وَمَنْ مَفَارِيدِ مَا سُمِعَ مِنْهُ ، مَا : أَخْبَرَنَا فِي ، إِجَازَتِهِ وَكِتَابِهِ إِلَيَّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاذَهُرْمُزَ ثنا زَيْدُ بْنُ أَخْرَمَ ، عَنْ أَبِي دَاودَ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَمَّا عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ سَمِعْتُ تَذَمُّرًا فَقُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : مُوسَى يَتَذَمَّرُ عَلَى رَبِّهِ فَقُلْتُ : وَلِمَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : عَرَفَ ذَلِكَ مِنْهُ فَاحْتَمَلَهُ هَذَا مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ مُتَكَرِّرٌ ، وَأَبُو دَاودَ وَزَيْدٌ ثَبْتَانِ لَا يَحْتَمْلَانِ هَذَا ، وَلَعَلَّهُ أَدْخَلَ لِابْنِ شَاذَهُرْمُزَ حَدِيثًا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ
حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، ثنا شُعَيْبُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّارِعِيُّ ، ثنا الْخَلِيلُ أَبُو عَمْرٍو ، وَعِيسَى بْنُ الْمُسَاوِرِ قَالَا : ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، ثنا قِنَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النِّهْمِيُّ ، عَنِ ابْنِ ظَبْيَانَ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : سَمِعْتُ كَلَامًا ، فِي السَّمَاءِ فَقُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ ، مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا مُوسَى ، قُلْتُ : وَمَنْ يُنَاجِي ؟ قَالَ : رَبَّهُ ، قُلْتُ : وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ عَلَى رَبِّهِ ؟ قَالَ : إِنَّهُ قَدْ عَرَفَ لَهُ حِدَّتَهُ وَمِنْ أَجْوِبَتِهِ فِيمَا سُئِلَ عَنِ السَّكَرِ ، فَقَالَ : غَلَيَانُ الْقَلْبِ عِنْدَ مُعَارَضَاتِ ذِكْرِ الْمَحْبُوبِ ، وَقَالَ : الْخَوْفُ اضْطِرَابُ الْقَلْبِ مِمَّا عَلِمَ مِنْ سَطْوَةِ الْمَعْبُودِ وَسُئِلَ عَنِ الرِّيَاضَةِ ، فَقَالَ : كَسْرُ النُّفُوسِ بِالْخِدْمَةِ وَمَنْعُهَا عَنِ الْفَتْرَةِ ، وَقَالَ : التَّقْوَى مُجَانَبَةُ مَا يُبْعِدُكَ عَنِ اللَّهِ ، وَقَالَ : التَّوَكُّلُ الِاكْتِفَاءُ بِضَمَانِهِ وَإِسْقَاطُ التُّهْمَةِ عَنْ قَضَائِهِ وَقَالَ : الْيَقِينُ تَحْقِيقُ الْأَسْرَارِ بِأَحْكَامِ الْمُغِيبَاتِ وَقَالَ : الْمُشَاهَدَةُ اطِّلَاعُ الْقُلُوبِ بِصَفَاءِ الْيَقِينِ إِلَى مَا أَخْبَرَنَا الْحَقُّ مِنَ الْغُيوبِ وَقَالَ : الْمَعْرِفَةُ مُطَالَعَةُ الْقُلُوبِ لِإِفْرَادِهِ عَنْ مُطَالَعَةِ تَعْرِيفِهِ وَقَالَ : التَّوْحِيدُ تَحْقِيقُ الْقُلُوبِ بِإِثْبَاتِ الْمُوَحِّدِ بِكَمَالِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَوُجُودِ التَّوْحِيدِ مُطَالَعَةُ الْأَحَدِيَّةِ عَلَى أَرْضَاتِ السَّرْمَدِيَّةِ ، وَالْإِيمَانُ تَصْدِيقُ الْقُلُوبِ بِمَا أَعْلَمَهُ الْحَقُّ مِنَ الْغُيوبِ ، وَمَوَاهِبُ الْإِيمَانِ بَوَادِي أَنْوَارِهِ وَالْمَلْبَسُ لِأَسْرَارِهِ ، وَظَاهِرُ الْإِيمَانِ النُّطْقُ بِأُلُوهِيَّتِهِ عَلَى تَعْظِيمِ أَحَدِيَّتِهِ ، وَأَفْعَالُ الْإِيمَانِ الْتِزَامُ عُبُودِيَّتِهِ وَالِانْقِيَادُ لِقَوْلِهِ ، وَالْإِنَابَةُ الْتِزَامُ الْخِدْمَةِ وَبَذْلُ الْمُهْجَةِ ، وَالرَّجَاءُ ارْتِيَاحُ الْقُلُوبِ لِرُؤْيَةِ كَرَمِ الْمُوجِدِ ، وَحَقِيقَةُ الرَّجَاءِ الِاسْتِبْشَارُ لِوُجُودِ فَضْلِهِ وَصِحَّةِ وَعْدِهِ ، وَالزُّهْدُ سُلُوُّ الْقَلْبِ عَنِ الْأَسْبَابِ وَنَفْضُ الْأَيْدِي عَنِ الْأَمْلَاكِ ، وَحَقِيقَةُ الزُّهْدِ التَّبَرُّمُ بِالدُّنْيَا وَوُجُودُ الرَّاحَةِ فِي الْخُرُوجِ مِنْهَا ، وَالْقَنَاعَةُ الِاكْتِفَاءُ بِالْبُلْغَةِ ، وَحَقِيقَةُ الْقَنَاعَةِ تَرْكُ التَّشَوُّفِ إِلَى الْمَفْقُودِ وَالِاسْتِغْنَاءُ بِالْمَوْجُودِ وَسُئِلَ عَنِ الذِّكْرِ ، فَقَالَ : اعْلَمْ أَنَّ الْمَذْكُورَ وَاحِدٌ ، وَالذِّكْرَ مُخْتَلِفٌ وَمَحَلُّ قُلُوبِ الذَّاكِرِينَ مَتُفَاوِتَةٌ ، فَأَصِلُ الذِّكْرِ إِجَابَةُ الْحَقِّ مِنْ حَيْثُ اللَّوَازِمُ ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ فَقَدْ ذَكَرَ اللَّهَ ، وَإِنْ قَلَّتْ صَلَاتُهُ وَصِيَامُهُ وَتِلَاوَتُهُ ، ثُمَّ يَنْقَسِمُ الذِّكْرُ قِسْمَيْنِ : ظَاهِرٌ وَبَاطِنٌ فَأَمَّا الظَّاهِرُ فَالتَّهْلِيلُ وَالتَّحْمِيدُ وَالتَّمْجِيدُ وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ ، وَأَمَّا الْبَاطِنُ فَتَنْبِيهُ الْقُلُوبِ عَلَى شَرَائِطِ التَّيَقُّظِ عَلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَعَلَى أَفْعَالِهِ ، وَنَشْرِ إِحْسَانِهِ وَإِمْضَاءِ تَدْبِيرِهِ وَنَفَاذِ تَقْدِيرِهِ عَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ ثُمَّ يَقَعُ تَرْتِيبُ الْأَذْكَارِ عَلَى مِقْدَارِ الذَّاكِرِينَ فَيَكُونُ ذِكْرُ الْخَائِفِينَ عَلَى مِقْدَارِ قَوَارِعِ الْوَعِيدِ وَذِكْرُ الرَّاجِينَ عَلَى مَا اسْتَبَانَ لَهُمْ مِنْ مَوْعِدِهِ ، وَذِكْرُ الْمُجْتَنِبِينَ عَلَى قَدْرِ تَصَفُّحِ النُّقَبَاءِ ، وَذِكْرُ الْمُرَاقِبِينَ عَلَى قَدْرِ الْعِلْمِ بِاطِّلَاعِ اللَّهِ إِلَيْهِمْ ، وَذِكْرُ الْمُتَوَكِّلِينَ عَلَى قَدْرِ مَا انْكَشَفَ لَهُمْ مِنْ كِفَايَةِ الْكَافِي لَهُمْ وَذَلِكَ مِمَّا يَطَوُلُ ذِكْرُهُ وَيَكْثُرُ شَرْحُهُ ، فَذِكْرُ اللَّهِ مُنْفَرِدٌ وَهُوَ ذِكْرُ الْمَذْكُورِ بِانْفِرَادِ أَحَدِيَّتِهِ عَلَى كُلِّ مَذْكُورٍ سِوَاهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : مَنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي ، وَالثَّانِي إِفْرَادُ النُّطْقِ بِأُلُوهِيَّتِهِ ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : أَفْضَلُ الذِّكْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ الشَّيْخُ : سَأَلْتُمْ عَنْ إِيدَاعِ ذِكْرِ جَمَاعَةٍ مِنْ نُسَّاكِ بَلَدِنَا وَعُبَّادِهِمْ لِيَكُونَ الْكِتَابُ مَخْتُومًا بِذِكْرِهِمْ ، وَنَشْرِ أَحْوَالِهِمْ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ طَرِيقَةَ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ نُسَّاكِ بَلَدِنَا الْقُدْوَةُ وَالِاتِّبَاعِ لِمُتَقَدِّمِيهِمْ مِنَ الْعُمَّالِ وَالْعُلَمَاءِ الَّذِينَ لَحِقُوا الْأَئِمَّةَ وَالْأَعْلَامَ ، وَقَدْ ذَكَرْتُ جَمَاعَةً مِنْهُمْ فِي كِتَابِنَا بِطَبَقَاتِ الْمُحْدَثِينَ مِنَ الرُّوَاةِ مِنْ أَهْلِ بَلَدِنَا : مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْمَعْدَانِيُّ الْمَعْرُوفُ بِعَرُوسِ الزُّهَّادِ وَمَنْ يَنْحُو نَحْوَهُ فِي التَّنَسُّكِ وَالتَّعَبُّدِ ، وَالْغَالِبُ مِنْ أَحْوَالِهِمُ اغْتِنَامُ الْوَقْتِ وَعِنَايَتُهُمْ بِجَمْعِ الْهَمِّ وَمُحَافَظَةُ الْأَوْرَادِ وَالتَّشَمُّرِ لِلِارْتِيَادِ وَالتَّسَارُعِ إِلَى الِاسْتِبَاقِ فَأَمَّا بَسْطُ الْكَلَامِ فِي الْأَحْوَالِ وَالْمَقَامَاتِ قَوْلًا بِلَا فِعْلٍ فَيَرَوْنَهُ دَعَاوَى لَا حَقِيقَةَ لَهَا يَحْتَرِزُونَ مِنْهَا غَايَةَ التَّحَرُّزِ لَا يُرِيدُونَ عَمَّا حَوَالَيْهِمْ بَدَلًا وَلَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ، كَانُوا كَمَا وَصَفَهُمْ بِهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنْ أَحْوَالِ الْمُخْتَارِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالسَّالِكِينَ طَرِيقَتَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ نَوْفٌ الْبِكَالِيُّ وَكُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ وَغَيْرُهُمَا
وَهُوَ مَا : حَدَّثَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ ، ثنا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ ، ثنا يُوسُفُ بْنُ زِيَادٍ ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ أَبِي الْمُتَيْدِ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ : قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : كُونُوا لِقَبُولِ الْعَمَلِ أَشَدَّ اهْتِمَامًا بِالْعَمَلِ فَإِنَّهُ لَنْ يُقْبَلَ عَمَلٌ إِلَّا مَعَ التَّقْوَى وَكَيْفَ يَقِلُّ عَمَلٌ يُتَقَبَّلُ ؟ كَانُوا بِاللَّهِ عَالِمِينَ وِلِعِبَادِهِ نَاصِحِينَ
كَمَا : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، ثنا أَبُو نُعَيْمِ بْنُ ضرَارِ بْنِ صُرَدٍ ، ثنا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمِ بْنِ الْيَزِيدِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ حُسَيْنٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ : أَنْصَحُ النَّاسِ وَأَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ أَشَدُّ النَّاسِ حُبًّا وَتَعْظِيمًا لَحُرْمَةِ أَهْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
وَكَمَا رَوَاهُ عَبْدُ خَيْرِ عَنْ عَلِيٍّ وَهُوَ مَا : حَدَّثَنَاهُ عَنْ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غُفَيْرٍ ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ السَّيْسَرِيُّ ، ثنا خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ ، ثنا عُمَرُ الرَّحَّالُ ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ : لَيْسَ الْخَيْرُ أَنْ يَكْثُرَ مَالُكَ وَوَلَدُكَ وَلَكِنَّ الْخَيْرَ أَنْ يَكْثُرَ عِلْمُكَ وَأَنْ يَعْظُمَ حِلْمُكَ وَأَنْ تُبَاهِيَ النَّاسَ بِعِبَادَةِ رَبِّكَ ، فَإِنْ أَحْسَنْتَ حَمِدْتَ اللَّهَ وَإِنْ أَسَأْتَ اسْتَغْفَرْتَ اللَّهَ وَلَا خَيْرَ فِي الدُّنْيَا إِلَّا لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ : رَجُلٌ أَذْنَبَ ذَنْبًا فَهُوَ يُدَارِكُ ذَلِكَ الذَّنْبَ بِتَوْبَةٍ أَوْ رَجُلٌ يَسَارِعُ فِي الْخَيْرَاتِ ، وَلَا يَقِلُّ عَمَلٌ فِي تَقْوًى وَكَيْفَ يَقِلُّ عَمَلٌ يُتَقَبَّلُ ؟ كَانُوا بِالصَّحَابَةِ مُقْتَدِينَ وَلِسَبِيلِهِمْ مُتَّبِعِينَ يُصْبِحُونَ شُعْثًا غُبْرًا صُفْرًا بَيْنَ أَعْيُنِهِمْ مِثْلُ رَكْبِ الْمَعِزَى بَاتُوا يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ يَمِيدُونَ عِنْدَ ذِكْرِ اللَّهِ كَمَا تَمِيدُ الشَّجَرَةُ فِي يَوْمِ رِيحٍ كَانُوا مَصَابِيحَ الْهُدَى ، لَمْ يَكُونُوا بِالْجُفَاةِ الْمُرَائِينَ خَلَقُ الثِّيَابِ جُدُدُ الْقُلُوبِ ، فِي الدُّنْيَا زَاهِدِينَ وَفِي الْآخِرَةِ رَاغِبِينَ ، وَعَنِ اللَّهِ ، فَهِمِينَ وَفِي قِرَاءَةِ كَلَامِهِ مُتَدَبِّرِينَ وَبِمَوَاعِظِهِ مُتَّعِظِينَ وَبِصَنَائِعِهِ مُعْتَبِرِينَ ، اتَّخَذُوا الْأَرْضَ بِسَاطًا وَرِمَالَهَا فِرَاشًا وَالْقُرْآنَ وَالدُّعَاءَ دِثَارًا وَشِعَارًا عَبْدُوهُ فِي بُيوتٍ بِالْقُلُوبِ الطَّاهِرَةِ وَالْأَبْصَارِ الِخَاشِعَةِ ، هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ عَلَى حَقِيقَةِ الْأَمْرِ فَقَامُوا لِلَّهِ بِحُجَّتِهِ وَتِبْيَانِهِ فَاسْتَلَانُوا مَا اسْتَوْعَرَهُ الْمُتْرَفُونَ وَأَنِسُوا بِمَا اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الْجَاهِلُونَ ، صَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْمَنْظَرِ الْأَعْلَى ، فَهَذِهِ نُعُوتُ الْأَصْفِيَاءِ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ وَالنُّجَبَاءِ مِنَ الْأَتْقِيَاءِ ، مَنْ سَلَكَ مَسْلَكَهُمْ مُقْتَدِيًا بِأَفْعَالِهِمْ مُرَاعِيًا لِأَحْوَالِهِمُ الْمُنْتَفِعُ بِرؤْيَتِهِ وَالْمَغْبُوطُ بِمَحَبَّتِهِ وَصُحْبَتِهِ
وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ ، عَنْ شِمْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخِيَارِكُمْ ؟ قَالُوا : بَلَى قَالَ : الَّذِينَ إِذَا رُءُوا ذُكِرَ اللَّهُ وَإِذَا تَكَلَّمُوا كَانَ كَلَامُهُمْ لِعِزِّ الْإِسْلَامِ وَنَجَاةِ النُّفُوسِ وَصَلَاحِهَا لَا لِعِزِّ النُّفُوسِ وَطَلَبِ الدُّنْيَا وَقَبُولِ الْخَلْقِ وَكَانُوا لِعِلْمِهِمْ مُسْتَعْمِلِينَ وَلِرَأْيِهِمْ مُتَّهِمِينَ وَلِسَبِيلِ أَسْلَافِهِمْ مُتَّبِعِينَ وَبِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ مُتَمَسِّكِينَ ، الْخُشُوعُ لِبَاسُهُمْ وَالْوَرَعُ زِينَتُهُمْ وَالْخَشْيَةُ حِلْيَتُهُمْ ، كَلَامُهُمُ الذِّكْرُ وَصَمْتُهُمُ الْفِكْرُ ، نَصِيحَتُهُمْ لِلنَّاسِ مَبْذُولَةٌ وَشُرُورُهُمْ عَنْهُمْ مَخْزُونَةٌ وَعُيُوبُ النَّاسِ عِنْدَهُمْ مَدْفُونَةٌ ، وَرَّثُوا جُلَّاسَهُمُ الزُّهْدَ فِي الدُّنْيَا لِإِعْرَاضِهِمْ وَإِدْبَارِهِمْ عَنْهَا ، وَرَغَّبُوهُمْ فِي الْآخِرَةِ لِإِقْبَالِهِمْ وَحِرْصِهِمْ عَلَيْهَا