• 1207
  • أَخْبَرَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ، أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ المَرْأَةَ فَلَمْ يُنْزِلْ ؟ قَالَ : " يَغْسِلُ مَا مَسَّ المَرْأَةَ مِنْهُ ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي "

    حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو أَيُّوبَ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ، أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ المَرْأَةَ فَلَمْ يُنْزِلْ ؟ قَالَ : يَغْسِلُ مَا مَسَّ المَرْأَةَ مِنْهُ ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : الغَسْلُ أَحْوَطُ ، وَذَاكَ الآخِرُ ، وَإِنَّمَا بَيَّنَّا لِاخْتِلاَفِهِمْ

    لا توجد بيانات
    يَغْسِلُ مَا مَسَّ المَرْأَةَ مِنْهُ ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي
    حديث رقم: 548 في صحيح مسلم كِتَابُ الْحَيْضِ بَابُ إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ
    حديث رقم: 549 في صحيح مسلم كِتَابُ الْحَيْضِ بَابُ إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ
    حديث رقم: 196 في سنن أبي داوود كِتَاب الطَّهَارَةِ بَابٌ فِي الْإِكْسَالِ
    حديث رقم: 197 في سنن أبي داوود كِتَاب الطَّهَارَةِ بَابٌ فِي الْإِكْسَالِ
    حديث رقم: 110 في جامع الترمذي أبواب الطهارة باب ما جاء أن الماء من الماء
    حديث رقم: 606 في سنن ابن ماجة كِتَابُ الطَّهَارَةِ وَسُنَنِهَا أَبْوَابُ التَّيَمُّمِ
    حديث رقم: 227 في صحيح ابن خزيمة كِتَابُ الْوُضُوءِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ
    حديث رقم: 226 في صحيح ابن خزيمة كِتَابُ الْوُضُوءِ جُمَّاعُ أَبْوَابِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ
    حديث رقم: 20608 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْأَنْصَارِ حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ
    حديث رقم: 20609 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْأَنْصَارِ حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ
    حديث رقم: 20610 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْأَنْصَارِ حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ
    حديث رقم: 20618 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْأَنْصَارِ حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ
    حديث رقم: 20619 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْأَنْصَارِ حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ
    حديث رقم: 20620 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْأَنْصَارِ حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ
    حديث رقم: 20621 في مسند أحمد ابن حنبل مُسْنَدُ الْأَنْصَارِ حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ
    حديث رقم: 1186 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الطَّهَارَةِ بَابُ الْغُسْلِ
    حديث رقم: 1187 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الطَّهَارَةِ بَابُ الْغُسْلِ
    حديث رقم: 1196 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الطَّهَارَةِ بَابُ الْغُسْلِ
    حديث رقم: 1190 في صحيح ابن حبان كِتَابُ الطَّهَارَةِ بَابُ الْغُسْلِ
    حديث رقم: 954 في مصنّف بن أبي شيبة كِتَابُ الطَّهَارَاتِ مَنْ كَانَ يَقُولُ الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ
    حديث رقم: 2651 في سنن الدارمي كِتَابٌ الطَّهَارَةِ بَابُ الْمَاءِ مِنَ الْمَاءِ
    حديث رقم: 2650 في سنن الدارمي كِتَابٌ الطَّهَارَةِ بَابُ الْمَاءِ مِنَ الْمَاءِ
    حديث رقم: 2186 في المعجم الأوسط للطبراني بَابُ الْأَلِفِ مَنِ اسْمُهُ أَحْمَدُ
    حديث رقم: 539 في المعجم الكبير للطبراني وَمِمَّا أَسْنَدَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
    حديث رقم: 920 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ الطَّهَارَةِ بَابُ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ
    حديث رقم: 922 في مصنّف عبد الرزاق كِتَابُ الطَّهَارَةِ بَابُ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ
    حديث رقم: 727 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الطَّهَارَة جُمَّاعُ أَبْوَابِ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ
    حديث رقم: 733 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الطَّهَارَة جُمَّاعُ أَبْوَابِ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ
    حديث رقم: 732 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الطَّهَارَة جُمَّاعُ أَبْوَابِ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ
    حديث رقم: 734 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الطَّهَارَة جُمَّاعُ أَبْوَابِ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ
    حديث رقم: 3851 في السنن الكبير للبيهقي كِتَابُ الصَّلَاةِ
    حديث رقم: 87 في المنتقى لابن جارود كِتَابُ الطَّهَارَةِ فِي الْجَنَابَةِ وَالتَّطَهُّرِ لَهَا
    حديث رقم: 396 في سنن الدارقطني كِتَابُ الطَّهَارَةِ بَابُ نَسْخِ قَوْلِهِ : الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ
    حديث رقم: 104 في السنن الصغير للبيهقي جِمَاعُ أَبْوَابِ الطَّهَارَةِ بَابُ مَا يُوجِبُ غُسْلَ الْجَنَابَةِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ كُنْتُمْ
    حديث رقم: 201 في شرح معاني الآثار للطحاوي كِتَابُ الطَّهَارَةِ بَابُ الَّذِي يُجَامِعُ وَلَا يُنْزِلُ
    حديث رقم: 202 في شرح معاني الآثار للطحاوي كِتَابُ الطَّهَارَةِ بَابُ الَّذِي يُجَامِعُ وَلَا يُنْزِلُ
    حديث رقم: 215 في شرح معاني الآثار للطحاوي كِتَابُ الطَّهَارَةِ بَابُ الَّذِي يُجَامِعُ وَلَا يُنْزِلُ
    حديث رقم: 216 في شرح معاني الآثار للطحاوي كِتَابُ الطَّهَارَةِ بَابُ الَّذِي يُجَامِعُ وَلَا يُنْزِلُ
    حديث رقم: 1343 في المسند للشاشي مَا رَوَى أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ الْأَنْصَارِيُّ أَبُو الْمُنْذِرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ أُبَيٍّ
    حديث رقم: 1344 في المسند للشاشي مَا رَوَى أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ الْأَنْصَارِيُّ أَبُو الْمُنْذِرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ أُبَيٍّ
    حديث رقم: 1345 في المسند للشاشي مَا رَوَى أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ الْأَنْصَارِيُّ أَبُو الْمُنْذِرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أُبَيٍّ
    حديث رقم: 712 في مسند الشافعي وَمِنْ كِتَابِ اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ وَتَرْكِ الْمُعَادِ مِنْهَا
    حديث رقم: 713 في مسند الشافعي وَمِنْ كِتَابِ اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ وَتَرْكِ الْمُعَادِ مِنْهَا
    حديث رقم: 714 في مسند الشافعي وَمِنْ كِتَابِ اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ وَتَرْكِ الْمُعَادِ مِنْهَا
    حديث رقم: 715 في مسند الشافعي وَمِنْ كِتَابِ اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ وَتَرْكِ الْمُعَادِ مِنْهَا
    حديث رقم: 29 في اختلاف الحديث للشافعي اختلاف الحديث بَابُ الْمَاءِ مِنَ الْمَاءِ
    حديث رقم: 31 في اختلاف الحديث للشافعي اختلاف الحديث بَابُ الْمَاءِ مِنَ الْمَاءِ
    حديث رقم: 14 في جزء الحسن بن عرفة جزء الحسن بن عرفة
    حديث رقم: 635 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ الطَّهَارَةِ بَابُ ذِكْرِ إِبَاحَةِ تَرْكِ الِاغْتِسَالِ مِنَ الْجِمَاعِ إِذَا لَمْ يُنْزِلْ ،
    حديث رقم: 637 في مستخرج أبي عوانة مُبْتَدَأُ كِتَابِ الطَّهَارَةِ بَابُ ذِكْرِ إِبَاحَةِ تَرْكِ الِاغْتِسَالِ مِنَ الْجِمَاعِ إِذَا لَمْ يُنْزِلْ ،
    حديث رقم: 186 في المحدث الفاصل بين الراوي والواعي للرامهرمزي المحدث الفاصل بين الراوي والواعي للرامهرمزي فَصْلٌ آخَرُ مِنَ الدِّرَايَةِ يَقْتَرِنُ بِالرِّوَايَةِ مَقْصُورٌ عِلْمُهَا عَلَى أَهْلِ الْحَدِيثِ
    حديث رقم: 15 في نَاسِخُ الْحَدِيثِ وَمَنْسُوخُهُ لِابْنِ شَاهِينَ كِتَابُ الطَّهَارَةِ الْبَابُ الْأَوَّلُ مِنَ الْمَنْسُوخِ وَهُوَ مِنَ الطَّهَارَةِ
    حديث رقم: 16 في نَاسِخُ الْحَدِيثِ وَمَنْسُوخُهُ لِابْنِ شَاهِينَ كِتَابُ الطَّهَارَةِ الْبَابُ الْأَوَّلُ مِنَ الْمَنْسُوخِ وَهُوَ مِنَ الطَّهَارَةِ
    حديث رقم: 17 في نَاسِخُ الْحَدِيثِ وَمَنْسُوخُهُ لِابْنِ شَاهِينَ كِتَابُ الطَّهَارَةِ الْبَابُ الْأَوَّلُ مِنَ الْمَنْسُوخِ وَهُوَ مِنَ الطَّهَارَةِ
    حديث رقم: 18 في نَاسِخُ الْحَدِيثِ وَمَنْسُوخُهُ لِابْنِ شَاهِينَ كِتَابُ الطَّهَارَةِ الْبَابُ الْأَوَّلُ مِنَ الْمَنْسُوخِ وَهُوَ مِنَ الطَّهَارَةِ
    حديث رقم: 19 في نَاسِخُ الْحَدِيثِ وَمَنْسُوخُهُ لِابْنِ شَاهِينَ كِتَابُ الطَّهَارَةِ الْبَابُ الْأَوَّلُ مِنَ الْمَنْسُوخِ وَهُوَ مِنَ الطَّهَارَةِ
    حديث رقم: 20 في نَاسِخُ الْحَدِيثِ وَمَنْسُوخُهُ لِابْنِ شَاهِينَ كِتَابُ الطَّهَارَةِ الْبَابُ الْأَوَّلُ مِنَ الْمَنْسُوخِ وَهُوَ مِنَ الطَّهَارَةِ
    حديث رقم: 21 في نَاسِخُ الْحَدِيثِ وَمَنْسُوخُهُ لِابْنِ شَاهِينَ كِتَابُ الطَّهَارَةِ الْبَابُ الْأَوَّلُ مِنَ الْمَنْسُوخِ وَهُوَ مِنَ الطَّهَارَةِ
    حديث رقم: 545 في الأوسط لابن المنذر كِتَابُ الِاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ ذِكْرُ إِسْقَاطِ الِاغْتِسَالِ عَمَّنْ جَامَعَ إِذَا لَمْ يُنْزِلْ
    حديث رقم: 556 في الأوسط لابن المنذر كِتَابُ الِاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ ذِكْرُ إِسْقَاطِ الِاغْتِسَالِ عَمَّنْ جَامَعَ إِذَا لَمْ يُنْزِلْ

    [293] قَوْلُهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي يَعْنِي أَبَاهُ عُرْوَةَ وَهُوَ وَاضِحٌ وَإِنَّمَا نَبَّهْتُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُظَنَّ أَنَّهُ نَظِيرُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ لِكَوْنِهِ ذُكِرَ فِي الْإِسْنَادِ قَوْلُهُ مَا مَسَّ الْمَرْأَةَ مِنْهُ أَيْ يَغْسِلُ الرَّجُلُ الْعُضْوَ الَّذِي مَسَّ فَرْجَ الْمَرْأَةِ مِنْ أَعْضَائِهِ وَهُوَ مِنْ إِطْلَاقِ الْمَلْزُومِ وَإِرَادَةِ اللَّازِمِ لِأَنَّ الْمُرَادَ رُطُوبَةُ فَرْجِهَا قَوْلُهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ صرِيحٌ فِي تَأْخِيرِ الْوُضُوءِ عَنْ غَسْلِ الذَّكَرِ زَادَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ هِشَامٍ فِيهِ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ قَوْلُهُ وَيُصَلِّي هُوَ أَصْرَحُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى تَرْكِ الْغُسْلِ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ قَوْلُهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الْمُصَنِّفُ وَقَائِلُ ذَلِكَ هُوَ الرَّاوِي عَنْهُ قَوْلُهُ الْغُسْلُ أَحْوَطُ أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا يَثْبُتَ النَّاسِخُ وَلَا يَظْهَرُ التَّرْجِيحُ فَالِاحْتِيَاطُ لِلدِّينِ الِاغْتِسَالُ قَوْلُهُ الْأَخِيرُ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ الْآخَرُ بِالْمَدِّ بِغَيْرِ يَاءٍ أَيْ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنَ الشَّارِع أَو من اجْتِهَاد الْأَئِمَّة وَقَالَ بن التِّينِ ضَبَطْنَاهُ بِفَتْحِ الْخَاءِ فَعَلَى هَذَا الْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ وَذَاكَ إِلَى حَدِيثِ الْبَابِ قَوْلُهُ إِنَّمَا بَيَّنَّا لِاخْتِلَافِهِمْ وَفِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ إِنَّمَا بَيَّنَّا اخْتِلَافَهُمْ وَلِلْأَصِيلِيِّ إِنَّمَا بَيَّنَّاهُ لِاخْتِلَافِهِمْ وَفِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ إِنَّمَا بَيَّنَّا الْحَدِيثَ الْآخَرَ لِاخْتِلَافِهِمْ وَالْمَاء أنقى وَاللَّام تعليلية أَي حتىلا يظنّ ان فِي ذَلِك إِجْمَاعًا وَاسْتشْكل بن الْعَرَبِيِّ كَلَامَ الْبُخَارِيِّ فَقَالَ إِيجَابُ الْغُسْلِ أَطْبَقَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَمَا خَالَفَ فِيهِ إِلَّا دَاوُدُ وَلَا عِبْرَةَ بِخِلَافِهِ وَإِنَّمَا الْأَمْرُ الصَّعْبُ مُخَالَفَةُ الْبُخَارِيِّ وَحُكْمُهُ بِأَنَّ الْغُسْلَ مُسْتَحَبٌّ وَهُوَ أَحَدُ أَئِمَّةِ الدِّينِ وَأَجِلَّةِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ أَخَذَ يَتَكَلَّمُ فِي تَضْعِيفِ حَدِيثِ الْبَابِ بِمَا لَا يُقْبَلُ مِنْهُ وَقَدْ أَشَرْنَا إِلَى بَعْضِهِ ثُمَّ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْبُخَارِيِّ بِقَوْلِهِ الْغُسْلُ أَحْوَطُ أَيْ فِي الدِّينِ وَهُوَ بَابٌ مَشْهُورٌ فِي الْأُصُولِ قَالَ وَهُوَ أَشْبَهُ بِإِمَامَةِ الرَّجُلِ وَعِلْمِهِ قُلْتُ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ تَصَرُّفِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يُتَرْجِمْ بِجَوَازِ تَرْكِ الْغُسْلِ وَإِنَّمَا تَرْجَمَ بِبَعْضِ مَا يُسْتَفَادُ مِنَ الْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى إِيجَابِ الْوُضُوءِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَأما نفى بن الْعَرَبِيِّ الْخِلَافَ فَمُعْتَرَضٌ فَإِنَّهُ مَشْهُورٌ بَيْنَ الصَّحَابَةِ ثَبت عَن جمَاعَة مِنْهُم لَكِن ادّعى بن الْقَصَّارِ أَنَّ الْخِلَافَ ارْتَفَعَ بَيْنَ التَّابِعِينَ وَهُوَمُعْتَرَضٌ أَيْضًا فَقَدْ قَالَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّهُ قَالَ بِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ جَمَاعَةٌ فَسَمَّى بَعْضَهُمْ قَالَ وَمِنَ التَّابِعِينَ الْأَعْمَشُ وَتَبِعَهُ عِيَاضٌ لَكِنْ قَالَ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ بَعْدَ الصَّحَابَةِ غَيْرُهُ وَهُوَ مُعْتَرَضٌ أَيْضًا فَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَقَالَ عبد الرَّزَّاق أَيْضا عَن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ لَا تَطِيبُ نَفْسِي إِذَا لَمْ أُنْزِلَ حَتَّى أَغْتَسِلَ مِنْ أَجْلِ اخْتِلَافِ النَّاسِ لِأَخْذِنَا بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ حَدِيثُ الْمَاءِ مِنَ الْمَاءِ ثَابِتٌ لَكِنَّهُ مَنْسُوخٌ إِلَى أَنْ قَالَ فَخَالَفَنَا بَعْضُ أَهْلِ نَاحِيَتِنَا يَعْنِي مِنَ الْحِجَازِيِّينَ فَقَالُوا لَا يَجِبُ الْغُسْلُ حَتَّى يُنْزِلَ اه فَعُرِفَ بِهَذَا أَنَّ الْخِلَافَ كَانَ مَشْهُورًا بَيْنَ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ لَكِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى إِيجَابِ الْغُسْلِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. خَاتِمَةٌ اشْتَمَلَ كِتَابُ الْغُسْلِ وَمَا مَعَهُ مِنْ أَحْكَامِ الْجَنَابَةِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَسِتِّينَ حَدِيثًا الْمُكَرَّرُ مِنْهَا فِيهِ وَفِيمَا مَضَى خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ حَدِيثا الْمَوْصُول مِنْهَا أحد وَعِشْرُونَ وَالْبَقِيَّةُ تَعْلِيقٌ وَمُتَابَعَةٌ وَالْخَالِصُ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْهَا وَاحِدٌ مُعَلَّقٌ وَهُوَ حَدِيثُ بَهْزٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جِدِّهِ وَقَدْ وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى تَخْرِيجِهَا سِوَاهُ وَسِوَى حَدِيثِ جَابِرٍ فِي الِاكْتِفَاءِ فِي الْغُسْلِ بِصَاعٍ وَحَدِيثِ أَنَسٍ كَانَ يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ وَهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَحَدِيثِهِ فِي الِاغْتِسَالِ مَعَ الْمَرْأَةِ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ وَحَدِيثِ عَائِشَةَ فِي صِفَةِ غُسْلِ الْمَرْأَةِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ عَشَرَةٌ الْمُعَلَّقُ مِنْهَا سَبْعَةٌ وَالْمَوْصُولُ ثَلَاثَةٌ وَهِيَ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ عَلِيٍّ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ الْأَخِيرِ فَإِنْ كَانَ مَرْفُوعًا عَنْهُمْ فَتَزِيدُ عِدَّةُ الْخَالِصِ مِنَ الْمَرْفُوعِ ثَلَاثَةً وَهِيَ أَيْضًا من افراده عَن مُسلم وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابُ الْحَيْضِ) أَصْلُهُ السَّيَلَانُ وَفِي الْعُرْفِ جَرَيَانُ دَمِ الْمَرْأَةِ مِنْ مَوْضِعٍ مَخْصُوصٍ فِي أَوْقَاتٍ مَعْلُومَةٍ قَوْلُهُ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْحَيْضِ وَالْمَحِيضُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ هُوَ الْحَيْضُ وَقِيلَ زَمَانُهُ وَقِيلَ مَكَانُهُ قَوْلُهُ أَذًى قَالَ الطِّيبِيُّ سُمِّيَ الْحَيْضُ أَذًى لِنَتَنِهِ وَقَذَرِهِ وَنَجَاسَتِهِ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ الْأَذَى الْمَكْرُوهُ الَّذِي لَيْسَ بِشَدِيدٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى لن يضروكم الا أَذَى فَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَحِيضَ أَذًى يَعْتَزِلُ مِنَ الْمَرْأَةِ مَوْضِعَهُ وَلَا يَتَعَدَّى ذَلِكَ إِلَى بَقِيَّةِ بَدَنِهَا قَوْله فاعتزلوا النِّسَاء فِي الْمَحِيض رَوَى مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ أَخْرَجُوهَا مِنَ الْبَيْتِ فَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ فَقَالَ اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلَّا النِّكَاحَ فَأَنْكَرَتِ الْيَهُودُ ذَلِكَ فَجَاءَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ فَقَالَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نُجَامِعُهُنَّ فِي الْحَيْضِ يَعْنِي خِلَافًا لِلْيَهُودِ فَلَمْ يَأْذَنْ فِي ذَلِكَ وَرَوَى الطَّبَرِيُّ عَنِ السُّدِّيِّ أَنَّ الَّذِي سَأَلَ أَوَّلًا عَنْ ذَلِكَ هُوَ ثَابِتُ بْنُ الدحداح(قَوْلُهُ بَابُ كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الْحَيْضِ) أَيِ ابْتِدَاؤُهُ وَفِي إِعْرَابِ بَابٍ الْأَوْجُهُ الْمُتَقَدِّمَةُ أَوَّلَ الْكِتَابِ قَوْلُهُ وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا شَيْءٌ يُشِيرُ إِلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ عَقِبَهُ لَكِنْ بِلَفْظِ هَذَا أَمْرٌ وَقَدْ وَصَلَهُ بِلَفْظِ شَيْءٍ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى بَعْدَ خَمْسَةِ أَبْوَابٍ أَوْ سِتَّةٍ وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ هَذَا إِلَى الْحَيْضِ قَوْلُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ كَانَ أَوَّلُ بِالرَّفْعِ لِأَنَّهُ اسْمُ كَانَ وَالْخَبَرُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَيْ عَلَى نِسَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ بن مَسْعُودٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ قَالَ كَانَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يُصَلُّونَ جَمِيعًا فَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تَتَشَرَّفُ لِلرَّجُلِ فَأَلْقَى اللَّهُ عَلَيْهِنَّ الْحَيْضَ وَمَنَعَهُنَّ الْمَسَاجِدَ وَعِنْدَهُ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوُهُ قَوْلُهُ وَحَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرُ قِيلَ مَعْنَاهُ أَشْمَلُ لِأَنَّهُ عَامٌّ فِي جَمِيعِ بَنَاتِ آدَمَ فَيَتَنَاوَلُ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ وَمَنْ قَبْلَهُنَّ أَوِ الْمُرَادُ أَكْثَرُ شَوَاهِدَ أَوْ أَكْثَرُ قُوَّةً وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ لَيْسَ بَيْنَهُمَا مُخَالَفَةٌ فَإِنَّ نِسَاءَ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ فَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ بَنَاتُ آدَمَ عَامٌّ أُرِيدَ بِهِ الْخُصُوصُ قُلْتُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا مَعَ الْقَوْلِ بِالتَّعْمِيمِ بِأَنَّ الَّذِي أُرْسِلَ عَلَى نِسَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ طُولُ مُكْثِهِ بِهِنَّ عُقُوبَةً لَهُنَّ لَا ابْتِدَاءُ وُجُودِهِ وَقد روى الطَّبَرِيّ وَغَيره عَن بن عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيم وَامْرَأَته قَائِمَة فَضَحكت أَيْ حَاضَتْ وَالْقِصَّةُ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِلَا ريب وروى الْحَاكِم وبن الْمُنْذر بِإِسْنَاد صَحِيح عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْحَيْضِ كَانَ عَلَى حَوَّاءَ بَعْدَ أَنْ أُهْبِطَتْ مِنَ الْجَنَّةِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَبَنَاتُ آدَمَ بَنَاتُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قولُهُ بَابُ الْأَمْرِ بِالنُّفَسَاءِ أَيِ الْأَمْرِ الْمُتَعَلِّقِ بِالنُّفَسَاءِ وَالْجَمْعُ فِي قَوْلِهِ إِذَا نَفَسْنَ بِاعْتِبَارِ الْجِنْسِ وَسَقَطَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ مِنْ أَكْثَرِ الرُّوَايَاتِ غَيْرَ أَبِي ذَرٍّ وَأَبِي الْوَقْتِ وَتَرْجَمَ بِالنُّفَسَاءِ إِشْعَارًا بِأَنَّ ذَلِكَ يُطْلَقُ عَلَى الْحَائِضِ لِقِوْلِ عَائِشَةَ فِي الْحَدِيثِ حِضْتُ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا أَنُفِسْتِ وَهُوَ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِهَا وَكَسْرِ الْفَاءِ فِيهِمَا وَقِيْلَ بِالضَّمِّ فِي الْوِلَادَةِ وَبِالْفَتْحِ فِي الْحَيْضِ وَأَصْلُهُ خُرُوجُ الدَّمِ لِأَنَّهُ يُسَمَّى نَفْسًا وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَسْطٍ لِذَلِكَ بَعْدَ بَابَيْنِ

    [293] حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو أَيُّوبَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فَلَمْ يُنْزِلْ؟ قَالَ: «يَغْسِلُ مَا مَسَّ الْمَرْأَةَ مِنْهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: الْغَسْلُ أَحْوَطُ، وَذَاكَ الآخيرُ، وَإِنَّمَا بَيَّنَّا لاِخْتِلاَفِهِمْ. وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد بالمهملتين فيهما (قال: حدّثنا يحيى) القطان (عن هشام بن عروة قال: أخبرني أبي) عروة بن الزبير (قال: أخبرني أبو أيوب) خالد بن زيد الأنصاري (قال: أخبرني) بالإفراد في الثلاثة (أُبي بن كعب أنه قال): (يا رسول الله) في الرواية السابقة أن أبا أيوب سمعه من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بلا واسطة، وذلك لاختلاف الحديثين لفظًا ومعنى، وإن توافقا في بعض فيكون سمعه من النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مرة ومن أُبي مرة، فذكره أي أُبيًّا للتقوية أو لغرض غيره (إذا جامع الرجل المرأة) ولغير أبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر امرأته (فلم ينزل) في السابقة فلم يمن وهما بمعنى واحد. (قال) عليه الصلاة والسلام: (يغسل ما مس المرأة منه) أي يغسل الرجل المذكورالعضو الذي مس رطوبة فرج المرأة من أعضائه وهو من إطلاق اللازم وإرادة الملزوم، ففي مس ضمير وهو فاعله يعود إلى كلمة ما وموضعها نصب مفعولاً ليغسل (ثم يتوضأ) وضوءه للصلاة، كما زاد فيه عبد الرزاق عن الثوري عن هشام، وفيه التصريح بتأخير الوضوء عن غسل ما يصيبه من المرأة (ويصلي) وأصرح في الدلالة على ترك الغسل من الحديث السابق. والحديث سداسي الإسناد وفيه رواية صحابي عن صحابي والتحديث والإخبار بالإفراد والعنعنة. (قال أبو عبد الله) أي المؤلف وقائل ذلك هو الراوي عنه: (الغسل) بضم الغين أي الاغتسال من الإيلاج وإن لم ينزل، وفي الفرع الغسل بفتح الغين وليس إلا (أحوط) أي أكثر احتياطًا في أمر الدين من الاكتفاء بغسل الفرج، والوضوء المذكور في الحديث السابق وفتوى من ذكر من الصحابة أي على تقدير عدم ثبوت الناسخ وظهور الترجيح، (وذاك الأخير) بالمثناة من غير مد، ولغير أبي ذر الآخر بالمد من غير مثناة أي آخر الأمرين من فعل الشارع، وهو يشير إلى أن حديث الباب غير منسوخ بل ناسخ لما قبله، وضبطه البدر الدماميني كابن التين والآخر بفتح الخاء أي ذاك الوجه الآخر أو الحديث الآخر الدال على عدم الغسل (إنما) ولابن عساكر وإنما بالواو والأليق حذفها وهو يناسب رواية فتح خاء الآخر (بينا) وللأصيلي بيناه (لاختلافهم) أي إنما ذكرناه لأجل بيان اختلاف الصحابة في الوجوب وعدمه ولاختلاف المحدثين في صحته وعدمها، ولكريمة وابن عساكر: وإنما بينا اختلافهم، وفي نسخة الصغاني: إنما بينا الحديث الآخر لاختلافهم والماء أنقى. وقال البدر الدماميني كالسفاقسي: فيه جنوح لمذهب داود، وتعقب هذا القول البرماوي بأنه إنما يكون ميلاً لمذهب داود إذا فتحت خاء آخر أما بالكسر فيكون جزمًا بالنسخ والجمهور على إيجاب الغسل بالتقاء الختانين وهو الصواب. ولما فرغ المؤلف. . . (¬1). بسم الله الرحمن الرحيم 6 - كتاب الحيض وقوله تعالى: {{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين}} [البقرة: 222]. (بسم الله الرحمن الرحيم) كذا في الفرع بإثباتها مع رقم علامة إسقاطها عند ابن عساكر والأصيلي. هذا (كتاب) بيان أحكام (الحيض) وما يذكر معه من الاستحاضة والنفاس، ولأبي ذر تقديم كتاب على البسملة، وفي رواية باب بدل كتاب والتعبير بالكتاب أولى كما لا يخفى، وترجم بالحيض لكثرة وقوعه وله أسماء عشرة: الحيض، والطمث، والضحك، والإكبار، والإعصار، والدراس، والعراك، والفرا بالفاء، والطمس والنفاس. ومنه قوله عليه الصلاة والسلام لعائشة: "أنفست". والحيض في اللغة السيلان يقال: حاض الوادي إذا سال، وحاضت الشجرة إذا سال صمغها. وفي الشرع دم يخرج من قعر رحم المرأة بعد بلوغها في أوقات معتادة، والاستحاضة الدم الخارج في غير أوقاته ويسيل من عرق فمه في أدنى الرحم اسمه العاذل بالذال المعجمة قاله الأزهري. وحكى ابن سعيده إهمالها والجوهري بدل اللام راء. (وقول الله تعالى) وللأصيلي عز وجل بالجر عطفًا على قوله الحيض المجرور بإضافة كتاب إليه، وفي رواية قول الله بالرفع: {{ويسألونك عن المحيض}} مصدر كالمجيء والمبيت أي الحيض أي عن حكمه. وروى الطبري عن السدي أن الذي سأل أوّلاً عن ذلك أبو الدحداح، وسبب نزول الآية ما روى مسلم عن أنس: أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم أخرجوها من البيوت، فسأل الصحابة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فأنزل الله تعالى {{ويسألونك عن المحيض}} الآية، وقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "افعلوا كل شيء إلا النكاح" ("قل هو أذى") أي الحيض مستقذر يؤدي من يقربه لنتنه ونجاسته، (فاعتزلوا النساء في المحيض) فاجتنبوا مجامعتهن في نفس الدم أي حال سيلانه أو زمن الحيض أو الفرج، والأوّل هو الأصح، وهو اقتصاد بين إفراط اليهود الآخذين في ذلك بإخراجهنّ من البيوت، وتفريط النصارى فإنهم كانوا يجامعونهنّ ولا يبالون بالحيض. وإنما وصفه بأنه أذى، ورتب عليه بالفاء إشعارًا بأنه العلة. ({{ولا تقربوهن حتى يطهرن}}) تأكيد للحكم، وبيان لغايته وهو أن يغتسلن بعد الانقطاع ¬_________ (¬1) بياض في الأصل.ويدل عليه صريحًا قراءة يطهرن بالتشديد بمعنى يغتسلن والتزامًا قوله: ({{فإذا تطهرن فأتوهن}}) فإنه يقتضي تأخر جواز الإتيان عن الغسل. وقال أبو حنيفة إن طهرت لأكثر الحيض جاز قربانها قبل الغسل ({{من حيث أمركم}}) أي المأتي الذي أمركم به وحلّله لكم ({{إن الله يحب التوّابين}}) من الذنوب ({{ويحب المتطهرين}}) [البقرة: 222] المتنزهين عن الفواحش والأقذار كمجامعة الحائض، والإتيان في غير المأتي، كذا ذكرت الآية كلها في رواية ابن عساكر، ولأبوي ذر والوقت: {{فاعتزلوا}} إلى قوله: {{ويحب المتطهرين}} وللأصيلي كذلك إلى قوله: {{المتطهرين}} وفي رواية {{ويسألونك عن الحيض}} الآية. 1 - باب كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الْحَيْضِ، وَقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «هَذَا شَىْءٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ». وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ أَوَّلُ مَا أُرْسِلَ الْحَيْضُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، قال أبو عبد الله وَحَدِيثُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَكْثَر. هذا (باب كيف كان بدء الحيض) أي ابتداؤه ويجوز تنوين باب بالقطع عما بعده وتركه للإضافة لتاليه. (وقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بجر قول ورفعه على ما لا يخفى (هذا) أي الحيض (شيء كتبه الله على بنات آدم) لأنه من أصل خلقتهن الذي فيه صلاحهن، ويدل له قوله تعالى: {{وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ}} [الأنبياء: 90] المفسر بأصلحناها للولادة بردّ الحيض إليها عند عقرها، وقد روى الحاكم بإسناد صحيح من حديث ابن عباس: إن ابتداء الحيض كان حوّاء عليها الصلاة والسلام بعد أن أهبطت من الجنة، قال في الفتح: وهذا التعليق المذكور وصله المؤلف بلفظ شيء من طريق أخرى بعد خمسة أبواب اهـ. يعني في باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت. وتعقبه البرماوي فقال: ليس في الباب المذكور شيء، بل هو الحديث الذي أورده البخاري في هذا الباب فلا حاجة لادّعاء وصله بموضع آخر. نعم لفظه هناك أمر بدل شيء فشيء إما رواية بالمعنى وإما أنه مروي أيضًا اهـ. والصواب ما قاله ابن حجر فإنه في الباب المذكور كذلك. نعم قال فيه: فإن ذلك شيء بدل قوله هنا هذا شيء. (وقال بعضهم) هو عبد الله بن مسعود وعائشة (كان أوّل) بالرفع اسم كان (ما أرسل الحيض) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول والحيض نائب عن الفاعل (على) نساء (بني إسرائيل) خبر كان وكأنه يشير إلى حديث عبد الرزاق عن ابن مسعود بإسناد صحيح قال: كان الرجال والنساء في بني إسرائيل يصلون جميعًا، فكانت المرأة تتشرف للرجل فألقى الله عليهن الحيض ومنعهن المساجد وعنده عن عائشة نحوه. (قال أبو عبد الله) البخاري وسقط لغير أبوي ذر والوقت وابن عساكر قال أبو عبد الله: (وحديث النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم (أكثر) بالمثلثة أي أشمل من قول بعضهم السابق لأنه يتناول نساء بني إسرائيل وغيرهن وقال الداودي ليس بينهما مخالفة، فإن نساء بني إسرائيل من بنات آدم اهـ. والمخالفة كما ترى ظاهرة فإن هذا القول يلزم منه أن غير نساء بني إسرائيل لم يرسل عليهن الحيض، والحديث ظاهر في أن جميع بنات آدم كتب عليهن الحيض إسرائيليات كن أو غيرهن، وأجاب الحافظ ابن حجر بأنه يمكن أن يجمع بينهما مع القول بالتعميم بأن الذي أرسل على نساء بني إسرائيل طول مكثه بهن عقوبة لهن لا ابتداء وجوده، وتعقبه العيني فقال: كيف يقول لا ابتداء وجوده والخبر فيه أوّل ما أرسل وبينه وبين كلامه منافاة، وأيضًا من أين ورد أن الحيض طال مكثه في نساء بني إسرائيل، ومن نقل هذا ثم أجاب بأنه يمكن أن الله تعالى قطع حيض نساء بني إسرائيل عقوبة لهن ولأزواجهن لكثرة عنادهم ومضت على ذلك مدّة، ثم إن الله رحمهم وأعاد حيض نسائهم الذي جعله سببًا لوجود النسل، فلما أعاده عليهن كان ذلك أوّل الحيض بالنسبة إلى مدة الانقطاع فأطلق الأولية عليه بهذا الاعتبار لأنها من الأمور النسبية. وأجاب في المصابيح بالحمل على أن المراد بإرسال الحيض إرسال حكمه بمعنى أن كون الحيض مانعًا ابتدئ بالإسرائيليات، وحمل الحديث على قضاء الله على بنات آدم بوجود الحيض كما هو الظاهر منه اهـ. (فائدة): الذي يحيض من الحيوانات المرأة والضبع والخفاش والأرنب، ويقال إن الكلبة أيضًا كذلك، وروى أبو داود في سننه عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا: الأرنب تحيض وزاد بعضهم الناقة والوزغة. 1 م - باب الأَمْرِ بِالنُّفَسَاءِ إِذَا نُفِسْنَ (باب الأمر للنساء إذا نفسن) بفتح النون وكسر الفاء وسكون السينآخره نون أي حضن كذا في رواية أبوي الوقت وذر كما في الفرع، وفي غيره باب الأمر بالنفساء إذا نفسن، والضمير الذي فيه يرجع إلى النفساء وتذكيره باعتبار الشخص أو لعدم الإلباس لاختصاص الحيض بالنساء والجمع باعتبار الجنس والباء في بالنفساء زائدة لأن النفساء مأمورة لا مأمور بها. وفي أكثر الروايات الباب والترجمة ساقطان.

    [293] حدّثنا مُسَدَّدُ قالَ حدّثنا يَحْيَى عَنْ هِشَامِ بَنْ عُرْوة قالَ أخْبَرَنِي أبي قالَ أخْبَرَنِي أبُو أيُّوبَ قَالَ أخْبَرَني أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ قالَ يَا رَسُول الله إذَا جَامَعَ الرَّجْلُ المَرْأَةَ فَلَمْ يُنْزِلْ قالَ يَغْسِلُ مَا مَسّ المَرْأَةَ مِنْهُ ثُمَّ يَتَوَضَأُ ويُصَلِي. مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. ذكر رِجَاله وهم سِتَّة: الأول: مُسَدّد بن مسرهد. وَالثَّانِي: يحيى الْقطَّان. وَالثَّالِث: هِشَام بن عُرْوَة. وَالرَّابِع: أَبوهُ عُرْوَة بن الزبير أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله: أَخْبرنِي أبي، وَرُبمَا يظنّ ظان أَنه أبي، بِضَم الْهمزَة، وَهُوَ أبي ابْن كَعْب لكَونه ذكر فِي الْإِسْنَاد. وَالْخَامِس: أَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ، واسْمه خَالِد بن زيد. وَالسَّادِس: أبي بن كَعْب. ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين. وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الإفرد فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع. وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد. وَفِيه: رِوَايَة الصَّحَابِيّ عَن الصَّحَابِيّ، وَأَبُو أَيُّوب يروي عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي تِلْكَ الطَّرِيق بِلَا وَاسِطَة وَفِي هَذِه الطَّرِيق بِوَاسِطَة لِأَن الطريقان مُخْتَلِفَانِ فِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى وَإِن توافقا فِي بعض الْأَحْكَام مَعَ جَوَاز سَمَاعه من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَمن أبي بن كَعْب وَذكر الْوَاسِطَة تكون للتقوية أَو لغَرَض آخر. ذكر مَعْنَاهُ قَوْله: (إِذا جَامع الرجل الْمَرْأَة) ويروى: (امْرَأَته) قَوْله: (مَا مس الْمَرْأَة مِنْهُ) وَفِي: مس، ضمير وَهُوَ فَاعله يرجع إِلَى كلمة مَا، ومحلها النصب على أَنَّهَا مفعول لقَوْله: (يغسل) أَي: يغسل الرجل الْمَذْكُور الْعُضْو الَّذِي مس فرج المآأة من أَعْضَائِهِ قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: الْمَقْصُود مِنْهُ بَيَان مَا أَصَابَهُ من رُطُوبَة فرج الْمَرْأَة، فَكيف يدل عَلَيْهِ وَظَاهر، أَن مَا مس الْمَرْأَة مُطلقًا من يدٍ وَرجل وَنَحْوه لَا يجب غسله؟ قلت: فِيهِ إِمَّا إِضْمَار أَو كِنَايَة، لِأَن تَقْدِيره يغسل عضوا مس فرج الْمَرْأَة، وَهُوَ إِطْلَاق اسْم الْمَلْزُوم، وَهُوَ: مس الْمَرْأَة، وَإِرَادَة اللُّزُوم، وَهُوَ إِصَابَة رُطُوبَة فرجهَا. قَوْله: (ثمَّ يتَوَضَّأ صَرِيح بِتَأْخِير الْوضُوء عَن غسل مَا يُصِيبهُ مِنْهَا، وَزَاد عبد الرَّزَّاق عَن الثَّوْريّ عَن هِشَام فِيهِ، وضوءه للصَّلَاة. قَوْله: (وَيُصلي) هُوَ صَرِيح فِي الدّلَالَة على ترك الْغسْل من الحَدِيث الَّذِي قبله. قالَ أبُو عبْدِ الْغَسْلُ أحُوَطُ وذَاكَ الآخِرُ وإنَّما بَيَّنَّا لاِخْتِلاَفِهِمْ فَاعل: قَالَ، مَحْذُوف هُوَ الرَّاوِي عَن البُخَارِيّ. وَأَبُو عبد الله، هُوَ كنية البُخَارِيّ. قَوْله: (الْغسْل أحوط) مقول القَوْل، أَي: الِاغْتِسَال من الْجِمَاع بِغَيْر إِنْزَال أحوط أَي: أَكثر احْتِيَاطًا فِي أَمر الدّين، وَأَشَارَ بقوله: وَذَلِكَ الْأَخير، إِلَى أَن هَذَا الحَدِيث الَّذِي فِي الْبَاب غير مَنْسُوخ أَي: آخر الْأَمريْنِ من الشَّارِع. قَوْله: (الْأَخير) على وزن فعيل، وَهُوَ رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة غَيره، وَذَلِكَ الآخر، بِالْمدِّ بِغَيْر يَاء، وَقَالَ ابْن الَّتِي: ضبطناه بِفَتْح الْهَاء. قَوْله: (إِنَّمَا بَينا لاختلافهم) وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة: (إِنَّمَا بَينا اخْتلَافهمْ) وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ: (إِنَّمَا بَيناهُ لاختلافهم) أَي: لأجل اخْتِلَاف الصَّحَابَة فِي الْوُجُوب وَعَدَمه، أَو لاخْتِلَاف الْمُحدثين فِي صِحَّته وَعدمهَا، وَقد خبط ابْن الْعَرَبِيّ على البُخَارِيّ لمُخَالفَته فِي هَذَا الْجُمْهُور، فَإِن إِيجَاب الْغسْل أطبق عَلَيْهِ الصَّحَابَة. وَمن بعدهمْ، وَمَا خَالف إلاَّ دَاوُد، وَلَا عِبْرَة بِخِلَافِهِ، وَكَيف يحكم بأستحباب الْغسْل وَهُوَ أحد أَئِمَّة الدّين، وَمن أَجله عُلَمَاء الْمُسلمين، ثمَّ قَالَ: وَيحْتَمل أَن يكون مُرَاده بقوله: الْغسْل أحوط، أَي: فِي الدّين؟ وَهُوَ بَاب مَشْهُور فِي أصُول الدّين، ثمَّ قَالَ: وَهُوَ الْأَشْبَه بإمامته وَعلمه؟ قَالَ بَعضهم: قلت: وَهَذَا هُوَ الظَّاهِر من تصرفه، فَإِنَّهُ لم يترجم بِجَوَاز ترك الْغسْل، وَإِنَّمَا ترْجم بِبَعْض مَا يُسْتَفَاد من الحَدِيث بِغَيْر هَذِه الْمَسْأَلَة قلت: من تَرْجَمته يفهم جَوَاز ترك الْغسْل لِأَنَّهُ اقْتصر على غسل مَا يُصِيب الرجل من الْمَرْأَة وَأَنه هُوَ الْوَاجِب، وَالْغسْل غير وَاجِب، وَلكنه مُسْتَحبّ للِاحْتِيَاط وَأما قَول ابْن الْعَرَبِيّ: أطبق عَلَيْهِ الصَّحَابَة، فَفِيهِ نظر، فَإِن الْخلاف مَشْهُور فِي الصَّحَابَة ثَبت عَن جمَاعَة مِنْهُم، كَذَا قَالَ بَعضهم: قلت لقَائِل أَن يَقُول انْعَقَد الْإِجْمَاع عَلَيْهِ فارتفع الْخلاف، بَيَانه مَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ: حَدثنَا روح بن الْفرج، قَالَ: حَدثنِي يحيى بن عبد الله بن بكير، قَالَ: حَدثنِي اللَّيْث، قَالَ: حَدثنِي معمر بن أبي حَبِيبَة، بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف المكررة، فَهِيَ حَبِيبَة بنت مرّة بن عَمْرو بن عبد الله بن عَمْرو بن شُعَيْب، قَالَه الزبير، وَقَالَ ابْن مَاكُولَا وَمن قَالَ فِيهِ ابْن أبي حَبِيبَة، فقد غلط وَمعمر هَذَا يروي عَن عبيد الله بن عدي بن الْخِيَار، قَالَ تَذَاكر أَصْحَاببني إِسْرَائِيل من بَنَات آدم، وَقَالَ بَعضهم: فعلى هَذَا فَقَوله: بَنَات آدم أُرِيد بِهِ الْخُصُوص. قلت: مَا أبعد كَلَام الدَّاودِيّ فِي التَّوْفِيق بَينهمَا. نعم، نَحن مَا ننكر أَن نسَاء من بني إِسْرَائِيل من بَنَات آدم، وَلَكِن الْكَلَام فِي لفظ الأولية فيهمَا وَلَا تَنْتفِي الْمُخَالفَة إِلَّا بالتوفيق بَين لَفْظِي الأولية، وَأبْعد من هَذَا قَول هَذَا الْقَائِل: عَام أُرِيد بِهِ الْخُصُوص فَكيف يجوز تَخْصِيص عُمُوم كَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِكَلَام غَيره؟ ثمَّ قَالَ هَذَا الْقَائِل: وَيُمكن أَن يجمع بَينهمَا بِأَن الَّذِي أرسل على نسَاء بني إِسْرَائِيل طول مكثه بِهن عُقُوبَة لَهُنَّ لَا ابْتِدَاء وجوده. قلت: هَذَا كَلَام من لَا يَذُوق الْمَعْنى، وَكَيف يَقُول: لَا ابْتِدَاء وجوده؟ وَالْخَبَر فِيهِ أول مَا أرسل، وَبَينه وَبَين كَلَامه مُنَافَاة، وَأَيْضًا من أَيْن ورد أَن الْحيض طَال مكثه فِي نسَاء بني إِسْرَائِيل؟ وَمن نقل هَذَا؟ وَقد روى الْحَاكِم بِإِسْنَاد صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس: رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. أَن ابْتِدَاء الْحيض كَانَ على حَوَّاء، عَلَيْهَا الصَّلَاة وَالسَّلَام، بعد أَن أهبطت من الْجنَّة وَكَذَا رَوَاهُ ابْن الْمُنْذر. وَقد روى الطَّبَرِيّ وَغَيره عَن ابْن عَبَّاس وَغَيره أَن قَوْله تَعَالَى فِي قصَّة إِبْرَاهِيم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {{وَامْرَأَته قَائِمَة فَضَحكت}} (سُورَة هود: 71) أَي: حَاضَت، والقصة مُتَقَدّمَة على بني إِسْرَائِيل بِلَا ريب، لِأَن إِسْرَائِيل هُوَ يَعْقُوب بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام. قلت: وَلَقَد حضر لي جَوَاب فِي التَّوْفِيق من الْأَنْوَار الإلهية بعونه ولطفه، وَهُوَ أَنه، يُمكن أنالله تَعَالَى قطع نِسَائِهِم، لِأَن من حكم الله تَعَالَى أَنه جعل الْحيض مسبباً لوجو، النَّسْل، أَلا ترى أَن الْمَرْأَة إِذا ارْتَفع حَيْضهَا لَا تحمل عَادَة؟ أَعَادَهُ عَلَيْهِنَّ كَانَ ذَلِك أول الْحيض بِالنِّسْبَةِ إِلَى مُدَّة الِانْقِطَاع، فَأطلق الأولية عَلَيْهِ بِهَذَا الِاعْتِبَار، لِأَنَّهَا من الْأُمُور النسبية فَافْهَم.

    [293] حدثنا مسدد: نا يحيى، عَن هشام بنِ عروة، قالَ: أخبرني أبي، قالَ: أخبرني أبو أيوب، قالَ: أخبرني أبي بنِ كعب، أنَّهُ قالَ: يا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا جامع الرجل [المرأة] فلم ينزل؟ قالَ: ((يغسل ما مس المرأة منهُ، ثُمَّ يتوضأ ويصلي)) .قالَ أبو عبد الله: الغسل أحوط، وذلك الأخير، إنما بينا لاختلافهم. الذِي وقع في الرواية الأولى عَن أبي سلمة، عَن عروة، أن أبا أيوب أخبره، أنَّهُ سمع ذَلِكَ مِن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهم، نبه عليهِ الدارقطني وغيره، تدل عليهِ الرواية الثانية، عَن هشام بن عروة، عَن أبيه: أخبرني أبو أيوب، قالَ: أخبرني أبي بنِ كعب، عَن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقد روى عبد الرحمن بنِ سعاد، عَن أبي أيوب، عَن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قالَ: ((الماء مِن الماء)) . خرجه الإمام أحمد والنسائي وابن ماجه، وليس فيهِ تصريح أبي أيوب بسماعه مِن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقد خرج البخاري فيما تقدم في ذكر نواقض الوضوء: حديث ذكوان أبي صالح، عَن أبي سعيد، عَن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قالَ: ((إذا أعجلت - أو أقحطت - فلا غسل عليك)) . وخرج - أيضاً -: حديث يحيى بنِ أبي كثير الذِي خرجه هنا مِن طريق شيبان، عَن يحيى، إلى قولُهُ في آخر الحديث: ((وأبي بنِ كعب، فأمروه بذلك)) ، ولم يذكر ما بعده،ولعله تركه لما وقع فيهِ مِن الوهم الذِي ذكرناه. وعند البخاري في كلتا الروايتين: أن علياً والزبير وطلحة وأبي بنِ كعب أفتوا بذلك، ولم يرفعوه إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقد وقع في رواية غيره: أنهم رفعوه - أيضاً - إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقد قالَ علي بنِ المديني في هَذا الحديث: إنه شاذ. وقال ابن عبد البر: هوَ منكر؛ لَم يتابع عليهِ يحيى بن أبي كثير. وقد صح عَن أكثر مِن ذكر عَنهُ مِن الصحابة: أنَّهُ لا غسل بدون الإنزال - خلاف ذَلِكَ. قالَ علي بنِ المديني: قَد روي عَن علي وعثمان وأبي بنِ كعب بأسانيد جياد أنهم أفتوا بخلاف ما في هَذا الحديث. قالَ الدارقطني: رواه زيد بنِ أسلم، عَن عطاء بنِ يسار، عَن زيد بنِ خالد: أنَّهُ سأل خمسة أو أربعة مِن أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأمروه بذلك، ولم يرفعه. يشير إلى أن زيد بنِ أسلم يخالف أبا سلمة في رفعه، ولم يرفع منهُ شيئاً. وقد كانَ قوم مِن الأنصار قديماً يقولون: ((إن الماء مِن الماء)) ، ثُمَّ استقر الأمر على أنَّهُ إذا التقى الختانان وجب الغسل، ورجع أكثر مِن كان يخالف في ذَلِكَ عَنهُ. وأما المهاجرون، فَقد صح عَنهُم أنهم قالوا: ((إذا التقى الختانان وجب الغسل)) ، مِنهُم: عمر، وعثمان، وعلي، فدل على أن عثمان وعلياً علموا أن ((الماء مِن الماء)) نسخ، وإلا فكيف يروي عثمان أوغيره عَن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شيئاً، ثُمَّ يرجع عَن القول بهِ؟ وفي ((صحيح مسلم)) عَن أبي موسى، قالَ: اختلف في ذَلِكَ رهط مِن المهاجرين والأنصار، فقالَ الأنصاريون: لا يجب الغسل إلا مِن الدفق أو مِن الماء، فقالَ المهاجرون: بل إذا خالط فَقد وجب الغسل. قالَ: قالَ أبو موسى: فأنا أشفيكم مِن ذَلِكَ، وذكر قيامه إلى عائشة وما روته لهُ عَن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كَما سبق ذكره. وروى وكيع، عَن القاسم بنِ الفضل، عَن أبي جعفر محمد بنِ علي، قالَ: قالَ المهاجرون: إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل، وقال الأنصار: الماء مِن الماء. وروى ابن أبي شيبة، عَن حفص بنِ غياث، عَن حجاج، عَن أبي جعفر، قالَ: أجمع المهاجرون: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي أن ما أوجب الحدين: الجلد والرجم، أوجب الغسل. وروى إبراهيم بنِ مسلم الخوارزمي في ((كِتابِ الطهور)) عَن ابن نمير، عَن يحيى بنِ سعيد، عَن سعيد بنِ الميسب، قالَ: كانَ أبو بكر وعمر يأمران بالغسل - يعني: مِن الإكسال. وروى مالك عَن ابن شهاب، عَن سعيد بنِ المسيب، قالَ: إن عمر وعثمان وعائشة كانوا يقولون: إذا مس الختان الختان فَقد وجب الغسل.وروى عبد الرزاق عَن معمر، عَن الزهري، عَن سعيد بنِ المسيب، قالَ: كانَ عمر وعثمان وعائشة والمهاجرون الأولون يقولون: إذا مس الختان الختان فَقد وجب الغسل. وروى وكيع، عَن محمد بنِ قيس الأسدي، عَن علي بنِ ربيعة، عَن علي، قالَ: إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل. وروى ابن أبي شيبة والأثرم بإسنادهما، عَن عاصم، عَن زر، عَن علي، قالَ: إذا التقى الختانان وجب الغسل. وقد روي، عَن علي مِن وجوه متعددة. فهؤلاء الخلفاء الراشدون - رضي الله عَنهُم - قَد أجمعوا على ذَلِكَ، معَ أن بعضهم روى عَن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خلافه، فلولا أنهم علموا أن ما خالف ذَلِكَ منسوخ لما خالفوا ما سمعوا مِن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ووافقهم على ذَلِكَ أكابر الصحابة، مِنهُم: ابنِ مسعود، وابن عمر، وأبو ذر، وأبو هريرة، ومعاذ بنِ جبل فقيه الأنصار، وأبو هريرة، وعائشة أم المؤمنين، وهي أعلم الناس بهذا، وإليها مرجع الناس كلهم. وقد صح عنها، أنها افتت بذلك، وأمرت بهِ، وأن الصحابة الذين سمعوا منها رجعوا إلى قولها في ذَلِكَ؛ فإنها لا تقول مثل هَذا إلا عَن علم عندها فيهِ عَن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لا سيما وقد علمت اختلاف الصحابة في ذَلِكَ. وجمع عمر الناس كلهم على قولها، فلو كانَ قولها رأياً مجرداً عَن رواية لما استجازت رد روايات غيرها مِن الصحابة برأيها. وقد روي عنها مِن وجوه كثيرة، وبعضها صحيح، كَما تقدم، أنها روته عَن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قولاً أو فعلاً. فمابقي بعد ذَلِكَ سوى العناد والتعنت، ونعوذ بالله مِن مخالفة ما أجمع عليهِ الخلفاء الراشدون، وجمع عليهِ عمر كلمة المسلمين، وأفتت بهِ عائشة أم المؤمنين، أفقه نساء هَذهِ الأمة، وهي أعلم بمستند هَذهِ المسألة مِن الخلق أجمعين. فروى مالك عَن يحيى بنِ سعيد، عَن سعيد بنِ المسيب، أن أبا موسى الأشعري أتى عائشة أم المؤمنين، فقالَ لها: فقالَ لها: لقد شق علي اختلاف أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في أمر إني لأعظم أن استقبلك بهِ، قالت: ما هو؟ ما كنت سائلاً عَنهُ أمك فسلني عَنهُ. قالَ لها: الرجل يصيب أهله ثُمَّ يكسل ولا ينزل؟ فقالت: إذا جاوز الختان الختان فَقد وجب الغسل. فقالَ أبو موسى: لا أسأل عَن هَذا أحداً بعدك. ورواه حماد بنِ زيد وعبد الوهاب الثقفي وغيرهما، عَن يحيى بنِ سعيد، بنحوه. وسمى عبد الوهاب في روايته مِن قالَ: لا يجب الغسل بذلك: أبي ابن كعب، وأبا أيوب، وزيد بنِ ثابت، وسمى مِمن يأمر بالغسل: عمر وعثمان. وروى ابن إسحاق، عَن يزيد بنِ أبي حبيب، عَن معمر عبد الله بنِ أبي حيية، عَن عبيد بنِ رفاعة بنِ رافع، عَن أبيه رفاعة، قالَ: كنت عند عمر، فقيل لَهُ: إن زيد بنِ ثابت يفتي برأيه في الذِي يجامع ولا ينزل، فدعاه، فقالَ: أي عدو نفسه، قَد بلغت أن تفتي الناس في مسجدرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - برأيك! قالَ: ما فعلت، ولكن حدثني عمومتي، عَن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قالَ: أي عمومتك؟ قالَ: أبي بنِ كعب، وأبو أيوب، ورفاعة بنِ رافع. قالَ: فالتفت عمر إلي، فقلت: كنا نفعله على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قالَ: فسألتم عَنهُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قالَ: كنا نفعله على عهده، قالَ: فجمع الناس، وأصفق الناس على أن الماء لا يكون إلا مِن الماء، إلا رجلين: علي بن أبي طالب، ومعاذ بن جبل، قالا: إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل. فقالَ علي: يا أمير المؤمنين، إن أعلم الناس بهذا أزواج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأرسل إلى حفصة، فقالت: لا علم لي، فأرسل إلى عائشة، فقالت: إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل. قالَ: فتحطم عمر - يعني: تغيظ -، ثُمَّ قالَ: لا يبلغني أن أحداً فعله ولم يغتسل إلا انهكته عقوبة. خرجه الإمام أحمد وبقي بن مخلد في ((مسنديهما)) ، ومسلم في ((كِتابِ التفصيل)) وَهوَ ((كِتابِ الناسخ والمنسوخ)) لَهُ. ثُمَّ خرجه مِن طريق عبد الله بنِ صالح، عَن الليث: حدثني يزيد بنِ أبي حبيب، عَن معمر بنِ أبي حيية، عَن عبيد بنِ رفاعة، أن زيد بنِ ثابت كانَ يقول - فذكره بنحوه، ولم يقل: ((عَن أبيه)) . ومعمر بنِ أبي حيية، ويقال: ابن أبي حبيبة، وثقه ابن معين وغيره.وعبيد بنِ رفاعة، ذكره ابن حبان في ((ثقاته)) . وهذه الرواية يستفاد منها أمور: منها: أن كثيراً مِن الأنصار كانَ يقلد بعضهم بعضاً في هَذهِ المسألة، ولم يسمع ذَلِكَ مِن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلا قليل مِنهُم. ومنها: أنَّهُ لَم يظهر في ذَلِكَ المجلس شيء مِن روايات الأنصار الصريحة عَن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإنما ظهر التمسك بفعل كانوا يفعلونه على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فسأله عمر: هل علم بهِ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فلم يكن لَهُم جواب، وهذا مما يدل على أن تلك الروايات التصريحية حصل الوهم في نقلها مِن بعض الرواة. ومنها: أن المهاجرين الذين روي أنهم كانوا يخالفون في ذَلِكَ ويروون عَن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خلافه كعثمان رجعوا عما سمعوه منهُ، وكذلك الأنصار - أيضاً -، ورأسهم: أبي بنِ كعب رجع، وأخبر أن ما سمعه من النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ذَلِكَ كانَ رخصة في أول الأمر ثُمَّ نسخ وزال، وهذا يدل على أنَّهُ تبين لَهُم نسخ ما كانوا سمعوه بياناً شافياً، بحيث لَم يبق فيهِ لبس ولا شك. وقد ذكر الشَافِعي: أنَّهُ اتفق هوَ ومن ناظره في هَذهِ المسألة على أن هَذا أقوى مما يستدل بهِ عليها. ويدل على رجوع أبي وغيره مِن الأنصار: ما روى الزهري، عَن سهل بنِ سعد، عَن أبي بنِ كعب، قالَ: إنما كانَ الماء مِن الماء رخصة في أول الإسلام، ثُمَّ نهي عنها. خرجه الترمذي، وقال: حسن صحيح، وخرجه ابن ماجه مختصراً. وخرجه الإمام أحمد ولفظه: إن الفتيا التي كانوا يقولون: الماء مِن الماء، رخصة كانَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رخص بها في أول الإسلام، ثُمَّ أمرنا بالغسل بعد. وخرجه ابن خزيمة في ((صحيحه)) مِن طريق معمر، عَن الزهري، قالَ: أخبرني سهل بنِ سعد، قالَ: إنما كانَ قول الأنصار: الماء مِن الماء رخصة فيأول الإسلام، ثُمَّ أمرنا بالغسل. ولم يذكر في إسناده: ((أبياً)) ، وصرح فيهِ بسماع الزهري. وقيل: إنه وهم في ذَلِكَ؛ فإن الزهري لَم يسمعه مِن سهل، فَقد خرجه أبو داود وابن خزيمة - أيضاً - مِن طريق عمرو بن الحارث، عَن الزهري، قالَ: حدثني بعض مِن أرضى، عَن سهل، عَن أبي - فذكره. ورجح هَذهِ الرواية: الإمام أحمد والدارقطني وغيرهما. ورجح آخرون: سماع الزهري لهُ من سهل، مِنهُم: ابن حبان. ووقع في بعض نسخ ((سنن أبي داود)) ما يدل عليهِ؛ فإنه لم يذكر أحد مِن أصحاب الزهري بين الزهري وسهل رجلاً [غير] عمرو بنِ الحارث، فلا يقضي لَهُ على سائر أصحاب الزهري.وقد خرجه ابن شاهين مِن طريق ابن المبارك، عَن يونس، عَن الزهري، قالَ: حدثني سهل بنِ سعد، عَن أبي بنِ كعب - فذكره، بهِ. وبتقدير أن يكون ذَلِكَ محفوظاً؛ فَقد اخبر الزهري أن هَذا الذِي حدثه يرضاه، وتوثيق الزهري كاف في قبول خبره. وقد قيل: أنَّهُ أبو حازم الزاهد، وَهوَ ثقة جليل، فقد خرج أبو داود وابن خزيمة مِن رواية أبي غسان محمد بنِ مطرف، عَن أبي حازم، عَن سهل بنِ سعد، قالَ: حدثني أبي بن كعب - فذكره. قالَ البيهقي: هَذا إسناد صحيح موصول. وقد ذكر ابن أبي حاتم، عَن أبيه، أن بعضهم ذكر أنه لا يعرف لَهُ أصلاً. وفي ذَلِكَ نظر. وقد روي عَن أبي بنِ كعب مِن وجوه أخر: روى شعبة، عَن سيف بنِ وهب، عَن أبي حرب بنِ أبي الأسود، عَن عميرة بنِ يثربي، عَن أبي كعب، قالَ إذا التقى ملتقاهما فَقد وجب الغسل. خرجه ابن أبي شيبة والبخاري في ((تاريخه)) .وروى مالك، عَن يحيى بنِ سعيد، عَن عبد الله بنِ كعب مولى عثمان، أن محمود بنِ لبيد سأل زيد بنِ ثابت عَن الرجل يصيب أهله ثُمَّ يكسل ولا ينزل؟ فقالَ: زيد يغتسل، فقالَ لَهُ محمود بن لبيد: إن أبي بن كعب - كانَ لا يرى الغسل؟ فقالَ لَهُ زيد: إن أبياً نزع عَن ذَلِكَ قبل أن يموت. وقال الشَافِعي: أنا إبراهيم بن محمد، عَن خارجة بن زيد، عَن أبيه، عَن أبي بن كعب، أنَّهُ كانَ يقول: ليسَ على مِن لَم ينزل غسل، ثُمَّ نزع عَن ذَلِكَ أبي قبل أن يموت. وقد روي، عَن عائشة ما يدل على النسخ: مِن رواية الحسين بنِ عمران: حدثني الزهري، قالَ: سألت عروة عَن الذِي يجامع ولا ينزل؟ قالَ: نول الناس أن يأخذوا بالآخر مِن أمر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، حدثتني عائشة، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانَ يفعل ذَلِكَ ولا يغتسل، وذلك قبل فتح مكة، ثُمَّ اغتسل بعد ذَلِكَ، وأمر الناس بالغسل. خرجه ابن حبان في ((صحيحه)) والدارقطني. والحسين بنِ عمران، ذكره ابن حبان في ((ثقاته)) ، وقال الدارقطني: لا بأس بهِ، وقال البخاري: لا يتابع على حديثه. وقال العقيلي بعد تخريجه لهذا الحديث: الحديث ثابت عَن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الغسل لالتقاءالختانين، ولا يحفظ هذا اللفظ إلا في هَذا الحديث. والقول بأن ((الماء مِن الماء)) نسخ بالأمر بالغسل مِن التقاء الختانين هوَ المشهور عند العلماء مِن الفقهاء والمحدثين، وقد قرره الشافعي، وأحمد، ومسلم بنِ الحجاج، والترمذي، وأبو حاتم الرازي وغيرهم مِن الأئمة. وقد روي معنى ذَلِكَ عَن سعيد بنِ المسيب وغيره مِن السلف. وقد قيل: إن ((الماء مِن الماء)) إنما كانَ في الاحتلام. وقد روي عَن ابن عباس هَذا التأويل. خرجه الترمذي مِن وجه فيهِ مقال. وروي - أيضاً - عَن عكرمة، وذهب إليه طائفة. وهذا التأويل إن احتمل في قولُهُ: ((الماء مِن الماء)) فلا يحتمل في قولُهُ: ((إذا أعجلت - أو أقحطت - فلا غسل عليك)) ، وفي قولُهُ: ((يغسل ما مس المرأة منهُ، ويتوضأ، ويصلي)) . وقال طائفة مِن العلماء: لما اختلفت الأحاديث في هَذا وجب الأخذ بأحاديث الغسل مِن التقاء الختانين، لما فيها مِن الزيادة التي لَم يثبت لها معارض، ولم تبرأ الذمة بدون الاغتسال؛ لأنه قَد تحقق أن التقاء الختانين موجب لطهارة،ووقع التردد: هل يكفي الوضوء أو لا يكفي دونَ غسل البدن كله؟ فوجب الأخذ بالغسل؛ لأنه لا يتيقن براءة الذمة بدونه. وهذا معنى قول البخاري: الغسل أحوط. ولذلك قالَ أحمد - في رواية ابن القاسم -: الأمر عندي في الجماع أن آخذ بالاحتياط فيهِ، ولا أقول: الماء مِن الماء. وسلك بعضهم مسلكاً أخر، وَهوَ: أن المجماع وإن لَم ينزل يسمى جنباً ومجامعاً وواطئاً، ويترتب جميع أحكام الوطء عليهِ، والغسل مِن جملة الأحكام. وهذا معنى قول مِن قالَ مِن السلف: أنوجب المهر والحد ولا نوجب الغسل؟ وهذا القول هوَ الذِي استقر عليهِ عمل المسلمين. وقد خالف فيهِ شرذمة مِن المتقدمين، مِنهُم: أبو سلمة، وعروة، وهشام ابن عروة، والأعمش، وابن عيينة، وحكي عَن الزهري وداود. وقال ابن عبد البر: اختلف أصحاب داود في هَذهِ المسألة. وقال ابن المنذر: لا أعلم اليوم بين أهل العلم في ذَلِكَ اختلافاً. وذهب إليه طائفة مِن أهل الحديث، مِنهُم: بقي بنِ مخلد الأندلسي، وقد نسبه بعضهم إلى البخاري وليس في كلامه ما يصرح بهِ، وحكاه الشَافِعي عَن بعض أهل الحديث مِن أهل ناحيتهم وغيرهم، وذكر مناظرته لَهُم. وقد كانَ بعض الناس قي زمن الإمام أحمد ينسب ذَلِكَ إليه، فكانأحمد ينكر ذَلِكَ، ويقول: ما أحفظ أني قلت بهِ قط، وقيل لَهُ: بلغنا أنك تقوله؟ فقالَ: الله المستعان، وقال - أيضاً -: مِن يكذب علي في هَذا أكثر مِن ذاك. وأحمد مِن أبعد الناس عَن هَذهِ المقالة، فظاهر كلامه يدل على أن الخلاف فيها غير سائغ، فإنه نص على أنَّهُ لو فعل ذَلِكَ مرة أنَّهُ يعيد الصلاة التي صلاها بغير غسل مِن التقاء الختانين، ونص على أنَّهُ لا يصلى خلف مِن يقول: ((الماء مِن الماء)) ، معَ قولُهُ: إنه يصلي خلف مِن يحتجم ولا يتوضأ، ومن يمس ذكره ولا يتوضأ متأولاً، فدل على أن القول بأن ((الماء مِن الماء)) لا مساغ للخلاف فيهِ. وكذلك ذكر ابن أبي موسى وغيره مِن الأصحاب. وحمل أبو بكر عبد العزيز كلام أحمد على أنه لَم يكن متأولاً، وهذا لا يصح؛ لأن القول بأن ((الماء مِن الماء)) لا يكون بغير تأويل. والله أعلم. وقد سبق عَن عمر، أنَّهُ قالَ: لا أوتى بأحد فعله إلا أنهكته عقوبة. وقد روي عَنهُ مِن وجه آخر، رواه ابن أبي شيبة، عَن ابن إدريس، عَن الشيباني، عَن بكير بنِ الأخنس، عَن سعيد بنِ المسيب، قالَ: قالَ عمر: لا أوتي برجل فعله - يعني: جامع ولم يغتسل؛ يعني: وَهوَ لَم ينزل - إلا أنهكته عقوبة. وخرجه إبراهيم بن مسلم الخوارزمي في ((كِتابِ الطهور)) عَن أسباطبن محمد، عَن الشيباني، بهِ. وفي رواية أن سعيد بنِ المسيب قالَ: سمعت عمر بنِ الخطاب على المنبر يقول: لا أجد أحداً جامع امرأته ولم يغتسل، أنزل أو لَم ينْزل، إلا عاقبته. وقد قالَ عمر هَذا بمحضر مِن المهاجرين والأنصار، ولم يخالف فيهِ أحد. والظاهر: أن جميع مِن كانَ يخالف فيهِ مِن الأنصار رجع عَنهُ، ورأسهم: أبي بنِ كعب، وزيد بنِ ثابت، ومِن المهاجرين عثمان بنِ عفان. وفي رجوع أبي بنِ كعب وعثمان بنِ عفان معَ سماعها مِن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خلاف ذَلِكَ: دليل على أنَّهُ ظهر لهما أن ما سمعاه زال حكمه، واستقر العمل على غيره. وعامة مِن روي عَنهُ: ((إن الماء مِن الماء)) روي عَنهُ خلاف ذَلِكَ، والغسل مِن التقاء الختانين، مِنهُم: عثمان، وعلي، سعد بنِ أبي وقاص، وابن مسعود، وابن عباس، وزيد بنِ ثابت، وأبي بنِ كعب، ورافع بنِ خديج. وهذا يدل على رجوعهم عما قالوه في ذَلِكَ؛ فإن القول بنسخ ((الماء مِن الماء)) مشهور بين العلماء، ولم يقل أحد مِنهُم بالعكس. وقد روت عائشة وأبو هريرة عَن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الغسل بالتقاء الختانين. وقد روى ذَلِكَ - أيضاً - مِن رواية عبد الله بنِ عمرو،ورافع بنِ خديج، ومعاذ بنِ جبل، وابن عمر، وأبي أمامة وغيرهم، إلا أن في أسانيدها ضعفاً. وفي حديث رافع التصريح بنسخ الرخصة - أيضاً. أعلم؛ أن هَذا الضعف إنما هوَ في الطرق التي وصلت إلينا منها هَذهِ الأخبار، فأما المجمع الذِي جمع عمر فيهِ المهاجرين والأنصار، ورجع فيهِ أعيان مِن كانَ سمع مِن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرخصة، فأنهم لَم يرجعوا إلا لأمرٍ ظهر لَهُم في ذَلِكَ الجمع وبعده، وعلموه وتيقنوه، وإن كانت تفاصيله لَم تنقل إلينا، واستقر مِن حينئذ العمل على الغسل مِن التقاء الختانين، ولم يصح عَن أحد مِن الصحابة بعد ذَلِكَ إظهار الفتيا بخلافه، فوجب اتباع سبيل المؤمنين، والأخذ بما جمع عليهِ الأمة أمير المؤمنين، والرجوع إلى مِن رجعت إليه الصحابة في العلم بهذه المسألة، وهي أم المؤمنين. والمخالف يشغب بذكر الأحاديث التي رجع عنها رواتها، ويقول: هي صحيحة الأسانيد، وربما يقول: هي أصح إسناداً مِن الأحاديث المخالفة لها. ومن هنا: كره طوائف مِن العلماء ذكر مثل هَذهِ الأحاديث والتحديث بها؛ لأنها تورث الشبهة في نفوس كثير مِن الناس. وخرج الإسماعيلي في ((صحيحه)) مِن حديث زيد بنِ أخزم، قالَ:سمعت يحيى - يعني: القطان - وسئل عَن حديث هشام بنِ عروة: حديث أبي أيوب: ((الماء مِن الماء)) ؟ - فقالَ: نهاني عَنهُ عبد الرحمن - يعني: ابن مهدي. ولهذا المعنى - والله أعلم - لَم يخرج مالك في ((الموطإ)) شيئأً مِن هَذهِ الأحاديث، وهي أسانيد حجازية على شرطه. والمقصود بهذا: أن المسائل التي اجتمعت كلمة المسلمين عليها مِن زمن الصحابة، وقل المخالف فيها وندر، ولم يجسر على إظهارها لإنكار المسلمين عليهِ، [كلها] يجب على المؤمن الأخذ بما اتفق المسلمون على العمل بهِ ظاهراً؛ فإن هَذهِ الأمة لا يظهر أهل باطلها على أهل حقها، كَما أنها لا تجتمع على ضلالة، كَما روي ذَلِكَ عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. خرجه أبو داود وغيره. فهذه المسائل قَد كفى المسلم أمرها، ولم يبق فيها إلا اتباع ما جمع عليهِ الخلفاء الراشدون أولي العلم والعدل والكمال، دونَ الاشتغال فيها بالبحث والجدال وكثرة القيل والقال؛ فإن هَذا كله لَم يكن يخفى عمن سلف، ولا يظن ذَلِكَ بهم سوى أهل الجهل والضلال. والله المسئول العصمة والتوفيق.بسم الله الرحمن الرحيم 6 - كِتابِ الحيض وقول الله عز وجل: {{وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}} [البقرة:222] إلى قولُهُ: {{وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}} [البقرة:222] . خرج مسلم في ((صحيحه)) مِن حديث حماد بنِ سلمة: نا ثابت، عَن أنس، أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لَم يؤاكلوها ولم يجامعوهن في البيوت، فسأل أصحاب النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأنزل الله عز وجل: {{وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}} [البقرة:222] إلى آخر الآية، فقالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((اصنعوا كل شيء إلا النكاح)) - وذكر بقية الحديث. فقوله عز وجل: {{وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ}} ، أي: عَن حكمه والمباشرة فيهِ. و ((المحيض)) ، قيل: إنَّهُ مصدر كالحيض، وقيل: بل هوَ اسم للحيض، فيكون اسم مصدر. وقوله تعالى: {{قُلْ هُوَ أَذىً}} [البقرة:222] ، فسر الأذى بالدم النجس وبما فيهِ مِن القذر والنتن وخروجه مِن مخرج البول، وكل ذَلِكَ يؤذي. قالَ الخطابي: الأذى هوَ المكروه الذِي ليسَ بشديد جداً؛ كقوله: {{لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاّ أَذى}} [آل عمران:111] ، وقوله: {{إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ}} [النساء: 102] ، قالَ: والمراد: أذى يعتزل منها موضعه لا غيره، ولا يتعدىذَلِكَ إلى سائر بدنها، فلا يجتنبن ولا يخرجن مِن البيوت كفعل المجوس وبعض أهل الكِتابِ، فالمراد: أن الأذى بهن لا يبلغ الحد الذِي يجاوزونه إليه، وإنما يجتنب منهن موضع الأذى، فإذا تطهرن حل غشيانهن. وقوله تعالى: {{فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيض}} [البقرة:222] ، قَد فسره النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - باعتزال النكاح، وسيأتي فيما بعد - إن شاء الله تعالى - ذكر ما يحرم مِن مباشرة الحائض وما يحل منهُ في الباب الذِي يختص المباشرة مِن الكِتابِ. وقد قيل: بأن المراد بالمحيض هاهنا: مكان الحيض، وهو الفرج، ونص على ذَلِكَ الإمام أحمد، وحكاه الماوردي عَن أزواج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وجمهور المفسرين، وحكى الإجماع على أن المراد بالمحيض المذكور في أول الآية: الدم. وقد خالف في ذَلِكَ ابن أبي موسى مِن أصحابنا في ((شرح الخرقي)) ، فزعم أن مذهب أحمد أنَّهُ الفرج - أيضاً -، وفيه بعد. وجمهور أصحاب الشَافِعي على أن المراد بالمحيض في الآية الدم، في الموضعين.وقوله: {{وَلا تَقْرَبُوهُنّ}} [البقرة: 222] ، نهي بعد الأمر باعتزالهن في المحيض عَن قربانهن فيهِ، والمراد بهِ: الجماع - أيضاً -، وفيه تأكيد لتحريم الوطء في الحيض. وقوله: {{حَتَّى يَطْهُرْنَ}} [البقرة: 222] فيهِ قراءتان {{يَطْهُرْنَ}} [البقرة:222]- بسكون الطاء وضم الهاء -، و {{يَطْهُرْنَ}} [البقرة: 222] بفتح الطاء وتشديد الهاء. وقد قيل: إن القراءة الأولى أريد بها انقطاع الدم، والقراءة الثانية أريد بها التطهر بالماء. وممن فسر الأولى بانقطاع الدم ابن عباس ومجاهد وغيرهما. وابن جرير وغيره: يشيرون إلى حكاية الإجماع على ذَلِكَ. ومنع غيره الإجماع، وقال: كل مِن القراءتين تحتمل أن يراد بها الاغتسال بالماء، وأن يراد بها انقطاع الدم، وزوال أذاه. وفي ذَلِكَ نظر، فإن قراءة التشديد تدل على نسبة فعل التطهير إليها، فكيف يراد بذلك مجرد انقطاع الدم ولا صنع لها فيهِ. وقوله: {{حَتَّى يَطْهُرْنَ}} [البقرة: 222] غاية النهي عَن قربانهن، فيدل بمفهومه على أن ما بعد التطهير يزول النهي. فعلى قراءة التشديد المفسرة بالاغتسال إنما يزول النهي بالتطهر بالماء، وعلى قراءة التخفيف يدل على زوال النهي بمجرد انقطاع الدم. واستدل بذلك فرقة قليلة على إباحة الوطء بمجرد انقطاع الدم، وَهوَ قول أبي حنيفة، وأصحابه، إذا انقطع الدم لأكثر الحيض، أو لدونه، ومضى عليها وقت صلاة، أو كانت غير ومخاطبة بالصلاةكالذمية. وحكي عَن طائفة إطلاق الإباحة، مِنهُم: ابن كثير وابن عبد الحكم، وفي نقله عنهما نظر. والجمهور على أنه لا يباح بدون الاغتسال، وقالوا: الآية، وإن دلت بمفهومها على الإباحة بالانقطاع إلا أن الإتيان مشروط لَهُ شرط آخر وَهوَ التطهر، والمراد بهِ: التطهر بالماء؛ بقولِهِ: {{فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنّ}} [البقرة:222] ، فدل على أنَّهُ لا يكفي مجرد التطهر، وأن الإتيان متوقف على التطهر، أو على الطهر والتطهر بعده، وفسر الجمهور التطهر بالاغتسال، كَما في قولُهُ: {{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا}} [المائدة:6] . وحكي عَن طائفة مِن السلف: أن الوضوء كاف بعد انقطاع الدم، منهُم: مجاهد، وعكرمة، وطاوس، على اختلاف عَنهُم في ذَلِكَ. قالَ ابن المنذر: روينا بإسناد فيهِ مقال عن عطاء وطاوس ومجاهد، أنهم قالوا: إذا أدرك الزوج الشبق أمرها أن تتوضأ، ثُمَّ أصاب منها إن شاء. وأصح مِن ذَلِكَ عَن عطاء ومجاهد موافقة القول الأول - يعني: المنع منهُ وكراهته بدون الغسل -، قالَ: ولا يثبت عَن طاوس خلاف ذَلِكَ. قالَ: وإذا بطل أن يثبت عَن هؤلاء قول ثان كانَ القول الأول كالإجماع. انتهى. ولذلك ضعف القاضي إسماعيل المالكي الرواية بذلك عَن طاوسوعطاء؛ لأنها مِن رواية ليث بن أبي سليم عنهما، وَهوَ ضعيف. وحكي عَن بعض السلف أن التطهر غسل الفرج خاصة، رواه ابن جريج وليث عَن عطاء، ورواه معمر عَن قتادة، وحكاه بعض أصحابنا عَن الأوزاعي، ولا أظنه يصح عَنهُ، وقاله قوم مِن أهل الظاهر. والصحيح الذِي عليهِ جمهور العلماء: أن تطهر الحائض كتطهر الجنب، وَهوَ الاغتسال. ولو عدمت الماء، فهل يباح وطؤها بالتيمم؟ فيهِ قولان: أحدهما: يباح بالتيمم، وَهوَ مذهبنا، ومذهب الشَافِعي وإسحاق والجمهور، وقول يحيى بن بكير مِن المالكية، والقاضي إسماعيل مِنهُم - أيضاً. وقال مكحول ومالك: لا يباح وطؤها بدون الاغتسال بالماء. وقوله: {{فَأْتُوهُنّ}} [البقرة:222] إباحة، وقوله: {{مِنْ حَيْثُأَمَرَكُمُ اللَّه}} [البقرة: 222] أي: باعتزالهن، وَهوَ الفرج، أو ما بين السرة والركبة، على ما فيهِ مِن الاختلاف كَما سيأتي، روي هَذا عَن ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة. وقيل: المراد: مِن الفرج دونَ الدبر، رواه علي بنِ أبي طلحة عَن ابن عباس. وروى أبان بنِ صالح، عن مجاهد، عنة ابن عباس، قالَ: {{مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ الله}} [البقرة: 222] أن تعتزلوهن. ورواه عكرمة، عَن ابن عباس - أيضاً. وقيل: المراد مِن قبل التطهر لا مِن قبل الحيض، وروي عَن ابن عباس - أيضاً -، وغيره. و ((التوابون)) : الرجاعون إلى طاعة الله مِن مخالفته. و ((المتطهرون)) : فسره عطاء وغيره: بالتطهر بالماء، ومجاهد وغيره: بالتطهر مِن الذنوب. وعن مجاهد، أنَّهُ فسره: بالتطهر مِن أدبار النساء. ويشهد لَهُ قول قوم لوط: {{إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ}} [الأعراف: 82] .1 - باب كيف كانَ بدء الحيض؟ وقول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((هَذا شيء كتبه الله على بنات آدم)) . وقال بعضهم: كانَ أول ما أرسل الحيض على بني إسرائيل. قالَ أبو عبد الله: وحديث النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أكثر. أما مِن قالَ: أول ما أرسل الحيض على بني إسرائيل: فَقد روي ذَلِكَ عَن حماد بنِ سلمة، عَن هشام بنِ عروة، عَن فاطمة بنت المنذر، عَن أسماء بنت أبي بكر، قالت: إنما سلطت الحيضة على نساء بني إسرائيل؛ لأنهن كن اتخذن أرجلاً مِن خشب يتطاولن بها في المساجد. وأما ما رجحه البخاري مِن أن الحيض لَم يزل في النساء منذ خلقهن الله، فَهوَ المروي عَن جمهور السلف: قالَ عمرو بنِ محمد العنقزي: نا عباد بنِ العوام، عَن سفيان بنِ حسين، عَن يعلى بنِ مسلم، عَن سعيد بنِ جبير، عَن ابن عباس، قالَ: لما أكل آدم مِن الشجرة التي نهي عنها، قالَ الله لَهُ: ((ما حملك على أن عصيتني؟)) قالَ: ربِّ، زينته لي حواء، قالَ: ((فإني أعقبها أن لا تحمل إلا كرها، ولا تضع إلا كرهاً، ودميتها في الشهر مرتين)) ، فلما سمعت حواء ذَلِكَ رنت، فقالَ لها: عليك الرنةوعلى بناتك. وروى ابن جرير في ((تفسيره)) : نا يونس: نا ابن وهب، عَن عبد الرحمن بن زيد بنِ أسلم، في قولُهُ: {{وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ}} [البقرة:25] ، قالَ: المطهرة: التي لا تحيض، قالَ: وكذلك خلقت حواء عليها السلام حتى عصت، فلما عصت قالَ الله تعالى: ((إني خلقتك مطهرة، وسأدميك كَما أدميت هَذهِ الشجرة)) . وقد استدل البخاري لذلك بعموم قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إن هَذا شيء كتبه الله على بنات آدم)) ، وَهوَ استلال ظاهر حسن، ونظيره: استدلال الحسن على إبطال قول مِن قالَ: أول مِن رأى الشيب إبراهيم - عليه السلام -، بعموم قول الله عز وجل: {{اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً}} [الروم: 54] .

    شروح صوتية للحديث

    حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي قَالَ، أَخْبَرَنِي أَبُو أَيُّوبَ، قَالَ أَخْبَرَنِي أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ، أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ فَلَمْ يُنْزِلْ قَالَ ‏ "‏ يَغْسِلُ مَا مَسَّ الْمَرْأَةَ مِنْهُ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي ‏"‏‏.‏ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْغَسْلُ أَحْوَطُ، وَذَاكَ الآخِرُ، وَإِنَّمَا بَيَّنَّا لاِخْتِلاَفِهِمْ‏.‏

    Narrated Ubai bin Ka`b:I asked Allah's Messenger (ﷺ) about a man who engages in sexual intercourse with his wife but does not discharge. He replied, "He should wash the parts which comes in contact with the private parts of the woman, perform ablution and then pray." (Abu `Abdullah said, "Taking a bath is safer and is the last order)

    Telah menceritakan kepada kami [Musaddad] telah menceritakan kepada kami [Yahya] dari [Hisyam bin 'Urwah] berkata, telah mengabarkan kepadaku [Bapakku] ia berkata, telah mengabarkan kepadaku [Abu Ayyub] berkata, telah mengabarkan kepadaku [Ubay bin Ka'b] bahwa ia berkata, "Wahai Rasulullah, bagaimana jika seseorang berhubungan dengan isterinya namun tidak keluar (mani)?" beliau menjawab: "Hendaklah ia cuci apa yang mengenai isterinya (kemaluan), lalu wudlu dan shalat." Abu 'Abdullah Al Bukhari berkata, "Mandi adalah sikap yang lebih berhati-hati." Inilah akhir dari penjelasan bab ini, dan kami telah menerangkan perbedaan pendapat mereka (para imam)

    Ebu Eyyûb r.a.'den şöyle nakledilmiştir: "Ubey b. Ka'b bana anlattığına göre Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'e: Ey Allah'ın elçisi! Hanımıyla ilişkiye giren, ama boşalmayan adam (ne yapar?)' diye sormuştu. Allah Resulü (Sallallahu aleyhi ve Sellem) de şöyle cevap vermişti: Vücudunu kadına temas eden kısmını yıkar, sonra abdest alır ve namaz kılar. Ebu Abdullah şöyle demiştir: "Bu durumda gusül abdesti almak daha ihtiyatlıdır. Diğeri ise en son çaredir. Bu konuda farklı görüş ve yorumlar olduğu için bu şekilde açıklamada bulunduk

    ہم سے مسدد نے بیان کیا، کہا ہم سے یحییٰ نے ہشام بن عروہ سے، کہا مجھے خبر دی میرے والد نے، کہا مجھے خبر دی ابوایوب نے، کہا مجھے خبر دی ابی بن کعب نے کہ انھوں نے پوچھا: یا رسول اللہ! جب مرد عورت سے جماع کرے اور انزال نہ ہو تو کیا کرے؟ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا عورت سے جو کچھ اسے لگ گیا اسے دھو لے پھر وضو کرے اور نماز پڑھے۔ ابوعبداللہ ( امام بخاری رحمہ اللہ ) نے کہا غسل میں زیادہ احتیاط ہے اور یہ آخری احادیث ہم نے اس لیے بیان کر دیں ( تاکہ معلوم ہو جائے کہ ) اس مسئلہ میں اختلاف ہے اور پانی ( سے غسل کر لینا ہی ) زیادہ پاک کرنے والا ہے۔ ( نوٹ: یہ اجازت ابتداء اسلام میں تھی بعد میں یہ حکم منسوخ ہو گیا ) ۔

    । উবাই ইব্‌নু কা‘ব (রাঃ) থেকে বর্ণিতঃ তিনি আল্লাহর রাসূল (সাল্লাল্লাহু ‘আলাইহি ওয়া সাল্লাম)-কে জিজ্ঞেস করলেনঃ হে আল্লাহর রাসূল! স্ত্রীর সাথে সঙ্গত হলে যদি বীর্য বের না হয় (তার হুকুম কী?) তিনি বললেনঃ স্ত্রী থেকে যা লেগেছে তা ধুয়ে উযূ করবে ও সালাত আদায় করবে। আবূ ‘আবদুল্লাহ [বুখারী (রহঃ)] বলেনঃ গোসল করাই শ্রেয়। আর তা-ই সর্বশেষ হুকুম। আমি এই শেষের হাদিসটি বর্ণনা করেছি মতভেদ থাকার কারণে। কিন্তু পানি (গোসল) অধিক পবিত্রকারী।

    உபை பின் கஅப் (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: நான் (நபி (ஸல்) அவர்களிடம்), “அல்லாஹ்வின் தூதரே! ஒருவர் தம் மனைவி யுடன் தாம்பத்திய உறவு கொண்டார்; ஆனால், விந்தை வெளியேற்றவில்லை (இந்நிலையில் அவர்மீது குளியல் கடமையாகுமா?)” என்று கேட்டேன். அதற்கு நபி (ஸல்) அவர்கள், “மனைவியின் பிறவி உறுப்பைத் தொட்ட தமது உறுப்பை அவர் கழுவிக்கொள்ள வேண்டும். பிறகு அங்கத் தூய்மை செய்துகொண்டு தொழலாம்” என்று சொன்னார்கள். அபூஅப்தில்லாஹ் (புகாரீயாகிய நான்) கூறுகின்றேன்: (பாலுறுப்புகள் சந்தித்துவிட்டால்) குளியல்தான் (மார்க்கத்தில்) தார்மிகக் கடமையாகும். இதுதான் இறுதிக் கட்டளையாகும். இதில் கருத்து வேறுபாடு இருப்பதால்தான் இங்கு குறிப்பிட்டோம்.10 அத்தியாயம் :