• 2918
  • عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ فَنَزَلَ أَعْلَى المَدِينَةِ فِي حَيٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ، فَأَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى بَنِي النَّجَّارِ ، فَجَاءُوا مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفُهُ وَمَلَأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِي أَيُّوبَ ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ ، وَيُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ ، وَأَنَّهُ أَمَرَ بِبِنَاءِ المَسْجِدِ ، فَأَرْسَلَ إِلَى مَلَإٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ فَقَالَ : " يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا " ، قَالُوا : لاَ وَاللَّهِ لاَ نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ ، فَقَالَ أَنَسٌ : فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ لَكُمْ قُبُورُ المُشْرِكِينَ ، وَفِيهِ خَرِبٌ وَفِيهِ نَخْلٌ ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُبُورِ المُشْرِكِينَ ، فَنُبِشَتْ ، ثُمَّ بِالخَرِبِ فَسُوِّيَتْ ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ ، فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ المَسْجِدِ وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ الحِجَارَةَ ، وَجَعَلُوا يَنْقُلُونَ الصَّخْرَ وَهُمْ يَرْتَجِزُونَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُمْ ، وَهُوَ يَقُولُ : " اللَّهُمَّ لاَ خَيْرَ إِلَّا خَيْرُ الآخِرَهْ فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالمُهَاجِرَهْ "

    حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَدِينَةَ فَنَزَلَ أَعْلَى المَدِينَةِ فِي حَيٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ ، فَأَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى بَنِي النَّجَّارِ ، فَجَاءُوا مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ ، وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفُهُ وَمَلَأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِي أَيُّوبَ ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ ، وَيُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الغَنَمِ ، وَأَنَّهُ أَمَرَ بِبِنَاءِ المَسْجِدِ ، فَأَرْسَلَ إِلَى مَلَإٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ فَقَالَ : يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا ، قَالُوا : لاَ وَاللَّهِ لاَ نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا إِلَى اللَّهِ ، فَقَالَ أَنَسٌ : فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ لَكُمْ قُبُورُ المُشْرِكِينَ ، وَفِيهِ خَرِبٌ وَفِيهِ نَخْلٌ ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُبُورِ المُشْرِكِينَ ، فَنُبِشَتْ ، ثُمَّ بِالخَرِبِ فَسُوِّيَتْ ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ ، فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ المَسْجِدِ وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ الحِجَارَةَ ، وَجَعَلُوا يَنْقُلُونَ الصَّخْرَ وَهُمْ يَرْتَجِزُونَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُمْ ، وَهُوَ يَقُولُ : اللَّهُمَّ لاَ خَيْرَ إِلَّا خَيْرُ الآخِرَهْ فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالمُهَاجِرَهْ

    راحلته: الراحلة : البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
    ردفه: الردف : الراكب خلف قائد الدابة
    وملأ: الملأ : أشراف القوم
    مرابض: المربض : مأوى الماشية
    ملإ: الملأ : أشراف القوم
    ثامنوني: ثامنوني : خذوا مني الثمن في مقابلته، أعطوني به
    بحائطكم: الحائط : البستان أو الحديقة وحوله جدار
    خرب: الخرب : البناء المتهدم
    بالخرب: الخرب : جمع خربة، وهي ما تهدم من البناء
    عضادتيه: العضادتان : جانبا الباب
    يرتجزون: الرجز : إنشاد الشعر وهو بحر من بحوره عند العروضيين
    فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُبُورِ المُشْرِكِينَ ، فَنُبِشَتْ ،
    حديث رقم: 3749 في صحيح البخاري كتاب مناقب الأنصار باب مقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة
    حديث رقم: 231 في صحيح البخاري كتاب الوضوء باب أبوال الإبل، والدواب، والغنم ومرابضها
    حديث رقم: 421 في صحيح البخاري كتاب الصلاة باب الصلاة في مرابض الغنم
    حديث رقم: 1782 في صحيح البخاري كتاب فضائل المدينة باب حرم المدينة
    حديث رقم: 2022 في صحيح البخاري كتاب البيوع باب: صاحب السلعة أحق بالسوم
    حديث رقم: 2645 في صحيح البخاري كتاب الوصايا باب إذا أوقف جماعة أرضا مشاعا فهو جائز
    حديث رقم: 2648 في صحيح البخاري كتاب الوصايا باب وقف الأرض للمسجد
    حديث رقم: 2652 في صحيح البخاري كتاب الوصايا باب إذا قال الواقف: لا نطلب ثمنه إلا إلى الله فهو جائز
    حديث رقم: 848 في صحيح مسلم كِتَابُ الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةَ بَابُ ابْتِنَاءِ مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 849 في صحيح مسلم كِتَابُ الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةَ بَابُ ابْتِنَاءِ مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 3457 في صحيح مسلم كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ بَابُ غَزْوَةِ الْأَحْزَابِ وَهِيَ الْخَنْدَقُ
    حديث رقم: 400 في سنن أبي داوود كِتَاب الصَّلَاةِ بَابٌ فِي بِنَاءِ الْمَسَاجِدِ
    حديث رقم: 348 في جامع الترمذي أبواب الصلاة باب ما جاء في الصلاة في مرابض الغنم، وأعطان الإبل
    حديث رقم: 700 في السنن الصغرى للنسائي كتاب المساجد نبش القبور , واتخاذ أرضها مسجدا
    حديث رقم: 739 في سنن ابن ماجة كِتَابُ الْمَسَاجِدِ وَالْجَمَاعَاتِ بَابُ أَيْنَ يَجُوزُ بِنَاءُ الْمَسَاجِدِ
    حديث رقم: 766 في صحيح ابن خزيمة جُمَّاعُ أَبْوَابِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا ، وَالْمَوَاضِعِ الَّتِي زُجِرَ
    حديث رقم: 12978 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ
    حديث رقم: 12116 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ
    حديث رقم: 12625 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ
    حديث رقم: 11964 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ
    حديث رقم: 12792 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ
    حديث رقم: 12025 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ
    حديث رقم: 13323 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ
    حديث رقم: 2369 في صحيح ابن حبان بَابُ الْإِمَامَةِ وَالْجَمَاعَةِ بَابُ الْحَدَثِ فِي الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 1406 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الطَّهَارَةِ بَابُ النَّجَاسَةِ وَتَطْهِيرِهَا
    حديث رقم: 767 في السنن الكبرى للنسائي كِتَابُ الْمَسَاجِدِ نَبْشُ الْقُبُورِ ، وَاتِّخَاذُ أَرْضِهَا مَسْجِدًا
    حديث رقم: 3834 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 11881 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الْجَنَائِزِ فِي نَبْشِ الْقُبُورِ
    حديث رقم: 4001 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 2186 في مسند الطيالسي وَمَا أَسْنَدَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ وَأَبُو التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ
    حديث رقم: 1152 في الجعديات لأبي القاسم البغوي الجدعيات لأبي القاسم البغوي أَبُو التَّيَّاحِ يَزِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ الضُّبَعِيُّ
    حديث رقم: 520 في الطبقات الكبير لابن سعد المجلد الأول ذِكْرُ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ إِلَى الْمَدِينَةِ لِلْهِجْرَةِ
    حديث رقم: 4071 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي أَبُو التَّيَّاحِ ، عَنْ أَنَسٍ
    حديث رقم: 915 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ أَبْوَابِ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ مُبْتَدَأُ أَبْوَابٍ فِي الْمَسَاجِدِ وَمَا فِيهَا
    حديث رقم: 3365 في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء حلية الأولياء وطبقات الأصفياء يَزِيدُ بْنُ حُمَيْدٍ الضُّبَعِيُّ
    حديث رقم: 526 في الطبقات الكبير لابن سعد المجلد الأول ذِكْرُ بِنَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ بِالْمَدِينَةِ
    حديث رقم: 420 في غريب الحديث لإبراهيم الحربي غَرِيبُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَابُ : مل
    حديث رقم: 1596 في الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم دُعَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَةِ
    حديث رقم: 1979 في الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم وَمَنْ ذَكَرَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ
    حديث رقم: 4065 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي أَبُو التَّيَّاحِ ، عَنْ أَنَسٍ
    حديث رقم: 4069 في مسند أبي يعلى الموصلي مسند أبي يعلى الموصلي أَبُو التَّيَّاحِ ، عَنْ أَنَسٍ
    حديث رقم: 913 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ أَبْوَابِ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ مُبْتَدَأُ أَبْوَابٍ فِي الْمَسَاجِدِ وَمَا فِيهَا
    حديث رقم: 5559 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ الْجِهَادِ بَيَانُ صِفَةِ حَفْرِ الْخَنْدَقِ ، وَنَقْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 916 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ أَبْوَابِ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ مُبْتَدَأُ أَبْوَابٍ فِي الْمَسَاجِدِ وَمَا فِيهَا
    حديث رقم: 5560 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ الْجِهَادِ بَيَانُ صِفَةِ حَفْرِ الْخَنْدَقِ ، وَنَقْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    حديث رقم: 5561 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ الْجِهَادِ بَيَانُ صِفَةِ حَفْرِ الْخَنْدَقِ ، وَنَقْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

    [428] حدثنا مسدد: ثنا عبد الوارث، عن أبي التياح، عن أنس، قال: قدم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المدينة، فنزل أعلى المدينة في حي يقال لهم: بنو عمرو بن عوف، فأقام النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أربع عشرة ليلة، ثم أرسل إلى بني النجار فجاءوا متقلدين السيوف، فكأني أنظر إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على راحلته، وأبو بكر ردفه، وملأ بني النجار حوله، حتى ألقى بفناء أبي أيوب، وكان يحب أن يصلي حيث أدركته الصلاة، ويصلي في مرابض الغنم، وإنه أمر ببناء المسجد، فأرسل إلى ملإ بني النجار، فقال: ((يا بني النجار، ثامنوني بحائطكم هذا)) . قالوا: لا والله، لا نطلب ثمنه إلا إلى الله - عز وجل -. قال أنس: فكان فيه ما أقول لكم: قبور المشركين، وفيه خرب، وفيه نخل، فأمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقبور المشركين فنبشت، ثم بالخرب فسويت، ثم بنخل فقطع، فصفوا النخل قبلة المسجد، وجعلوا عضادتيهبالحجارة، وجعلوا ينقلون الصخر وهم يرتجزون، والنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - معهم وهو يقول: اللهم لا خير إلا خير الآخرة ... فاغفر للأنصار والمهاجره أعلى المدينة: هو العوالي والعالية، وهو قباء وما حوله، وكانت قباء مسكن بني عمرو بن عوف. وقيل: إن كل ما كان من جهة نجد من المدينة، من قراها وعمائرها إلى تهامة يسمى العالية، وما كان دون ذلك يسمى السافلة. وبنو النجار كانوا أخوال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقد ذكرنا سبب ذلك في ((كتاب: الإيمان)) في ((باب: الصلاة من الإيمان)) . وكان مقصود النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن ينتقل من العوالي إلى وسط المدينة، وان يتخذ بها مسكنا يسكنه. وفي إردافه لأبي بكر في ذلك اليوم دليل على شرف أبي بكر واختصاصه به دون سائر أصحابه. وقوله: ((وملأ بني النجار حوله)) - يريد: رجالهم وشجعانهم وأشرافهم. وقوله: ((حتى ألقى بفناء أبي أيوب)) - أي: بفناء داره، و ((ألقى)) بالقاف، ومعناه: أنه نزل به، فإن السائر إذا نزل بمكان ألقى فيه رحله وما معه.وقد ذكر شرحبيل بن سعد وأهل السير: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان كلما مر بدار من دور الأنصار كبني سالم وبني حارث بن الخزرج وبني عدي أخذوا بخطام راحلته، وعرضوا عليه النزول بحيهم، وهو يقول: ((خلوا سبيلها؛ فإنها مأمورة)) ، حتى بركت بفناء دار أبي أيوب، عند مسجده الذي بناه. وقول أنس: ((وكان يحب أن يصلي حيث أدركته الصلاة ويصلي في مرابض الغنم)) ، موافق لقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل أدركته الصلاة فعنده مسجده وطهوره)) . ولقوله لما سئل: أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: ((المسجد الحرام)) . قيل له: ثم أي؟ قال: ((ثم مسجد بيت المقدس)) . قيل: كم بينهما؟ قال: ((أربعون سنة)) . ثم قال: ((الأرض لك مسجد، فأينما أدركتك الصلاة فصل؛ فإنه لك مسجد)) . وقوله: فأرسل إلى بني النجار، فقال: ((ثامنوني بحائطكم)) - يعني: بيعوني إياه بثمنه. قال الخطابي: وفيه أن صاحب السلعة أحق بالسوم. فإنه طلب منهم أن يذكروا له الثمن، ولم يقطع ثمنا من عنده. والحائط: ما فيهشجر وعليه بنيان. وقوله: ((قالوا: والله، لا نطلب ثمنه إلا إلى الله)) يدل على أنهم لم يأخذوا له ثمنا، وقد ذكر الزهري وغيره خلاف ذلك. قال ابن سعد: أبنا الواقدي: حدثني معمر، عن الزهري، قال: بركت ناقة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عند موضع مسجد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو يومئذ يصلي فيه رجال من المسلمين، وكان مربدا لسهل وسهيل: غلامين يتيمين من الأنصار، وكانا في حجر أبي أمامة أسعد بن زرارة، فدعا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالغلامين، فساومهما بالمربد؛ ليتخذه مسجدا. فقالا: بل نهبه لك يا رسول الله. فأبى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى ابتاعه منهما. قال الواقدي: وقال غير معمر، عن الزهري: فابتاعه بعشرة دنانير. وقال معمر، عن الزهري: وأمر أبا بكر أن يعطيهما ذلك. وهذا إن صح يدل على أن الغلامين كانا قد بلغا الحلم. وحديث أنس اصح من رواية يرويها الواقدي عن معمر وغيره، عن الزهري مرسلة، فإن مراسيل الزهري لو صحت عنه من اضعف المراسيل، فكيف إذا تفرد بها الواقدي؟وقد روي عن الحسن، أنهما وهباه للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقبله: قال المفضل الجندي في ((فضائل المدينة)) له: ثنا محمد بن يحيى: ثنا سفيان، عن أبي موسى، عن الحسن، قال: كان مسجد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مربدا لغلامين من الأنصار، يقال لهما: سهل وسهيل، فلما رآه النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أعجبه، فكلم فيه عمهما - وكانا في حجره - أن يبتاعه منهما، فأخبرهما عمهما أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أراده، فقالا: نحن نعطيه إياه. فأعطياه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فبناه. قال الحسن: فأدركت فيه أصول النخل غلابا - يعني: غلاظا -، وكان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخطب يوم الجمعة إلى جذع منها، ويسند إليه ظهره، ويصلي إليه. ثم قال الواقدي - في روايته عن معمر، عن الزهري -: كان - يعني: ذلك المربد - جدارا مجدرا، ليس عليه سقف، وقبلته إلى بيت المقدس، كان أسعد بن زرارة بناه، فكان يصلي بأصحابه فيه، ويجمع فيه بهم الجمعة قبل مقدم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأمر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالنخل الذي في الحديقة، وبالغرقد الذي فيه أن يقطع، وأمر باللبن فضرب، وكان في المربد قبور جاهلية، فأمر بها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فنبشت، وأمر بالعظام أن تغيب، وكان في المربد ماء مستنجل فسيروه حتى ذهب، وأسسوا المسجد، فجعلوا طوله مما يلي القبلة إلى مؤخره مائة ذراع، وفي هذين الجانبين مثل ذلك، فهو مربع - ويقال: كان اقل من المائة -، وجعلوا الأساس قريبا من ثلاث أذرع على الأرض بالحجارة، ثم بنوه باللبن، وبناه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه، وجعل ينقلمعهم الحجارة بنفسه، وهو يقول: اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة ... فاغفر للأنصار والمهاجره وجعل يقول: هذا الحمال لا حمال خيبر ... هذا أبر - ربنا -، وأطهر وجعل قبلته إلى بيت المقدس، وجعل له ثلاثة أبواب: بابا في مؤخره، وبابا يقال له: باب الرحمة، وهو باب الذي يدعى باب عاتكة، والباب الثالث الذي يدخل منه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو الباب الذي يلي آل عثمان، وجعل طول الجدار بسطة وعمدة الجذوع، وسقفه جريدا، فقيل له: ألا نسقفه؟ فقال: ((عريش كعريش موسى، خشيبات وثمام، الشأن أعجل من ذلك)) . وبنى بيوتا إلى جنبه باللبن، وسقفها بجذوع النخل والجريد، فلما فرغ من البناء بنى بعائشة في البيت الذي بابه شارع إلى المسجد، وجعل سودة بنت زمعة في البيت الآخر الذي يليه إلى الباب الذي يلي آل عثمان. انتهى. وذكر ابن سعد أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أقام في منزل أبي أيوب سبعة أشهر. وهذا يدل على أن بعض حجره تم بناؤه بعد ذلك، وانتقل إليها. وروى ابن سعد - أيضا - عن الواقدي: ثنا عبد الرحمن بنأبي الرجال، قال: مات أسعد بن زرارة في شوال، على رأس تسعة أشهر من الهجرة، ومسجد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يؤمئذ يبنى. وهذا يدل على أن بناء المسجد لم يتم إلا بعد تسعة أشهر من الهجرة. وأما قول أنس: ((فكان فيه ما أقول لكم: قبور المشركين، وفيه خرب، وفيه نخل)) . لفظه: ((خرب)) رويت بالخاء المعجمة والباء الموحدة. ورويت: ((حرث)) بالحاء والثاء المثلثة. قال الإسماعيلي: من قال: ((حرث)) . فهو محتمل؛ لأن ما حرث ولم يزرع أو زرع فرفع زرعه، كانت الأخاديد والشقوق باقية في الأرض. يشير إلى أن ذلك يناسب قوله: ((فأمر بالحرث فسويت)) . قال: ومن قال: ((خرب)) فهو صحيح؛ فهو جمع خربة أو خربة – بضم الخاء – وهو العيب، كالجحر والشق ونحوه. قال: وأما ((الخرب)) فهو كقولك: مكان خرب - يعني: أنه يكون وصفا لمذكر. قال: والحديث خارج على تأنيث هذا الحرف، فكأنه بالجمع أشبه. وقال الخطابي: روي ((خرب)) - يعني: بكسر الخاء وبفتح الراء - قال الليث: هي لغة تميم خرب، والواحد خربة. قال: وسائر الناس يقولون: ((خرب)) - يعني: بفتح الخاء وكسر الراء -، جمع خربة، كما قيل: كلم جمع كلمة. ولعل الصواب ((الخرب)) مضمومة الخاء جمع خربة وهي الخروق التي في الأرض، إلا أنهم يقولونها في كل ثقبة مستديرة. قال: ولعل الرواية: ((الجرف)) جمع الجرفة، وهي جمع الجرف،كما قيل: خرج وخرجه، وترس وترسه. قال: وأبين منها - إن ساعدت الرواية -: ((حدب)) جمع حدبة، لقوله: ((فسويت)) ، وإنما يسوى المكان المحدودب، أو ما فيه خروق، فأما الخرب فتبنى وتعمر. انتهى ما ذكره. وفيه تكلف شديد، وتلاعب بهذه اللفظة بحسب ما يدخلها من الاحتمالات المستبعدة. والرواية التي رواها الحفاظ: ((خرب)) ، فإن كان مفردا، فإنما أنث تسويته؛ لأن التأنيث يعود إلى أماكنه، والظاهر أنها كانت متعددة، وإن كان ((خرب)) ؛ - بالجمع - فتأنيثها واضح. ومعنى تسوية الخرب: أن البناء الخراب المستهدم يصير في موضعه أماكن مرتفعة عن الأرض فتحتاج إلى أن تحفر وتسوى بالأرض، وهذا أمر واضح ظاهر، لا يحتاج إلى تكلف ولا تعسف. وأما ((النخل)) فقد اخبر أنس أنه قطع، وصف قبلة للمسجد، وأما ((قبور المشركين)) فنبشت، وذكر أنهم بدءوا بنبش القبور، ثم بتسوية الخرب، ثم بقطع النخل. والمقصود من تخريج الحديث في هذا الباب: أن موضع المسجد كان فيه قبور للمشركين، فنبشت قبورهم، وأخرجت عظامهم منها، وهذا يدل على أن المقبرة إذا نبشت وأخرج ما فيها من عظام الموتى لم تبق مقبرة، وجازت الصلاة فيها. ويدل على كراهة الصلاة في المقبرةولو كانت قبور المشركين؛ لما فيه من سد الذريعة إلى اتخاذ القبور مساجد، فإنه إذا تطاول العهد، ولم تعرف الحال، خشي من ذلك الفتنة. وقد يقال مع ذلك: إن في نبش عظام المشركين للصلاة في أماكنها تباعدا في الصلاة عن مواضع العذاب والغضب، وهي مما يكره الصلاة فيها، كما سيأتي ذكره - إن شاء الله تعالى. وفي الحديث: دليل على طهارة الأرض بالاستحالة؛ فإن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يأمر عند نبش الأرض بإزالة تراب القبور ولا تطهيرها، ولو فعل ذلك لما أهمل نقله؛ للحاجة إليه. ويدل عليه - أيضا -: أن الصحابة كانوا يخوضون الطين في الطرقات ولا يغسلون أرجلهم - كما تقدم عنهم - والنجاسات مشاهدة في الطرقات، فلو لم تطهر بالاستحالة لما سومح في ذلك. وهذا قول طائفة من العلماء من السلف، كأبي قلابة وغيره، ورجحه بعض أصحابنا، وهو رواية عن أبي حنيفة، والمشهور عنه: أن الأرض النجسة إذا جفت فإنه يصلى عليها، ولا يتيمم بها. ومذهب مالك والشافعي واحمد وغيرهم: أنها نجسة بكل حال. وفي الحديث: دليل على أن قبور المشركين لا حرمة لها، وأنه يجوز نبش عظامهم، ونقلهم من الأرض للانتفاع بالأرض إذا احتيج إلى ذلك. واختلفوا في نبش قبورهم لطلب ما يدفن معهم من مال، فرخص فيه كثير من العلماء. حكاه ابن عبد البر عن أبي حنيفة والشافعي. قال وكرهه مالك ولم يحرمه، وكان الناس يفعلون ذلك في أولالإسلام كثيرا. وقد روي عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه أمر بقبر أبي رغال، فأخبرهم أن معه غصنا من ذهب، فنبشوه واستخرجوه منه. ومن العلماء من كره ذلك، منهم الأوزاعي، وعلل بأنه يكره الدخول إلى مساكنهم؛ خشية نزول العذاب، فكيف بقبورهم؟ وكره بعض السلف نبش القبور العادية المجهولة؛ خشية أن يصادف قبر نبي أو صالح، وخصوصا بأرض الشام كالأردن. ونص أحمد على أنه إذا غلب المسلمون على ارض الحرب فلا تنبش قبورهم. وهذا محمول على ما إذا كان النبش عبثا لغير مصلحة، أو أن يخشى منه أن يفعل الكفار مثل ذلك بالمسلمين إذا غلبوا على أرضهم. وفي الحديث: دليل على أن بيع الأرض التي في بعضها قبور صحيح، فإن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طلب شراء هذا المربد. وهذه المسألة على قسمين: أحدهما: أن يكون المقبور في الأرض يجوز نبشه ونقله، كأهل الحرب، ومن دفن في مكان مغصوب، فهذا لا شك في صحة البيع للأرض كلها، وينقل المدفون فيها، كما أمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بنقل عظام المشركين من المربد.والثاني: أن يكون المقبور محترما لا يجوز نبشه، فلا يصح بيع موضع القبور خاصة. وهل يصح في الباقي؟ يخرج على الخلاف المشهور في تفريق الصفقة. ولو اشترى أرضا، فوجد في بعضها عظام موتى، ولم يعلم: هل هي مقبرة أم لا؟ فقال ابن عقيل من أصحابنا وبعض الشافعية في زمنه: لا يصح البيع في محل الدفن؛ لأن تلك البقعة إما أن تكون مسبلة، وإما أن تكون ملكا للميت قد وصى بدفنه فيها، فيكون أحق بها، ولا ينقل إلى الورثة. وهذا الذي قالوه هو الأغلب، وإلا فيحتمل أن يكون الدفن في أرض مغصوبة أو مغارة للدفن، إلا أن هذا قليل أو نادر، فلا يعول عليه. والله أعلم. والمنصوص عن أحمد: أنه إذا دفن في بيت من داره فلا بأس ببيعه، ما لم يجعل مقبرة مسبلة. وفي الحديث: دليل على جواز قطع النخل لمصلحة في قطعه، وقد نص على جوازه أحمد: إذا كان في داره نخلة ضيقت عليه، فلا بأس أن يقطعها. وكره جماعة قطع الشجر الذي يثمر، منهم: الحسن والأوزاعي وإسحاق، وكره أحمد قطع السدر خاصة لحديث مرسل ورد فيه، وقال: قل إنسان فعله إلا رأى ما يكره في الدنيا. ورخص في قطعه آخرون. والله أعلم.49 - باب الصلاة في مرابض الغنم


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:420 ... ورقمه عند البغا: 428 ]
    - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: "قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمَدِينَةَ فَنَزَلَ أَعْلَى الْمَدِينَةِ فِي حَىٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَأَقَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى بَنِي النَّجَّارِ فَجَاءُوا مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى رَاحِلَتِهِ وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفُهُ وَمَلأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ، حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِي أَيُّوبَ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ وَيُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، وَأَنَّهُ أَمَرَ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَأَرْسَلَ إِلَى مَلإٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ فَقَالَ: يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا. قَالُوا: لاَ وَاللَّهِ لاَ نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلاَّ إِلَى اللَّهِ. فَقَالَ أَنَسٌ: فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ لَكُمْ: قُبُورُ الْمُشْرِكِينَ، وَفِيهِ خَرِبٌ، وَفِيهِ نَخْلٌ. فَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ،ثُمَّ بِالْخَرِبِ فَسُوِّيَتْ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ. فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ، وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ الْحِجَارَةَ، وَجَعَلُوا يَنْقُلُونَ الصَّخْرَ وَهُمْ يَرْتَجِزُونَ، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَهُمْ وَهُوَ يَقُولُ:اللَّهُمَّ لاَ خَيْرَ إِلاَّ خَيْرُ الآخِرَهْ ... فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْوبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد (قال: حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد التميمي (عن أدب التياح) بفتح المثناة الفوقية وتشديد التحتية آخره مهملة يزيد بن حميد الضبعي (عن أنس) وللأصيلي أنس بن مالك (قال):(قدم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المدينة فنزل أعلى) وللأصيلي في أعلى (المدينة في حي) بتشديد الياء قبيلة (يقال لهم بنو عمرو بن عوف) بفتح العين فيهما (فأقام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيهم أربعة عشرة ليلة) ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر في نسخة أربعًا وعشرين، وصوب الحافظ ابن حجر الأولى. قال: وكذا رواه أبو داود عن مسدد شيخ المؤلّف فيه، (ثم
    أرسل)
    عليه الصلاة والسلام (إلى بني النجار) أخواله عليه الصلاة والسلام (فجاؤوا) حال كونهم (متقلدي السيوت) بالجر وحذف نون متقلدين للإضافة كذا في رواية كريمة وفي رواية متقلدين بإثبات النون فلا إضافة والسيوف نصب بمتقلدين أي: جعلوا نجاد السيف على المنكب خوفًا من اليهود ليروه ما أعدّوه لنصرته عليه الصلاة والسلام (كأني أنظر إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على راحلته) أي ناقته القصواء، (وأبو بكر) الصديق (ردفه) بكسر الراء وسكون الدال جملة اسمية حالية أي راكب خلفه ولعله عليه الصلاة والسلام أراد تشريف أبي بكر بذلك وتنويهًا بقدره وإلاّ فقد كان له رضي الله عنه ناقة، (وملأ بني النجار) أي أشرافهم أو جماعتهم يمشون (حوله) عليه الصلاة والسلام أدبًا والجملة حالية (حتى ألقى) أي طرح رحله (بفناء) بكسر الفاء والمدّ أي بناحية متّسعة أمام دار (أبي أيوب) خالد بن زيد الأنصاري (وكان) رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (يحب أن يصلّي حيث أدركته الصلاة ويصلّي في مرابض الغنم) جمع مربض أي مأواها (وأنه) بكسر الهمزة، وفي فرع اليونينية بفتحها أي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (أمر) بفتح الهمزة (ببناء المسجد) بكسر الجيم وقد تفتح (فأرسل إلى ملأ من بني النجار) وللأربعة إلى ملأ بني النجار بإسقاط من (فقال: يا بني النجار ثامنوني) بالمثلثة أي ساوموني (بحائطكم) أي ببستانكم (هذا قالوا: لا والله لا نطلب ثمنه إلاّ إلى الله) عز وجل أي من الله كما وقع عند الإسماعيلي، (فقال) ولابن عساكر قال (أنس) رضي الله عنه: (فكان فيه) أي في الحائط (ما أقول لكم قبور المشركين) بالرفع بدل أو بيان لقوله ما أقول لكم، (وفيه خرب) بفتح الخاء المعجمة وكسر الراء اسم جمع واحده خربة كلكم وكلمة، ولأبي ذر خرب بكسر الخاء وفتح الراء جمع خربة كعنب وعنبة (وفيه نخل فأمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بقبور المشركين فنبشت) وبالعظام فغيبت (ثم بالخرب) بفتح الخاء وكسر الراء (فسويت) بإزالة ما كان في تلك الخرب (و) أمر (بالنخل فقطع فصفوا النخل قبلة المسجد) أي في جهتها (وجعلوا عضادتيه الحجارة) تثنية عضادة بكسر العين. قال صاحب العين: أعضاد كل شيء ما يشدّه من حواليه، وعضادتا الباب ما كان عليهما يغلق الباب إذا أصفق (وجعلوا ينقلون الصخر وهم يرتجزون) أي يتعاطون الرجز تنشيطًا لنفوسهم ليسهل عليهمالعمل (والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) يرتجز (معهم) جملة حالية كقوله (وهو) عليه الصلاة والسلام (يقول: اللهمّ لا خير إلاّ خير الآخرة فاغفر للأنصار) الأوس والخزرج الدين نصروه على أعدائه (والمهاجرة) الذين هاجروا من مكة إلى المدينة محبة فيه عليه الصلاة والسلام وطلبًا للأجْر، وللمستملي: فاغفر الأنصار على تضمين اغفر معنى استر، واستشكل قوله عليه الصلاة والسلام هذا مع قوله تعالى: {{وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْر}} [يس: 69] وأجيب: بأن الممتنع عليه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إنشاء الشعر لا إنشاده على أن الخليل ما عدّ المشطور من الرجز شعرًا، هذا وقد قيل أنه عليه الصلاة والسلام قالهما بالتاء متحركة، فخرج عن وزن الشعر.ورواة هذا الحديث كلهم بصريون، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف في الصلاة والوصايا والهجرة والحج والبيوع، ومسلم في الصلاة، وكذا أبو داود والنسائي وابن ماجة، وتأتي بقية مباحثه إن شاء الله تعالى.


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:420 ... ورقمه عند البغا:428]
    - حدّثنا مُسَدَّدٌ قَالَ حدّثنا عَبْدُ الوَارِثِ عنْ أبي التَّيَّاحِ عنْ أنَسٍ قَالَ قَدِمَ النبيُّ المَدِينَةَ فَنَزَلَ أعْلَى المَدِينَةِ فِي حَيَ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بنِ عَوْفٍ فَأَقامَ النبيُّ فِيهِمْ أرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً ثُمَّ أرْسَلَ إِلَى بَنِي النجَّارِ فَجَاؤُوا مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ كَأَنِّي أنْظُرُ إِلَيّ النبيِّ عَلى رَاحِلَتِهِ وأبُو بَكْر رِدْفُهُ وَمَلأَ بَني النجَّارِ حَوْلَهُ حَتَّى ألْقَى بِفِنَاءِ أبِي أيُّوبَ وَكَانَ يُحبُّ أَن يُصَلِّى حَيْثُ أدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ وَيُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الغَنمِ وَأنَّهُ
    أمَرَ بِبِنَاءِ المسْجِدِ فَأرْسَلَ إلَى مَلأٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ فَقال يَا بَني النجَّارِ ثامِنونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا قَالُوا لاَ وَا لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إلاَّ إلَى افقال أنَسٌ فكانَ فِيهِ مَا أقُولُ لَكُمْ قُبُورُ الْمُشْركِينَ وَفِيهِ خِرَبٌ وَفِيهِ نَخْلٌ فَأَمَرَ النبيُّ بِقُبُورِ المْشرِكِينَ فَنُبِشَتْ ثُمَّ بِالخِرِبِ فَسُوِّيَتْ وبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ المَسْجِدِ وَجَعَلوا عِضَادَتَيْهِ الحِجَارَةَ وَجعَلُوا يَنْقُلُونَ الصَّخْرَ وَهُمْ يَرْتَجِزُونَ والنبيُّ مَعَهْمُ وَهْوَ يَقُولُ:اللَّهُمَّ لاَ خَيْر إلاَّ خَيْرُ الآخِرَه فَاغْفِرْ لِلاَّنْصَارِ والمهَاجِرَهْ.مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة: الأول: مُسَدّد بن مسرهد. الثَّانِي: عبد الْوَارِث بن سعيد التَّيْمِيّ. الثَّالِث: أَبُو التياح، بِفَتْح الْمُثَنَّاة من فَوق وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره حاء مُهْملَة: واسْمه يزِيد بن حميد الضبغي، وَالْكل تقدمُوا. الرَّابِع: أنس بن مَالك.ذكر لطائف اسناده: وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين، وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين. وَفِيه: القَوْل. وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم بصريون.ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّلَاة فِي موضِعين من الْوَصَايَا، وَفِي هِجْرَة النَّبِي عَن مُسَدّد، وَفِي الْحَج عَن أبي معمر عبد اللَّه بن عَمْرو، وَفِي الْبيُوع عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل وَفِي الْوَصَايَا عَن إِسْحَاق عَن عبد الصَّمد بن عبد الوراث، وَفِي الْهِجْرَة عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور عَن الصَّمد. وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن يحيى بن يحيى وشبيان بن فروخ. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُسَدّد بِهِ وَعَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن حَمَّاد، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عمان ابْن مُوسَى عَن عبد الْوَارِث نَحوه. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن عَليّ بن مُحَمَّد بن وَكِيع عَن حَمَّاد بن سَلمَة بِبَعْضِه.ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (قدم النَّبِي الْمَدِينَة) : قَالَ الْحَاكِم: تَوَاتَرَتْ الْأَخْبَار بورود النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، قبَاء يَوْم الْإِثْنَيْنِ لثمان خلون من ربيع الأول. وَقَالَ مُحَمَّد بن مُوسَى الْخَوَارِزْمِيّ، وَكَانَ ذَلِك يَوْم الْخَمِيس الرَّابِع من تيرماه، وَمن شهور الرّوم الْعَاشِرَة من أيلول سنة سَبْعمِائة وَثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ لذِي القرنين، وَقَالَ الْخَوَارِزْمِيّ: من حِين ولد إِلَى حِين أسرِي بِهِ: أحد وَخَمْسُونَ سنة وَسَبْعَة أشهر وَثَمَانِية وَعِشْرُونَ يَوْمًا، وَمِنْه إِلَى الْيَوْم الَّذِي هَاجر: سنة وشهران وَيَوْم، فَذَلِك ثَلَاث وَخَمْسُونَ سنة، وَكَانَ ذَلِك يَوْم الْخَمِيس. وَفِي (وطبقات ابْن سعد) : أَن رَسُول الله خرج من الْغَار لَيْلَة الْإِثْنَيْنِ لأَرْبَع لَيَال خلون من شهر ربيع الأول، وَيُقَال: لِاثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة خلت من شهر ربيع الأول، فَنزل على كُلْثُوم بن هدم، وَهُوَ الْمُثبت عندنَا، وَذكر البرقي أَنه قدم الْمَدِينَة لَيْلًا، وَعَن جَابر: لما قدم الْمَدِينَة نحر جزوراً. قَوْله: (فَنزل أَعلَى المدنية) ويروى: فِي الْمَدِينَة، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد: (فَنزل فِي علو الْمَدِينَة) بِالضَّمِّ وَهِي الْعَالِيَة.قَوْله: (فِي حَيّ) ، بتَشْديد الْيَاء وَهِي: الْقَبِيلَة، وَجَمعهَا أَحيَاء. قَوْله: (بَنو عَمْرو بن عَوْف) ، بِفَتْح الْعين فيهمَا، (فَأَقَامَ فيهم أَربع عشرَة لَيْلَة) ، وَهَذِه رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَكَذَا فِي رِوَايَة أبي دَاوُد عَن شَيْخه مُسَدّد، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والحموي: (أَرْبعا وَعشْرين لَيْلَة) ، وَعَن الزُّهْرِيّ: أَقَامَ فيهم (بضع عشرَة لَيْلَة) . وَعَن عُوَيْمِر بن سَاعِدَة: (لبث فيهم ثَمَانِي عشرَة لَيْلَة ثمَّ خرج) قَوْله: (ثمَّ أرسل إِلَى بني النجار) ، وَبَنُو النجار هم بَنو تيم اللات بن ثَعْلَبَة بن عَمْرو بن الجموح، والنجار قبيل كَبِير من الْأَنْصَار، مِنْهُ بطُون وعمائر وأفخاذ وفضائل، وتيم اللات هُوَ النجار، سمي بذلك لِأَنَّهُ اختتن بقدوم، وَقيل: بل ضرب رجلا بقدوم فجرحه، ذكره الْكَلْبِيّ وَأَبُو عُبَيْدَة، وَإِنَّمَا طلب بني النجار لأَنهم كَانُوا أَخْوَاله، لِأَن هاشماً جده تزوج سلمى بنت عَمْرو بن زيد من بني عدي بن النجار بِالْمَدِينَةِ فَولدت لَهُ عبد الْمطلب. قَوْله: (فجاؤا متقلدي السيوف) ، هَكَذَا فِي رِوَايَة كَرِيمَة بِإِضَافَة: متقلدين إِلَى السيوف وَسُقُوط النُّون للإضافة، وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين (متقلدين السيوف) ، بِنصب السيوف وَثُبُوت النُّون لعدم الْإِضَافَة، وعَلى كل حَال هُوَ مَنْصُوب على الْحَال من الضَّمِير الَّذِي فِي: جاؤوا، والتقلد جعل نجاد السَّيْف على الْمنْكب. قَوْله: (على رَاحِلَته) ، الرَّاحِلَة الْمركب من الْإِبِل ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى، وَكَانَت
    رَاحِلَته نَاقَة تسمى الْقَصْوَاء.قَوْله: (وَأَبُو بكر ردفه) ، جملَة اسمية فِي مَوضِع النصب على الْحَال، والردف بِكَسْر الرَّاء وَسُكُون الدَّال: المرتدف، وَهُوَ الَّذِي يركب خلف الرَّاكِب. وأردفته أَنا إِذا أركبته مَعَك، وَذَاكَ الْموضع الَّذِي يركبه: رداف، وكل شَيْء تبع شَيْئا فَهُوَ: ردفه. وَكَانَ لأبي بكر نَاقَة، فَلَعَلَّهُ تَركهَا فِي بني عَمْرو بن عَوْف لمَرض أَو غَيره، وَيجوز أَن يكون ردهَا إِلَى مَكَّة ليحمل عَلَيْهَا أَهله، وَثمّ وَجه آخر حسن وَهُوَ: أَن نَاقَته كَانَت مَعَه، وَلكنه مَا ركبهَا لشرف الارتداف خَلفه، لِأَنَّهُ تَابعه والخليفة بعده. قَوْله: (وملأ بني النجار حوله) جملَة إسمية حَالية أَيْضا و: الْمَلأ، أَشْرَاف الْقَوْم ورؤساؤهم، سموا بذلك لأَنهم ملاء بِالرَّأْيِ والغنى، وَالْمَلَأ: الْجَمَاعَة، وَالْجمع أملاء. وَقَالَ ابْن سَيّده: وَلَيْسَ الْمَلأ من بابُُ: رَهْط، وَإِن كَانَ إسمين، لِأَن رهطاً لَا وَاحِد لَهُ من لَفظه، وَالْمَلَأ: رجل مالىء جليل مَلأ الْعين بجهرته، فَهُوَ كالعرب وَالزَّوْج، حكى ملأته على الْأَمر أملؤه وملأته كَذَلِك، أَي: شاورته، و: مَا كَانَ الْأَمر عَن مَلأ منا أَي: عَن تشَاور وَإِجْمَاع. قَوْله: (ألْقى) أَي: حَتَّى ألْقى رَحْله وَالْمَفْعُول مَحْذُوف، يُقَال: ألقيت الشَّيْء إِذا طرحته. وَقَوله: (بِفنَاء أبي أَيُّوب) أَي: بِفنَاء دَار أبي أَيُّوب، الفناء، بِكَسْر الْفَاء: سَعَة أَمَام الدَّار وَالْجمع أفنية، وَفِي (الْمُجْمل) : فنَاء الدَّار مَا امْتَدَّ من جوانبها. وَفِي (الْمُحكم) : وتبدل الْبَاء من الْفَاء. وَاسم أبي أَيُّوب: خَالِد بن زيد الْأنْصَارِيّ، رَضِي اتعالى عَنهُ، وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب، وَفِي (شرف الْمُصْطَفى) : لما نزلت النَّاقة عِنْد دَار أبي أَيُّوب جعل جَبَّار ابْن صَخْر ينخسها بِرجلِهِ، فَقَالَ أَبُو أَيُّوب: يَا جَبَّار، أعن منزلي تنخسها؟ أما وَالَّذِي بَعثه بِالْحَقِّ لَوْلَا الْإِسْلَام لضربتك بِالسَّيْفِ قلت: جَبَّار بن صَخْر بن أُميَّة بن خنساء السّلمِيّ، وَيُقَال: جَابر بن صَخْر الْأنْصَارِيّ، شهد الْعقبَة وبدراً وَهُوَ صَحَابِيّ كَبِير، روى مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن أبي سعد الخطمي سمع جَبَّار بن عبد اللَّه قَالَ: (صليت خلف رَسُول الله أَنا وَجَابِر بن صَخْر فأقامنا خَلفه) . وَالصَّحِيح: أَن اسْمه: جَبَّار بن صَخْر. وَذكر مُحَمَّد بن إِسْحَاق فِي كتاب (الْمُبْتَدَأ وقصص الْأَنْبِيَاء) ، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، تأليفه: أَن تبعا وَهُوَ ابْن حسان لما قدم مَكَّة قبل مولد رَسُول ا، بِأَلف عَام، وَخرج مِنْهَا إِلَى يثرب وَكَانَ مَعَه أَربع مائَة رجل من الْحُكَمَاء، فَاجْتمعُوا وتعاقدوا على أَن لَا يخرجُوا مِنْهَا، وسألهم تبع عَن سر ذَلِك فَقَالُوا: إِنَّا نجد فِي كتبنَا أَن نَبيا اسْمه مُحَمَّد هَذِه دَار مهاجره، فَنحْن نُقِيم لَعَلَّ أَن نَلْقَاهُ، فَأَرَادَ تبع الْإِقَامَة مَعَهم، ثمَّ بني لكل وَاحِد من أُولَئِكَ دَار، وَاشْترى لَهُ جَارِيَة وَزوجهَا مِنْهُ، وَأَعْطَاهُمْ مَالا جزيلاً، وكتاباً فِيهِ إِسْلَامه وَقَوله:شهِدت على أَحْمد أَنه رَسُول من ابارىء النسم فِي أَبْيَات، وختمه بِالذَّهَب وَدفعه إِلَى كَبِيرهمْ، وَسَأَلَهُ أَن يَدْفَعهُ إِلَى مُحَمَّد إِن أدْركهُ وإلاَّ من أدْركهُ من وَلَده، وَبني للنَّبِي دَارا ينزلها إِذا قدم الْمَدِينَة، فتداول الدَّار الْملاك إِلَى أَن صَارَت لأبي أَيُّوب، رَضِي اتعالى عَنهُ وَهُوَ من ولد ذَلِك الْعَالم الَّذِي دفع إِلَيْهِ الْكتاب، قَالَ: وَأهل الْمَدِينَة من ولد أُولَئِكَ الْعلمَاء الْأَرْبَع مائَة، وَيَزْعُم بَعضهم أَنهم كَانُوا الْأَوْس والخررج، وَلما خرج رَسُول اصلى تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم، أرْسلُوا إِلَيْهِ كتاب تبع مَعَ رجل يُسمى أَبَا ليلى، فَلَمَّا رَآهُ قَالَت: أَنْت أَبُو ليلى ومعك كتاب تبع الأول، فَبَقيَ أَبُو ليلى متفكراً وَلم يعرف النَّبِي، فَقَالَ: من أَنْت فَإِنِّي لم أر فِي وَجهك أثر السحر، وتوهم أَنه سَاحر، فَقَالَ: أَنا مُحَمَّد، هَات الْكتاب. فَلَمَّا قَرَأَهُ، قَالَ: مرْحَبًا بتبع الْأَخ الصَّالح، ثَلَاث مَرَّات، وَفِي سيرة ابْن إِسْحَاق: اسْمه تبان أسعد أَبُو كرب، وَهُوَ الَّذِي كسى الْبَيْت الْحَرَام، وَفِي (مغايص الْجَوْهَر فِي أَنْسَاب حمير) : كَانَ يدين بالزبور، وَفِي (مُعْجم الطَّبَرَانِيّ) : (لَا تسبوا تبعا) . وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى سهل بن سعد، رَضِي اتعالى عَنهُ، إِنَّه قَالَ: (سَمِعت رَسُول الله يَقُول: لَا تسبوا تبعا فَإِنَّهُ كَانَ قد أسلم) . وَأخرجه أَحْمد فِي مُسْنده.وَتبع، بِضَم التار الْمُثَنَّاة من فَوق وَفتح الْبَاء الْمُشَدّدَة وَفِي آخِره عين مُهْملَة: لقب لكل من ملك الْيمن، ككسرى لقب لكل من ملك الْفرس، وَقَيْصَر لكل من ملك الرّوم، وَقَالَ عِكْرِمَة: إِنَّمَا سمي لِكَثْرَة أَتْبَاعه، وَكَانَ يعبد النَّار، فسألم قَالَ: وَهَذَا تبع الْأَوْسَط، قَالَ: وَأقَام ملكا ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ سنة، وَقيل: ثَمَانِينَ سنة. وَقَالَ ابْن سِيرِين: هُوَ أول من كسى الْبَيْت وَملك الدُّنْيَا والأقاليم بأسرها، وَحكى الْقَاسِم بن عَسَاكِر عَن سعيد بن عبد الْعَزِيز أَنه قَالَ: كَانَ إِذا عرض الْخَيل قَامُوا صفا من دمشق إِلَى صنعاء، وَهَذَا بعيد إِن أَرَادَ بِهِ صنعاء الْيمن، لِأَن بَينهَا وَبَين دمشق أَكثر من شَهْرَيْن، وَالظَّاهِر أَنه أَرَادَ بهَا صنعاء دمشق، وَهِي قَرْيَة على بابُُ دمشق من نَاحيَة
    بابُُ الفرديس، واتصلت حيطانها بِالْعقبَةِ، وَهِي محلّة عَظِيمَة بِظَاهِر دمشق، وَذكر ابْن عَسَاكِر فِي كِتَابه: أَن تبعا هَذَا لما قدم مَكَّة وكسى الْكَعْبَة وَخرج إِلَى يثرب كَانَ فِي مائَة ألف وَثَلَاثِينَ ألفا من الفرسان، وَمِائَة ألف وَثَلَاثَة عشر ألفا من الرجالة. وَذكر أَيْضا: أَن تبعا لما خرج من يثرب مَاتَ فِي بِلَاد الْهِنْد، وَذكر السُّهيْلي: أَن دَار أبي أَيُّوب هَذِه صَارَت بعده إِلَى أَفْلح مولى أبي أَيُّوب فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ، بعد مَا خرب، الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام بِأَلف دِينَار بعد حِيلَة احتالها عَلَيْهِ الْمُغيرَة، فأصلحه الْمُغيرَة وَتصدق بِهِ على أهل بَيت فُقَرَاء بِالْمَدِينَةِ.قَوْله: (وَيُصلي فِي مرابض الْغنم) ، المرابض جمع: مربض، وَهُوَ: مأوى الْغنم. قَوْله: (إِنَّه أَمر) بِكَسْر الْهمزَة فِي: إِن، لِأَنَّهُ كَلَام مُسْتَقْبل بِذَاتِهِ، أَي: إِن النَّبِي أَمر بِبِنَاء الْمَسْجِد، ويروى: أَمر، على بِنَاء الْمَفْعُول، فعلى هَذَا يكون الضَّمِير فِي: أَنه، للشأن، وَالْمَسْجِد: هُوَ بِكَسْر الْجِيم وَفتحهَا، وَهُوَ الْموضع الَّذِي يسْجد فِيهِ. وَفِي (الصِّحَاح) : الْمَسْجِد، بِفَتْح الْجِيم: مَوضِع السُّجُود، وبكسرها: الْبَيْت الَّذِي يصلى فِيهِ. وَمن الْعَرَب من يفتح فِي كلا الْوَجْهَيْنِ، وَعَن الْفراء: سمعنَا الْمَسْجِد وَالْمَسْجِد، وَالْفَتْح جَائِز وَإِن لم نَسْمَعهُ. وَفِي (الْمعَانِي) للزجاج: كل مَوضِع يتعبد فِيهِ مَسْجِد. قَوْله: (ثامنوني) بالثاء الْمُثَلَّثَة، وَقَالَ الْكرْمَانِي: أَي بيعونيه بِالثّمن، وَقَالَ بَعضهم: أَي اذْكروا لي ثمنة. وَقَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) : أَي قدرُوا ثمنه لأشتريه مِنْكُم وبايعوني فِيهِ. قلت: كل ذَلِك لَيْسَ تَفْسِيرا لموضوع هَذِه الْمَادَّة، وَإِن كَانَ يدل على الْمَقْصُود، وَالتَّفْسِير هُوَ الَّذِي ذكرته فِي (شرح سنَن أبي دَاوُد) وَهُوَ: أَن هَذِه اللَّفْظَة من: ثامنت الرجل، فِي البيع أثامنه، إِذا قاولته فِي ثمنه، وساومته على بَيْعه وشرائه. قَوْله: (بحائطكم) ، الْحَائِط هَهُنَا الْبُسْتَان يدل عَلَيْهِ قَوْله: (وَفِيه نخل) ، وبالنخل فَقطع، وَفِي لفظ: كَانَ مربداً، وَهُوَ الْموضع الَّذِي يَجْعَل فِيهِ التَّمْر لينشف. قَوْله: (لَا نطلب ثمنه إلاَّ إِلَى اعز وَجل) ، وَقَالَ الْكرْمَانِي مَا حَاصله: لَا نطلب ثمن المصروف فِي سَبِيل ا، وَأطلق الثّمن على سَبِيل المشاكلة. ثمَّ قَالَ: فَإِن قلت: رالطّلب يسْتَعْمل: بِمن، فَالْقِيَاس أَن يُقَال: إلاَّ من اقلت: مَعْنَاهُ: لَا نطلب الثّمن من أحد، لكنه مَصْرُوف إِلَى اتعالى، قلت: وَهَذَا كُله تعسف مَعَ تَطْوِيل، بل مَعْنَاهُ: لَا نطلب الثّمن إلاَّ من اتعالى، وَكَذَا وَقع عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ: لَا نطلب ثمنه إلاَّ من ا. وَقد جَاءَ: إِلَى، فِي كَلَام الْعَرَب للابتداء، كَقَوْلِه:فَلَا يرْوى إِلَى ابْن أَحْمد. أَي: منى، وَيجوز أَن تكون: إِلَى هَهُنَا، على مَعْنَاهَا لانْتِهَاء الْغَايَة، وَيكون التَّقْدِير: ننهي طلب الثّمن إِلَى ا، كَمَا فِي قَوْلهم: أَحْمد إِلَيْك ا، وَالْمعْنَى: أنهِي حَمده إِلَيْك، وَالْمعْنَى لَا نطلب مِنْك الثّمن بل نتبرع بِهِ، ونطلب الثّمن أَي: الْأجر من اتعالى، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور فِي (الصَّحِيحَيْنِ) . وَذكر مُحَمَّد بن سعد فِي (الطَّبَقَات) : على الْوَاقِدِيّ أَن النَّبِي، صلى اتعالى عَلَيْهِ وَسلم، اشْتَرَاهُ مِنْهُم بِعشْرَة دَنَانِير، دَفعهَا أَبُو بكر الصّديق. وَيُقَال: كَانَ ذَلِك مربد اليتيمين، فدعاهما النّبي صلى اتعالى عَلَيْهِ وَسلم، فساومهما ليتخذه مَسْجِدا، فَقَالَا: بل نهبه لَك يَا رَسُول ا، فَأبى رَسُول ا، صلى اتعالى عَلَيْهِ وَسلم، حَتَّى ابتاعه مِنْهُمَا بِعشْرَة دَنَانِير، وَأمر أَبَا بكر أَن يعطيهما ذَلِك. وَفِي (الْمَغَازِي) لأبي معشر: فَاشْتَرَاهُ أَبُو أَيُّوب مِنْهُمَا وَأَعْطَاهُ الثّمن، فبناه مَسْجِدا. واليتيمان هما: سهل وَسُهيْل، ابْنا رَافع بن عَمْرو بن أبي عَمْرو، من بني النجار، كَانَا فِي حجر أسعد بن زُرَارَة، وَقيل: معَاذ بن عفراء، وَقَالَ معَاذ: يَا رَسُول اأنا أرضيهما، فاتخذه مَسْجِدا. وَيُقَال أَن بني النجار جعلُوا حائطهم وَقفا وَأَجَازَهُ النَّبِي، صلى اتعالى عَلَيْهِ وَآله وَسلم، وَاسْتدلَّ ابْن بطال بِهَذَا على صِحَة وقف الْمشَاع. وَقَالَ: وقف الْمشَاع جَائِز عِنْد مَالك، وَهُوَ قَول أبي يُوسُف وَالشَّافِعِيّ، خلافًا لمُحَمد بن الْحسن، وَالصَّحِيح أَن بني النجار لم يوقفوا شَيْئا، بل باعوه وَوَقفه النَّبِي، فَلَيْسَ وقف مشَاع.قَوْله: (قُبُور الْمُشْركين) بِالرَّفْع بدل أَو بَيَان لقَوْله: (مَا أَقُول) . قَوْله: (وَفِيه خرب) قَالَ أَبُو الْفرج: الرِّوَايَة الْمَعْرُوفَة: (خرب) ، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَكسر الرَّاء، جمع خربه. كَمَا يُقَال: كلمة وكلم، وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَان: حدّثناه الخراب، بِكَسْر الْخَاء وَفتح الرَّاء وَهُوَ: جمع الخراب، وَهُوَ مَا يخرب من الْبناء فِي لُغَة بني تَمِيم، وهما لُغَتَانِ صحيحتان رويتا، وَقَالَ الْخطابِيّ: لَعَلَّ صَوَابه: خرب، بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة: جمع: خربة، وَهِي الخروق فِي الأَرْض إلاَّ أَنهم يَقُولُونَهَا فِي ثقبة مستديرة فِي أَرض أَو جِدَار، قَالَ: وَلَعَلَّ الرِّوَايَة جرف جمع الجرفة، ويه جمع الجرف، كَمَا يُقَال: خرج وخرجة، وترس وترسة، وابين من ذَلِك إِن ساعدته الرِّوَايَة أَن يكون حدباً جمع حدبة، وَهُوَ الَّذِي يَلِيق بقوله: فسويت، وَإِنَّمَا يسوى الْمَكَان المحدودب أَو مَوضِع من الأَرْض فِيهِ
    خروق وهدوم، فَأَما الخرب فَإِنَّهَا تعمر وَلَا تسوى، وَقَالَ عِيَاض: هَذَا التَّكَلُّف لَا حَاجَة إِلَيْهِ فَإِن الَّذِي ثَبت فِي الرِّوَايَة صَحِيح الْمَعْنى، كَمَا أَمر يقطع النّخل لتسوية الأَرْض، أَمر بالخرب فَرفعت رسومها وسويت موَاضعهَا لتصير جَمِيع الأَرْض مبسوطة مستوية للمصلين، وَكَذَلِكَ فعل بالقبور. وَفِي (مُصَنف) ابْن أبي شيبَة، بِسَنَد صَحِيح: وَأمر بالحرث فحرث، وَهُوَ الَّذِي زعم ابْن الْأَثِير أَنه رُوِيَ بِالْحَاء الْمُهْملَة والثاء الْمُثَلَّثَة، يُرِيد الْموضع المحروث للزِّرَاعَة. قلت: كَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَلَكِن قيل: إِنَّه وهم. قَوْله: (وبالنخل) أَي: أَمر بِالنَّخْلِ فَقطع. قَوْله: (فصفوا النّخل) من صففت الشَّيْء صفا، وَفِي (مغازي ابْن بكير) عَن ابْن إِسْحَاق: جعلت قبْلَة الْمَسْجِد من اللَّبن، وَيُقَال: بل من حِجَارَة منضودة بَعْضهَا على بعض، وَسَيَأْتِي فِي (الصَّحِيح) : أَن الْمَسْجِد كَانَ على عَهده مَبْنِيا بِاللَّبنِ وسقفه الجريد وعمده خشب النّخل، وَلم يزدْ فِيهِ أَبُو بكر شَيْئا، وَلَعَلَّ المُرَاد بالقبلة جِهَتهَا، لَا الْقبْلَة الْمَعْهُودَة الْيَوْم، فَإِن ذَلِك لم يكن ذَلِك الْوَقْت، وَورد أَيْضا أَنه كَانَ فِي مَوضِع الْمَسْجِد الْغَرْقَد فَأمر أَن يقطع، وَكَانَ فِي المربد قُبُور جَاهِلِيَّة فَأمر بهَا رَسُول الله فنبشت، وَأمر بالعظام أَن تغيب، وَكَانَ فِي المربد مَاء مستنجل فستره حَتَّى ذهب. قَوْله: نز قَلِيل الجري، من النجل وَهُوَ: المَاء الْقَلِيل، وَجعلُوا طوله مِمَّا يَلِي الْقبْلَة إِلَى مؤخره مائَة ذِرَاع، وَفِي هذَيْن الْجَانِبَيْنِ مثل ذَلِك فَهُوَ مربع،، وَيُقَال: كَانَ أقل من الْمِائَة، وَجعلُوا الأساس قَرِيبا من ثَلَاثَة أَذْرع على الأَرْض بِالْحِجَارَةِ ثمَّ بنوه بِاللَّبنِ، وَجعل النَّبِي ينْقل مَعَهم اللَّبن وَالْحِجَارَة بِنَفسِهِ وَيَقُول:(هَذَا الْجمال لَا جمال خَيْبَر ... هَذَا أبر رَبنَا وأطهر)وَجعل قبلته إِلَى الْقُدس، وَجعل لَهُ ثَلَاثَة أَبْوَاب بابُُا فِي مؤخره، وبابُاً يُقَال لَهُ: بابُُ الرَّحْمَة، وَهُوَ الْبابُُ الَّذِي يدعى بابُُ العاتكة، وَالثَّالِث: الَّذِي يدْخل مِنْهُ، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَهُوَ الْبابُُ الَّذِي يَلِي آل عُثْمَان، وَجعل طول الْجِدَار قامة وبسطة، وعمده الْجُذُوع، وسقفه جريداً فَقيل لَهُ: أَلا تسقفه؟ فَقَالَ: عَرِيش كعريش مُوسَى خشيبات، وَتَمام الْأَمر أعجل من ذَلِك، وَسَيَأْتِي فِي الْكتاب عَن قريب: عَن ابْن عمر: أَن الْمَسْجِد كَانَ على عهد رَسُول الله مَبْنِيا بِاللَّبنِ وسقفه الجريد وعمده خشب النّخل، وَلم يزدْ فِيهِ أَبُو بكر شَيْئا، وَزَاد فِيهِ عمر، وبناه على بنائِهِ فِي عهد النَّبِي بِاللَّبنِ والجريد وَأعَاد عمده خشباً ثمَّ غَيره عُثْمَان فَزَاد فِيهِ زِيَادَة كَثِيرَة، وَبنى جِدَاره بحجارة منقوشة والقصة وَجعل عمده حِجَارَة منقوشة، وسقفه بالساج. وَفِي (الإكليل) ثمَّ بناه الْوَلِيد بن عبد الْملك فِي إمرة عمر بن عبد الْعَزِيز، وَفِي (الرَّوْض) : ثمَّ بناه الْمهْدي، ثمَّ زَاد فِيهِ الْمَأْمُون، ثمَّ لم يبلغنَا تغيره إِلَى الْآن. قَوْله: (عضادتيه) تَثْنِيَة: عضادة، بِكَسْر الْعين. قَالَ ابْن التياني فِي (الموعب) : قَالَ أَبُو عمر: وَهِي جَانب الْحَوْض، وَعَن صَاحب (الْعين) : أعضاد كل شَيْء مَا يشده من حواليه من الْبناء وَغَيره، مِثَال عضاد الْحَوْض، وَهِي صَفَائِح من حِجَارَة ينصبن على شفيره، وعضادتا الْبابُُ مَا كَانَ عَلَيْهِمَا يطبق الْبابُُ إِذا أصفق. وَفِي (التَّهْذِيب) للأزهري: عضادتا الْبابُُ الخشبتان المنصوبتان عَن يَمِين الدَّاخِل مِنْهُ وشماله، وَزَاد الْقَزاز: فَوْقهمَا الْعَارِضَة. قَوْله: (يرتجزون) أَي: يتعاطون الرجز، من: الرجز، وَهُوَ ضرب من الشّعْر، وَقد رجز الراجز وأرجزه، وَقد اخْتلف العروضيون وَأهل الْأَدَب فِي الرجز هَل هُوَ شعر أم لَا، مَعَ اتِّفَاق أَكْثَرهم على أَن الرجز لَا يكون شعرًا، وَعَلِيهِ يحمل مَا جَاءَ من النَّبِي من ذَلِك: لِأَن الشّعْر حرَام عَلَيْهِ بِنَصّ الْقُرْآن الْعَظِيم. وَقَالَ القرطبى: الصَّحِيح فِي الرجز أَنه من الشّعْر، وَإِنَّمَا أخرجه من الشّعْر من أشكل عَلَيْهِ إنشاد النَّبِي إِيَّاه، فَقَالَ: لَو كَانَ شعرًا لما علمه. قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْء، لِأَن من أنْشد الْقَلِيل من الشّعْر أَو قَالَه أَو تمثل بِهِ على وَجه الندور لم يسْتَحق اسْم شَاعِر، وَلَا يُقَال فِيهِ: إِنَّه يعلم الشّعْر، وَلَا ينْسب إِلَيْهِ. وَقَالَ ابْن التِّين: لَا يُطلق على الرجز شعرًا، إِنَّمَا هُوَ كَلَام مرجز مسجع بِدَلِيل أَنه يُقَال لصانعه: راجز، وَلَا يُقَال: شَاعِر. وَيُقَال: أنْشد رجزاً وَلَا يُقَال أنْشد شعرًا. وَقيل: أَن مَا قَالَه الشَّاعِر لَيْسَ برجز وَلَا مَوْزُون، وَقد اخْتلف هَل يحل لَهُ الشّعْر؟ فعلى القَوْل بِنَفْي الْجَوَاز هَل يحْكى بَيْتا وَاحِدًا؟ فَقيل: لَا يتمه إلاَّ متغيراً وَأبْعد من قَالَ: الْبَيْت الْوَاحِد لَيْسَ بِشعر، وَلما ذكر قَول طرفه.(ستبدي لَك الْأَيَّام مَا كنت جَاهِلا.)قَالَ: قَالَ:(ويأتيك من لم تزَود بالأخبار). فَقَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الم يقل هَكَذَا، وَإِنَّمَا قَالَ:(ويأتيك بالأخبار من لم تزَود.)فَقَالَ: كِلَاهُمَا سَوَاء، فَقَالَ: أشهد أَنَّك لست بشاعر، وَلَا تُحسنهُ. وَلما أنْشد، على مَا ذكرنَا، خرج أَن يكون شعرًا، وَقد قيل: قَوْله تَعَالَى: {{وَمَا علمناه الشّعْر}} (يس: 96) أَي: صَنعته، وَهِي الْآلَة الَّتِي لَهُ، فَأَما أَن يحفظ مَا قَالَ النَّاس فَلَيْسَ بممتنع عَلَيْهِ. قَوْله:
    (وَالنَّبِيّ مَعَهم) ، جملَة حَالية، أَي: وَالنَّبِيّ يرتجز مَعَهم، وَكَذَا قَوْله: (وَهُوَ يَقُول) حَال قَوْله: (اللَّهُمَّ) مَعْنَاهُ: يَا ا، وَقَالَ البصريون: اللَّهُمَّ، دُعَاء بِجَمِيعِ أَسْمَائِهِ إِذْ: الْمِيم، تشعر بِالْجمعِ كَمَا فِي: عَلَيْهِم، وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: أَصله اأمنا بِخَير، أَي: اقصدنا، فَخفف فَصَارَ: اللَّهُمَّ قَوْله: (لَا خير إلاَّ خير الْآخِرَة) . وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد.(اللَّهُمَّ إِن الْخَيْر خير الْآخِرَة) . قَوْله: (فَاغْفِر للْأَنْصَار) ، كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والحموي: (فَاغْفِر الْأَنْصَار) ، بِحَذْف: اللَّام، وَوَجهه أَن يضمن: أَغفر، معنى: اسْتُرْ، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد عَن مُسَدّد شيخ البُخَارِيّ وَشَيْخه أَيْضا، بِلَفْظ: (فانصر الْأَنْصَار) ، وَالْأَنْصَار جمع نصير، كأشراف جمع شرِيف، والنصير النَّاصِر من نَصره اعلى عدوه ينصره نصرا، والأسم: النُّصْرَة، وَسموا بذلك لأَنهم أعانوه على أعدائه وشدوا مِنْهُ، (والمهاجرة) الْجَمَاعَة المهاجرة، وهم الَّذين هَاجرُوا من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة محبَّة فِيهِ وطلباً للآخرة،، وَالْهجْرَة فِي الأَصْل من الهجر ضد الْوَصْل، وَقد هجره هجراً وهجراناً، ثمَّ غلب على الْخُرُوج من أَرض إِلَى أَرض، وَترك الأولى للثَّانِيَة. يُقَال مِنْهُ هَاجر مهاجرة، وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَاعْلَم أَنه لَو قرىء هَذَا الْبَيْت بِوَزْن الشّعْر يَنْبَغِي أَن يُوقف على: الْآخِرَة، والمهاجرة، إلاَّ أَنه قيل: إِنَّه قرأهما بِالتَّاءِ متحركة خُرُوجًا عَن وزن الشّعْر.ذكر مَا يستنبط مِنْهُ من الْأَحْكَام: فِيهِ: جَوَاز الإرداف. وَفِيه: جَوَاز الصَّلَاة فِي مرابض الْغنم. وَفِيه: جَوَاز التَّصَرُّف فِي الْمقْبرَة الْمَمْلُوكَة بِالْهبةِ وَالْبيع. وَفِيه: جَوَاز نبش قُبُور الْمُشْركين لِأَنَّهُ لَا حُرْمَة لَهُم. فَإِن قلت: كَيفَ يجوز إخراجهم من قُبُورهم والقبر مُخْتَصّ بِمن دفن فِيهِ فقد جازه فَلَا يجوز بَيْعه وَلَا نَقله عَنهُ؟ قلت: تِلْكَ الْقُبُور الَّتِي أَمر النَّبِي بنبشها لم تكن أملاكاً لمن دفن فِيهَا، بل لَعَلَّهَا غصبت، فَلذَلِك بَاعهَا ملاكها وعَلى تَقْدِير التَّسْلِيم أَنَّهَا حبست فَلَيْسَ بِلَازِم، إِنَّمَا اللَّازِم تحبيس الْمُسلمين لَا الْكفَّار، وَلِهَذَا قَالَت الْفُقَهَاء: إِذا دفن الْمُسلم فِي أَرض مَغْصُوبَة يجوز إِخْرَاجه فضلا عَن الْمُشرك، وَقد يُجَاب بِأَنَّهُ دعت الضَّرُورَة وَالْحَاجة إِلَى نبشهم فَجَاز، فَإِن قلت: هَل يجوز فِي هَذَا الزَّمَان نبش قُبُور الْكفَّار ليتَّخذ مَكَانهَا مَسَاجِد؟ قلت: أجَاز ذَلِك قوم محتجين بِهَذَا الحَدِيث، وَبِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَن النَّبِي قَالَ: هَذَا قبر أبي رِغَال، وَهُوَ: أَبُو ثَقِيف، وَكَانَ من ثَمُود وَكَانَ بِالْحرم يدْفع عَنهُ، فَلَمَّا خرج أَصَابَته النقمَة فَدفن بِهَذَا الْمَكَان، وَآيَة ذَلِك أَنه دفن مَعَه غُصْن من ذهب فابتدر النَّاس فنبشوه وَاسْتَخْرَجُوا الْغُصْن، قَالُوا: فَإِذا جَازَ نبشها لطلب المَال فنبشها للِانْتِفَاع بمواضعها أولى، وَلَيْسَت حرمتهم موتى بأعظم مِنْهَا وهم أَحيَاء، بل هُوَ مأجور فِي ذَلِك، وَإِلَى جَوَاز نبش قُبُورهم لِلْمَالِ ذهب الْكُوفِيُّونَ وَالشَّافِعِيّ وَأَشْهَب بِهَذَا الحَدِيث، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ: لَا يفعل، لِأَن رَسُول الله لما مر بِالْحجرِ قَالَ: (لَا تدْخلُوا بيُوت الَّذين ظلمُوا إلاَّ أَن تَكُونُوا بَاكِينَ) . فَنهى أَن يدْخل عَلَيْهِم بُيُوتهم، فَكيف قُبُورهم؟ وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: قد أَبَاحَ دُخُولهَا على وَجه الْبكاء.فَإِن قلت: هَل يجوز أَن تبنى على قُبُور الْمُسلمين؟ قلت: قَالَ ابْن الْقَاسِم: لَو أَن مَقْبرَة من مَقَابِر الْمُسلمين عفت فَبنى قوم عَلَيْهَا مَسْجِدا لم أر بذلك بَأْسا، وَذَلِكَ لِأَن الْمَقَابِر وقف من أوقاف الْمُسلمين لدفن موتاهم لَا يجوز لأحد أَن يملكهَا، فَإِذا درست وَاسْتغْنى عَن الدّفن فِيهَا جَازَ صرفهَا إِلَى الْمَسْجِد، لِأَن الْمَسْجِد أَيْضا وقف من أوقاف الْمُسلمين لَا يجوز تملكه لأحد، فمعناهما على هَذَا وَاحِد. وَذكر أَصْحَابنَا أَن الْمَسْجِد إِذا خرب ودثر وَلم يبْق حوله جمَاعَة، والمقبرة إِذا عفت ودثرت تعود ملكا لأربابُها، فَإِذا عَادَتْ ملكا يجوز أَن يبْنى مَوضِع الْمَسْجِد دَارا وَمَوْضِع الْمقْبرَة مَسْجِدا وَغير ذَلِك، فَإِذا لم يكن لَهَا أَرْبابُُ تكون لبيت المَال.وَفِيه: أَن الْقَبْر إِذا لم يبْق فِيهِ بَقِيَّة من الْمَيِّت وَمن ترابه الْمُخْتَلط بالصديد جَازَت الصَّلَاة فِيهِ. وَفِيه: جَوَاز قطع الْأَشْجَار المثمرة للضَّرُورَة والمصلحة إِمَّا لاستعمال خشبها أَو ليغرس موضعهَا غَيرهَا أَو لخوف سُقُوطهَا على شَيْء تتلفه أَو لاتخاذ موضعهَا مَسْجِدا، وَكَذَا قطعهَا فِي بِلَاد الْكفَّار إِذا لم يرج فتحهَا لِأَن فِيهِ نكاية وغيظاً لَهُم وإرغاماً. وَفِيه: جَوَاز الارتجاز وَقَول الْأَشْعَار وَنَحْوهَا لتنشيط النُّفُوس وتسهيل الْأَعْمَال وَالْمَشْي عَلَيْهَا.

    شروح صوتية للحديث

    حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ الْمَدِينَةَ فَنَزَلَ أَعْلَى الْمَدِينَةِ، فِي حَىٍّ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ‏.‏ فَأَقَامَ النَّبِيُّ ﷺ فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى بَنِي النَّجَّارِ فَجَاءُوا مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَأَبُو بَكْرٍ رِدْفُهُ، وَمَلأُ بَنِي النَّجَّارِ حَوْلَهُ، حَتَّى أَلْقَى بِفِنَاءِ أَبِي أَيُّوبَ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ حَيْثُ أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ، وَيُصَلِّي فِي مَرَابِضِ الْغَنَمِ، وَأَنَّهُ أَمَرَ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ، فَأَرْسَلَ إِلَى مَلإٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ فَقَالَ ‏"‏ يَا بَنِي النَّجَّارِ ثَامِنُونِي بِحَائِطِكُمْ هَذَا ‏"‏‏.‏ قَالُوا لاَ وَاللَّهِ، لاَ نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلاَّ إِلَى اللَّهِ‏.‏ فَقَالَ أَنَسٌ فَكَانَ فِيهِ مَا أَقُولُ لَكُمْ، قُبُورُ الْمُشْرِكِينَ، وَفِيهِ خَرِبٌ، وَفِيهِ نَخْلٌ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَنُبِشَتْ، ثُمَّ بِالْخَرِبِ فَسُوِّيَتْ، وَبِالنَّخْلِ فَقُطِعَ، فَصَفُّوا النَّخْلَ قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ، وَجَعَلُوا عِضَادَتَيْهِ الْحِجَارَةَ، وَجَعَلُوا يَنْقُلُونَ الصَّخْرَ، وَهُمْ يَرْتَجِزُونَ، وَالنَّبِيُّ ﷺ مَعَهُمْ وَهُوَ يَقُولُ ‏"‏ اللَّهُمَّ لاَ خَيْرَ إِلاَّ خَيْرُ الآخِرَهْ فَاغْفِرْ لِلأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَهْ ‏"‏

    Narrated Anas:When the Prophet (ﷺ) arrived Medina he dismounted at `Awali-i-Medina amongst a tribe called Banu `Amr bin `Auf. He stayed there For fourteen nights. Then he sent for Bani An-Najjar and they came armed with their swords. As if I am looking (just now) as the Prophet (ﷺ) was sitting over his Rahila (Mount) with Abu Bakr riding behind him and all Banu An-Najjar around him till he dismounted at the courtyard of Abu Aiyub's house. The Prophet (ﷺ) loved to pray wherever the time for the prayer was due even at sheep-folds. Later on he ordered that a mosque should be built and sent for some people of Banu-An-Najjar and said, "O Banu An-Najjar! Suggest to me the price of this (walled) piece of land of yours." They replied, "No! By Allah! We do not demand its price except from Allah." Anas added: There were graves of pagans in it and some of it was unleveled and there were some date-palm trees in it. The Prophet (ﷺ) ordered that the graves of the pagans be dug out and the unleveled land be level led and the date-palm trees be cut down . (So all that was done). They aligned these cut date-palm trees towards the Qibla of the mosque (as a wall) and they also built two stone side-walls (of the mosque). His companions brought the stones while reciting some poetic verses. The Prophet (ﷺ) was with them and he kept on saying, "There is no goodness except that of the Hereafter, O Allah! So please forgive the Ansars and the emigrants

    Telah menceritakan kepada kami [Musaddad] berkata, telah menceritakan kepada kami ['Abdul Warits] dari [Abu At Tayyah] dari [Anas bin Malik] berkata, "Nabi shallallahu 'alaihi wasallam tiba di Madinah lalu singgah di perkampungan bani 'Amru bin 'Auf, Nabi shallallahu 'alaihi wasallam tinggal di sana selama empat belas malam. Kemudian beliau mengutus seseorang menemui bani Najjar, maka mereka pun datang dengan pedang di badan mereka. Aku melihat Nabi shallallahu 'alaihi wasallam di atas tunggangannya sedangkan Abu Bakar membonceng di belakangnya dan para pembesar bani Najjar berada di sekelilingnya hingga sampai di sumur milik Abu Ayyub. Beliau suka segera shalat saat waktu shalat sudah masuk, maka beliau pun shalat di kandang kambing. Kemudian beliau memerintahkan untuk membangun masjid, beliau mengutus seseorang menemui pembesar bani Najjar. utusan itu menyampaikan: "Wahai bani Najjar, sebutkan berapa harga kebun kalian ini?" Mereka menjawab, "Tidak, demi Allah. Kami tidak akan menjualnya kecuali kepada Allah!" Anas berkata, "Aku beritahu kepada kalian bahwa pada kebun itu banyak terdapat kuburan orang-orang musyrik, juga ada sisa-sisa reruntuhan rumah dan pohon-pohon kurma. Maka Nabi shallallahu 'alaihi wasallam memerintahkan untuk membongkar kuburan-kuburan tersebut, reruntuhan rumah diratakan dan pohon-pohon kurma ditumbangkan lalu dipindahkan di depan arah kiblat masjid. Maka lalu membuat pintu masjid dari pohon dan mengangkut batu bata sambil menyanyikan nasyid. Dan Nabi shallallahu 'alaihi wasallam ikut bekerja pula bersama mereka sambil mengucapkan: "Ya Allah. Tidak ada kebaikan kecuali kebaikan akhirat, maka ampunilah kaum Anshar dan Muhajirin

    Enes İbn Malik'ten şöyle nakledildi: "Hz. Peygamber (Sallallahu aleyhi ve Sellem), Medine'ye geldi. Şehrin yukarı kesimlerinde bulunan ve kendilerine Benu Amr İbn Avf denilen ailenin mahallesinde konakladı. Burada on dört gece kaldı. Sonra Neccaroğulları'na haber saldı. Onlar da kılıçlarını kuşanmış bir vaziyette geldiler. Nebi (Sallallahu aleyhi ve Sellem) bir binek üzerinde, Ebu Bekir ise onun terkinde idi. Neccaroğullarının ileri gelenleri ise, onun etrafındaydı. Bu tablo hala gözümün önündedir. Nihayet Allah Resulü (Sallallahu aleyhi ve Sellem) Ebu Eyyub'un evinin önündeki bahçede durdu. Nerede namaz vakti girerse oracıkta namazını kılmayı severdi. Koyun ağıllarında bile kıldığı olurdu. Nihayet mescidin yapılmasını emretti. Neccaroğulları'nın ileri gelenlerine (gelmeleri için) haber yolladı. (Gelince) onlara 'Şu arsanız ve duvarınızın değerini bana söyleyin' buyurdu. Onlar da, 'Hayır Allah'a yemin ederiz ki bunun bedelini istemiyoruz. Biz, onu Allah için bağışlamak istiyoruz' diye karşılık verdiler." Enes şöyle dedi: "O arsada, şu an size anlattığım gibi, müşriklerin kabirleri, harabeler, duvarlar ve hurma ağaçları vardı. Allah Resulü (Sallallahu aleyhi ve Sellem) müşriklerin kabirlerinin çıkarılıp başka bir yere nakledilmesini emretti. Harabeler düzlendi. Hurma ağaçları ise söküldü. Hurma ağaçlarının gövdeleri, kıble istikametine diziidi. Kapının etrafı taşlarla örüldü. Ashab-ı kiram, recez vezninden beyitler söyleyerek taş taşımaya başladı. Allah Resulü (Sallallahu aleyhi ve Sellem) de, onlarla birlikte çalışıyordu. Bir yandan da şu beyti söylüyordu: Allah'ım! Yoktur hayır ahiret hayrından başka Ensar ve muhacirleri sen bağışla" Allahumme la hayrun illa hayrun ahreti fağfiru’l-Ensari vel Muhacire

    ہم سے مسدد نے بیان کیا، انہوں نے کہا ہم سے عبدالوارث نے بیان کیا، انہوں نے ابوالتیاح کے واسطہ سے بیان کیا، انہوں نے انس بن مالک رضی اللہ عنہ سے، انہوں نے کہا کہ جب نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم مدینہ تشریف لائے تو یہاں کے بلند حصہ میں بنی عمرو بن عوف کے یہاں آپ اترے اور یہاں چوبیس راتیں قیام فرمایا۔ پھر آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے بنونجار کو بلا بھیجا، تو وہ لوگ تلواریں لٹکائے ہوئے آئے۔ انس نے کہا، گویا میری نظروں کے سامنے نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم اپنی سواری پر تشریف فرما ہیں، جبکہ ابوبکر صدیق رضی اللہ عنہ آپ صلی اللہ علیہ وسلم کے پیچھے بیٹھے ہوئے ہیں اور بنو نجار کے لوگ آپ صلی اللہ علیہ وسلم کے چاروں طرف ہیں۔ یہاں تک کہ آپ صلی اللہ علیہ وسلم ابوایوب کے گھر کے سامنے اترے اور آپ صلی اللہ علیہ وسلم یہ پسند کرتے تھے کہ جہاں بھی نماز کا وقت آ جائے فوراً نماز ادا کر لیں۔ آپ بکریوں کے باڑوں میں بھی نماز پڑھ لیتے تھے، پھر آپ نے یہاں مسجد بنانے کے لیے حکم فرمایا۔ چنانچہ بنو نجار کے لوگوں کو آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے بلوا کر فرمایا کہ اے بنو نجار! تم اپنے اس باغ کی قیمت مجھ سے لے لو۔ انہوں نے جواب دیا نہیں یا رسول اللہ! اس کی قیمت ہم صرف اللہ سے مانگتے ہیں۔ انس رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہ میں جیسا کہ تمہیں بتا رہا تھا یہاں مشرکین کی قبریں تھیں، اس باغ میں ایک ویران جگہ تھی اور کچھ کھجور کے درخت بھی تھے پس نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے مشرکین کی قبروں کو اکھڑوا دیا ویرانہ کو صاف اور برابر کرایا اور درختوں کو کٹوا کر ان کی لکڑیوں کو مسجد کے قبلہ کی جانب بچھا دیا اور پتھروں کے ذریعہ انہیں مضبوط بنا دیا۔ صحابہ پتھر اٹھاتے ہوئے رجز پڑھتے تھے اور نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم بھی ان کے ساتھ تھے اور یہ کہہ رہے تھے کہ اے اللہ! آخرت کے فائدہ کے علاوہ اور کوئی فائدہ نہیں پس انصار و مہاجرین کی مغفرت فرمانا۔

    আনাস ইবনু মালিক (রাযি.) হতে বর্ণিত। তিনি বলেনঃ নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম মদিনা্য় পৌঁছে প্রথমে মদিনার উচ্চ এলাকায় অবস্থিত বানূ ‘আমর ইবনু ‘আওফ নামক গোত্রে উপনীত হন। তাদের সঙ্গে নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম চৌদ্দ দিন (অপর বর্ণনায় চবিবশ দিন) অবস্থান করেন। অতঃপর তিনি বানূ নাজ্জারকে ডেকে পাঠালেন। তারা কাঁধে তলোয়ার ঝুলিয়ে উপস্থিত হলো। আমি যেন এখনো সে দৃশ্য দেখতে পাচ্ছি যে, নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম ছিলেন তাঁর বাহনের উপর, আবূ বাকর (রাযি.) সে বাহনেই তাঁর পেছনে আর বানূ নাজ্জারের দল তাঁর আশেপাশে। অবশেষে তিনি আবূ আয়্যূব আনসারী (রাযি.)-র ঘরের সাহানে অবতরণ করলেন। নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম যেখানেই সালাতের ওয়াক্ত হয় সেখানেই সালাত আদায় করতে পছন্দ করতেন এবং তিনি ছাগল-ভেড়ার খোঁয়াড়েও সালাত আদায় করতেন। এখন তিনি মাসজিদ তৈরি করার নির্দেশ দেন। তিনি বানূ নাজ্জারকে ডেকে বললেনঃ হে বানূ নাজ্জার! তোমরা আমার কাছ হতে তোমাদের এই বাগিচার মূল্য নির্ধারণ কর। তারা বললোঃ না, আল্লাহর কসম, আমরা এর দাম নেব না। এর দাম আমরা একমাত্র আল্লাহর নিকটই আশা করি। আনাস (রাযি.) বলেনঃ আমি তোমাদের বলছি, এখানে মুশরিকদের কবর এবং ভগ্নাবশেষ ছিল। আর ছিল খেজুর গাছ। নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম -এর নির্দেশে মুশরিকদের কবর খুঁড়ে ফেলা হলো, অতঃপর ভগ্নাবশেষ সমতল করে দেয়া হলো, খেজুর গাছগুলো কেটে ফেলা হলো অতঃপর মসজিদের কিবলায় সারিবদ্ধ করে রাখা হলো এবং তার দুই পাশে পাথর বসানো হলো। সাহাবীগণ পাথর তুলতে তুলতে ছন্দোবদ্ধ কবিতা আবৃত্তি করছিলেন। আর নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম -ও তাঁদের সাথে ছিলেন। তিনি তখন বলছিলেনঃ ‘‘হে আল্লাহ! আখিরাতের কল্যাণ ব্যতীত (প্রকৃত) আর কোন কল্যাণ নেই। তুমি আনসার ও মুহাজিরগণকে ক্ষমা কর।’’ (আধুনিক প্রকাশনীঃ ৪১০, ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ)

    அனஸ் (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: நபி (ஸல்) அவர்கள் (புலம்பெயர்ந்து) மதீனாவுக்கு வந்தபோது, மதீனாவின் மேட்டுப்பாங்கான பகுதியில் ‘பனூ அம்ர் பின் அவ்ஃப்’ என்றழைக்கப்பட்டுவந்த ஒரு குடும்பத்தாரிடம் இறங்கி, அவர்களி டையே பதினான்கு நாட்கள் தங்கினார்கள். பிறகு ‘பனூ நஜ்ஜார்’ கூட்டத்தாருக்கு ஆளனுப்பினார்கள். ‘பனூ நஜ்ஜார்’ கூட்டத்தார் (நபியவர்களை வரவேற்கும் முகமாகத் தம்) வாட்களைத் தொங்கவிட்டபடி வந்தனர். அப்போது அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள் தமது வாகனத்தில் அமர்ந்திருக்க, அபூபக்ர் (ரலி) அவர்கள் அவர்களுக்குப் பின்னே அமர்ந்திருக்க, ‘பனூ நஜ்ஜார்’ கூட்டத்தார் அவர்களைச் சுற்றிலும் குழுமியிருந்த (அந்தக் காட்சி)தனை (இப்போதும்) நான் காண்பதைப் போன்றுள்ளது. நபி (ஸல்) அவர்களின் ஊர்தி ஒட்டகம் அபூஅய்யூப் (ரலி) அவர்களின் வீட்டு முற்றத்தில் அவர்களை இறக்கியது.- அப்போதெல்லாம் தொழுகை நேரம் தம்மை வந்தடையும் இடத்திலேயே நபி (ஸல்) அவர்கள் தொழுகையை நிறைவேற்று வார்கள்; ஆட்டுத் தொழுவங்களிலும் தொழுவார்கள்- பிறகு நபி (ஸல்) அவர்கள் பள்ளிவாசல் கட்டும்படி பணித்தார்கள். பனூ நஜ்ஜார் கூட்டத்தாருக்கு ஆளனுப்பி னார்கள். (அவர்கள் வந்தபோது), “பனூ நஜ்ஜார் கூட்டத்தாரே! உங்களின் இந்தத் தோட்டத்திற்கு என்னிடம் விலை கூறுங்கள்” என்று கேட்டார்கள். அதற்கு அவர்கள், “இல்லை. அல்லாஹ்வின் மீதாணையாக! இதற்கான விலையை நாங்கள் அல்லாஹ்விடமே கோருவோம்” என்று பதில் (கூறி, அந்தத் தோட்டத்தை) அளித்தனர். நான் உங்களிடம் கூறப்போகின்றவை தான் அ(ந்தத் தோட்டத்)தில் இருந்தன: அதில் இணைவைப்பாளர்களின் சமாதிகள் இருந்தன; அதில் இடிபாடுகள் இருந்தன; சில பேரீச்ச மரங்களும் அதில் இருந்தன. எனவே, (அங்கு பள்ளிவாசல் கட்டுவதற்கு வசதியாக) நபி (ஸல்) அவர்களின் ஆணையின் பேரில் (அங்கிருந்த) இணைவைப்பாளர்களின் சமாதிகள் தோண்டப்பட்டு, இடிபாடுகள் அகற்றப்பட்டு சமப்படுத்தப்பட்டன. பேரீச்ச மரங்கள் வெட்டப்பட்டன. பின்னர் பள்ளிவாச-ன் கிப்லா திசையில் பேரீச்ச மரங்களை வரிசையாக நட்டனர். பள்ளிவாச-ன் (கதவின்) இரு நிலைக் கால்களாகக் கல்லை (நட்டு) வைத்தனர். ‘ரஜ்ஸ்’ எனும் ஈரசைச்சீர் வகைப் பாடலை பாடிக்கொண்டே அந்தக் கல்லை எடுத்துவரலாயினர். “இறைவா! மறுமையின் நன்மையைத் தவிர வேறு நன்மை கிடையாது; ஆகவே, (மறுமையின் நன்மைகளுக்காகப் பாடுபடும்) அன்சாரிகளுக்கும் முஹாஜிர்களுக்கும் நீ மன்னிப்பு அளிப்பாயாக!” என்று நபி (ஸல்) அவர்கள் கூறியவாறு அவர்களுடன் (சேர்ந்து பாறைகளை அப்புறப்படுத்துபவர்களாக) இருந்தார்கள். அத்தியாயம் :