سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ إِسْحَاقَ يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي عَاصِمٍ يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا تُرَابٍ الزَّاهِدَ يَقُولُ : سَمِعْتُ حَاتِمًا الْأَصَمَّ ، يَقُولُ : عَنْ شَقِيقٍ قَالَ : اصْحَبِ النَّاسَ كَمَا تَصْحَبُ النَّارَ خُذْ مَنْفَعَتَهَا وَاحْذَرْ أَنْ تَحْرِقَكَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا تُرَابٍ الزَّاهِدَ ، يَقُولُ : قَالَ حَاتِمٌ الْأَصَمُّ : الزُّهْدُ اسْمٌ وَالزَّاهِدُ الرَّجُلُ وَلِلزَّاهِدِ ثَلَاثُ شَرَائِعَ أَوَّلُهَا الصَّبْرُ بِالْمَعْرِفَةِ ، وَالِاسْتِقَامَةُ عَلَى التَّوَكُّلِ ، وَالرِّضَا بِالْقَضَاءِ ، وَأَمَّا تَفْسِيرُ الصَّبْرِ بِالْمَعْرِفَةِ فَإِذَا نَزَلَتِ الشِّدَّةُ أَنْ تَعْلَمَ بِقَلْبِكَ أَنَّ اللَّهَ يَرَاكَ عَلَى حَالِكَ وَتَصْبِرَ وَتَحْتَسِبَ وَتَعْرِفَ ثَوَابَ ذَلِكَ الصَّبْرِ ، وَمَعْرِفَةُ ثَوَابِ الصَّبْرِ أَنْ تَكُونَ مُسْتَوْطِنَ النَّفْسِ فِي ذَلِكَ الصَّبْرِ وَتَعْلَمَ أَنَّ لِكُلَّ شَيْءٍ وَقْتًا ، وَالْوَقْتُ عَلَى وَجْهَيْنِ إِمَّا يَجِيءُ بِالْفَرَجِ وَإِمَّا يَجِيءُ بِالْمَوْتِ فَإِذَا كَانَ هَذَانِ الشَّيْئَانِ عِنْدَكَ فَأَنْتَ حِينَئِذٍ عَارِفٌ صَابِرٌ ، وَأَمَّا الِاسْتِقَامَةُ عَلَى التَّوَكُّلِ فَالتَّوَكُّلُ إِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَتَصْدِيقٌ بِالْقَلْبِ فَإِذَا كَانَ مُقِرًّا مُصَدِّقًا أَنَّهُ رَازِقٌ لَا شَكَّ فِيهِ فَإِنَّهُ مُسْتَقِيمٌ ، وَالِاسْتِقَامَةُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ : أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ مَا لَكَ لَا يَفُوتُكَ فَتَكُونُ وَاثِقًا سَاكِنًا ، وَمَا لِغَيْرِكَ لَا تَنَالُهُ فَلَا تَطْمَعُ فِيهِ ، وَعَلَامَةُ صِدْقِ هَذَا اشْتِغَالُهُ بِالْمَفْرُوضِ ، وَأَمَّا الرِّضَا بِالْقَضَاءِ فَالْقَضَاءُ يَنْزِلُ عَلَى وَجْهَيْنِ : قَضَاءٌ تَهْوَاهُ فَيَجِبُ عَلَيْكَ الشُّكْرُ وَالْحَمْدُ للهِ ، وَأَمَّا الْقَضَاءُ الَّذِي لَا تَهْوَاهُ فَيَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تَرْضَى وَتَصْبِرَ
سَمِعْتُ وَالِدِيَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ الْجَلَّاءِ ، بِمَكَّةَ يَقُولُ : لَقِيتُ زِيَادَةً عَلَى خَمْسِمِائَةِ شَيْخٍ مَا لَقِيتُ مِثْلَ أَرْبَعَةٍ أَوَّلُهُمْ أَبُو تُرَابٍ النَّخْشَبِيُّ تُوُفِّيَ بِالْبَادِيَةِ فَأَكَلَتْهُ السِّبَاعُ ، قَالَ : وَكَانَ أَبُو تُرَابٍ يَقُولُ لِأَصْحَابِهِ : أَنْتُمْ تُحِبُّونَ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ وَلَيْسَتْ لَكُمْ : تُحِبُّونَ النَّفْسَ وَهِيَ لِلَّهِ وَتُحِبُّونَ الرُّوحَ وَالرُّوحُ لِلَّهِ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ وَالْمَالُ لِلْوَرَثَةِ ، وَتُحِبُّونَ اثْنَيْنِ وَلَا تَجِدُونَهُمَا : الْفَرَحُ وَالرَّاحَةُ وَهُمَا فِي الْجَنَّةِ
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ ، ثنا عَسْكَرُ بْنُ الْحُصَيْنِ السَّائِحُ قَالَ : رُئِيَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ وَعَلَيْهِ جُبَّةُ فَرْوٍ مَقْلُوبَةٌ فِي أَصْلِ مَيْلٍ مُسْتَلْقِيًا رَافِعًا رِجْلَيْهِ يَقُولُ : طَلَبَ الْمُلُوكُ الرَّاحَةَ فَأَخْطَئُوا الطَّرِيقَ
سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ ، بِمَكَّةَ يَقُولُ : قَالَ رَجُلٌ لِأَبِي تُرَابٍ يَوْمًا : أَلَكَ حَاجَةٌ ؟ فَقَالَ : يَوْمَ يَكُونُ لِي إِلَيْكَ حَاجَةٌ وَإِلَى أَمْثَالِكَ لَا يَكُونُ لِي إِلَى اللَّهِ حَاجَةٌ ، وَقَالَ : الَّذِي مَنَعَ الصَّادِقِينَ الشَّكْوَى إِلَى غَيْرِ اللَّهِ الْخَوْفُ مِنَ اللَّهِ ، وَقَالَ : حَقِيقَةُ الْغِنَى أَنْ تَسْتَغْنِيَ عَمَّنْ هُوَ مِثْلُكَ وَحَقِيقَةُ الْفَقْرِ أَنْ تَفْتَقِرَ إِلَى مَنْ هُوَ مِثْلُكَ
سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ إِسْحَاقَ ، يَقُولُ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَاصِمٍ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا تُرَابٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ حَاتِمًا ، يَقُولُ : لِي أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَتِسْعَةٌ مِنَ الْأَوْلَادِ مَا طَمِعَ شَيْطَانٌ أَنْ يُوَسْوِسَ إِلَيَّ فِي شَيْءٍ مِنْ أَرْزَاقِهِمْ
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا ، ثنا أَبُو تُرَابٍ عَسْكَرُ بْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى حَاتِمٍ الْأَصَمِّ فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَيُّ شَيْءٍ رَأْسُ الزُّهْدِ وَوَسَطُ الزُّهْدِ وَآخِرُ الزُّهْدِ ؟ فَقَالَ : رَأْسُ الزُّهْدِ الثِّقَةُ بِاللَّهِ ، وَوَسَطُهُ الصَّبْرُ وَآخِرُهُ الْإِخْلَاصُ أَسْنَدَ أَبُو تُرَابٍ غَيْرَ حَدِيثٍ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ ، ثنا أَبُو تُرَابٍ الزَّاهِدُ ، عَسْكَرُ بْنُ الْحُصَيْنِ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ نُمَيْرٍ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَا تُكْرِهُوا مَرْضَاكُمْ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَإِنَّ رَبَّهُمْ يُطْعِمُهُمْ وَيَسْقِيهِمْ
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا ، ثَنَا أَبُو تُرَابٍ ، ثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ الْمِصْرِيُّ ، وَمُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ قَالَا عَنِ الْفَضْلِ بْنِ مُوسَى السَّيَانِيِّ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَوْ أَنَّ لِيَ قُرْصَةً بَيْضَاءَ مُلَبَّكَةً بِالسَّمْنِ وَاللَّبَنِ فَقَامَ رَجُلٌ فَجَاءَ بِهِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : فِي أَيِّ شَيْءٍ كَانَ ؟ فَقَالَ : فِي عُكَّةِ ضَبٍّ ، فَلَمْ يَأْكُلْهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْعَبَّاسِ الْوَرَّاقُ ، ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُكْرَمٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُبَارَكِ ، ثنا أَبُو تُرَابٍ الزَّاهِدُ الْبَلْخِيُّ ، ثنا وَاصِلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، ثنا أَبُو حَمْزَةَ ، عَنْ رُقْبَةَ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ ، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ سُفْيَانَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ ، وَمَنْ رَاءَى رَاءَى اللَّهُ بِهِ
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا ، ثنا أَبُو تُرَابٍ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ ، ثنا عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ : أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ : يَا مُوسَى لَا تَحَسْدِ النَّاسَ عَلَى مَا آتَيْتُهُمْ مِنْ فَضْلِي وَنِعْمَتِي فَإِنَّ الْحَاسِدَ عَدُوٌّ لِنِعْمَتِي مُضِلٌّ لِفَضْلِي سَاخِطٌ لِقَسْمِي الَّذِي قَسَمْتُ بَيْنَ عِبَادِي ، وَمَنْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ حَازِمَ بْنَ أَبِي حَازِمٍ يَقُولُ : سَمِعْتُ أَخِيَ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ : قَالَ أَبُو تُرَابٍ النَّخْشَبِيُّ : وَقَفْتُ سِتًّا وَخَمْسِينَ وَقْفَةً فَلَمَّا كَانَ مِنْ قَابِلٍ رَأَيْتُ النَّاسَ بِعَرَفَاتٍ مَا رَأَيْتُ قَطُّ أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَلَا أَكْثَرَ خُشُوعًا وَتَضَرُّعًا وَدُعَاءً فَأَعْجَبَنِي ذَلِكَ وَقُلْتُ : اللَّهُمَّ مَنْ لَمْ تَتَقَبَّلْ حَجَّتَهُ مِنْ هَذَا الْخَلْقِ فَاجْعَلْ ثَوَابَ حَجَّتِي لَهُ فَأَفَضْنَا وَبِتْنَا بِجَمْعٍ فَرَأَيْتُ فِيَ مَنَامِي هَاتِفًا يَهْتِفُ بِي : تَتَسَخَّى عَلَيَّ وَأَنَا أَسْخَى الْأَسْخِيَاءِ ، وَعِزَّتِي وَجَلَالِي مَا وَقَفَ هَذَا الْمَوْقِفَ أَحَدٌ قَطُّ إِلَّا غَفَرْتُ لَهُ فَانْتَبَهْتُ فَرِحًا بِهَذِهِ الرُّؤْيَا فَرَأَيْتُ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ الرَّازِيَّ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الرُّؤْيَا فَقَالَ : إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكَ فَإِنَّكَ تَعِيشُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أَحَدٍ وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا جَاءُوا إِلَى يَحْيَى بْنِ مُعَاذٍ فَقَالُوا : إِنَّ أَبَا تُرَابٍ قَدْ مَاتَ فَقُمْنَا فَغَدَوْنَا رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ الشَّيْخُ : ذُكِرَ جَمَاعَةٌ مِنْ جَمَاهِيرِ الْعَارِفِينَ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ اقْتَصَرْنَا عَلَى ذِكْرِهِمْ مِنْ دُونِ كَلَامِهِمْ وَأَخبَارِهِمْ ، مِنْهُمْ مَنْ تُنْسَبُ إِلَيْهِ الْكُتُبُ الْمُصَنَّفَةُ كَأَبِي سَعِيدٍ الْخَزَّازِ وَطَبَقَتِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ رَفَعَ اللَّهُ رَايَتَهُ بِمَا انْتَشَرَ عَنْهُ مِنْ كَثْرَةِ أَصْحَابِهِ وَتَلَامِذَتِهِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ