أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ ، فِي كِتَابِهِ , وَحَدَّثَنِي عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، يَقُولُ : كَانَ أَبُو شُعَيْبٍ الْبَرَاثِيُّ أَوَّلَ مَنْ سَكَنَ بَرَاثَا فِي كُوخٍ يَتَعَبَّدُ فِيهِ فَمَرَّتْ بِكُوخِهِ جَارِيَةٌ مِنْ بَنَاتِ الْكِبَارِ مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا كَانَتْ رُبِّيَتْ فِي قُصُورِ الْمُلُوكِ فَنَظَرَتْ إِلَى أَبِي شُعَيْبٍ فَاسْتَحْسَنَتْ حَالَهُ وَمَا كَانَ عَلَيْهِ فَصَارَتْ كَالْأَسِيرِ لَهُ فَعَزَمَتْ عَلَى التَّجَرُّدِ عَنِ الدُّنْيَا ، وَالِاتِّصَالِ بِأَبِي شُعَيْبٍ فَجَاءَتْ إِلَيْهِ وَقَالَتْ : أُرِيدُ أَنْ أَكُونَ لَكَ خَادِمًا ، فَقَالَ لَهَا : إِنْ أَرَدْتِ ذَلِكَ فَغَيِّرِي مِنْ هَيْئَتِكِ وَتَجَرَّدِي عَمَّا أَنْتِ فِيهِ حَتَّى تَصْلُحِي لِمَا أَرَدْتِ ، فَتَجَرَّدَتْ مِنْ كُلِّ مَا تَمْلِكُهُ وَلَبِسَتْ لُبْسَةَ النُّسَّاكِ وَحَضَرَتْهُ فَتَزَوَّجَهَا فَلَمَّا دَخَلَتِ الْكُوخَ رَأَتْ قِطْعَةَ خِصَافٍ وَكَانَ يَجْلِسُ عَلَيْهَا أَبُو شُعَيْبٍ تَقِيهِ مِنَ النَّدَى ، فَقَالَتْ : مَا أَنَا بِمُقِيمَةٍ فِيهَا حَتَّى تُخْرِجَ مَا تَحْتَكَ لِأَنِّي سَمِعْتُكَ تَقُولُ : إِنَّ الْأَرْضَ تَقُولُ : يَا ابْنَ آدَمَ ، تَجْعَلُ الْيَوْمَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ حِجَابًا وَأَنْتَ غَدًا فِي بَطْنِي ؟ ، فَمَا كُنْتُ لِأَجْعَلَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا حِجَابًا ، فَأَخَذَ أَبُو شُعَيْبٍ الْخِصَافَ وَرَمَى بِهِ فَمَكَثَتْ مَعَهُ سِنِينَ كَثِيرَةً يَتَعَبَّدَانِ أَحْسَنَ عِبَادَةٍ وَتُوُفِّيَا عَلَى ذَلِكَ مُتَعَاوِنَيْنِ