• 208
  • حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ سُمَيٍّ ، مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الخَامِسَةِ ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً ، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ حَضَرَتِ المَلاَئِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ

    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الخَامِسَةِ ، فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً ، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ حَضَرَتِ المَلاَئِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ "

    الجنابة: الجُنُب : الذي يجب عليه الغُسْل بالجِماع وخُروجِ المّنيّ، والجنَابة الاسْم، وهي في الأصل : البُعْد. وسُمّي الإنسان جُنُبا لأنه نُهِيَ أن يَقْرَب مواضع الصلاة ما لم يَتَطَهَّر. وقيل لمُجَانَبَتِه الناسَ حتى يَغْتَسل
    راح: راح : ذهب
    قرب: قرّب : قدّم
    بدنة: البُدْن والبَدَنَة : تقع على الجمل والناقة والبقرة، وهي بالإبل أشبه، وسميت بدَنةً لِعِظَمِها وسِمْنَها.
    أقرن: أقرن : به قرنان حسنان والقرن عظم صلب ناتئ بجوار الأذن في رءوس البقر والغنم ونحوها
    مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ ، فَكَأَنَّمَا
    لا توجد بيانات

    [881] قَوْلُهُ مَنِ اغْتَسَلَ يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَنْ يَصِحُّ التَّقَرُّبُ مِنْهُ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ قَوْلُهُ غُسْلَ الْجَنَابَةِ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ غُسْلًا كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ وَهُوَ كَقَوْلِه تَعَالَى وَهِي تمر مر السَّحَاب وَفِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ عَنْ سُمَيٍّ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فَاغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ كَمَا يَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ التَّشْبِيهَ لِلْكَيْفِيَّةِ لَا لِلْحُكْمِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَقِيلَ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى الْجِمَاعِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِيَغْتَسِلَ فِيهِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَالْحِكْمَةُ فِيهِ أَنْ تَسْكُنَ نَفْسُهُ فِي الرَّوَاحِ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَا تَمْتَدُّ عَيْنُهُ إِلَى شَيْءٍ يَرَاهُ وَفِيهِ حَمْلُ الْمَرْأَةِ أَيْضًا عَلَى الِاغْتِسَالِ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَعَلَيْهِ حَمَلَ قَائِلُ ذَلِكَ حَدِيثُ مَنْ غَسَّلَ وَاغْتَسَلَ الْمُخَرَّجُ فِي السُّنَنِ عَلَى رِوَايَةِ مَنْ رَوَى غَسَّلَ بِالتَّشْدِيدِ قَالَ النَّوَوِيُّ ذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِلَى هَذَا وَهُوَ ضَعِيفٌ أَوْ بَاطِلٌ وَالصَّوَابُ الأول انْتهى وَقد حَكَاهُ بن قُدَامَةَ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَثَبَتَ أَيْضًا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ إِنَّهُ أَنْسَبُ الْأَقْوَالِ فَلَا وَجْهَ لِادِّعَاءِ بُطْلَانِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَرْجَحَ وَلَعَلَّهُ عَنَى أَنَّهُ بَاطِلٌ فِي الْمَذْهَبِ قَوْلُهُ ثُمَّ رَاحَ زَادَ أَصْحَابُ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى قَوْلُهُ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً أَيْ تَصَدَّقَ بِهَا مُتَقَرِّبًا إِلَى اللَّهِ وَقِيلَ الْمُرَادُ أَنَّ لِلْمُبَادِرِ فِي أَوَّلِ سَاعَةٍ نَظِيرَ مَا لِصَاحِبِ الْبَدَنَةِ مِنَ الثَّوَابِ مِمَّنْ شُرِعَ لَهُ الْقُرْبَانُ لِأَنَّ الْقُرْبَانَ لَمْ يُشْرَعْ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ للامم السالفة وَفِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ الْمَذْكُورَةِ فَلَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ الْجَزُورِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الثَّوَابَ لَوْ تَجَسَّدَ لَكَانَ قَدْرَ الْجَزُورِ وَقِيلَ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ إِلَّا بَيَانَ تَفَاوُتِ الْمُبَادِرِينَ إِلَى الْجُمُعَةِ وَأَنَّ نِسْبَةَ الثَّانِي مِنَ الْأَوَّلِ نِسْبَةُ الْبَقَرَةِ إِلَى الْبَدَنَةِ فِي الْقِيمَةِ مَثَلًا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ فِي مُرْسَلِ طَاوُسٍ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ كَفَضْلِ صَاحِبِ الْجَزُورِ عَلَى صَاحِبِ الْبَقَرَةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ الْآتِيَةِ فِي بَابِ الِاسْتِمَاعِ إِلَى الْخُطْبَةِ بِلَفْظِ كَمِثْلِ الَّذِي يُهْدِي بَدَنَةً فَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُرْبَانِ فِي رِوَايَةِ الْبَابِ الْإِهْدَاءُ إِلَى الْكَعْبَةِ قَالَ الطِّيبِيُّ فِي لَفْظِ الْإِهْدَاءِ إِدْمَاجٌ بِمَعْنَى التَّعْظِيمِ لِلْجُمُعَةِ وَأَنَّ الْمُبَادِرَ إِلَيْهَا كَمَنْ سَاق الْهدىوَالْمُرَادُ بِالْبَدَنَةِ الْبَعِيرُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَالْهَاءُ فِيهَا لِلْوَحْدَةِ لَا لِلتَّأْنِيثِ وَكَذَا فِي بَاقِي مَا ذكر وَحكى بن التِّينِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ يَتَعَجَّبُ مِمَّنْ يَخُصُّ الْبَدَنَةَ بِالْأُنْثَى وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ فِي شَرْحِ أَلْفَاظِ الْمُخْتَصَرِ الْبَدَنَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا مِنَ الْإِبِلِ وَصَحَّ ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ وَأَمَّا الْهَدْيُ فَمِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ هَذَا لَفْظُهُ وَحَكَى النَّوَوِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ الْبَدَنَةُ تَكُونُ مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَكَأَنَّهُ خَطَأٌ نَشَأَ عَنْ سَقْطٍ وَفِي الصِّحَاحِ الْبَدَنَةُ نَاقَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ تُنْحَرُ بِمَكَّةَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمِّنُونَهَا انْتَهَى وَالْمُرَادُ بِالْبَدَنَةِ هُنَا النَّاقَةُ بِلَا خِلَافٍ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْبَدَنَةَ تَخْتَصُّ بِالْإِبِلِ لِأَنَّهَا قُوبِلَتْ بِالْبَقَرَةِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَقَسْمُ الشَّيْءِ لَا يكون قسيمه أَشَارَ إِلَى ذَلِك بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْبَدَنَةُ مِنَ الْإِبِلِ ثُمَّ الشَّرْعُ قَدْ يُقِيمُ مَقَامَهَا الْبَقَرَةَ وَسَبْعًا مِنَ الْغَنَمِ وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ هَذَا فِيمَا إِذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ بَدَنَةٌ وَفِيهِ خِلَافٌ الْأَصَحُّ تَعَيُّنُ الْإِبِلِ إِنْ وُجِدَتْ وَإِلَّا فَالْبَقَرَةُ أَوْ سَبْعٌ مِنَ الْغَنَمِ وَقِيلَ تَتَعَيَّنُ الْإِبِلُ مُطْلَقًا وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ مُطْلَقًا قَوْلُهُ دَجَاجَةً بِالْفَتْحِ وَيَجُوزُ الْكَسْرُ وَحَكَى اللَّيْثُ الضَّمَّ أَيْضًا وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ أَنَّهَا بِالْفَتْحِ مِنَ الْحَيَوَانِ وَبِالْكَسْرِ مِنَ النَّاسِ وَاسْتُشْكِلَ التَّعْبِيرُ فِي الدَّجَاجَةِ وَالْبَيْضَةِ بِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ كَالَّذِي يُهْدِي لِأَنَّ الْهَدْيَ لَا يَكُونُ مِنْهُمَا وَأَجَابَ الْقَاضِي عِيَاضٌ تَبَعًا لِابْنِ بَطَّالٍ بِأَنَّهُ لَمَّا عَطَفَهُ عَلَى مَا قَبْلِهِ أَعْطَاهُ حُكْمَهُ فِي اللَّفْظِ فَيَكُونُ مِنَ الِاتِّبَاعِ كَقَوْلِهِ مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحًا وَتعقبه بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ بِأَنَّ شَرْطَ الِاتِّبَاعِ أَنْ لَا يُصَرِّحَ بِاللَّفْظِ فِي الثَّانِي فَلَا يَسُوغُ أَنْ يُقَالَ مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَمُتَقَلِّدًا رُمْحًا وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْمُشَاكَلَةِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بن الْعَرَبِيُّ بِقَوْلِهِ هُوَ مِنْ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ قرينه وَقَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ قَوْلُهُ قَرَّبَ بَيْضَةً وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى كَالَّذِي يُهْدِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّقْرِيبِ الْهَدْيُ وَيَنْشَأُ مِنْهُ أَنَّ الْهَدْيَ يُطْلَقُ عَلَى مِثْلِ هَذَا حَتَّى لَوِ الْتَزَمَ هَدْيًا هَل يَكْفِيهِ ذَلِك أَولا انْتَهَى وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ الثَّانِي وَكَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ النَّذْرَ هَلْ يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَ جَائِزِ الشَّرْعِ أَوْ وَاجِبِهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكْفِي أَقَلُّ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ وَعَلَى الثَّانِي يُحْمَلُ عَلَى أَقَلِّ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ وَيُقَوِّي الصَّحِيحَ أَيْضًا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْهَدْيِ هُنَا التَّصَدُّقُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظُ التَّقَرُّبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُهُ فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتِ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ اسْتَنْبَطَ مِنْهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ التَّبْكِيرَ لَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ قَالَ وَيَدْخُلُ لِلْمَسْجِدِ مِنْ أَقْرَبِ أَبْوَابِهِ إِلَى الْمِنْبَرِ وَمَا قَالَهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِإِمْكَانِ أَنْ يَجْمَعَ الْأَمْرَيْنِ بِأَنْ يُبَكِّرَ وَلَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَكَانِ الْمُعَدِّ لَهُ فِي الْجَامِعِ إِلَّا إِذَا حَضَرَ الْوَقْتُ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَنْ لَيْسَ لَهُ مَكَانٌ مُعَدٌّ وَزَادَ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ الْآتِيَةِ طَوَوْا صُحُفَهُمْ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِهِ فَإِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ طَوَوُا الصُّحُفَ وَجَاءُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ وَكَأَنَّ ابْتِدَاءَ طَيِّ الصُّحُفِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ خُرُوج الإِمَام وانتهاءه بِجُلُوسِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ أَوَّلُ سَمَاعِهِمْ لِلذِّكْرِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا فِي الْخُطْبَةِ مِنَ الْمَوَاعِظِ وَغَيْرِهَا وَأَوَّلُ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَقَفَتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ يَكْتُبُونَ الأول فَالْأول وَنَحْوه فِي رِوَايَة بن عَجْلَانَ عَنْ سُمَيٍّ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَفِي رِوَايَةِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ بن خُزَيْمَةَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ مَلَكَانِ يَكْتُبَانِ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ فَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ جِنْسُ الْبَابِ وَيَكُونُ مِنْ مُقَابَلَةِ الْمَجْمُوعِ بِالْمَجْمُوعِ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ أَجَازَ التَّعْبِيرَ عَنْ الِاثْنَيْنِ بِلَفْظ الْجمع وَوَقع فِي حَدِيث بن عُمَرَ صِفَةُ الصُّحُفِ الْمَذْكُورَةِ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِليَةِ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ بَعَثَ اللَّهُ مَلَائِكَةً بِصُحُفٍ مِنْ نُورٍ وَأَقْلَامٍ مِنْ نُورٍ الْحَدِيثَ وَهُوَ دَالٌّ عَلَى أَنَّ الْمَلَائِكَةَ الْمَذْكُورِينَ غَيْرُ الْحَفَظَةِ وَالْمُرَادُ بِطَيِّ الصُّحُفِ طَيُّ صُحُفِ الْفَضَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمُبَادَرَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ وَإِدْرَاكِ الصَّلَاةوَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالْخُشُوعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكْتُبهُ الحافظان قطعا وَوَقع فِي رِوَايَة بن عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي آخِرِ حَدِيثِهِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ عِنْد بن مَاجَهْ فَمَنْ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا يَجِيءُ لحق الصَّلَاة وَفِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ عَنْ سُمَيٍّ مِنَ الزِّيَادَةِ فِي آخِرِهِ ثُمَّ إِذَا اسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عِنْد بن خُزَيْمَةَ فَيَقُولُ بَعْضُ الْمَلَائِكَةِ لِبَعْضٍ مَا حَبَسَ فُلَانًا فَتَقُولُ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ ضَالًّا فَاهْدِهِ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا فَأَغْنِهِ وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا فَعَافِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ الْحَضُّ عَلَى الِاغْتِسَالِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَفَضْلُهُ وَفَضْلُ التَّبْكِيرِ إِلَيْهَا وَأَنَّ الْفَضْلَ الْمَذْكُورَ إِنَّمَا يَحْصُلُ لِمَنْ جَمَعَهُمَا وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا أُطْلِقَ فِي بَاقِي الرِّوَايَاتِ مِنْ تَرَتُّبِ الْفَضْلِ عَلَى التَّبْكِيرِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالْغُسْلِ وَفِيهِ أَنَّ مَرَاتِبَ النَّاسِ فِي الْفَضْلِ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِمْ وَأَنَّ الْقَلِيلَ مِنَ الصَّدَقَةِ غَيْرُ مُحْتَقَرٍ فِي الشَّرْعِ وَأَنَّ التَّقَرُّبَ بِالْإِبِلِ أَفْضَلُ مِنَ التَّقَرُّبِ بالبقر وَهُوَ بالِاتِّفَاقِ فىالهدى وَاخْتُلِفَ فِي الضَّحَايَا وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا كَذَلِكَ وَقَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ فَرَّقَ مَالِكٌ بَيْنَ التَّقَرُّبَيْنِ بِاخْتِلَافِ الْمَقْصُودَيْنِ لِأَنَّ أَصْلَ مَشْرُوعِيَّةِ الْأُضْحِيَّةِ التَّذْكِيرُ بِقِصَّةِ الذَّبِيحِ وَهُوَ قَدْ فُدِيَ بِالْغَنَمِ وَالْمَقْصُودُ بِالْهَدْيِ التَّوْسِعَةُ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَنَاسَبَ الْبُدْنَ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْجُمُعَةَ تَصِحُّ قَبْلَ الزَّوَالِ كَمَا سَيَأْتِي نُقِلَ الْخِلَافُ فِيهِ بَعْدَ أَبْوَابٍ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ تَقْسِيمُ السَّاعَةِ إِلَى خَمْسٍ ثُمَّ عُقِّبَ بِخُرُوجِ الْإِمَامِ وَخُرُوجُهُ عِنْدَ أَوَّلِ وَقْتِ الْجُمُعَةِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ يَخْرُجُ فِي أَوَّلِ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ وَهِيَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرَ الْإِتْيَانِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ فَلَعَلَّ السَّاعَةَ الْأُولَى مِنْهُ جُعِلَتْ لِلتَّأَهُّبِ بِالِاغْتِسَالِ وَغَيْرِهِ وَيَكُونُ مَبْدَأُ الْمَجِيءِ مِنْ أَوَّلِ الثَّانِيَةِ فَهِيَ أولى بِالنِّسْبَةِ للمجئ ثَانِيَةً بِالنِّسْبَةِ لِلنَّهَارِ وَعَلَى هَذَا فَآخِرُ الْخَامِسَةِ أَوَّلُ الزَّوَالِ فَيَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الصَّيْدَلَانِيُّ شَارِحُ الْمُخْتَصَرِ حَيْثُ قَالَ إِنَّ أَوَّلَ التَّبْكِيرِ يَكُونُ مِنِ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ وَهُوَ أَوَّلُ الضُّحَى وَهُوَ أَوَّلُ الْهَاجِرَةِ وَيُؤَيِّدُهُ الْحَثُّ عَلَى التَّهْجِيرِ إِلَى الْجُمُعَةِ وَلِغَيْرِهِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ فِي ذَلِكَ وَجْهَانِ اخْتَلَفَ فِيهِمَا التَّرْجِيحُ فَقِيلَ أَوَّلُ التَّبْكِيرِ طُلُوعُ الشَّمْسِ وَقِيلَ طُلُوعُ الْفَجْرِ وَرَجَّحَهُ جَمْعٌ وَفِيهِ نَظَرٌ إِذْ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ التَّأَهُّبُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ يُجْزِئُ الْغُسْلُ إِذَا كَانَ بَعْدَ الْفَجْرِ فَأَشْعَرَ بِأَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقَعَ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ لَمْ يذكرهُ الرَّاوِي وَقد وَقع فِي رِوَايَة بن عَجْلَانَ عَنْ سُمَيٍّ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ عَنْهُ زِيَادَةُ مَرْتَبَةٍ بَيْنَ الدَّجَاجَةِ وَالْبَيْضَةِ وَهِيَ الْعُصْفُورُ وَتَابَعَهُ صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى عَنِ بن عَجْلَانَ أَخْرَجَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيُّ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَخْرَجَهُ حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ فِي التَّرْغِيبِ لَهُ بِلَفْظِ فَكَمُهْدِي الْبَدَنَةِ إِلَى الْبَقَرَةِ إِلَى الشَّاةِ إِلَى عِلْيَةِ الطَّيْرِ إِلَى الْعُصْفُورِ الْحَدِيثَ وَنَحْوُهُ فِي مُرْسَلِ طَاوُسٍ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ وَوَقَعَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ أَيْضًا فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ زِيَادَةُ الْبَطَّةِ بَيْنَ الْكَبْشِ وَالدَّجَاجَةِ لَكِنْ خَالَفَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَهُوَ أَثْبَتُ مِنْهُ فِي مَعْمَرٍ فَلَمْ يَذْكُرْهَا وَعَلَى هَذَا فَخُرُوجُ الْإِمَامِ يَكُونُ عِنْدَ انْتِهَاءِ السَّادِسَةِ وَهَذَا كُلُّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّاعَاتِ مَا يَتَبَادَرُ الذِّهْنُ إِلَيْهِ مِنَ الْعُرْفِ فِيهَا وَفِيهِ نَظَرٌ إِذْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمُرَادَ لَاخْتَلَفَ الْأَمْرُ فِي الْيَوْمِ الشَّاتِي وَالصَّائِفِ لِأَنَّ النَّهَارَ يَنْتَهِي فِي الْقِصَرِ إِلَى عَشْرِ سَاعَاتٍ وَفِي الطُّولِ إِلَى أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَهَذَا الْإِشْكَالُ لِلْقَفَّالِ وَأَجَابَ عَنْهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّاعَاتِ مَا لَا يَخْتَلِفُ عَدَدُهُ بِالطُّولِ وَالْقِصَرِ فَالنَّهَارُ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً لَكِنْ يَزِيدُ كُلٌّ مِنْهَا وَيَنْقُصُ وَاللَّيْلُ كَذَلِكَ وَهَذِهِ تُسَمَّى السَّاعَاتِ الْآفَاقِيَّةَ عِنْدَ أَهْلِ الْمِيقَاتِ وَتِلْكَ التَّعْدِيلِيَّةِ وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مَرْفُوعًا يَوْمُ الْجُمُعَةِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً وَهَذَا وَإِنْ لَمْ يَرِدْ فِي حَدِيثِ التَّبْكِيرِ فَيُسْتَأْنَسُ بِهِ فِي الْمُرَادِبِالسَّاعَاتِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالسَّاعَاتِ بَيَانُ مَرَاتِبِ الْمُبَكِّرِينَ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَى الزَّوَالِ وَأَنَّهَا تَنْقَسِمُ إِلَى خَمْسٍ وَتَجَاسَرَ الْغَزَالِيُّ فَقَسَّمَهَا بِرَأْيِهِ فَقَالَ الْأُولَى مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَالثَّانِيَةُ إِلَى ارْتِفَاعِهَا وَالثَّالِثَةُ إِلَى انْبِسَاطِهَا وَالرَّابِعَةُ إِلَى أَنْ تَرْمَضَ الْأَقْدَامُ وَالْخَامِسَةُ إِلَى الزَّوَالِ وَاعْتَرضهُ بن دَقِيقِ الْعِيدِ بِأَنَّ الرَّدَّ إِلَى السَّاعَاتِ الْمَعْرُوفَةِ أَوْلَى وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِتَخْصِيصِ هَذَا الْعَدَدِ بِالذِّكْرِ مَعْنًى لِأَنَّ الْمَرَاتِبَ مُتَفَاوِتَةٌ جِدًّا وَأَوْلَى الْأَجْوِبَة الأول إِن لم تكن زِيَادَة بن عَجْلَانَ مَحْفُوظَةً وَإِلَّا فَهِيَ الْمُعْتَمَدَةُ وَانْفَصَلَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ عَنِ الْإِشْكَالِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّاعَاتِ الْخَمْسِ لَحَظَاتٌ لَطِيفَةٌ أَوَّلُهَا زَوَالُ الشَّمْسِ وَآخِرُهَا قُعُودُ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ السَّاعَةَ تُطْلَقُ عَلَى جُزْءٍ مِنَ الزَّمَانِ غَيْرِ مَحْدُودٍ تَقُولُ جِئْتُ سَاعَة كَذَا وَبِأَن قَوْله فىالحديث ثُمَّ رَاحَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ الذَّهَابِ إِلَى الْجُمُعَةِ مِنَ الزَّوَالِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الرَّوَاحِ مِنَ الزَّوَالِ إِلَى آخَرِ النَّهَارِ وَالْغُدُوُّ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى الزَّوَالِ قَالَ الْمَازِرِيُّ تَمَسَّكَ مَالِكٌ بِحَقِيقَةِ الرَّوَاحِ وَتَجَوَّزَ فِي السَّاعَةِ وَعَكَسَ غَيْرُهُ انْتَهَى وَقَدْ أَنْكَرَ الْأَزْهَرِيُّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الرَّوَاحَ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ وَنَقَلَ أَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ رَاحَ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ بِمَعْنَى ذَهَبَ قَالَ وَهِيَ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَنَقَلَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْغَرِيبَيْنِ نَحْوَهُ قُلْتُ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الزَّيْنِ بْنِ الْمُنِيرِ حَيْثُ أَطْلَقَ أَنَّ الرَّوَاحِ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْمُضِيِّ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ بِوَجْهٍ وَحَيْثُ قَالَ إِنَّ اسْتِعْمَالَ الرَّوَاحِ بِمَعْنَى الْغُدُوِّ لَمْ يُسْمَعْ وَلَا ثَبَتَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ثُمَّ إِنِّي لَمْ أَرَ التَّعْبِيرَ بِالرَّوَاحِ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ هَذِه عَن سمي وَقد رَوَاهُ بن جُرَيْجٍ عَنْ سُمَيٍّ بِلَفْظِ غَدَا وَرَوَاهُ أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ الْمُتَعَجِّلُ إِلَى الْجُمُعَة كالمهدي بَدَنَة الحَدِيث وَصَححهُ بن خُزَيْمَةَ وَفِي حَدِيثِ سَمُرَةَ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ الْجُمُعَةِ فِي التبكير كناحر الْبَدنَة الحَدِيث أخرجه بن مَاجَهْ وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ غَدَتِ الشَّيَاطِينُ بِرَايَاتِهَا إِلَى الْأَسْوَاقِ وَتَغْدُو الْمَلَائِكَةُ فَتَجْلِسُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَتَكْتُبُ الرَّجُلُ مِنْ سَاعَةٍ وَالرَّجُلُ مِنْ سَاعَتَيْنِ الْحَدِيثَ فَدَلَّ مَجْمُوعُ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّوَاحِ الذَّهَابُ وَقِيلَ النُّكْتَةُ فِي التَّعْبِيرِ بِالرَّوَاحِ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ الْفِعْلَ الْمَقْصُودَ إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الزَّوَالِ فَيُسَمَّى الذَّاهِبُ إِلَى الْجُمُعَة رائحا وان لم يَجِيء وَقْتُ الرَّوَاحِ كَمَا سُمِّيَ الْقَاصِدُ إِلَى مَكَّةَ حَاجا وَقد أَشْتَدّ إِنْكَار أَحْمد وبن حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ مَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ كَرَاهِيَةِ التَّبْكِيرِ إِلَى الْجُمُعَةِ وَقَالَ أَحْمَدُ هَذَا خِلَافُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحْتَجَّ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ أَيْضًا بِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ مَثَلُ الْمُهَجِّرِ لِأَنَّهُ مُشْتَقٌّ من التهجر وَهُوَ السَّيْرُ فِي وَقْتِ الْهَاجِرَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّهْجِيرِ هُنَا التَّبْكِيرُ كَمَا تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَن الْخَلِيل فِي الْمَوَاقِيت وَقَالَ بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُشْتَقًّا مِنَ الْهِجِّيرِ بِالْكَسْرِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ وَهُوَ مُلَازَمَةُ ذِكْرِ الشَّيْءِ وَقِيلَ هُوَ مِنْ هَجَرَ الْمَنْزِلَ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّ مَصْدَرَهُ الْهَجْرُ لَا التَّهْجِيرُ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ الْحَقُّ أَنَّ التَّهْجِيرَ هُنَا مِنَ الْهَاجِرَةِ وَهُوَ السَّيْرُ وَقْتَ الْحَرِّ وَهُوَ صَالِحٌ لِمَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَالِكٍ وَقَالَ التُّورِبِشْتِيُّ جُعِلَ الْوَقْتُ الَّذِي يَرْتَفِعُ فِيهِ النَّهَارُ وَيَأْخُذُ الْحَرُّ فِي الِازْدِيَادِ مِنَ الْهَاجِرَةِ تَغْلِيبًا بِخِلَافِ مَا بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ فَإِنَّ الْحَرَّ يَأْخُذُ فِي الِانْحِطَاطِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى اسْتِعْمَالِهِمُ التَّهْجِيرَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ مَا أنْشد بن الْأَعْرَابِيِّ فِي نَوَادِرِهِ لِبَعْضِ الْعَرَبِ تَهْجُرُونَ تَهْجِيرَ الْفَجْرِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنَّ السَّاعَةَ لَوْ لَمْ تطل للَزِمَ تَسَاوِي الْآتِينَ فِيهَا وَالْأَدِلَّةُ تَقْتَضِي رُجْحَانَ السَّابِقِبِخِلَافِ مَا إِذَا قُلْنَا إِنَّهَا لَحْظَةٌ لَطِيفَةٌ وَالْجَوَابُ مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ أَنَّ التَّسَاوِيَ وَقَعَ فِي مُسَمَّى الْبَدَنَةِ وَالتَّفَاوُتَ فِي صِفَاتِهَا وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي رِوَايَة بن عَجْلَانَ تَكْرِيرَ كُلٍّ مِنَ الْمُتَقَرَّبِ بِهِ مَرَّتَيْنِ حَيْثُ قَالَ كَرَجُلٍ قَدَّمَ بَدَنَةً وَكَرَجُلٍ قَدَّمَ بَدَنَةً الْحَدِيثَ وَلَا يَرِدُ عَلَى هَذَا أَنَّ فِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ وَأَوَّلُ السَّاعَةِ وَآخِرُهَا سَوَاءٌ لِأَنَّ هَذِهِ التَّسْوِيَةَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْبَدَنَةِ كَمَا تَقَرَّرَ وَاحْتَجَّ مَنْ كَرِهَ التَّبْكِيرَ أَيْضًا بِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ تَخَطِّي الرِّقَابِ فِي الرُّجُوعِ لِمَنْ عَرَضَتْ لَهُ حَاجَةٌ فَخَرَجَ لَهَا ثُمَّ رَجَعَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِأَنَّهُ قَاصِدٌ لِلْوُصُولِ لِحَقِّهِ وَإِنَّمَا الْحَرَجُ عَلَى مَنْ تَأَخَّرَ عَنِ الْمَجِيءِ ثُمَّ جَاءَ فَتَخَطَّى وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ بَابٌ) كَذَا فِي الْأَصْلِ بِغَيْرِ تَرْجَمَةٍ وَهُوَ كَالْفَصْلِ مِنَ الْبَابِ الَّذِي قَبِلَهُ وَوَجْهُ تَعَلُّقِهِ بِهِ أَنَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنَ ادَّعَى إِجْمَاعَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى تَرْكِ التَّبْكِيرِ إِلَى الْجُمُعَةِ لِأَنَّ عُمَرَ أَنْكَرَ عَدَمَ التَّبْكِيرِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَكِبَارِ التَّابِعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَوَجْهُ دُخُولِهِ فِي فَضْلِ الْجُمُعَةِ مَا يَلْزَمُ مِنْ إِنْكَارِ عُمَرَ عَلَى الدَّاخِلِ احْتِبَاسَهُ مَعَ عِظَمِ شَأْنِهِ فَإِنَّهُ لَوْلَا عِظَمُ الْفَضْلِ فِي ذَلِكَ لَمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِ وَإِذَا ثَبَتَ الْفَضْلُ فِي التَّبْكِيرِ إِلَى الْجُمُعَةِ ثَبَتَ الْفَضْلُ لَهَا

    [881] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ سُمَىٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ حَضَرَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ». وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (قال: أخبرنا مالك) الإمام (عن سميّ) بضم المهملة وفتح الميم (مولى أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي صالح) ذكوان (السمان) نسبة إلى بيعه، (عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال): (من اغتسل يوم الجمعة) من ذكر أو أنثى، حرّ أو عبد (غسل الجنابة) بنصب اللام، صفة لمصدر محذوف، أي: غسلاً كغسل الجنابة. وعند عبد الرزاق من رواية ابن جريج، عن سميّ: "فاغتسل أحدكم كما يغتسل من الجنابة" فالتشبيه للكيفية لا للحكم، أو أشار به إلى الجماع يوم الجمعة، ليغتسل فيه من الجنابة، ليكون أغضّ لبصره، وأسكن لنفسه في الرواح إلى الجمعة. ولا تمتد عينه إلى شيء يراه (ثم راح) أي ذهب، زاد في الموطأ: في الساعة الأولى. وصحح النووي، رحمه الله وغيره، إنها من طلوع الفجر، لأنه أول اليوم شرعًا: لكن يلزم منه أن يكون التأهب قبل طلوع الفجر. وقد قال الشافعي، رحمه الله: يجزئ الغسل إذا كان بعد الفجر، فأشعر بأن الأولى أن يقع بعد ذلك. (فكأنما قرّب بدنة) من الإبل، ذكرًا أم أُنثى، والتاء للوحدة لا للتأنيث، أي: تصدق بها متقربًا إلى الله تعالى. وفي رواية ابن جريج عند عبد الرزاق: فله من الأجر مثل الجزور، وظاهره: أن الثواب لو تجسد لكان قدر الجزور. (ومن راح في الساعة الثانية، فكأنما قرّب بقرة) ذكرًا أو أُنثى، والتاء للوحدة، (ومن راح في الساعة الثالثة، فكأنما قرب كبشًا) ذكرًا (أقرن) وصفه به لأنه أكمل وأحسن صورة، ولأن قرنه ينتفع به. وفي رواية النسائي: ثم كالمهدي شاة. (ومن راح في الساعة الرابعة، فكأنماقرب دجاجة) بتثليث الدال والفتح هو الفصيح (ومن راح في الساعة الخامسة، فكأنما قرب بيضة). استشكل التعبير: بالدجاجة والبيضة بقوله، في رواية الزهري: كالذي يهدي، لأن الهدي لا يكون منهما. وأجيب: بأنه من باب المشاكلة، أي من تسمية الشيء، باسم قرينه، والمراد بالهدي هنا التصدق، كما دلّ عليه لفظ: قرب وهو يجوز بهما. والمراد بالساعات عند الجمهور من أوّل النهار، وهو قول الشافعي رحمه الله، وابن حبيب من المالكية، وليس المراد من الساعات الفلكية الأربعة والعشرين التي قسم عليها الليل والنهار، بل ترتيب درجات السابقين على من يليهم في الفضيلة، لئلا يستوي فيه رجلان جاءا في طرفي ساعة، ولأنه لو أريد ذلك لاختلف الأمر في اليوم الشاتي والصائف. وقال في شرح المهذّب، وشرح مسلم: بل المراد الفلكية، لكن بدنة الأوّل أكمل من بدنة الأخير، وبدنة المتوسط متوسطة، فمراتبهم متفاوتة، وإن اشتركوا في البدنة مثلاً، كما في درجات صلاة الجماعة الكثيرة والقليلة، وحينئذٍ فمراده بساعات النهار الفلكية اثنتا عشرة زمانية صيفًا أو شتاءً. وقد روى النسائي مرفوعًا: يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة. وقال الماوردي: إنه من طلوع الشمس موافقة لأهل الميقات، ليكون ما قبل ذلك من طلوع الفجر زمان غسل وتأهب. واستشكل بأن الساعات ست لا خمس، والجمعة لا تصح في السادسة بل في السابعة. نعم، عند النسائي بإسناد صحيح بعد الكبش: بطة، ثم دجاجة ثم بيضة. وفي أخرى: دجاجة ثم عصفورًا، ثم بيضة. ومعلوم أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يخرج إلى الجمعة متصلاً بالزوال، وهو بعد انقضاء الساعة السادسة. وفي حديث واثلة عند الطبراني في الكبير مرفوعًا: "إن الله تعالى يبعث الملائكة يوم الجمعة على أبواب المسجد يكتبون القوم: الأول والثاني والثالث والرابع والخامس والسادس، فإذا بلغوا السابع كانوا بمنزلة من قرب العصافير". وقال مالك، رحمه الله، وإمام الحرمين، والقاضي حسين: إنها لحظات لطيفة بعد الزوال، لأن الرواح لغة لا يكون إلا من الزوال، والساعة في اللغة الجزء من الزمان، وحملها على الزمانية التي يقسم النهار فيها إلى اثني عشر جزءًا يبعد إحالة الشرع عليه لاحتياجه إلى حساب ومراجعة آلات تدل عليه، ولأنه عليه الصلاة والسلام قال: إذا كان يوم الجمعة قام على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الناس الأول فالأول، فالمتهجر إلى الجمعة كالمهدي بدنة، الحديث. فإن قالوا: قد تستعمل الهاجرة في غير موضعها فيجب الحمل عليه جمعًا. قلنا: ليس إخراجها عن ظاهرها بأولى من إخراج الساعة الأولى عن ظاهرها، فإذا تساويا على ما زعمت فما أرجح؟ قلت: عمل الناس جيلاً بعد جيل، لم يعرف أن أحدًا من الصحابة رضي الله عنهم كان يأتي المسجد لصلاة الجمعة عند طلوع الشمس، ولا يمكن حمل حالهم على ترك هذه الفضيلة العظيمة. اهـ. وأجيب: بأن الرواح، كما قاله الأزهري، يطلق لغة على الذهاب، سواء كان أول النهار أو آخره أو الليل، وهذا هو الصواب الذي يقتضيه الحديث، والمعنى: فدلّ على أنه لا فضيلة لمن أتى بعد الزوال، لأن التخلّف بعد النداء حرام، ولأن ذكر الساعات إنما هو للحثّ على التبكير إليها والترغيب في فضيلة السبق، وتحصيل الصف الأول، وانتظارها والاشتغال بالتنفل والذكر ونحوه، وهذا كله لا يحصل بالذهاب بعد الزوال. وحكى الصيدلاني: أنه من ارتفاع النهار وهو وقت الهجير. (فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة) الذين وظيفتهم كتابة حاضري الجمعة، وما تشتمل عليه من ذكر وغيره، وهم غير الحفظة (يستمعون الذكر) أي الخطبة. وزاد في رواية الزهري الآتية طووا صحفهم. ولمسلم من طريقه: فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاؤوا يستمعون الذكر. فكان ابتداؤه خروج الإمام، وانتهاؤه بجلوسه على المنبر وهو أول سماعهم للذكر. وفي حديث ابن عمر عند أبي نعيم في الحلية مرفوعًا "إذا كان يوم اجمعة بعث الله ملائكة بصحف من نور"، الحديث. ففيه صفة الصحف، وأن الملائكة المذكورين غير الحفظة. والمراد بطيّ الصحف الفضائل المتعلقة بالمبادرة إلى الجمعة دونغيرها من سماع الخطبة وإدراك الصلاة والذكر والدعاء ونحو ذلك، فإنه يكتبه الحافظان قطعًا. وفي حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، عن ابن خزيمة: "فيقول بعض الملائكة لبعض: ما حبس فلانًا؟ فيقول: اللهم إن كان ضالاًّ فاهده، وإن كان فقيرًا فأغنه وإن كان مريضًا فعافه". وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما ذكر فضل الاغتسال يوم الجمعة، وفضل التبكير إليها. وإن الفضل المذكور إنما يحصل لمن جمعهما، وعليه يحمل ما أطلق في باقي الروايات من ترتب الفضل على التبكير من غير تقييد بالغسل، ولو تعارض الغسل والتبكير فمراعاة الغسل، كما قال الزركشي أولى، لأنه مختلف في وجوبه، ولأن نفعه متعدٍّ إلى غيره بخلاف التبكير. تنبيه: السُّنَّة في التبكير إنما هي لغير الإمام، أما الإمام فيندب له التأخير إلى وقت الخطبة لاتباعه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وخلفائه. قاله الماوردي، ونقله في المجموع، وأقرّه. والله أعلم. 5 - باب هذا (باب) بالتنوين من غير ترجمة، وهو كالفصل من الباب السابق.

    [881] ثنا عبد الله بن يوسف: أنا مالك، عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي صالحٍ السمان، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ((من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكانما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فاذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر)) . قوله: ((من اغتسل يوم الجمعة، ثم راح)) يدل على أن الغسل المستحب للجمعة أوله طلوع الفجر، وآخره الرواح إلى الجمعة، فإن اغتسل قبل دخول يوم الجمعة لم يات بسنة الغسل، كما لو اغتسل بعد صلاة الجمعة. وممن قال: لا يصيب السنة بالغسل للجمعة قبل طلوع الفجر: مالكٌ، والشافعي، وأحمد، وأكثر العلماء. وروى معناه عن ابن عمر.خرَّجه حربٌ الكرماني بإسناد فيه نظرٌ. وأجازه الأوزاعي، وهذا الحديث حجةٌ عليه، وكذلك حديث أبي سعيدٍ المتقدم: ((غسل يوم الجمعة واجبٌ على كل محتلم)) . وحكي عن أحمد ما يدل على صحته سحراً – أيضاً. وروي عن الشعبي ومجاهدٍ، وهو وجه للشافعية - أيضاً - وقول يحيى بن يحيى النيسابوري. وقوله: ((غسل الجنابة)) في تأويله قولان: أحدهما: أن المراد به: تعميم بدنه بالغسل، كما يعمه بغسل الجنابة. ويشهد لذلك: الحديث الآخر الذي فيه: ((فيغسل رأسه وجسده)) . فيكون المعنى: اغتسأله للجمعة كاغتسألة للجنابة، في المبالغة وتعميم البدن بالماء، وهذا قول اكثر الفقهاء من الشافعية وغيرهم. والثاني: أن المراد به: غسل الجنابة حقيقةً، وأنه يستحب لمن له زوجة أو أمة أن يطأها يوم الجمعة، ثم يغتسل، وهذا هو المنصوص عن أحمد، وحكاه عن غير واحد من التابعين، منهم: هلال بن يساف، وعبد الرحمن بن الأسود وغيرهما. وروي عن عبد الرحمن بن الأسود، قال: كان يعجبهم أن يواقعوا النساء يوم الجمعة؛ لأنهم قد أمروا أن يغتسلوا، وأن يغسلوا. وقول طائفةٍ من الشافعية، وحملوا عليه –أيضاً - حديث أوس بن أوسٍ، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ((من غسل يوم الجمعة واغتسل)) –الحديث.وقالوا: المراد: من اغتسل بنفسه وغسل من يطؤه من زوجة أو أمةٍ. فعلى هذا: يستدل بالحديث على أن من عليه غسل الجنابة، فاغتسل للجنابة يوم الجمعة، فإنه يجزئه عن غسل الجمعة، وسواء نوى به الجمعة، أو لم ينو. أما إن نواهما بالغسل، فإنه يحصل له رفع حدث الجنابة وسنة غسل الجمعة بغير خلافٍ بين العلماء، روي ذلك عن ابن عمر، وتبعه جمهور العلماء. وللشافعية وجهٌ ضعيفٌ: لا يجزئه عنهما، وقاله بعض الظاهرية. وحكي عن مالكٍ، وقيل: إنه لا يصح عنه، إنما قاله بعض المتأخرين من أصحابه، وقد ذكر ذلك للإمام أحمد عن مالكٍ فأنكره. وأما أن نوى بغسله الجنابة خاصةً، فإنه يرتفع حدثه من الجنابة. وهل يحصل له سنة إلاغتسأل للجمعة؟ على قولين: أشهرهما: لا يحصل له، وروي عن أبي قتادة الأنصاري صأحب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((الأعمال بالنيات، وإنما لامريءٍ ما نوى)) ، وهو المشهور عن مالكٍ، وروي نحوه عن الأوزاعي، وأحد الوجهين لأصحاب الشافعي وأحمد، ونص عليه أحمد في رواية الشالنجي. والثاني: يحصل له غسل الجمعة بذلك، وهو أحد قولي الشافعي، وقول أشهب المالكي، وهو نص الشافعي، وقول أبي حنيفة وإسحاق، مع كون أبي حنيفة يعتبر النية لنقل الطهارة، وحكاه ابن عبد البر عن عبد العزيز بن أبي سلمة والثوري والشافعي والليث بن سعدوالطبري، وهو أحد الوجهين لأصحابنا. وأما إن نوى الجنب غسل الجمعة، ولم ينو غسل الجنابة، فهل يرتفع حدث الجنابة بذلك؟ فيه قولان للشافعي، وروايتان عن أحمد. ومن أصحابنا من رجح: أنه لا يرتفع، لأن غسل الجنابة ليس سببه الحدث؛ ولهذا يشرع للطاهر. وعلى هذا: فهل يحصل له به سنة غسل الجمعة مع بقاء غسل الجنابة عليه؟ فيه وجهان لأصحابنا والشافعية، أصحهما: أنه يحصل له ذلك. وأختلف أصحاب مالكٍ: هل يرتفع حدثه بنية غسل الجمعة؟ فقال: ابن القاسم: لا يجزئه، وحكاه ابن عبد الحكم عن مالكٍ. وقال أشهب وابن وهب والأكثرون منهم: يجزئه: وهو قول المزني. وقوله: ((ثم راح)) يدل على أنه لا تحصل سنة إلاغتسأل للجمعة إلا قبل صلاة الجمعة، وأنه لو اغتسل بعد الصلاة في بقية اليوم لم يكن آتياً بفضيلة الغسل المأمور به، وقد حكى ابن عبد البر وغيره إلاجماع على ذلك. وأظن بعض الظاهرية يخالف فيه، ويزعم: أن الغسل لليوم لا للصلاة، ولا يعبأ بقوله في ذلك. ويدل على أنه يحصل المقصود بالغسل، وإن اغتسل أول نهار الجمعة إذا كان الرواح متعقباً له. فإن لم يتعقبه الرواح، بل أخر الرواح إلى بعده، فقال أكثر العلماء: تحصل له –أيضاً - سنة الغسل، فقالوا: ((ثُمَّ)) تقتضي التراخي، فيصدق ذلك بأن يؤخر الرواح إلى الزوال. وتأخير الغسل إلى حين الرواح أفضل، نص عليه أحمد وغيره. وذهب طائفة إلى أنه لا تحصل له فضيلة الغسل إلا بأن يتعقبه الرواح، وهو قول مالكٍ، وحكاه الطحاوي عن الأوزاعي، وهو يخالف قوله المشهور عنه: أن الغسل للجمعة يجزئ من الليل، كما تقدم. ومذهب مالكٍ في ذلك، أنه لا يجزئ الغسل إلا متصلا بالروح، فإن اغتسل وراح، ثم أحدث أو خرج من المسجد إلى موضع قريب، لم ينتقض غسله، وإن تباعد أو تغدى أو نام انتقض غسله وأعاده -: ذكره في ((تهذيب المدونة)) . واستدلوا بقوله: ((إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل)) . ويجاب عنه: بأن هذا كقوله تعالى {{إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}} [المائدة:6] الآية، المراد: أنه يتضيق الوجوب على القائم للصلاة، فكذلك يتضيق وقت الغسل على الآتي إلى الجمعة. فاما أن كان قد فعله قبل ذلك فإنه يجزئه، ولا اعادة عليه منذ قيامه ورواحه. كمن أدى الدين الواجبٍ عليه قبل تضايق وقت أدائه، فإنه لا يؤمر بأدائه مرة آخرى بعد ذلك. ولو اغتسل للجمعة ثم انتفض وضؤوه، فهل يستحب له اعادته، أم يكفيه الوضوء؟ فيهِ قولان: أحدهما: يكفيه الوضوء، وهو قول عبد الرحمن بن أبزى والحسن ومجاهدٍ ومالكٍ والليث والأوزاعيوالشافعي وأحمد. والثاني: أنه يعيد غسله، وهو قول طاوس والزهري وقتادة ويحيى بن أبي كثيرٍ. وروى ابن أبي شيبة باسناده، عن إبراهيم التيمي، قال: كانوا يحبون لمن اغتسل يوم الجمعة أن لا يكون بينه وبين الجمعة حدثٌ. قال: وكانوا يقولون: إذا أحدث بعد الغسل عاد إلى حاله التي كان عليها قبل أن يغتسل. وعن أبي يوسف، أنه بنى هذا إلاختلاف على أن الغسل هل هو لليوم أو للصلاة، فمن قال: أنه لليوم قال: يجزئه غسله، ومن قال: إنه للصلاة قال: يعيده؛ لأنه إذا توضأ فإنما شهد الصلاة بوضوء لا بغسلٍ. وخالف الأكثرون في ذلك، وقالوا: بل شهد الصلاة بغسلٍ، لأن الحدث الموجب للوضوء ليس منافياً للغسل، وحصول النظافة به. ولو أحدث حدثاً موجباً للغسل، مثل أن اجنب، فحكي عن الأوزاعي، أنه يعيد غسل الجمعة –أيضاً -؛ لأنه قد أتى بما يبطل الغسل. وعن الجمهور خلافه؛ لأنه إنما أتى بما يوجب غسل الجنابة، فيكتفي به، ولا حاجة إلى إعادته لغسل الجمعة. وقوله: ((ثم راح فكانما قرب بدنةً)) المراد: راح في الساعة الأولى؛بدليل قوله: ((ومن راح في الساعة الثانية)) . وقد خرَّجه مالكٍ في ((الموطإ)) عن سمي بهذا إلاسناد، وفيه التصريح بذكر الساعة الأولى. وقد اختلف العلماء في المراد بهذه الساعات: هل هي من أول النهار، أو بعد زوال الشمس؟ على قولين: أحدهما: أن المراد بها أخر الساعة التي بعد زوال الشمس؛ لأن حقيقة الرواح إنما تكون بعد الزوال، والغدو يكون قبله، كما قال تعالى: {{?غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ}} [سبأ:12] . واستدلوا –أيضاً –بالحديث الآخر: ((المهجر إلى الجمعة كالذي يهدي بدنةٍ)) ، فجعل البدنة بالتهجر، والتهجير إنما هو إلاتيان بالمهاجرة، وإنما يكون ذلك بعد الزوال. هذا تأويل مالكٍ وأكثر أصحابه، ووافقهم طائفة من الشافعية على ذلك. والقول الثاني: أن المراد بالساعات من أول النهار، وهو قول الأكثرين. ثم اختلفوا: هل أولها من طلوع الفجر، أو من طلوع الشمس؟ فقالت طائفةٌ: أولها من طلوع الفجر، وهو ظاهر مذهب الشافعي وأحمد. واستدلوا بقوله: ((إذا كان الجمعة، كان على أبواب المسجد ملائكةٌ يكتبون الناس الأول فالأول)) - الحديث، كما سيأتي ذكره –أن شاء الله تعالى. وظاهره: أن ذلك يكون بعد طلوع الفجر. وقالت طائفة: أولها من طلوع الشمس، وحكي عن الثوري وأبيحنيفة ومحمد بن إبراهيم البوشنجي، ورجحه الخطابي وغيره، لأن ما قبله وقت للسعي إلى صلاة الفجر. ورجح هذا القول عبد الملك بن حبيبٍ المالكي. وهؤلاء حملوا الساعات على ساعات النهار المعهودة، وهو الظاهر المتبادر إلى الفهم. وأما ذكر الرواح، فعنه جوابان: أحدهما: أنه لما كان آخر الساعات بعد الزوال، وهو رواحٌ حقيقيٌ، سميت كلها رواحاً، كما يسمى الخارج للحج والجهاد حاجاً وغازياً قبل تلبسه بالحج والغزو؛ لأن امره ينتهي إلى ذلك. والثاني: أن الرواح هنا اريد به القصد والذهاب، مع قطع النظر عن كونه قبل الزوال أو بعده. قال الأزهري وغيره: الرواح والغدو عند العرب يستعملان في السير، أي وقتٍ كان من ليلٍ أو نهارٍ، يقال: راح في أول النهار وآخره، وغدا بمعناه. وأما التهجير، فيجاب عنه، بأنه استعمل في هذا المعنى بمعنى التبكير –أيضاً – لا بمعنى الخروج في الهاجرة. وقيل: أنه ليس من الهاجرة، بل من الهجرة، والمراد بها: هجر الأعمال الدنيوية للسعي إلى الجمعة. وقد دل على استحباب التبكير من أول النهار حديث أوس بن أوسٍ، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((من اغتسل يوم الجمعة وغسل، وبكرٍ وابتكر، ودنا واستمع كان له بكل خطوة يخطوها اجر سنةصيامها وقيامها)) . خرَّجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان في ((صحيحه)) . وحسنه الترمذي. وله طرقٌ متعددةٌ، قد ذكرناها في ((شرح الترمذي)) . وفي رواية للنسائي: ((وغدا وابتكر)) . وفي بعض رواياته: ((ومشى ولم يركب)) . وظاهر الحديث: يدل على تقسيم يوم الجمعة إلى اثني عشر ساعة، وأن الخطبة والصلاة يقعان في السادسة منها. ومتى خرج الخطيب طوت الملائكة صحفها، ولم يكتب لأحدٍ فضل التبكير، وهذا يدل على أنه بعد الزوال لا يكتب لأحد شيءٌ من فضل التبكير إلى الجمعة بالكلية. وظاهر الحديث: يدل على تقسيم نهار الجمعة إلى اثني عشر ساعةً مع طول النهار وقصره، فلا يكون المراد به الساعات المعروفة من تقسيم الليل والنهار إلى أربعة وعشرين ساعة؛ فإن ذَلِكَ يختلف باختلاف طول النهار وقصره. ويدل على هذا: حديث جابر، عن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قالَ: ((يوم الجمعة ثنتا عشرة ساعة، لا يوجد مسلم يسأل الله شيئاً إلا آتاه إياه،فالتمسوها آخر ساعةٍ بعد العصر)) . خرَّجه أبو داود والنسائي بإسناد كلهم ثقاتٌ. وظاهره: يدل علي أن ساعة إلاجابة جزء من هذه إلاجزاء إلاثني عشر المتساوية في جميع فصول السنة. وزعم بعض الشافعية: أنه ليس المراد بالساعات في التبكير الأربع والعشرون، بل ترتيب الدرجات، وفضل السابق على الذي يليه، لئلا يستوي في الفضيلة رجلان جاءا في طرفي ساعة. ورد ذلك آخرون منهم، وقالوا: من جاء في أول ساعةٍ من هذه الساعات وآخرها مشتركان في تحصيل أصل البدنة أو البقرة أو الكبش مثلا، ولكن بدنة الأول أو بقرته أكمل مما للذي جاء في آخرها، وبدنة المتوسط متوسطةٌ. وهذا هو الأقرب، وعليه يحمل الحديث الذي خرَّجه عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن سميَّ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ((إذا كان يوم الجمعة فاغتسل أحدكم كما يغتسل من الجنابة، ثم غدا في أول ساعةٍ، فله من إلاجر مثل الجزور، وأول الساعة وآخرها سواء)) - وذكر مثل ذلك في الثانية، والثالثة، والرابعة، يقول: ((أولها وآخرها سواءٌ)) ، وزاد في آخر الحديث: ((ثم غفر له إذا استمع وأنصت ما بين الجمعتين، وزيادة ثلاثة أيامٍ)) . وفي هذه الرواية: ذكر الغدو إلى الجمعة،والغدو يكون من أول النهار. وقوله: ((فكأنما قرب بدنةً، فكأنما قرب بقرةً)) –إلى آخره – يدل على أن أفضل ما يتقرب به من الهدايا البدن، ثم البقر، ثم الغنم، وهو قول الجمهور، خلافاً لمالكٍ، ويذكر في موضعٍ آخر مستوفىَ –أن شاء الله تعالى. ويدل –أيضاً - على أن الجمعة فيها شبهٌ من الحج، وقد روي في حديث ضعيف: ((الجمعةُ حجُ المساكين)) . قال ابن المسيب: شهود الجمعة أحب الي من حجةٍ نافلةٍ. وخرج البيهقي من حديث سهل بن سعد –مرفوعاً -: ((إن لكم في كل جمعة حجةً وعمرةً، فالحجة التهجير للجمعة، والعمرة انتظار العصر بعد الجمعة)) . وقال: هو ضعيف ٌ. وقد روي: ((إن المؤمن يصبح يوم الجمعة كالمحرم، فلا يأخذ من شعره، ولا من أظفاره حتى يصلي)) . وقد حكي عن أبي حنيفة وأبي يوسف أنهما كرها أن يجعل يوم الجمعة ميقاتاً لأخذ الشعر والظفر، واستدل لهما بهذا الحديث. وقدروي من حديث علي –مرفوعاً -: أن ذلك يكون يوم الخميس، وإسناده لا يصح. واستحب بعض أصحابنا فعله يوم الخميس؛ لذلك. والحديث الذي ذكر فيه إلاحرام، هو بإسنادٍ مجهولٍ، عن أبي معشرٍ، عن نافعٍ، عن ابن عمر –مرفوعاً -: ((يصبح الرجل محرماً يوم الجمعة، فلايحل حتى يصلي، فاذا جلس في مكانه حتى يصلي العصر رجع بحجةٍ وعمرةٍ)) . وهو منكرٌ، لا يصح. قال البيهقي: قد روي عن ابن عباسٍ – مرفوعاً – في ((المؤمن يوم الجمعة كهيئة المحرم، لا يأخذ من شعره ولا من أظفاره حتى تنقضى الصلاة)) ، وعن ابن عمر – مرفوعاً -: ((المسلم يوم الجمعة محرمٌ، فاذا صلى فقد أحل)) ، فانما رويا عنهما باسنادين ضعيفين، لا يحتج بمثلهما. قال: وفي الرواية الصحيحة عن ابن عمر من فعله دليلٌ على ضعف ما خالفه. وروي من طريق ابن وهبٍ، بإسنادٍ صحيح، عن نافعٍ، أن ابن عمر كان يقلم أظفاره ويقص شاربه في كل جمعةٍ. قال: وروينا عن أبي جعفرٍ - مرسلاً -، النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يستحب أن ياخذ من شاربه وأظفاره يوم الجمعة. وروى بإسناده، عن معاوية بن قرة: قال: كان لي عمان قد شهدا الشجرة، يأخذان من شواربهما وأظفارهما كل جمعة. وخرّج البزار في ((مسنده)) والطبراني من رواية إبراهيم بن قدامه، عن الأغر، عن أبي هريرة، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقلم أظفاره ويقص شاربهيوم الجمعة، قبل أن يخرج إلى الصلاة. قال البزار: لم يتابع إبراهيم بن قدامة عليه، وهو إذا انفرد بحديثٍ لم يكن حجةً؛ لأنه ليس بمشهورٍ. قلت: وقد روي عنه، عن عبد الله بن عمروٍ، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قال ابن أبي عاصمٍ: أحسب هذا – يعني: عبد الله بن عمروٍ –رجلاً من بني جمحٍ، أدخله يعقوب بن حميد بن كاسبٍ في ((مسند قريش)) في الجمحيين. يشير إلى أنه ليس ابن العاص. وكذا ذكر ابن عبد البر، وزاد أن في صحبته نظرا. وفي الباب – أيضاً - من حديث ابن عباسٍ وعائشة وأنسٍ، أحاديث مرفوعة، ولا تصح أسانيدها. وقال راشد بن سعد: كان أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقولون: من اغتسل يوم الجمعة واستاك وقلم أظفاره فقد اوجب. خرَّجه حميد بن زنجويه. وممن استحب ذلك: النخعي. قال مكحولٌ: من قص شاربه وأظفاره يوم جمعة لم يمت من الماء الأصفر. وقال حميدٌ الحميري من قص أظفاره يوم الجمعة أخرج الله منه الداء، وادخل فيه الشفاء. وكان الإمام أحمد يفعله. واستحبه أصحاب الشافعي وغيرهم؛فإنه من كمال التنظف والتطهر المشروع في يوم الجمعة، فيكون مستحبا فيه، كالطيب والدهن، والمحرم بخلاف ذلك. ويشهد لذلك: ما خرَّجه ابن حبان في ((صحيحه)) من حديث أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ((من فطرة إلاسلام: الغسل يوم الجمعة، والاستنان، وأخذ الشارب، وإعفاء اللحى؛ فإن المجوس تحفى شواربها وتحفى لحاها، فخالفوهم، خذوا شواربكم وأعفوا لحاكم)) . فقرن أخذ الشارب بغسل يوم الجمعة والاستنان، وقد صح الأمر بالاستنان في يوم الجمعة –أيضاً. * * * 5 -باب

    (بابُُ فَضحلِ الجُمُعَةِ)أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان فضل الْجُمُعَة، وَهَذِه اللَّفْظَة تَشْمَل صَلَاة الْجُمُعَة وَيَوْم الْجُمُعَة.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:855 ... ورقمه عند البغا:881 ]
    - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ قَالَ أخبرنَا مالَكٌ عنْ سُمَيٍ ّ موْلَى أبِي بَكْرٍ بنِ عَبْدِ الرَّحمنِ عنْ أبِي صالِحٍ السَّمَّانِ عَن أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ثُمَّ راحَ فكَأنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً ومَن رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فكأنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً ومَنْ راحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكأنَّمَا قَرَّبَ كَبْشا أقْرَنَ ومَنْ راحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكأنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً ومَنْ راحَ فِي السَّاعَةِ الخَامِسَةِ فَكأنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً فَإذَا خَرَجَ الإمامُ حَضَرَتِ المَلائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ.مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الَّذِي يحضر الْجُمُعَة الَّذِي هُوَ عبَادَة بدنية كَأَنَّهُ يَأْتِي أَيْضا بِالْعبَادَة الْمَالِيَّة، فَكَأَنَّهُ يجمع بَين العبادتين: الْبَدَنِيَّة والمالية، وَهَذِه الخصوصية للْجُمُعَة دون غَيرهَا من الصَّلَوَات، فَدلَّ ذَلِك على فضل الْجُمُعَة، فَنَاسَبَ تَرْجَمَة
    الْبابُُ بِفضل الْجُمُعَة.ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة، وَقد تكَرر ذكرهم، وَأَبُو صَالح اسْمه: ذكْوَان.ذكر من أخرجه غَيره: أخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة أَيْضا عَن قُتَيْبَة. وَأخرجه أَبُو دَاوُد عَن القعْنبِي. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ عَن إِسْحَاق بن مُوسَى عَن معن بن عِيسَى. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْمَلَائِكَة عَن مُحَمَّد بن سَلمَة والْحَارث بن مِسْكين، كِلَاهُمَا عَن أبي الْقَاسِم وَفِيه وَفِي الصَّلَاة عَن قُتَيْبَة، خمستهم عَن مَالك بِهِ. وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ عَن مُحَمَّد بن عجلَان عَن سمي بِلَفْظ آخر: (تقعد الْمَلَائِكَة على أَبْوَاب الْمَسْجِد يَكْتُبُونَ النَّاس على مَنَازِلهمْ، فَالنَّاس فِيهِ كَرجل قدم بَدَنَة، وكرجل قدم بقرة، وكرجل قدم شَاة، وكرجل قدم دجَاجَة وكرجل قدم عصفورا وكرجل قدم بَيْضَة) . رَوَاهُ مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه من رِوَايَة سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (إِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة كَانَ على كل بابُُ من أَبْوَاب الْمَسْجِد مَلَائِكَة يَكْتُبُونَ النَّاس على مَنَازِلهمْ، فَإِذا خرج الإِمَام طويت الصُّحُف وَاسْتَمعُوا الْخطْبَة، فالمهجر إِلَى الصَّلَاة كالمهدي بَدَنَة، ثمَّ الَّذِي يَلِيهِ كالمهدي بقرة، ثمَّ الَّذِي يَلِيهِ كالمهدي كَبْشًا، حَتَّى ذكر الْبَيْضَة والدجاجة) . وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ من رِوَايَة معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن الْأَعرَابِي عبد الله عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (إِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة قعدت الْمَلَائِكَة على أَبْوَاب الْمَسْجِد فَكَتَبُوا من جَاءَ إِلَى الْجُمُعَة، فَإِذا خرج الإِمَام طوت الْمَلَائِكَة الصُّحُف. قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: المهجر إِلَى الْجُمُعَة كالمهدي يَعْنِي بَدَنَة، ثمَّ كالمهدي بقرة، ثمَّ كالمهدي شَاة، ثمَّ كالمهدي بطة، ثمَّ كالمهدي دجَاجَة، ثمَّ كالمهدي بَيْضَة) . وروى الطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) من حَدِيث وائلة بن الْأَسْقَع، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِن الله تبَارك وَتَعَالَى يبْعَث الْمَلَائِكَة يَوْم الْجُمُعَة على أَبْوَاب الْمَسْجِد يَكْتُبُونَ الْقَوْم الأول وَالثَّانِي وَالثَّالِث وَالرَّابِع وَالْخَامِس وَالسَّادِس، فَإِذا بلغُوا السَّابِع كَانُوا بِمَنْزِلَة فِي قرب العصافير) . وَفِي رِوَايَته مَجْهُول، وروى أَحْمد فِي (مُسْنده) من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (إِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة قعدت الْمَلَائِكَة على أَبْوَاب الْمَسْجِد فيكتبون النَّاس من جَاءَ على مَنَازِلهمْ، فَرجل قدم جزورا، وَرجل قدم بقرة، وَرجل قدم دجَاجَة. وَرجل قدم بَيْضَة. فَإِذا أذن الْمُؤَذّن وَجلسَ الإِمَام على الْمِنْبَر طويت الصُّحُف فَدَخَلُوا الْمَسْجِد يَسْتَمِعُون الذّكر) . وَإِسْنَاده جيد. وَفِي كتاب (التَّرْغِيب) لأبي الْفضل الْجَوْزِيّ من حَدِيث فرات بن السَّائِب عَن مَيْمُون بن مهْرَان عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا: (إِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة قد دفع إِلَى الْمَلَائِكَة ألوية حمد إِلَى كل مَسْجِد يجمع فِيهِ، ويحضر جِبْرِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، الْمَسْجِد الْحَرَام، مَعَ كل ملك كتاب، وُجُوههم كَالْقَمَرِ لَيْلَة الْبَدْر، مَعَهم أَقْلَام من فضَّة وقراطيس من فضَّة يَكْتُبُونَ النَّاس على مَنَازِلهمْ: فَمن جَاءَ قبل الإِمَام كتب من السَّابِقين، وَمن جَاءَ بعد خُرُوج الإِمَام كتب: شهد الْخطْبَة، وَمن جَاءَ حِين تُقَام الصَّلَاة كتب: شهد الْجُمُعَة، وَإِذا سلم الإِمَام تصفح الْمَلَائِكَة وُجُوه الْقَوْم، فَإِذا فقدوا مِنْهُم رجلا كَانَ فِيمَا خلا من السَّابِقين قَالُوا: يَا رب إِنَّا فَقدنَا فلَانا ولسنا نَدْرِي مَا خَلفه الْيَوْم؟ فَإِن كنت قَبضته فارحمه، وَإِن كَانَ مَرِيضا فاشفه، وَإِن كَانَ مُسَافِرًا فَأحْسن صحابته ويؤمن من مَعَه من الْكتاب.ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (من اغْتسل) ، يدْخل فِيهِ بِعُمُومِهِ كل من يَصح مِنْهُ التَّقَرُّب، سَوَاء كَانَ ذكرا أَو أُنْثَى حرا أَو عبدا. قَوْله: (غسل الْجَنَابَة) ، بِنصب اللَّام على أَنه صفة لمصدر مَحْذُوف، أَي: غسلا كَغسْل الْجَنَابَة، وَيشْهد بذلك رِوَايَة ابْن جريج عَن سمي عَن عبد الرَّزَّاق: (فاغتسل أحدكُم كَمَا يغْتَسل من الْجَنَابَة) ، وَوَقع فِي رِوَايَة ابْن ماهان: (من اغْتسل غسل الْجُمُعَة) ، وَاخْتلفُوا فِي معنى، غسل الْجَنَابَة، فَقَالَ قوم: إِنَّه حَقِيقَة، حَتَّى يسْتَحبّ أَن يواقع زَوجته ليَكُون أَغضّ لبصره وأسكن لنَفسِهِ. قَالُوا: وَيشْهد لذَلِك حَدِيث أَوْس الثَّقَفِيّ، قَالَ: (سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: من غسل يَوْم الْجُمُعَة واغتسل ثمَّ بكر وابتكر وَمَشى وَلم يركب ودنا من الإِمَام واستمع وَلم يلغ كَانَ لَهُ بِكُل خطْوَة عمل سنة: أجر صيامها وقيامها) ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيره، وَقَالَ التِّرْمِذِيّ: حَدِيث أَوْس حَدِيث حسن، وَقَالَ: معنى قَوْله: (غسل) وطىء امْرَأَته قبل الْخُرُوج إِلَى الصَّلَاة، يُقَال: غسل الرجل امْرَأَته وغسّلها مشددا ومخففا إِذا جَامعهَا، وفحل غسلة: إِذا كَانَ كثير الضراب، وَالْأَكْثَرُونَ على أَن التَّشْبِيه فِي قَوْله: (غسل الْجَنَابَة) للكيفية لَا للْحكم. قَوْله: (ثمَّ رَاح) أَي: ذهب أول النَّهَار، وَيشْهد لهَذَا مَا رَوَاهُ أَصْحَاب (الْمُوَطَّأ) : عَن مَالك فِي: (السَّاعَة الأولى) . قَوْله: (وَمن رَاح فِي السَّاعَة الثَّانِيَة) قَالَ مَالك: المُرَاد بالساعات هُنَا لحظات لَطِيفَة بعد زَوَال الشَّمْس، وَبِه قَالَ القَاضِي حُسَيْن وَإِمَام الْحَرَمَيْنِ. والرواح عِنْدهم بعد زَوَال الشَّمْس، وَادعوا أَن هَذَا مَعْنَاهُ فِي اللُّغَة، وَقَالَ جَمَاهِير الْعلمَاء باستحبابُ
    التبكير إِلَيْهَا أول النَّهَار، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي وَابْن حبيب الْمَالِكِي، والساعات عِنْدهم من أول النَّهَار، والرواح يكون أول النَّهَار وَآخره. وَقَالَ الْأَزْهَرِي: لُغَة الْعَرَب أَن الرواح: الذّهاب، سَوَاء كَانَ أول النَّهَار أَو آخِره أَو فِي اللَّيْل، وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب الَّذِي يَقْتَضِيهِ الحَدِيث، وَالْمعْنَى: لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أخبر أَن الْمَلَائِكَة تكْتب من جَاءَ فِي السَّاعَة الأولى وَهُوَ كالمهدي بَدَنَة، ثمَّ من جَاءَ فِي السَّاعَة الثَّانِيَة، ثمَّ فِي الثَّالِثَة، ثمَّ فِي الرَّابِعَة، ثمَّ فِي الْخَامِسَة، وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ: السَّادِسَة، فَإِذا خرج إِمَام طَوَوْا الصُّحُف وَلم يكتبوا بعد ذَلِك. وَمَعْلُوم أَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ يخرج إِلَى الْجُمُعَة مُتَّصِلا بالزوال، وَهُوَ بعد انْقِضَاء السَّاعَة السَّادِسَة، فَدلَّ على أَنه لَا شَيْء من الْفَضِيلَة لمن جَاءَ بعد الزَّوَال، وَلِأَن ذكر السَّاعَات إِنَّمَا كَانَ للحث على التبكير إِلَيْهَا وَالتَّرْغِيب فِي فَضِيلَة السَّبق وَتَحْصِيل الصَّفّ الأول وانتظارها والاشتغال بالتنفل وَالذكر، وَنَحْو ذَلِك، وَهَذَا كُله لَا يحصل بالذهاب بعد الزَّوَال، وَلَا فَضِيلَة لمن أَتَى بعد الزَّوَال لِأَن النداء يكون حِينَئِذٍ، وَيحرم التَّخَلُّف بعد النداء. قلت: الْحَاصِل أَن الْجُمْهُور حملُوا السَّاعَات الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث على السَّاعَات الزمانية، كَمَا فِي سَائِر الْأَيَّام، وَقد روى النَّسَائِيّ أَنه، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: (يَوْم الْجُمُعَة اثْنَتَا عشرَة سَاعَة) ، وَأما أهل علم الْمِيقَات فيجعلون سَاعَات النَّهَار ابتداءها من طُلُوع الشَّمْس، ويجعلون الْحصَّة الَّتِي من طُلُوع الْفجْر إِلَى طُلُوع الشَّمْس من حِسَاب اللَّيْل، واستواء اللَّيْل وَالنَّهَار عِنْدهم إِذا تساوى مَا بَين الْمغرب وطلوع الشَّمْس، وَمَا بَين طُلُوع الشَّمْس وغروبها، فَإِن أُرِيد السَّاعَات على اصطلاحهم فَيكون ابْتِدَاء الْوَقْت المرغب فِيهِ لذهاب الْجُمُعَة من طُلُوع الشَّمْس، وَهُوَ أحد الْوَجْهَيْنِ للشَّافِعِيَّة. وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ: إِنَّه الْأَصَح، ليَكُون قبل ذَلِك من طُلُوع الْفجْر زمَان غسل وتأهب. وَقَالَ الرَّوْيَانِيّ: إِن ظَاهر كَلَام الشَّافِعِي أَن التبكير يكون من طُلُوع الْفجْر، وَصَححهُ الرَّوْيَانِيّ، وَكَذَلِكَ صَاحب (الْمُهَذّب) قبله، ثمَّ الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ، وَلَهُم وَجه ثَالِث: إِن التبكير من الزَّوَال كَقَوْل مَالك، حَكَاهُ الْبَغَوِيّ وَالرُّويَانِيّ. وَفِيه وَجه رَابِع حَكَاهُ الصيدلاني: إِنَّه من ارْتِفَاع النَّهَار، وَهُوَ وَقت الهجير. وَقَالَ الرَّافِعِيّ: لَيْسَ المُرَاد من السَّاعَات على اخْتِلَاف الْوُجُوه الْأَرْبَع وَالْعِشْرين الَّتِي قسم الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا المُرَاد تَرْتِيب الدَّرَجَات وَفضل السَّابِق على الَّذِي يَلِيهِ. قَوْله: (قرب بَدَنَة) أَي: تصدق ببدنة متقربا إِلَى الله تَعَالَى، وَقيل: المُرَاد أَن للمبادر فِي أول سَاعَة نَظِير مَا لصَاحب الْبَدنَة من الثَّوَاب مِمَّن شرع لَهُ القربان، لِأَن القربان لم يشرع لهَذِهِ الْأمة على الْكَيْفِيَّة الَّتِي كَانَت للأمم الْمَاضِيَة. وَقيل: لَيْسَ المُرَاد بِالْحَدِيثِ إلاّ بَيَان تفَاوت المبادرين إِلَى الْجُمُعَة، وَأَن نِسْبَة الثَّانِي من الأول نِسْبَة الْبَقَرَة إِلَى الْبَدنَة فِي الْقيمَة مثلا، وَيدل عَلَيْهِ أَن فِي مُرْسل طَاوُوس، رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق: كفضل صَاحب الْجَزُور على صَاحب الْبَقَرَة، والبدنة تطلق على الْإِبِل وَالْبَقر، وخصصها مَالك بِالْإِبِلِ، وَلَكِن المُرَاد هَهُنَا من الْبَدنَة الْإِبِل بالِاتِّفَاقِ، لِأَنَّهَا قوبلت بالبقرة، وَتَقَع على الذّكر وَالْأُنْثَى. وَقَالَ بَعضهم: المُرَاد بالبدنة هُنَا النَّاقة بِلَا خلاف. قلت: فِيهِ نظر، فَكَانَ لفظ: الْهَاء، فِيهِ غره، وَحسب أَنه للتأنيث، وَلَيْسَ كَذَلِك، فَإِنَّهُ للوحدة كقمحة وشعيرة وَنَحْوهمَا من أَفْرَاد الْجِنْس، سميت بذلك لعظم بدنهَا. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: الْبَدنَة نَاقَة أَو بقرة تنحر بِمَكَّة، سميت بذلك لأَنهم كَانُوا يسمونها. وَحكى النَّوَوِيّ عَن الْأَزْهَرِي، أَنه قَالَ: الْبَدنَة تكون من الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم. قلت: هَذَا غلط، الظَّاهِر أَنه من النساخ، لِأَن الْمَنْقُول الصَّحِيح عَن الْأَزْهَرِي، أَنه قَالَ: الْبَدنَة لَا تكون إلاّ من الْإِبِل، وَأما الْهَدْي فَمن الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم. قَوْله: (بقرة) ، التَّاء فِيهَا للوحدة. قَالَ الْجَوْهَرِي: الْبَقر اسْم جنس، وَالْبَقَرَة تقع على الذّكر وَالْأُنْثَى، وَإِنَّمَا دخله الْهَاء على أَنه وَاحِد من جنس، والبقرات جمع بقرة، والباقر جمَاعَة الْبَقر مَعَ رعاتها، وَالْبَقر، وَأهل الْيمن يسمون الْبَقَرَة: باقورة، وَهُوَ مُشْتَقّ من: البَقْر، وَهُوَ: الشق فَإِنَّهَا تبقر الأَرْض أَي: تشقها بالحراثة. قَوْله: (كَبْشًا أقرن) ، الْكَبْش هُوَ الْفَحْل، وَإِنَّمَا وصف بالأقرن لِأَنَّهُ أكمل وَأحسن صُورَة، وَلِأَن الْقرن ينْتَفع بِهِ، وَفِيه فَضِيلَة على الأجم. قَوْله: (دجَاجَة) ، بِكَسْر الدَّال وَفتحهَا لُغَتَانِ مشهورتان، وَحكى الضَّم أَيْضا. وَعَن مُحَمَّد بن حبيب: إِنَّهَا بِالْفَتْح من الْحَيَوَان، وبالكسر من النَّاس. والدجاجة تقع على الذّكر وَالْأُنْثَى، وَسميت بذلك لإقبالها وإدبارها، وَجَمعهَا: دَجَاج ودجائج ودجاجات، ذكره ابْن سَيّده. وَفِي (الْمُنْتَهى) لأبي الْمَعَالِي: فتح الدَّال فِي الدَّجَاج أفْصح من كَسره، وَدخلت الْهَاء فِي الدَّجَاجَة لِأَنَّهُ وَاحِد من جنس، مثل: حمامة وبطة وَنَحْوهمَا، وكما جَاءَت الدَّال مُثَلّثَة فِي الْمُفْرد، فَكَذَلِك يُقَال فِي الْجمع: الدَّجَاج
    والدجاج والدجاج. قَوْله: (بَيْضَة) ، الْبَيْضَة وَاحِدَة من الْبيض، وَالْجمع: بيوض، وَجَاء فِي الشّعْر: بيضات. قَوْله: (حضرت الْمَلَائِكَة) ، بِفَتْح الضَّاد وَكسرهَا، وَالْفَتْح أَعلَى.ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: اسْتِحْبابُُ الْغسْل يَوْم الْجُمُعَة. وَفِيه: فَضِيلَة التبكير، وَقد ذكرنَا حَده عَن قريب. وَفِيه: أَن مَرَاتِب النَّاس فِي الْفَضِيلَة على حسب أَعْمَالهم. وَفِيه: أَن القربان وَالصَّدَََقَة تقع على الْقَلِيل وَالْكثير، وَقد جَاءَ فِي النَّسَائِيّ بعد الْكَبْش: بطة ثمَّ دجَاجَة ثمَّ بَيْضَة، وَفِي أُخْرَى: دجَاجَة ثمَّ عُصْفُور ثمَّ بَيْضَة، وإسنادهما صَحِيح. وَفِيه: إِطْلَاق القربان على الدَّجَاجَة والبيضة لِأَن المُرَاد من التَّقَرُّب التَّصَدُّق، وَيجوز التَّصَدُّق بالدجاجة والبيضة وَنَحْوهمَا. وَفِيه: أَن التَّضْحِيَة من الْإِبِل أفضل من الْبَقر لِأَن صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قدمهَا أَولا وتلاها بالبقرة، وَأَجْمعُوا عَلَيْهِ فِي الْهَدَايَا وَاخْتلفُوا فِي الْأُضْحِية فمذهب أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور: أَن الْإِبِل أفضل ثمَّ الْبَقر ثمَّ الْغنم كالهدايا، وَمذهب مَالك: أَن الْغنم أفضل ثمَّ الْبَقر ثمَّ الْإِبِل، قَالُوا: لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضحى بكبشين وَهُوَ فدَاء إِسْمَاعِيل، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَحجَّة الْجُمْهُور حَدِيث الْبابُُ مَعَ الْقيَاس على الْهَدَايَا، وَفعله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يدل على الْأَفْضَلِيَّة بل على الْجَوَاز، وَلَعَلَّه لم يجد غَيره، كَمَا ثَبت فِي (الصَّحِيح) أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ضحى عَن نِسَائِهِ بالبقرة. فَإِن قلت: روى أَبُو دَاوُد وَابْن مَاجَه من حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت بِإِسْنَاد صَحِيح أَنه قَالَ: (خير الْأُضْحِية الْكَبْش الأقرن) . قلت: مُرَاده خير الْأُضْحِية من الْغنم الْكَبْش الأقرن، وَقَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ: الْبَدنَة من الْإِبِل ثمَّ الشَّرْع قد يُقيم مقَامهَا بقرة وَسبعا من الْغنم، وَتظهر ثَمَرَة هَذَا فِيمَا إِذا قَالَ: لله عَليّ بَدَنَة، وَفِيه خلاف، الْأَصَح تعين الْإِبِل إِن وجدت، وإلاّ فالبقر أَو سبع من الْغنم، وَقيل: تتَعَيَّن الْإِبِل مُطلقًا وَقيل يتَخَيَّر مُطلقًا. وَفِيه: الْمَلَائِكَة المذكورون غير الْحفظَة، ووظيفتهم كِتَابَة حاضريها، قَالَه الْمَاوَرْدِيّ وَالنَّوَوِيّ، وَقَالَ ابْن بزيزة: لَا أَدْرِي هم أم غَيرهم؟ قلت: هَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَة يَكْتُبُونَ منَازِل الجائين إِلَى الْجُمُعَة مختصون بذلك، كَمَا روى أَحْمد فِي (مُسْنده) : عَن أبي أُمَامَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: (سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: تقعد الْمَلَائِكَة على أَبْوَاب الْمَسَاجِد فيكتبون الأول وَالثَّانِي وَالثَّالِث. .) الحَدِيث، والحفظة لَا يفارقون من وكلوا عَلَيْهِم، وروى أَبُو دَاوُد من حَدِيث عَطاء الْخُرَاسَانِي، قَالَ: (سَمِعت عليا، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، على مِنْبَر الْكُوفَة يَقُول: إِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة غَدَتْ الشَّيَاطِين براياتها إِلَى الْأَسْوَاق فيرمون النَّاس بالترابيث أَو الربائث، ويثبطونهم عَن الْجُمُعَة، وتغدو الْمَلَائِكَة فتجلس على أَبْوَاب الْمَسْجِد فيكتبون الرجل من سَاعَة وَالرجل من ساعتين حَتَّى يخرج الإِمَام، فَإِذا جلس الرجل مَجْلِسا يتَمَكَّن فِيهِ من الِاسْتِمَاع وَالنَّظَر فأنصت وَلم بلغ كَانَ كفلان من الْأجر، فَإِن نأى حَيْثُ لَا يستمع فأنصت وَلم بلغ كَانَ لَهُ كفل من الْأجر، وَإِن جلس مَجْلِسا يتَمَكَّن فِيهِ من الِاسْتِمَاع وَالنَّظَر فلغا وَلم ينصت كَانَ لَهُ كفل من وزر، وَمن قَالَ يَوْم الْجُمُعَة لصَاحبه: مَه، فقد لغى، فَلَيْسَ لَهُ فِي جمعته تِلْكَ شَيْء، ثمَّ يَقُول فِي آخر ذَلِك: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَقُول ذَلِك) . قَالَ أَبُو دَاوُد: رَوَاهُ الْوَلِيد بن مُسلم عَن ابْن جَابر، قَالَ: بالربائث، وَقَالَ مولى امْرَأَته أم عُثْمَان ابْن عَطاء، وَرَوَاهُ أَحْمد من رِوَايَة الْحجَّاج بن أَرْطَاة عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي بِلَفْظ: (وتقعد الْمَلَائِكَة على أَبْوَاب الْمَسْجِد يَكْتُبُونَ النَّاس على قدر مَنَازِلهمْ السَّابِق وَالْمُصَلي وَالَّذِي يَلِيهِ حَتَّى يخرج الإِمَام) ، والربائث، بِفَتْح الرَّاء وَالْبَاء الْمُوَحدَة وَآخره ثاء مُثَلّثَة: جمع ربيثة، وَهُوَ مَا يحبس الْإِنْسَان ويشغله. وَأما الترابيث فَقَالَ صَاحب (النِّهَايَة) : يجوز أَن يكون جمع: تربيثة، وَهِي الْمرة الْوَاحِدَة من التربيث، وَقَالَ الْخطابِيّ: وَهَذِه الرِّوَايَة لَيست بِشَيْء. وَفِيه: حُضُور الْمَلَائِكَة إِذا خرج الإِمَام ليسمعوا الْخطْبَة، لِأَن المُرَاد من قَوْله: (يَسْتَمِعُون الذّكر) : هُوَ الْخطْبَة. فَإِن قلت: فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى من (الصَّحِيح) : فَإِذا جلس الإِمَام طَوَوْا الصُّحُف، فَمَا الْفرق بَين الرِّوَايَتَيْنِ؟ قلت: بِخُرُوج الإِمَام يحْضرُون من غير طي، فَإِذا جلس الإِمَام على الْمِنْبَر طووها. وَيُقَال: ابْتِدَاء طيهم الصُّحُف عِنْد ابْتِدَاء خُرُوج الإِمَام وانتهاؤه بجلوسه على الْمِنْبَر، وَهُوَ أول سماعهم للذّكر، وَالْمرَاد بِهِ مَا فِي الْخطْبَة من المواعظ وَنَحْوهَا.

    حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ سُمَىٍّ، مَوْلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضى الله عنه ـ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ ‏ "‏ مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ حَضَرَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ ‏"‏‏.‏

    Narrated Abu Huraira:Allah's Messenger (ﷺ) (p.b.u.h) said, "Any person who takes a bath on Friday like the bath of Janaba and then goes for the prayer (in the first hour i.e. early), it is as if he had sacrificed a camel (in Allah's cause); and whoever goes in the second hour it is as if he had sacrificed a cow; and whoever goes in the third hour, then it is as if he had sacrificed a horned ram; and if one goes in the fourth hour, then it is as if he had sacrificed a hen; and whoever goes in the fifth hour then it is as if he had offered an egg. When the Imam comes out (i.e. starts delivering the Khutba), the angels present themselves to listen to the Khutba

    Telah menceritakan kepada kami ['Abdullah bin Yusuf] berkata, telah mengabarkan kepada kami [Malik] dari [Sumayya] mantan budak Abu Bakar bin 'Abdurrahman, dari [Abu Shalih As Saman] dari [Abu Hurairah], bahwa Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam bersabda: "Barangsiapa mandi pada hari Jum'at sebagaimana mandi janabah, lalu berangkat menuju Masjid, maka dia seolah berkurban seekor unta. Dan barangiapa datang pada kesempatan (saat) kedua maka dia seolah berkurban seekor sapi. Dan barangiapa datang pada kesempatan (saat) ketiga maka dia seolah berkurban seekor kambing yang bertanduk. Dan barangiapa datang pada kesempatan (saat) keempat maka dia seolah berkurban seekor ayam. Dan barangiapa datang pada kesempatan (saat) kelima maka dia seolah berkurban sebutir telur. Dan apabila imam sudah keluar (untuk memberi khuthbah), maka para Malaikat hadir mendengarkan dzikir (khuthbah tersebut)

    Ebu Hureyre (r.a.) Resulullah Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in şöyle buyurduğunu nakletmiştir: Cum'a günü cünüp olduğu için boy abdesti alan ve (herkes'ten önce) namaz'a gelen kimseler sanki bir deveyi Allah yolunda tasadduk etmiş gibi sevap alırlar. Onlardan sonra gelenler bir sığırı, daha sonra gelenler boynuzlu bir koçu, ardından gelenler bir tavuğu ve en sona gelenler bir yumurtayı Allah yolunda tasadduk etmiş gibi sevap alırlar, İmam (hutbe için) çıktığında melekler okunan zikri dinlemek üzere oraya toplanırlar

    ہم سے عبداللہ بن یوسف تنیسی نے بیان کیا، کہا کہ ہمیں امام مالک نے ابوبکر بن عبدالرحمٰن کے غلام سمی سے خبر دی، جنہیں ابوصالح سمان نے، انہیں ابوہریرہ رضی اللہ عنہ نے کہ رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ جو شخص جمعہ کے دن غسل جنابت کر کے نماز پڑھنے جائے تو گویا اس نے ایک اونٹ کی قربانی دی ( اگر اول وقت مسجد میں پہنچا ) اور اگر بعد میں گیا تو گویا ایک گائے کی قربانی دی اور جو تیسرے نمبر پر گیا تو گویا اس نے ایک سینگ والے مینڈھے کی قربانی دی۔ اور جو کوئی چوتھے نمبر پر گیا تو اس نے گویا ایک مرغی کی قربانی دی اور جو کوئی پانچویں نمبر پر گیا اس نے گویا انڈا اللہ کی راہ میں دیا۔ لیکن جب امام خطبہ کے لیے باہر آ جاتا ہے تو فرشتے خطبہ سننے میں مشغول ہو جاتے ہیں۔

    আবূ হুরাইরাহ্ (রাযি.) হতে বর্ণিত। আল্লাহর রাসূল সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বলেছেনঃ যে ব্যক্তি জুমু‘আহর দিন জানাবাত গোসলের ন্যায় গোসল করে এবং সালাতের জন্য আগমন করে সে যেন একটি উট কুরবানী করল। যে ব্যক্তি দ্বিতীয় পর্যায়ে আগমন করে সে যেন একটি গাভী কুরবানী করল। তৃতীয় পর্যায়ে যে আগমন করে সে যেন একটি শিং বিশিষ্ট দুম্বা কুরবানী করল। চতুর্থ পর্যায়ে আগমন করল সে যেন একটি মুরগী কুরবানী করল। পঞ্চম পর্যায়ে যে আগমন করল সে যেন একটি ডিম কুরবানী করল। পরে ইমাম যখন খুত্বাহ দেয়ার জন্য বের হন তখন মালাইকাহ যিকর শ্রবণের জন্য উপস্থিত হয়ে থাকে। (মুসলিম ৭/২, হাঃ ৮৫০, আহমাদ ৯৯৩৩) (আধুনিক প্রকাশনীঃ ৮৩০, ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ)

    அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள் கூறினார்கள்: பெருந்துடக்கிற்காகக் குளிப்பதைப் போன்று வெள்ளிக்கிழமை அன்று குளித்துவிட்டுப் பள்ளிவாசலுக்கு (நேரத் தோடு) செல்பவர், ஓர் ஒட்டகத்தை ‘குர்பானி’ கொடுத்தவரைப் போன்றவர் ஆவார். இரண்டாவது நேரத்தில் செல்ப வர், ஒரு மாட்டை ‘குர்பானி’ கொடுத்த வரைப் போன்றவர் ஆவார். மூன்றாவது நேரத்தில் செல்பவர், கொம்புள்ள ஆட்டை ‘குர்பானி’ கொடுத்தவரைப் போன்றவர் ஆவார். நான்காவது நேரத்தில் செல்பவர், ஒரு கோழியைத் தர்மம் செய்தவரைப் போன்றவர் ஆவார். ஐந்தாவது நேரத்தில் செல்பவர், முட்டையைத் தர்மம் செய்தவரைப் போன்றவர் ஆவார். இமாம் (பள்ளிவாசலுக்குள்) வந்துவிட்டால் வானவர்களும் (உள்ளே) வந்து (இமாமின்) உரையைச் செவியுறுகிறார்கள்.4 இதை அபூஹுரைரா (ரலி) அவர்கள் அறிவிக்கிறார்கள். அத்தியாயம் :