• 2249
  • أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " مَثَلُ المُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ ، كَمَثَلِ الصَّائِمِ القَائِمِ ، وَتَوَكَّلَ اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِهِ ، بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ ، أَوْ يَرْجِعَهُ سَالِمًا مَعَ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ "

    حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : مَثَلُ المُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ ، كَمَثَلِ الصَّائِمِ القَائِمِ ، وَتَوَكَّلَ اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِهِ ، بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ ، أَوْ يَرْجِعَهُ سَالِمًا مَعَ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ

    وتوكل: توكل : تكفل وتعهد
    مَثَلُ المُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ
    حديث رقم: 3581 في صحيح مسلم كِتَابُ الْإِمَارَةِ بَابُ فَضْلِ الشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى
    حديث رقم: 1617 في جامع الترمذي أبواب فضائل الجهاد باب ما جاء في فضل الجهاد
    حديث رقم: 3106 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الجهاد باب: ما تكفل الله عز وجل لمن يجاهد في سبيله
    حديث رقم: 3109 في السنن الصغرى للنسائي كتاب الجهاد مثل المجاهد في سبيل الله عز وجل
    حديث رقم: 966 في موطأ مالك كِتَابُ الْجِهَادِ بَابُ التَّرْغِيبِ فِي الْجِهَادِ
    حديث رقم: 9298 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 9456 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 9728 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 9807 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 4705 في صحيح ابن حبان كِتَابُ السِّيَرِ بَابُ فَضْلِ الْجِهَادِ
    حديث رقم: 4706 في صحيح ابن حبان كِتَابُ السِّيَرِ بَابُ فَضْلِ الْجِهَادِ
    حديث رقم: 4711 في صحيح ابن حبان كِتَابُ السِّيَرِ بَابُ فَضْلِ الْجِهَادِ
    حديث رقم: 4201 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الْجِهَادِ فَضْلُ رَوْحَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
    حديث رقم: 4204 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الْجِهَادِ مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
    حديث رقم: 18919 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ فَضْلِ الْجِهَادِ مَا ذُكِرَ فِي فَضْلِ الْجِهَادِ وَالْحَثِّ عَلَيْهِ
    حديث رقم: 8959 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْمِيمِ مَنِ اسْمُهُ : مِقْدَامٌ
    حديث رقم: 9237 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ الْجِهَادِ بَابُ فَضْلِ الْجِهَادِ
    حديث رقم: 2142 في سنن سعيد بن منصور كِتَابُ الْجِهَادِ بَابُ مَا يَعْدِلُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
    حديث رقم: 17227 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ السِّيَرِ جِمَاعُ أَبْوَابِ السِّيَرِ
    حديث رقم: 162 في أحاديث إسماعيل بن جعفر أحاديث إسماعيل بن جعفر ثَالِثًا : أَحَادِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ
    حديث رقم: 21 في نسخة أبي مسهر و غيره نسخة أبي مسهر آخِرُ حَدِيثِ أَبِي مِسْهِرٍ
    حديث رقم: 5712 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ
    حديث رقم: 5900 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ الْجِهَادِ بَيَانُ ثَوَابِ مَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ
    حديث رقم: 5922 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ الْجِهَادِ بَيَانُ ثَوَابِ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَأَنَّهُ لَا يَعْدِلُهُ شَيْءٌ
    حديث رقم: 5923 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ الْجِهَادِ بَيَانُ ثَوَابِ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَأَنَّهُ لَا يَعْدِلُهُ شَيْءٌ
    حديث رقم: 12016 في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء حلية الأولياء وطبقات الأصفياء عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ

    [2787] قَوْلُهُ مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى اعْتِبَارِ الْإِخْلَاصِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى بَعْدَ اثْنَيْ عَشَرَ بَابًا قَوْلُهُ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الْقَانِتِ بِآيَاتِ اللَّهِ لَا يَفْتُرُ مِنْ صَلَاةٍ وَلَا صِيَامٍ زَادَ النَّسَائِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ الْخَاشِعِ الرَّاكِع الساجد وَفِي الْمُوَطَّأ وبن حِبَّانَ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ وَلَا صَلَاةٍ حَتَّى يَرْجِعَ وَلِأَحْمَدَ وَالْبَزَّارِ مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ مَرْفُوعًا مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ نَهَارَهُ الْقَائِمِ لَيْلَهُ وَشَبَّهَ حَالَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ بِحَالِ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فِي نَيْلِ الثَّوَابِ فِي كُلِّ حَرَكَةٍ وَسُكُونٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ مِنْ لَا يَفْتُرُ سَاعَةً عَنِ الْعِبَادَةِ فَأَجْرُهُ مُسْتَمِرٌّ وَكَذَلِكَ الْمُجَاهِدُ لاتضيع سَاعَةٌ مِنْ سَاعَاتِهِ بِغَيْرِ ثَوَابٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَنَّ الْمُجَاهِدَ لَتَسْتَنُّ فَرَسُهُ فَيُكْتَبُ لَهُ حَسَنَاتٌ وَأَصْرَحُ مِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى ذَلِكَ بِأَنَّهُم لَا يصيبهم ظمأ وَلَا نصب الْآيَتَيْنِ قَوْلُهُ وَتَوَكَّلَ اللَّهُ إِلَخْ تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ مُفْرَدًا فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسِيَاقُهُ أَتَمُّ وَلَفْظُهُ انْتَدَبَ اللَّهُ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ تَضَمَّنَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا إِيمَانٌ بِي وَفِيهِ الْتِفَاتٌ وَإِنَّ فِيهِ انْتِقَالًا مِنْ ضَمِيرِ الْحُضُورِ إِلَى ضَمِيرِ الْغَيْبَة.
    وَقَالَ بن مَالِكٍ فِيهِ حَذْفُ الْقَوْلِ وَالِاكْتِفَاءِ بِالْمَقُولِ وَهُوَ سَائِغٌ شَائِعٌ سَوَاءٌ كَانَ حَالًا أَوْ غَيْرَ حَالٍ فَمِنَ الْحَالِ قَوْلُهُ تَعَالَى وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمنُوا رَبنَا وسعت أَيْ قَائِلِينَ رَبَّنَا وَهَذَا مِثْلُهُ أَيْ قَائِلًا لَا يُخْرِجُهُ إِلَخْ وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الطُّرُقُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي سِيَاقِهِ فَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْرَجِ عَنْهُ بِلَفْظِ تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا جِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ وَتَصْدِيقُ كَلِمَتِهِ وَسَيَأْتِي كَذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزِّنَادِ فِي كِتَابِ الْخُمُسِ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ فِي كِتَابِ الْخُمُسِ وَأَخْرَجَهُ الدَّارِمِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ بِلَفْظِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ نَعَمْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيث بن عُمَرَ فَوَقَعَ فِي رِوَايَتِهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْإِلَهِيَّةِ وَلَفْظُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ قَالَ أَيُّمَا عَبْدٍ مِنْ عِبَادِي خَرَجَ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ ابْتِغَاءِ مَرْضَاتِي ضَمِنْتُ لَهُ إِنْ رَجَعْتُهُ أَنْ أَرْجِعَهُ بِمَا أَصَابَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ الْحَدِيثُ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بِلَفْظِ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِي هُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ إِنْ رَجَعْتُهُ رَجَعْتُهُ بِأَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ الْحَدِيثَ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَوْلُهُ تَضَمَّنَ اللَّهُ وَتَكَفَّلَ اللَّهُ وَانْتَدَبَ اللَّهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَمُحَصِّلُهُ تَحْقِيقُ الْوَعْدِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ وَذَلِكَ التَّحْقِيقُ عَلَى وَجْهِالْفَضْلِ مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَقَدْ عَبَّرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بتفضله بِالثَّوَابِ بِلَفْظِ الضَّمَانِ وَنَحْوِهِ مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْمُخَاطَبِينَ فِيمَا تَطْمَئِنُّ بِهِ نُفُوسُهُمْ وَقَوْلُهُ لَا يُخْرِجِهُ إِلَّا الْجِهَادُ نَصٌّ عَلَى اشْتِرَاطِ خُلُوصِ النِّيَّةِ فِي الْجِهَادِ وَسَيَأْتِي بَسْطُ الْقَوْلِ فِيهِ بَعْدَ أَحَدَ عَشَرَ بَابًا وَقَوْلُهُ فَهُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ أَيْ مَضْمُونٌ أَوْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ ذُو ضَمَانٍ قَوْلُهُ بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَيْ بِأَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ إِنْ تَوَفَّاهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيِّ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ أَنْ تَوَفَّاهُ بِالشَّرْطِيَّةِ وَالْفِعْلِ الْمَاضِي أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَهُوَ أَوْضَحُ قَوْلُهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَيْ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ أَوِ الْمُرَادُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ سَاعَةَ مَوْتِهِ كَمَا وَرَدَ أَنَّ أَرْوَاحَ الشُّهَدَاءِ تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَنْدَفِعُ إِيرَادُ مَنْ قَالَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الشَّهِيدِ وَالرَّاجِعِ سَالِمًا لِأَنَّ حُصُولَ الْأَجْرِ يَسْتَلْزِمُ دُخُولَ الْجَنَّةِ وَمُحَصَّلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ دُخُولٌ خَاصٌّ قَوْلُهُ أَوْ يَرْجِعَهُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِالْعَطْفِ عَلَى يَتَوَفَّاهُ قَوْلُهُ مَعَ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ أَيْ مَعَ أَجْرٍ خَالِصٍ إِنْ لَمْ يَغْنَمْ شَيْئًا أَوْ مَعَ غَنِيمَةٍ خَالِصَةٍ مَعَهَا أَجْرٌ وَكَأَنَّهُ سَكَتَ عَنِ الْأَجْرِ الثَّانِي الَّذِي مَعَ الْغَنِيمَةِ لِنَقْصِهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَجْرِ الَّذِي بِلَا غَنِيمَةٍ وَالْحَامِلُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ إِذَا غَنِمَ لَا يَحْصُلُ لَهُ أَجْرٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا بَلِ الْمُرَادُ أَوْ غَنِيمَةٍ مَعَهَا أَجْرٌ أَنْقَصُ مِنْ أَجْرِ مَنْ لَمْ يَغْنَمْ لِأَنَّ الْقَوَاعِدَ تَقْتَضِي أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْغَنِيمَةِ أَفْضَلُ مِنْهُ وَأَتَمُّ أَجْرًا عِنْدَ وُجُودِهَا فَالْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي نَفْيِ الْحِرْمَانِ وَلَيْسَ صَرِيحًا فِي نَفْيِ الْجَمْعِ.
    وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُجَاهِدَ إِمَّا يُسْتَشْهَدُ أَوْ لَا وَالثَّانِي لَا يَنْفَكُّ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ مَعَ إِمْكَانِ اجْتِمَاعِهِمَا فَهِيَ قَضِيَّةٌ مَانِعَةٌ الْخُلُوَّ لَا الْجَمْعَ وَقَدْ قِيلَ فِي الْجَوَابِ عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ إِنَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَبِهِ جَزَمَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَالْقُرْطُبِيُّ وَرَجَّحَهَا التُّورِبِشْتِيُّ وَالتَّقْدِيرُ بِأَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ وَقَدْ وَقَعَ كَذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ كَذَلِكَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَقَدْ رَوَاهُ جَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ وَجَمَاعَةٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى فَقَالُوا أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ بِصِيغَةِ أَوْ وَقَدْ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ بِلَفْظِ أَوْ غَنِيمَةٍ وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَلَيْهِ إِلَّا فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ عَنْهُ فَوَقَعَ فِيهِ بِلَفْظٍ وَغَنِيمَةٍ وَرِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ فِيهَا مَقَالٌ وَوَقَعَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِالْوَاوِ أَيْضًا وَكَذَا مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بِلَفْظٍ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ مَحْفُوظَةً تَعَيَّنَ الْقَوْلُ بِأَنَّ أَوْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِمَعْنَى الْوَاوِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ نُحَاةِ الْكُوفِيِّينَ لَكِنْ فِيهِ إِشْكَالٌ صَعْبٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَنْ يَكُونَ الضَّمَانُ وَقَعَ بِمَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ لِكُلِّ مَنْ رَجَعَ وَقَدْ لَا يَتَّفِقُ ذَلِكَ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْغُزَاةِ يَرْجِعُ بِغَيْرِ غَنِيمَةٍ فَمَا فَرَّ مِنْهُ الَّذِي ادَّعَى أَنَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَقَعَ فِي نَظِيرِهِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى ظَاهِرِهَا أَن من رَجَعَ بغنيمة رَجَعَ بِغَيْرِ أَجْرٍ كَمَا يَلْزَمُ عَلَى أَنَّهَا بِمَعْنَى الْوَاوِ أَنَّ كُلَّ غَازٍ يُجْمَعُ لَهُ بَيْنَ الْأَجْرِ وَالْغَنِيمَةِ مَعًا وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَرْفُوعًا مَا مِنْ غَازِيَةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُصِيبُونَ الْغَنِيمَةَ إِلَّا تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أَجْرِهِمْ مِنَ الْآخِرَةِ وَيَبْقَى لَهُمُ الثُّلُثُ فَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا غَنِيمَةً تَمَّ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَهَذَا يُؤَيِّدُ التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ وَأَنَّ الَّذِي يَغْنَمُ يَرْجِعُ بِأَجْرٍ لَكِنَّهُ أَنْقَصُ مِنْ أَجْرِ مَنْ لَمْ يَغْنَمْ فَتَكُونُ الْغَنِيمَةُ فِي مُقَابَلَةِ جُزْءٍ مِنْ أَجْرِ الْغَزْوِ فَإِذَا قُوبِلَ أَجْرُ الْغَانِمِ بِمَا حَصَلَ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا وَتَمَتُّعِهِ بِأَجْرِ مَنْ لَمْ يَغْنَمْ مَعَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي التَّعَبِ وَالْمَشَقَّةِ كَانَ أَجْرُ مَنْ غَنِمَ دُونَ أَجْرِ مَنْ لَمْ يَغْنَمْ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ خَبَّابٍ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْآتِي فَمِنَّا مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا الْحَدِيثَ وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ نَقْصَ ثَوَابِ الْمُجَاهِدِ بِأَخْذِهِ الْغَنِيمَةَوَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ وَقَدِ اشْتَهَرَ تَمَدُّحُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِلِّ الْغَنِيمَةِ وَجَعْلِهَا مِنْ فَضَائِلِ أُمَّتِهِ فَلَوْ كَانَتْ تَنْقُصُ الْأَجْرَ مَا وَقَعَ التَّمَدُّحُ بِهَا وَأَيْضًا فَإِنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ أَجْرُ أَهْلِ بَدْرٍ أَنْقَصَ مِنْ أَجْرِ أَهْلِ أُحُدٍ مَثَلًا مَعَ أَنَّ أَهْلَ بَدْرٍ أَفْضَلُ بالِاتِّفَاقِ وَسبق إِلَى هَذَا الْإِشْكَال بن عَبْدِ الْبَرِّ وَحَكَاهُ عِيَاضٌ وَذَكَرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ ضَعَّفَ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ حُمَيْدِ بْنِ هَانِئٍ وَلَيْسَ بِمَشْهُورٍ وَهَذَا مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ ثِقَةٌ يُحْتَجُّ بِهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَقَدْ وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وبن يُونُسَ وَغَيْرُهُمَا وَلَا يُعْرَفُ فِيهِ تَجْرِيحٌ لِأَحَدٍ وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ نَقْصَ الْأَجْرِ عَلَى غَنِيمَةٍ أُخِذَتْ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهَا وَظُهُورُ فَسَادِ هَذَا الْوَجْهِ يُغْنِي عَنِ الْإِطْنَابِ فِي رَدِّهِ إِذْ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَمْ يَبْقَ لَهُمْ ثُلُثُ الْأَجْرِ وَلَا أَقَلُّ مِنْهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ نَقْصَ الْأَجْرِ عَلَى مَنْ قَصَدَ الْغَنِيمَةَ فِي ابْتِدَاءِ جِهَادِهِ وَحَمَلَ تَمَامَهُ عَلَى مَنْ قَصَدَ الْجِهَادَ مَحْضًا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ صَدْرَ الْحَدِيثِ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ الْمُقَسَّمَ رَاجِعٌ إِلَى مَنْ أَخْلَصَ لِقَوْلِهِ فِي أَوَّلِهِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا إِيمَانٌ بِي وَتَصْدِيقٌ بِرُسُلِي.
    وَقَالَ عِيَاضٌ الْوَجْهُ عِنْدِي إِجْرَاءُ الْحَدِيثَيْنِ عَلَى ظَاهِرِهِمَا وَاسْتِعْمَالُهُمَا عَلَى وَجْهِهِمَا وَلَمْ يُجِبْ عَنِ الْإِشْكَالِ الْمُتَعَلِّقِ بِأَهْلِ بدر.
    وَقَالَ بن دَقِيق الْعِيد لاتعارض بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بَلِ الْحُكْمُ فِيهِمَا جَارٍ عَلَى الْقِيَاسِ لِأَنَّ الْأُجُورَ تَتَفَاوَتُ بِحَسَبِ زِيَادَةِ الْمَشَقَّةِ فِيمَا كَانَ أَجْرُهُ بِحَسَبِ مَشَقَّتِهِ إِذْ لِلْمَشَقَّةِ دُخُولٌ فِي الْأَجْرِ وَإِنَّمَا الْمُشْكِلُ الْعَمَلُ الْمُتَّصِلُ بِأَخْذِ الْغَنَائِمِ يَعْنِي فَلَوْ كَانَتْ تَنْقُصُ الْأَجْرَ لَمَا كَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ يُثَابِرُونَ عَلَيْهَا فَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ أَخْذَهَا مِنْ جِهَةِ تَقْدِيمِ بَعْضِ الْمَصَالِحِ الْجُزْئِيَّةِ عَلَى بَعْضٍ لِأَنَّ أَخْذَ الْغَنَائِمِ أَوَّلَ مَا شُرِعَ كَانَ عَوْنًا عَلَى الدِّينِ وَقُوَّةً لِضُعَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَهِيَ مَصْلَحَةٌ عُظْمَى يُغْتَفَرُ لَهَا بَعْضُ النَّقْصِ فِي الْأَجْرِ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَأَمَّا الْجَوَابُ عَمَّنِ اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِحَالِ أَهْلِ بَدْرٍ فَالَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّقَابُلُ بَيْنَ كَمَالِ الْأَجْرِ وَنُقْصَانِهِ لِمَنْ يَغْزُو بِنَفْسِهِ إِذَا لَمْ يَغْنَمْ أَوْ يَغْزُو فَيَغْنَمُ فَغَايَتُهُ أَنَّ حَالَ أَهْلِ بَدْرٍ مَثَلًا عِنْدَ عَدَمِ الْغَنِيمَةِ أَفْضَلُ مِنْهُ عِنْدَ وُجُودِهَا وَلَا يَنْفِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ حَالُهُمْ أَفْضَلَ مِنْ حَالِ غَيْرِهِمْ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَلَمْ يَرِدْ فِيهِمْ نَصٌّ أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَغْنَمُوا كَانَ أَجْرُهُمْ بِحَالِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مَغْفُورًا لَهُمْ وَأَنَّهُمْ أَفْضَلُ الْمُجَاهِدِينَ أَنْ لَا يَكُونَ وَرَاءَهُمْ مَرْتَبَةٌ أُخْرَى وَأَمَّا الِاعْتِرَاضُ بِحِلِّ الْغَنَائِمِ فَغَيْرُ وَارِدٍ إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنِ الْحِلِّ ثُبُوتُ وَفَاءِ الْأَجْرِ لِكُلِّ غَازٍ وَالْمُبَاحُ فِي الْأَصْلِ لَا يَسْتَلْزِمُ الثَّوَابَ بِنَفْسِهِ لَكِنْ ثَبَتَ أَنَّ أَخْذَ الْغَنِيمَةِ وَاسْتِيلَاءَهَا مِنِ الْكُفَّارِ يَحْصُلُ الثَّوَابُ وَمَعَ ذَلِكَ فَمَعَ صِحَّةِ ثُبُوتِ الْفَضْلِ فِي أَخْذِ الْغَنِيمَةِ وَصِحَّةِ التَّمَدُّحِ بِأَخْذِهَا لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ غَازٍ يَحْصُلُ لَهُ مِنْ أَجْرِ غَزَاتِهِ نَظِيرُ مَنْ لَمْ يَغْنَمْ شَيْئًا الْبَتَّةَ قُلْتُ وَالَّذِي مَثَّلَ بِأَهْلِ بَدْرٍ أَرَادَ التَّهْوِيلَ وَإِلَّا فَالْأَمْرُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ آخِرًا بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِمْ مَعَ أَخْذِ الْغَنِيمَةِ أَنْقَصَ أَجْرًا مِمَّا لَوْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ أَجْرُ الْغَنِيمَةِ أَنْ يَكُونُوا فِي حَالِ أَخْذِهِمُ الْغَنِيمَةَ مَفْضُولِينَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ بَعْدَهُمْ كَمَنْ شَهِدَ أُحُدًا لِكَوْنِهِمْ لَمْ يَغْنَمُوا شَيْئًا بَلْ أَجْرُ الْبَدْرِيِّ فِي الْأَصْلِ أَضْعَافُ أَجْرِ مَنْ بَعْدَهُ مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لَوْ فُرِضَ أَنَّ أَجْرَ الْبَدْرِيِّ بِغَيْرِ غَنِيمَةٍ سِتُّمِائَةٍ وَأَجْرَ الْأُحُدِيِّ مَثَلًا بِغَيْرِ غَنِيمَةٍ مِائَةٌ فَإِذَا نَسَبْنَا ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو كَانَ لِلْبَدْرِيِّ لِكَوْنِهِ أَخَذَ الْغَنِيمَةَ مِائَتَانِ وَهِيَ ثُلُثُ السِّتِّمِائَةِ فَيَكُونُ أَكْثَرَ أَجْرًا مِنَ الْأُحُدِيِّ وَإِنَّمَا امْتَازَ أَهْلُ بَدْرٍ بِذَلِكَ لِكَوْنِهَا أَوَّلَ غَزْوَةٍ شَهِدَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ وَكَانَ مَبْدَأَ اشْتِهَارِ الْإِسْلَامِ وَقُوَّةَ أَهْلِهِ فَكَانَ لِمَنْ شَهِدَهَا مِثْلُ أَجْرِ مَنْ شَهِدَ الْمَغَازِيَ الَّتِي بَعْدَهَا جَمِيعًا فَصَارَتْ لَا يُوَازِيهَا شَيْءٌ فِي الْفَضْلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    وَاخْتَارَ بن عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ الْمُرَادَ بِنَقْصِ أَجْرِ مَنْ غَنِمَ أَنَّ الَّذِي لَا يَغْنَمُ يَزْدَادُ أَجْرُهُ لِحُزْنِهِ عَلَى مَا فَاتَهُ مِنَ الْغَنِيمَةِ كَمَا يُؤْجَرُ مَنْ أُصِيبَ بِمَا لَهُ فَكَانَ الْأَجْرُ لِمَا نَقَصَ عَنِ الْمُضَاعَفَةِ بِسَبَبِ الْغَنِيمَةِ عِنْدَ ذَلِكَ كَالنَّقْصِ مِنْ أَصْلِ الْأَجْرِ وَلَا يَخْفَى مُبَايَنَةُ هَذَا التَّأْوِيلِلِسِيَاقِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لِلتَّعْبِيرِ بِثُلُثَيِ الْأَجْرِ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو حِكْمَةً لَطِيفَةً بَالِغَةً وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُجَاهِدِينَ ثَلَاثَ كَرَامَاتٍ دُنْيَوِيَّتَانِ وَأُخْرَوِيَّةٌ فَالدُّنْيَوِيَّتَانِ السَّلَامَةُ وَالْغَنِيمَةُ وَالْأُخْرَوِيَّةُ دُخُولُ الْجَنَّةِ فَإِذَا رَجَعَ سَالِمًا غَانِمًا فَقَدْ حَصَلَ لَهُ ثُلُثَا مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ وَبَقِيَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ الثُّلُثُ وَإِنْ رَجَعَ بِغَيْرِ غَنِيمَةٍ عَوَّضَهُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ ثَوَابًا فِي مُقَابَلَةِ مَا فَاتَهُ وَكَأَنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ يُقَالُ لِلْمُجَاهِدِ إِذَا فَاتَ عَلَيْكَ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا عَوَّضْتُكَ عَنْهُ ثَوَابًا وَأَمَّا الثَّوَابُ الْمُخْتَصُّ بِالْجِهَادِ فَهُوَ حَاصِلٌ لِلْفَرِيقَيْنِ مَعًا قَالَ وَغَايَةُ مَا فِيهِ عَدُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالنِّعْمَتَيْنِ الدُّنْيَوِيَّتَيْنِ أَجْرًا بِطَرِيقِ الْمَجَازِ وَالله أعلم وَفِي الحَدِيث أَن الْفَضَائِل لاتدرك دَائِمًا بِالْقِيَاسِ بَلْ هِيَ بِفَضْلِ اللَّهِ وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ التَّمْثِيلِ فِي الْأَحْكَامِ وَأَنَّ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ لَا تَسْتَلْزِمُ الثَّوَابَ لِأَعْيَانِهَا وَإِنَّمَا تَحْصُلُ بِالنِّيَّةِ الْخَالِصَة إِجْمَالا وتفصيلا وَالله أعلم (قَوْلُهُ بَابُ الدُّعَاءِ بِالْجِهَادِ وَالشَّهَادَةِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ) قَالَ بن الْمُنِيرِ وَغَيْرُهُ وَجْهُ دُخُولِ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ فِي الْفِقْهِ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنَ الدُّعَاءِ بِالشَّهَادَةِ يَسْتَلْزِمُ طَلَبَ نَصْرِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَإِعَانَةَ مَنْ يَعْصِي اللَّهَ عَلَى مَنْ يُطِيعُهُ لَكِنَّ الْقَصْدَ الْأَصْلِيَّ إِنَّمَا هُوَ حُصُولُ الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى حُصُولِ الشَّهَادَةِ وَلَيْسَ مَا ذَكَرَهُ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ وَإِنَّمَا يَقَعُ مِنْ ضَرُورَةِ الْوُجُودِ فَاغْتُفِرَ حُصُولُ الْمَصْلَحَةِ الْعُظْمَى مِنْ دَفْعِ الْكُفَّارِ وَإِذْلَالِهِمْ وَقَهْرِهِمْ بِقَصْدِ قَتْلِهِمْ بِحُصُولِ مَا يَقَعُ فِي ضِمْنِ ذَلِكَ مِنْ قَتْلِ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ وَجَازَ تَمَنِّي الشَّهَادَةَ لِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ صِدْقِ مَنْ وَقَعَتْ لَهُ مِنْ إِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ حَتَّىبَذَلَ نَفْسَهُ فِي تَحْصِيلِ ذَلِكَ ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ أُمِّ حَرَامٍ وَالْمُرَادُ مِنْهُ قَوْلُ أُمِّ حَرَامٍ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَدَعَا لَهَا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى اسْتِيفَاءِ شَرْحِهِ فِي كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ فِي حَقِّ النِّسَاءِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ حكم الرِّجَال بطرِيق الأولى وَأغْرب بن التِّينِ فَقَالَ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ تَمَنِّي الشَّهَادَةِ وَإِنَّمَا فِيهِ تَمَنِّي الْغَزْوِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ هِيَ الثَّمَرَةُ الْعُظْمَى الْمَطْلُوبَةُ فِي الْغَزْوِ وَأُمُّ حَرَامٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَتَيْنِ هِيَ خَالَةُ أَنَسٍ وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَلَى مَالِكٍ فِي إِسْنَادِهِ لَكِنْ رَوَاهُ بِشْرُ بْنُ عُمَرَ عَنْهُ فَقَالَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أُمِّ حَرَامٍ وَهُوَ مُوَافِقُ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ أَنَسٍ الَّتِي سَتَأْتِي قَوْلُهُ.
    وَقَالَ عُمَرُ إِلَخْ تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ الْحَجِّ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ شَرحه وَبَيَان من وَصله (قَوْلُهُ بَابُ دَرَجَاتِ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أَيْ بَيَانُهَا وَقَوْلُهُ يُقَالُ هَذِهِ سَبِيلِي أَيْ أَنَّ السَّبِيلَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْفَرَّاءُ فَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ليضل عَن سَبِيل الله ويتخذها هزؤا الضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى آيَاتِ الْقُرْآنِ وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ لِلسَّبِيلِ لِأَنَّهَا قَدْ تُؤَنَّثُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قل هَذِه سبيلي وَفِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهَا سَبِيلًا انْتَهَى وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ تَعَالَى هَذِهِ إِشَارَةً إِلَى الطَّرِيقَةِ أَيْ هَذِهِ الطَّرِيقَةُ الْمَذْكُورَةُ هِيَ سَبِيلِي فَلَا يَكُونُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَأْنِيثِ السَّبِيلِ قَوْلُهُ غُزًّا بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ مَعَ التَّنْوِينِ وَاحِدُهَا غَازٍ وَقَعَ هَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ وَهُوَ مِنْ كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ وَهُوَ مِثْلُ قُوَّلٍ وَقَائِلٍ انْتَهَى قَوْلُهُ هُمْ دَرَجَاتٌ لَهُمْ دَرَجَاتٌ هُوَ مِنْ كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا قَالَ قَوْلُهُ هُمْ دَرَجَاتٌ أَيْ مَنَازِلُ وَمَعْنَاهُ لَهُمْ دَرَجَاتٌ وَقَالَغَيْرُهُ التَّقْدِيرُ هُمْ ذَوُو دَرَجَاتٍ


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:2660 ... ورقمه عند البغا: 2787 ]
    - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ- كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ. وَتَوَكَّلَ اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِهِ بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرْجِعَهُ سَالِمًا مَعَ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ».وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي هريرة (عن الزهري) محمد بن مسلم أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (سعيد بن المسيب أن أبا هريرة) -رضي الله عنه- (قال: سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):
    ولأبي ذر عن الحموي والمستملي قال:(مثل المجاهد في سبيل الله والله أعلم بمن يجاهد في سبيله) أي الله أعلم بعقد نيّته إن كانت خالصة لإعلاء كلمته فذلك المجاهد في سبيله وإن كان في نيته حب المال والدنيا واكتساب الذكر فقد أشرك مع سبيل الله الدنيا والجملة معترضة بين قوله مثل المجاهد في سبيل الله وبين قوله: (-كمثل الصائم) نهاره (القائم-) ليله، وزاد مسلم من طريق أبي صالح عن أبي هريرة: "كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صيام ولا صلاة" وزاد النسائي من هذا الوجه: "الخاشع الراكع الساجد" ومثله بالصائم لأن الصائم ممسك لنفسه عن الأكل والشرب واللذات، وكذلك المجاهد ممسلك لنفسه على محاربة العدوّ وحابس نفسه على من يقاتله وكما أن الصائم القائم الذي لا يفتر ساعة من العبادة مستمرًّا الأجر كذلك المجاهد لا يضيع ساعة من ساعاته بغير أجر. قال تعالى: {{ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة}} إلى قوله: {{إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين}} [التوبة: 120].(وتوكل الله) أي تكفل الله تعالى على وجه الفضل منه (للمجاهد في سبيله بأن يتوفاه أن يدخله الجنة) أي بتوفيه بدخوله الجنة في الحال بغير حساب ولا عذاب كما ورد: إن أرواح الشهداء تسرح في الجنة (أو يرجعه) بفتح أوّله أي أو أن يرجعه إلى مسكنه حال كونه (سالمًا مع أجر) وحده (أو غنيمة) مع أجر وحذف الأجر من الثاني للعلم به إذ لا يخلو المجاهد عنه فالقضية مانعة الخلو لا مانعة الجمع أو لنقصه بالنسبة إلى الأجر الذي بدون الغنيمة إذ القواعد تقتضي بأنه عند عدم الغنيمة أفضل منه وأتم أجرًا عند وجودها. وقد روى مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعًا: "ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة إلاّ تعجلوا ثلثي أجرهم ويبقى لهم الثلث فإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم" فهذا صريح ببقاء بعض الأجر مع حصول الغنيمة فتكون الغنيمة في مقابلة جزء من ثواب الغزو.وفي التعبير بثلثي الأجر حكمة لطيفة، وذلك أن الله تعالى أعدّ للمجاهد ثلاث كرامات:دنيويتان وأُخروية، فالدنيويتان السلامة والغنيمة، والأخروية دخول الجنة، فإذا رجع سالمًا غانمًا فقد حصل له ثلثا ما أعدّ الله له وبقي له عند الله الثلث، وإن رجع بغير غنيمة عوّضه الله عن ذلك ثوابًا في مقابلة ما فاته، وليس المراد ظاهر حديث الباب أنه إذا غنم لا يحصل له أجر، وقيل إن أو بمعنى الواو وبه جزم ابن عبد البر والقرطبي ورجحه التوربشتي في شرحه للمصابيح والتقدير بأجر وغنيمة، وكذا رواه مسلم بالواو وفي بعض رواياته، ورواه الفريابي وجماعة عن يحيى بن يحيى بصيغة أو، وكذا مالك في موطئه ولم يختلف عليه إلا في رواية يحيى بن بكير عنه بالواو، ولكن في رواية ابن بكير عن مالك مقال وكذا وقع عند النسائي وأبي داود بإسناد صحيح، فإن كانت هذه الروايات محفوظة تعين القول بأن "أو" في هذا الحديث بمعنى "الواو" كما هو مذهب نحاة الكوفة، لكن استشكله ابن دقيق العيد من حيث أنه إذا كان المعنى يقتضي اجتماع الأمرين كان ذلك داخلاً في الضمان فيقتضي أنه لا بدّ من حصول الأمرين لهذا المجاهد وقد لا يتفق له ذلك فما فرّ منه الذي ادّعى أن "أو" بمعنى الواو وقع في نظيره لأنه يلزم على ظاهرها أن من رجع بغنيمة رجع بغير أجر كما يلزم على أنها بمعنى الواو وأن كل غاز يجمع له بين الأجر والغنيمة معًا.وأجاب في المصابيح: بأنه إنما يرد الإشكال إذا كان القائل بأنها للتقسيم قد فسر المراد بما ذكره هو من قوله فله الأجر إن فاتته الغنيمة إلى آخره، وأما إن سكت عن هذا التفسير فلا يتجه الإشكال إذ يحتمل أن يكون التقدير أو يرجعه سالمًا مع أجر وحده أو غنيمة وأجر كما مرّ والتقسيم بهذا الاعتبار صحيح والإشكال ساقط مع أنه لو سلم أن القائل بأنها للتقسيم صرح بأن المراد فله الأجر إن فاتته الغنيمة، وإن حصلت فلا لم يرد الإشكال المذكور عليه لاحتمال أن يكون تنكير الأجر لتعظيمه ويراد به الأجر الكامل فيكون معنى قوله فله الأجر إن فاتته الغنيمة وإن حصلت
    فلا يحصل له ذلك الأجر المخصوص وهو الكامل فلا يلزم انتفاء مطلق الأجر عنه اهـ.وهذا الحديث أخرجه النسائي في الجهاد أيضًا.


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:2660 ... ورقمه عند البغا:2787 ]
    - حدَّثنا أبُو اليَمَانِ قَالَ أخْبَرَنا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أخْبرني سَعيدُ بنُ المُسَيَّبِ أنَّ أبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ مَثَلُ المُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ الله وَالله أعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ وتَوَكَّلَ الله لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِهِ بِأنْ يَتَوَفَّاهُ أنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ أوْ يَرْجِعَهُ سالِمً مَعَ أجْرٍ أوْ غَنِيمَةٍ..مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي الْجِهَاد عَن عَمْرو بن عُثْمَان بن سعيد عَن أَبِيه عَن شُعَيْب بِهِ.قَوْله: (وَالله أعلم بِمن يُجَاهد فِي سَبيله) وَقع جملَة مُعْتَرضَة يَعْنِي: الله أعلم بِعقد نِيَّته إِن كَانَت خَالِصَة لإعلاء كَلمته، فَذَلِك الْمُجَاهِد فِي سَبِيل الله، وَإِن كَانَ فِي نِيَّته حب المَال وَالدُّنْيَا واكتساب الذّكر بهَا، فقد أشرك مَعَ سَبِيل الله سَبِيل الدُّنْيَا، وَفِي (الْمُسْتَدْرك) على شَرطهمَا، أَي: الْمُؤمن أكمل إِيمَانًا. قَالَ: الَّذِي يُجَاهد فِي سَبِيل الله بِمَالِه وَنَفسه. قَوْله: (كَمثل الصَّائِم الْقَائِم) زَاد النَّسَائِيّ من هَذَا الْوَجْه: الخاشع الرَّاكِع الساجد، وَفِي (الْمُوَطَّأ) وَابْن حبَان: كَمثل الصَّائِم الْقَائِم الدَّائِم الَّذِي لَا يفتر من صِيَام وَلَا صَلَاة حَتَّى يرجع، وَفِي رِوَايَة أَحْمد وَالْبَزَّار من حَدِيث النُّعْمَان بن بشير مَرْفُوعا: مثل الْمُجَاهِد فِي سَبِيل الله كَمثل الصَّائِم نَهَاره الْقَائِم ليله، مثله بالصائم لِأَنَّهُ مُمْسك لنَفسِهِ عَن الْأكل وَالشرب وَاللَّذَّات، وَكَذَلِكَ الْمُجَاهِد مُمْسك لنَفسِهِ على محاربة الْعَدو وحابس نَفسه على من يقاتله. قَوْله: (وتوكل الله) ، أَي: ضمن الله بملابسة التوفي الْجنَّة وبملابسة عدم التوفي الرجع بِالْأَجْرِ أَو الْغَنِيمَة. قَالَ الْكرْمَانِي: يَعْنِي: لَا يَخْلُو من الشَّهَادَة أَو السَّلامَة، فعلى الأول: يدْخل الْجنَّة بعد الشَّهَادَة فِي الْحَال، وعَلى الثَّانِي: لَا يَنْفَكّ من أجر أَو غنيمَة مَعَ جَوَاز الِاجْتِمَاع بَينهمَا فَهِيَ قَضِيَّة مَانِعَة الْخُلُو لَا مَانِعَة الْجمع، وَوَقع فِي رِوَايَة مُسلم: (تضمن الله لمن خرج فِي سَبيله لَا يُخرجهُ إِلَّا إِيمَان بِي. .) وَفِي رِوَايَة لمُسلم من طَرِيق الْأَعْرَج، عَنهُ بِلَفْظ: تكفل الله لمن جَاهد فِي سَبيله لَا يُخرجهُ من بَيته إلاَّ جِهَاد فِي سَبيله وتصديق كَلمته، وَكَذَلِكَ أخرجه مَالك فِي (الْمُوَطَّأ) عَن أبي الزِّنَاد) . وَفِي رِوَايَة الدَّارمِيّ من وَجه آخر عَن أبي الزِّنَاد، بِلَفْظ: لَا يُخرجهُ إلاَّ الْجِهَاد فِي سَبِيل الله وتصديق كَلِمَاته، وَلَفظ: الضَّمَان والتكفل والتوكل والانتداب الَّذِي وَقع فِي الْأَحَادِيث كلهَا بِمَعْنى: تَحْقِيق الْوَعْد على وَجه الْفضل مِنْهُ، وعبَّر، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بتفضيله بالثواب بِلَفْظ الضَّمَان وَنَحْوه بِمَا جرت بِهِ الْعَادة بَين النَّاس بِمَا تطمئِن بِهِ النُّفُوس، وتركن إِلَيْهِ الْقُلُوب. قَوْله: (بِأَن يتوفاه أَن يدْخلهُ الْجنَّة) ، أَي: بِأَن يدْخلهُ الْجنَّة، و: أَن، فِي الْمَوْضِعَيْنِ مَصْدَرِيَّة، تَقْدِيره: ضمن الله بتوفيه بِدُخُول الْجنَّة، وَفِي رِوَايَة أبي زرْعَة الدِّمَشْقِي عَن أبي الْيَمَان: إِن توفاه، بِالشّرطِ وَالْفِعْل الْمَاضِي أخرجه الطَّبَرَانِيّ. قَوْله: (أَن يدْخلهُ الْجنَّة) أَي: بِغَيْر حِسَاب وَلَا عَذَاب، أَو، المُرَاد: يدْخلهُ الْجنَّة سَاعَة مَوته وَقَالَ ابْن التِّين: إِدْخَاله الْجنَّة يحْتَمل أَن يدخلهَا إِثْر وَفَاته تَخْصِيصًا للشهيد، أَو بعد الْبَعْث، وَيكون فَائِدَة تَخْصِيصه أَن ذَلِك كَفَّارَة لجَمِيع خَطَايَا الْمُجَاهِد، وَلَا توزن مَعَ حَسَنَاته، قَوْله: (أَو يرجعه) ، بِفَتْح الْيَاء تَقْدِيره: أَو أَن يرجعه، بِالنّصب عطفا على أَن يتوفاه. قَوْله: (سالما) حَال من الضَّمِير الْمَنْصُوب فِي يرجعه. قَوْله: (مَعَ أجر أَو غنيمَة) ، إِنَّمَا أَدخل، وَهَهُنَا قيل: لِأَنَّهُ قد يرجع مرّة بغنيمة دون أجر، وَلَيْسَ كَذَلِك على مَا يَجِيء الْآن، بل أبدا يرجع بِالْأَجْرِ كَانَت غنيمَة أَو لم تكن، قَالَه ابْن بطال. وَقَالَ ابْن التِّين والقرطبي: إِن، أَو، هُنَا بِمَعْنى المواو الجامعة على مَذْهَب الْكُوفِيّين، وَقد سَقَطت فِي أبي دَاوُد وَفِي بعض رِوَايَات مُسلم، وَبِه جزم ابْن عبد الْبر، وَرجحه التوربشتي شَارِح (المصابيح) وَالتَّقْدِير: أَو يرجعه بِأَجْر وغنيمة، وَكَذَا وَقع عِنْد النَّسَائِيّ من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن سعيد ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة، بِالْوَاو أَيْضا، وَذهب بَعضهم إِلَى أَن: أَو، على بابُُهَا وَلَيْسَت بِمَعْنى: الْوَاو، أَي: أجر لمن لم يغنم أَو غنيمَة وَلَا أجر، وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيح لحَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ مَرْفُوعا: (مَا من غَازِيَة تغزو فِي سَبِيل الله
    فيصيبون الْغَنِيمَة إلاَّ تعجلوا ثُلثي أجرهم من الْأُجْرَة، وَيبقى لَهُم الثُّلُث، فَإِن لم يُصِيبُوا غنيمَة تمّ لَهُم أجرهم)
    . فَبِهَذَا يدل على أَنه لَا يرجع أصلا بِدُونِ الْأجر، وَلكنه ينقص عِنْد الْغَنِيمَة. فَإِن قلت: ضعف هَذَا الحَدِيث لِأَن فِيهِ حميد بن هانىء وَهُوَ غير مَشْهُور. قلت: هَذَا كَلَام لَا يلْتَفت إِلَيْهِ لِأَنَّهُ ثِقَة مُحْتَج بِهِ عِنْد مُسلم، وَقد وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَابْن يُونُس وَغَيرهمَا، وَلَا يعرف فِيهِ تجريح لأحد.

    حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ ‏ "‏ مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ـ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ ـ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ، وَتَوَكَّلَ اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِهِ بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ يَرْجِعَهُ سَالِمًا مَعَ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ ‏"‏‏.‏

    Narrated Abu Huraira:I heard Allah's Messenger (ﷺ) saying, "The example of a Mujahid in Allah's Cause-- and Allah knows better who really strives in His Cause----is like a person who fasts and prays continuously. Allah guarantees that He will admit the Mujahid in His Cause into Paradise if he is killed, otherwise He will return him to his home safely with rewards and war booty

    Telah bercerita kepada kami [Abu Al Yaman] telah mengabarkan kepada kami [Syu'aib] dari [Az Zuhriy] berkata telah bercerita kepadaku [Sa'id bin Al Musayyab] bahwa [Abu Hurairah radliallahu 'anhu] berkata; Aku mendengar Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam bersabda: "Perumpamaan seorang mujahid di jalan Allah, dan hanya Allah yang paling tahu siapa yang berjihad di jalan-Nya, seperti seorang yang melaksanakan shoum (puasa) dan berdiri (shalat) terus menerus. Dan Allah berjanji kepada mujahid di jalan-Nya, dimana bila Dia mewafatkannya maka akan dimasukkannya ke surga atau bila Dia mengembalikannya dalam keadaan selamat dia akan pulang dengan membawa pahala atau ghonimah (harta rampasan perang)

    Ebu Hureyre r.a.'den nakledilmiştir: Nebi'i Sallallahu Aleyhi ve Sellem şöyle buyururken işittim: "Allah yolunda cihad eden -ki Allah yolunda cihad edenin kim olduğunu en iyi O bilir- aralıksız oruç tutan ve namaz kılan gibidir. Allah, kendisi uğruna cihad edene, canını alıp cennetine koymayı veya sevapla ya da ganimetle sapasağlam geri dönmeyi garanti etmiştir." Tekrar:

    ہم سے ابوالیمان نے بیان کیا ‘ کہا ہم کو شعیب نے خبر دی ‘ ان سے زہری نے بیان کیا کہ مجھے سعید بن مسیب نے خبر دی اور ان سے ابوہریرہ رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہ میں نے رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم سے سنا ‘ آپ صلی اللہ علیہ وسلم فرما رہے تھے کہ اللہ کے راستے میں جہاد کرنے والے کی مثال۔۔۔۔ اور اللہ تعالیٰ اس شخص کو خوب جانتا ہے جو ( خلوص دل کے ساتھ صرف اللہ تعالیٰ کی رضا کیلئے ) اللہ کے راستے میں جہاد کرتا ہے۔۔۔۔ اس شخص کی سی ہے جو رات میں برابر نماز پڑھتا رہے اور دن میں برابر روزے رکھتا رہے اور اللہ تعالیٰ نے اپنے راستے میں جہاد کرنے والے کیلئے اس کی ذمہ داری لے لی ہے کہ اگر اسے شہادت دے گا تو اسے بے حساب و کتاب جنت میں داخل کرے گا یا پھر زندہ و سلامت ( گھر ) ثواب اور مال غنیمت کے ساتھ واپس کرے گا۔

    আবূ হুরাইরাহ্ (রাঃ) হতে বর্ণিত। তিনি বলেন, আমি আল্লাহর রাসূল (সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম)-কে বলতে শুনেছি, আল্লাহর পথের মুজাহিদ, অবশ্য আল্লাহ্ই অধিক জ্ঞাত কে তাঁর পথে জিহাদ করছে, সর্বদা সিয়াম পালনকারী ও সালাত আদায়কারীর মত। আল্লাহ্ তা‘আলা তাঁর পথে জিহাদকারীর জন্য এই দায়িত্ব নিয়েছেন, যদি তাকে মৃত্যু দেন তবে তাকে জান্নাতে প্রবেশ করাবেন অথবা পুরস্কার বা গানীমতসহ নিরাপদে ফিরিয়ে আনবেন। (৩৬) (আধুনিক প্রকাশনীঃ ২৫৮১, ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ)

    அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள் கூறினார்கள்: இறைவழியில் போராடுபவரின் நிலை யானது, லிஉண்மையாகப் போராடுபவர் யார் என்பது அல்லாஹ்வுக்கே தெரியும்லி (அல்லாஹ்வைத்) தொழுதும், (அவனுக்காக) நோன்பு நோற்றும்வருபவரின் நிலையைப் போன்றதாகும். அல்லாஹ், தன் பாதையில் போராடுபவரின் உயிர்த் தியாகத்தை ஏற்று, அவரைச் சொர்க்கத்தில் அனுமதிக்கப் பொறுப்பேற்றுக்கொண்டுள்ளான். அல்லது நன்மையுடனோ போர்ச் செல்வத்துடனோ அவரைத் திரும்பவைக்கப் பொறுப்பேற்றுக் கொண்டுள்ளான். இதை அபூஹுரைரா (ரலி) அவர்கள் அறிவிக்கிறார்கள். அத்தியாயம் :