وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ قَالَ : ثنا سُفْيَانُ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ : ذَهَبْتُ أنا وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ ، إِلَى عَائِشَةَ عِنْدَ بِئْرِ مَيْمُونٍ وَهِيَ مُعْتَكِفَةٌ بِثَبِيرٍ وَلِثَبِيرٍ يَقُولُ قَيْسُ بْنُ ذَرِيحٍ أَيْضًا : حَلَفْتُ بِمَنْ أَرْسَى ثَبِيرًا مَكَانَهُ عَلَيْهِ ضِبَابٌ فَوْقَهُ يَتَعَصَّبُ لَقَدْ عِشْتُ مِنْ لُبْنَى زَمَانًا أُحِبُّهَا أَخَا الْمَوْتِ إِذْ بَعْضُ الْمُحِبِّينَ يَكْذِبُ . وَلَهُ يَقُولُ أَيْضًا بَعْضُ الشُّعَرَاءِ : لَا أَنْسَ مِ الْأَشْيَاءِ لَا أَنْسَ مَجْلِسًا لَنَا وَلَهَا بِالسَّفْحِ سَفْحِ ثَبِيرِ وَلِثَبِيرٍ يَقُولُ السُّلَمِيُّ وَهُوَ يُوعِدُ حَيًّا مِنَ الْعَرَبِ كَانُوا يَطْلُبُونَ السِّلْمَ فَأَبَى عَلَيْهِمْ , وَقَالَ : أَلَا لَا تَطْمَعُوا مِنَّا بِسِلْمٍ طِوَالَ الدَّهْرِ مَا أَرْسَى ثَبِيرُ وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ ، عَنْ عَمِّهِ ، أَوْ غَيْرِهِ *
وَحَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى قَالَ : ثنا عَزِيزُ بْنُ الْخَلَّالِ ، عَنْ بَعْضِهِمْ قَالَ : إِنَّ ابْنَ الرَّهِينِ الْعَبْدَرِيَّ كَانَ يُوَافِي كُلَّ يَوْمٍ أَصْلَ ثَبِيرٍ ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهِ وَإِلَى قُلَّتِهِ إِذَا تَبَرَّزَ وَفَرَغَ ، ثُمَّ يَقُولُ : قَاتَلَكَ اللَّهُ ، فَمَاذَا فَنِيَ مِنْ قَوْمِي مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ وَأَنْتَ قَائِمٌ عَلَى ذَنَبِكَ ؟ فَوَاللَّهِ لَيَأْتِيَنَّ عَلَيْكَ يَوْمٌ يَنْسِفُكَ اللَّهُ فِيهِ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ نَسْفًا ؛ فَيَذَرُكَ قَاعًا صَفْصَفًا لَا يُرَى فِيكَ عِوَجٌ وَلَا أَمْتٌ وَثَبِيرٌ الَّذِي يُقَالُ لَهُ جَبَلُ الزِّنْجِ ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ جَبَلَ الزِّنْجِ أَنَّ زُنُوجَ مَكَّةَ فِيمَا مَضَى كَانُوا يَلْعَبُونَ فِيهِ ، وَهُوَ ثَبِيرُ النَّخِيلِ ، وَيُقَالُ : إِنَّ الْأُقْحُوَانَةَ : الْجَبَلُ الَّذِي بِهِ ثَنِيَّةُ الْخَضْرَاءِ ، وَبِأَصْلِهِ بُيُوتُ الْهَاشِمِيِّينَ ، يَمُرُّ سَيْلُ مِنًى بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَادِي ثَبِيرٍ ، وَيُقَالُ : بَلِ الْأُقْحُوَانَةُ مَا بَيْنَ بِئْرِ مَيْمُونٍ إِلَى بِئْرِ ابْنِ هِشَامٍ . وَيُقَالُ : بَلِ الْأُقْحُوَانَةُ بِأَجْيَادَ الصَّغِيرِ فِي ظَهْرِ دَارِ الدَّوْمَةِ وَمَا نَاحَاهَا ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ ، وَلَهَا يَقُولُ الْحَارِثُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ : مَنْ ذَا يُسَائِلُ عَنَّا أَيْنَ مَنْزِلُنَا ؟ فَالْأُقْحُوَانَةُ مِنَّا مَنْزِلٌ قَمِنُ وَلِلْأُقْحُوَانَةِ يَقُولُ الْحَارِثُ بْنُ خَالِدٍ أَوْ غَيْرُهُ : سَقَى سِدْرَتَيْ أَجْيَادَ فَالدَّوْمَةَ الَّتِي إِلَى الدَّارِ صَوْبُ الرَّاكِبِ الْمُتَنَزِّلِ فَلَوْ كُنْتُ بِالدَّارِ الَّتِي مَهْبِطُ الصَّفَا مَرِضْتُ إِذَا مَا غَابَ عَنِّي مُعَلِّلِي وَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ مَكَّةَ أَنَّ الْأُقْحُوَانَةَ بِاللِّيطِ مِنْ أَكْنَافِ مَكَّةَ ، كَانَ يَجْلِسُ فِيهِ قَوْمٌ مِنْ قُرَيْشٍ ؛ فَيَتَحَدَّثُونَ فِيهِ بِالْعَشِيِّ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا حَمْرَاءَ وَمُوَرَّدَةً وَمُطَيَّبَةً ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِمْ فِي أَوَّلِ الزَّمَانِ ، وَإِنَّ الْمَجْلِسَ كَانَ إِذَا احْتَدَبَ نُظِرَ إِلَيْهِ كَأَنَّهُ تِفَّاحَةٌ مِنْ أَلْوَانِ الثِّيَابِ الْمُصَبَّغَةِ ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْأُقْحُوَانَةَ فِيمَا يُقَالُ لَهُمْ بِحُسْنِ أَلْوَانِ ثِيَابِهِمْ ، وَقَالَ لِي بَعْضُ أَهْلِ مَكَّةَ : الْأُقْحُوَانَةُ وَالْأُسْتُوَانَةُ وَالزُّرْدِيَانَةُ كُلُّهَا بِاللِّيطِ ، وَبَعْضُهَا قَرِيبٌ مِنْ بَعْضٍ .
وَحَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ الرَّبَعِيُّ قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْهِشَامَيْنِ الْمَخْزُومِيُّ ، عَنْ رَجُلٍ قَالَ : خَرَجَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ مُيَّارًا إِلَى الشَّامِ قَالَ : فَبَيْنَا هُمْ يَسِيرُونَ إِذَا هُمْ بِقَصْرٍ وَغُدُرٍ قَالَ : قَالَ بَعْضَ الْقَوْمُ لِبَعْضٍ : لَوْ مِلْنَا إِلَى هَذَا الْقَصْرِ فَقِلْنَا بِفِنَائِهِ قَالَ : فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذِ انْفَرَجَ الْبَابُ عَنْ مِثْلِ الْغَزَالِ الْعَطْشَانِ ، فَسَبَّحَ الْبَابَ بِيَدَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَيْ فِتْيَانُ ، مِمَّنِ الْقَوْمُ ؟ فَقُلْنَا : أَضَامِيمَ ، ثُمَّ قَالَ : يَا مَنْ يُسَائِلُ عَنَّا أَيْنَ مَنْزِلُنَا فَالْأُقْحُوَانَةُ مِنَّا مَنْزِلٌ قَمِنُ إِذْ نَلْبَسُ الْعَيْشَ صَفْوًا مَا يُكَدِّرُهُ سَعْيُ الْوُشَاةِ وَلَا يَنْبُو بِنَا الزَّمَنُ مَنْ كَانَ ذَا شَجَنٍ بِالشَّامِ مَحْبَسُهُ فَإِنَّ غَيْرِيَ مَنْ أَمْسَى لَهُ الشَّجَنُ وَإِنَّ ذَا الْقَصْرَ حَقًّا مَا بِهِ وَطَنِي لَكِنْ بِمَكَّةَ حَقُّ الدَّارِ وَالْوَطَنِ قَالَ : ثُمَّ لَجَّ بِهَا ، فَخَرَجَتْ عَجُوزٌ مِنْخَالَةٌ فَنَضَحَتْ فِي وَجْهِهَا مِنَ الْمَاءِ ثُمَّ قَالَتْ : وَاللَّهِ لَلْمَوْتُ خَيْرٌ لَكِ مِنْ هَذَا ، هَذَا لَكِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّاتٍ قَالَ : فَقُلْتُ لَهَا : يَا عَجُوزُ ، مَنْ هَذِهِ الْجَارِيَةُ ؟ فَقَالَتْ : كَانَتْ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ ، فَاشْتَرَاهَا صَاحِبُ هَذَا الْقَصْرِ فَهِيَ تَنْزِعُ إِلَى مَكَّةَ وَتَذْكُرُ أَوْطَانَهَا . قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : قَالَ لَنَا هَذَا الشَّيْخُ : ابْنُ الْهَاشِمَيْنِ الْمَخْزُومِيُّ بِأَجْيَادٍ ، عِنْدَ الْبِئْرِ الَّتِي بِأَعْلَى جِيَادٍ , وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقَاضِي ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَوْقَصِ ، نَحْوَ هَذَا الْخَبَرِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : خَرَجْنَا فِي خِلَافَةِ بَنِي أُمَيَّةَ غَزَاةً فَأَصَابَنَا مَطَرٌ فَأَوَيْنَا إِلَى قَصْرٍ مِنْ تِلْكَ الْقُصُورِ نَسْتَذْرِي بِهِ مِنَ الرِّيحِ وَالْمَطَرِ , فَإِذَا بِجَارِيَةٍ قَدْ خَرَجَتْ مِنَ الْقَصْرِ فَأَنْشَدَتْ هَذَا الشِّعْرَ ، وَزَادَ فِيهِ فَقَالَ : فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ عَلَى صَاحِبِ الْقَصْرِ فَقُلْتُ لَهُ ، فَقَالَ : هَذِهِ جَارِيَةٌ مُوَلَّدَةٌ اشْتَرَيْتُهَا مِنْ مَكَّةَ وَخَرَجْتُ بِهَا إِلَى الشَّامِ فَوَاللَّهِ مَا تَرَى عَيْشَنَا وَلَا مَا نَحْنُ فِيهِ شَيْئًا فَقُلْتُ : أَتَبِيعُهَا ؟ فَقَالَ : إِذًا أُفَارِقُ رُوحِي . وَحَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، أَنَّ هَذَا الشِّعْرَ ، لِلْحَارِثِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ الزُّبَيْرُ : وَهُوَ خَالِدُ بْنُ الْعَاصِ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَأُمُّهُ بِنْتُ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَأُمُّهَا صَخْرَةُ بِنْتُ أَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ ، وَكَانَ الْحَارِثُ شَاعِرًا كَثِيرَ الشِّعْرِ وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ فَذَكَرَ نَحْوًا مِنَ الشِّعْرِ الْأَوَّلِ وَزَادَ فِيهِ : إِذَا الْجِمَارُ خَوَى مِمَّنْ نُسَرُّ بِهِ وَالْحَجُّ دَاجٍ بِهِ مُعْرَوْرِفٌ ثُكَنُ قَالَ الزُّبَيْرُ : وَالْأُقْحُوَانَةُ مَا بَيْنَ بِئْرِ مَيْمُونٍ إِلَى بِئْرِ ابْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ ، وَمَوْضِعُ تِلْكَ الْبِئْرِ دُبُرَ دَارِ أُمِّ عِيسَى بِنْتِ سَهْلٍ الَّتِي تُقَابِلُ دَارَ ابْنِ دَاوُدَ