حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ : ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ثنا عَفَّانُ قَالَ : ثنا وُهَيْبٌ ثنا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى الْمَازِنِيُّ ، ثنا عباس بن سعد الساعدي ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَامَ تَبُوكَ حَتَّى جِئْنَا وَادِيَ الْقِرَى فَإِذَا امْرَأَةٌ فِي حَدِيقَةٍ لَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ : اخْرُصُوهَا فَخَرَصَ الْقَوْمُ وَخَرَصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِلْمَرْأَةِ : أَحْصِي مَا يَخْرُجُ مِنْهَا حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى . فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى أَتَى تَبُوكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّهَا سَتَهُبُّ عَلَيْكُمْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَلَا يَقُومَنَّ فِيهَا أَحَدٌ فَمَنْ كَانَ لَهُ بَعِيرٌ فَلْيُوثِقْ عِقَالَهُ . قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ : فَعَقَلْنَاهَا فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلِ هَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَقَامَ فِيهَا رِجَالٌ فَأَلْقَتْهُ فِي جَبَلَيْ طَيِّئٍ ثُمَّ أَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَقْبَلْنَا مَعَهُ حَتَّى جِئْنَا وَادِيَ الْقُرَى فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ : كَمْ جَاءَ لَكِ حَدِيقَتُكِ ؟ قَالَتْ : عَشَرَةَ أَوْسُقٍ خَرْصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ ثنا الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سبرةَ ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ : كُنْتُ أَلْزَمُ بَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْحَضَرِ وَفِي السَّفَرِ فَرَأَيْنَا لَيْلَةَ نَحْنُ بِتَبُوكَ قَدْ بُلِينَا بِحَاجَةٍ وَرَجَعْنَا إِلَى مَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَقَدْ بَعَثَنِي وَمَنْ عِنْدَهُ مِنْ أَضْيَافِهِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ قُبَّتَهُ وَمَعَهُ زَوْجَتُهُ أُمُّ سَلَمَةَ فَلَمَّا طَلَعْتُ عَلَيْهِ قَالَ : أَيْنَ كُنْتَ مُنْذُ اللَّيْلَةِ ؟ فَأَخْبَرْتُهُ فَطَلَعَ جِعَالُ بْنُ سُرَاقَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيُّ فَكُنَّا ثَلَاثَةً كُلُّنَا جِيَاعٌ إِنَّمَا نَعِيشُ بِبَابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَطَلَبَ شَيْئًا نَأْكُلُهُ فَلَمْ يَجِدْ ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا فَنَادَى بِلَالًا : يَا بِلَالُ ، هَلْ مِنْ عَشَاءٍ لِهَؤُلَاءِ النَّفَرِ ؟ قَالَ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَفَضْنَا جُرُبَنَا وَحِمْيَتَنَا . قَالَ : انْظُرْ عَسَى أَنْ تَجِدَ شَيْئًا . فَأَخَذَ الجُرُبَ يَنْفُضُهَا جِرَابًا جِرَابًا ، فَتَقَعُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَاتُ حَتَّى رَأَيْتُ فِيَ يَدِهِ سَبْعَ تَمَرَاتٍ ثُمَّ دَعَا بِصَحْفَةٍ فَوَضَعَ التَّمْرَ فِيهَا ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى التَّمَرَاتِ فَسَمَّى اللَّهَ فَقَالَ : كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ فَأَكَلْنَا فَأَحْصَيْتُ أَرْبَعًا وَخَمْسِينَ تَمْرَةً أَعُدَّهَا عَدًّا وَنَوَاهَا فِي يَدِي الْأُخْرَى وَصَاحِبَايَ يَصْنَعَانِ مِثْلَ مَا أَصْنَعُ فَشَبِعْنَا فَأَكَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا خَمْسِينَ ثُمَّ إِذَا رَفَعْنَا أَيْدِيَنَا إِذِ التَّمَرَاتُ السَّبْعُ كَمَا هِيَ فَقَالَ : يَا بِلَالُ ارْفَعْهَا فَإِنَّهُ لَا يَأْكُلُ مِنْهَا أَحَدٌ إِلَّا نَهِلَ مِنْهَا شِبَعًا . قَالَ : فَبَيْنَا نَحْنُ حَوْلَ قُبَّةِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَكَانَ يَتَهَجَّدُ مِنَ اللَّيْلِ فَقَامَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ يُصَلِّي فَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ قَامَ وَرَكَعَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فَأَذَّنَ بِلَالٌ وَأَقَامَ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالنَّاسِ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى فِنَاءِ قُبَّتِهِ فَجَلَسَ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : هَلْ لَكُمْ فِي الْغَدَاءِ ؟ قَالَ الْعِرْبَاضُ : فَجَعَلْتُ أَقُولُ فِي نَفْسِي : أَيُّ غَدَاءٍ ؟ فَدَعَا بِلَالًا بِالتَّمَرَاتِ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِنَّ فِي الصَّحْفَةِ ثُمَّ قَالَ : كُلُوا بِسْمِ اللَّهِ فَأَكَلْنَا وَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ حَتَّى شَبِعْنَا وَإِنَّا لَعَشَرَةٌ ثُمَّ رَفَعُوا أَيْدِيَهُمْ مِنْهَا شِبَعًا وَإِذَا التَّمَرَاتُ كَمَا هِيَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَوْلَا أَنِّي أَسْتَحِي مِنْ رَبِّي لَأَكَلْنَا مِنْ هَذِهِ التَّمَرَاتِ حَتَّى نَرِدَ الْمَدِينَةَ مِنْ آخِرِنَا . فَطَلَعَ عَلَيْهِمْ غُلَامٌ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ التَّمَرَاتِ بِيَدِهِ فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ فَوَلَّى الْغُلَامُ يَلُوكُهُنَّ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَرَوْحٌ قَالَا : ثنا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بْنِ وَائِلَةَ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى تَبُوكَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ جَمِيعًا ثُمَّ قَالَ : إِنَّكُمْ سَتَأْتُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ غَدًا عَيْنَ تَبُوكَ وَإِنَّكُمْ تَأْتُونَهَا حِينَ يُضْحِي النَّهَارُ فَمَنْ جَاءَهَا فَلَا يَمَسَّ مِنْ مَائِهَا شَيْئًا حَتَّى آتِيَ . فَجِئْنَا وَقَدْ سَبَقَ إِلَيْهَا رَجُلَانِ وَالْعَيْنُ مِثْلُ الشِّرَاكِ تَبُضُّ بشَيْءٍ مِنْ مَائِهَا ، فَسَأَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : هَلْ مَسَسْتُمَا مِنْ مَائِهَا شَيْئًا ؟ قَالَا : نَعَمْ . فَسَبَّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَقَالَ لَهُمَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ ، فَاغْتَرَفُوا مِنَ الْعَيْنِ بِأَيْدِيهِمْ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى اجْتَمَعَ فِي شَيْءٍ ، ثُمَّ غَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيهِ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ ثُمَّ أَعَادَهُ فِيهَا فَجَرَتِ الْعَيْنُ بِمَاءٍ كَثِيرٍ فَاسْتَقَى النَّاسَ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : يُوشِكُ يَا مُعَاذُ إِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ أَنْ تَرَى هَاهُنَا مَاءً قَدْ مَلَأَ جِنَانًا
حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ سَهْلٍ قَالَ : أَصْبَحَ النَّاسُ وَلَا مَاءَ مَعَهُمْ فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَدَعَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَأَرْسَلَ سَحَابَةٍ فَأَمْطَرَتْ حَتَّى ارْتَوَى النَّاسُ وَاحْتَمَلُوا حَاجَتَهُمْ مِنَ الْمَاءِ
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ قَالَ : ثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ ثنا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنِ ابْنِ أَبِي هِلَالٍ ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي عُتْبَةَ ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ : حَدِّثْنَا مِنْ شَأْنِ سَاعَةِ الْعُسْرَةِ . قَالَ عُمَرُ : خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى تَبُوكَ فِي قَيْظٍ شَدِيدٍ فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا أَصَابَنَا فِيهِ عَطَشٌ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّ رِقَابَنَا تَنْقَطِعُ حَتَّى إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَنْحَرُ بَعِيرَهُ فَيَعْصِرُ فَرْثَهُ فَيَشْرَبُهُ وَيَجْعَلُ مَا بَقِيَ عَلَى كَبِدِهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ عَوَّدَكَ فِي الدُّعَاءِ خَيْرًا فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ . قَالَ : أَتُحِبُّ ذَلِكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ . فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَلَمْ يُرْجِعْهُمَا حَتَّى قاَلَتِ السَّمَاءُ فَأَظَلَّتْ ثُمَّ سَكَتَ فَمَلَأُوا مَا مَعَهُمْ ثُمَّ ذَهَبْنَا نَنْظُرُ فَلَمْ نَجِدْهَا جَاوَزَتِ الْعَسْكَرَ
وَحَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْمَرْوَزِيُّ ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ : ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ : فَذَكَرَ لَنَا الزُّهْرِيُّ وَيَزِيدُ بْنُ رُومَانَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَعَاصِمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ قَتَادَةَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ عُلَمَائِنَا قَالُوا : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَ مَرَّ بِالْحِجْرِ نَزَلَهَا وَاسْتَقَى النَّاسُ مِنْ بِئْرِهَا فَلَمَّا رَاحُوا مِنْهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِلنَّاسِ : لَا تَشْرَبُوا مِنْ مَائِهَا شَيْئًا وَلَا تَتَوَضَّئُوا مِنْهُ لِلصَّلَاةِ وَمَا كَانَ مِنْ عَجِينٍ عَجَنْتُمُوهُ فَاعْلِفُوهُ الْإِبِلَ وَلَا تَأْكُلُوا مِنْهُ شَيْئًا . وَقَالَ : لَا يَخْرُجَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمُ اللَّيْلَةَ إِلَّا وَمَعَهُ صَاحِبُهُ . قَالَ : فَفَعَلَ النَّاسُ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَّا أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي سَاعِدَةَ خَرَجَ أَحَدُهُمَا لِحَاجَتِهِ وَخَرَجَ الْآخَرُ فِي طَلَبِ بَعِيرٍ لَهُ فَأَمَّا الَّذِي ذَهَبَ لِحَاجَتِهِ فَخُنِقَ عَلَى مَذْهَبِهِ وَأَمَّا الَّذِي ذَهَبَ فِي طَلَبِ بَعِيرِهِ فَاحْتَمَلَتْهُ الرِّيحُ وَطَرَحَتْهُ بِجَبَلَيْ طَيِّئٍ فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : أَلَمْ أَنَّهُكُمْ أَنْ يَخْرُجَ رَجُلٌ إِلَّا وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ ؟ ثُمَّ دَعَا لِلَّذِي أُصِيبَ عَلَى مَذْهَبِهِ فَشُفِيَ وَأَمَّا الْآخَرُ الَّذِي وَقَعَ بِجَبَلَيْ طَيِّئٍ فَإِنَّ طَيِّئًا أَهْدَتْهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ قَالَ الشَّيْخُ : وَمَا ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ مِنَ الدَّلَائِلِ
مَا أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ : ثنا الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ قَالَ : ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَر أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ ذَا الْبِجَادَيْنِ مِنْ مُزَيْنَةَ كَانَ يَتِيمًا لَا مَالَ لَهُ قَدْ مَاتَ أَبُوهُ فَلَمْ يُوَرِّثْهُ شَيْئًا ، وَكَانَ عَمُّهُ مِيلًا فَأَخَذَهُ وَكَفَلَهُ حَتَّى قَدْ كَانَ أَيْسَرَ وَكَانَتْ لَهُ إِبِلٌ وَغَنَمٌ وَرَقِيقٌ فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْمَدِينَةَ جَعَلَتْ نَفْسُهُ تَتُوقُ إِلَى الْإِسْلَامِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ عَمِّهِ حَتَّى مَشَتِ السِّنُونُ وَالْمَشَاهِدُ كُلُّهَا فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ فَتْحِ مَكَّةَ رَاجِعًا إِلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ ذُو الْبِجَادَيْنِ لِعَمِّهِ : يَا عَمِّ إِنِّي قَدِ انْتَظَرْتُ إِسْلَامَكَ فَلَا أَرَاكَ تُرِيدُ مُحَمَّدًا فَأْذَنْ لِي فِي الْإِسْلَامِ . فَقَالَ : وَاللَّهِ لَئِنِ اتَّبَعْتَ مُحَمَّدًا لَا أَتْرُكُ بِيَدِكَ شَيْئًا كُنْتُ أَعْطَيْتُكَ إِلَّا نَزَعْتُهُ مِنْكَ . قَالَ عَبْدُ الْعُزَّى وَهُوَ اسْمُهُ يَوْمَئِذٍ : فَأَنَا وَاللَّهِ مُتَّبِعٌ مُحَمَّدًا وَتَارِكٌ عِبَادَةَ الْحَجَرِ ، هَذَا مَا بيْدِي فَخُذْهُ . فَأَخَذَ كُلَّ مَا كَانَ أَعْطَاهُ حَتَّى جَرَّدَهُ مِنْ إِزَارِهِ فَأَتَى أُمَّهُ فَأَعْطَتْهُ بِجَادًا لَهَا بِاثْنَيْنِ فَائْتَزَرَ بِوَاحِدٍ وَاتَّشَحَ بِالْآخَرِ ثُمَّ أَقْبَلَ الْمَدِينَةَ فَاضْطَجَعَ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْحَرِّ ثُمَّ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ثُمَّ جَعَلَ يَتَصَفَّحُ النَّاسَ لَمَّا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : مَنْ أَنْتَ ؟ قَالَ : أَنَا عَبْدُ الْعُزَّى . قَالَ : أَنْتَ عَبْدُ اللَّهِ ذُو الْبِجَادَيْنِ . ثُمَّ قَالَ : انْزِلْ مِنِّي قَرِيبًا . فَكَانَ يَكُونُ مِنْ أَضْيَافِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَيُعَلِّمُهُ الْقُرْآنَ حَتَّى قَرَأَ قُرْآنًا كَثِيرًا , وَالنَّاسُ يَتَجَهَّزُونَ إِلَى تَبُوكَ وَكَانَ رَجُلًا صَيِّتًا وَكَانَ يَقُومُ فِي الْمَسْجِدِ فَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ عُمَرُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَسْمَعُ إِلَى صَوْتِ هَذَا الْأَعْرَابِيِّ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ قَدْ مَنَعَ النَّاسَ الْقِرَاءَةَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : دَعْهُ يَا عُمَرُ فَإِنَّهُ خَرَجَ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَلَمَّا خَرَجُوا إِلَى تَبُوكَ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ لَنَا بِالشَّهَادَةِ ، فَقَالَ : ابْغِنِي لِحَاءَ شَجَرَةٍ فَأَبْغَاهُ لِحَاءَ شَجَرَةٍ فَرَبَطَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى عَضُدِهِ وَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّمُ دَمَهُ عَلَى الْكُفَّارِ . فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ هَذَا أَرَدْتُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّكَ إِذَا خَرَجْتَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَخَذَتْكَ حُمَّى فَقَتَلَتْكَ فَأَنْتَ شَهِيدٌ ، أَوْ وَقَصَتْكَ دَابَّتُكَ فَأَنْتَ شَهِيدٌ ، لَا تُبَالِ بِأَيَّتِهِ كَانَ . فَلَمَّا نَزَلُوا تَبُوكَ أَقَامُوا بِهَا أَيَّامًا ثُمَّ تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ ذُو الْبِجَادَيْنِ وَكَانَ بِلَالُ بْنُ الْحَارِثِ الْمُزَنِيُّ يَقُولُ : فَحَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَمَعَ بِلَالٍ الْمُؤَذِّنِ شُعْلَةُ نَارٍ عِنْدَ الْقَبْرِ وَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الْقَبْرِ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ يُدْلِيَانِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ : أَدْلِيَا إِلَيَّ أَخَاكُمَا فَلَمَّا هَيَّأَهُ لِشِقِّهِ فِي اللَّحْدِ قَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَمْسَيْتُ عَنْهُ رَاضِيًا فَارْضَ عَنْهُ . قَالَ : فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : يَا لَيْتَنِي كُنْتُ صَاحِبَ اللَّحْدِ حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْمَرْوَزِيُّ قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ : وَلَمَّا انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى تَبُوكَ دَعَا خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فَبَعَثَهُ إِلَى أُكَيْدِرِ دُومَةَ وَهُوَ أُكَيْدِرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ رَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ وَكَانَ مَلِكًا عَلَيْهَا وَكَانَ نَصْرَانِيًّا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِخَالِدٍ : إِنَّكَ سَتَجِدُهُ يَصِيدُ الْبَقَرَ . فَخَرَجَ خَالِدٌ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ حِصْنِهِ بِمَنْظَرِ الْعَيْنِ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ صَافِيَةٍ وَهُوَ عَلَى سَطْحٍ لَهُ وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ فَأَتَتِ الْبَقَرُ تَحُكُّ بِقُرُونِهَا بَابَ الْقَصْرِ فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ : هَلْ رَأَيْتَ مِثْلَ هَذَا قَطُّ ؟ قَالَ : لَا وَمَنْ يَتْرُكُ هَذَا ؟ قَالَتْ : لَا أَحَدَ . فَنَزَلَ فَأَمَرَ بِفَرَسِهِ فَأُسْرِجَ وَرَكِبَ وَرَكِبَ مَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فِيهِمْ أَخٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ حَسَّانُ فَرَكِبَ وَخَرَجُوا مَعَهُ بِمَطَارِيدِهِمْ فَلَمَّا خَرَجُوا تَلَقَّتْهُمْ خَيْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَأَخَذَتْهُ وَقَتَلُوا أَخَاهُ حَسَّانَ وَقَدْ كَانَ عَلَيْهِ قُبَاءٌ لَهُ مِنَ الدِّيبَاجِ مُخَوَّصٌ بِالذَّهَبِ فَاسْتَلَمَهُ خَالِدٌ فَبَعَثَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ثُمَّ إِنَّ خَالِدًا قَدِمَ بِأُكَيْدِرٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَحَقَنَ لَهُ دَمَهُ وَصَالَحَهُ عَلَى الْجِزْيَةِ ثُمَّ خَلَّى سَبِيلَهُ فَرَجَعَ إِلَى قَرْيَتِهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ طَيِّئٍ يُقَالُ لَهُ بُجَيْرُ بْنُ بَجَرَةَ يَذْكُرُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِخَالِدٍ : إِنَّكَ سَتَجِدُهُ يَصِيدُ الْبَقَرَ وَمَا صَنَعَ الْبَقَرُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى اسْتَخْرَجَهُ ؛ لِتَصْدِيقِ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : تَبَارَكَ سَائِقُ الْبَقَراتِ لَيْلًا رَأَيْتُ اللَّهَ يَهْدِي كُلَّ هَادِ فَمَنْ يَكُ حَائِدًا عَنْ ذِي تَبُوكٍ فَإِنَّا قَدْ أُمِرْنَا بِالْجِهَادِ . . . . . . . . . . أُكَيْدِرٌ مَلِكُ دُومَةِ الْجَنْدَلِ وَدُومَةُ الْجَنْدَلِ عَلَى عَشْرِ لَيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ وَعَشْرِ لَيَالٍ مِنَ الْكُوفَةِ وَعَشْرِ لَيَالٍ مِنْ دِمَشْقَ بِلَا نَخْلٍ وَعُيُونٍ
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ : ثنا مُصَرِّفُ بْنُ عَمْرٍو الْيَمَامِيُّ قَالَ : ثنا أَبُو أُسَامَةَ ثنا مُجَالِدٌ ، عَنْ عَامِرٍ ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ قَالَ : قُلْنَا لِحُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : كَيْفَ عَرَفْتَ الْمُنَافِقِينَ وَلَمْ يَعْرِفْهُمْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ ؟ قَالَ : إِنِّي كُنْتُ أَسِيرُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَنَامَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَسَمِعْتُ نَاسًا مِنْهُمْ يَقُولُونَ : لَوْ طَرَحْنَاهُ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَانْدَقَّتْ عُنُقُهُ فَاسْتَرَحْنَا مِنْهُ . فَسِرْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ وَجَعَلْتُ أَقْرَأُ وَأَرْفَعُ صَوْتِي فَانْتَبَهَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ فَقُلْتُ : حُذَيْفَةُ . قَالَ : مَنْ هَؤُلَاءِ خَلْفَكَ ؟ قُلْتُ : فُلَانٌ وَفُلَانٌ حَتَّى عَدَدْتُ أَسْمَاءَهُمْ . قَالَ : وَسَمِعْتَ مَا قَالُوا ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ؛ وَلِذَلِكَ سِرْتُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ . فَقَالَ : إِنَّ هَؤُلَاءِ فُلَانًا وَفُلَانًا ، حَتَّى عَدّدَ أَسْمَاءَهُمْ ، مُنَافِقُونَ ، لَا تُخْبِرَنَّ أَحَدًا