وَكَانَا قَدْ شَهِدَا حُنَيْنًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَا : صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ ، ثُمَّ جَلَسَ إِلَى ظِلِّ شَجَرَةٍ ، فَقَامَ إِلَيْهِ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ ، وَعُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ بَدْرٍ يَطْلُبُ بِدَمِ الْأَشْجَعِيِّ عَامِرِ بْنِ الْأَضْبَطِ ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ قَيْسٍ ، وَالْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ يَدْفَعُ عَنْ مُحَلِّمِ بْنِ جَثَّامَةَ لِخِنْدِفٍ ، فَاخْتَصَمَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " تَأْخُذُونَ الدِّيَةَ خَمْسِينَ فِي سَفَرِنَا هَذَا ، وَخَمْسِينَ إِذَا رَجَعْنَا " قَالَ : يَقُولُ عُيَيْنَةُ : وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا أَدَعُهُ حَتَّى أُذِيقَ نِسَاءَهُ مِنَ الْحُزْنِ مَا أَذَاقَ نِسَائِي . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " بَلْ تَأْخُذُونَ الدِّيَةَ " . فَأَبَى عُيَيْنَةُ ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ لَيْثٍ يُقَالُ لَهُ : مُكَيْتِلٌ ، رَجُلٌ قَصِيرٌ مَجْمُوعٌ ، فَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، مَا وَجَدْتُ لِهَذَا الْقَتِيلِ شَبِيهًا فِي غُرَّةِ الْإِسْلَامِ إِلَّا كَغَنَمٍ وَرَدَتْ فَرُمِيَ أَوَّلُهَا فَنَفَرَ آخِرُهَا ، اسْنُنِ الْيَوْمَ وَغَيِّرْ غَدًا . قَالَ : فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ ، ثُمَّ قَالَ : " بَلْ تَقْبَلُونَ الدِّيَةَ فِي سَفَرِنَا هَذَا خَمْسِينَ ، وَخَمْسِينَ إِذَا رَجَعْنَا " فَلَمْ يَزَلْ بِالْقَوْمِ حَتَّى قَبِلُوا الدِّيَةَ ، قَالَ : فَلَمَّا قَبِلُوا الدِّيَةَ ، قَالَ : قَالُوا : أَيْنَ صَاحِبُكُمْ يَسْتَغْفِرُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ؟ فَقَامَ رَجُلٌ آدَمُ طَوِيلٌ ضَرْبٌ ، عَلَيْهِ حُلَّةً كَانَ تَهَيَّأَ لِلْقَتْلِ حَتَّى جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا جَلَسَ ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا اسْمُكَ ؟ " قَالَ : أَنَا مُحَلِّمُ بْنُ جَثَّامَةَ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اللَّهُمَّ لَا تَغْفِرْ لِمُحَلِّمٍ ، اللَّهُمَّ لَا تَغْفِرْ لِمُحَلِّمٍ " ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، فَقَامَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ، وَهُوَ يَتَلَقَّى دَمْعَهُ بِفَضْلِ رِدَائِهِ ، فَأَمَّا نَحْنُ بَيْنَنَا فَنَقُولُ : قَدْ اسْتَغْفَرَ لَهُ ، وَلَكِنَّهُ أَظْهَرَ مَا أَظْهَرَ ، لِيَدَعَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، قَالَ : سَمِعْتُ زِيَادَ بْنَ ضَمْرَةَ بْنِ سَعْدٍ السُّلَمِيَّ ، يُحَدِّثُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، وَجَدِّي ، وَكَانَا قَدْ شَهِدَا حُنَيْنًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَا : صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الظُّهْرَ ، ثُمَّ جَلَسَ إِلَى ظِلِّ شَجَرَةٍ ، فَقَامَ إِلَيْهِ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ ، وَعُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ بَدْرٍ يَطْلُبُ بِدَمِ الْأَشْجَعِيِّ عَامِرِ بْنِ الْأَضْبَطِ ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ سَيِّدُ قَيْسٍ ، وَالْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ يَدْفَعُ عَنْ مُحَلِّمِ بْنِ جَثَّامَةَ لِخِنْدِفٍ ، فَاخْتَصَمَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَسَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : تَأْخُذُونَ الدِّيَةَ خَمْسِينَ فِي سَفَرِنَا هَذَا ، وَخَمْسِينَ إِذَا رَجَعْنَا قَالَ : يَقُولُ عُيَيْنَةُ : وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا أَدَعُهُ حَتَّى أُذِيقَ نِسَاءَهُ مِنَ الْحُزْنِ مَا أَذَاقَ نِسَائِي . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : بَلْ تَأْخُذُونَ الدِّيَةَ . فَأَبَى عُيَيْنَةُ ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ لَيْثٍ يُقَالُ لَهُ : مُكَيْتِلٌ ، رَجُلٌ قَصِيرٌ مَجْمُوعٌ ، فَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، مَا وَجَدْتُ لِهَذَا الْقَتِيلِ شَبِيهًا فِي غُرَّةِ الْإِسْلَامِ إِلَّا كَغَنَمٍ وَرَدَتْ فَرُمِيَ أَوَّلُهَا فَنَفَرَ آخِرُهَا ، اسْنُنِ الْيَوْمَ وَغَيِّرْ غَدًا . قَالَ : فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَدَهُ ، ثُمَّ قَالَ : بَلْ تَقْبَلُونَ الدِّيَةَ فِي سَفَرِنَا هَذَا خَمْسِينَ ، وَخَمْسِينَ إِذَا رَجَعْنَا فَلَمْ يَزَلْ بِالْقَوْمِ حَتَّى قَبِلُوا الدِّيَةَ ، قَالَ : فَلَمَّا قَبِلُوا الدِّيَةَ ، قَالَ : قَالُوا : أَيْنَ صَاحِبُكُمْ يَسْتَغْفِرُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ؟ فَقَامَ رَجُلٌ آدَمُ طَوِيلٌ ضَرْبٌ ، عَلَيْهِ حُلَّةً كَانَ تَهَيَّأَ لِلْقَتْلِ حَتَّى جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَلَمَّا جَلَسَ ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا اسْمُكَ ؟ قَالَ : أَنَا مُحَلِّمُ بْنُ جَثَّامَةَ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اللَّهُمَّ لَا تَغْفِرْ لِمُحَلِّمٍ ، اللَّهُمَّ لَا تَغْفِرْ لِمُحَلِّمٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، فَقَامَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ، وَهُوَ يَتَلَقَّى دَمْعَهُ بِفَضْلِ رِدَائِهِ ، فَأَمَّا نَحْنُ بَيْنَنَا فَنَقُولُ : قَدْ اسْتَغْفَرَ لَهُ ، وَلَكِنَّهُ أَظْهَرَ مَا أَظْهَرَ ، لِيَدَعَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ