أَقْبَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فَصَرَخَ النَّاسُ لَهُ ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ ، فَوَجَدَ عُثْمَانَ وَحْدَهُ فِي الدَّارِ ، لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ ، قَدْ عَزَمَ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَخْرُجُوا عَنْهُ ، فَخَرَجُوا ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ ، فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ، فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ : مَا جَاءَ بِكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ ؟ قَالَ : جِئْتُ لِأَبِيتَ مَعَكَ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ لَكَ أَوْ أُسْتَشْهَدَ مَعَكَ ، فَإِنِّي لَا أَرَى هَؤُلَاءِ إِلَّا قَاتِلِيكَ ، فَإِنْ يَقْتُلُوكَ فَخَيْرٌ لَكَ وَشَرٌّ لَهُمْ ، قَالَ عُثْمَانُ : فَإِنِّي أَعْزِمُ عَلَيْكَ بِمَا لِي عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ لَمَّا خَرَجْتَ إِلَيْهِمْ ، خَيْرٌ يَسُوقُهُ اللَّهُ بِكَ أَوْ شَرٌّ يَدْفَعَهُ اللَّهُ بِكَ ، فَسَمِعَ وَأَطَاعَ ، فَخَرَجَ إِلَى الْقَوْمِ ، فَلَمَّا رَأَوْهُ عَظَّمُوهُ ، وَظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ جَاءَهُمْ بِبَعْضِ الَّذِي يَسُرُّهُمْ ، فَقَامَ خَطِيبًا فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ، يُبَشِّرُ بِالْجَنَّةِ وَيُنْذِرُ بِالنَّارِ ، فَأَظْهَرَ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ، ثُمَّ اخْتَارَ اللَّهُ لَهُ الْمَسَاكِنَ فَجَعَلَ مَسْكَنَهُ الْمَدِينَةَ ، فَجَعَلَهَا دَارَ الْهِجْرَةِ وَالْإِيمَانِ ، وَجَعَلَ بِهَا قَبْرَهُ ، وَقَبْرَ أَزْوَاجِهِ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا هُدًى وَرَحْمَةً ، فَمَنْ يَهْتَدِي مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي بِهُدَى اللَّهِ ، وَمَنْ يَضِلُّ مِنْهُمْ فَإِنَّمَا يَضِلُّ بَعْدَ السُّنَّةِ وَالْحُجَّةِ ، فَبَلَّغَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي أُرْسِلَ بِهِ ، ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ، ثُمَّ إِنَّهُ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ إِذَا قُتِلَ النَّبِيُّ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ كَانَتْ دِيَتُهُ سَبْعِينَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ ، كُلُّهُمْ يُقْتَلُ بِهِ ، وَإِذَا قُتِلَ الْخَلِيفَةُ كَانَتْ دِيَتُهُ خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ ، كُلُّهُمْ يُقْتَلُ بِهِ ، فَلَا تَعْجَلُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِقَتْلٍ الْيَوْمَ ، فَإِنِّي أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَقَدْ حَضَرَ أَجَلُهُ ، نَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، ثُمَّ أُقْسِمُ لَكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَقْتُلُهُ رَجُلٌ إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُشَلًّا يَدُهُ مَقْطُوعَةٌ ، ثُمَّ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ حَقٌّ إِلَّا لِهَذَا الشَّيْخِ عَلَيْكُمْ مِثْلُهُ ، وَقَدْ أُقْسِمُ لَكُمْ بِاللَّهِ مَا زَالَتِ الْمَلَائِكَةُ بِهَذِهِ الْمَدِينَةِ مُنْذُ دَخَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَوْمِ ، وَمَا زَالَ سَيْفُ اللَّهِ مَغْمُودًا عَنْكُمْ مُنْذُ دَخَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَا تَسُلُّوا سَيْفَ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ غُمِدَ عَنْكُمْ وَلَا تَطْرُدُوا جِيرَانَكُمْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ، فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ لَهُمْ قَامُوا يَسُبُّونَهُ وَيَقُولُونَ : كَذَبَ الْيَهُودِيُّ ، فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ : كَذَبْتُمْ وَاللَّهِ وَأَثِمْتُمْ ، مَا أَنَا بِالْيَهُودِيِّ ، إِنِّي لَأَحَدُ الْمُؤْمِنِينَ يَعْلَمُ ذَلِكَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ، وَلَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيَّ قُرْآنًا فَقَالَ فِي آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ : {{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ }} ، وَأَنْزَلَ فِيَّ آيَةً أُخْرَى {{ قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ }} ، فَانْصَرَفُوا مِنْ عِنْدِهِ وَدَخَلُوا عَلَى عُثْمَانَ ، فَذَبَحُوهُ كَمَا تُذْبَحُ الْحُمْلَانُ ، فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ حِينَ فَرَغُوا مِنْهُ ، وَقَتَلَتُهُ فِي الْمَسْجِدِ ، فَقَالَ : يَا أَهْلَ مِصْرَ ، يَا قَتَلَةَ عُثْمَانَ ، أَقَتَلْتُمْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَا يَزَالُ بَعْدَهُ عَهْدٌ مَنْكُوثٌ ، وَدَمٌ مَسْفُوحٌ ، وَمَالٌ مَقْسُومٌ ، أَبَدًا مَا بَقِيتُمْ ، وَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ الْكِنْدِيُّ لَيْلَةَ قُتِلَ فِيهَا مِنْ آخِرِ النَّهَارِ ، فَقَالَ عُثْمَانُ : يَا كَثِيرُ ، إِنِّي مَقْتُولٌ غَدًا ، فَقَالَ لَهُ كَثِيرٌ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، بَلْ يُعْلِي اللَّهُ كَعْبَكَ ، وَيَكْبِتُ عَدُوَّكَ ، فَقَالَ لَهُ الثَّانِيَةَ : يَا كَثِيرُ ، إِنِّي مَقْتُولٌ غَدًا ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، بَلْ يُعْلِي اللَّهُ كَعْبَكَ وَيَكْبِتُ عَدُوَّكَ ، فَقَالَ لَهُ الثَّالِثَةَ أَيْضًا ، فَقَالَ لَهُ كَثِيرٌ ، عَمَّنْ تَقُولُ هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ : أَتَانِي أَوَّلَ اللَّيْلِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَقَالَ : " يَا عُثْمَانُ ، إِنَّكَ مَقْتُولٌ غَدًا " ، فَأَنَا وَاللَّهِ يَا كَثِيرُ بْنَ الصَّلْتِ مَقْتُولٌ غَدًا ، فَقُتِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ .
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو إِبْرَاهِيمَ التَّرْجُمَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي شُعَيْبٌ ، يَعْنِي : ابْنَ صَفْوَانَ الثَّقَفِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ رَجُلٍ حَدَّثَهُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ ، أَنَّهُ أَتَى الْحَجَّاجَ لِيَدْخُلَ عَلَيْهِ ، فَأَنْكَرَهُ الْبَوَّابُونَ فَرَدُّوهُ ، فَلَمْ يَتْرُكُوهُ حَتَّى جَاءَ عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ فَاسْتَأْذَنَ لَهُ ، فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ ، فَسَلَّمَ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ ثُمَّ مَشَى فَقَبَّلَ رَأْسَهُ ، فَأَمَرَ الْحَجَّاجُ رَجُلَيْنِ مِمَّا يَلِي السَّرِيرَ أَنْ يُوسِعَا لَهُ ، فَجَلَسَ فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ : لِلَّهِ أَبُوكَ هَلْ تَعْلَمُ حَدِيثًا حَدَّثَهُ أَبُوكَ عَبْدَ الْمَلِكِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ جَدِّكَ ؟ قَالَ : أَيُّ حَدِيثٍ يَرْحَمُكَ اللَّهُ ؟ قَالَ : حَدِيثُ عُثْمَانَ إِذْ حَصَرَهُ أَهْلُ مِصْرَ ، فَقَالَ : نَعَمْ ، قَدْ عَلِمْتُ ذَلِكَ الْحَدِيثَ ، فَقَالَ : أَقْبَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فَصَرَخَ النَّاسُ لَهُ ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ ، فَوَجَدَ عُثْمَانَ وَحْدَهُ فِي الدَّارِ ، لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ ، قَدْ عَزَمَ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَخْرُجُوا عَنْهُ ، فَخَرَجُوا ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ ، فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ، فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ : مَا جَاءَ بِكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ ؟ قَالَ : جِئْتُ لِأَبِيتَ مَعَكَ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ لَكَ أَوْ أُسْتَشْهَدَ مَعَكَ ، فَإِنِّي لَا أَرَى هَؤُلَاءِ إِلَّا قَاتِلِيكَ ، فَإِنْ يَقْتُلُوكَ فَخَيْرٌ لَكَ وَشَرٌّ لَهُمْ ، قَالَ عُثْمَانُ : فَإِنِّي أَعْزِمُ عَلَيْكَ بِمَا لِي عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ لَمَّا خَرَجْتَ إِلَيْهِمْ ، خَيْرٌ يَسُوقُهُ اللَّهُ بِكَ أَوْ شَرٌّ يَدْفَعَهُ اللَّهُ بِكَ ، فَسَمِعَ وَأَطَاعَ ، فَخَرَجَ إِلَى الْقَوْمِ ، فَلَمَّا رَأَوْهُ عَظَّمُوهُ ، وَظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ جَاءَهُمْ بِبَعْضِ الَّذِي يَسُرُّهُمْ ، فَقَامَ خَطِيبًا فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ، يُبَشِّرُ بِالْجَنَّةِ وَيُنْذِرُ بِالنَّارِ ، فَأَظْهَرَ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ، ثُمَّ اخْتَارَ اللَّهُ لَهُ الْمَسَاكِنَ فَجَعَلَ مَسْكَنَهُ الْمَدِينَةَ ، فَجَعَلَهَا دَارَ الْهِجْرَةِ وَالْإِيمَانِ ، وَجَعَلَ بِهَا قَبْرَهُ ، وَقَبْرَ أَزْوَاجِهِ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا هُدًى وَرَحْمَةً ، فَمَنْ يَهْتَدِي مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي بِهُدَى اللَّهِ ، وَمَنْ يَضِلُّ مِنْهُمْ فَإِنَّمَا يَضِلُّ بَعْدَ السُّنَّةِ وَالْحُجَّةِ ، فَبَلَّغَ مُحَمَّدٌ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الَّذِي أُرْسِلَ بِهِ ، ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ، ثُمَّ إِنَّهُ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ إِذَا قُتِلَ النَّبِيُّ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ كَانَتْ دِيَتُهُ سَبْعِينَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ ، كُلُّهُمْ يُقْتَلُ بِهِ ، وَإِذَا قُتِلَ الْخَلِيفَةُ كَانَتْ دِيَتُهُ خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ ، كُلُّهُمْ يُقْتَلُ بِهِ ، فَلَا تَعْجَلُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِقَتْلٍ الْيَوْمَ ، فَإِنِّي أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَقَدْ حَضَرَ أَجَلُهُ ، نَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، ثُمَّ أُقْسِمُ لَكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَقْتُلُهُ رَجُلٌ إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُشَلًّا يَدُهُ مَقْطُوعَةٌ ، ثُمَّ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ حَقٌّ إِلَّا لِهَذَا الشَّيْخِ عَلَيْكُمْ مِثْلُهُ ، وَقَدْ أُقْسِمُ لَكُمْ بِاللَّهِ مَا زَالَتِ الْمَلَائِكَةُ بِهَذِهِ الْمَدِينَةِ مُنْذُ دَخَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى الْيَوْمِ ، وَمَا زَالَ سَيْفُ اللَّهِ مَغْمُودًا عَنْكُمْ مُنْذُ دَخَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَلَا تَسُلُّوا سَيْفَ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ غُمِدَ عَنْكُمْ وَلَا تَطْرُدُوا جِيرَانَكُمْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ، فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ لَهُمْ قَامُوا يَسُبُّونَهُ وَيَقُولُونَ : كَذَبَ الْيَهُودِيُّ ، فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ : كَذَبْتُمْ وَاللَّهِ وَأَثِمْتُمْ ، مَا أَنَا بِالْيَهُودِيِّ ، إِنِّي لَأَحَدُ الْمُؤْمِنِينَ يَعْلَمُ ذَلِكَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ، وَلَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيَّ قُرْآنًا فَقَالَ فِي آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ : {{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ }} ، وَأَنْزَلَ فِيَّ آيَةً أُخْرَى {{ قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ }} ، فَانْصَرَفُوا مِنْ عِنْدِهِ وَدَخَلُوا عَلَى عُثْمَانَ ، فَذَبَحُوهُ كَمَا تُذْبَحُ الْحُمْلَانُ ، فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ حِينَ فَرَغُوا مِنْهُ ، وَقَتَلَتُهُ فِي الْمَسْجِدِ ، فَقَالَ : يَا أَهْلَ مِصْرَ ، يَا قَتَلَةَ عُثْمَانَ ، أَقَتَلْتُمْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَا يَزَالُ بَعْدَهُ عَهْدٌ مَنْكُوثٌ ، وَدَمٌ مَسْفُوحٌ ، وَمَالٌ مَقْسُومٌ ، أَبَدًا مَا بَقِيتُمْ ، وَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ الْكِنْدِيُّ لَيْلَةَ قُتِلَ فِيهَا مِنْ آخِرِ النَّهَارِ ، فَقَالَ عُثْمَانُ : يَا كَثِيرُ ، إِنِّي مَقْتُولٌ غَدًا ، فَقَالَ لَهُ كَثِيرٌ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، بَلْ يُعْلِي اللَّهُ كَعْبَكَ ، وَيَكْبِتُ عَدُوَّكَ ، فَقَالَ لَهُ الثَّانِيَةَ : يَا كَثِيرُ ، إِنِّي مَقْتُولٌ غَدًا ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، بَلْ يُعْلِي اللَّهُ كَعْبَكَ وَيَكْبِتُ عَدُوَّكَ ، فَقَالَ لَهُ الثَّالِثَةَ أَيْضًا ، فَقَالَ لَهُ كَثِيرٌ ، عَمَّنْ تَقُولُ هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ؟ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ : أَتَانِي أَوَّلَ اللَّيْلِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَقَالَ : يَا عُثْمَانُ ، إِنَّكَ مَقْتُولٌ غَدًا ، فَأَنَا وَاللَّهِ يَا كَثِيرُ بْنَ الصَّلْتِ مَقْتُولٌ غَدًا ، فَقُتِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ .