• 1894
  • لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ المِصْرَانِ أَتَوْا عُمَرَ ، فَقَالُوا : يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ ، " إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا " ، وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا ، وَإِنَّا إِنْ أَرَدْنَا قَرْنًا شَقَّ عَلَيْنَا ، قَالَ : فَانْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ ، فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ

    حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ المِصْرَانِ أَتَوْا عُمَرَ ، فَقَالُوا : يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَدَّ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا ، وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا ، وَإِنَّا إِنْ أَرَدْنَا قَرْنًا شَقَّ عَلَيْنَا ، قَالَ : فَانْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ ، فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ

    المصران: المصران : الكوفة والبصرة
    حد: الحَدّ والحُدُود : محَارم اللّه وعُقُوبَاتُه المحددة الَّتي قرَنَها بالذُّنوب
    جور: الجور : البغي والظلم والميل عن الحق
    حذوها: حذوَ الشيء : في موازاته ومقابلته ومساواته
    فحد: الحَدّ والحُدُود : محَارم اللّه وعُقُوبَاتُه المحددة الَّتي قرَنَها بالذُّنوب
    حَدَّ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا ، وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا ،

    [1531] قَوْلُهُ لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ الْمِصْرَانِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِضَمِّ فُتِحَ عَلَى الْبِنَاءِ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَمَّا فَتَحَ هَذَيْنِ الْمِصْرَيْنِ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالتَّاءِ عَلَى حَذْفِ الْفَاعِلِ وَالتَّقْدِيرُ لَمَّا فَتَحَ اللَّهُ وَكَذَا ثَبَتَ فِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَبِهِ جَزَمَ عِيَاضٌ وَأَمَّا بن مَالك فَقَالَ تنَازع فتح وَأتوا وَهُوَ عَلَى إِعْمَالِ الثَّانِي وَإِسْنَادِ الْأَوَّلِ إِلَى ضَمِيرِ عُمَرَ وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مُخْتَصَرًا وَزَادَ فِي الْإِسْنَادِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ حَدَّ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ وَالْمِصْرَانِ تَثْنِيَةُ مِصْرَ وَالْمُرَادُ بِهِمَا الْكُوفَةُ وَالْبَصْرَةُ وَهُمَا سُرَّتَا الْعِرَاقِ وَالْمُرَادُ بِفَتْحِهِمَا غَلَبَةُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَكَانِ أَرْضِهِمَا وَإِلَّا فَهُمَا مِنْ تَمْصِيرِ الْمُسْلِمِينَ قَوْلُهُ وَهُوَ جَوْرٌ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا رَاءٌ أَيْ مَيْلٌ وَالْجَوْرُ الْمَيْلُ عَنِ الْقَصْدِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى وَمِنْهَا جَائِر قَوْلُهُ فَانْظُرُوا حَذْوَهَا أَيِ اعْتَبِرُوا مَا يُقَابِلُ الْمِيقَاتَ مِنَ الْأَرْضِ الَّتِي تَسْلُكُونَهَا مِنْ غَيْرِ مَيْلٍ فَاجْعَلُوهُ مِيقَاتًا وَظَاهِرُهُ أَنَّ عُمَرَ حَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ وَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ لَمْ يُوَقِّتْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ شَيْئًا فَاتَّخَذَ النَّاسُ بِحِيَالِ قَرْنٍ ذَاتَ عِرْقٍ وَرَوَى أَحْمَدُ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَغَيْرِهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ فَذَكَرَ حَدِيثَ الْمَوَاقِيتِ وَزَادَ فِيهِ قَالَ بن عُمَرَ فَآثَرَ النَّاسُ ذَاتَ عِرْقٍ عَلَى قَرْنٍ وَله عَن سُفْيَان عَن صَدَقَة عَن بن عُمَرَ فَذَكَرَ حَدِيثَ الْمَوَاقِيتِ قَالَ فَقَالَ لَهُ قَائِل فَأَيْنَ الْعرَاق فَقَالَ بن عُمَرَ لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ عِرَاقٌ وَسَيَأْتِي فِي الِاعْتِصَامِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ بن عُمَرَ قَالَ لَمْ يَكُنْ عِرَاقٌ يَوْمَئِذٍ وَوَقَعَ فِي غَرَائِبِ مَالِكٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاق عَن مَالك عَن نَافِع عَن بن عُمَرَ قَالَ وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ قَرْنًا قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ لِي بَعْضُهُمْ إِنَّ مَالِكًا مَحَاهُ مِنْ كِتَابِهِ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قُلْتُ وَالْإِسْنَادُ إِلَيْهِ ثِقَاتٌ أَثْبَاتٌ وَأَخْرَجَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهُ وَهُوَ غَرِيبٌ جِدًّا وَحَدِيثُ الْبَابِ يَرُدُّهُ وَرَوَى الشَّافِعِيُّ مِنْ طَرِيقِ طَاوُسٍ قَالَ لَمْ يُوَقِّتْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ عِرْقٍ وَلَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ أَهْلُ الْمَشْرِقِ وَقَالَ فِي الْأُمِّ لَمْ يَثْبُتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ حَدَّ ذَاتَ عِرْقٍ وَإِنَّمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ النَّاسَ وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِيقَاتَ ذَاتِ عِرْقٍ لَيْسَمَنْصُوصًا وَبِهِ قَطَعَ الْغَزَالِيُّ وَالرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِ الْمُسْنَدِ وَالنَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَكَذَا وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِمَالِكٍ وَصَحَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَجُمْهُورُ الشَّافِعِيَّةِ وَالرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالنَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ مَنْصُوصٌ وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ إِلَّا أَنَّهُ مَشْكُوك فِي رَفعه أخرجه من طَرِيق بن جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَسْأَلُ عَنِ الْمُهَلِّ فَقَالَ سَمِعْتُ أَحْسِبُهُ رُفِعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَهُ وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي مُسْتَخْرَجِهِ بِلَفْظِ فَقَالَ سَمِعْتُ أَحْسَبُهُ يُرِيدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمد من رِوَايَة بن لَهِيعَة وبن مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ فَلَمْ يَشُكَّا فِي رَفْعِهِ وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ وَفِي حَدِيثِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو السَّهْمِيِّ كِلَاهُمَا عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْحَدِيثِ أَصْلًا فَلَعَلَّ مَنْ قَالَ إِنَّهُ غَيْرُ مَنْصُوصٍ لَمْ يَبْلُغْهُ أَوْ رَأَى ضَعْفَ الْحَدِيثِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ كُلَّ طَرِيقٍ لَا يَخْلُو عَنْ مَقَالٍ وَلِهَذَا قَالَ بن خُزَيْمَةَ رُوِيَتْ فِي ذَاتِ عِرْقٍ أَخْبَارٌ لَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْهَا عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَقَالَ بن الْمُنْذِرِ لَمْ نَجِدْ فِي ذَاتِ عِرْقٍ حَدِيثًا ثَابِتًا انْتَهَى لَكِنَّ الْحَدِيثَ بِمَجْمُوعِ الطُّرُقِ يَقْوَى كَمَا ذَكَرْنَا وَأَمَّا إِعْلَالُ مَنْ أَعَلَّهُ بِأَنَّ الْعرَاق لم تكن فتحت يَوْمئِذٍ فَقَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ هِيَ غَفْلَةٌ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ الْمَوَاقِيتَ لِأَهْلِ النَّوَاحِي قَبْلَ الْفُتُوحِ لَكِنَّهُ عَلِمَ أَنَّهَا سَتُفْتَحُ فَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ انْتَهَى وَبِهَذَا أَجَابَ الْمَاوَرْدِيُّ وَآخَرُونَ لَكِنْ يَظْهَرُ لِي أَنَّ مُرَادَ مِنْ قَالَ لَمْ يَكُنِ الْعِرَاقُ يَوْمَئِذٍ أَيْ لَمْ يَكُنْ فِي تِلْكَ الْجِهَةِ نَاس مُسلمُونَ وَالسَّبَب فِي قَول بن عُمَرَ ذَلِكَ أَنَّهُ رَوَى الْحَدِيثَ بِلَفْظِ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ أَيْنَ تَأْمُرُنَا أَنْ نُهِلَّ فَأَجَابَهُ وَكُلُّ جِهَةٍ عَيَّنَهَا فِي حَدِيث بن عُمَرَ كَانَ مِنْ قِبَلِهَا نَاسٌ مُسْلِمُونَ بِخِلَافِ الْمَشْرِقِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ من وَجه آخر عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ الْعَقِيقَ فَقَدْ تَفَرَّدَ بِهِ يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَإِنْ كَانَ حَفِظَهُ فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ جَابِرٍ وَغَيْرِهِ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا أَنَّ ذَاتَ عِرْقٍ مِيقَاتُ الْوُجُوبِ وَالْعَقِيقَ مِيقَاتُ الِاسْتِحْبَابِ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ وَمِنْهَا أَنَّ الْعَقِيقَ مِيقَاتٌ لِبَعْضِ الْعِرَاقِيِّينَ وَهُمْ أَهْلُ الْمَدَائِنِ وَالْآخَرُ مِيقَاتٌ لِأَهْلِ الْبَصْرَةِ وَقَعَ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ لِأَنَسٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَمِنْهَا أَنَّ ذَاتَ عِرْقٍ كَانَتْ أَوَّلًا فِي مَوْضِعِ الْعَقِيقِ الْآنَ ثُمَّ حُوِّلَتْ وَقُرِّبَتْ إِلَى مَكَّةَ فَعَلَى هَذَا فَذَاتُ عِرْقٍ وَالْعَقِيقُ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَيَتَعَيَّنُ الْإِحْرَامُ مِنَ الْعَقِيقِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ وَإِنَّمَا قَالُوا يسْتَحبّ إحتياطا وَحكى بن الْمُنْذِرِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ أَنَّهُ كَانَ يُحْرِمُ مِنَ الرَّبَذَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاسِمِ بْنِ عبد الرَّحْمَن وخصيف الْجَزرِي قَالَ بن الْمُنْذِرِ وَهُوَ أَشْبَهُ فِي النَّظَرِ إِنْ كَانَتْ ذَاتُ عِرْقٍ غَيْرَ مَنْصُوصَةٍ وَذَلِكَ أَنَّهَا تُحَاذِي ذَا الْحُلَيْفَةِ وَذَاتُ عِرْقٍ بَعْدَهَا وَالْحُكْمُ فِيمَنْ لَيْسَ لَهُ مِيقَاتٌ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَوَّلِ مِيقَاتٍ يُحَاذِيهِ لَكِنْ لَمَّا سَنَّ عُمَرُ ذَاتَ عِرْقٍ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ الْعَمَلُ كَانَ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ لَيْسَ لَهُ مِيقَاتٌ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ إِذَا حَاذَى مِيقَاتًا مِنْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ الْخَمْسَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّهَا مُحِيطَةٌ بِالْحَرَمِ فَذُو الْحُلَيْفَةِ شَامِيَّةٌ وَيَلَمْلَمُ يَمَانِيَةٌ فَهِيَ مُقَابِلُهَا وَإِنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا أَقْرَبَ إِلَى مَكَّةَ مِنَ الْأُخْرَى وَقَرْنٌ شَرْقِيَّةٌ وَالْجُحْفَةُ غَرْبِيَّةٌ فَهِيَ مُقَابِلُهَا وَإِنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا كَذَلِكَ وَذَاتُ عِرْقٍ تُحَاذِي قَرْنًا فَعَلَى هَذَا فَلَا تَخْلُو بُقْعَةٌ مِنْ بِقَاعِ الْأَرْضِ مِنْ أَنْ تُحَاذِيَ مِيقَاتًا مِنْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ فَبَطَلَ قَوْلُ مَنْ قَالَ مَنْ لَيْسَ لَهُ مِيقَاتٌ وَلَا يُحَاذِي مِيقَاتًا هَلْ يُحْرِمُ مِنْ مِقْدَارٍ أَبْعَدَ مِنَ الْمَوَاقِيتِ أَوْ أَقْرَبَهَا ثُمَّ حَكَى فِيهِ خِلَافًا وَالْفَرْضُ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ لَا تَتَحَقَّقُ لِمَا قُلْتُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَائِلُهُ فَرَضَهُ فِيمَنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْمُحَاذَاةِ كَمَنْ يَجْهَلُهَا وَقَدْ نَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُحْرِمَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ اعْتِبَارًا بِقَوْلِ عُمَرَ هَذَا فِي تَوْقِيتِهِ ذَاتَ عِرْقِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ عُمَرَ إِنَّمَا حَدَّهَالِأَنَّهَا تُحَاذِي قَرْنًا وَهَذِهِ الصُّورَةُ إِنَّمَا هِيَ حَيْثُ يَجْهَلُ الْمُحَاذَاةَ فَلَعَلَّ الْقَائِلَ بِالْمَرْحَلَتَيْنِ أَخَذَ بِالْأَقَلِّ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَيْهِ مَشْكُوكٌ فِيهِ لَكِنَّ مُقْتَضَى الْأَخْذِ بِالِاحْتِيَاطِ أَنْ يُعْتَبَرَ الْأَكْثَرُ الْأَبْعَدُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ مَنْ عَنْ يَمِينِ الْكَعْبَةِ وَبَيْنَ مَنْ عَنْ شِمَالِهَا لِأَنَّ الْمَوَاقِيتَ الَّتِي عَنْ يَمِينِهَا أَقْرَبُ مِنَ الَّتِي عَنْ شِمَالِهَا فَيُقَدَّرُ لِلْيَمِينِ الْأَقْرَبُ وَلِلشِّمَالِ الْأَبْعَدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ إِنَّ مَشْرُوعِيَّةَ الْمُحَاذَاةِ مُخْتَصَّةٌ بِمَنْ لَيْسَ لَهُ أَمَامَهُ مِيقَاتٌ مُعَيَّنٌ فَأَمَّا مَنْ لَهُ مِيقَاتٌ مُعَيَّنٌ كَالْمِصْرِيِّ مَثَلًا يَمُرُّ بِبَدْرٍ وَهِيَ تُحَاذِي ذَا الْحُلَيْفَةِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْهَا بَلْ لَهُ التَّأْخِيرُ حَتَّى يَأْتِيَ الْجُحْفَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. تَنْبِيهٌ الْعَقِيقُ الْمَذْكُورُ هُنَا وَادٍ يَتَدَفَّقُ مَاؤُهُ فِي غَوْرَيْ تِهَامَةَ وَهُوَ غَيْرُ الْعَقِيقِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ بَابَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ (قَوْلُهُ بَابٌ) كَذَا فِي الْأُصُولِ بِغَيْرِ تَرْجَمَةٍ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْفَصْلِ مِنَ الْأَبْوَابِ الَّتِي قَبْلَهُ وَمُنَاسَبَتُهُ لَهَا مِنْ جِهَةِ دَلَالَةِ حَدِيثِهِ عَلَى اسْتِحْبَابِ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ إِرَادَةِ الْإِحْرَامِ مِنَ الْمِيقَاتِ وَقَدْ تَرْجَمَ عَلَيْهِ بَعْضُ الشَّارِحِينَ نُزُولُ الْبَطْحَاءِ وَالصَّلَاةُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَحَكَى الْقُطْبُ أَنَّهُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ قَالَ وَسَقَطَ فِي نُسْخَةِ سَمَاعِنَا لَفْظُ بَابٌ وَفِي شَرْحِ بن بَطَّالٍ الصَّلَاةُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ

    [1531] حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ "لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ الْمِصْرَانِ أَتَوْا عُمَرَ فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَدَّ لأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا، وَإِنَّا إِنْ أَرَدْنَا قَرْنًا شَقَّ عَلَيْنَا. قَالَ: فَانْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ. فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ". وبالسند قال (حدثني) بالإفراد (علي بن مسلم) بضم وسكون السين المهملة ابن سعيد الطوسي سكن بغداد (قال: حدّثنا عبد الله بن نمير) بضم النون وفتح الميم مصغرًا قال: (حدّثنا عبيد الله) بتصغير عبد بن عمر حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب (عن نافع) مولى ابن عمر (عن ابن عمر) بن الخطاب (-رضي الله عنهما- قال): (لما فتح هذان المصران) بضم فاء فتح مبنيًّا للمفعول وهذان نائب عن الفاعل والمصران البصرة والكوفة صفة له، ولأبي ذر عن الكشميهني: فتح هذين المصرين بفتح الفاء مبنيًّا للفاعل وهذين المصرين بالنصب على حذف الفاعل أي لا فتح الله، وكذا ثبت في رواية أبي نعيم في مستخرجه وجزم به عياض (أتوا عمر) -رضي الله عنه- (فقالوا: يا أمير المؤمنين إن رسول إلله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حدّ لأهل نجد قرنًا وهو جورٌ) بفتح الجيم وسكون الواو ثم راء أي مائل (عن طريقنا، وإنا إن أردنا شق علينا) (قال) عمر: (فانظروا حذوها) بفتح الحاء المهملة وسكون الذال المعجمة وفتح الواو أو ما يحاذيها (من طريقكم)، التي تسلكونها إلى مكة من غير ميل فاجعلوه ميقاتًا (فحدّ لهم) عمر -رضي الله عنه- (ذات عرق) وهو الجبل الصغير، وقيل العرق من الأرض السبخة تنبت الطرفاء، وبينها وبين مكة اثنان وأربعون ميلاً باجتهاده. ويؤيده رواية الشافعي من طريق أبي الشعثاء قال: لم يوقت رسول الله لأهل المشرق شيئًا فاتخذ بحيال قرن ذات عرق انتهى. نعم روى مسلم في صحيحه عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن المهل فقال: سمعت أحسبه رفع الحديث إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فذكر الحديث، وفيه: ومهل أهل العراق ذات عرق، لكن قال النووي في شرح مسلم إنه غير ثابت لعدم جزمه برفعه. وأجيب: بأن قوله أحسبه معناه أظنه والظن في باب الرواية يتنزل منزلة اليقين وليس ذلك قادحًا في رفعه، وأيضًا فلو لم يصرّح برفعه لا يقينًا ولا ظنًّا فهو منزل منزلة المرفوع لأن هذا لا يقال من قبل الرأي وإنما يؤخذ توقيفًا من الشارع، لا سيما وقد ضمه جابر إلى المواقيت المنصوص عليها يقينًا باتفاق، وقد أخرجه أحمد من رواية ابن لهيعة وابن ماجة من رواية إبراهيم بن يزيد كلاهما عن أبي الزبير ولم يشكا في رفعه، ووقع في حديث عائشة عند أبي داود والنسائي بإسناد صحيح كما قاله النووي أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقت لأهل العراق ذات عرق لكن الإمام أحمد كان ينكر على أفلح بن حميد هذا الحديث، نعم قال ابن عدي قد حدّث عنه ثقات الناس وهو عندي صالح وأحاديثه مستقيمة كلها وصححه الذهبي وقال العراقي إن إسناده جيد. وروى أحمد والدارقطني من حديث الحجاج بن أرطأة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه قال: وقت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فذكر الحديث وفيه وقال: لأهل العراق وذات عرق. فهذه الأحاديث وإن كان في كل منها ضعف فمجموعها لا يقصر عن درجة الاحتجاج به. وأما ما أخرجه أبو داود والترمذي عن ابن عباس أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقت لأهل المشرق العقيق، فقد تفرد به يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف باتفاق المحدثين وإن كانحفظه فقد يجمع بينه وبين بقية الأحاديث في التوقيت من ذات عرق بأن ذات عرق ميقات الإيجاب والعقيق ميقات الاستحباب فالإحرام منه أفضل وأحوط لأنه أبعد من ذات عرق، فإن جاوزه وأحرم من ذات عرق جاز وبأن ذات عرق ميقات لبعض أهل العراق والعقيق ميقات لبعضهم. ويؤيده حديث الطبراني في الكبير عن أنس أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقت لأهل المدائن العقيق، ولأهل البصرة ذات عرق الحديث، وفيه أبو ظلال هلال بن يزيد وثقه ابن حبان وضعفه الجمهور. والعقيق: واد فوق ذات عرق بينه وبين مكة مرحلتان. 14 - باب هذا (باب) بالتنوين بغير ترجمة فهو بمنزلة الفصل من سابقه، ووجه المناسبة بينهما دلالة الحديث الآتي إن شاء الله تعالى على استحباب صلاة ركعتين عند إرادة الإحرام من الميقات، ولأبي الوقت، كما رأيته في بعض الأصول المعتمدة باب: الصلاة بذي الحليفة.

    (بابٌُ ذَاتَ عِرْقٍ لأهلِ العِرَاقِ)يجوز فِي: بابُُ، الْإِضَافَة وَالْقطع. أما الأول: فتقديره: هَذَا بابُُ فِي بَيَان أَن ذَات عرق مهل أهل الْعرَاق، وَأما تَقْدِير الثَّانِي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ ذَات عرق لأهل الْعرَاق، وَذَات غرق بِكَسْر الْعين، وَقد فسرناها فِي: بابُُ مِيقَات أهل الْمَدِينَة، سمي بذلك لِأَن فِيهِ عرقا، وَهُوَ الْجَبَل الصَّغِير، وَهِي أَرض سبخَة تنْبت الطرفاء. وَقَالَ الْكرْمَانِي فِي مَنَاسِكه: ذَات عرق أول بِلَاد تهَامَة ودونها بميلين وَنصف مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهِي لبني هِلَال بن عَامر بن صعصعة، وَبهَا بركَة تعرف بقصر الوصيف، وَبهَا من الْآبَار الْكِبَار ثَلَاثَة آبار وآبار صغَار كَثِيرُونَ وبقربه قبر أبي رِغَال، وبالقرب مِنْهَا بُسْتَان مِنْهُ إِلَى مَكَّة ثَمَانِيَة عشر ميلًا.وَفِي (الموعب) لِابْنِ التياني: الْعرَاق الَّذِي يَجْعَل على ملتقى طرفِي الْجلد إِذا خرز فِي أَسْفَل الْقرْبَة، وَبِه سمي الْعرَاق لِأَنَّهُ بَين الْبر والريف، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الْعرَاق بِلَاد تذكر وتؤنث، وَيُقَال: هُوَ فَارسي مُعرب، وَزعم ابْن حوقل فِي (كتاب الْبلدَانِ) تأليفه: أَن حد الْعرَاق من تكريت إِلَى عبادان، وَعرضه من الْقَادِسِيَّة إِلَى الْكُوفَة وبغداد إِلَى حلوان، وَعرضه بنواحي وَاسِط من سَواد وَاسِط إِلَى قريب الطّيب، وبنواحي الْبَصْرَة من الْبَصْرَة إِلَى حُدُود جِيءَ، وَالَّذِي يطِيف بِحُدُودِهِ من تكريت فِيمَا يَلِي الْمشرق حَتَّى يجوز بِحُدُودِهِ شهر زور، ثمَّ يمر على حُدُود حلوان وحدود السيروان والضميرة وَالطّيب والسوس حَتَّى يَنْتَهِي إِلَى حُدُود جِيءَ، ثمَّ إِلَى الْبَحْر فَيكون فِي هَذَا الْحَد من تكريت إِلَى الْبَحْر تقويس، وَيرجع على حد الغرب من وَرَاء الْبَصْرَة فِي الْبَادِيَة على سَواد الْبَصْرَة وبطائحها إِلَى وَاسِط، ثمَّ على سَواد الْكُوفَة وبطائحها إِلَى الْكُوفَة، ثمَّ على ظهر الْفُرَات إِلَى الأنبار ثمَّ من الأنبار إِلَى حد تكريت بَين دجلة والفرات من هَذَا الْحَد من الْبَحْر على الأنبار إِلَى تكريت تقويس أَيْضا، فَهَذَا الْمُحِيط بحدود الْعرَاق، وَهُوَ من تكريت إِلَى الْبَحْر مِمَّا يَلِي الْمشرق على تقويسه نَحْو شهر، وَمن الْبَحْر رَاجعا فِي حد الْمغرب على تقويسه إِلَى تكريت إِلَى الْبَحْر بِنَحْوِ شهر أَيْضا، وَعرضه على مَا سَمِعت بَغْدَاد من حلوان إِلَى الْقَادِسِيَّة إِحْدَى عشرَة مرحلة، وعَلى قسمه سر من رأى من دجلة إِلَى شهر زور والجبل نَحْو خمس مراحل، وَالْعرض بواسط إِلَى نواحي خورستان نَحْو أَربع مراحل.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:1470 ... ورقمه عند البغا:1531 ]
    - حدَّثني عَلِيُّ بنُ مُسْلِمٍ قَالَ حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدثنَا عُبَيْدُ الله عنْ نَافِعٍ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. قَالَ لَمَّا فُتِحَ هاذانِ المِصْرَانِ أتَوْا عُمَرَ فقالُوا يَا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ إنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَدَّ لأِهْلِ نَجْدٍ قَرْنا وَهْوَ جَوْرٌ عنْ طَرِيقِنَا وإنَّا أرَدْنَا قَرْنا شَقَّ عليْنَا قَالَ فانْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ.مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: فحد لَهُم ذَات عرق.ذكر رِجَاله: وهم: سِتَّة: الأول: عَليّ بن مُسلم، بِلَفْظ إسم الْفَاعِل من الْإِسْلَام: ابْن سعيد أَبُو الْحسن، مَاتَ سنة ثَلَاث وَخمسين وَمِائَتَيْنِ. الثَّانِي: عبد الله بن نمير، بِضَم النُّون وَفتح الْمِيم، مصغر
    نمر، مر فِي أول: بابُُ التَّيَمُّم. الثَّالِث: عبيد الله بن عمر بن حَفْص بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَبُو عُثْمَان الْقرشِي الْعَدوي. الرَّابِع: نَافِع مولى ابْن عمر. الْخَامِس: عبد الله بن عمر بن الْخطاب. السَّادِس: عمر بن الْخطاب أَمِير الْمُؤمنِينَ.ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْإِفْرَاد فِي مَوضِع وَاحِد وبصيغة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: أَن شَيْخه من أَفْرَاده وَأَنه طوسي سكن بَغْدَاد وَعبد الله بن نمير كُوفِي وَعبيد الله وَنَافِع مدنيان.ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (لما فتح هَذَانِ المصران) فتح فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين بِضَم الْفَاء على بِنَاء مَا لم يسم فَاعله، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني بِفَتْح الْفَاء على الْبناء للْفَاعِل، وهذين المصرين، مَفْعُوله، وطوى ذكر الْفَاعِل للْعلم بِهِ، وَالتَّقْدِير: لما فتح الله هذَيْن المصرين، وَكَذَا ثَبت فِي رِوَايَة أبي نعيم فِي (الْمُسْتَخْرج) ، وَبِه جزم القَاضِي عِيَاض. وَقَالَ ابْن مَالك: تنَازع فِيهِ الفعلان، وهما: فتح وَأتوا، وأعمل الثَّانِي. والمصران تَثْنِيَة مصر، وَأَرَادَ بهما: الْبَصْرَة والكوفة. فَإِن قلت: هما من تمصير الْمُسلمين، وبنيتا فِي أَيَّام عمر بن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أما الْكُوفَة فَإِنَّهَا بنيت سنة أَربع عشرَة وَأما الْبَصْرَة فَكَذَلِك مَدِينَة إسلامية بنيت فِي أَيَّام عمر ابْن الْخطاب فِي سنة سبع عشرَة، وَكَيف يُقَال لما فتح هَذَانِ المصران؟ قلت: المُرَاد بفتحهما غَلَبَة الْمُسلمين على مَكَان أرضهما، وَبَين الْبَصْرَة والكوفة ثَمَانُون فرسخا، وَلَيْسَ فِيهَا مزدرع على الْمَطَر أصلا لِكَثْرَة أنهارها، والكوفة على ذِرَاع من الْفُرَات خَارج جَانِبي الْفُرَات وغربيها. قَوْله: (وَهُوَ جور) ، بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْوَاو وَفِي آخِره رَاء أَي: ميل، والجور: الْميل عَن الْقَصْد. قَوْله: (فانظروا حذوها) بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الذَّال الْمُعْجَمَة وَفتح الْوَاو، بِمَعْنى: الْحذاء، وَالْمعْنَى اعتبروا مَا يُقَابل من الأَرْض الَّتِي تسلكونها من غير ميل فاجعلوها ميقاتا. قَوْله: (فحد لَهُم) أَي: حد ذَات عرق لَهُم أَي لهَؤُلَاء الَّذين سَأَلُوا.ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: احْتج بِهِ طَاوُوس وَابْن سِيرِين وَجَابِر بن زيد على أَن أهل الْعرَاق لَا وَقت لَهُم كوقت سَائِر الْبلدَانِ، وَإِنَّمَا يهلون من الْمِيقَات الَّذِي يأْتونَ عَلَيْهِ من الْمَوَاقِيت الْمَذْكُورَة. وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: أجمع عوام أهل الْعلم على القَوْل بِظَاهِر حَدِيث ابْن عمر، وَاخْتلفُوا فِيمَا يفعل من مر بِذَات عرق، فَثَبت أَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وقته لأهل الْعرَاق وَلَا يثبت فِيهِ شَيْء عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قلت: وَالصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الْإِثْبَات أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هُوَ الَّذِي وقته على حسب مَا علمه بِالْوَحْي من فتح الْبلدَانِ والأقطار لأمته، وَقد قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (زويت لي الأَرْض فَأريت مشارقها وَمَغَارِبهَا) . وَقَالَ جُمْهُور الْعلمَاء من التَّابِعين وَمن بعدهمْ وَأَبُو حنيفَة وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر: إِن مِيقَات أهل الْعرَاق ذَات عرق، إلاَّ أَن الشَّافِعِي اسْتحبَّ أَن يحرم الْعِرَاقِيّ من العقيق الَّذِي بحذاء ذَات عرق، وَقَالَ فِي (الْأُم) : لم يثبت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه حد ذَات عرق، وَإِنَّمَا أجمع عَلَيْهِ النَّاس، وَهَذَا يدل على أَن مِيقَات ذَات عرق لَيْسَ مَنْصُوصا عَلَيْهِ. وَبِه قطع الْغَزالِيّ والرافعي فِي (شرح الْمسند) وَالنَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم وَكَذَا وَقع فِي الْمُدَوَّنَة لمَالِك رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قلت: صححت الْحَنَفِيَّة والحنابلة وَجُمْهُور الشَّافِعِيَّة والراقعي فِي (الشَّرْح الصَّغِير) وَالنَّوَوِيّ فِي (شرح الْمُهَذّب) : أَنه مَنْصُوص عَلَيْهِ، وَاحْتَجُّوا على ذَلِك بِمَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن دَاوُد، قَالَ: حَدثنَا خَالِد بن يزِيد وَهِشَام بن بهْرَام الْمَدَائِنِي، قَالَا: حَدثنَا الْمعَافي بن عمرَان عَن أَفْلح بن حميد عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقَّت لأهل الْمَدِينَة ذَا الحليفة، وَلأَهل الشَّام ومصر الْجحْفَة، وَلأَهل الْعرَاق ذَات عرق، وَلأَهل الْيمن بلملم. وَأخرجه النَّسَائِيّ: أخبرنَا عَمْرو بن مَنْصُور، قَالَ: حَدثنَا هِشَام بن بهْرَام إِلَى آخِره، وَبِحَدِيث جَابر أخرجه مُسلم، وَفِيه: مهلَّ أهل الْعرَاق ذَات عرق، وَأخرجه الطَّحَاوِيّ أَيْضا وَلَفظه: وَلأَهل الْعرَاق ذَات عرق. وَأخرج الطَّحَاوِيّ أَيْضا من حَدِيث أنس بن مَالك أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقَّت لأهل الْمَدِينَة ذَا الحليفة، وَلأَهل الشَّام الْجحْفَة، وَلأَهل الْيمن يَلَمْلَم، وَلأَهل الْبَصْرَة ذَات عرق، وَلأَهل الْمَدَائِن العقيق. وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ أَيْضا، ثمَّ قَالَ الطَّحَاوِيّ: فقد ثَبت عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَذِهِ الْآثَار من وَقت أهل الْعرَاق، كَمَا ثَبت من وَقت من سواهُم. وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: اخْتلفُوا فِي الْمَكَان الَّذِي يحرم من أَتَى من الْعرَاق على ذَات عرق، فَكَانَ أنس يحرم من العقيق، وَاسْتحبَّ ذَلِك الشَّافِعِي، وَكَانَ مَالك وَإِسْحَاق وَأحمد وَأَبُو ثَوْر وَأَصْحَاب الرَّأْي يرَوْنَ الْإِحْرَام من ذَات عرق. وَقَالَ أَبُو بكر: الْإِحْرَام من ذَات عرق يجزيء، وَهُوَ من العقيق أحوط. وَقد كَانَ الْحسن بن صَالح
    يحرم من الربذَة، وَرُوِيَ ذَلِك عَن حصيف وَالقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن، والعقيق، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَكسر الْقَاف. وَقَالَ الْبكْرِيّ: على وزن فعيل: عقيقان، عقيق بني عقيل على مقربة من عقيق الْمَدِينَة الَّذِي بِقرب البقيع على لَيْلَتَيْنِ من الْمَدِينَة. وَقَالَ ياقوت: العقيق عشرَة مَوَاضِع، وعقيقا الْمَدِينَة أشهرها وَأكْثر مَا يذكر فِي الْأَشْعَار فإياهما، وَقَالَ الْحسن بن مُحَمَّد المهلبي: بَين العقيق وَالْمَدينَة أَرْبَعَة أَمْيَال، وَعَن الْأَصْمَعِي: الأعقة الأودية. وَفِي (التَّلْوِيح) : حَدثنَا عبد الله بن عُرْوَة حَدثنَا زُهَيْر بن مُحَمَّد العابد حَدثنِي أَبُو عَاصِم عَن سُفْيَان عَن يزِيد عَن مُحَمَّد بن عَليّ عَن ابْن عَبَّاس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وقَّتَ لأهل الْعرَاق بطن العقيق. قَالَ أَبُو مَنْصُور: أَرَادَ العقيق الَّذِي بحذاء ذَات عرق.<

    حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ـ رضى الله عنهما ـ قَالَ لَمَّا فُتِحَ هَذَانِ الْمِصْرَانِ أَتَوْا عُمَرَ فَقَالُوا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حَدَّ لأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، وَهُوَ جَوْرٌ عَنْ طَرِيقِنَا، وَإِنَّا إِنْ أَرَدْنَا قَرْنًا شَقَّ عَلَيْنَا‏.‏ قَالَ فَانْظُرُوا حَذْوَهَا مِنْ طَرِيقِكُمْ‏.‏ فَحَدَّ لَهُمْ ذَاتَ عِرْقٍ‏.‏

    Narrated Ibn `Umar:When these two towns (Basra and Kufa) were captured, the people went to `Umar and said, "O the Chief of the faithful believers! The Prophet (ﷺ) fixed Qarn as the Miqat for the people of Najd, it is beyond our way and it is difficult for us to pass through it." He said, "Take as your Miqat a place situated opposite to Qarn on your usual way. So, he fixed Dhatu-Irq (as their Miqat)

    Telah menceritakan kepada saya ['Ali bin Muslim] telah menceritakan kepada kami ['Abdullah bin Namir] telah menceritakan kepada kami ['Ubaidullah] dari [Nafi'] dari [Ibnu 'Umar radliallahu 'anhuma] berkata: Ketika negeri Mesir telah ditaklukan, penduduknya datang menghadap 'Umar lalu mereka berkata: "Wahai Amirul Mukminin, Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam telah menetapkan batas miqat bagi penduduk Nejd di Qarnul Manazil, dan itu sangat jauh bila dilihat dari jalan kami, dan bila kami ingin menempuh ke sana sangat memberatkan kami". Maka dia ('Umar) berkata: "Perhatikanlah batas sejajarnya dari jalan kalian". Lalu dia menetapkan miqat mereka di Dzatu 'Irqi

    İbn Ömer r.a. şöyle demiştir: "Şu iki şehir (Basra ve Kufe) fethedildiği zaman oralarda oturan insanlar Ömer'e gelip, 'Ey Mü'minlerin Emiri! Necid için Karn mikat yeri olarak tayin edilmiştir. Oysa orası bizim yolumuza terstir. Karn'dan ihrama girmek istediğimiz zaman bize çok Zor oluyor' dediler. Bunun üzerine Hz. Omer, 'O halde yolunuzun üzerinde başka bir mikat hizasından ihrama girin' dedi ve Zat-ü ırk'ı onlar için mikat yeri olarak belirledi

    ہم سے علی بن مسلم نے بیان کیا، کہا کہ ہم سے عبداللہ بن نمیر نے بیان کیا، کہا کہ ہم سے عبیداللہ عمری نے نافع سے بیان کیا اور ان سے عبداللہ بن عمر رضی اللہ عنہما نے کہ جب یہ دو شہر ( بصرہ اور کوفہ ) فتح ہوئے تو لوگ عمر رضی اللہ عنہ کے پاس آئے اور کہا کہ یا امیرالمؤمنین رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے نجد کے لوگوں کے لیے احرام باندھنے کی جگہ قرن المنازل قرار دی ہے اور ہمارا راستہ ادھر سے نہیں ہے، اگر ہم قرن کی طرف جائیں تو ہمارے لیے بڑی دشواری ہو گی۔ اس پر عمر رضی اللہ عنہ نے فرمایا کہ پھر تم لوگ اپنے راستے میں اس کے برابر کوئی جگہ تجویز کر لو۔ چنانچہ ان کے لیے ذات عرق کی تعیین کر دی۔

    ‘আবদুল্লাহ ইবনু ‘উমার (রাঃ) হতে বর্ণিত। তিনি বলেন, যখন এ শহর দু’টি (কূফা ও বস্রা) বিজিত হলো, তখন সে স্থানের লোকগণ ‘উমার (রাঃ)-এর নিকট এসে নিবেদন করলো, হে আমীরুল মু’মিনীন! আল্লাহর রাসূল সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম নাজদবাসীগণের জন্য (মীকাত হিসেবে) সীমা নির্ধারণ করে দিয়েছেন ক্বারণ, কিন্তু তা আমাদের পথ হতে দূরে। কাজেই আমরা ক্বারণ-সীমা অতিক্রম করতে চাইলে তা হবে আমাদের জন্য অত্যন্ত কষ্টদায়ক। ‘উমার (রাঃ) বললেন, তা‘ হলে তোমরা লক্ষ্য কর তোমাদের পথে ক্বারণ-এর সম দূরত্বরেখা কোন্ স্থানটি? অতঃপর তিনি ‘‘যাতু ‘ইরক্ব’’ মীকাতরূপে নির্ধারণ করেছেন। (আধুনিক প্রকাশনীঃ ১৪৩১, ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ)

    இப்னு உமர் (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: (கூஃபா, பஸ்ரா எனும்) இந்த இரு (இராக்) நகரங்கள் வெற்றி கொள்ளப்பட்ட போது, அங்குள்ளோர் உமர் (ரலி) அவர்களிடம் வந்து, “இறைநம்பிக்கை யாளர்களின் தலைவரே! நபி (ஸல்) அவர்கள் நஜ்த்வாசிகளுக்கு ‘கர்ன்’ எனும் இடத்தை (இஹ்ராம் கட்டும் எல்லையாக) நிர்ணயித்துள்ளார்கள். அது, நாங்கள் (மக்கா விற்கு) செல்லும் பாதையிலிருந்து விலகியுள்ளது. நாங்கள் ‘கர்ன்’ வழியாகச் செல்வதானால் அது மிகவும் சிரமமாகும்” என்றனர். அதற்கு உமர் (ரலி) அவர்கள், “அதற்கு எதிரில் உள்ள ஓரிடத்தை உங்களது பாதையிலேயே கூறுங்கள்” என்றார்கள். பின்பு ‘தாத்து இர்க்’ என அவர்களுக்கு எல்லை நிர்ணயித்தார்கள். அத்தியாயம் :