• 2254
  • عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مَاتَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ ، - قَالَ : إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي بِالعَالِيَةِ - فَقَامَ عُمَرُ يَقُولُ : وَاللَّهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَتْ : وَقَالَ عُمَرُ : وَاللَّهِ مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إِلَّا ذَاكَ ، وَلَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ ، فَلَيَقْطَعَنَّ أَيْدِيَ رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ " فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبَّلَهُ ، قَالَ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يُذِيقُكَ اللَّهُ المَوْتَتَيْنِ أَبَدًا ، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ : أَيُّهَا الحَالِفُ عَلَى رِسْلِكَ ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ ، فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَقَالَ : أَلا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ ، وَقَالَ : {{ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ }} ، وَقَالَ : {{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ }} ، قَالَ : فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ ، قَالَ : وَاجْتَمَعَتِ الأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ ، فَقَالُوا : مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ ، فَذَهَبَ إِلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ ، وَعُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ ، فَذَهَبَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ فَأَسْكَتَهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ : وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ إِلَّا أَنِّي قَدْ هَيَّأْتُ كَلاَمًا قَدْ أَعْجَبَنِي ، خَشِيتُ أَنْ لاَ يَبْلُغَهُ أَبُو بَكْرٍ ، ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَتَكَلَّمَ أَبْلَغَ النَّاسِ ، فَقَالَ فِي كَلاَمِهِ : نَحْنُ الأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الوُزَرَاءُ ، فَقَالَ حُبَابُ بْنُ المُنْذِرِ : لاَ وَاللَّهِ لاَ نَفْعَلُ ، مِنَّا أَمِيرٌ ، وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : لاَ ، وَلَكِنَّا الأُمَرَاءُ ، وَأَنْتُمُ الوُزَرَاءُ ، هُمْ أَوْسَطُ العَرَبِ دَارًا ، وَأَعْرَبُهُمْ أَحْسَابًا ، فَبَايِعُوا عُمَرَ ، أَوْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّاحِ ، فَقَالَ عُمَرُ : بَلْ نُبَايِعُكَ أَنْتَ ، فَأَنْتَ سَيِّدُنَا ، وَخَيْرُنَا ، وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ فَبَايَعَهُ ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ ، فَقَالَ قَائِلٌ : قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ ، فَقَالَ عُمَرُ قَتَلَهُ اللَّهُ "

    حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، مَاتَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ ، - قَالَ : إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي بِالعَالِيَةِ - فَقَامَ عُمَرُ يَقُولُ : وَاللَّهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَتْ : وَقَالَ عُمَرُ : وَاللَّهِ مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إِلَّا ذَاكَ ، وَلَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ ، فَلَيَقْطَعَنَّ أَيْدِيَ رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَبَّلَهُ ، قَالَ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يُذِيقُكَ اللَّهُ المَوْتَتَيْنِ أَبَدًا ، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ : أَيُّهَا الحَالِفُ عَلَى رِسْلِكَ ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ ، فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَقَالَ : أَلا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ ، وَقَالَ : {{ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ }} ، وَقَالَ : {{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ }} ، قَالَ : فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ ، قَالَ : وَاجْتَمَعَتِ الأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ ، فَقَالُوا : مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ ، فَذَهَبَ إِلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ ، وَعُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ ، فَذَهَبَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ فَأَسْكَتَهُ أَبُو بَكْرٍ ، وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ : وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ إِلَّا أَنِّي قَدْ هَيَّأْتُ كَلاَمًا قَدْ أَعْجَبَنِي ، خَشِيتُ أَنْ لاَ يَبْلُغَهُ أَبُو بَكْرٍ ، ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَتَكَلَّمَ أَبْلَغَ النَّاسِ ، فَقَالَ فِي كَلاَمِهِ : نَحْنُ الأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الوُزَرَاءُ ، فَقَالَ حُبَابُ بْنُ المُنْذِرِ : لاَ وَاللَّهِ لاَ نَفْعَلُ ، مِنَّا أَمِيرٌ ، وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : لاَ ، وَلَكِنَّا الأُمَرَاءُ ، وَأَنْتُمُ الوُزَرَاءُ ، هُمْ أَوْسَطُ العَرَبِ دَارًا ، وَأَعْرَبُهُمْ أَحْسَابًا ، فَبَايِعُوا عُمَرَ ، أَوْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّاحِ ، فَقَالَ عُمَرُ : بَلْ نُبَايِعُكَ أَنْتَ ، فَأَنْتَ سَيِّدُنَا ، وَخَيْرُنَا ، وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ فَبَايَعَهُ ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ ، فَقَالَ قَائِلٌ : قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ ، فَقَالَ عُمَرُ قَتَلَهُ اللَّهُ ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ ، قَالَ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ القَاسِمِ ، أَخْبَرَنِي القَاسِمُ ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : شَخَصَ بَصَرُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ قَالَ : فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى ثَلاَثًا ، وَقَصَّ الحَدِيثَ ، قَالَتْ : فَمَا كَانَتْ مِنْ خُطْبَتِهِمَا مِنْ خُطْبَةٍ إِلَّا نَفَعَ اللَّهُ بِهَا لَقَدْ خَوَّفَ عُمَرُ النَّاسَ ، وَإِنَّ فِيهِمْ لَنِفَاقًا فَرَدَّهُمُ اللَّهُ بِذَلِكَ ، ثُمَّ لَقَدْ بَصَّرَ أَبُو بَكْرٍ النَّاسَ الهُدَى ، وَعَرَّفَهُمُ الحَقَّ الَّذِي عَلَيْهِمْ وَخَرَجُوا بِهِ ، يَتْلُونَ {{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ ، قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ }} إِلَى {{ الشَّاكِرِينَ }}

    رسلك: على رسلك : تمهل ولا تعجل
    فنشج: نشج : بكى بصوت مرتفع
    مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ
    حديث رقم: 1621 في سنن ابن ماجة كِتَابُ الْجَنَائِزِ بَابُ ذِكْرِ وَفَاتِهِ وَدَفْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 1971 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدِ بَنِي هَاشِمٍ
    حديث رقم: 15408 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ بَابُ الْأَئِمَّةِ مِنْ قُرَيْشٍ
    حديث رقم: 6340 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الْجَنَائِزِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ عَدَدِ الْكَفَنِ ، وَكَيْفَ الْحَنُوطُ ؟
    حديث رقم: 2018 في الطبقات الكبير لابن سعد المجلد الثاني ذِكْرُ كَلَامِ النَّاسِ حِينَ شَكُّوا فِي وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 1985 في شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة للالكائي بَابُ جِمَاعِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سِيَاقُ مَا رُوِيَ فِي بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ وَتَرْتِيبِ الْخِلَافَةِ وَكَيْفِيَّةِ الْبَيْعَةِ
    حديث رقم: 2020 في الطبقات الكبير لابن سعد المجلد الثاني ذِكْرُ كَلَامِ النَّاسِ حِينَ شَكُّوا فِي وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 2175 في الضعفاء للعقيلي بَابُ الْيَاءِ يَزِيدُ بْنُ بَابَنُوسَ

    [3667] قَوْلُهُ مَاتَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ فِي أَوَّلِ الْجَنَائِزِ وَأَنَّهُ بِسُكُونِ النُّونِ وَضَبَطَهُ أَبُو عُبَيْدٍ الْبَكْرِيُّ بِضَمِّهَا وَقَالَ إِنَّهُ مَنَازِلُ بَنِي الْحَارِثِ مِنْ الْخَزْرَجِ بِالْعَوَالِي وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ مِيلٌ قَوْلُهُ قَالَ إِسْمَاعِيلُ هُوَ شَيْخُ المُصَنّف فِيهِ وَهُوَ بن أَبِي أُوَيْسٍ وَقَوْلُهُ يَعْنِي بِالْعَالِيَةِ أَرَادَ تَفْسِيرَ قَوْلِ عَائِشَةَ بِالسُّنْحِ قَوْلُهُ مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إِلَّا ذَاكَ يَعْنِي عَدَمَ مَوْتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَئِذٍ وَقَدْ ذَكَرَ عُمَرُ مُسْتَنَدَهُ فِي ذَلِكَ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ فِي مَوْضِعِهِ قَوْلُهُ لَا يُذِيقُكَ اللَّهُ الْمَوْتَتَيْنِ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَوَائِلِ الْجَنَائِزِ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ أَنْكَرَ الْحَيَاةَ فِي الْقَبْرِ وَأُجِيبَ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ الْمُثْبِتِينَ لِذَلِكَ بِأَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ الْمَوْتِ اللَّازِمِ مِنَ الَّذِي أَثْبَتَهُ عُمَرُ بِقَوْلِهِ وَلِيَبْعَثَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا لِيَقْطَعَ أَيْدِي الْقَائِلِينَ بِمَوْتِهِ وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِمَا يَقَعُ فِي الْبَرْزَخِ وَأَحْسَنُ مِنْ هَذَا الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ إِنَّ حَيَاتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقَبْر لايعقبها مَوْتٌ بَلْ يَسْتَمِرُّ حَيًّا وَالْأَنْبِيَاءُ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْحِكْمَةُ فِي تَعْرِيفِ الموتتين حَيْثُ قَالَ لايذيقك الله الموتتين الْمَعْرُوفَتَيْنِ الْمَشْهُورَتَيْنِ الْوَاقِعَتَيْنِ لِكُلِّ أَحَدٍ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِوَأَمَّا وُقُوعُ الْحَلِفِ مِنْ عُمَرَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فَبَنَاهُ عَلَى ظَنِّهِ الَّذِي أَدَّاهُ إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ وَفِيهِ بَيَانُ رُجْحَانِ عِلْمِ أَبِي بَكْرٍ عَلَى عُمَرَ فَمَنْ دُونَهُ وَكَذَلِكَ رُجْحَانُهُ عَلَيْهِمْ لِثَبَاتِهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْأَمْرِ الْعَظِيمِ قَوْلُهُ أَيُّهَا الْحَالِفُ عَلَى رِسْلِكَ بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ هِينَتِكَ وَلَا تَسْتَعْجِلْ وَتَقَدَّمَ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي بِالْجَنَائِزِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ وَعُمَرُ يُكَلِّمُ النَّاسَ فَقَالَ اجْلِسْ فَأَبَى فَتَشَهَّدَ أَبُو بَكْرٍ فَمَالَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَتَرَكُوا عُمَرَ وَقَدِ اعْتَذَرَ عُمَرُ عَنْ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الِاسْتِخْلَافِ مِنْ كِتَابِ الْأَحْكَامِ قَوْلُهُ فَنَشِجَ النَّاسُ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا جِيمٌ أَيْ بَكَوْا بِغَيْرِ انْتِحَابٍ وَالنَّشْجُ مَا يَعْرِضُ فِي حَلْقِ الْبَاكِي مِنَ الْغُصَّةِ وَقِيلَ هُوَ صَوْتٌ مَعَهُ تَرْجِيعٌ كَمَا يُرَدِّدُ الصَّبِيُّ بُكَاءَهُ فِي صَدْرِهِ قَوْلُهُ وَاجْتَمَعَتِ الْأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ هُوَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ دُلَيْمِ بْنِ حَارِثَة الْخَزْرَجِيُّ ثُمَّ السَّاعِدِيُّ وَكَانَ كَبِيرَ الْخَزْرَجِ فِي ذَلِكَ الْوَقْت وَذكر بن إِسْحَاقَ فِي آخِرِ السِّيرَةِ أَنَّ أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ فِي بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ انْحَازُوا إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَمَنْ مَعَهُ وَهَؤِلَاءِ مِنَ الْأَوْسِ وَفِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ تَخَلَّفَتْ عَنَّا الْأَنْصَارُ بِأَجْمَعِهَا فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ فَيُجْمَعُ بِأَنَّهُمُ اجْتَمَعُوا أَوَّلًا ثُمَّ افْتَرَقُوا وَذَلِكَ أَنَّ الْخَزْرَجَ وَالْأَوْسَ كَانُوا فَرِيقَيْنِ وَكَانَ بَيْنَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الْحُرُوبِ مَا هُوَ مَشْهُورٌ فَزَالَ ذَلِكَ بِالْإِسْلَامِ وَبَقِيَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فِي النُّفُوسِ فَكَأَنَّهُمُ اجْتَمَعُوا أَوَّلًا فَلَمَّا رَأَى أُسَيْدٌ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْأَوْسِ أَبَا بَكْرٍ وَمَنْ مَعَهُ افْتَرَقُوا مِنَ الْخَزْرَجِ إِيثَارًا لِتَأْمِيرِ الْمُهَاجِرِينَ عَلَيْهِمْ دُونَ الْخَزْرَجِ وَفِيهِ أَنَّ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ وَمَنْ كَانَ مَعَهُمَا تَخَلَّفُوا فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ قَوْلُهُ فَذَهَبَ إِلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ فِي رِوَايَةِ بن عَبَّاسٍ الْمَذْكُورَةِ فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَا بَكْرٍ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى إِخْوَانِنَا مِنْ الْأَنْصَارِ وَزَادَ أَبُو يَعْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِيهِ فَبَيْنَمَا نَحْنُ فِي مَنْزِلِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَجُلٌ يُنَادِي مِنْ وَرَاءِ الْجِدَارِ أَنِ اخْرُجْ إِلَيَّ يَا بن الْخَطَّابِ فَقُلْتُ إِلَيْكَ عَنِّي فَإِنَّا عَنْكَ مَشَاغِيلُ يَعْنِي بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ إِنَّهُ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ فَإِنَّ الْأَنْصَارَ اجْتَمَعُوا فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ فَأَدْرِكُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثُوا أَمْرًا يَكُونُ فِيهِ حَرْبٌ فَقُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ انْطَلِقْ فَذَكَرَهُ قَالَ فَانْطَلَقْنَا نَؤُمُّهُمْ حَتَّى لَقِيَنَا رَجُلَانِ صَالِحَانِ فَقَالَا لَا عَلَيْكُمْ أَلَّا تَقْرَبُوهُمْ وَاقْضُوا أَمْرَكُمْ قَالَ فَقلت وَالله لناتينهم فَانْطَلَقْنَا فَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَانِيهِمْ رَجُلٌ مُزَمَّلٌ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قَالُوا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَذَكَرَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ الرَّجُلَيْنِ اللَّذِينِ لَقِيَاهُمْ هُمَا عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ بْنِ عَابس بْنِ قَيْسِ بْنِ النُّعْمَانِ مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ وَمَعْنُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ الْجَعْدِ بْنِ الْعَجْلَانِ حَلِيفُهُمْ وَهُمَا مِنَ الْأَوْسِ أَيْضًا وَكَذَا وَقعت تسميتهما فِي رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْرَجَهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَوْلُهُ فَذَهَبَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ فَأَسْكَتَهُ أَبُو بَكْرٍ الخ وَفِي رِوَايَة بن عَبَّاسٍ قَالَ عُمَرُ أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ وَقَدْ كُنْتُ زَوَّرْتُ أَيْ هَيَّأْتُ وَحَسَّنْتُ مَقَالَةً أَعْجَبَتْنِي أُرِيدُ أَنْ أُقَدِّمَهَا بَيْنَ يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ وَكُنْتُ أُدَارِي مِنْهُ بَعْضَ الْحَدِّ أَيِ الْحِدَةِ فَقَالَ عَلَى رِسْلِكَ فَكَرِهْتُ أَنْ أُغْضِبَهُ قَوْلُهُ ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَتَكَلَّمَ أَبْلَغَ النَّاسِ بِنَصْبِ أَبْلَغَ عَلَى الْحَالِ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ أَيْ تَكَلَّمَ رَجُلٌ هَذِهِ صِفَتُهُ وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ النَّصْبُ أَوْجَهُ لِيَكُونَ تَأْكِيدًا لِمَدْحِهِ وَصَرْفِ الْوَهَمِ عَنْ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ مَوْصُوفًا بِذَلِكَ غَيره وَفِي رِوَايَة بن عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ وَاللَّهِ مَا تَرَكَ كَلِمَةً أَعْجَبَتْنِي فِي تَزْوِيرِي إِلَّا قَالَهَا فِي بَدِيهَتِهِ وَأَفْضَلَ حَتَّى سَكَتَ قَوْلُهُ فَقَالَ فِي كَلَامِهِ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بَيَانُ مَا قَالَ فِي رِوَايَتِهِ فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا أُنْزِلَ فِي الْأَنْصَارِ وَلَا ذَكَرَهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ شَأْنِهِمْ إِلَّا ذَكَرَهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَة بن عَبَّاسٍ بَيَانُ بَعْضِ ذَلِكَ الْكَلَامِ وَهُوَ أَمَّا بَعْدُ فَمَا ذَكَرْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَأَنْتُمْ أَهْلُهُ وَلَنْ تَعْرِفَ الْعَرَبُهَذَا الْأَمْرَ إِلَّا لِهَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ وَهُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ نَسَبًا وَدَارًا وَعَرَّفَ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ بَعْدُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ دَارًا وَأَعْرَبُهُمْ أَحْسَابًا وَالْمُرَادُ بِالدَّارِ مَكَّةُ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ أَرَادَ بِالدَّارِ أَهْلَ الدَّارِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ خَيْرُ دُورِ الْأَنْصَارِ بَنُو النَّجَّارِ وَقَوْلُهُ أَحْسَابًا الْحَسَبُ الْفِعَالُ الْحِسَانُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْحِسَابِ إِذَا عَدُّوا مَنَاقِبَهُمْ فَمَنْ كَانَ أَكْثَرَ كَانَ أَعْظَمَ حَسَبًا وَيُقَالُ النَّسَبُ لِلْآبَاءِ وَالْحَسَبُ لِلْأَفْعَالِ قَوْلُهُ فَقَالَ حُبَابُ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَمُوَحَّدَتَيْنِ الْأُولَى خَفِيفَة بن الْمُنْذر أَي بن عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ الْخَزْرَجِيُّ ثُمَّ السَّلَمِيُّ بِفَتْحَتَيْنِ وَكَانَ يُقَالُ لَهُ ذُو الرَّأْيِ قَوْلُهُ لَا وَاللَّهِ لَا نَفْعَلُ مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ زَاد فِي رِوَايَة بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ أَنَا جُدَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجَّبُ وَشَرْحُ هَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ أَنَّ الْعُذَيْقَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة تَصْغِير عذق وَهُوَ النَّخْلَة المرجب بِالْجِيمِ وَالْمُوَحَّدَةِ أَيْ يُدَعِّمُ النَّخْلَةَ إِذَا كَثُرَ حَمْلُهَا وَالْجُدَيْلُ بِالتَّصْغِيرِ أَيْضًا وَبِالْجِيمِ وَالْجَدَلُ عُودٌ يُنْصَبُ لِلْإِبِلِ الْجَرْبَاءِ لِتَحْتَكَّ فِيهِ وَالْمُحَكَّكُ بِكَافَيْنِ الْأُولَى مَفْتُوحَةٌ فَأَرَادَ أَنَّهُ يُسْتَشْفَى بِرَأْيِهِ وَوَقَعَ عِنْد بن سَعْدٍ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ فَقَامَ حُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ وَكَانَ بَدْرِيًّا فَقَالَ مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ فَإِنَّا وَاللَّهِ مَا نَنْفَسُ عَلَيْكُمْ هَذَا الْأَمْرَ وَلَكِنَّا نَخَافُ أَنْ يَلِيَهُ أَقْوَامٌ قَتَلْنَا آبَاءَهُمْ وَإِخْوَتَهُمْ قَالَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَمُتْ إِنِ اسْتَطَعْتَ قَالَ فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ نَحْنُ الْأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ وَهَذَا الْأَمْرُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ قَالَ فَبَايَعَ النَّاسُ وَأَوَّلُهُمْ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ وَالِدُ النُّعْمَانِ وَعِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ فَقَامَ خَطِيبُ الْأَنْصَارِ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنْكُمْ قَرَنَهُ بِرَجُلٍ مِنَّا فَتَبَايَعُوا عَلَى ذَلِكَ فَقَامَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَن مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَإِنَّمَا الْإِمَامُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ فَنَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ كَمَا كُنَّا أَنْصَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ جَزَاكُمُ اللَّهُ خَيْرًا فَبَايَعُوهُ وَوَقَعَ فِي آخِرِ الْمَغَازِي لمُوسَى بن عقبَة عَن بن شِهَابٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ وَكُنَّا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ أَوَّلَ النَّاسِ إِسْلَامًا وَنَحْنُ عَشِيرَتُهُ وَأَقَارِبُهُ وَذَوُو رَحِمِهِ وَلَنْ تَصْلُحَ الْعَرَبُ إِلَّا بِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَالنَّاسُ لِقُرَيْشٍ تَبَعٌ وَأَنْتُمْ إِخْوَانُنَا فِي كِتَابِ اللَّهِ وَشُرَكَاؤُنَا فِي دِينِ اللَّهِ وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْنَا وَأَنْتُمْ أَحَقُّ النَّاسِ بِالرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّهِ وَالتَّسْلِيمِ لِفَضِيلَةِ إِخْوَانِكُمْ وَأَنْ لَا تَحْسُدُوهُمْ عَلَى خَيْرٍ وَقَالَ فِيهِ إِنَّ الْأَنْصَارَ قَالُوا أَوَّلًا نَخْتَارُ رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَإِذَا مَاتَ اخْتَرْنَا رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ فَإِذَا مَاتَ اخْتَرْنَا رَجُلًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ كَذَلِكَ أَبَدًا فَيَكُونُ أَجْدَرَ أَنْ يُشْفِقَ الْقُرَشِيُّ إِذَا زَاغَ أَنْ يَنْقَضَّ عَلَيْهِ الْأَنْصَارِيُّ وَكَذَلِكَ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ فَقَالَ عُمَرُ لَا وَاللَّهِ لَا يُخَالِفُنَا أَحَدٌ إِلَّا قَتَلْنَاهُ فَقَامَ حُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ فَقَالَ كَمَا تَقَدَّمَ وَزَادَ وَإِنْ شِئْتُمْ كَرَّرْنَاهَا خُدْعَةً أَيْ أَعَدْنَا الْحَرْبَ قَالَ فَكَثُرَ الْقَوْلُ حَتَّى كَادَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمْ حَرْبٌ فَوَثَبَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِيَدِ أَبِي بَكْرٍ وَعِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ فِي طَائِفَةٍ مِنْ الْمَدِينَةِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَ فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتَ يَا سَعْدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَأَنْتَ قَاعِدٌ قُرَيْشٌ وُلَاةُ هَذَا الْأَمْرِ فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ صَدَقْتَ قَوْلُهُ هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ أَيْ قُرَيْشٌ قَوْلُهُ فَبَايِعُوا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَو أَبَا عُبَيْدَة فِي رِوَايَة بن عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ وَقَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ وَأَخَذَ بِيَدِي وَيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ فَلَمْ أَكْرَهْ مِمَّا قَالَ غَيْرَهَا وَقَدِ اسْتُشْكِلَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ هَذَا مَعَ مَعْرِفَتِهِ بِأَنَّهُ الْأَحَقُّ بِالْخِلَافَةِ بِقَرِينَةِ تَقْدِيمِهِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِ ذَلِك وَالْجَوَاب انه استحي أَنْ يُزَكِّيَ نَفْسَهُ فَيَقُولَ مَثَلًا رَضِيتُ لَكُمْ نَفْسِي وَانْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَقْبَلُ ذَلِكَ وَقَدْ أَفْصَحَ عُمَرُ بِذَلِكَ فِي الْقِصَّةِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ دُونَ عُمَرَ فِي الْفَضْلِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَيَكْفِي أَبَا بَكْرٍ كَوْنُهُ جَعَلَ الِاخْتِيَارَ فِي ذَلِكَ لِنَفْسِهِ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَفِيهِ إِيمَاءٌإِلَى أَنَّهُ الْأَحَقُّ فَظَهَرَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِهِ تَصْرِيحٌ بِتَخَلِّيهِ مِنَ الْأَمْرِ قَوْلُهُ فَقَالَ عُمَرُ بَلْ نُبَايِعُكَ أَنْتَ فَأَنْتَ سَيِّدُنَا وَخَيْرُنَا وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَفْرَدَ بَعْضُ الرُّوَاةِ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيِّ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ شَيْخِ الْمُصَنِّفِ فِيهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ أَنْتَ سَيِّدُنَا إِلَخْ وَأخرجه بن حِبَّانَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَهُوَ أَوْضَحُ مَا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُهُ فَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ فَبَايَعَهُ فِي رِوَايَةِ بن عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ قَالَ فَكَثُرَ اللَّغَطُ وَارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ حَتَّى خَشِينَا الِاخْتِلَافَ فَقُلْتُ ابْسُطْ يَدَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعْتُهُ وَبَايَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ ثُمَّ الْأَنْصَارُ وَفِي مَغَازِي مُوسَى بْنِ عقبَة عَن بن شِهَابٍ قَالَ فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ وَبَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْأَنْصَارِ فَبَايَعُوا أَبَا بَكْرٍ ثُمَّ وَثَبَ أَهْلُ السَّقِيفَةِ يَبْتَدِرُونَ الْبَيْعَةَ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ عِنْدَ الْبَزَّار وَغَيره فِي قِصَّةِ الْوَفَاةِ فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ فَقَالَ عُمَرُ وَأَخَذَ بِيَدِ أَبِي بكر أسيفان فِي غمد وَاحِد لايصطلحان وَأَخَذَ بِيَدِ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ مَنْ لَهُ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ مَنْ هُمَا إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ مَنْ صَاحِبُهُ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا مَعَ مَنْ ثُمَّ بَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعَهُ ثُمَّ قَالَ بَايِعُوهُ فَبَايَعَهُ النَّاسُ قَوْلُهُ فَقَالَ قَائِلٌ قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ أَيْ كِدْتُمْ تَقْتُلُونَهُ وَقِيلَ هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْإِعْرَاضِ وَالْخِذْلَانِ وَيَرُدُّهُ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ بن شِهَابٍ فَقَالَ قَائِلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَبْقُوا سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ لَا تَطَئُوهُ فَقَالَ عُمَرُ اقْتُلُوهُ قَتَلَهُ اللَّهُ نَعَمْ لَمْ يُرِدْ عُمَرُ الْأَمْرَ بِقَتْلِهِ حَقِيقَةً. وَأَمَّا قَوْلُهُ قَتَلَهُ اللَّهُ فَهُوَ دُعَاءٌ عَلَيْهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ هُوَ إِخْبَارٌ عَنْ إِهْمَالِهِ وَالْإِعْرَاضِ عَنْهُ وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ فَقُلْتُ وَأَنَا مُغْضَبٌ قَتَلَ اللَّهُ سَعْدًا فَإِنَّهُ صَاحِبُ شَرّ وفتنة قَالَ بن التِّينِ إِنَّمَا قَالَتِ الْأَنْصَارُ مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ عَلَى مَا عَرَفُوهُ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ أَنْ لَا يَتَأَمَّرَ عَلَى الْقَبِيلَةِ إِلَّا مَنْ يَكُونُ مِنْهَا فَلَمَّا سَمِعُوا حَدِيثَ الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ رَجَعُوا عَنْ ذَلِكَ وَأَذْعَنُوا قُلْتُ حَدِيثُ الْأَئِمَّةُ مِنَ قُرَيْشٍ سَيَأْتِي ذِكْرُ مَنْ أَخْرَجَهُ بِهَذَا اللَّفْظ فِي كتاب الاحكام وَلَمْ يَقَعْ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ إِلَّا بِمَعْنَاهُ وَقَدْ جَمَعْتُ طُرُقَهُ عَنْ نَحْوِ أَرْبَعِينَ صَحَابِيًّا لَمَّا بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ فُضَلَاءِ الْعَصْرِ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُرْوَ إِلَّا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ الدَّاوُدِيُّ عَلَى أَنَّ إِقَامَةَ الْخَلِيفَةِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لِأَنَّهُمْ أَقَامُوا مُدَّة لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إِمَامٌ حَتَّى بُويِعَ أَبُو بَكْرٍ وَتُعُقِّبَ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى فَرْضِيَّتِهَا وَبِأَنَّهُمْ تَرَكُوا لِأَجْلِ إِقَامَتِهَا أَعْظَمَ الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ التَّشَاغُلُ بِدَفْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى فَرَغُوا مِنْهَا وَالْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ زَمَنٌ يَسِيرٌ فِي بَعْضِ يَوْمٍ يُغْتَفَرُ مِثْلُهُ لِاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِ الْأَنْصَارِ مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ عُمَرُ كَمَا سَيَأْتِي وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُمْ قَالُوا ذَلِكَ فِي مَقَامِ مَنْ لَا يَخَافُ شَيْئًا وَلَا يَتَّقِيهِ وَكَذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ مَنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَخْلِفًا قَالَتْ أَبُو بَكْرٍ قِيلَ ثُمَّ مَنْ قَالَتْ عُمَرُ قِيلَ ثُمَّ مَنْ قَالَتْ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَوَجَدْتُ فِي التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ لَوْ كَانَ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ نَصٌّ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى تَعْيِينِ أَحَدٍ بِعَيْنِهِ لِلْخِلَافَةِ لَمَا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ وَلَا تَفَاوَضُوا فِيهِ قَالَ وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَاسْتَنَدَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ نَصَّ عَلَى خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ بِأُصُولٍ كُلِّيَّةٍ وَقَرَائِنَ حَالِيَّةٍ تَقْتَضِي أَنَّهُ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ وَأَوْلَى بِالْخِلَافَةِ قُلْتُ وَقَدْ تقدم بَعْضهَافِي تَرْجَمَتِهِ وَسَيَأْتِي بَعْضُهَا فِي الْوَفَاةِ النَّبَوِيَّةِ آخِرَ الْمَغَازِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الْحَدِيثُ الثَّالِثَ عَشَرَ قَوْلُهُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَالِمٍ هُوَ الْحِمْصِيُّ الْأَشْعَرِيُّ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالزُّبَيْدِيُّ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ صَاحِبُ الزُّهْرِيِّ وَعَبْدُ الرَّحْمَن بن الْقَاسِم أَي بن أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَهَذِهِ الطَّرِيقُ لَمْ يُورِدْهَا الْبُخَارِيُّ إِلَّا مُعَلَّقَةً وَلَمْ يَسُقْهَا بِتَمَامِهَا وَقَدْ وَصَلَهَا الطَّبَرَانِيُّ فِي مُسْنَدِ الشَّامِيِّينَ وَقَوْلُهُ شَخَصَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَتَيْنِ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ أَيِ ارْتَفَعَ وَقَوْلُهُ وَقَصَّ الْحَدِيثَ يَعْنِي فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَفَاةِ وَقَوْلُ عُمَرَ إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ وَلَنْ يَمُوتَ حَتَّى يَقْطَعَ أَيْدِي رِجَالٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَأَرْجُلَهُمْ وَقَوْلُ أَبِي بَكْرٍ إِنَّهُ مَاتَ وَتِلَاوَتُهُ الْآيَتَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ قَالَتْ عَائِشَةُ فَمَا كَانَتْ مِنْ خُطْبَتِهِمَا مِنْ خُطْبَةٍ إِلَّا نَفَعَ اللَّهُ بِهَا أَي من خطبتي أبي بكر وَعمر وَمن الْأُولَى تَبْعِيضِيَّةٌ أَوْ بَيَانِيَّةٌ وَالثَّانِيَةُ زَائِدَةٌ ثُمَّ شَرَحَتْ ذَلِكَ فَقَالَتْ لَقَدْ خَوَّفَ عُمَرُ النَّاسَ أَيْ بِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ لَقَدْ خَوَّفَ أَبُو بَكْرٍ النَّاسَ وَهُوَ غَلَطٌ وَقَوْلُهَا وَإِنَّ فِيهِمْ لَنِفَاقًا أَيْ إِنَّ فِي بَعْضِهِمْ مُنَافِقِينَ وَهُمُ الَّذِينَ عَرَّضَ بِهِمْ عُمَرُ فِي قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ وَإِنَّ فِيهِمْ لَتُقًى فَقِيلَ إِنَّهُ مِنْ إِصْلَاحِهِ وَإِنَّهُ ظَنَّ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِنَّ فِيهِمْ لَنِفَاقًا تَصْحِيفٌ فَصَيَّرَهُ لَتُقًى كَأَنَّهُ اسْتَعْظَمَ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَذْكُورِينَ نِفَاقًا وَقَالَ عِيَاضٌ لَا أَدْرِي هُوَ إِصْلَاحٌ مِنْهُ أَوْ رِوَايَةٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَلَا اسْتِعْظَامَ فَقَدْ ظَهَرَ فِي أَهْلِ الرِّدَّةِ ذَلِكَ وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ الْحَادِثِ الْعَظِيمِ الَّذِي أَذْهَلَ عُقُولَ الْأَكَابِرِ فَكَيْفَ بِضُعَفَاءِ الْإِيمَانِ فَالصَّوَابُ مَا فِي النُّسَخِ انْتَهَى وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ وَقَالَ فِيهِ إِنَّ فِيهِمْ لَنِفَاقًا الْحَدِيثُ الرَّابِعَ عَشَرَ


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:3500 ... ورقمه عند البغا: 3667 ]
    - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَاتَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ -قَالَ إِسْمَاعِيلُ: يَعْنِي بِالْعَالِيَةِ- فَقَامَ عُمَرُ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. قَالَتْ وَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إِلاَّ ذَاكَ، وَلَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ فَلَيَقْطَعَنَّ أَيْدِيَ رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ. فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَبَّلَهُ فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يُذِيقُكَ اللَّهُ الْمَوْتَتَيْنِ أَبَدًا. ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: أَيُّهَا الْحَالِفُ، عَلَى رِسْلِكَ. فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ".وبه قال: (حدّثنا إسماعيل بن عبد الله) الأويسي (قال: حدّثنا سليمان بن بلال) أبو أيوب القرشي التيمي (عن هشام بن عروة عن) أبيه (عروة بن الزبير) ولأبي ذر: قال (أخبرني) بالإفراد عروة بن الزبير (عن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مات وأبو بكر) غائب عند زوجته بنت خارجة الأنصاري (بالسنح) بالسين المهملة المضمومة والنون الساكنة بعدها حاء مهملة (قال إسماعيل) بن عبد الله الأويسي المذكور (يعني) ولأبي ذر تعني بالفوقية بدل التحتية أي عائشة بالسنح (بالعالية) وهي منازل بني الحرث (فقام عمر) بن الخطاب حال كونه (يقول: والله ما مات رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وعند أحمد أن عائشة قالت: جاء عمر والمغيرة بن شعبة فاستأذنا فأذنت لهما وجذبت الحجاب فنظر عمر إليه فقال: واغشياه ثم قاما فلما دنوا من الباب قال المغيرة: يا عمر مات. قال: كذبت إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يموت حتى يفني الله المنافقين.الحديث، وهذا قاله عمر بناء على غلبة ظنه حيث أداه اجتهاده إليه، وفي سيرة ابن إسحاق من طريق ابن عباس أن عمر -رضي الله عنه- قال له: إن الحامل على هذه المقالة قوله تعالى: {{وكذلك جعلناكم أمة وسطًا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا}} [البقرة: 143].فظن أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يبقى في أمته حتى يشهد عليها.(قالت): عائشة (وقال عمر: والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك) أي عدم موته (وليبعثنه الله) عز وجل في الدنيا (فليقطعن) بفتح اللام والتحتية وسكون القاف وفتح الطاء، ولأبي ذر:فليقطعن بضم التحتية وفتح القاف وكسر الطاء مشددة (أيدي رجال وأرجلهم) قائلين بموته عليه الصلاة والسلام (فجاء أبو بكر) -رضي الله عنه- من السنح (فكشف عن) وجه (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقبّله) بين عينيه (فقال): وفي اليونيية والفرع قال: وكشط ما قبلها (بأبي أنت وأمي) أي مفدى بهما فالباء متعلقة بمحذوف (طبت حيًّا وميّتًا و) الله (الذي نفسي بيده لا يذيقك الله) برفع يذيق (الموتتين) في الدنيا (أبدًا) ومراده الرد على عمر حيث قال: إن الله بعثه حتى يقطع أيدي رجال وأرجلهم لأنه لو صح ما قاله لزم أن يموت موتة أخرى فأشار إلى أنه أكرم على الله من أن يجمع عليه موتتين كما جمعهما على غيره الذي مرّ على قرية أو أنه يحيا في قبره ثم لا يموت (ثم خرج) أبو بكر من عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعمر يكلم الناس (فقال): له (أيها الحالف) أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ما مات (على رسلك) بكسر الراء اتئد في الحلف ولا تستعجل (فلما تكلم أبو بكر جلس عمر) وفي الجنائز خرج أبو بكر وعمر يكلم الناس فقال: اجلس فأبى.


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:3500 ... ورقمه عند البغا:3667 ]
    - حدَّثنا إسْمَاعِيلُ بنُ عَبْدِ الله حدَّثنا سُلَيْمَانُ بنُ بِلاَلٍ عنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ عنْ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا زَوْجِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ماتَ وأبُو بَكْرٍ بالسُّنْحِ قَالَ إسْمَاعِيلُ يَعْنِي بالْعَالِيَة فقامَ عُمَرُ يَقُولُ وَالله مَا ماتَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالتْ وَقَالَ عُمَرُ وَالله مَا كانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إلاَّ ذاكَ ولَيَبْعَثَنَّهُ الله فلَيَقْطَعَنَّ أيْدِيَ رِجالٍ وأرْجُلَهُمْ فَجاءَ أبُو بَكْرٍ فكَشَفَ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقَبَّلَهُ قَالَ بأبِي أنْتَ وأُمِّي طِبْتَ حَيَّاً ومَيِّتَاً وَالله الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يُذِيقُكَ الله المَوْتَتَيْنِ أبَدَاً ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ أيُّهَا الحَالِفُ علَى رِسْلِكَ فلَمَّا تَكَلَّمَ أبُو بَكْرٍ جَلَس عُمَرُ. فَحَمِدَ الله أبُو بَكْرٍ وأثْنَى علَيْهِ وَقَالَ ألاَ مَنْ كانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدَاً صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
    فإنَّ مُحَمَّدَاً صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَدْ ماتَ ومَنْ كانَ يَعْبُدُ الله فإنَّ الله حَيٌّ لاَ يَمُوتُ وَقَالَ إنَّكَ مَيِّتٌ وإنَّهُمْ مَيِّتُونَ وَقَالَ وَمَا مُحَمَّدٌ إلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أفإنْ ماتَ أوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ علَى أعْقَابِكُمْ ومنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فلَنْ يَضُرَّ الله شيْئاً وسَيَجْزِي الله الشَّاكِرِينَ قَالَ فنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ قَالَ واجْتَمَعَتِ الأنْصارُ إِلَى سَعْدِ بنُ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي ساعِدَةَ فَقَالُوا مِنَّا أمِيرٌ ومِنْكُمْ أمِيرٌ فذَهَبَ إلَيْهِمْ أبُو بَكْرِ الصِّدِّيقُ وعُمَرُ بنُ الخَطَّابِ وأبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ فذَهَبَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ فأسْكَتَهُ أبُو بَكْرٍ وكانَ عُمَرُ يَقُولُ وَالله مَا أرَدْتُ بِذَلِكَ إلاَّ أنِّي قَدْ هَيَّأتُ كَلاَماً قَدْ أعْجَبَنِي خَشيتُ أنْ لاَ يَبْلُغَهُ أبُو بَكْرٍ ثُمَّ تَكَلَّمَ أبُو بَكْرٍ فتَكَلَّمَ أبْلَغَ النَّاسِ فَقَالَ فِي كَلاَمِهِ نَحْنُ الأمَرَاءُ وأنْتُمُ الوُزَرَاءُ فَقَالَ حُبابُُ بنُ الْمُنْذِرِ لاَ وَالله لَا نَفْعَلُ مِنَّا أمِيرٌ ومِنْكُمْ أمِيرٌ فَقَالَ أبُو بَكْرٍ لاَ ولَكِنَّا الأُمَرَاءُ وأنْتُمُ الوُزَرَاءُ هُمْ أوْسَطُ العَرَبِ دَارَاً وأعْرَبُهُمْ أحْسَابَاً فَبايَعُوا عُمَرَ أوْ أبَا عُبَيْدَةَ فَقَالَ عُمَرُ بَلْ نُبايِعُكَ أنْتَ فأنْت سَيِّدُنَا وخَيْرُنا وأحَبُّنَا إِلَى رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ فَبايَعَهُ وبايَعَهُ النَّاسُ فَقَالَ قائِلٌ قَتَلْتُمْ سَعْدَ بنَ عُبَادَةَ فَقَالَ عُمَرُ قَتَلَهُ الله. وقَالَ عَبْدُ الله بنُ سالِمٍ عنِ الزُّبَيْدِيِّ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ أخْبرنِي القاسِمُ أنَّ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهَا قالَتْ شَخَضَ بَصَرُ النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثُمَّ قَالَ فِي الرَّفِيقِ الأعْلَى ثَلاثاً وقَصَّ الحَدِيثَ قالَتْ عائِشَةُ فَما كانَتْ مِنْ خُطْبَتِهِما مِنْ خُطْبَةٍ إلاَّ نَفَعَ الله بِهَا لَقَدْ خَوَّفَ عُمَرُ النَّاسَ وإنَّ فِيهِمْ لَنِفاقاً فرَدَّهُمْ الله بِذَلِكَ. ثُمَّ لَقدْ بَصَّرَ أبُو بَكْرٍ النَّاسَ الْهُدَي وعَرَّفَهُمُ الحَقَّ الَّذِي علَيْهِمْ وخَرَجُوا بِهِ يَتْلُونَ وَمَا مُحَمَّدٌ إلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ إِلَى الشَّاكِرِينَ. .مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَن فِيهِ فَضِيلَة أبي بكر على سَائِر الصَّحَابَة حَيْثُ قدَّم على الْكل فَصَارَ خَليفَة رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.ذكر رجال الحَدِيث: وهم خَمْسَة: الأول: إِسْمَاعِيل بن عبد الله هُوَ إِسْمَاعِيل بن أبي أويس واسْمه عبد الله ابْن أُخْت مَالك بن أنس. الثَّانِي: سُلَيْمَان بن بِلَال أَبُو أَيُّوب الْقرشِي التَّيْمِيّ. الثَّالِث: هِشَام بن عُرْوَة. الرَّابِع: أَبوهُ عُرْوَة بن الزبير ابْن الْعَوام. الْخَامِس: عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ.ذكر الرِّجَال الَّذين فِيهِ: أَبُو بكر الصّديق وَعمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. وَسعد بن عبَادَة بن دلهم ابْن حَارِثَة الْأنْصَارِيّ السَّاعِدِيّ، وَكَانَ نقيب بني سَاعِدَة عِنْد جَمِيعهم وَشهد بَدْرًا عِنْد الْبَعْض وَلم يُبَايع أَبَا بكر وَلَا عمر، وَسَار إِلَى الشَّام فَأَقَامَ بحوران إِلَى أَن مَاتَ سنة خمس عشرَة، وَلم يَخْتَلِفُوا أَنه وجد مَيتا على مغتسله، قيل: إِن قَبره بالمنيحة، قَرْيَة من غوطة دمشق، وَهُوَ مَشْهُور يزار إِلَى الْيَوْم. وَأَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح واسْمه عَامر بن عبد الله بن الْجراح، مَاتَ سنة ثَمَان عشرَة فِي طاعون عمواس، وقبره بغور بيسان عِنْد قَرْيَة تسمى عميا. وحبابُ، بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة وَبعد الْألف بَاء أُخْرَى: ابْن الْمُنْذر بن الجموح الْأنْصَارِيّ السّلمِيّ، وَهُوَ الْقَائِل يَوْم السَّقِيفَة: أَنا جديلها المحنك، وعذيقها المرجب، منا أَمِير ومنكم أَمِير. مَاتَ فِي خلَافَة عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَعبد الله بن سَالم أَبُو يُوسُف الْأَشْعَرِيّ الشَّامي، مَاتَ سنة تسع وَسبعين وَمِائَة. والزبيدي، بِضَم الزَّاي وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالدال الْمُهْملَة: واسْمه مُحَمَّد بن الْوَلِيد بن عَامر أَبُو الْهُذيْل الشَّامي الْحِمصِي الزبيدِيّ، وَقَالَ ابْن سعد: مَاتَ سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَمِائَة وَهُوَ ابْن سبعين سنة. وَعبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَهَذَا الحَدِيث من أَفْرَاده.
    ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (وَأَبُو بكر بالسنح) ، بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون النُّون بعْدهَا حاء مُهْملَة، وَضَبطه أَبُو عبيد الْبكْرِيّ بِضَم النُّون، وَقَالَ: إِنَّه منَازِل بني الْحَارِث بن الْخَزْرَج بالعوالي، بَينه وَبَين الْمَسْجِد النَّبَوِيّ ميل، وَبِه ولد عبد الله بن الزبير، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَكَانَ أَبُو بكر نازلاً بِهِ وَمَعَهُ أَسمَاء ابْنَته، وَسكن هُنَاكَ أَبُو بكر لما تزوج ابْنة خَارِجَة الْأَنْصَارِيَّة. قَوْله: (قَالَ إِسْمَاعِيل) ، هُوَ شيخ البُخَارِيّ الْمَذْكُور وَهُوَ ابْن أبي أويس. قَوْله: (يَعْنِي: بِالْعَالِيَةِ) أَرَادَ تَفْسِير قَول عَائِشَة: بالسنح، الْعَالِيَة، والعوالي أَمَاكِن بِأَعْلَى أَرَاضِي الْمَدِينَة. وَأَدْنَاهَا من الْمَدِينَة على أَرْبَعَة أَمْيَال وأبعدها من جِهَة نجد ثَمَانِيَة، وَالنِّسْبَة إِلَيْهَا علوي على غير قِيَاس. قَوْله: (وَالله مَا مَاتَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، إِنَّمَا حلف عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، على هَذَا بِنَاء على ظَنّه حَيْثُ أدّى اجْتِهَاده إِلَيْهِ. قَوْله: (قَالَت) أَي: عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا. قَوْله: (ذَلِك) أَي: عدم الْمَوْت. قَوْله: (وليبعثنه الله) أَي: ليبْعَثن الله مُحَمَّدًا فِي الدُّنْيَا فليقطعن أَيدي رجال وأرجلهم وهم الَّذين قَالُوا بِمَوْتِهِ. قَوْله: (فجَاء أَبُو بكر) أَي: من السنح، فكشف عَن وَجه رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقبله، وَقد مر فِي أول الْجَنَائِز، قَالَت عَائِشَة: أقبل أَبُو بكر على فرسه من مَسْكَنه بالسنح حَتَّى نزل فَدخل الْمَسْجِد فَلم يكلم النَّاس حَتَّى دخل على عَائِشَة، فَتَيَمم النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهِي مسجًى بِبرد حبرَة، فكشف عَن وَجهه ثمَّ أكب عَلَيْهِ فَقبله ثمَّ بَكَى. قَوْله: (بِأبي أَنْت وَأمي) أَي: أَنْت مفدى بِأبي وَأمي. قَوْله: (حَيا وَمَيتًا) أَي: فِي حَالَة حياتك وَحَالَة موتك. قَوْله: (لَا يذيقك الله الموتتين) ، بِضَم الْيَاء من الإذاقة، وَأَرَادَ بالموتتين: الْمَوْت فِي الدُّنْيَا وَالْمَوْت فِي الْقَبْر، وهما الموتتان المعروفتان المشهورتان، فَلذَلِك ذكرهمَا بالتعريف، وهما الموتتان الواقعتان لكل أحد غير الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، فَإِنَّهُم لَا يموتون فِي قُبُورهم، بل هم أَحيَاء، وَأما سَائِر الْخلق فَإِنَّهُم يموتون فِي الْقُبُور ثمَّ يحيون يَوْم الْقِيَامَة. وَمذهب أهل السّنة وَالْجَمَاعَة: أَن فِي الْقَبْر حَيَاة وموتاً فَلَا بُد من ذوق الموتتين لكل أحد غير الْأَنْبِيَاء. وَقد تمسك بقوله: (لَا يذيقك الله الموتتين) من أنكر الْحَيَاة فِي الْقَبْر، وهم الْمُعْتَزلَة وَمن نحا نحوهم، وَأجَاب أهل السّنة عَن ذَلِك بِأَن المُرَاد بِهِ نفي الْحَيَاة اللَّازِم من الَّذِي أثْبته عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بقوله: ليبعثنه الله فِي الدُّنْيَا ليقطع أَيدي الْقَائِلين بِمَوْتِهِ، فَلَيْسَ فِيهِ من نفي موت عَالم البرزخ. قَوْله: (ثمَّ خرج) ، أَي: ثمَّ خرج أَبُو بكر من عِنْد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (على رسلك) ، بِكَسْر الرَّاء وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة، أَي: اتئد فِي الْحلف أَو كن على رسلك أَي: التؤدة لَا تستعجل. قَوْله: (إلاَّ من كَانَ) ، كلمة ألاَ، هُنَا للتّنْبِيه على شَيْء يَأْتِي أَو يَقُوله. قَوْله: (فنشج النَّاس) ، بِفَتْح النُّون وَكسر الشين الْمُعْجَمَة بعْدهَا جِيم، يُقَال: نشج الباكي إِذا غص فِي حلقه الْبكاء، وَقيل: النشيج بكاء مَعَه صَوت، نَقله الْخطابِيّ، وَقيل: هُوَ بكاء بترجيع، كَمَا يردد الصَّبِي بكاءه فِي صَدره، وَقَالَ ابْن فَارس: نشج الباكي غص بالبكاء فِي حلقه من غير انتحاب، والنحيب بكاء مَعَ صَوت. قَوْله: (فِي سَقِيفَة بني سَاعِدَة) ، وَهُوَ مَوضِع سقف كالسباط كَانَ مُجْتَمع الْأَنْصَار وَدَار ندوتهم، وساعدة هُوَ ابْن كَعْب بن الْخَزْرَج، وَقَالَ ابْن دُرَيْد: سَاعِدَة اسْم من أَسمَاء الْأسد. قَوْله: (فَقَالُوا) ، أَي: الْأَنْصَار (منا أَمِير ومنكم أَمِير) إِنَّمَا قَالُوا ذَلِك بِنَاء على عَادَة الْعَرَب أَن لَا يسود الْقَبِيلَة إلاَّ رجل مِنْهُم، وَلم يعلمُوا حِينَئِذٍ أَن حكم الْإِسْلَام بِخِلَاف ذَلِك، فَلَمَّا سمعُوا أَنه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (الْخلَافَة فِي قُرَيْش) أذعنوا لذَلِك وَبَايَعُوا الصّديق. قَوْله: (خشيت أَن لَا يبلغهُ أَبُو بكر) خشيت، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة من الخشية وَهُوَ الْخَوْف، ويروى: (حسبت) ، بِالْحَاء وَالسِّين الْمُهْمَلَتَيْنِ من الحسبان، وَفِي رِوَايَة ابْن عَبَّاس: (قد كنت زورت) ، أَي: هيأت وَحسنت مقَالَة أعجبتني أُرِيد أَن أقدمها بَين يَدي أبي بكر، وَكنت أداري مِنْهُ بعض الْحَد، أَي: الحدة، فَقَالَ: على رسلك، فَكرِهت أَن أغضبهُ. قَوْله: (فَتكلم أبلغ النَّاس) ، بِنصب أبلغ على الْحَال، وأبلغ أفعل التَّفْضِيل والبلاغة فِي الْكَلَام مطابقته لمقْتَضى الْحَال مَعَ فصاحة الْكَلَام، فالحال فِي الِاصْطِلَاح هِيَ الْأُمُور الداعية إِلَى الْمُتَكَلّم على الْوَجْه الْمَخْصُوص، وَيجوز الرّفْع على الفاعلية، كَذَا قَالَه بعض الشُّرَّاح، وارتفاعه على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أولى، فالتقدير: فَتكلم أَبُو بكر وَهُوَ أبلغ النَّاس، وَقَالَ السُّهيْلي: النصب أوجه ليَكُون تَأْكِيدًا لمدحه وَصرف الْوَهم عَن أَن يكون أحد مَوْصُوفا بذلك غَيره، وَفِي رِوَايَة ابْن عَبَّاس: قَالَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: مَا ترك كلمة أعجبتني فِي تزويري إلاَّ قَالَهَا فِي بديهته وَأفضل حَتَّى سكت. قَوْله: (فَقَالَ فِي كَلَامه) ، أَي: فَقَالَ أَبُو بكر فِي جملَة كَلَامه: (نَحن الْأُمَرَاء وَأَنْتُم الوزراء) كَأَنَّهُ أَرَادَ بِهَذَا أَن الْإِمَارَة، أَعنِي: الْخلَافَة لَا تكون إلاَّ فِي الْمُهَاجِرين، وَأَرَادَ بقوله: (أَنْتُم الوزراء) أَنْتُم المستشارون فِي الْأُمُور تابعون للمهاجرين، لِأَن مقَام الوزارة الْإِعَانَة
    والمشورة. والاتباع (فَقَالَ حبابُ بن الْمُنْذر: لَا، وَالله لَا نَفْعل) ، يَعْنِي: لَا نرضى أَن تكون الْإِمَارَة فِيكُم بل (منا أَمِير ومنكم أَمِير) أَرَادَ أَن يكون أَمِير من الْمُهَاجِرين وأمير من الْأَنْصَار، فَلم يرض أَبُو بكر بذلك، وَهُوَ معنى قَوْله: (فَقَالَ أَبُو بكر: لَا) يَعْنِي: لَا نرضى بِمَا تَقول: (لَكنا نَحن الْأُمَرَاء وَأَنْتُم الوزراء) ثمَّ بَين وَجه خُصُوصِيَّة الْمُهَاجِرين بالإمارة. بقوله: (هم أَوسط الْعَرَب دَارا) أَي: قُرَيْش أَوسط الْعَرَب دَارا أَي: من جِهَة الدَّار، وَأَرَادَ بهَا مَكَّة، وَقَالَ الْخطابِيّ: أَرَادَ بِالدَّار أهل الدَّار، وَأَرَادَ بالأوسط الْأَخير والأشرف، وَمِنْه يُقَال: فلَان من أَوسط النَّاس. أَي: من أَشْرَفهم وأحسبهم، وَيُقَال: هُوَ من أَوسط قومه، أَي: خيارهم. قَوْله: وأعربهم أحساباً بِالْبَاء الْمُوَحدَة فِي: أعربهم، أَي: أشبه شمائل وأفعالاً بالعرب، ويروى (أعرَقهم) بِالْقَافِ مَوضِع الْبَاء: من العراقة، وَهِي الْأَصَالَة فِي الْحسب، وَكَذَا يُقَال فِي النّسَب والأحساب بِفَتْح الْهمزَة جمع حسب وَهُوَ الْأَفْعَال، وَهُوَ مَأْخُوذ من الْحساب يَعْنِي: إِذا حسبوا مناقبهم فَمن كَانَ يعد لنَفسِهِ ولأبيه مَنَاقِب أَكثر كَانَ أَحسب. قَوْله: (فبايِعُوا عمر) ، هَذَا قَول أبي بكر، يَقُول للمهاجرين وَالْأَنْصَار: بَايعُوا عمر أَو بَايعُوا أَبَا عُبَيْدَة، إِنَّمَا قَالَ هَذَا الْكَلَام حَتَّى لَا يتوهموا أَن لَهُ غَرضا فِي الْخلَافَة، وأضاف إِلَى عمر أَبَا عُبَيْدَة حَتَّى لَا يَظُنُّوا أَنه يحابي عمر، فَلَمَّا قَالَ أَبُو بكر هَذِه الْمقَالة قَالَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: بل نُبَايِعك أَنْت، فَقَامَ وَبَايَعَهُ وَبَايع النَّاس. قَوْله: (فَقَالَ قَائِل) أَي: من الْأَنْصَار: (قتلتم سَعْدا) يَعْنِي سعد بن عبَادَة، وَقَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ كِنَايَة عَن الْإِعْرَاض والخذلان لَا حَقِيقَة الْقَتْل، وَقَالَ بَعضهم: يرد هَذَا مَا وَقع فِي رِوَايَة مُوسَى بن عقبَة عَن ابْن شهَاب، فَقَالَ قَائِل من الْأَنْصَار: اتَّقوا سعد بن عبَادَة لَا تطؤه، فَقَالَ عمر: اقْتُلُوهُ قَتله الله. انْتهى. قلت: لَا وَجه قطّ للرَّدّ الْمَذْكُور لِأَنَّهُ لَيْسَ المُرَاد من قَول عمر: اقْتُلُوهُ، حَقِيقَة الْقَتْل، بل المُرَاد مِنْهُ أَيْضا الْإِعْرَاض عَنهُ وخذلانه، كَمَا فِي الأول وَمعنى قَول عمر (قَتله الله) دُعَاء عَلَيْهِ لعدم نصرته للحق ومخالفته للْجَمَاعَة، لِأَنَّهُ تخلف عَن الْبيعَة وَخرج من الْمَدِينَة وَلم ينْصَرف إِلَيْهَا إِلَى أَن مَاتَ بِالشَّام كَمَا ذَكرْنَاهُ عَن قريب.قَوْله: (وَقَالَ عبد الله بن سَالم) قد ذَكرْنَاهُ، وَهَذَا تَعْلِيق لم يذكرهُ البُخَارِيّ إلاَّ مُعَلّقا غير تَمام وَقد وَصله الطَّبَرَانِيّ فِي (مُسْند الشاميين) . قَوْله: (شخص بصر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، من الشخوص وَهُوَ ارْتِفَاع الأجفان إِلَى فَوق وتحديد النّظر وانزعاجه. قَوْله: (فِي الرفيق الْأَعْلَى) ، أَي: الْجنَّة، قَالَه صَاحب (التَّوْضِيح) قلت: الرفيق جمَاعَة الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام الَّذين يسكنون أَعلَى عليين، وَهُوَ اسْم جَاءَ على فعيل وَهُوَ الْجَمَاعَة: كالصديق والخليط يَقع على الْوَاحِد وَالْجمع وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {{وَحسن أُولَئِكَ رَفِيقًا}} (النِّسَاء: 96) . فَإِن قلت: مَا مُتَعَلق: فِي الرفيق الْأَعْلَى؟ قلت: مَحْذُوف يدل عَلَيْهِ السِّيَاق نَحْو: أدخلوني فيهم، وَذَلِكَ قَالَه حِين خير بَين الْمَوْت والحياة فَاخْتَارَ الْمَوْت. قَوْله: (وقص الحَدِيث) أَي: قصّ الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق، وَأَرَادَ بِالْحَدِيثِ مَا قَالَه عمر من قَوْله: إِنَّه لم يمت وَلنْ يَمُوت حَتَّى يقطع أيادي رجال الْمُنَافِقين وأرجلهم، وَمَا قَالَ أَبُو بكر من قَوْله: إِنَّه مَاتَ وتلا الْآيَتَيْنِ، كَمَا مضى. قَوْله: (قَالَت) ، أَي: عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا. قَوْله: (من خطبتهما) ، أَي: من خطْبَة أبي بكر وَعمر، وَكلمَة: من، للتَّبْعِيض وَمن الْأُخْرَى فِي قَوْله: (وَمن خطْبَة) زَائِدَة. قَوْله: (لقد خوف عمر) إِلَى آخِره، بَيَان الْخطْبَة الَّتِي نفع الله بهَا. قَوْله: (وَإِن فيهم لنفاقاً) ، أَي: أَن فِي بَعضهم لمنافقين، وهم الَّذين عرض بهم عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي قَوْله الَّذِي سبق عَن قريب. قيل: وَقع فِي رِوَايَة الْحميدِي فِي (الْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ) : وَأَن فيهم لتقي، فَقيل: إِنَّه من إِصْلَاحه فَإِنَّهُ ظن أَن قَوْله: (وَإِن فيهم لنفاقاً) تَصْحِيف فصيره: لتقي، كَأَنَّهُ استعظم أَن يكون فِي الْمَذْكُورين نفاق. وَقَالَ القَاضِي عِيَاض: لَا أَدْرِي هُوَ إصْلَاح مِنْهُ أَو رِوَايَة، فعلى الأول فَلَا استعظام، فقد ظهر من أهل الرِّدَّة ذَلِك، وَلَا سِيمَا عِنْد الْحَادِث الْعَظِيم الَّذِي أذهل عقول الأكابر، فَكيف بضعفاء الْإِيمَان؟ فَالصَّوَاب مَا فِي النّسخ، وَالله أعلم.

    حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ ـ رضى الله عنها ـ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مَاتَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ ـ قَالَ إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي بِالْعَالِيَةِ ـ فَقَامَ عُمَرُ يَقُولُ وَاللَّهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ‏.‏ قَالَتْ وَقَالَ عُمَرُ وَاللَّهِ مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إِلاَّ ذَاكَ وَلَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ فَلَيَقْطَعَنَّ أَيْدِيَ رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ‏.‏ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَبَّلَهُ قَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يُذِيقُكَ اللَّهُ الْمَوْتَتَيْنِ أَبَدًا‏.‏ ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ أَيُّهَا الْحَالِفُ عَلَى رِسْلِكَ‏.‏ فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ‏.‏ فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ أَلاَ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا ﷺ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَىٌّ لاَ يَمُوتُ‏.‏ وَقَالَ ‏{‏إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ‏}‏ وَقَالَ ‏{‏وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ‏}‏ قَالَ فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ ـ قَالَ ـ وَاجْتَمَعَتِ الأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ فَقَالُوا مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، فَذَهَبَ إِلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، فَذَهَبَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ فَأَسْكَتَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ إِلاَّ أَنِّي قَدْ هَيَّأْتُ كَلاَمًا قَدْ أَعْجَبَنِي خَشِيتُ أَنْ لاَ يَبْلُغَهُ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَتَكَلَّمَ أَبْلَغَ النَّاسِ فَقَالَ فِي كَلاَمِهِ نَحْنُ الأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ‏.‏ فَقَالَ حُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ لاَ وَاللَّهِ لاَ نَفْعَلُ، مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ‏.‏ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لاَ، وَلَكِنَّا الأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ دَارًا، وَأَعْرَبُهُمْ أَحْسَابًا فَبَايِعُوا عُمَرَ أَوْ أَبَا عُبَيْدَةَ‏.‏ فَقَالَ عُمَرُ بَلْ نُبَايِعُكَ أَنْتَ، فَأَنْتَ سَيِّدُنَا وَخَيْرُنَا وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ‏.‏ فَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ فَبَايَعَهُ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ، فَقَالَ قَائِلٌ قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ‏.‏ فَقَالَ عُمَرُ قَتَلَهُ اللَّهُ‏.‏

    Narrated 'Aisha: (the wife of the Prophet) Allah's Messenger (ﷺ) died while Abu Bakr was at a place called As-Sunah (Al-'Aliya) 'Umar stood up and said, "By Allah! Allah's Messenger (ﷺ) is not dead!" 'Umar (later on) said, "By Allah! Nothing occurred to my mind except that." He said, "Verily! Allah will resurrect him and he will cut the hands and legs of some men." Then Abu Bakr came and uncovered the face of Allah's Messenger (ﷺ), kissed him and said, "Let my mother and father be sacrificed for you, (O Allah's Messenger (ﷺ)), you are good in life and in death. By Allah in Whose Hands my life is, Allah will never make you taste death twice." Then he went out and said, "O oath-taker! Don't be hasty." When Abu Bakr spoke, 'Umar sat down. Abu Bakr praised and glorified Allah and said, No doubt! Whoever worshipped Muhammad, then Muhammad is dead, but whoever worshipped Allah, then Allah is Alive and shall never die." Then he recited Allah's Statement.:-- "(O Muhammad) Verily you will die, and they also will die." (39.30) He also recited:-- "Muhammad is no more than an Apostle; and indeed many Apostles have passed away, before him, If he dies Or is killed, will you then Turn back on your heels? And he who turns back On his heels, not the least Harm will he do to Allah And Allah will give reward to those Who are grateful." (3.144) The people wept loudly, and the Ansar were assembled with Sad bin 'Ubada in the shed of Bani Saida. They said (to the emigrants). "There should be one 'Amir from us and one from you." Then Abu Bakr, Umar bin Al-Khattab and Abu 'baida bin Al-Jarrah went to them. 'Umar wanted to speak but Abu Bakr stopped him. 'Umar later on used to say, "By Allah, I intended only to say something that appealed to me and I was afraid that Abu Bakr would not speak so well. Then Abu Bakr spoke and his speech was very eloquent. He said in his statement, "We are the rulers and you (Ansars) are the ministers (i.e. advisers)," Hubab bin Al-Mundhir said, "No, by Allah we won't accept this. But there must be a ruler from us and a ruler from you." Abu Bakr said, "No, we will be the rulers and you will be the ministers, for they (i.e. Quarish) are the best family amongst the 'Arabs and of best origin. So you should elect either 'Umar or Abu 'Ubaida bin Al-Jarrah as your ruler." 'Umar said (to Abu Bakr), "No but we elect you, for you are our chief and the best amongst us and the most beloved of all of us to Allah's Messenger (ﷺ)." So 'Umar took Abu Bakr's hand and gave the pledge of allegiance and the people too gave the pledge of allegiance to Abu Bakr. Someone said, "You have killed Sad bin Ubada." 'Umar said, "Allah has killed him

    Nebi s.a.v.'in zevcesi Aişe r.a.a'dan rivayete göre "Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem vefat ettiğinde Ebu Bekir, es-Sunh denilen yerde idi. -(Ravilerden) İsmail: eı-Aliye 'yi kastetmektedir, demiştir.- Ömer ayağa kalkıp: Allah'a yemin ederim, Resulullah ölmedi, demeye koyuldu. Aişe dedi ki: Ve Ömer, Allah'a yemin ederim (o an için) içimde başka bir kanaat doğmamıştı, dedi. (Ömer sözlerine şöyle devam etmişti): Andolsun Allah onu gönderecek ve o bir takım kimselerin ellerini ve ayaklarını kesecektir. Derken Ebu Bekir geldi. Resuluilah Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in (yüzünün) üzerini açtı, onu öptü ve: Anam babam sana feda olsun dedi. Hayatta iken de hoştun, vefat etmiş halinle de hoşsun. Nefsim elinde olana yemin ederim ki, Allah ölümü sana iki defa tattırmayacaktır. Daha sonra dışarı çıktı ve: Ey yemin eden kişi yavaş ol, dedi. Ebu Bekir konuşmaya başlayınca Ömer oturdu." [-3668-] "Sonra Ebu Bekir Allah'a hamd-u sena edip dedi ki: Dikkat edin, kim Muhammed Sallallahu Aleyhi ve Sellemle ibadet ediyor idiyse şüphesiz Muhammed ölmüş bulunuyor. Kim de Allah'a ibadet ediyorsa muhakkak Allah haydır, ölmez. Yüce Allah şöyle buyurmaktadır: "Şüphesiz sen de öleceksin, onlar da öleceklerdir."[Zümer, 30] "Muhammed ancak bir resuldür. Ondan önce resuller gelip geçmiştir. Şimdi eğer o ölür ya da öldürülürse siz ökçelerinizin üzerine gerisin geri mi döneceksiniz.? Kim ökçelerinin üzerine gerisin geri dönerse asla Allahla hiçbir zarar veremez. Allah şükredenleri mükafatlandıracaktır."[Al-i İmran, 144] Oradakilerin hepsi içlerini çeke çeke ağlamaya başladılar. Ensar Ben-i Saide Sakifesinde Said b. Ubade'nin etrafında toplanarak: Bizden bir emir, sizden bir emir (olsun) dediler. Yanlarına Ebu Bekir, Ömer b. el-Hattab ve Ebu Ubeyde b. el-Cerrah gitti. Ömer konuşmak istediyse de Ebu Bekir onu susturdu. Ömer (sonraları) şöyle derdi: Allah'a yemin ederim konuşmak isteyişimin tek sebebi uygun görüp beğendiğim bir konuşma tasarlamış olmamdl. Ebu Bekir'in bunu ifade edemeyeceğinden korkmuştum. Daha sonra Ebu Bekir konuşunca insanların en belağatlisi olarak konuştu. Sözleri arasında şunları da söyledi: Bizler emirleriz, sizler de vezirlersiniı. Hubab b. el-Munzir: Hayır, Allah'a yemin ederim böyle yapmayınız. Bizden bir emir, sizden bir emir (olsun), dedi. Ebu Bekir dedi ki: Hayır bizler emirleriz, sizler vezirlersiniz. Çünkü onlar hane olarak Arapların en üstünleri, soy sop olarak Arapların hususiyetlerini kendilerinde en çok toplayanlardır. Bu sebeple ya Ömer'e, ya da Ebu Ubeyde'ye bey'at ediniz. Bunun üzerine Ömer: Hayır, sana bey'at ederiz, sen bizim efendimiz, bizim en hayırlımız, Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in de aramızda en sevdiği kişisin. Ömer elini yakalayarak ona bey'at etti, arkasından diğer insanlar da ona bey'at etti. Oradakilerden birisi: SaId b. Ubade'yi öldürdünüz deyince, Ömer: Onu öldüren Allahltır ,dedi." [-3669-] Aişe r.anha dedi ki: "Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in gözleri yukarı doğru baktı, sonra da -üç defa-: Fi’r-Refiki’l a’la (En yüce dost) la beraber dedi ve (ravilerden el-Kasım b. Muhammed b. Ebi Bekr es-Sıddik) hadisin geri kalan kısmını nakletti. (Aişe) dedi ki: O gün ikisinin söyledikleri her bir sözü Allah mutlaka faydalı kıldı. Ömer aralarında münafıklar da varken insanları korkuttu ve bununla Allah onları geri çevirdi." [-3670-] "Sonra andolsun Ebu Bekir insanlara hidayeti göstermiş, onlara üzerlerindeki hakkın ne olduğunu öğretmişti. Böylelikle onlar onunla birlikte çıktıklarında: "Muhammed ancak bir resuldür. Ondan önce resuller geçip gitmiştir ... Allah şükredenleri mükafatlandıracaktır."[Al-i İmran, 144] ayetini okuyarak çıktılar

    আবূ বাকর (রাঃ) আল্লাহ্ তা‘আলার হামদ ও সানা বর্ণনা করে বললেন, যারা মুহাম্মাদ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম-এর ‘ইবাদাতকারী ছিলে তারা জেনে রাখ, মুহাম্মাদ সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম মারা গেছেন। আর যারা আল্লাহর ‘ইবাদাত করতে তারা নিশ্চিত জেনে রাখ আল্লাহ্ চিরঞ্জীব, তিনি অমর। অতঃপর আবূ বাকর (রাঃ) এ আয়াত তিলাওয়াত করলেনঃ ‘‘নিশ্চয়ই আপনি মরণশীল আর তারা সকলেই মরণশীল’’- (আয্ যুমার ৩০)। আরো তিলাওয়াত করলেনঃ মুহাম্মাদ তো একজন রাসূল ব্যতিরেকে আর কিছু নয়। তার পূর্বেও অনেক রাসূল চলে গেছে। অতএব যদি সে মারা যায় অথবা নিহত হয় তাহলে কি তোমরা ইসলাম ত্যাগ কর?? আর যদি কেউ সেরূপ পেছনে ফিরেও যায়, তবে সে কখনও আল্লাহর বিন্দুমাত্র ক্ষতি করতে পারবে না- (আলে ইমরান ১৪৪)। আল্লাহ্ তাঁর কৃতজ্ঞ বান্দাদেরকে পুরস্কৃত করবেন। রাবী বলেন, আবূ বাকর (রাঃ)-এর এ কথাগুলি শুনে সবাই ফুঁপিয়ে ফুঁপিয়ে কাঁদতে লাগলেন। রাবী বলেন, আনসারগণ সাকীফা বনূ সায়িদায়ে সা‘দ ইবনু ‘উবাইদাহ (রাঃ)-এর নিকট সমবেত হলেন এবং বলতে লাগলেন, আমাদের মধ্য হতে একজন আমীর হবেন এবং তোমাদের মধ্য হতে একজন আমীর হবেন। আবূ বাকর (রাঃ), ‘উমার ইবনু খাত্তাব, আবূ ‘উবাইদাহ ইবনু জার্রাহ (রাঃ)-এ তিনজন আনসারদের নিকট গমন করলেন। ‘উমার (রাঃ) কথা বলতে চাইলে, আবূ বাকর (রাঃ) তাকে থামিয়ে দিলেন। ‘উমার (রাঃ) বলেন, আল্লাহর কসম, আমি বক্তব্য রাখতে চেয়েছিলাম এই জন্য যে, আমি আনসারদের মাহফিলে বলার জন্য চিন্তা-ভাবনা করে এমন কিছু যুক্তিযুক্ত কথা প্রস্তুত করেছিলাম যার প্রেক্ষিতে আমার ধারণা ছিল হয়ত আবূ বাকর (রাঃ)-এর চিন্তা চেতনা এতটা গভীরে নাও যেতে পারে। কিন্তু আবূ বাকর (রাঃ) অত্যন্ত জোরালো ও যুক্তিপূর্ণ ভাষণ রাখলেন। তিনি তাঁর বক্তব্যে বললেন, আমীর আমাদের মধ্য হতে একজন হবেন এবং তোমাদের মধ্য হতে হবেন উযীর। তখন হুবাব ইবনু মুনযির (রহ.) বললেন, আল্লাহর কসম! আমরা এমন করব না বরং আমাদের মধ্যে একজন ও আপনাদের মধ্যে একজন আমীর হবেন। আবূ বাকর (রাঃ) বললেন, না, তা হয় না। আমাদের মধ্য হতে খলীফা এবং তোমাদের মধ্য হতে উযীর হবেন। কেননা কুরাইশ গোত্র অবস্থানের দিক দিয়ে যেমন আরবের মধ্যস্থানে, বংশ ও রক্তের দিকে থেকেও তারা তেমনি শ্রেষ্ঠ। তাঁরা নেতৃত্বের জন্য যোগ্যতায় সবার শীর্ষে। ‘‘তোমরা ‘উমার (রাঃ) অথবা আবূ ‘উবাইদাহ ইবনু জাররাহ (রাঃ)-এর হাতে বায়‘আত করে নাও। ‘উমার (রাঃ) বললেন, আমরা কিন্তু আপনার হাতেই বায়‘আত করব। আপনি আমাদের নেতা। আপনিই আমাদের মধ্যে সর্বশ্রেষ্ঠ। আমাদের মাঝে আপনি আল্লাহর রাসূল সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম-এর প্রিয়তম ব্যক্তি। এ বলে ‘উমার (রাঃ) তাঁর হাত ধরে বায়‘আত করে নিলেন। সঙ্গে সঙ্গে উপস্থিত সকলেই বায়‘আত করলেন। তখন জনৈক ব্যক্তি বলে উঠলেন, আপনারা সা‘দ ইবনু ‘উবাইদাহ (রাঃ)-কে মেরে ফেললেন? ‘উমার (রাঃ) বললেন, আল্লাহ্ তাকে মেরে ফেলেছেন। (১২৪২) (আ. প্র. ৩৩৯৫ প্রথমাংশ, ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ ৩৪০২ প্রথমাংশ)