حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، نا أَبُو دَاوُدَ ، نا مَطَرٌ الْأَعْنَقُ ، حَدَّثَتْنِي أُمُّ أَبَانَ بِنْتُ الْوَازِعِ بْنِ الزَّارِعِ ، أَنَّ جَدَّهَا الزَّارِعَ ، انْطَلَقَ وَافِدًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَعَ الْأَشَجِّ أَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ ، وَكَانَ يُسَمَّى عَبَّادَ بْنَ عَمْرٍو فَانْطَلَقَ مَعَهُ بِابْنٍ لَهُ مَجْنُونٍ أَوْ بِابْنِ أَخٍ لَهُ فَقَالَ لَهُ الْأَشَجُّ : يَا زَارِعُ خَرَجْتَ وَافِدًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَخْرَجْتَ مَعَكَ رَجُلًا مَجْنُونًا . فَقَالَ لَهُ : أَمَّا الْمَجْنُونُ فَإِنِّي أَذْهَبُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَسَى أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ تَعَالَى فَيُعَافَى أَوْ يَدْعُوَ اللَّهَ تَعَالَى لَهُ بِالْعَافِيَةِ . قَالَ جَدِّي : فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ قِيلَ : هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَمَا مَلَكْنَا أَنْفُسَنَا أَنْ وَثَبْنَا عَنْ رَوَاحِلِنَا فَجَعَلْنَا نُقَبِّلُ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ ، وَأَمَّا الْأَشَجُّ فَإِنَّهُ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ وَعَقَلَهَا وَطَرَحَ عَنْهُ ثِيَابَ السَّفَرِ وَعَمَدَ إِلَى ثَوْبَيْنِ كَانَا فِي الْعَيْبَةِ حَسَنَيْنِ فَلَبِسَهُمَا وَذَلِكَ بِعَيْنَيَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا يَصْنَعُ ، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : يَا أَشَجُّ ؛ إِنَّ فِيكَ خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولُهُ قَالَ : وَمَا هُمَا ؟ قَالَ : الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ . فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، خَلَّتَانِ تَخَلَّقْتُهُمَا أَوْ جَبَلَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمَا ؟ قَالَ : بَلِ اللَّهُ تَعَالَى جَبَلَكَ عَلَيْهِمَا . فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خُلُقَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ جَدِّي : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ مَعِي ابْنُ أَخٍ لِي مَجْنُونٌ أَتَيْتُكَ بِهِ تَدْعُ اللَّهَ تَعَالَى لَهُ . قَالَ : آتِنِي بِهِ . فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي الرَّكْبِ فَأَطْلَقْتُ عَنْهُ وَأَلْقَيْتُ عَنْهُ ثِيَابَ السَّفَرِ وَأَلْبَسْتُهُ ثَوْبَيْنِ حَسَنَيْنِ فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ حَتَّى انْتَهَيْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : أَدْنِهِ مِنِّي . قَالَ : وَهُوَ يَنْظُرُ نَظَرَ الْمَجْنُونِ . فَقَالَ : أَدْنِهِ مِنِّي وَاجْعَلْ ظَهْرَهُ مِمَّا يَلِينِي . فَأَخَذَ بِجَامِعِ ثَوْبِهِ مِنْ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ فَجَعَلَ يَضْرِبُ ظَهْرَهُ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطِهِ وَيَقُولُ : اخْرُجْ عَدُوَّ اللَّهِ اخْرُجْ عَدُوَّ اللَّهِ . قَالَ : فَأَقْبَلَ يَنْظُرُ نَظَرَ الصَّحِيحِ لَيْسَ بِنَظَرِهِ الْأَوَّلِ ، ثُمَّ أَقْعَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَدَعَا لَهُ بِمَاءٍ فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَدَعَا لَهُ ، فَلَمْ يَكُنْ فِي الرَّكْبِ أَحَدٌ بَعْدَ دَعْوَةِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَفْضُلُ عَلَيْهِ قَالَ : ثُمَّ دَعَا لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ الْقَيْسِ إِذْ أَسْلَمُوا طَائِعِينَ غَيْرَ مُكْرَهِينَ غَيْرَ خَزَايَا وَلَا مَوْتُورِينَ ، إِذْ أَبَى قَوْمٌ أَنْ يُسْلِمُوا طَائِعِينَ غَيْرَ مُكْرَهِينَ غَيْرَ خَزَايَا وَلَا مَوْتُورِينَ ، إِذْ أَبَى قَوْمٌ أَنْ يُسْلِمُوا حَتَّى أْتَرُوا وَأُخِذُوا فَمَا زَالَ يَدْعُو لَنَا حَتَّى زَالَتِ الشَّمْسُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ ابْنَ أُخْتٍ لَنَا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ . أَوْ قَالَ : مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَلَمَّا رَجَعْنَا قَالَ الْأَشَجُّ : يَا زَارِعُ كُنْتَ أَصَوْبَ رَأْيًا مِنِّي