أَرْسَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ الْجُمَحِيِّ ، فَقَالَ : إِنَّا مُسْتَعْمِلُوكَ . فَقَالَ : اتَّقِ اللَّهَ يَا عُمَرُ ، وَلَا تَفْتِنِّي . فَقَالَ : وَاللَّهِ لَا أَدْعُكُمْ ، جَعَلْتُمُوهَا فِي عُنُقِي ، ثُمَّ تَخَلَّيْتُمْ عَنِّي ، إِنِّي إِنَّمَا أَبْعَثُكَ عَلَى قَوْمٍ لَسْتَ بِأَفْضَلِهِمْ ، وَلَسْتُ أَبْعَثُكَ عَلَيْهِمْ لِتَضْرِبَ أَبْشَارَهُمْ ، وَلَا تَنْتَهِكَ أَعْرَاضَهُمْ ، وَلَكِنَّكَ تُجَاهِدُ بِهِمْ عَدُوَّهُمْ ، وَتُقْسِمُ فِيهِمْ فَيْئَهُمْ . قَالَ : اتَّقِ اللَّهَ يَا عُمَرُ ، وَلَا تَفْتِنِّي ، وَأَقِمْ وَجْهَكَ وَقَضَاءَكَ لِمَنِ اسْتَرْعَاكَ اللَّهُ مِنْ قَرِيبِ الْمُسْلِمِينَ وَبَعِيدِهِمْ ، وَلَا تُقْصِرْ فِي أَمْرٍ وَاحِدٍ قَضَاءَيْنِ ، فَيَخْتَلِفَ عَلَيْكَ أَمْرُكَ وَتَزِيغَ عَنِ الْحَقِّ ، وَالْزَمِ الْأَمْرَ وَالْحُجَّةَ يُعِينُكَ اللَّهُ عَلَى مَا وَلَّاكَ ، خُضِ الْغَمَرَاتِ إِلَى الْحَقِّ حَيْثُ عَلِمْتَهُ ، وَلَا تَخْشَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ . قَالَ عُمَرُ : وَيْحَكَ ، مَنْ يُطِيقُ هَذَا يَا سَعِيدُ بْنَ عَامِرٍ ؟ قَالَ : مَنْ قَطَعَ اللَّهُ فِي عُنُقِهِ مِثْلَ الَّذِي قَطَعَ فِي عُنُقِكَ ، إِنَّمَا عَلَيْكَ أَنْ تَأْمُرَ فَيُطَاعَ أَمْرُكَ أَوْ يُتْرَكَ ، فَتَكُونَ لَكَ الْحُجَّةُ ، قَالَ عُمَرُ : إِنَّا سَنَجْعَلُ لَكَ رِزْقًا ، قَالَ : قَدْ جُعِلَ لِي مَا يَكْفِينِي دُونَهُ ، وَمَا أَنَا مُزْدَادٌ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا ، يَعْنِي عَطَاءَهُ . فَكَانَ إِذَا خَرَّجَ عَطَاءَهُ نَظَرَ إِلَى قُوتِ أَهْلِهِ مِنْ طَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ فَعَزَلَهُ ، وَنَظَرَ إِلَى بَقِيَّتِهِ فَتَصَدَّقَ بِهِ ، فَيُقَالُ لَهُ : أَيْنَ مَالُكَ ؟ فَيَقُولُ : أَقْرَضْتُهُ ، فَأَتَى نَاسٌ مِنْ قَوْمِهِ ، فَقَالُوا لَهُ : إِنَّ لِقَوْمِكَ عَلَيْكَ حَقًّا . قَالَ : مَا أَسْتَأْثِرُ عَلَيْهِمْ وَإِنَّ يَدَيَّ مَعَ أَيْدِيهِمْ ، وَمَا أَنَا بِطَالِبٍ رِضَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ بِطِلْبَتِي الْحُورَ الْعَيْنِ ، لَوِ اطَّلَعَتْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ لَأَشْرَقَتْ لَهَا الْأَرْضُ كَمَا تُشْرِقُ الشَّمْسُ لِأَهْلِ الدُّنْيَا ، وَمَا أَنَا مُتَخَلِّفٌ عَنِ الْعُنُقِ الْأَوَّلِ ، بَعْدَ أَنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " يَجِيءُ فُقَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ يُزَفُّونَ كَمَا تُزَفُّ الْحَمَّامُ ، فَيُقَالُ لَهُمْ : قِفُوا لِلْحِسَابِ ، فَيَقُولُونَ : وَاللَّهِ مَا تَرَكْنَا شَيْئًا نُحَاسَبُ عَلَيْهِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : صَدَقَ عِبَادِي ، فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ سَبْعِينَ " ، أَوْ قَالَ : " أَرْبَعِينَ عَامًا "
حَدَّثَنَا أَبُو سَعْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ ، قَالَ : أَرْسَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى سَعِيدِ بْنِ عَامِرٍ الْجُمَحِيِّ ، فَقَالَ : إِنَّا مُسْتَعْمِلُوكَ . فَقَالَ : اتَّقِ اللَّهَ يَا عُمَرُ ، وَلَا تَفْتِنِّي . فَقَالَ : وَاللَّهِ لَا أَدْعُكُمْ ، جَعَلْتُمُوهَا فِي عُنُقِي ، ثُمَّ تَخَلَّيْتُمْ عَنِّي ، إِنِّي إِنَّمَا أَبْعَثُكَ عَلَى قَوْمٍ لَسْتَ بِأَفْضَلِهِمْ ، وَلَسْتُ أَبْعَثُكَ عَلَيْهِمْ لِتَضْرِبَ أَبْشَارَهُمْ ، وَلَا تَنْتَهِكَ أَعْرَاضَهُمْ ، وَلَكِنَّكَ تُجَاهِدُ بِهِمْ عَدُوَّهُمْ ، وَتُقْسِمُ فِيهِمْ فَيْئَهُمْ . قَالَ : اتَّقِ اللَّهَ يَا عُمَرُ ، وَلَا تَفْتِنِّي ، وَأَقِمْ وَجْهَكَ وَقَضَاءَكَ لِمَنِ اسْتَرْعَاكَ اللَّهُ مِنْ قَرِيبِ الْمُسْلِمِينَ وَبَعِيدِهِمْ ، وَلَا تُقْصِرْ فِي أَمْرٍ وَاحِدٍ قَضَاءَيْنِ ، فَيَخْتَلِفَ عَلَيْكَ أَمْرُكَ وَتَزِيغَ عَنِ الْحَقِّ ، وَالْزَمِ الْأَمْرَ وَالْحُجَّةَ يُعِينُكَ اللَّهُ عَلَى مَا وَلَّاكَ ، خُضِ الْغَمَرَاتِ إِلَى الْحَقِّ حَيْثُ عَلِمْتَهُ ، وَلَا تَخْشَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ . قَالَ عُمَرُ : وَيْحَكَ ، مَنْ يُطِيقُ هَذَا يَا سَعِيدُ بْنَ عَامِرٍ ؟ قَالَ : مَنْ قَطَعَ اللَّهُ فِي عُنُقِهِ مِثْلَ الَّذِي قَطَعَ فِي عُنُقِكَ ، إِنَّمَا عَلَيْكَ أَنْ تَأْمُرَ فَيُطَاعَ أَمْرُكَ أَوْ يُتْرَكَ ، فَتَكُونَ لَكَ الْحُجَّةُ ، قَالَ عُمَرُ : إِنَّا سَنَجْعَلُ لَكَ رِزْقًا ، قَالَ : قَدْ جُعِلَ لِي مَا يَكْفِينِي دُونَهُ ، وَمَا أَنَا مُزْدَادٌ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا ، يَعْنِي عَطَاءَهُ . فَكَانَ إِذَا خَرَّجَ عَطَاءَهُ نَظَرَ إِلَى قُوتِ أَهْلِهِ مِنْ طَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ فَعَزَلَهُ ، وَنَظَرَ إِلَى بَقِيَّتِهِ فَتَصَدَّقَ بِهِ ، فَيُقَالُ لَهُ : أَيْنَ مَالُكَ ؟ فَيَقُولُ : أَقْرَضْتُهُ ، فَأَتَى نَاسٌ مِنْ قَوْمِهِ ، فَقَالُوا لَهُ : إِنَّ لِقَوْمِكَ عَلَيْكَ حَقًّا . قَالَ : مَا أَسْتَأْثِرُ عَلَيْهِمْ وَإِنَّ يَدَيَّ مَعَ أَيْدِيهِمْ ، وَمَا أَنَا بِطَالِبٍ رِضَى أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ بِطِلْبَتِي الْحُورَ الْعَيْنِ ، لَوِ اطَّلَعَتْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ لَأَشْرَقَتْ لَهَا الْأَرْضُ كَمَا تُشْرِقُ الشَّمْسُ لِأَهْلِ الدُّنْيَا ، وَمَا أَنَا مُتَخَلِّفٌ عَنِ الْعُنُقِ الْأَوَّلِ ، بَعْدَ أَنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : يَجِيءُ فُقَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ يُزَفُّونَ كَمَا تُزَفُّ الْحَمَّامُ ، فَيُقَالُ لَهُمْ : قِفُوا لِلْحِسَابِ ، فَيَقُولُونَ : وَاللَّهِ مَا تَرَكْنَا شَيْئًا نُحَاسَبُ عَلَيْهِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : صَدَقَ عِبَادِي ، فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ سَبْعِينَ ، أَوْ قَالَ : أَرْبَعِينَ عَامًا