سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانِيَّ ، يَقُولُ : ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ الرَّمْلِيُّ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخَزَّازُ : الْمَعْرِفَةُ تَأْتِي الْقَلْبَ مِنْ وَجْهَيْنِ : مِنْ عَيْنِ الْجُودِ وَمِنْ بَذْلِ الْمَجْهُودِ
سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْجَهْضَمِيَّ يَقُولُ : سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ الْمُؤَمَّلِ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ شَيْخِي أَبَا بَكْرٍ الدَّقَّاقَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عِيسَى ، يَقُولُ : فَارِقُوا الْأَشْيَاءَ عَلَى الْإِحْكَامِ وَالْوَدَاعِ تَفْرُغْ قُلُوبُكُمْ لِمَا تَسْتَقْبِلُونَ فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ شَيْئًا وَلَمْ يُحْكِمْهُ فَإِنَّهُ رَاجِعٌ إِلَيْهِ وَقْتًا لَا مَحَالَةَ ، لِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْهُ ، وَفِيمَا تَسْتَقْبِلُونَ شُغْلٌ عَمَّا تُخَلِّفُونَ
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مُوسَى ، يَقُولُ : سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ عَلِيٍّ الْفُرْغَانِيَّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ ابْنَ الْكَاتِبِ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخَزَّازَ ، يَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ عَجَّلَ لِأَرْوَاحِ أَوْلِيَائِهِ التَّلَذُّذَ بِذِكْرِهِ وَالْوُصُولَ إِلَى قُرْبِهِ ، وَعَجَّلَ لِأَبْدَانِهِمُ النِّعْمَةَ بِمَا نَالُوهُ مِنْ مَصَالِحِهِمْ وَأَجْزَلَ لَهُمْ نَصِيبَهُمْ مِنْ كُلِّ كَائِنٍ فَعَيْشُ أَبْدَانِهِمْ عَيْشُ الْجَانِينَ ، وَعَيْشُ أَرْوَاحِهِمْ عَيْشُ الرَّبَّانِيِّينَ ، لَهُمْ لِسَانَانِ لِسَانٌ فِي الْبَاطِنِ يُعَرِّفُهُمْ صُنْعَ الصَّانِعِ فِي الْمَصْنُوعِ ، وَلِسَانٌ فِي الظَّاهِرِ يُعَلِّمُهُمْ عِلْمَ الْمَخْلُوقِينَ ، فَلِسَانُ الظَّاهِرِ يُكَلِّمُ أَجْسَامَهُمْ ، وَلِسَانُ الْبَاطِنِ يُنَاجِي أَرْوَاحَهُمْ
سَمِعْتُ أَبَا الْفَضْلِ الْهَرَوِيَّ ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الدَّقَّاقَ ، يَقُولُ : انْتَبَهَ يَوْمًا أَبُو سَعِيدٍ الْخَزَّازُ مِنْ غَفْوَتِهِ وَقَالَ : اكَتَبُوا مَا وَقَعَ لِي فِي هَذِهِ الْغَفْوَةِ : إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْعِلْمَ دَلِيلًا عَلَيْهِ لِيُعْرَفَ ، وَجَعَلَ الْحِكْمَةَ رَحْمَةً مِنْهُ عَلَيْهِمْ لِيُؤْلَفَ ، فَالْعِلْمُ دَلِيلٌ إِلَى اللَّهِ وَالْمَعْرِفَةُ دَالَّةٌ عَلَى اللَّهِ فَبِالْعِلْمِ تُنَالُ الْمَعْلُومَاتُ وَبِالْمَعْرِفَةِ تُنَالُ الْمَعْرُوفَاتُ ، وَالْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ وَالْمَعْرِفَةُ بِالتَّعَرُّفِ ، فَالْمَعْرِفَةُ تَقَعُ بِتَعْرِيفِ الْحَقِّ ، وَالْعِلْمُ يُدْرَكُ بِتَعْرِيفِ الْخَلْقِ ثُمَّ تَجْرِي الْفَوَائِدُ بَعْدَ ذَلِكَ
سَمِعْتُ أَبَا الْفَضْلِ الطُّوسِيَّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ غُلَامَ الدَّقَّاقِ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ السُّكَّرِيَّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخَزَّازَ ، يَقُولُ : كُلُّ بَاطِنٍ يُخَالِفُ ظَاهِرًا فَهُوَ بَاطِلٌ
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ الْكَتَّانِيَّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخَزَّازَ ، يَقُولُ : لِلْعَارِفِينَ خَزَائِنُ أَوْدَعُوهَا عُلُومًا غَرِيبَةً ، وَأَنْبَاءً عَجِيبَةً يَتَكَلَّمُونَ بِهَا بِلِسَانِ الْأَبَدِيَّةِ وَيُخْبِرُونَ عَنْهَا بِعِبَارَةِ الْأَزَلِيَّةِ
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ الطَّحَّانَ ، يَقُولُ : قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخَزَّازُ : الْمُحِبُّ يَتَعَلَّلُ إِلَى مَحْبُوبِهِ بِكُلِّ شَيْءٍ وَلَا يَتَسَلَّى عَنْهُ بِشَيْءٍ وَيَتْبَعُ آثَارَهُ وَلَا يَدَعُ اسْتِخْبَارَهُ وَأَنْشَدَنَا : أُسَائِلُكُمْ عَنْهَا فَهَلْ مِنْ مُخْبِرٍ فَمَا لِي بِنُعْمٍ مُذْ نَأَتْ دَارُهَا عِلْمُ فَلَوْ كُنْتُ أَدْرِي أَيْنَ خَيَّمَ أَهْلُهَا ؟ وَأَيَّ بِلَادٍ اللَّهِ إِذْ ظَعَنُوا أَمُّوا ؟ إِذًا لَسَلَكْنَا مَسْلَكَ الرِّيحِ خَلْفَهَا وَلَوْ أَصْبَحَتْ نُعْمٌ وَمِنْ دُونِهَا النَّجْمُ
سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْعُثْمَانِيَّ ، يَقُولُ : ثنا أَبُو بَكْرٍ الْكَتَّانِيُّ ، وَأَبُو الْحَسَنِ الرَّمْلِيُّ قَالَا : سَأَلْنَا أَبَا سَعِيدٍ الْخَزَّازَ فَقُلْنَا : أَخْبِرْنَا عَنْ أَوَائِلِ الطَّرِيقِ إِلَى اللَّهِ فَقَالَ : التَّوْبَةُ وَذِكْرُ شَرَائِطِهَا ثُمَّ يُنْقَلُ مِنِ مَقَامِ التَّوْبَةِ إِلَى مَقَامِ الْخَوْفِ ، وَمِنْ مَقَامِ الْخَوْفِ إِلَى مَقَامِ الرَّجَاءِ وَمِنْ مَقَامِ الرَّجَاءِ إِلَى مَقَامِ الصَّالِحِينَ ، وَمِنْ مَقَامِ الصَّالِحِينَ إِلَى مَقَامِ الْمُرِيدِينَ وَمِنْ مَقَامِ الْمُرِيدِينَ إِلَى مَقَامِ الْمُطِيعِينَ وَمِنْ مَقَامِ الْمُطِيعِينَ إِلَى مَقَامِ الْمُحِبِّينَ وَمِنْ مَقَامِ الْمُحِبِّينَ إِلَى مَقَامِ المِشْتَاقِينَ ، وَمِنْ مَقَامِ المُشْتَاقِينَ إِلَى مَقَامِ الْأَوْلَيَاءِ ، وَمِنْ مَقَامِ الْأَوْلَيَاءِ إِلَى مَقَامِ الْمُقَرَّبِينَ ، وَذَكَرُوا لِكُلِّ مَقَامٍ عَشْرَ شَرَائِطَ إِذَا عَانَاهَا وَأَحْكَمَهَا وَحَلَّتِ الْقُلُوبُ هَذِهِ الْمَحِلَّةَ أَدْمَنَتِ النَّظَرَ فِي النِّعْمَةِ وَفَكَّرَتْ فِي الْأَيَادِي وَالْإِحْسَانِ فَانْفَرَدَتِ النُّفُوسُ بِالذِّكْرِ وَجَالَتِ الْأَرْوَاحُ فِي مَلَكُوتِ عِزِّهِ بِخَالِصِ الْعِلْمِ بِهِ وَارِدَةً عَلَى حِيَاضِ الْمَعْرِفَةِ إِلَيْهِ صَادِرَةً وَلِبَابِهِ قَارِعَةً وَإِلَيْهِ فِي مَحَبَّتِهِ نَاظِرَةً ، أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ الْحَكِيمِ وَهُوَ يَقُولُ : أُرَاعِي سَوَادَ اللَّيْلِ أُنْسًا بِذِكْرِهِ وَشَوْقًا إِلَيْهِ غَيْرَ مُسْتَكْرِهِ الصَّبْرِ وَلَكِنْ سُرُورًا دَائِمًا وَتَعَرُّضًا وَقَرْعًا لِبَابِ الرَّبِّ ذِي الْعِزِّ وَالْفَخْرِ فَحَالُهُمْ أَنَّهُمْ قُرِّبُوا فَلَمْ يَتَبَاعَدُوا وَرُفِعَتْ لَهُمْ مَنَازِلُ فَلَمْ يُخْفَضُوا وَنُوِّرَتْ قُلُوبُهُمْ لِكَيْ يَنْظُرُوا إِلَى مُلْكِ عَدْنٍ بِهَا يَنْزِلُونَ فَتَاهُوا بِمَنْ يَعْبُدُونَ وَتَعَزَّزُوا بِمَنْ بِهِ يَكْتَنِفُونَ حَلُّوا فَلَمْ يَظْعَنُوا وَاسْتَوْطَنُوا مَحِلَّتَهُ فَلَمْ يَرْحَلُوا فَهُمُ الْأَوْلِيَاءُ وَهُمُ الْعَامِلُونَ وَهُمُ الْأَصْفِيَاءُ وَهُمُ الْمُقَرَّبُونَ أَيْنَ يَذْهَبُونَ عَنْ مَقَامِ قُرْبٍ هُمْ بِهِ آمِنُونَ ؟ وَعَزُّوا فِي غُرَفٍ هُمْ بِهَا سَاكِنُونَ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فَلِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ
سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الْعُثْمَانِيَّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرَّازِيَّ ، يَقُولُ : قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخَزَّازُ : كُلُّ مَا فَاتَكَ مِنَ اللَّهِ سِوَى اللَّهِ يَسِيرٌ وَكُلُّ حَظٍّ لَكَ سِوَى اللَّهِ قَلِيلٌ ، وَقَالَ : النَّاسُ فِي الْفَرَحِ بِاللَّهِ عَلَى أَرْبَعِ طَبَقَاتٍ : إِنَّمَا هُوَ الْمُعْطِي وَالْمُعْطَى وَالْإِعْطَاءُ وَالْعَطَاءُ فَمِنَ النَّاسِ مَنْ فَرِحَ بِالْمُعْطِي وَمِنْهُمْ مَنْ فَرِحَ بِالْمُعْطَى وَهُوَ نَفْسُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ فَرِحَ بِالْإِعْطَاءِ وَمِنْهُمْ مَنْ فَرِحَ بِالْعَطَاءِ ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فَرَحُكَ فِي الْعَطَاءِ بِالْمُعْطِي وَلَذَّتُكَ فِي اللَّذَّاتِ بِخَالِقِ اللَّذَّاتِ وَتَنَعُّمُكَ فِي النِّعَمِ بْالْمُنْعِمِ دُونَ النِّعَمِ لِأَنَّ ذِكْرَ النِّعْمَةِ عِنْدَ ذِكْرِ الْمُنْعِمِ حِجَابٌ ، وَرُؤْيَةَ النِّعْمَةِ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْمُنْعِمِ حِجَابٌ
أَسْنَدَ الْحَدِيثَ : فَمِنْ مَسَانِيدِهِ : أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَسْرُورٍ الْقَوَّاسُ ، ثنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ ، ثنا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الْخَزَّازُ الْبَغْدَادِيُّ الصُّوفِيُّ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْغِفَارِيُّ ، ثنا جَابِرُ بْنُ سُلَيْمٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : سُوءُ الْخُلُقِ شُؤْمٌ وَشِرَارُكُمْ أَسْوَؤُكُمْ خُلُقًا