حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ثنا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ قَالَ : ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَكَانَ مِنْ دَلَالَاتِ حَمْلِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّ كُلَّ دَابَّةٍ كَانَتْ لِقُرَيْشٍ نَطَقَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَقَالَتْ : حُمِلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ وَهُوَ أَمَانُ الدُّنْيَا وَسِرَاجُ أَهْلِهَا وَلَمْ يَبْقَ كَاهِنَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَلَا قَبِيلَةٌ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ إِلَّا حُجِبَتْ عَنْ صَاحِبَتِهَا , وَانْتُزِعَ عِلْمُ الْكَهَنَةِ وَلَمْ يَكُنْ سَرِيرُ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا إِلَّا أَصْبَحَ مَنْكُوسًا وَالْمَلِكُ مُخْرَسًا لَا يَنْطِقُ يَوْمَهُ ذَلِكَ وَمَرَّتْ وُحُوشُ الْمَشْرِقِ إِلَى وُحُوشِ الْمَغْرِبِ بِالْبُشَارَاتِ , وَكَذَلِكَ الْبِحَارِ يُبَشِّرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِهِ فِي كُلِّ شَهْرٍ مِنْ شُهُورِهِ نِدَاءٌ فِي الْأَرْضِ وَنِدَاءٌ فِي السَّمَاءِ : أَنْ أَبْشِرُوا ؛ فَقَدْ آنَ لِأَبِي الْقَاسِمِ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْأَرْضِ مَيْمُونًا مُبَارَكًا فَكَانَتْ أُمُّهُ تُحَدِّثُ عَنْ نَفْسِهَا وَتَقُولُ : أَتَانِي آتٍ حِينَ مَرَّ بِي مِنْ حَمْلِهِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَوَكَزَنِي بِرِجْلِهِ فِي الْمَنَامِ وَقَالَ : يَا آمِنَةُ إِنَّكِ قَدْ حَمَلْتِ بِخَيْرِ الْعَالَمِينَ طُرًّا فَإِذَا وَلَدْتِيهِ فَسَمِّيهِ مُحَمَّدًا وَاكْتُمِي شَأْنَكِ . قَالَ : فَكَانَتْ تَقُولُ : لَقَدْ أَخَذَنِي مَا يَأْخُذُ النِّسَاءَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِي أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ ذَكَرٌ وَلَا أُنْثَى وَإِنِّي لَوَحِيدَةٌ فِي الْمَنْزِلِ وَعَبْدُ الْمُطَّلِبِ فِي طَوَافِهِ قَالَتْ : فَسَمِعْتُ وَجْبَةً شَدِيدَةً وَأَمْرًا عَظِيمًا فَهَالَنِي ذَلِكَ وَذَلِكَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ فَرَأَيْتُ كَأَنَّ جَنَاحَ طَيْرٍ أَبْيَضَ قَدْ مَسَحَ عَلَى فُؤَادِي فَذَهَبَ عَنِّي كُلُّ رُعْبٍ وَكُلُّ فَزَعٍ وَوَجَعٍ كُنْتُ أَجِدُهُ , ثُمَّ الْتَفَتُّ فَإِذَا أَنَا بِشَرْبَةٍ بَيْضَاءَ وَظَنَنْتُهَا لَبَنًا , وَكُنْتُ عَطْشَى , فَتَنَاوَلْتُهَا فَشَرِبْتُهَا فَأَضَاءَ مِنِّي نُورٌ عَالٍ , ثُمَّ رَأَيْتُ نِسْوَةً كَالنَّخْلِ الطِّوَالِ كَأَنَّهُنَّ بَنَاتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يُحَدِّقْنَ بِي فَبَيْنَا أَنَا أَعْجَبُ وَأَقُولُ : وَاغَوْثَاهْ مِنْ أَيْنَ عَلِمْنَ بِي هَؤُلَاءِ وَاشْتَدَّ بِيَ الْأَمْرُ وَأَنَا أَسْمَعُ الْوَجْبَةَ فِي كُلِّ سَاعَةٍ أَعْظَمَ وَأَهْوَلَ فَإِذَا أَنَا بِدِيبَاجٍ أَبْيَضَ قَدْ مُدَّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَائِلٌ يَقُولُ : خُذُوهُ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ قَالَتْ : وَرَأَيْتُ رِجَالًا قَدْ وَقَفُوا فِي الْهَوَاءِ بِأَيْدِيهِمْ أَبَارِيقُ فِضَّةٍ وَأَنَا يَرْشَحُ مِنِّي عَرَقٌ كَالْجُمَانِ أَطْيَبُ رِيحًا مِنَ الْمِسْكِ الْأَذْفَرِ وَأَنَا أَقُولُ : يَا لَيْتَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ قَدْ دَخَلَ عَلَيَّ وَعَبْدُ الْمُطَّلِبِ عَنِّي نَاءٍ قَالَتْ : فَرَأَيْتُ قِطْعَةً مِنَ الطَّيْرِ قَدْ أَقْبَلَتْ مِنْ حَيْثُ لَا أَشْعُرُ حَتَّى غَطَّتْ حُجْرَتِي مَنَاقِيرُهَا مِنَ الزُّمُرُّدِ وَأَجْنِحَتُهَا مِنَ الْيَوَاقِيتِ فَكَشَفَ لِي عَنْ بَصَرِي فَأَبْصَرْتُ سَاعَتِي مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا , وَرَأَيْتُ ثَلَاثَ أَعْلَامٍ مَضْرُوبَاتٍ : عَلَمٌ فِي الْمَشْرِقِ , وَعَلَمٌ فِي الْمَغْرِبِ , وَعَلَمٌ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ وَأَخَذَنِي الْمَخَاضُ وَاشْتَدَّ بِيَ الْأَمْرُ جِدًّا فَكُنْتُ كَأَنِّي مُسْتَنِدَةٌ إِلَى أَرْكَانِ النِّسَاءِ , وَكَثُرْنَ عَلَيَّ حَتَّى كَأَنَّ الْأَيْدِي مَعِي فِي الْبَيْتِ وَأَنَا لَا أَرَى شَيْئًا ، فَوَلَدْتُ مُحَمَّداً صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ بَطْنِي دُرْتُ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا أَنَا بِهُ سَاجِدٌ قَدْ رَفَعَ إِصْبَعَيْهِ كَالْمُتَضَرِّعِ الْمُبْتَهِلِ ثُمَّ رَأَيْتُ سَحَابَةً بَيْضَاءَ قَدْ أَقْبَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ تَنْزِلُ حَتَّى غَشِيَتْهُ فَغُيِّبَ عَنْ وَجْهِي ، فَسَمِعْتُ مُنَادِيًا يَقُولُ : طُوفُوا بِمُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ شَرْقَ الْأَرْضِ وَغَرْبَهَا وَأَدْخِلُوهُ الْبِحَارَ كُلَّهَا ؛ لِيَعْرِفُوهُ بِاسْمِهِ وَنَعْتِهِ وَصُورَتِهِ وَيَعْلَمُوا أَنَّهُ سُمِّيَ فِيهَا الْمَاحِيَ ؛ لَا يَبْقَى شَيْءٌ مِنَ الشِّرْكِ إِلَّا مُحِيَ بِهِ فِي زَمَنِهِ ثُمَّ تَجَلَّتْ عَنْهُ فِي أَسْرَعِ وَقْتٍ فَإِذَا بِهِ مُدْرَجٌ فِي ثَوْبٍ صُوفٍ أَبْيَضَ أَشَدِّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ وَتَحْتَهُ حَرِيرَةٌ خَضْرَاءُ قَدْ قَبَضَ عَلَى ثَلَاثِ مَفَاتِيحَ مِنَ اللُّؤْلُؤِ الرَّطْبِ الْأَبْيَضِ وَإِذَا قَائِلٌ يَقُولُ : قَبَضَ مُحَمَّدٌ عَلَى مَفَاتِيحِ النَّصْرِ وَمَفَاتِيحِ الرِّيحِ وَمَفَاتِيحِ النُّبُوَّةِ وَلِمَوْلِدِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَقَعَ الْآيَاتُ الْعَجِيبَةُ مِمَّا رُوِيَ مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْهَا مَا قَالَهُ الْيَهُودِيُّ الَّذِي قَدِمَ مَكَّةَ تَاجِرًا فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا : إِنَّهُ وُلِدَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ نَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِهِ شَامَةٌ بَيْنَ كَتِفَيْهِ فِيهَا شَعَرَاتٌ مُتَوَالِيَاتٌ لَا يَرْضَعُ لَيْلَتَيْنِ . فَعَجِبَ الْقَوْمُ مِنْ حَدِيثِهِ فَقَامُوا حَتَّى دَخَلُوا عَلَى آمِنَةَ فَقَالُوا : أَخْرِجِي ابْنَكِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ وَإِلَى الشَّامَةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَخَرَّ الْيَهُودِيُّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالُوا لَهُ : مَا لَكَ ؟ قَالَ : ذَهَبَتْ وَاللَّهِ نُبُوَّةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَخَرَجَ الْكِتَابُ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَهَذَا الْمَوْلُودُ يَقْتُلُهُمْ وَيُبَيِّنُ أَخْبَارَهُمْ وَلَيَسْطُوَنَّ بِكُمْ يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ وَحُجِبَ الشَّيْطَانُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ مِنِ اسْتِرَاقِ السَّمْعِ وَرُمُوا بِالشُّهُبِ وَنَطَقَتِ الْكُهَّانُ وَالسَّحَرَةُ مِثْلَ شِقٍّ وَسَطِيحٍ وعُظَمَاءُ الْمُلُوكِ بِمَا رَأَتْ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ كَكِسْرَى وَارْتِجَاسِ إِيوَانِهِ وَخُمُودِ النِّيرَانِ وَغَيْضِ الْمَاءِ وَفَيْضِ الْأَوْدِيَةِ وَرُؤْيَا الْمُؤبِذَانِ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ بِأَسَانِيدَ فِي بَابِ مَوْلِدِهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : وَرَحْمَةً مِنَّا فَنَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَصَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَعَمِّ الرَّحْمَةِ وَأَكْمَلِهَا فَقَالَ : {{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ }} فَمَنْ صَدَّقَهُ وَآمَنَ بِهِ ؛ فَإِنَّهُ يَرْحَمُهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الدَّارَيْنِ وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ أَمِنَ فِي حَيَاتِهِ مِمَّا عُوقِبَ بِهِ الْمُكَذِّبُونَ مِنَ الْأُمَمِ : الْخَسْفِ وَالْمَسْخِ وَالْقَذْفِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذَا . فَإِنْ قُلْتَ : إِنَّ عِيسَى كَانَ يَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى . قُلْنَا : إِنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ نَظِيرَهُ فَإِنَّ عُكَّاشَةَ بْنَ مِحْصَنٍ انْقَطَعَ سَيْفُهُ يَوْمَ بَدْرٍ فَدَفَعَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ جِذْلًا مِنْ حَطَبٍ وَقَالَ : قَاتِلْ بِهَذَا فَعَادَ فِي يَدِهِ سَيْفًا شَدِيدَ الْمَتْنِ أَبْيَضَ الْحَدِيدِ طَوِيلَ الْقَامَةِ فَقَاتَلَ بِهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَشْهَدُ بِهِ الْمَشَاهِدَ إِلَى أَيَّامِ الرِّدَّةِ فَالْمَعْنَى الَّذِي بِهِ أَمْكَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ يُصَيِّرَ الْخَشَبَةَ حَدِيدًا وَيَبْقَى عَلَى الْأَيَّامِ هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي خَلَقَ بِهِ عِيسَى مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ , ثُمَّ اسْتِمَاعُ التَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ وَالتَّهْلِيلِ مِنَ الْحَجَرِ الصُّمِّ فِي يَدِهِ , وَشَهَادَةُ الْأَحْجَارِ وَالْأَشْجَارِ لَهُ بِالنُّبُوَّةِ , وَأَمْرُهُ لِلْأَشْجَارِ بِالِاجْتِمَاعِ , وَالِالْتِزَاقِ , وَالِافْتِرَاقِ , كُلُّ ذَلِكَ جَانَسَ إِحْيَاءَ الْمَوْتَى وَطَيَرَانَ الْمُصَوَّرِ مِنَ الطَّيْرِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ . فَإِنْ قَالَ : إِنَّ عِيسَى كَانَ يُبْرِئُ الْعِمْيَانَ , وَالْأَكْمَهَ , وَالْأَبْرَصَ , بِإِذْنِ اللَّهِ . قُلْنَا : إِنَّ قَتَادَةَ بْنَ النُّعْمَانِ نَدَرَتْ حَدَقَتُهُ يَوْمَ أُحُدٍ مِنْ طَعْنَةٍ أُصِيبَ فِي عَيْنِهِ فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَرَدَّهَا فَكَانَ لَا يَدْرِي أَيَّ عَيْنَيْهِ أُصِيبَ , وَكَانَ أَحْسَنَ عَيْنَيْهِ وَأَحَدَّهُمَا وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ بِإِسْنَادِهِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، ثنا عَمِّي أَبُو بَكْرٍ قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلَامَانَ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أُمِّهِ ، أَنَّ خَالَهَا حَبِيبَ بْنَ فُدَيْكٍ قَالَ : إِنَّ أَبَاهُ خَرَجَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَعَيْنَاهُ مُبْيَضَّتَانِ لَا يُبْصِرُ بِهِمَا شَيْئًا فَسَأَلَهُ : مَا أَصَابَكَ ؟ قَالَ : كُنْتُ أُمَرِّنُ جَمَلِي فَوَقَعَتْ رِجْلَيَّ عَلَى بِيضِ حَيَّةٍ فَأَصَابَتْ بَصَرِي فَنَفَثَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي عَيْنَيْهِ فَأَبْصَرَ قَالَ : فَرَأَيْتُهُ يُدْخِلُ الْخَيْطَ فِي الْإِبْرَةِ , وَإِنَّهُ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً وَإِنَّ عَيْنَيْهِ لَمُبْيَضَّتَانِ
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ : ثنا مَسْعَدَةُ بْنُ سَعْدٍ الْعَطَّارُ ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ قَالَ : ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ قَالَ : حَدَّثَنِي رِفَاعَةُ بْنُ {{ يَحْيَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ }} رَافِعٍ قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ رُمِيتُ بِسَهْمٍ فَفُقِئَتْ عَيْنِي فَبَصَقَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَدَعَا لِي فَمَا آذَانِي مِنْهَا شَيءٌ وَتَفَلَ فِي عَيْنِ عَلِيٍّ يَوْمَ خَيْبَرَ وَهُوَ أَرْمَدُ فَبَرِئَ مِنْ سَاعَتِهِ وَمَا اشْتَكَى عَيْنَهُ بَعْدَ ذَلِكَ . وَكَانَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُؤْتَى بِالْمَرْضَى وَالْمُصَابِينَ فَيَدْعُو لَهُمْ وَيَمْسَحُهُمْ بِيَدِهِ فَيَبْرَءُونَ . وَأُتِيَ بِصَبِيٍّ يَأْخُذُهُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ : إخْسَ عَدُوَّ اللَّهِ فَثَعَّ ثَعَّةً فَخَرَجَ مِنْهُ كَالْجِرْوِ الْأَسْوَدِ وَكَانَ مَرِيضًا قَدْ صَارَ مِثْلَ الْفَرْخِ الْمَنْتُوفِ فَدَعَا لَهُ فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ وكم لَهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ إِبْرَاءِ الْمَرْضَى وَإِزَالَةِ الْأَسْقَامِ مِمَّنِ اسْتَشْفَاهُ وَشَكَا إِلَيْهِ وَصَبَهُ وَأَلَمَهُ فَدَعَا لَهُمْ فَعُوفُوا
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خُطَيْطٍ الْأَسَدِيُّ قَالَ : ثنا أَبُو الْحَرِيشِ أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَمْرٍو الْعَدَوِيُّ ثنا فَرَجُ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ عَمِّهِ ثَابِتِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبْيَضَ بْنِ حَمَّالٍ الْمَأْرِبِيِّ أَنَّهُ كَانَ بِوَجْهِهِ حَزَازَةٌ يَعْنِي الْقُوبَا قَدِ الْتَقَمَتْ أَنْفُهُ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَمَسَحَ عَلَى وَجْهِهِ فَلَمْ يُمْسِ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَفِيهِ أَثَرٌ
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ : ثنا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ هِلَالٍ ، عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الْأَنْصَارِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ الزُّرَقِيِّ ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ : دَخَلْتُ يَوْمًا عَلَى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَعِنْدَهُ قِدْرٌ تَفُورُ لَحْمًا فَأَعْجَبَتْنِي شَحْمَةٌ فَأَخَذْتُهَا فَازْدَرَدْتُهَا فَاشْتَكَيْتُ مِنْهَا سَنَةً ثُمَّ ذَكَرْتُهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّهُ كَانَ فِيهَا نَفْسُ سَبْعَةِ أَنَاسِيٍّ ثُمَّ مَسَحَ بَطْنِي , فَأَلْقَيْتُهَا خَضْرَاءَ فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا اشْتَكَيْتُ بَطْنِي حَتَّى السَّاعَةِ فَإِنْ قِيلَ : إِنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ فَأَعْجَبُ مِنْهُ مَا رَفَعَ اللَّهُ بِهِ تَعَالَى شَأْنَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ , وَجُعِلَتْ لَهُ آيَةً بَيِّنَةً شَهِدَهَا الْجَمَاعَةُ الْكَثِيرَةُ فِي إِحْيَاءِ شَاةِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَمَا أَحْيَى اللَّهُ تَعَالَى لِامْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ ابْنَهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ آيَةٌ عَجِيبَةٌ لنبِيِّ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ إِمْلَاءً وَقِرَاءَةً قَالَ : ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ : ثنا أَبُو بَرَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي هَاشِمٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ بِمَكَّةَ قَالَ : ثنا أَبُو كَعْبٍ الْبَدَّاحُ بْنُ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ سَهْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : أَتَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ قَالَ : فَرَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مُتَغَيِّرًا وَمَا أَحْسِبُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ تَغَيَّرَ إِلَّا مِنْ جُوعٍ , فَأَتَيْتُ مَنْزِلِي فَقُلْتُ لِلْمَرْأَةِ : وَيْحَكِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلِيَّ السَّلَامَ وَوَجْهُهُ مُتَغَيِّرٌ وَمَا أَحْسِبُ وَجْهَهُ تَغَيَّرَ إِلَّا مِنَ الْجُوعِ فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَيْءٍ ؟ قَالَتْ : وَاللَّهِ مَا لَنَا إِلَّا هَذَا الدَّاجِنُ وَفَضْلَةٌ مِنْ زَادٍ نُعَلِّلُ بِهَا الصِّبْيَانَ فَقُلْتُ لَهَا : هَلْ لَكِ أَنْ نَذْبَحَ الدَّاجِنَ وَتَصْنَعِينَ مَا كَانَ عِنْدَكِ ثُمَّ نَحْمِلُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ؟ قَالَتْ : أَفْعَلُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَحْبَبْتَ قَالَ : فَذَبَحَتِ الدَّاجِنَ ، وَصَنَعَتْ مَا كَانَ عِنْدَهَا , وَطَحَنَتْ وَخَبَزَتْ , وَطَبَخَتْ ثُمَّ ثَرَدْنَا فِي جَفْنَةٍ لَنَا فَوَضَعَتِ الدَّاجِنَ ثُمَّ حَمَلْتُهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَوَضَعْتُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ : مَا هَذَا يَا جَابِرُ ؟ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَيْتُكَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْكَ فَرَأَيْتُ وَجْهَكَ مُتَغَيِّرًا فَظَنَنْتُ أَنَّ وَجْهَكَ لَمْ يَتَغَيَّرْ إِلَّا مِنَ الْجُوعِ فَذَبَحْتُ دَاجِنًا كَانَتْ لَنَا ثُمَّ حَمَلْتُهَا إِلَيْكَ قَالَ : يَا جَابِرُ اذْهَبْ فَاجْمَعْ لِي قَوْمَكَ قَالَ : فَأَتَيْتُ أَحْيَاءَ الْعَرَبِ فَلَمْ أَزَلْ أَجْمَعُهُمْ فَأَتَيْتُهُ بِهِمْ ثُمَّ دَخَلْتُ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ الْأَنْصَارُ قَدْ أُجْمِعَتْ فَقَالَ : أَدْخِلْهُمْ عَلَيَّ أَرْسَالًا فَأَدْخَلْتُهُمْ عَلَيْهِ أَرْسَالًا فَكَانُوا يَأْكُلُونَ مِنْهَا فَإِذَا شَبِعَ قَوْمٌ خَرَجُوا وَدَخَلَ آخَرُونَ حَتَّى أَكَلُوا جَمِيعًا وَفَضَلَ فِي الْجَفْنَةِ شَبِيهُ مَا كَانَ فِيهَا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : كُلُوا وَلَا تَكْسِرُوا عَظْمًا ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ جَمَعَ الْعِظَامَ فِي وَسَطِ الْجَفْنَةِ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ لَمْ أَسْمَعْهُ إِلَّا أَنِّي أَرَى شَفَتَيْهِ تَتَحَرَّكَانِ فَإِذَا الشَّاةُ قَدْ قَامَتْ تَنْفُضُ أَذُنَيْهَا فَقَالَ لِي : خُذْ شَاتَكَ يَا جَابِرُ ، بَارَكَ اللَّهُ لك فِيهَا فَأَخَذْتُهَا وَمَضَيْتُ , وَإِنَّهَا لَتُنَازِعُنِي أُذُنَهَا حَتَّى أَتَيْتُ بِهَا الْبَيْتَ ، فَقَالَتْ لِيَ الْمَرْأَةُ : مَا هَذِهِ يَا جَابِرُ ؟ قُلْتُ : وَاللَّهِ شَاتُنَا الَّتِي ذَبَحْنَاهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، دَعَا اللَّهَ فَأَحْيَاهَا ، قَالَتْ : أَنَا أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ، أَنَا أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ، أَنَا أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَعْبَدٍ ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ النُّعْمَانِ ، ثنا بِشْرُ بْنُ حُجْرٍ السَّامِيُّ ، وثنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ ، ثنا عَبْيدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَائِشَةَ قَالَ : صَالِحٌ الْمُرِّيُّ ، عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : دَخَلْنَا عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُوَ مَرِيضٌ ، فَلَمْ نَبْرَحْ حَتَّى قَضَى ، فَبَسَطْنَا عَلَيْهِ ثَوْبًا , وَأُمٌّ لَهُ عَجُوزٌ كَبِيرَةٌ عَلَى رَأْسِهِ ، فَقُلْنَا : يَا هَذِهِ , احْتَسِبِي مُصِيبَتَكِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، قَالَتْ : أوَمَاتَ ابْنِي ؟ قُلْنَا : نَعَمْ ، قَالَتْ : حَقًّا تَقُولُونَ ؟ قُلْنَا : نَعَمْ ، قَالَ : فَمَدَّتْ يَدَيْهَا فَقَالَتِ : اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي أَسْلَمْتُ لَكَ ، وَهَاجَرْتُ إِلَى رَسُولك صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَجَاءَ أَنْ تُغِيثَنِي عِنْدَ كُلِّ شِدَّةٍ وَرَخَاءٍ ، فَلَا تَحْمِلْ عَلَيَّ هَذِهِ الْمُصِيبَةَ الْيَوْمَ ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ ثُمَّ مَا بَرِحْنَا حَتَّى طَعِمْنَا مَعَهُ فَإِنْ قيل : فَإِنَّ عِيسَى كَانَ يُخْبِرُ بِالْغُيُوبِ ، وَيُنْبِئُ بِمَا يَأْكُلُونَ فِي بُيُوتِهِمْ وَبِمَا يَدَّخِرُونَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ يُخْبِرُ مِنْ ذَلِكَ بِأَعَاجِيبَ ؛ لِأَنَّ عِيسَى كَانَ يُخْبِرُ بِمَا يَأْكُلُونَ مِنْ وَرَاءِ جِدَارٍ فِي مَبِيتِهِمْ وَتَصَرُّفِهِمْ فِي آكِلِهِمْ , ومحمد صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أخبر بِمَا كَانَ مِنْهُ مَسِيرَةَ شَهْرٍ وَأَكْثَرَ ، كإِخْبَارُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِوَفَاةِ النَّجَاشِيِّ ، وَمَنِ اسْتُشْهِدَ فِي الْغَزَاةِ ، زَيْدٌ ، وَجَعْفَرٌ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ ، وَكَانَ يَأْتِيهِ السَّائِلُ يَسْأَلُهُ فَيَقُولُ : إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ عَمَّا جِئْتَ تَسْأَلُ عَنْهُ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ . وَأَخْبَرَ عُمَيْرَ بْنَ وَهْبٍ الْجُمَحِيَّ بِمَا تَوَاطَأَ عَلَيْهِ هُوَ وَصَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ ، لَمَّا قَعَدَا بِمَكَّةَ بِالْحِجْرِ ، من الْفَتْكِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعْدَ مُصَابِ أَهْلِ بَدْرٍ حَتَّى أَسْلَمَ عُمَيْرٌ . وَمِنْهَا : إِخْبَارُه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَمَّهُ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَمَّا أُسِرَ بِبَدْرٍ وَأَرَادَ أَنْ يُفَادِيَهُ فَقَالَ : لَيْسَ لِي مَالٌ ، فَقَالَ : أَيْنَ الْمَالُ الَّذِي أَوْدَعْتَهُ عِنْدَ أُمِّ الْفَضْلِ لَمَّا أَرَدْتَ الْخُرُوجَ وَعَهِدْتَ إِلَيْهَا ؟ وَقَوْلُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ لَمَّا بَعَثَهُ إِلَى الْهُذَلِيِّ بِوَادِي عُرَنَةَ : إِذَا رَأَيْتُهُ وَجَدْتَ لَهُ قَشْعَرِيرَةً وَمِنْهَ مَا أَطْلَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ مِنْ مُنْصَرَفِهِ مِنْ تَبُوكَ لمَا ضَلَّتْ رَاحِلَتُهُ فقَالَ بَعْضُ الْمُنَافِقِينَ : أَلَا يُحَدِّثُهُ اللَّهُ بِمَكَانِهَا ؟ فَأَطْلَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا وَعَلَى مَا فِي نَفْسِ الْمُنَافِقِ ، فَأَسْلَمَ وَفَارَقَ النِّفَاقَ وَمِنْهَا : مَا أَخْبَرَ بِهِ رَسُولَيْ فَيْرُوزَ لَمَّا قَدِمَا عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ مِنَ الْيَمَنِ حِينَ كَتَبَ إِلَيْهِ كِسْرَى ، فَقَالَ : إِنَّ رَبِّي قَدْ قَتَلَ رَبَّكَ الْبَارِحَةَ ، فَكَتَبَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ ، فَلَمَّا رَجَعَا إِلَى الْيَمَنِ أَتَى فَيْرُوزَ الْخَبَرُ أَنَّ شِيرَوَيْهِ بْنَ كِسْرَى قَتَلَ أَبَاهُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ ، فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ تَقَدَّمَتْ بِأَسَانِيدِهَا فِي مَوَاضِعِهَا مِنْ هَذَا الْكِتَابِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهَا . وَنَذْكُرُ بَعْضَ مَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ إِعْلَامِهِ وَإِخْبَارِهِ بِأَشْيَاءَ لَمْ تَكُنْ ، فكونها اللَّهُ تَعَالَى فِيمَا أَخْبَرَ بِكَوْنِهِ ، فَكَانَ ، قَالَ اللَّهُ : {{ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ }} فَكَفَاهُ وَوَفاهُ مَا وَعَدَهُ بِنَصْرِة الْمُؤْمِنِينَ {{ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ }} وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : {{ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ }} وَكَانَ كَمَا وَعَدَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، غُلِبُوا وَقُتِلُوا وَيُحْشَرُونَ إِلَى النَّارِ . وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : {{ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ }} فَكَانَ كَمَا وَعَدَهُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : {{ وإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ }} فَهَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : {{ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ }} فَنَصَرَهُ اللَّهُ وَقَوَّاهُ بِلَا مَالٍ وَلَا عَشِيرَةٍ ، وَبَلَغَ مُلْكُ أُمَّتِهِ الشَّرْقَ وَالْغَرْبَ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : {{ لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ }} فَدَخَلُوا مَكَّةَ آمِنَيْنَ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : {{ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ }} فَكَانَ كَمَا وَعَدَهُمْ ، فَهَذَا مِمَّا لَا يَجُوزُ فِي حَدْسٍ وَلَا ظَنٍّ ، وَلَا يَقَعُ بِالِاتِّفَاقِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : {{ الم غُلِبَتِ الرُّومُ }} فَأَعْلَمَهُ بِكَوْنِهِ وَوُقُوعِهِ ، حَدَّدَ الْوَقْتَ ، وَوَقَفَ عَلَيْهِ فِي بِضْعِ سِنِينَ ، وَالْعَرَبُ مُصَدِّقُهَا وَمُكَذِّبُهَا ، عَرَفُوا أَنَّ الْبِضْعَ مَعْلُومٌ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ ، وَأَكَّدَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : {{ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ }} وَقَوْلُهُ تَعَالَى : {{ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ }} فَتْحُ مَكَّةَ خُصَّ بَيْنَ الْفُتُوحِ بِالْفَتْحِ لِعِظَمِ قَدْرِهِ ، وَإِنَّهَا بَلْدَةُ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْهَا , أَهْلُهَا كَانُوا أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَصْحَابِه ؛ ِ لِأَنَّ الْقَرَابَاتِ وَالْجِيرَانِ أَشَدُّ تَقَاطُعًا وَتَبَاغُضًا ، فَبَشَّرَهُ بِفَتْحِهَا قَبْلَ كَوْنِهِ ، وَيَدْخُلُونَ النَّاسُ أَفْوَاجًا فِي دِينِهِ , فَحَقَّقَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ بُشَارَتَهُ بِفَتْحِهَا ، فَقَدِمَتِ الْوُفُودُ الْجَامِعَاتُ عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ مُسْلِمَيْنَ مُنْقَادِينَ لَهُ وَلِدِينِهِ ، فَقَبَضَ اللَّهُ نَبِيَّهُ وَقَدْ طَبَّقَ الْإِسْلَامُ الْيَمَنَ إِلَى شِجْرِ عُمَانَ وَأَقْصَى نَجْدِ الْعِرَاقِ ، بَعْدَ مَكَّةَ وَالْحِجَازِ ، وَبَسَطَ رِوَاقَهُ وَجِرَانَهُ بِالْغَوْرِ ، فَجَرَى حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى وَحُكْمُه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ وَعُمَانَ وَالْبَحْرَيْنِ وَالْيَمَنِ وَالْيَمَامَةِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : {{ وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا }} الْعَجَمُ وَفَارِسُ وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى : {{ وَأَرْضًا لَمْ تَطَؤوهَا }} يَعْنِي فَارِسَ وَالرُّومَ ، فَوَجَدُوا مَا وَعَدَ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا وَعَدَهُمْ . وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : {{ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ }} وَهُمْ أَهْلُ فَارِسَ وَالرُّومِ وَبَنُو حَنِيفَةَ أَصْحَابُ مُسَيْلِمَةَ ، فَقَاتَلَهُمْ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ ، لَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ أَنَّ الْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ لَمْ يُدْعَوْا إِلَى شَيْءٍ مِنَ الْحُرُوبِ بَعْدَ تَوَلِّيهِمْ عَنْ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، حَتَّى دُعُوا فِي زَمَانِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى أَصْحَابِ الْبَأْسِ مُسَيْلِمَةَ وَبَنِي حَنِيفَةَ وَوَعَدَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَيْضَاءَ الْمَدَائِنِ وَاصْطَخْرَ وَفَتْحَ كُنُوزِ كِسْرَى وَقَالَ لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ : مَا يَمْنَعُكَ إِلَّا مَا تَرَى بِأَصْحَابِي مِنَ الْخَصَاصَةِ ، فَيُوشِكَنَّ أَنْ تَخْرُجَ الظَّعِينَةُ مِنَ الْحِيرَةِ بِغَيْرِ جِوَارٍ ، فَأَبْصَرَ ذَلِكَ عَدِيٌّ بِعَيْنِهِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : {{ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً }} فَكَانَ ذَلِكَ تَزْوِيجَ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِأُمِّ حَبِيبَةَ ، وَإِسْلَامَ أَبِي سُفْيَانَ ، فَزَالَتِ الْعَدَاوَةُ ، وَآلَتْ إِلَى مَوَدَّةٍ ووَصِلَةٍ . وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرٌ مِمَّا أَطْلَعَ اللَّهُ عَلَيْهِ نَبِيَّهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِمَّا أَسَرَّهُ الْمُنَافِقُونَ وَالْيَهُودُ فِي أَمْرِهِ , وَفِي الْقُرْآنِ قَصَصٌ كَثِيرَةٌ اكْتَفَيْنَا مِنْهَا بِمَا ذَكَرْنَاهُ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الْحُلْوَانِيُّ قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ سَلَّ سَيْفَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ قَالَ : وَكَانَ فِي شِعْبِ الْبَطَائِحِ فَسَمِعَ نَغَمَةً أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قُتِلَ فَأَخَذَ السَّيْفَ فَخَرَجَ عُرْيَانًا فِي يَدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا , فَلَقِيَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كِفَّةً كِفَّةً فَقَالَ : مَا لَكَ ؟ قَالَ : سَمِعْتُ أَنَّكَ قُتِلْتَ قَالَ : فَمَا كُنْتَ صَانِعًا ؟ قَالَ : أَرَدْتُ أَنْ أَسْتَعْرِضَ أَهْلَ مَكَّةَ قَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ وَعَلَى سَيْفِكَ . وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ : لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ , وَحَوَارِيَّي الزُّبَيْرُ فَإِنْ قِيلَ : فَإِنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَانَ سَيَّاحًا جَوَّابًا لِلْقِفَارِ وَالْبَرَارِي . كَذَلِكَ كَانَ سِيَاحَةُ مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَعْظَمَ وَأَكْثَرَ الْجِهَادَ ؛ فَاسْتَنْفَد فِي عَشْرِ سِنِينَ مَا لَا يُعَدُّ مِنْ حَاضِرٍ وَبَادٍ وَافْتَتَحَ الْقَبَائِلَ الْكَثِيرَةَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ مَبْعُوثٍ بِالسَّيْفِ لَا يُوَرِّي بِالْكَلَامِ وَمُجَاهِدٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَنَامُ إِلَّا عَلَى دَمٍ وَلَا مُسْتَقِرًّا إِلَّا مُتَجَهِّزًا لِقِتَالِ الْأَعْدَاءِ وَبَاعِثًا إِلَيْهِمْ سَرِيَّةً فِي إِقَامَةِ الدِّينِ وَإِعْلَاءِ الدَّعْوَةِ وَإِبْلَاغِ الرِّسَالَةِ . فَإِنْ قِيلَ : فَإِنَّ عِيسَى كَانَ زَاهِدًا يُقْنِعُهُ الْيَسِيرُ وَيُرْضِيهِ الْقَلِيلُ خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا كَفَافًا لَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ . قُلْنَا : إِنَّ مُحَمَّدًا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَزْهَدُ الْأَنْبِيَاءِ كَالثَّلَاثَةَ عَشَرَ مَنْ يُطِيفُ بِهِ فَمَا رُفِعَتْ مَائِدَتُهُ قَطُّ وَعَلَيْهَا طَعَامٌ وَلَا شَبِعَ مِنْ خُبْزِ بُرٍّ ثَلَاثَ لَيَالٍ مُتَوَالِيَاتٍ , وَكَانَ يَرْبِطُ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِهِ , لِبَاسُهُ الصُّوفُ , وَفِرَاشُهُ إِهَابُ شَاةٍ , وَوِسَادَتُهُ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ , يَأْتِي عَلَيْهِ الشَّهْرَانِ وَالثَّلَاثَةُ لَا يُوقَدُ فِي بَيْتِهِ نَارُ الْمِصْبَاحِ ، تُوُفِّيَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ لَمْ يَتْرُكْ صَفْرَاءَ وَلَا بَيْضَاءَ مَعَ مَا عُرِضَ عَلَيْهِ مِنْ مَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ وَوُطِّئَ لَهُ مِنَ الْبِلَادِ , وَمُنِحَ مِنْ غَنَائِمِ الْعِبَادِ , فَكَانَ يَقْسِمُ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفٍ , وَيُعْطِي الرَّجُلَ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ وَالْخَمْسَ , وَيُعْطِي مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ مِنَ الْأَغْنَامِ , وَيُمْسِي وَيَأْتِيهِ السَّائِلُ فَيَقُولُ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَمْسَى فِي آلِ مُحَمَّدٍ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ وَلَا مِنْ تَمْرٍ أَجُوعُ يَوْمًا وَأَشْبَعُ يَوْمًا فَإِذَا جُعْتُ تَضَرَّعْتُ وَإِذَا شَبِعْتُ حَمِدْتُ وَكَيْفَ لَا يَكُونُ ذَلِكَ لِمَنْ عَظَّمَهُ اللَّهُ فَقَالَ تَعَالَى : {{ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ }} ؟ فَإِنْ قِيلَ : فَإِنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ قُلْنَا : قَدْ عُرِضَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الْبَقَاءُ عِنْدَ وَفَاتِهِ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ وَقُرْبَهُ عَلَى الْبَقَاءِ فِي الدُّنْيَا , فَقَبَضَهُ اللَّهُ وَرَفَعَ رُوحَهُ إِلَيْهِ , وَلَوِ اخْتَارَ الْبَقَاءَ فِي الدُّنْيَا لَكَانَ كَالْخَضِرِ وَإِلْيَاسَ وَعِيسَى عَلَيْهِمُ السَّلَامُ عِنْدَ اللَّهِ فِي سَمَاوَاتِهِ وَفِي عَالَمِهِ فِي أَرْضِهِ ؛ لِأَنَّ عِيسَى مُقِيمٌ فِي السَّمَاءِ وَإِلْيَاسَ وَالْخَضِرَ يَجُولَانِ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ مَعَ أَنَّ قَوْمًا مِنْ أُمَّةِ نَبِيِّنَا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رُفِعُوا كَمَا رُفِعَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَذَلِكَ رَفْعُ عَامِرِ بْنِ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ وَدَفْنُ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ وَمَاتَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ بِالْيَمَنِ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ فَخَافُوا أَنْ يُنْبَشَ قَبْرُهُ وَيُسْتَخْرَجَ , فَذَهَبُوا يَطْلُبُونَهُ ؛ لِيُنْقَلَ مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ فِي يَوْمِهِمُ الَّذِي دَفَنُوهُ فِيهِ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ وَلَا يُدْرَى أَيْنَ ذُهِبَ بِهِ
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ : ثنا عُبَيْدُ بْنُ غَنَّامٍ وَعَبْدَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَا : ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ : ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ : أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَعَثَهُ وَحْدَهُ عَيْنًا عَلَى قُرَيْشٍ قَالَ : فَجِئْتُ إِلَى خَشَبَةِ خُبَيْبٍ وَأَنَا أَتَخَوَّفُ الْعَيْنَ فَرَقِيتُ فِيهَا فَأَطْلَقْتُ خُبَيْبًا فَوَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ فَانْتَبَذْتُ غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ الْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ خُبَيْبًا كَأَنَّمَا ابْتَلَعَتْهُ الْأَرْضُ فَمَا رُؤِيَ إِلَى السَّاعَةِ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ : وَقَدْ كَانَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ قَالَ : عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ