حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَيْفٍ السِّجِسْتَانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى بْنِ السَّرِيِّ التَّمِيمِيُّ أَبُو عُبَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ عُمَرَ , عَنْ عَطِيَّةَ , عَنْ يَزِيدَ الْقَفَسِيِّ قَالَ : كَانَ ابْنُ سَبَأٍ يَهُودِيًّا مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءَ , أُمُّهُ سَوْدَاءُ , فَأَسْلَمَ زَمَانَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , ثُمَّ تَنَقَّلَ فِي بُلْدَانِ الْمُسْلِمِينَ يُحَاوِلُ ضَلَالَتَهُمْ , فَبَدَأَ بِالْحِجَازِ , ثُمَّ الْبَصْرَةِ , ثُمَّ الْكُوفَةِ , ثُمَّ الشَّامِ , فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَا يُرِيدُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ , فَأَخْرَجُوهُ , حَتَّى أَتَى مِصْرَ , فَاغْتَمَرَ فِيهِمْ , فَقَالَ لَهُمْ فِيمَا كَانَ يَقُولُ : الْعَجَبُ مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَرْجِعُ ، وَيُكْذِّبُ بِأَنَّ مُحَمَّدًا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَرْجِعُ , وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {{ إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ }} فَمُحَمَّدٌ أَحَقُّ بِالرُّجُوعِ مِنْ عِيسَى قَالَ : فَقُبِلَ ذَلِكَ عَنْهُ ، ثُمَّ وَضَعَ لَهُمُ الرَّجْعَةَ فَتَكَلَّمُوا فِيهَا , ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ : إِنَّهُ كَانَ لِكُلِّ نَبِيٍّ وَصِيُّ , وَكَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَصِيَّ مُحَمَّدٍ , وَقَالَ لَهُمْ : مُحَمَّدٌ خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ وَعَلِيٌّ خَاتَمُ الْأَوْصِيَاءِ , وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ : مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ لَمْ يُجِزْ وَصِيَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَوَثَبَ عَلَى وَصِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , ثُمَّ قَالَ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ : أَنَّ عُثْمَانَ قَدْ جَمَعَ أَنْ أَخَذَهَا بِغَيْرِ حَقِّهَا , وَهَذَا وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَانْهَضُوا فِي هَذَا الْأَمْرِ فَحَرِّكُوهُ وَابْدَءُوا بِالطَّعْنِ عَلَى أُمَرَائِكُمْ , وَأَظْهِرُوا الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ , وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ , تَسْتَمِيلُوا النَّاسَ , وَادْعُوا إِلَى هَذَا الْأَمْرِ , فَبَثَّ دُعَاةً , وَكَاتَبَ مَنْ كَانَ اسْتَفْسَدَ فِي الْأَمْصَارِ وَكَاتَبُوهُ , وَدَعَوْا فِي السَّيْرِ إِلَى مَا عَلَيْهِ رَأْيُهُمْ , وَأَظْهَرُوا الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ , وَجَعَلُوا يَكْتُبُونَ إِلَى الْأَمْصَارِ بِكُتُبٍ يَضَعُونَهَا فِي عُيُوبِ وُلَاتِهِمْ , وَيُكَاتِبُهُمْ إِخْوَانُهُمْ بِمِثْلِ ذَلِكَ , وَيَكْتُبُ أَهْلُ كُلِّ مِصْرٍ إِلَى أَهْلِ مِصْرٍ آخَرَ بِمَا يَصْنَعُونَ , فَيَقْرَأُهُ أُولَئِكَ فِي أَمْصَارِهِمْ , وَهَؤُلَاءِ فِي أَمْصَارِهِمْ , حَتَّى يَنَالُوا بِذَلِكَ الْمَدِينَةَ , وَأَوْسَعُوا الْأَرْضَ إِذَاعَةً وَهُمْ يُرِيدُونَ غَيْرَ مَا يُظْهِرُونَ , وَيَسْتُرُونَ غَيْرَ مَا يَرَوْنَ , فَيَقُولُ أَهْلُ كُلِّ مِصْرَ : إِنَّا لَفِي عَافِيَةٍ مِمَّا ابْتُلِيَ بِهِ هَؤُلَاءِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَإِنَّهُمْ جَاءَهُمْ ذَلِكَ , عَنْ جَمِيعِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ , فَقَالُوا : إِنَّا لَفِي عَافِيَةٍ مِمَّا النَّاسُ فِيهِ قَالَ : وَاجْتَمَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , فَقَالُوا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , أَيَأْتِيكَ عَنِ النَّاسِ الَّذِي أَتَانَا ؟ قَالَ : لَا وَاللَّهِ مَا جَاءَنِي إِلَّا السَّلَامَةُ قَالُوا : فَإِنَّا قَدْ أَتَانَا وَأَخْبَرُوهُ بِالَّذِي انْتَهَى إِلَيْهِمْ قَالَ : فَأَنْتُمْ شُرَكَائِي , وَشُهُودُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَأَشِيرُوا عَلَيَّ , قَالُوا : نُشِيرُ عَلَيْكَ أَنْ تَبْعَثَ رِجَالًا مِمَّنْ تَثِقُ بِهِمْ إِلَى الْأَمْصَارِ حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَيْكَ بِأَخْبَارِهِمْ , فَدَعَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَأَرْسَلَهُ إِلَى الْكُوفَةِ , وَأَرْسَلَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ إِلَى الْبَصْرَةِ , وَأَرْسَلَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ إِلَى مِصْرَ , وَأَرْسَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ إِلَى الشَّامِ , وَفَرَّقَ رِجَالًا سِوَاهُمْ فَرَجَعُوا جَمِيعًا قَبْلَ عَمَّارٍ , فَقَالُوا جَمِيعًا : أَيُّهَا النَّاسُ , وَاللَّهِ مَا أَنْكَرْنَا شَيْئًا وَلَا أَنْكَرَهُ أَعْلَامُ الْمُسْلِمِينَ وَلَا عَوَامُّهُمْ , وَقَالُوا جَمِيعًا : الْأَمْرُ أَمْرُ الْمُسْلِمِينَ
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ سَيْفٍ قَالَ : حَدَّثَنَا السَّرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ عُمَرَ , عَنْ أَبِي حَارِثَةَ , وَأَبِي عُثْمَانَ الْغَسَّانِيُّ قَالَا : لَمَّا قَدِمَ ابْنُ السَّوْدَاءِ مِصْرَ أَعْجَبَهُمْ , وَاسْتَحْلَاهُمْ وَاسْتَحْلُوهُ , فَعَرَضَ لَهُمْ بِالْكُفْرِ فَأَبْعَدُوهُ , وَعَرَضَ لَهُمْ بِالشِّقَاقِ فَأَطْمَعُوهُ فِيهِ , فَبَدَأَ فَطَعَنَ عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ , فَقَالَ : مَا بَالُهُ أَكْثَرُكُمْ عَطَاءً وَرِزْقًا أَلَا نَنْصِبُ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ يُسَوِّي بَيْنَنَا , فَاسْتَحْلُوا ذَلِكَ مِنْهُ , وَقَالُوا : كَيْفَ نُطِيقُ ذَلِكَ مَعَ عَمْرٍو وَهُوَ رَجُلُ الْعَرَبِ ؟ قَالَ : تَسْتَعْفُونَ مِنْهُ ثُمَّ نَعْمِلُ عَمَلْنَا , وَنُظْهِرُ الِائْتِمَارَ بِالْمَعْرُوفِ وَالطَّعْنِ , فَلَا يَرُدَّهُ عَلَيْنَا أَحَدٌ , فَاسْتَعْفُوا مِنْهُ , وَسَأَلُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدٍ فَأَشْرَكَهُ مَعَ عَمْرٍو , فَجَعَلَهُ عَلَى الْخَرَاجِ , وَوَلَّى عَمْرًا عَلَى الْحَرْبِ , وَلَمْ يَعْزِلْهُ , ثُمَّ دَخَلُوا بَيْنَهُمَا حَتَّى كَتَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالَّذِي يَبْلُغُهُ عَنْ صَاحِبِهِ , فَرَكِبَ أُولَئِكَ فَاسْتَعْفُوا مِنْ عَمْرٍو , وَسَأَلُوا عَبْدَ اللَّهِ فَأَعْفَاهُمْ , فَلَمَّا قَدِمَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ عَلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : مَا شَأْنُكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ؟ قَالَ : وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا كُنْتُ مُنْذُ وَلِيتُهُمْ أَجْمَعَ أَمْرًا وَلَا رَأَيَا مِنِّي مُنْذُ كَرِهُونِي , وَمَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ أَتَيْتُ ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ : وَلَكِنِّي أَدْرِي , لَقَدْ دَنَا أَمَرٌ هُوَ الَّذِي كُنْتُ أَحْذَرُ , وَلَقَدْ جَاءَنِي نَفَرٌ مِنْ رَكْبٍ فَرَدَدْتُ عَنْهُمْ وَكَرِهْتَهُمْ , أَلَا وَإِنَّهُ لَابُدَّ لِمَا هُوَ كَائِنٌ أَنْ يَكُونَ , وَوَاللَّهِ لَأَسِيرَنَّ فِيهِمْ بِالصَّبِرِ , وَلَنُتَابِعَنَّهُمْ مَا لَمْ يُعْصَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَهَذِهِ مِنْ بَعْضِ قَصَصِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبَأٍ وَأَصْحَابِهِ لَعَنَهُ اللَّهُ , أَغْرُوا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مُنْذُ وَقْتِ الصَّحَابَةِ إِلَى وَقْتِنَا هَذَا , وَجَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ يُنْكِرُونَ عَلَى ابْنِ سَبَأٍ مَذْهَبَهُ , وَقَدْ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَفَاهُ إِلَى سَابَاطَ , فَأَقَامَ فِيهِمْ فَأَهْلَكَهُمْ , وَادَّعَى عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا قَدْ بَرَّأَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ وَصَانَهُ , وَأَعْلَى قَدْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ عَمَّا يَنْحَلُهُ إِلَيْهِ السَّبَأِيَّةُ , وَلَقَدْ أَحَرَقَهُمْ بِالنَّارِ , وَقَالَ : لَمَّا سَمِعْتُ الْقَوْلَ قَوْلًا مُنْكَرَا أَجَّجْتُ نَارًا , وَدَعَوْتُ قَنْبَرَا فَحَرَّقَهُمْ بِالْكُوفَةِ بِمَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ : صَحْرَاءُ أَحَدَ عَشَرَ