabi yang shalih". Kemudian aku dibawa naik ke langit kedua, lalu Jibril meminta dibukakan pintu langit kemudian dia ditanya; "Siapakah ini". Jibril menjawab; "Jibril". Ditanyakan lagi; "Siapa orang yang bersamamu?". Jibril menjawab; "Muhammad". Ditanyakan lagi; "Apakah dia telah diutus?". Jibril menjawab; "Ya". Maka dikatakan; "Selamat datang baginya dan ini sebaik-baik kedatangan orang yang datang". Maka pintu dibuka dan setelah aku melewatinya, aku berjumpa dengan Yahya dan 'Isa 'alaihimas salam, keduanya adalah anak dari satu bibi. Jibril berkata; "Ini adalah Yahya dan 'Isa, berilah salam kepada keduanya." Maka aku memberi salam kepada keduanya dan keduanya membalas salamku lalu keduanya berkata; "Selamat datang saudara yang shalih dan nabi yang shalih". Kemudian aku dibawa naik ke langit ketiga lalu Jibril meminta dibukakan pintu langit kemudian dia ditanya; "Siapakah ini". Jibril menjawab; "Jibril". Ditanyakan lagi; "Siapa orang yang bersamamu?". Jibril menjawab; "Muhammad". Ditanyakan lagi; "Apakah dia telah diutus?". Jibril menjawab; "Ya". Maka dikatakan; "Selamat datang baginya dan ini sebaik-baik kedatangan orang yang datang". Maka pintu dibuka dan setelah aku melewatinya, aku berjumpa dengan Yusuf 'alaihis salam. Jibril berkata; "Ini adalah Yusuf. Berilah salam kepadanya". Maka aku memberi salam kepadanya dan Yusuf membalas salamku lalu berkata; "Selamat datang saudara yang shalih dan nabi yang shalih". Kemudian aku dibawa naik ke langit keempat lalu Jibril meminta dibukakan pintu langit kemudian dia ditanya; "Siapakah ini". Jibril menjawab; "Jibril". Ditanyakan lagi; "Siapa orang yang bersamamu?". Jibril menjawab; "Muhammad". Ditanyakan lagi; "Apakah dia telah diutus?". Jibril menjawab; "Ya". Maka dikatakan; "Selamat datang baginya dan ini sebaik-baik kedatangan orang yang datang". Maka pintu dibuka dan setelah aku melewatinya, aku berjumpa dengan Idris 'alaihis salam. Jibril berkata; "Ini adalah Idris, berilah salam kepadanya". Maka aku memberi salam kepadanya dan Idris membalas salamku lalu berkata; "Selamat datang saudar yang shalih dan nabi yang shalih". Kemudian aku dibawa naik ke langit kelima lalu Jibril meminta dibukakan pintu langit kemudian dia ditanya; "Siapakah ini". Jibril menjawab; "Jibril". Ditanyakan lagi; "Siapa orang yang bersamamu?". Jibril menjawab; "Muhammad". Ditanyakan lagi; "Apakah dia telah diutus?". Jibril menjawab; "Ya". Maka dikatakan; "Selamat datang baginya dan ini sebaik-baik kedatangan orang yang datang". Maka pintu dibuka dan setelah aku melewatinya, aku bertemu dengan Harun 'alaihis salam. Jibril berkata; "Ini adalah Harun. Berilah salam kepadanya". Maka aku memberi salam kepadanya dan Harun membalas salamku lalu berkata; "Selamat datang saudara yang shalih dan nabi yang shalih". Kemudian aku dibawa naik ke langit keempat lalu Jibril meminta dibukakan pintu langit kemudian dia ditanya; "Siapakah ini". Jibril menjawab; "Jibril". Ditanyakan lagi; "Siapa orang yang bersamamu?". Jibril menjawab; "Muhammad". Ditanyakan lagi; "Apakah dia telah diutus?". Jibril menjawab; "Ya". Maka dikatakan; "Selamat datang baginya dan ini sebaik-baik kedatangan orang yang datang". Maka pintu dibuka dan setelah aku melewatinya, aku mendapatkan Musa 'alaihis salam. Jibril berkata; "Ini adalah Musa. Berilah salam kepadanya". Maka aku memberi salam kepadanya dan Musa membalas salamku lalu berkata; "Selamat datang saudara yang shalih dan nabi yang shalih". Ketika aku sudah selesai, tiba-tiba dia menangis. Lalu ditanyakan; "Mengapa kamu menangis?". Musa menjawab; "Aku menangis karena anak ini diutus setelah aku namun orang yang masuk surga dari ummatnya lebih banyak dari orang yang masuk surga dari ummatku". Kemudian aku dibawa naik ke langit ketujuh lalu Jibril meminta dibukakan pintu langit kemudian dia ditanya; "Siapakah ini". Jibril menjawab; "Jibril". Ditanyakan lagi; "Siapa orang yang bersamamu?". Jibril menjawab; "Muhammad". Ditanyakan lagi; "Apakah dia telah diutus?". Jibril menjawab; "Ya". Maka dikatakan; "Selamat datang baginya dan ini sebaik-baik kedatangan orang yang datang". Maka pintu dibuka dan setelah aku melewatinya, aku mendapatkan Ibrahim 'alaihis salam. Jibril berkata; "Ini adalah bapakmu. Berilah salam kepadanya". Maka aku memberi salam kepadanya dan Ibrahim membalas salamku lalu berkata; "Selamat datang anak yang shalih dan nabi yang shalih". Kemudian Sidratul Muntaha diangkat/dinampakkan kepadaku yang ternyata buahnya seperti tempayan daerah Hajar dengan daunnya laksana telinga-telinga gajah. Jibril 'alaihis salam berkata; "Ini adalah Sidratul Munahaa." Ternyata di dasarnya ada empat sungai, dua sungai Bathin dan dua sungai Zhahir". Aku bertanya: "Apakah ini wahai Jibril?". Jibril menjawab; "adapun dua sungai Bathian adalah dua sungai yang berada di surge, sedangkan dua sungai Zhahir adalah an Nail dan eufrat". Kemudian aku diangkat ke Baitul Ma'mur, lalu aku diberi satu gelas berisi khamer, satu gelas berisi susu dan satu gelas lagi berisi madu. Aku mengambil gelas yang berisi susu. Maka Jibril berkata; "Ini merupakan fithrah yang kamu dan ummatmu berada di atasnya". Kemudian diwajibkan bagiku shalat lima puluh kali dalam setiap hari. Aku pun kembali dan lewat di hadapan Musa 'alaihis salam. Musa bertanya; "Apa yang telah diperintahkan kepadamu?". aku menjawab: "Aku diperintahkan shalat lima puluh kali setiap hari". Musa berkata; "Sesungguhnya ummatmu tidak akan sanggup melaksanakan lima puluh kali shalat dalam sehari, dan aku, demi Allah, telah mencoba menerapkannya kepada manusia sebelum kamu, dan aku juga telah berusaha keras membenahi Bani Isra'il dengan sungguh-sungguh. Maka kembalilah kepada Rabbmu dan mintalah keringanan untuk umatmu". Maka aku kembali dan Allah memberiku keringanan dengan mengurangi sepuluh shalat, lalu aku kembali menemui Musa. Maka Musa berkata sebagaimana yang dikatakan sebelumnya, lalu aku kembali dan Allah memberiku keringanan dengan mengurangi sepuluh shalat, lalu aku kembali menemui Musa. Maka Musa berkata sebagaimana yang dikatakan sebelumnya, lalu aku kembali dan Allah memberiku keringanan dengan mengurangi sepuluh shalat, lalu aku kembali menemui Musa. Maka Musa berkata sebagaimana yang dikatakan sebelunya. Aku pun kembali, dan aku di perintah dengan sepuluh kali shalat setiap hari. Lalu aku kembali dan Musa kembali berkata seperti sebelumnya. Aku pun kembali, dan akhirnya aku diperintahkan dengan lima kali shalat dalam sehari. Aku kembali kepada Musa dan dia berkata; "Apa yang diperintahkan kepadamu?". Aku jawab: "Aku diperintahkan dengan lima kali shalat dalam sehari". Musa berkata; "Sesungguhnya ummatmu tidak akan sanggup melaksanakan lima kali shalat dalam sehari, dan sesungguhnya aku, telah mencoba menerapkannya kepada manusia sebelum kamu, dan aku juga telah berusaha keras membenahi Bani Isra'il dengan sungguh-sungguh. Maka kembalilah kepada Rabbmu dan mintalah keringanan untuk umatmu". Beliau berkata: "Aku telah banyak memohon (keringanan) kepada Rabbku hingga aku malu. Tetapi aku telah ridla dan menerimanya". Ketika aku telah selesai, terdengar suara orang yang berseru: "Sungguh Aku telah memberikan keputusan kewajiban-Ku dan Aku telah ringankan untuk hamba-hamba-Ku

    Enes b. Malik b. Sa'saa r.a.'dan rivayete göre; "Allah'ın Nebii Sallallahu Aleyhi ve Sellem kendisine İsra'ya götürüldüğü geceyi anlatarak şöyle buyurmuştur: Ben el-Hatim'de -ravi belki de el-Hicr'de demiştir- yatıyordum. Aniden bana birisi geldi. Şurdan şuraya kesti. -Katade dedi ki: Onu (Enes'i) yardı, dediğini de dinlemişimdir.- (Katade dedi ki:) Ben yanımda bulunan el-Carud'a dedim ki: Bununla neyi kastediyor? O, boğazından eteğine kadar -yine onu: "Göğsünün üst tarafından eteğine kadar (yardı) dediğini de dinlemişimdir- Kalbimi çıkardı. Daha sonra yanıma iman ile dolu altından bir leğen getirildi. Kalbim yıkandı, sonra içi dolduruldu. Sonra da eski haline iade edildi. Arkasından bana beyaz renkli, katırdan alçak, eşekten yüksek bir binek getirildi. -el-Carud ona dedi ki: Ey EbU Hamza o binek Burak mıdır? Enes dedi ki: Evet, o adımını gözüyle gördüğü en son noktaya koyar.- O bineğe bindirildim. Cibril beni alıp götürdü. Nihayet dünya semasına kadar geldi. Açılmasını istedi. O kim diye soruldu, Cibril dedi. Beraberinde kim var, diye soruldu. Muhammed denildi. (Mi'rac için) Ona risalet verildi mi, diye soruldu, o evet dedi. Merhaba ona, onun gelişi ne güzeldir, denildi. Kapı açıldı. İçeri girdikten sonra orada Adem' ile karşı laştı m. Bu senin baban Ademidir, ona selam ver dedi. Ben de ona selam verdim, selamımı aldıktan sonra, salih oğluma ve salih nebiye merhaba, dedi. Sonra beni alıp ikinci semaya çıkardı. Açılmasını istedi. O kim diye soruldu, Cibril dedi. Beraberinde kim var diye soruldu, Muhammed dedi. Ona (Mi'rac için) risalet (haber, emir) verildi mi diye soruldu, evet dedi. Merhaba ona, onun gelişi ne güzeldir denildi. Kapı açıldı, içeri girince teyze çocukları olan Yahya ve İsa'yı gördüm. Bu Yahya, bu da İsa'dır, haydi onlara selam ver dedi, ben de selam verdim. Selamımı aldıktan sonra, salih kardeşimize ve salih nebiye merhaba dediler. Sonra beni alıp üçüncü semaya çıkardı, açılmasını istedi. O kim denildi, Cibril dedi. Beraberinde kim var diye soruldu. Muhammed dedi. Ona (Mi'rac için) risalet verildi mi diye soruldu, evet dedi. Merhaba ona, bu geliş ne güzel geliştir denildi, kapı açıldı. İçeri girdiğimde Yusuf ile karşılaştım. Bu Yusuftur, ona selam ver dedi. Ben de ona selam verdim. Selamımı aldıktan sonra salih kardeşime ve salih nebiye merhaba dedi. Sonra beni alıp dördüncü semaya çıkardı, açılmasını istedi. O kim denildi, Cibril dedi. Beraberinde kim var diye soruldu, Muhammed, dedi. Ona risalet verildi mi, diye soruldu. Evet, dedi. Merhaba ona, onun gelişi ne güzeldir, denildi. Kapı açıldı, içeri girdiğimde İdris'i gördüm. Bu İdris'tir, ona selam ver, dedi. Ben de ona selam verdim, selamımı aldıktan sonra salih kardeşime ve salih nebiye merhaba dedi. Daha sonra beni beşinci semaya çıkardı, açılmasını istedi. O kim diye soruldu, Cibril dedi. Beraberinde kim var diye soruldu, Muhammed dedi. Ona (Mi'rac için) risalet (haber) gönderildi mi diye sordu, evet dedi. Merhaba ona, onun bu gelişi ne güzel bir geliştir, denildi. İçeri girince Harun ile karşılaştım, bu Harun'dur ona selam ver dedi. Ben de ona selam verdim, selamımı aldıktan sonra, salih kardeşe ve salih nebiye merhaba dedi. Sonra beni alıp altıncı semaya çıkardı. Açılmasını istedi. O kim diye soruldu, Cibril dedi. Beraberinde kim var diye soruldu, Muhammed dedi. Ona (Mi'rac için) risalet (haber) gönderildi mi, diye soruldu, evet dedi. Merhaba ona, onun bu gelişi ne güzeldir, dedi. İçeri girdiğimde Musa ile karşılaştı m. Bu Musa'dır, ona selam ver dedi. Ben de ona selam verdim. O da selamımı aldıktan sonra: Salih• kardeşime ve salih nebiye merhaba, dedi. Yanından ayrılıp gidince ağlamaya başladı. Ona niçin ağlıyorsun diye soruldu, şöyle dedi: Ağlayışımın sebebi şu ki, benden sonra Nebi olarak gönderilen bir delikanlının ümmetinden cennete gireceklerin sayısı benim ümmetimden daha fazla olacaktır. Sonra beni yedinci semaya çıkardı. Cibril (kapısının) açılmasını istedi. O kim denildi, Cibril dedi. Beraberinde kim var diye soruldu, Muhammed dedi. Ona bi'set verildi mi (yani semaya gelmesi için haber gönderildi mi) diye soruldu, evet dedi. Merhaba ona, onun gelişi ne güzeldir dedi. Girince İbrahim ile karşılaştım. Bu senin babandır, ona selam ver dedi. Ben de ona selam verdim, selamımı aldıktan sonra, salih oğluma ve salih nebiye merhaba dedi. Daha sonra Sidretu'l-Müntehfı bana yaklaştırıldı. Onun meyvesinin Hecer testilerini, yapraklarının fil kulaklarını andırdığını gördüm. Bu Sidretu'l-Müntehfı'dır dedi. Orada dört de nehir gördüm, ikisi gizli ikisi açıktı. Bu iki nehir ne oluyor ey Cibril, diye sordum. Dedi ki: Gizli olan ikisi cennetteki iki ırmaktır, açıktan akan ikisi ise Nil ile Fırat'tır. Daha sonra bana el-Beytu'l-Ma'mur yakınlaştırıldı. Sonra birinin içinde şarab, birinin içinde süt, birinin içinde bal bulunan kaplar getirildi. Ben süt bulunan kabı aldım. İşte bu senin ve ümmetinin üzerinde olduğun fıtrattır dedi. Sonra bana her gün elli namaz olmak üzere namaz farz kılındı. Geri döndüğümde Musa'nın yanından geçtim. Sana ne emrolundu diye sordu. Ben, her gün elli vakit namaz ile emrolundum dedim. Senin ümmetinin her gün elli vakit namaz kılmaya gücü yetmez, şüphesiz Allah'a yemin ederim ki senden önce ben insanları denedim. İsrailoğulları ile çok uğraştım. Rabbine dön de ondan ümmetinin yükünü hafifletmesini dile, dedi. Ben de döndüm, üzerimden onunu kaldırdı. Musa'nın yanına döndüm. Yine önceki gibi söyledi. Geri döndüm, üzerimden bir onunu daha kaldırdı. Musa'nın yanına geri geldim, bana aynısını söyledi. Tekrar geri döndüm, benden onunu daha kaldırdı. Yine Musa'nın yanına döndüğümde bana aynısını tekrar söyledi. Bir daha geri döndüm, her gün on vakit namaz kılmakla emrolundum. Geri döndüm, yine Musa aynısını söyledi. Tekrar ben de geri döndüm. Her gün beş vakit namaz kılmakla emrolundum. Musa'nın yanına geri döndüğümde, sana ne emrolundu diye sordu. Ben, her gün beş vakit namaz kılmakla emrolundum dedim. Bana: Senin ümmetin her gün beş vakit namaz kılamaz, dedi. Çünkü ben senden önce insanları denedim. İsrailoğullarıyla alabildiğine uğraştım. Haydi Rabbine geri dön, ondan ümmetinin yükünü hafifletmesini dile. (Allah Resulü) buyurdu ki: Rabbimden çok istedim artık utanıyorum, fakat onun emrine rıza gösteriyorum, teslim oluyorum. Ayrılıp gidince bir münadi şöyle buyurdu: Ben farz kıldığımı gerçekleştirdim, kullarımın yükünü de hafiflettim

    ہم سے ہدبہ بن خالد نے بیان کیا، انہوں نے کہا ہم سے ہمام بن یحییٰ نے بیان کیا، ان سے قتادہ نے بیان کیا، ان سے انس بن مالک رضی اللہ عنہ نے بیان کیا اور ان سے مالک بن صعصعہ رضی اللہ عنہ نے بیان کیا، کہ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے ان سے شب معراج کا واقعہ بیان کیا۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ میں حطیم میں لیٹا ہوا تھا۔ بعض دفعہ قتادہ نے حطیم کے بجائے حجر بیان کیا کہ میرے پاس ایک صاحب ( جبرائیل علیہ السلام ) آئے اور میرا سینہ چاک کیا۔ قتادہ نے بیان کیا کہ میں نے انس رضی اللہ عنہ سے سنا، وہ بیان کرتے تھے کہ یہاں سے یہاں تک۔ میں نے جارود سے سنا جو میرے قریب ہی بیٹھے تھے۔ پوچھا کہ انس رضی اللہ عنہ کی اس لفظ سے کیا مراد تھی؟ تو انہوں نے کہا کہ حلق سے ناف تک چاک کیا ( قتادہ نے بیان کیا کہ ) میں نے انس سے سنا، انہوں نے بیان کیا کہ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کے سینے کے اوپر سے ناف تک چاک کیا، پھر میرا دل نکالا اور ایک سونے کا طشت لایا گیا جو ایمان سے بھرا ہوا تھا، اس سے میرا دل دھویا گیا اور پہلے کی طرح رکھ دیا گیا۔ اس کے بعد ایک جانور لایا گیا جو گھوڑے سے چھوٹا اور گدھے سے بڑا تھا اور سفید! جارود نے انس رضی اللہ عنہ سے پوچھا: ابوحمزہ! کیا وہ براق تھا؟ آپ نے فرمایا کہ ہاں۔ اس کا ہر قدم اس کے منتہائے نظر پر پڑتا تھا ( نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ ) مجھے اس پر سوار کیا گیا اور جبرائیل مجھے لے کر چلے آسمان دنیا پر پہنچے تو دروازہ کھلوایا، پوچھا گیا کون صاحب ہیں؟ انہوں نے بتایا کہ جبرائیل ( علیہ السلام ) پوچھا گیا اور آپ کے ساتھ کون ہے؟ آپ نے بتایا کہ محمد ( صلی اللہ علیہ وسلم ) ۔ پوچھا گیا، کیا انہیں بلانے کے لیے آپ کو بھیجا گیا تھا؟ انہوں نے جواب دیا کہ ہاں۔ اس پر آواز آئی ( انہیں ) خوش آمدید! کیا ہی مبارک آنے والے ہیں وہ، اور دروازہ کھول دیا۔ جب میں اندر گیا تو میں نے وہاں آدم علیہ السلام کو دیکھا، جبرائیل علیہ السلام نے فرمایا یہ آپ کے جد امجد آدم علیہ السلام ہیں انہیں سلام کیجئے۔ میں نے ان کو سلام کیا اور انہوں نے جواب دیا اور فرمایا: خوش آمدید نیک بیٹے اور نیک نبی! جبرائیل علیہ السلام اوپر چڑھے اور دوسرے آسمان پر آئے وہاں بھی دروازہ کھلوایا آواز آئی کون صاحب آئے ہیں؟ بتایا کہ جبرائیل ( علیہ السلام ) پوچھا گیا آپ کے ساتھ اور کوئی صاحب بھی ہیں؟ کہا محمد ( صلی اللہ علیہ وسلم ) ۔ پوچھا گیا کیا آپ کو انہیں بلانے کے لیے بھیجا گیا تھا؟ انہوں نے جواب دیا کہ ہاں۔ پھر آواز آئی انہیں خوش آمدید۔ کیا ہی اچھے آنے والے ہیں وہ۔ پھر دروازہ کھلا اور میں اندر گیا تو وہاں یحییٰ اور عیسیٰ علیہما السلام موجود تھے۔ یہ دونوں خالہ زاد بھائی ہیں۔ جبرائیل علیہ السلام نے فرمایا یہ عیسیٰ اور یحییٰ علیہما السلام ہیں انہیں سلام کیجئے میں نے سلام کیا اور ان حضرات نے میرے سلام کا جواب دیا اور فرمایا خوش آمدید نیک نبی اور نیک بھائی! یہاں سے جبرائیل علیہ السلام مجھے تیسرے آسمان کی طرف لے کر چڑھے اور دروازہ کھلوایا۔ پوچھا گیا کون صاحب آئے ہیں؟ جواب دیا کہ جبرائیل۔ پوچھا گیا اور آپ کے ساتھ کون صاحب آئے ہیں؟ جواب دیا کہ محمد ( صلی اللہ علیہ وسلم ) ۔ پوچھا گیا کیا انہیں لانے کے لیے آپ کو بھیجا گیا تھا؟ جواب دیا کہ ہاں۔ اس پر آواز آئی انہیں خوش آمدید۔ کیا ہی اچھے آنے والے ہیں وہ، دروازہ کھلا اور جب میں اندر داخل ہوا تو وہاں یوسف علیہ السلام موجود تھے۔ جبرائیل علیہ السلام نے فرمایا یہ یوسف ہیں انہیں سلام کیجئے میں نے سلام کیا تو انہوں نے جواب دیا اور فرمایا: خوش آمدید نیک نبی اور نیک بھائی! پھر جبرائیل علیہ السلام مجھے لے کر اوپر چڑھے اور چوتھے آسمان پر پہنچے دروازہ کھلوایا تو پوچھا گیا کون صاحب ہیں؟ بتایا کہ جبرائیل! پوچھا گیا اور آپ کے ساتھ کون ہے؟ کہا کہ محمد ( صلی اللہ علیہ وسلم ) ۔ پوچھا گیا کیا انہیں بلانے کے لیے آپ کو بھیجا گیا تھا؟ جواب دیا کہ ہاں کہا کہ انہیں خوش آمدید۔ کیا ہی اچھے آنے والے ہیں وہ! اب دروازہ کھلا جب میں وہاں ادریس علیہ السلام کی خدمت میں پہنچا تو جبرائیل علیہ السلام نے فرمایا یہ ادریس علیہ السلام ہیں انہیں سلام کیجئے میں نے انہیں سلام کیا اور انہوں نے جواب دیا اور فرمایا خوش آمدید پاک بھائی اور نیک نبی۔ پھر مجھے لے کر پانچویں آسمان پر آئے اور دروازہ کھلوایا پوچھا گیا کون صاحب ہیں؟ جواب دیا کہ جبرائیل پوچھا گیا آپ کے ساتھ کون صاحب آئے ہیں؟ جواب دیا کہ محمد ( صلی اللہ علیہ وسلم ) ۔ پوچھا گیا کہ انہیں بلانے کے لیے آپ کو بھیجا گیا تھا؟ جواب دیا کہ ہاں اب آواز آئی خوش آمدید کیا ہی اچھے آنے والے ہیں وہ، یہاں جب میں ہارون علیہ السلام کی خدمت میں حاضر ہوا تو جبرائیل علیہ السلام نے بتایا کہ یہ ہارون ہیں انہیں سلام کیجئے میں نے انہیں سلام کیا انہوں نے جواب کے بعد فرمایا خوش آمدید نیک نبی اور نیک بھائی! یہاں سے لے کر مجھے آگے بڑھے اور چھٹے آسمان پر پہنچے اور دروازہ کھلوایا پوچھا گیا کون صاحب آئے ہیں؟ بتایا کہ جبرائیل، پوچھا گیا آپ کے ساتھ کوئی دوسرے صاحب بھی آئے ہیں؟ جواب دیا کہ محمد ( صلی اللہ علیہ وسلم ) ۔ پوچھا گیا کیا انہیں بلانے کے لیے آپ کو بھیجا گیا تھا؟ جواب دیا کہ ہاں۔ پھر کہا انہیں خوش آمدید کیا ہی اچھے آنے والے ہیں وہ۔ میں جب وہاں موسیٰ علیہ السلام کی خدمت میں حاضر ہوا تو جبرائیل علیہ السلام نے فرمایا کہ یہ موسیٰ علیہ السلام ہیں انہیں سلام کیجئے، میں نے سلام کیا اور انہوں نے جواب کے بعد فرمایا خوش آمدید نیک نبی اور نیک بھائی! جب میں آگے بڑھا تو وہ رونے لگے کسی نے پوچھا آپ رو کیوں رہے ہیں؟ تو انہوں نے فرمایا میں اس پر رو رہا ہوں کہ یہ لڑکا میرے بعد نبی بنا کر بھیجا گیا لیکن جنت میں اس کی امت کے لوگ میری امت سے زیادہ ہوں گے۔ پھر جبرائیل علیہ السلام مجھے لے کر ساتویں آسمان کی طرف گئے اور دروازہ کھلوایا۔ پوچھا گیا کون صاحب آئے ہیں؟ جواب دیا کہ جبرائیل، پوچھا گیا اور آپ کے ساتھ کون صاحب آئے ہیں؟ جواب دیا کہ محمد ( صلی اللہ علیہ وسلم ) ۔ پوچھا گیا کیا انہیں بلانے کے لیے آپ کو بھیجا گیا تھا؟ جواب دیا کہ ہاں۔ کہا کہ انہیں خوش آمدید۔ کیا ہی اچھے آنے والے ہیں وہ، میں جب اندر گیا تو ابراہیم علیہ السلام تشریف رکھتے تھے۔ جبرائیل علیہ السلام نے فرمایا کہ یہ آپ کے جد امجد ہیں، انہیں سلام کیجئے۔ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ میں نے ان کو سلام کیا تو انہوں نے جواب دیا اور فرمایا خوش آمدید نیک نبی اور نیک بیٹے! پھر سدرۃ المنتہیٰ کو میرے سامنے کر دیا گیا میں نے دیکھا کہ اس کے پھل مقام حجر کے مٹکوں کی طرح ( بڑے بڑے ) تھے اور اس کے پتے ہاتھیوں کے کان کی طرح تھے۔ جبرائیل علیہ السلام نے فرمایا کہ یہ سدرۃ المنتہیٰ ہے۔ وہاں میں نے چار نہریں دیکھیں دو باطنی اور دو ظاہری۔ میں نے پوچھا اے جبرائیل! یہ کیا ہیں؟ انہوں نے بتایا کہ جو دو باطنی نہریں ہیں وہ جنت سے تعلق رکھتی ہیں اور دو ظاہری نہریں، نیل اور فرات ہیں۔ پھر میرے سامنے بیت المعمور کو لایا گیا، وہاں میرے سامنے ایک گلاس میں شراب ایک میں دودھ اور ایک میں شہد لایا گیا۔ میں نے دودھ کا گلاس لے لیا تو جبرائیل علیہ السلام نے فرمایا یہی فطرت ہے اور آپ اس پر قائم ہیں اور آپ کی امت بھی! پھر مجھ پر روزانہ پچاس نمازیں فرض کی گئیں میں واپس ہوا اور موسیٰ علیہ السلام کے پاس سے گزرا تو انہوں نے پوچھا کس چیز کا آپ کو حکم ہوا؟ میں نے کہا کہ روزانہ پچاس وقت کی نمازوں کا۔ موسیٰ علیہ السلام نے فرمایا لیکن آپ کی امت میں اتنی طاقت نہیں ہے۔ اس سے پہلے میرا واسطہ لوگوں سے پڑ چکا ہے اور بنی اسرائیل کا مجھے تلخ تجربہ ہے۔ اس لیے آپ اپنے رب کے حضور میں دوبارہ جائیے اور اپنی امت پر تخفیف کے لیے عرض کیجئے۔ چنانچہ میں اللہ تعالیٰ کے دربار میں دوبارہ حاضر ہوا اور تخفیف کے لیے عرض کی تو دس وقت کی نمازیں کم کر دی گئیں۔ پھر میں جب واپسی میں موسیٰ علیہ السلام کے پاس سے گزرا تو انہوں نے پھر وہی سوال کیا میں دوبارہ بارگاہ رب تعالیٰ میں حاضر ہوا اور اس مرتبہ بھی دس وقت کی نمازیں کم ہوئیں۔ پھر میں موسیٰ علیہ السلام کے پاس سے گزرا اور تو انہوں نے وہی مطالبہ کیا میں نے اس مرتبہ بھی بارگاہ رب تعالیٰ میں حاضر ہو کر دس وقت کی نمازیں کم کرائیں۔ موسیٰ علیہ السلام کے پاس سے پھر گزرا انہوں نے اپنی رائے کا اظہار کیا پھر بارگاہ الٰہی میں حاضر ہوا تو مجھے دس وقت کی نمازوں کا حکم ہوا میں واپس ہونے لگا تو آپ نے پھر وہی کہا اب بارگاہ الٰہی میں حاضرہوا تو روزانہ صرف پانچ وقت کی نمازوں کا حکم باقی رہا۔ موسیٰ علیہ السلام کے پاس آیا تو آپ نے دریافت فرمایا اب کیا حکم ہوا؟ میں نے موسیٰ علیہ السلام کو بتایا کہ روزانہ پانچ وقت کی نمازوں کا حکم ہوا ہے۔ فرمایا کہ آپ کی امت اس کی بھی طاقت نہیں رکھتی میرا واسطہ آپ سے پہلے لوگوں سے پڑ چکا ہے اور بنی اسرائیل کا مجھے تلخ تجربہ ہے۔ اپنے رب کے دربار میں پھر حاضر ہو کر تخفیف کے لیے عرض کیجئے۔ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا رب تعالیٰ سے میں بہت سوال کر چکا اور اب مجھے شرم آتی ہے۔ اب میں بس اسی پر راضی ہوں۔ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ پھر جب میں وہاں سے گزرنے لگا تو ندا آئی ”میں نے اپنا فریضہ جاری کر دیا اور اپنے بندوں پر تخفیف کر چکا۔“

    মালিক ইবনু সা‘সা‘ (রাঃ) হতে বর্ণিত, আল্লাহর নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম যে রাতে তাঁকে ভ্রমণ করানো হয়েছে সে রাতের ঘটনা বর্ণনা করতে গিয়ে বলেন, এক সময় আমি কা‘বা ঘরের হাতিমের অংশে ছিলাম। কখনো কখনো রাবী (কাতাদাহ) বলেছেন, হিজরে শুয়েছিলাম। হঠাৎ একজন আগন্তুক আমার নিকট এলেন এবং আমার এস্থান হতে সে স্থানের মাঝের অংশটি চিরে ফেললেন। রাবী কাতাদাহ বলেন, আনাস (রাঃ) কখনো কাদ্দা (চিরলেন) শব্দ আবার কখনো শাক্কা (বিদীর্ণ) শব্দ বলেছেন। রাবী বলেন, আমি আমার পার্শ্বে বসা জারূদ (রহ.)-কে জিজ্ঞেস করলাম, এ দ্বারা কী বুঝিয়েছেন? তিনি বললেন, হলকূমের নিম্নদেশ হতে নাভি পর্যন্ত। কাতাদাহ (রহ.) বলেন, আমি আনাস (রাঃ)-কে এ-ও বলতে শুনেছি বুকের উপরিভাগ হতে নাভির নীচ পর্যন্ত। তারপর আগন্তুক আমার হৃদপিন্ড বের করলেন। তারপর আমার নিকট একটি সোনার পাত্র আনা হল যা ঈমানে পরিপূর্ণ ছিল। তারপর আমার হৃদপিন্ডটি ধৌত করা হল এবং ঈমান দ্বারা পরিপূর্ণ করে যথাস্থানে আবার রেখে দেয়া হল। তারপর সাদা রং এর একটি জন্তু আমার নিকট আনা হল। যা আকারে খচ্চর হতে ছোট ও গাধা হতে বড় ছিল। জারুদ তাকে বলেন, হে আবূ হামযা, এটাই কি বুরাক? আনাস (রাঃ) বললেন, হাঁ। সে একেক কদম রাখে দৃষ্টির শেষ সীমায়। আমাকে তার উপর সাওয়ার করানো হল। তারপর আমাকে নিয়ে জিবরাঈল (আঃ) চললেন। প্রথম আসমানে নিয়ে এসে দরজা খোলে দিতে বললেন, জিজ্ঞেস করা হল, ইনি কে? তিনি বললেন, জিবরাঈল। আবার জিজ্ঞেস করা হল, আপনার সঙ্গে কে? তিনি বললেন, মুহাম্মাদ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম। আবার জিজ্ঞেস করা হল, তাঁকে কি ডেকে পাঠান হয়েছে? তিনি বললেন, হাঁ। তখন বলা হল, মারহাবা, উত্তম আগমনকারীর আগমন হয়েছে। তারপর আসমানের দরজা খুলে দেয়া হল। আমি যখন পৌঁছলাম, তখন সেখানে আদম (আঃ)-এর সাক্ষাৎ পেলাম। জিবরাঈল (আঃ) বললেন, ইনি আপনার আদি পিতা আদম (আঃ) তাঁকে সালাম করুন। আমি তাঁকে সালাম করলাম। তিনি সালামের জবাব দিলেন এবং বললেন, নেক্কার পুত্র ও নেক্কার নবীর প্রতি খোশ আমদেদ। তারপর উপরের দিকে চলে দ্বিতীয় আসমানে পৌঁছে দরজা খুলে দিতে বললেন, জিজ্ঞেস করা হল কে? তিনি বললেন, জিবরাঈল। জিজ্ঞেস করা হল আপনার সঙ্গে কে? তিনি বললেন, মুহাম্মাদ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম। জিজ্ঞেস করা হল, তাঁকে কি ডেকে পাঠানো হয়েছে? তিনি উত্তর দিলেন, হাঁ। তারপর বলা হল- মারহাবা! উত্তম আগমনকারীর আগমন ঘটেছে। তারপর খুলে দেয়া হল। যখন সেখানে পৌঁছলাম তখন সেখানে ইয়াহ্ইয়া ও ‘ঈসা (আঃ)-এর সাক্ষাৎ পেলাম। তাঁরা দু’জন ছিলেন পরস্পরের খালাত ভাই। তিনি (জিবরাঈল) বললেন, এরা হলেন, ইয়াহ্ইয়া ও ঈসা (আঃ)। তাদের প্রতি সালাম করুন। তখন আমি সালাম করলাম। তাঁরা জবাব দিলেন, তারপর বললেন, নেক্কার ভাই ও নেক্কার নবীর প্রতি খোশ-আমদেদ। এরপর তিনি আমাকে নিয়ে তৃতীয় আসমানের দিকে চললেন, সেখানে পৌঁছে জিবরাঈল বললেন, খুলে দাও। তাঁকে বলা হল কে? তিনি উত্তর দিলেন, জিবরাঈল (আঃ)। জিজ্ঞেস করা হল আপনার সঙ্গে কে? তিনি বললেন, মুহাম্মাদ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম। জিজ্ঞেস করা হল, তাঁকে কি ডেকে পাঠানো হয়েছে? তিনি বললেন, হাঁ। বলা হল, তাঁর জন্য খোশ-আমদেদ। উত্তম আগমনকারীর আগমন হয়েছে। তারপর দরজা খুলে দেয়া হল। আমি তথায় পৌঁছে ইউসুফ (আঃ)-কে দেখতে পেলাম। জিবরাঈল বললেন, ইনি ইউসুফ (আঃ) আপনি তাঁকে সালাম করুন। আমি তাঁকে সালাম করলাম, তিনিও জবাব দিলেন এবং বললেন, নেক্কার ভাই, নেক্কার নবীর প্রতি খোশ-আমদেদ। তারপর জিবরাঈল (আঃ) আমাকে নিয়ে উপর দিকে চললেন এবং চতুর্থ আসমানে পৌঁছলেন। আর দরজা খুলে দিতে বললেন। জিজ্ঞেস করা হল, আপনি কে? তিনি বললেন, জিবরাঈল। জিজ্ঞেস করা হল, আপনার সঙ্গে কে? তিনি বললেন মুহাম্মাদ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম। জিজ্ঞেস করা হল, তাঁকে কি ডেকে পাঠানো হয়েছে? তিনি বললেন, হাঁ। তখন বলা হল, তাঁর প্রতি মারহাবা। উত্তম আগমনকারীর আগমন ঘটেছে। তখন খুলে দেয়া হল। আমি ইদ্রীস (আঃ)-এর কাছে পৌঁছলে জিবরাঈল বললেন, ইনি ইদ্রীস (আঃ)। তাঁকে সালাম করুন। আমি তাঁকে সালাম করলাম। তিনিও জবাব দিলেন। তারপর বললেন, নেক্কার ভাই ও নেক্কার নবীর প্রতি মারহাবা। এরপর তিনি আমাকে নিয়ে উপর দিকে গিয়ে পঞ্চম আসমানে পৌঁছে দরজা খুলতে বললেন। জিজ্ঞেস করা হল আপনি কে? তিনি বললেন, জিবরাঈল। জিজ্ঞেস করা হল, আপনার সঙ্গে কে? তিনি উত্তর দিলেন, মুহাম্মাদ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম। জিজ্ঞেস করা হল। তাঁকে ডেকে পাঠানো হয়েছে? তিনি বললেন, হাঁ। বলা হল, তাঁর প্রতি মারহাবা। উত্তম আগমনকারীর আগমন হয়েছে। তথায় পৌঁছে হারূন (আঃ)-কে পেলাম। জিবরাঈল বললেন, ইনি হারূন (আঃ) তাঁকে সালাম করুন। আমি তাকে সালাম করলাম; তিনিও জবাব দিলেন, এবং বললেন, নেক্কার ভাই ও নেক্কার নবীর প্রতি মারহাবা। তারপর আমাকে নিয়ে যাত্রা করে ষষ্ঠ আকাশে পৌঁছে দরজা খুলতে বললেন। জিজ্ঞেস করা হল, আপনি কে? তিনি বললেন, জিবরাঈল। জিজ্ঞেস করা হল, আপনার সঙ্গে কে? তিনি বললেন, মুহাম্মাদ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম। প্রশ্ন করা হল, তাকে কি ডেকে পাঠানো হয়েছে? তিনি বললেন, হাঁ। ফেরেশ্তা বললেন, তার প্রতি মারহাবা। উত্তম আগন্তুক এসেছেন। তথায় পৌঁছে আমি মূসা (আঃ)-কে পেলাম। জিবরাঈল (আঃ) বললেন, ইনি মূসা (আঃ)। তাঁকে সালাম করুন। আমি তাঁকে সালাম করলাম। তিনি জবাব দিলেন এবং বললেন, নেক্কার ভাই ও নেক্কার নবীর প্রতি মারহাবা। আমি যখন অগ্রসর হলাম তখন তিনি কেঁদে ফেললেন। তাঁকে জিজ্ঞেস করা হল, আপনি কিসের জন্য কাঁদছেন? তিনি বললেন, আমি এজন্য কাঁদছি যে, আমার পর একজন যুবককে নবী বানিয়ে পাঠানো হয়েছে, যাঁর উম্মত আমার উম্মত হতে অধিক সংখ্যায় জান্নাতে প্রবেশ করবে। তারপর জিবরাঈল (আঃ) আমাকে নিয়ে সপ্তম আকাশের দিকে গেলেন এবং দরজা খুলে দিতে বললেন, জিজ্ঞেস করা হল এ কে? তিনি উত্তর দিলেন, আমি জিবরাঈল। আবার জিজ্ঞেস করা হল, আপনার সাথে কে? তিনি বললেন, মুহাম্মাদ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম। জিজ্ঞেস করা হল, তাকে ডেকে পাঠানো হয়েছে কি? তিনি বললেন, হাঁ। বলা হল, তাঁর প্রতি মারহাবা। উত্তম আগমনকারীর আগমন হয়েছে। আমি সেখানে পৌঁছে ইব্রাহীম (আঃ)-কে দেখতে পেলাম। জিবরাঈল (আঃ) বললেন, ইনি আপনার পিতা। তাঁকে সালাম করুন। আমি তাঁকে সালাম করলাম। তিনি সালামের জবাব দিলেন এবং বললেন, নেক্কার পুত্র ও নেক্কার নবীর প্রতি মারহাবা। তারপর আমাকে সিদ্রাতুল মুনতাহা* পর্যন্ত উঠানো হল। দেখতে পেলাম, তার ফল ‘হাজার’ অঞ্চলের মটকার ন্যায় এবং তার পাতাগুলি হাতির কানের মত। আমাকে বলা হল, এ হল সিদরাতুল মুন্তাহা। সেখানে আমি চারটি নহর দেখতে পেলাম, যাদের দু’টি ছিল অপ্রকাশ্য দু’টি ছিল প্রকাশ্য। তখন আমি জিব্রাঈল (আঃ)-কে জিজ্ঞেস করলাম, এ নহরগুলি কী? তিনি বললেন, অপ্রকাশ্য, দু’টি হল জান্নাতের দু’টি নহর। আর প্রকাশ্য দু’টি হল নীল নদী ও ফুরাত নদী। তারপর আমার সামনে ‘আল-বায়তুল মামুর’ প্রকাশ করা হল, এরপর আমার সামনে একটি শরাবের পাত্র, একটি দুধের পাত্র ও একটি মধুর পাত্র রাখা হল। আমি দুধের পাত্রটি গ্রহণ করলাম। তখন জিবরাঈল বললেন, এ-ই হচ্ছে ফিতরাত। আপনি ও আপনার উম্মতগণ এর উপর প্রতিষ্ঠিত। তারপর আমার উপর দৈনিক ৫০ ওয়াক্ত সালাত ফরয করা হল। এরপর আমি ফিরে আসলাম। মূসা (আঃ)-এর সম্মুখ দিয়ে যাওয়ার সময় তিনি আমাকে জিজ্ঞেস করলেন আল্লাহ্ তা‘আলা আপনাকে কী আদেশ করেছেন রাসূলুল্লাহ্ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বললেন, আমাকে দৈনিক পঞ্চাশ ওয়াক্ত সালাতের আদেশ দেয়া হয়েছে। তিনি বললেন, আপনার উম্মত দৈনিক পঞ্চাশ ওয়াক্ত সালাত আদায় করতে সমর্থ হবে না। আল্লাহর কসম। আমি আপনার আগে লোকদের পরীক্ষা করেছি এবং বনী ইসরাঈলের হিদায়াতের জন্য কঠোর শ্রম দিয়েছি। তাই আপনি আপনার প্রতিপালকের নিকট ফিরে যান এবং আপনার উম্মতের (বোঝা) হালকা করার জন্য আরয করুন। আমি ফিরে গেলাম। ফলে আমার উপর হতে দশ হ্রাস করে দিলেন। আমি আবার মূসা (আঃ)-এর নিকট ফিরে এলাম। তিনি আবার আগের মত বললেন, আমি আবার ফিরে গেলাম। ফলে আল্লাহ তা‘আলা আরো দশ কমিয়ে দিলেন। ফিরার পথে মূসা (আঃ)-এর নিকট পৌঁছলে, তিনি আবার আগের কথা বললেন, আমি আবার ফিরে গেলাম। আল্লাহ তা‘আলা আরো দশ হ্রাস করলেন। আমি মূসা (আঃ)-এর নিকট ফিরে এলাম। তিনি আবার ঐ কথাই বললেন। আমি আবার ফিরে গেলাম। তখন আমাকে প্রতিদিন দশ সালাতের আদেশ দেয়া হয়। আমি ফিরে এলাম। মূসা (আঃ) ঐ কথাই আগের মত বললেন। আমি আবার ফিরে গেলাম, তখন আমাকে পাঁচ সালাতের আদেশ করা হয়। তারপর মূসা (আঃ) নিকট ফিরে এলাম। তিনি বললেন, আপনাকে কী আদেশ দেয়া হয়েছে। আমি বললাম, আমাকে দৈনিক পাঁচবার সালাত আদায়ের আদেশ দেয়া হয়েছে? মূসা (আঃ) বললেন, আপনার উম্মত দৈনিক পাঁচ সালাত আদায় করতেও সমর্থ হবে না। আপনার পূর্বে আমি লোকদের পরীক্ষা করেছি। বনী ইসরাঈলের হিদায়াতের জন্য কঠোর শ্রম দিয়েছি। আপনি আপনার রবের নিকট ফিরে যান এবং আপনার উম্মতের জন্য আরো সহজ করার আরযি করুন। রাসূলুল্লাহ্ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বললেন, আমি আমার রবের নিকট আরজি করেছি, এতে আমি লজ্জাবোধ করছি। আর আমি এতেই সন্তুষ্ট হয়েছি এবং তা মেনে নিয়েছি। এরপর তিনি বললেন, আমি যখন অগ্রসর হলাম, তখন এক ঘোষণাকারী ঘোষণা দিলেন, আমি আমার অবশ্য প্রতিপাল্য নির্দেশ জারি করে দিলাম এবং আমার বান্দাদের উপর হালকা করে দিলাম। (৩২০৭) (আধুনিক প্রকাশনীঃ ৩৬০০, ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ)

    நபி (ஸல்) அவர்கள் கூறினார்கள்: நான் (இறையில்லம் கஅபா அருகில்) “ஹத்தீமில்' அல்லது “ஹிஜ்ரில்' படுத்துக் கொண்டிருந்தேன். அப்போது என்னிடம் ஒருவர் (வானவர் ஜிப்ரீல்) வந்து (என் நெஞ்சைப்) பிளந்தார். -அறிவிப்பாளர்களில் ஒருவரான அனஸ் (ரலி) அவர்கள், “இங்கிருந்து இது வரையில் அவர் பிளந்தார்” என்று நபி (ஸல்) அவர்கள் சொன்னதாகக் கூறி னார்கள். அறிவிப்பாளர் கத்தாதா (ரஹ்) அவர்கள் கூறுகிறார்கள்: நான் என்னருகில் இருந்த (அனஸ் (ரலி) அவர்களின் நண்பர்) ஜாரூத் (ரஹ்) அவர்களிடம், “அனஸ் (ரலி) அவர்கள், இங்கிருந்து இதுவரையில்... என்று எதைக் கருத்தில் கொண்டு கூறினார்கள்?” என்று கேட்டேன். அதற்கு ஜாரூத் (ரஹ்) அவர்கள், “நபி (ஸல்) அவர்களின் “நெஞ்சின் காறையெலும்பிலிருந்து அடிவயிறுவரை' அல்லது “நெஞ்சின் ஆரம்பத்திலிருந்து அடிவயிறுவரை' என்ற கருத்தில் அனஸ் (ரலி) அவர்கள் கூறினார்கள்” என்று பதிலளித்தார்கள்.- பிறகு அ(ந்த வான)வர் (ஜிப்ரீல்) எனது இதயத்தை வெளியில் எடுத்தார். பிறகு, இறைநம்பிக்கையால் நிரப்பப்பட்ட தங்கத் தட்டு ஒன்று என்னிடம் கொண்டுவரப் பட்டு, எனது இதயம் கழுவப்பட்டு, (அதில்) அந்த இறைநம்பிக்கை நிரப்பப்பட்டது. பிறகு பழையபடி மீண்டும் (எனது இதயம், மூடி)வைக்கப்பட்டது. பிறகு கோவேறுக் கழுதையைவிடச் சிறியதும் கழுதையை விடப் பெரியதுமான வெள்ளை நிறத்தில் அமைந்த (மின்னல் வேக) வாகனம் ஒன்றும் என்னிடம் கொண்டுவரப்பட்டது. -(இந்த ஹதீஸின் அறிவிப்பாளர்களில் ஒருவரான) அனஸ் (ரலி) அவர்களிடம் ஜாரூத் (ரஹ்) அவர்கள், “அது புராக் எனும் வாகனம்தானே, அபூஹம்ஸா அவர்களே?” என்று கேட்டார்கள். அதற்கு அனஸ் (ரலி) அவர்கள், “ஆம், (அது புராக்தான்.) அந்த வாகனம் பார்வை எட்டுகிற தூரத்திற்கு ஓர் எட்டு வைக்கும்” என்று கூறினார்கள்.- பிறகு நான் அந்த வாகனத்தில் ஏற்றப்பட்டேன். என்னை ஜிப்ரீல் முதல் வானத் திற்கு அழைத்துச்சென்று அதன் கதவைத் திறக்கும்படி கூறினார். அப்போது, “யார் அது?” என்று கேட்கப்பட்டது. அதற்கு அவர், “ஜிப்ரீல்' என்று பதிலளித்தார். “உங்களுடன் (வந்திருப்பவர்) யார்?” என்று கேட்கப்பட்டது. அதற்கு அவர், “முஹம்மத்' என்று பதிலளித்தார். “(அவரை அழைத்து வரச்சொல்லி) அவரிடம் ஆள் அனுப்பப்பட்டிருந்ததா?” என்று கேட்கப்பட்டது. அவர், “ஆம்' என்றார். “அவரது வரவு நல்வரவாகட்டும். அவரது வருகை மிக நல்ல வருகை” என்று (வாழ்த்துச்) சொல்லப்பட்டது. அப்போது (அந்த வானத்தின் காவலர்) கதவைத் திறந்தார். நான் அங்கு சென்றடைந்தபோது அங்கு (ஆதி மனிதர்) ஆதம் (அலை) அவர்கள் இருந்தார்கள். (என்னிடம் ஜிப்ரீல்) “இவர்கள் உங்கள் தந்தை ஆதம். இவர்களுக்கு சலாம் சொல்லுங்கள்” என்று கூறினார். அவர்களுக்கு நான் சலாம் சொன்னேன். அவர்கள் (எனக்கு) பதில் சலாம் சொன்னார்கள். பிறகு, ஆதம் (அலை) அவர்கள், “(என்) நல்ல மகனும், நல்ல இறைத்தூதருமான உங்கள் வரவு நல்வரவாகுக!” என்று சொன்னார்கள். பிறகு (என்னை அழைத்துக்கொண்டு ஜிப்ரீல்) இரண்டாம் வானத்தில் ஏறி அதைத் திறக்கும்படி சொன்னார். “யார் அது?” என்று கேட்கப்பட்டது. அவர், “ஜிப்ரீல்' என்று பதிலளிக்க, “உங்களுடன் (இருப்பவர்) யார்?” என்று வினவப்பட்டது. (அதற்கு) அவர், “முஹம்மத்' என்று பதிலளித்தார், “(அவரை அழைத்து வரும் படி) அவரிடம் ஆளனுப்பப்பட்டிருந்ததா?” என்று கேட்கப்பட்டது. அவர், “ஆம்' என்று பதிலளித்தார். “அவரது வரவு நல்வரவாகட்டும். அவரது வருகை மிக நல்ல வருகை” என்று (வாழ்த்துச்) சொல்லப்பட்டது. பிறகு (அந்த வானத்தின் காவலர் கதவைத்) திறந்தார். நான் அங்கு சென்றடைந்த போது, அங்கு யஹ்யா (அலை) அவர்களும், ஈசா (அலை) அவர்களும் இருந்தனர். -அவ்விருவரும் சிற்றன்னையின் மக்களாவர்.-134 இது யஹ்யா அவர்களும், ஈசா அவர்களும் ஆவர். இவர்களுக்கும் சலாம் சொல்லுங்கள்” என்று ஜிப்ரீல் கூறினார். நான் (அவர்கள் இருவருக்கும்) சலாம் சொன்னபோது அவர்கள் சலாமிற்குப் பதில் கூறினார்கள். பிறகு அவர்கள் இருவரும், “நல்ல சகோதரரும், நல்ல இறைத்தூதருமான உங்கள் வரவு நல்வரவாகட்டும்” என்று (வாழ்த்துக்) கூறினர். பிறகு ஜிப்ரீல் என்னை அழைத்துக்கொண்டு மூன்றாம் வானத்திற்கு ஏறினார். (அந்த வானத்தின் கதவைத்) திறக்கும்படி கூறினார். “யார் அது?” என்று கேட்கப் பட்டது. அவர், “ஜிப்ரீல்' என்று பதிலளித் தார். “உங்களுடன் (இருப்பவர்) யார்?” என்று கேட்கப்பட்டது. அவர், “முஹம்மத்' என்று பதிலளித்தார். “(அவரை அழைத்து வரும்படி) அவரிடம் ஆளனுப்பப்பட்டி ருந்ததா?” என்று கேட்கப்பட்டது. அவர், “ஆம்' என்று பதிலளித்தார். “அவர் வரவு நல்வரவாகட்டும். அவரது வருகை மிக நல்ல வருகை” என்று (வாழ்த்துச்) சொல்லப்பட்டது. பிறகு (அந்த வானத்தின் கதவு) திறக்கப்பட்டது. அங்கு நான் சென்றடைந்த போது அங்கு யூசுஃப் (அலை) அவர்கள் இருந்தார்கள். “இவர்கள்தான் (இறைத்தூதர்) யூசுஃப். இவர்களுக்கு சலாம் சொல்லுங்கள்” என்று ஜிப்ரீல் கூறினார். நான் அவர்களுக்கு சலாம் உரைத்தேன். அவர்களும் (எனக்கு) பதில் சலாம் சொன்னார்கள். பிறகு, “நல்ல சகோதரரும் நல்ல இறைத் தூதருமான உங்கள் வரவு நல்வரவாகட்டும்” என்று (வாழ்த்துச்) சொன்னார்கள். பிறகு என்னை அழைத்துக்கொண்டு ஜிப்ரீல் நான்காம் வானத்திற்கு ஏறினார். (அந்த வானத்தின் கதவைத்) திறக்குமாறு சொன்னார். “யார் அது” என்று கேட்கப்பட்டது. அவர், “ஜிப்ரீல்' என்று பதிலளித்தார். “உங்களுடன் இருப்பவர் யார்?” என்று கேட்கப்பட்டது. அவர், “முஹம்மத்' என்று பதிலளித்தார். “(அவரை அழைத்து வரும்படி) அவரிடம் ஆளனுப்பப்பட்டிருந்ததா?” என்று வினவப்பட்ட போது, “ஆம்' என்று அவர் பதிலுரைத்தார். “அவர் வரவு நல்வரவாகட்டும். அவரது வருகை மிக நல்ல வருகை” என்று (எனக்கு வாழ்த்துச்) சொல்லப்பட்டு(க் கதவும்) திறக்கப்பட்டது. அங்கு நான் சென்றடைந்தபோது அங்கு இத்ரீஸ் (அலை) அவர்கள் இருந்தார்கள். “இவர்கள்தான் இத்ரீஸ் (அலை) அவர்கள். இவர்களுக்கு சலாம் கூறுங்கள்” என்று ஜிப்ரீல் கூறினார். நான் அவர்களுக்கு சலாம் சொன்னேன். அவர்களும் எனக்குப் பதில் சலாம் கூறினார்கள். பிறகு, “நல்ல சகோதரரும் நல்ல இறைத்தூதருமான உங்கள் வரவு நல்வரவாகட்டும்” என்று (வாழ்த்தும்) சொன்னார்கள். பிறகு என்னை அழைத்துக்கொண்டு ஜிப்ரீல் ஐந்தாம் வானத்திற்கு வந்து சேர்ந்து அதைத் திறக்கும்படி சொன்னார். “யார் அது?” என்று கேட்கப்பட்டது. அவர், “ஜிப்ரீல்' என்று பதிலளித்தார். “உங்களுடன் (இருப்பவர்) யார்?” என்று வினவப்பட்டது. அவர், “முஹம்மத்' என்று பதிலளித்தார். “(அவரை அழைத்து வருமாறு) அவரிடம் ஆளனுப்பப்பட்டிருந்ததா?” என்று கேட்கப்பட்டது. அவர், “ஆம்' என்றார். “அவர் வரவு நல்வரவாகட்டும். அவர் வருகை மிக நல்ல வருகை” என்று (வாழ்த்துச்) சொல்லப்பட்டது. நான் அங்கு சென்றடைந்தபோது ஹாரூன் (அலை) அவர்கள் அங்கிருந் தார்கள். “இவர்கள்தான் ஹாரூன். இவர்களுக்கும் சலாம் சொல்லுங்கள்” என்று ஜிப்ரீல் சொன்னார். நான் அவர்களுக்கு சலாம் சொன்னேன். அவர்கள் (எனக்கு) பதில் சலாம் சொன்னார்கள். பிறகு அவர்கள், “நல்ல சகோதரரும் நல்ல இறைத்தூதருமான உங்கள் வரவு நல்வரவாகட்டும் “ என்று (வாழ்த்துச்) சொன்னார்கள். பிறகு என்னுடன் அவர் ஆறாம் வானத்திற்கு ஏறினார். (அதன் கதவைத்) திறக்கும்படி கூறினார். “யார் அது?” என்று கேட்கப்பட்டது. அவர், “ஜிப்ரீல்' என்று பதிலளித்தார். “உங்களுடன் யார்?” என்று கேட்கப்பட்டது. அவர், “முஹம்மத்' என்றார். “(அவரை அழைத்து வரும்படி) அவரிடம் ஆளனுப்பப்பட்டிருந்ததா?” என்று கேட்கப்பட்டது. அவர், “ஆம்' என்றார். (அந்த வானத்தின் காவலர்,) “அவர் வரவு நல்வரவாகட்டும். அவரது வருகை மிக நல்ல வருகை” என்று (வாழ்த்துச்) சொன்னார். அங்கு நான் சென்றடைந்தபோது மூசா (அலை) அவர்கள் அங்கிருந்தார்கள். “இவர்கள்தான் மூசா. இவர்களுக்கு சலாம் சொல்லுங்கள்” என்று ஜிப்ரீல் கூறினார். நான் அவர்களுக்கு சலாம் சொன்னேன். அவர்கள் (எனக்கு) பதில் சலாம் சொன் னார்கள். பிறகு, “நல்ல சகோதரரும் நல்ல இறைத்தூதருமான உங்கள் வரவு நல்வர வாகட்டும்” என்று (வாழ்த்துச்) சொன்னார் கள். நான் (மூசா (அலை) அவர்களைக்) கடந்து சென்றபோது அவர்கள் அழுதார் கள். “தங்கள் அழுகைக்கு என்ன காரணம்?” என்று அவர்களிடம் கேட்கப் பட்டது. அவர்கள், “என் சமுதாயத்தாரில் சொர்க்கம் புகுபவர்களைவிட அதிகமான வர்கள், எனக்குப் பிறகு அனுப்பப்பட்ட இந்த இளைஞரின் சமுதாயத்திலிருந்து சொர்க்கம் புகுவார்கள் என்பதால்தான் அழுகிறேன்” என்று பதிலளித்தார்கள். பிறகு என்னை அழைத்துக்கொண்டு ஜிப்ரீல் ஏழாவது வானத்திற்கு ஏறினார். (அதன் கதவைத்) திறக்கும்படி ஜிப்ரீல் கூறினார். “யார் அது?' என்று கேட்கப்பட் டது. அவர், “ஜிப்ரீல்' என்று பதிலளித்தார். “உங்களுடன் இருப்பவர் யார்?” என்று வினவப்பட்டபோது அவர், “முஹம்மத்' என்று பதில் சொன்னார். “(அவரை அழைத்து வரும்படி) அவரிடம் ஆளனுப்பப்பட்டிருந்ததா?” என்று கேட்கப்பட்டது. அவர், “ஆம்' என்றார். (அந்த வானத்தின் காவலர்,) “அவரது வரவு நல்வரவாகட்டும், அவரது வருகை மிக நல்ல வருகை” என்று (வாழ்த்துச்) சொன்னார். நான் அங்கு சென்றடைந்தபோது, இப்ராஹீம் (அலை) அவர்கள் அங்கிருந்தார்கள். “இவர்கள்தான் உங்கள் தந்தை. இவர்களுக்கு சலாம் சொல்லுங்கள்” என்று ஜிப்ரீல் கூறினார். நான் அவர்களுக்கு சலாம் சொன்னேன். அவர்கள் (எனக்குப்) பதில் சலாம் உரைத்தார்கள். அவர்கள், “நல்ல மகனும், நல்ல இறைத்தூதருமான இவரது வரவு நல்வரவாகட்டும்” என்று வாழ்த்துச் சொன்னார்கள். பிறகு, (வான எல்லையில் அமைந்துள்ள இலந்தை மரமான) “சித்ரத்துல்முன்(த்)தஹா' எனும் இடத்திற்கு நான் கொண்டுசெல்லப்பட்டேன். அதன் (இலந்தைப்) பழங்கள் (யமனில் உள்ள) “ஹஜர்' எனுமிடத்தின் (உற்பத்திப் பொருளான மண்) கூஜாக்கள்போல் இருந்தன. அதன் இலைகள் யானைகளின் காதுகள் போலிருந்தன. “இதுதான் சித்ரத்துல் முன்(த்)தஹா” என்று ஜிப்ரீல் (அறிமுகப்படுத்திக்) கூறினார். அங்கு (அந்த மரத்தின் வேர்ப்பகுதியில் இருந்து ஓடிவருகின்ற) நான்கு ஆறுகள் இருந்தன. இரண்டு ஆறுகள் உள்ளே இருந்தன. மற்றும் இரண்டு ஆறுகள் வெளியே இருந்தன. “ஜிப்ரீலே! இவ்விரண்டு ஆறுகள் எவை?” என்று நான் கேட்டேன். அவர், “உள்ளேயிருப்பவை இரண்டும் சொர்க்கத் தில் உள்ள (ஸல்ஸபீல், கவ்ஸர் ஆகியவை)வையாகும். வெளியே இருப்பவை இரண்டும் நீல் நதியும் யூப்ரடீஸ் நதியும் ஆகும்” என்று பதிலளித்தார்கள். பிறகு, “அல்பைத்துல் மஅமூர்' (எனும் “வானவர்கள் அதிகம் சஞ்சரிக்கும் இறையில்லம்') எனக்கு (அருகே கொண்டுவந்து) காட்டப்பட்து. பிறகு என்னிடம் ஒரு பாத்திரத்தில் மதுவும், ஒரு பாத்திரத்தில் பாலும் இன்னொரு பாத்திரத்தில் தேனும் கொண்டுவரப்பட்டது. நான் பாலை (தேர்ந்து) எடுத்தேன். (பிறகு அதைக் குடித்தேன்.) அப்போது ஜிப்ரீல், “இதுதான் நீங்களும் உங்கள் சமுதாயத்தாரும் இருக்கும் (இஸ்லாம் எனும்) இயற்கை நெறியாகும்” என்று கூறினார்கள். பிறகு என்மீது ஒவ்வொரு தினத்திற்கும் ஐம்பது (வேளைத்) தொழுகைகள் கடமையாக்கப்பட்டன. நான் திரும்பிவந்தபோது மூசா (அலை) அவர்களைக் கடந்து சென்றேன். அப்போது அவர்கள், “உங்களுக்கு என்ன உத்தரவிடப்பட்டது?” என்று கேட்டார்கள். “ஒவ்வொரு நாளும் ஐம்பது (வேளைத்) தொழுகை (கட்டாயக் கடமையாக நிறைவேற்றும்படி) எனக்கு உத்தரவிடப்பட்டது” என்று நான் பதிலளித்தேன். உங்கள் சமுதாயத்தார் ஒரு தினத்திற்கு ஐம்பது வேளைத் தொழுகையைத் தாங்கமாட்டார்கள். அல்லாஹ்வின் மீதாணையாக! நான் உங்களுக்கு முன் மக்களிடம் அனுபவப்பட்டுள்ளேன். இஸ்ரவேலர்களுடன் பழகி நன்கு பக்குவப் பட்டுள்ளேன். ஆகவே, உங்கள் இறைவனிடம் திரும்பிச் சென்று அவனிடம் உங்கள் சமுதாயத்தாருக்காக (தொழுகையின் எண்ணிக்கையைக்) குறைத்துக் தரும்படி கேளுங்கள்” என்று சொன்னார்கள். நான் திரும்பிச் சென்றேன். (இறைவனிடம் குறைத்துத் தரும்படி கேட்டேன்) இறைவன் (ஐம்பதிலிருந்து) பத்தை எனக்குக் குறைத்தான். நான் மூசா (அலை) அவர்களிடம் திரும்பி வந்தேன். முன்பு போலவே (இன்னும் குறைத்துக் கேட்கும் படி) சொன்னார்கள். நான் திரும்பிச் சென்றேன். அப்போது (நாற்பதிலிருந்து) பத்தைக் குறைத்தான். நான் மூசா (அலை) அவர்களிடம் திரும்பி வந்தேன். அப்போதும் முன்பு போலவே (இன்னும் குறைத்துக் கேட்கும்படி) கூறினார்கள். நான் (இறைவனிடம்) திரும்பிச் சென்றேன். எனக்கு (முப்பதி óருந்து) பத்தைக் குறைத்தான். நான் மூசா (அலை) அவர்களிடம் திரும்பி வந்தேன். அப்போது அவர்கள் முன்பு போலவே (குறைத்து கேட்கும்படி) கூறினார்கள். நான் திரும்பிச் சென்றேன். எனக்கு (இருபதிலிருந்து பத்து குறைக்கப்பட்டு) தினந்தோறும் பத்து (வேளைத்) தொழுகைகள் (தொழும்படி) உத்தரவிடப்பட்டது. நான் (மூசா (அலை) அவர்களிடம்) திரும்பி வந்தேன். அப்போதும் அவர்கள் முன்பு போலவே சொன்னார்கள். நான் திரும்பிச் சென்றேன். ஒவ்வொரு நாளும் ஐந்து (வேளைத்) தொழுகைகள் (நிறைவேற்றும்படி) எனக்கு உத்தரவிடப்பட்டது. நான் மூசா (அலை) அவர்களிடம் திரும்பி வந்தேன். அப்போது, “உங்களுக்கு என்ன உத்தரவிடப்பட்டது?”என்று கேட்டார்கள். ஒவ்வொரு நாளைக்கும் ஐந்து (நேரத்) தொழுகைகள் எனக்கு உத்தரவிடப்பட்டுள்ளன” என்று சொன்னேன். “ஒவ்வொரு நாளும் ஐந்து (நேரத்) தொழுகைகளை உங்கள் சமுதாயத்தார் தாங்கமாட்டார்கள். உங்களுக்கு முன்பே மக்களுடன் பழகி நான் நன்கு அனுபவப்பட்டுள்ளேன். நான் இஸ்ர வேலர்களுடன் பழகி நன்கு பக்குவப் பட்டுள்ளேன். எனவே, உங்கள் இறைவனிடம் திரும்பிச் சென்று உங்கள் சமுதாயத்தாருக்காக இன்னும் குறைத்துத் தரும்படி கேளுங்கள்” என்று கூறினார்கள். அதற்கு நான், “(கடமையான தொழுகை களின் எண்ணிக்கையைக் குறைத்துத் தரும்படி பலமுறை இறைவனிடம்) எனக்கே வெட்கமேற்படும்வரையில் நான் கேட்டுவிட்டேன். ஆகவே, நான் திருப்தி யடைகிறேன்; (இந்த எண்ணிக்கையை) ஒப்புக்கொள்கிறேன்” என்று கூறினேன். பிறகு (அந்த இடத்தை) நான் கடந்தபோது (அல்லாஹ்வின் தரப்பிலிருந்து), “நான் என் (ஐந்து நேரத் தொழுகை எனும்) விதியை நடைமுறைப்படுத்திவிட்டேன். என் அடியார்களுக்கு (ஐம்பது வேளை களிலிருந்து ஐந்து நேரமாகக் குறைத்துக் கடமையை) எளிதாக்கிவிட்டேன்” என்று ஒரு (அசரீரிக்) குரல் ஒலித்தது.135 அத்தியாயம் :